العلاقات الروسية الإسرائيلية في ضوء الربيع العربي والأزمة السورية
بعد إنهيار وسقوط الاتحاد السوفيتي وتلاشي أحد فواعل
الحرب الباردة وهم السوفييت، انتقلت مكانة روسيا من قوة كبرى لها مكانتها الدولية
إلى قوة تحاول البحث عن هوية، فكانت نظرتها للملفات الدولية ذات الطابع التصارعي
كالصراع العربي-الإسرائيلي نظرة مُهادنة لا مجابهة ولا صراع كونها تبحث عن مجالات
تستطيع أن تسلكه مع الغرب في حينها وخاصة واشنطن دون أدنى تلاسنات في العلاقات
الثنائية فجاء عهدي يلتسن، فانفتح على الغرب ووضعت السياسة الروسية القضية
الفلسطينية في عهده في قائمة الملفات الثانوية لا الأولية نظراً للتقرب الروسي
تجاة الغرب الذي صار في عهده، وقدم أندريه
كوزيرف وزير الخارجية الروسي آنذاك المصالح الروسية الإسرائيلية على
المصالح الروسية الفلسطينية فهي في حينها غير مفيدة للمصالح الروسية العليا بحسب
النظرة الروسية للملفات والقضايا الدولية بعد سقوط السوفيت.
لم تكن موسكو تتمتع بنفوذ كبير في منطقة الشرق الأوسط
عقب السقوط فقد تلاشى الإرث السوفياتي وما حمله من علاقات مع الدول العربية
والإسلامية الذي بناه في خضم قيامه نظراً لضياع روسيا نفسها في حينه ولكن جاء عهد
بوتين وهي الحقبة البوتينية 2000-2008، حيث مثل فوز الرئيس بوتين بولايته الأولى
مرحلة جديدة في العلاقات الروسية الغربية والروسية الإسرائيلية، وأدركت الولايات
المتحدة وحلفاءها أن التعامل أصبح مع قوى جديدة تدعوا إلى تعدد الأقطاب الدولية
على الساحة الدولية وقائمة على البرجماتية كما قال وزير الخارجي الروسي سيرجي
لافروف: "موسكو لا تبحث عن المشاكل، لكنها دائماً جاهزة للدفاع عن مصالحها
وهناك ضرورة قصوى لاستئناف التعاون العسكري مع الناتو، ولكن الناتو كمؤسسة للحرب
الباردة، أدت لتوترات غير مسبوقة في أوروبا على مدى السنوات الثلاثين
الماضية".
ولذلك اتسمت تلك المرحلة بالتدخل المباشر في مناطق
التوتر والتى تؤثر على الأمن القومي الروسي، بعكس الرئيس الأسبق يلتسين.
وتهيء لموسكو حينها سياسة خارجية إقليمية ودولية تتسم بالمرونة والنشاط والانتقائية
لأهدافها(1).
ومن
هنا، وازنت السياسة الروسية عدلها تجاة الدولة الفلسطينية وإسرائيل معاً منذ عهد
بوتين الأول حتى اليوم لضمان المصالح الجيوسياسية والقومية والتجارية فهي توجهت
للتحالف مع حماس في فلسطين لضمان أمنها تجاه الحركات المتشددة في الشيشان نظراً
لوجود علاقة بين حماس وتلك الجماعات كمحاولة من حماس لإقناعهم هذه من ناحية، فمن ناحية
أخرى اتجهت السياسة الروسية أيضاً تجاه إسرائيل لضمانها محاربة إسرائيل للحركات
الإسلاموية المتشددة في الشرق الأوسط كتنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات
الراديكالية وخاصة في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي 2011. وانطلاقاً من هذا
فإن هناك بعض الميادين التي لاقت تعاطي روسي إسرائيلي فيها كالأزمة السورية التي
تنسق فيها روسيا إستراتيجياً وأمنياً مع إسرائيل لضمان أمنها في سوريا وخاصة في منطقة
الجنوب السوري.
وانطلاقاً
من هذا ستسلط هذه الورقة الضوء على مجموعة من المحددات التي تجمع السياسة
الإسرائيلية_الروسية وتضمن تلاقيها في بعض الملفات السياسة الدولية او الأزمات
الإقليمية.
أولاً- المحدد الاقتصادي بين موسكو وإسرائيل
أصبحت العلاقات الاقتصادية والتجارية الأكثر أهمية بين البلدين
وحققت أكبر تحسن خاصة بعد تحسن وتعزيز العلاقات بين البلدين بتولي بوتين السلطة
فى روسيا حيث نظمت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين مجموعة من الاتفاقيات
حيث سعى الطرفان إلى التفاهم على تطوير علاقاتهما الاقتصادية لتشمل مجالاتٍ واسعة وفي
مقدّمتها مجالات الطاقة والغاز والتكنولوجيا المتطوّرة والفضاء والسّياحة والزراعة.
وكانت روسيا وإسرائيل قد وقّعتا على أكثر من عشر اتفاقيّات تعاون بينهما منذ عام
1994 وحتى 2010.
ففي عام 1994، وقّعت الدولتان ستّ اتفاقيات للتعاون في مجالات:
العلم والتكنولوجيا؛ والسياحة؛ والثقافة والتعليم؛ والصحة والزراعة والصناعة الزراعية؛
والطّيران. ووقّعت الدولتان في عام 1996، اتفاقية تعاون في مجالَي البريد والاتصالات.
وفي عام 1997، وقعتا اتفاقيّة في مجال الحرب ضد الجريمة. وفي عام 2000، وقّعت الدولتان
اتفاقيّتين؛ واحدة في مجال منع الازدواج الضريبي وأخرى في مجال إقامة مراكز ثقافيّة
في الدولتين. وفي عام 2010، وقعتا اتفاقية تعاون أمني وعسكري بينهما.
وتم إنشاء ما عرف بالمجلس الأقتصادى الروسى الإسرئيلي ويقوم
المجلس بإقامة مؤتمرات بحضور العديد من الخبراء فى المجال الأقتصادى للتشاور بشأن المشروعات
والاهتمامات المشتركة حيث تحولت العلاقة بين البلدين من ثقة متبادلة إلى التعاون فى
مجالات عدة كما أن بإنشاء المجلس و توثيق العلاقات التجارية والاقتصادية مهد ذلك للتعاون
في المجال التكنولوجي. وروسيا بمثابة سوق لسلع التكنولوجية التي تنتجها إسرائيل، والتي
يصعب تصرفها في الأسواق العربية لأسباب سياسية.(2)
وفيما يخص التبادل التجاري بين روسيا وإسرائيل قال
الوزير الإسرائيلي المشارك في اللجنة الحكومية المشتركة الروسية الإسرائيلية للتعاون
التجاري الاقتصادي، زئيف إلكين؛ إن روسيا وإسرائيل تعملان على رفع حجم التبادل التجاري
إلى مستوى "ما قبل الأزمة وهي أزمة الطائرة الروسية" الذي يبلغ 3 مليارات
دولار.وقال إلكين: "سنترك الأزمة في الماضي… نحن لم نبدأ بعد في تلخيص 2018، لكننا
نسعى جاهدين لتجاوز الرقم الذي وصلنا إليه عام 2014، وتشير مستندات اللجنة الحكومية
المشتركة إلى أن حجم التبادل التجاري الروسي الإسرائيلي في عام 2017 بلغ 2.5 مليار
دولار، بزيادة قدرها 14 بالمئة. وبنسبة نمو بلغت 13 بالمئة في الأشهر السبعة الأولى
من هذا العام، ليصل إلى 1.6 مليار دولار.(3)
ومن هنا، نستخلص أن الجانب الاقتصادي له
إنعكاس كبير وله دور ليس بالهين على سيرورة العلاقات بينهما بيد أن ما يدفع روسيا
إلى إستمرار تلك العلاقة هي محنة العقوبات الغربية عليها فهي تجد في العلاقات من
هذا النوع إلتقاط للأنفاس تجاة العقوبات المفروضة عليها من قبل واشنطن والاتحاد
الأوروبي كان آخرها إدراج وزارة الخزانة الأمريكية في ديسمبر الماضي 16 شخصاً من
الإستخبارات العسكرية الروسية "جرو" و3 شركات في روسيا على قائمة
العقوبات. (4)
ثانياً- المحدد السياسي " ثورات الربيع
العربي- الحالة السورية"
{أ} الربيع العربي
أثيرت أسئلة لا حصر لها غذت الجدل
السياسي والأكاديمي؛ هل نتج الربيع العربي من تطورات اقتصادية- اجتماعية- سياسية-
ثقافية داخلية تاريخية؟ أم هو مشهد أعدته القوى الخارجية وأخرجته؟ أم كان موجوداً
وعجلت القوى الخارجية تطوره وهي تحركه وتوجهه؟ هل هو قصير الأجل أم فجر تحولات
تاريخية حتمية؟ هل سيكسب دينامية كتلك التي عرفتها تجارب عالمية مماثلة أم سيتباطأ
زخمه؟ هل الدولة هنا محور هذا الربيع أم الإسلام؟
الربيع العربي نتاج تطورات اقتصادية –اجتماعية- سياسية–
فكرية داخلية دالة على وظيفة الدولة والمجتمع في الأقطار العربية منذ استقلالها، وهو
ظاهرة لا يصح القول إنها نظرية صيغت للوطن العربي كي تنقله إلى الألفية الثالثة.
إلا أن هذا لا يحول دون أن توظف قوى خارجية هذه الظاهرة بما تمليه عليها مصالحها
وقدرتها في التأثير.(5)
فكيف تعامل المدرك الروسي مع هذه الحركات الإحتجاجية في
الوطن العربي وكيف صاغ وساعد هذا التعامل في بلورة علاقات إستراتيجية بين موسكو
وإسرائيل على خلفية أحداثه منذ بداية 2011.
ثمة بعض العوامل التي تحدد طبيعة موقف روسيا من الربيع
العربي وهي :-
{1} فهم روسيا للربيع
العربي
قوَم صناع القرار الروسي أن الربيع
العربي هي ظاهرة تداخل فيها عوامل خارجية ساعدت على نشاط السياسة الخارجية الروسية
في تلك المنطقة جيوسياسياً، على اعتبار أن السياسة الروسية هي سياسة رد فعل لا
سياسة هجوم أي أنها تقوم بفعل غربي تجاهها، ولذلك كانت روسيا من أوائل الدول التي
دعت إلى تجنب المسارات المستقبلية للربيع العربي على الأمن العالمي وخاصة الروسي،
فيرى القوميين الروس أن عدوى الربيع العربي ستنقل إلى وسط آسيا، خاصرة الأمن
القومي الروسي، وستطال القوقاز مهددة وحدة روسيا الاتحادية لأنها تحمل بذور التغيير،
وفيها توجهات إسلاموية.
نظر بعض الكتاب الروس إلى الربيع العربي نظرة سلبية ما
أفضى إليه من عدم استقرار وخطر نشوب حرب أهلية وهيمنة التيارات الإسلاموية
والتطرف، ووصفوه بأنه صناعة غربية بتقنيات
سياسية جديدة، يعطي للغرب الذرائع والفرص للتدخل العسكري ضد دول ذات سيادة، وهذا
ما تعارضه روسيا بقوة، وتدعو إلى أن يكون تحت مظلة الأمم المتحدة.(6)
{2} مدى تأثير الربيع
العربي على الأمن الروسي
ارتأت موسكو انتهاج مقاربة برجماتية مع الدول التي تأثرت
والتي لم تتأثر من الربيع العربي في الشرق الأوسط حتى تجد لها مكانة في سياستها
الخارجية تستطع من خلاله التدخل لوقف الزحف الإسلاموي من وجهة النظر الروسية نحو
القوقاز العظيم ومن ثم للداخل الروسي، ظلت موسكو تراقب الأزمة الليبية عن بعد
وترأت أن سيناريو ليبيا قد يتكرر في سوريا الحليف القديم للإتحاد السوفيتي فتدخلت
في الأزمة السورية سبتمبر عام 2015، فهي لها مصالح تجعلها تقوم بهذه الخطوة مهما
تكلف الأمر فلها قواعد عسكرية وهي طرطوس وحميميم وهما إرث سوفياتي، بيد أن هاتان
القاعدتان بمثابة الرئة التي تتنفس بهما موسكو في المياة الدافئة للبحر المتوسط،
فمهما بمثابة حماية لشبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها موسكو في عام 2014، فلا
جدوى للقرم بدونهما. ولذلك ارتأت موسكو حينما شاهدت مخرجات الربيع العربي وتأثيرها
على المصالح الروسية العليا في شرق المتوسط أن تتدخل في سورياً خلافاً لليبيا
للأسباب التي تم ذكرها.
ومن هنا، يمكن القول أن روسيا لا تنظر إلى طبيعة النظام
السياسي الذي تتحالف معه في منطقة الشرق الأوسط بقدر نظرتها إلى نتائج هذا
التحالف، فهناك دوافع تدفع هذه العلاقات للاستمرارية فهي تجد في إسرائيل حليف جيد
مستقر في منطقة الشرق الأوسط على الرغم أن علاقاتها مع إسرائيل تغضب شركاء وحلفاء
أُخر متحالفة مع موسكو إلا أنها تجد في إسرائيل عوامل تساعدها على الوقوف أمام
تمدد الجماعات الإرهابية في المنطقة والتي تحاول المساس بالأمن الروسي، بيد أن
روسيا من المفيد لها سياسياً وتكنولوجياً وإقتصادياً أن تقيم علاقات مع إسرائيل
بحسب الرؤية الروسية الشاملة. وهنا، للتأكيد على أن روسيا لا يهمها في علاقتها
النظام السياسي الحاكم بقدر مخرجات هذا التحالف فروسيا بطبيعة الحال لها علاقات
قوية مع إيران في سوريا وخارجها وتتعاون مع حزب الله في لبنان وتتعاون مع قطر وفي
الجانب المضاد له لها علاقات قوية ومتينه مع المملكة العربية السعودية والإمارات
العربية المتحدة ومصر.
ثمة من يرى أن روسيا خائفة وتخشى من أن يمحي الربيع
العربي مكانتها في المنطقة، وأن يضيع عليها فرصها الاقتصادية وصفقات السلاح، ولكن
الخوف الروسي الحقيقي من وصول هذه الثورات إلى روسيا وإلى وسط أسيا بصبغته
الإسلاموية المباشرة، أو في رداء ثورات ملونة مجددة.
{ب} خصوصية الحالة السورية
يعتبر التدخل الروسي في الأزمة السورية سبتمبر من العام
2015، بثيابه الواقعي بمثابة منفعة للسياسة والدبلوماسية الروسية، فهمنها وجدت
روسيا موقع جديد على الساحة الدولية وخاصة منطقة الشرق الاوسط المشتعلة بالأزمات والمنظمات
الدولية كانت تريده منذ ذهاب يلتسن ومجيء بوتين عام 2000، لسدة الحكم، ففهي سوريا
تشابكت السياسة الروسية مع فواعل كُثر فتحت لها الطريق على الأقل دبلوماسياً لتقول
روسيا كلمتها تجاة الغرب، فمنها استعادت عافيتها ومكانتها الدولية.
ويتسم الموقف الروسي في سورية بسمات مميزة لا بد من
تسليط الضوء عليها، لأنها منزلة محددات بوتين السياسية القائمة على بند شبه وحيد،
وهو إعادة روسيا إلى اللعبة الدولية فاعلاً لا يستهان به. فلا تعارض روسيا تغيير
النظام الحاكم في سورية، لكنها تعارض الطريقة التي اختارها الغرب ومن يواليه في
المنطقة لتحقيق ذلك. وتنظر روسيا إلى الهدف الأمريكي من التغيير والمطالبة بالتدخل
الخارجي وهو الهيمنة على المنطقة وتطويق روسيا إقليمياً، وهذا لا يختلف عن
الاقتراب من الحرم الروسي المباشر للضغط على روسيا من الجهة الغربية.(7)
{1} دوافع التعاون
الروسي الإسرائيلي في الأزمة السورية
تربط موسكو _ تل أبيب علاقات قوية فهناك تبادل تجاري
يتعدى حاجز 3 مليار دولار، إضافة لذلك أن هناك ما يقرب من مليون إسرائيلي ينحدرون
من روسيا وتحاول روسيا الحفاظ على تلك العلاقة لضمان دعم اللوبي الصهيوني للسياسة
الروسية ولكن على الرغم من ذلك إلا أن العلاقات بين موسكو-تل أبيب مرت بالعديد من
محطات التوافق والخلاف، فمحطات التوافق هنا تتخطى حدود الخلاف، فهناك توافق بينهما
على محاربة الإرهاب في سوريا.
فإسرائيل ترى أن بلوغ أهدافها داخل الميدان السوري لن
يتم الوصول له إلا عن طريق التواصل مع روسيا التي تمتلك مفتاح الأزمة، فهي تنسق
معها فيما يخص الوجود الإيراني في سوريا الذي يؤثر على الأمن الإسرائيلي من وجهة
نظر إسرائيل، كان آخرها أغسطس 2018، حيث تم التوافق بين روسيا وإسرائيل على إبعاد
الوجود الإيراني عن الحدود الفاصلة بين سوريا وإسرائيل مسافة 85 كيلومتراً للداخل
السوري حيث علق مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا على تلك الخطوة ألكسندر لافرينتييف،
حيث قال: "إن مقاتلي حزب الله والمليشيات الشيعية التي تدعمها إيران قد انسحبوا
جميعا من هناك".(8)
وعلى الرغم من ذلك فمن جهة أخرى هناك خلاف إسرائيلي-روسي
حول البرنامج النووي الإيراني حول عدم إتخاذ موسكو أي خطوات تخص هذا الشأن فكما
قال رئيس قسم منع انتشار الأسلحة في الخارجية الروسية "فلاديمير يرماكوف"
إن روسيا مستفيدة في حالتي خروج ترامب من الإتفاق النووي الإيراني أو لم يخرج، وبالدرجة
الأولى في المجال الاقتصادي، موضحاً أن خروج واشنطن من الاتفاق سيرفع عن موسكو القيود
في مجال التعاون مع طهران وسيكون بوسع روسيا "تصدير كل ما تريده إلى إيران".(9)
لذلك يمكن تحديد بعض النقاط والدوافع التي تدفع إسرائيل
للتعاون مع روسيا في الأزمة السورية:-
(1)
الوجود الإيراني على الأراضي السورية.
(2)
عدم صدقية الولايات المتحدة في خروجها من الميدان السوري
او بقائها فهذا يجعل إسرائيل تتوجه بزيارات عاجلة ومتكرره لموسكو قام بها رئيس
الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ليحدث بذلك توازن عسكري وسياسي مع موسكو في حال عدم
وجود الولايات المتحدة على الأراضي السورية.
(3)
التعاون التجاري الإقتصادي الذي يزداد وتيرته بين موسكو
وإسرائيل.
(4)
التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
{2} أزمة "إس -300"
وإسقاط الطائرة الروسية
في
أكتوبر الماضي 2018، أعلنت روسيا عن توريد منظومة "إس-300" لسوريا بهدف زيادة
أمن العسكريين الروس كما قالت روسيا بعد حادث سقوط الطائرة الروسية من طراز "إيليوشين-20"
يوم 17 سبتمبر من نفس العام فوق مياه المتوسط
على بعد 35 كيلومتراً من الساحل السوري قبالة قاعدة حميميم الجوية، وعلى متنها 15 عسكرياً
روسياً. وقوبل ذلك بغضب إسرائيلي وتعهدت بتدمر المنظومة إذا سلمت لسوريا كما قال
وزير الدفاع الإسرائيلي المستقيل ليبرمان أن إسرائيل لا يمكن أن تتخلى عن خوض عمليات
عسكرية في سوريا بعد توريد منظومات "إس-300" الصاروخية الروسية لدمشق. وأضاف
أن إسرائيل مهتمة بإعادة "علاقات التنسيق" مع روسيا إلى مجراها الطبيعي،
لكنها مستعدة لتدمير صواريخ "إس-300" في حال استخدامها من قبل دمشق ضد الطائرات
الإسرائيلية.(10)
وعلى
الرغم من هذه التصريحات إلا أن كان هناك بعض الخطوات الدبلوماسية والسياسية من
الجانبين أفضت بطبيعة الحال إلى تسليم روسيا المنظومة الدفاعية لدمشق ولكن دون اعتراض
أي طائرات او صواريخ إسرائيلية تدخل للمجال السوري، ففي يناير الماضي غارت إسرائيل
على بعض المواقع الإيرانية في دمشق(11)، أي بعد تسليم المنظومة دون
إعتراض منظومة الدفاع إس-300، لهذه الصواريخ بل تصدى لها منظومات الدفاع السورية
وهذا يوضح مدى الضمانات التي أعطها موسكو لإسرائيل بعدم توجيه هذه المنظومة تجاه
إسرائيل وهذا لتهدئة الوضع وإحتوائه بيد
أن ذلك يوضح أن قرار إطلاق النار من المنظومة الدفاعية يتخذ من موسكو وليس من دمشق
لأن في حال استخدامها من قبل دمشق سيكون لها تداعيات على العلاقات بين موسكو
وإسرائيل.
{3} الوجود الإيراني في سوريا وإنعكاس ذلك على العلاقات الثنائية بين موسكو
وإسرائيل
تتأثر
العلاقات الروسية-الإيرانية باعتبارات العلاقات الروسية الأمريكية وبعامل الأمن
القومي الروسي في الجوار القريب وفي القوقاز، وفي جيوسياسية الطاقة وخطوط نقلها،
أكثر من تأثرها باعتبارات التسلح والتعاون التجاري، فبين عامي 1996، و 1999، اتفقت
موسكو وواشنطن على الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل وتقانتها، في عهد بريماكوف
والتوجه نحو الشرق الأوسط، فانخفض مقدار صادرات روسيا إلى إيران من السلاح إلى 200 مليون دولار ومع بداية عهد بوتين، وقع
البلدان عقود سلاح بقيمة 7 مليارات دولار ولا تستجيب موسكو دائماً للضغط الأمريكي
في مسألة التعاون التقاني والتسلح بين موسكو وطهران " لأنها تنظر إلى صفقات
السلاح مع إيران من منظور أمنها القومي. (12)
ومن ثم، فهناك بعض العوامل التي من الممكن أن تؤثر
مسقبلاً على واقع العلاقات بين موسكو وتل أبيب بل وبين موسكو والولايات المتحدة في
حال إستمرت تلك العوامل وهذا وفق لما يلي:-
§ عامل
العقوبات الأمريكية على طهران
كانت الولايات
المتحدة قد رفعت العقوبات عن إيران بعد التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني
عام 2015. ولكن عاد سلاح العقوبات مرة أخرى مع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة،
وهذا بعد تسجيل خروج بلاده من الإتفاق النووي الإيراني في مايو 2018، ففرض عليها
حزمة من العقوبات منها فرض عقوبات تخص منع تصدير النفط الإيراني مع السماح لبعض
الدول الإستيراد منها تركيا والعراق، ولكن صدر ترامب مؤخراً قرار يجعل صادرات إيران النفطية "صفر"(13)،
وهنا قوبل هذا القرار بتهديد من الجانب
الإيراني بأن طهران سترد على هذا القرار(14).
ولذلك،
من المتوقع أن تكون الأزمة السورية بجانب تصريحات طهران بإغلاق مضيق هرمز أن تكون
ساحة ميدان تقاتل بين طهران وجنود الولايات المتحدة في شرق الفرات أو في البادية
السورية حيث وجود قاعدة التنف الأمريكية هذا بيد إطلاق صواريخ من الجانب السوري
تجاه هضبة الجولان إن أمكن، وهذا سيجعل العلاقات بين موسكو وإسرائيل محل "الإحراج"
بإعتبار أن موسكو حليفة لطهران في الميدان السوري، وبالتالي يتوجب عليها أن تقنع
إيران بالتوقف عن تلك العمليات في المستقبل إن تمت وخصوصاً أن ذلك سيشعل الأزمة السورية من جديد،
وروسيا لا تريد ذلك وخصوصاً أن حزب الليكود ذو الإيديلوجيا المعادية لإيران قد فاز بالإنتخابات البرلمانية من جديد في إبريل
الحالي، وبالتالي لن يصمت إذا قررت إيران المواجهة العسكرية في الميدان السوري.
خاتمة
ليس لدى روسيا حرج من علاقاتها مع إسرائيل فهي بجانب ذلك تحاول أن توازن العدل في علاقاتها مع الدول العربية وإسرائيل على حد سواء فهي لديها مصالح مع الجانبين، فالإتحاد الروسي لديه تبادل تجاري مع الدول العربية يصل قيمته 22 مليار دولار لعام 2019، كما قال لافروف وزير الخارجية الروسي، في حفل افتتاح فعاليات معرض «أرابيا إكسبو 2019»(15)في العاصمة الروسية موسكو كذلك الأمر تحاول روسيا التقرب من إسرائيل لأغراض سياسية بجانب التبادل التجاري الذي تحاول موسكو أن يتخطى حاجز 3 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك فهي ترفض كافة الخطوات التي يتخذها الإحتلال والتي تتناقض مع الأعراف الدولية والقانون الدولي فهي أيضاً تطالب للفلسطينيين بحق تقرير مصيرهم في المنظمات الدولية وبدلولتهم المستقلة تحت غطاء الأمم المتحدة.
الهوامش
1) محمد نبيل الغريب "العلاقات
الروسية الغربية وتأثيرها على قضايا الشرق الاوسط" المركز الديمقراطي العربي،
تاريخ النشر 13 يونيو 2018، تاريخ الدخول 25 إبريل 2019، الرابط
2) مي ياسر احمد، "العلاقات الروسية
الإسرائيلية في عهد بوتين" المركز الديمقراطي العربي، برلين، ألمانيا تاريخ
النشر، 2 أغسطس 2018. الرابط
3) "روسيا وإسرائيل تعملان على زيادة التبادل
التجاري بينهما" وكالة سبوتنيك عربي، تاريخ النشر 9 أكتوبر 2018، تاريخ
الدخول 25 إبريل 2019. الرابط
4) "واشنطن
تفرض عقوبات بحق أشخاص وكيانات روسية" وكالة الأناضول عربي، تاريخ النشر 13
ربيع ثاني 1440، تاريخ الدخول 25 إبريل 2019. الرابط
5 ) كاظم هاشم نعمة،
"روسيا والشرق الأوسط بعد الحرب الباردة"، المركز العربي للأبحاث ودراسة
السياسات، الدوحة، قطر، أغسطس 2017.ص94.
6- Dimitri trenin، "Russia tiies to manage arab awakening
from the outside" in: "The paths of arab spring" world political
review (4 june 2013) the link
7- هاشم نعمة، مصدر سابق.
8) "روسيا تبعد
إيران عن مرتفعات الجولان"، بي بي سي عربي، تاريخ النشر أغسطس 2018، تاريخ
الدخول 26 إبريل 2019. الرابط
9- "بريماكوف:
لن نكون طرفاً خاسراً في حالة خروج ترامب من الاتفاق النووي الإيراني" روسيا اليوم، تاريخ النشر 4 مايو 2018، تاريخ الدخول 26
إبريل 2018، الرابط
10- "موسكو ترد على إسرائيل بشأن تدمير "إس-300": سوريا يجب ألا تكون مسرحا
لتصفية حسابات" وكالة سبوتنيك عربي، تاريخ النشر 4 أكتوبر 2018، تاريخ الدخول
26 إبريل 2019. الرابط
11) "غارات "إسرائيلية" على العاصمة السورية دمشق"، سكاي نيوز
عربية، تاريخ النشر يناير 2019، تاريخ الدخول 26 إبريل 2019.الرابط
12- Wade Boese:
"Putin Reaffirms sales، Nuclear Assistance to Iran" Arms control
today (1 April 2001 )" 26 April 2019" The link
13) ترامب يتخذ قرار بجعل
صادرات إيران النفطية صفر" البوابة نيوز، تاريخ
النشر 22 إبريل 2019، تاريخ الدخول 27 إبريل 2019. الرابط
14) تهديد إيران بإغلاق
مضيق هرمز.. هل دقَّت طبول الحرب فعلاً؟، عربي بوست، 24 إبريل 2019، تاريخ الدخول
27 إبريل 2019، الرابط.