كيف ترى مراكز الفكر الغربية الشرق الأوسط في 2019؟
عرجت مراكز الفكر الغربية في تنبؤاتها لمستقبل
منطقة الشرق الأوسط على عددٍ من القضايا المحورية التي تصدرت المشهد السياسي في
عام 2018، ومن المؤكد أن تستمر خلال 2019. وقد يشهد 2019 كتابة الفصول النهائية
لبعض هذه القضايا مثل الأزمة السورية، والحرب في اليمن. وسنرصد في هذا التقرير
أبرز ما تناولته مراكز الفكر الغربية من تقارير حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط خلال
عام 2019.
أولًا- مستقبل الأزمة الإيرانية
يرى تقرير ستراتفور عن حالة العالم في عام
2019 أن الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل الضغط لعزل إيران دوليًا وإقليميًا،
وهو ما تعتبره واشنطن وسيلة لإضعاف النظام السياسي هناك من الداخل، ويرى تقرير
ستراتفور أن هذا من شأنه أن يُضعِف فرص إجراء مفاوضات جادة بين واشنطن وطهران. وبالنسبة
للوضع الداخلي، سوف تعطي الأحزاب السياسية الإيرانية أولوية لاستقرار النظام. وعلاوة
على ذلك، زادت العقوبات من حدة الاضطرابات الشعبية، التي قد تعزز رأس المال السياسي
للمحافظين ضد إدارة الرئيس حسن روحاني الذي ينتمي للتيار الإصلاحي. علاوة على ذلك،
ستساعد هذه الحالة من توسع دور أجهزة الاستخبارات والأمن الإيرانية مثل الحرس
الثوري كردة فعل على الضغوط الخارجية المتزايدة.
وستعتمد واشنطن في تنفيذ استراتيجيتها في
الشرق الأوسط على محورين من الحلفاء، وما يجمع بين هذين المحورين وواشنطن أهداف إضعاف
النفوذ الإيراني. واعتبر ستراتفور أن المجموعة الأولى التي تضم المملكة العربية
السعودية والإمارات وإسرائيل قلقة بشدة من سياسات طهران، وهي بالتالي مستعدة
لتنفيذ سياسات أكثر تشددًا ضد طهران أما المجموعة الثانية التي ستعتمد عليها
واشنطن هي الكويت وسلطنة عمان، والتي ستقوم بتقديم الدعم الاستراتيجي والدبلوماسي
والاقتصادي للولايات المتحدة في صراعات وأزمات إقليمية أخرى في المنطقة كالأزمة
السورية والحرب في اليمن.
واعتبر تقرير مجلس العلاقات الخارجية
الأمريكي أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في طهران بفعل إعادة العقوبات، وحرمان طهران
من تصدير نفطها قد يؤدي إلى تفاقم الإحباط العام لدى الجمهور من الفساد المستشري في
الحكومة، وارتفاع معدلات البطالة المزمن (خاصة في أوساط الشباب الجامعيين). وهو ما
قد ينتج عامًا صاخبًا أمام النظام الإيراني خاصة أن عام 2018 قد شهد سلسلة كبيرة
من الاحتجاجات المناهضة لحكومة روحاني.
ثانيًا- تداعيات الأزمة السورية
مع دخول سوريا في المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية،
ستتنافس خمس قوى رئيسية هي تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل على النفوذ
والسيطرة. ورغم أن موسكو وطهران تدعمان بشدة الرئيس السوري "بشار الأسد"
لكنهما يختلفان ليس فقط في مستويات الدعم التي يقدمونها ولكن أيضًا في أهدافهم العامة
من الانخراط في الملف السوري؛ حيث استخدمت روسيا الصراع السوري لتوسيع وجودها في الشرق
الأوسط لتوفير الحماية لمكاسبها ومواردها ، ورغم أن موسكو لديها رغبة ضئيلة في صراع
مفتوح مع تركيا، أو الولايات المتحدة، أو إسرائيل ستكون إيران أكثر عدوانية في دعمها
لدمشق خاصة فيما يتعلق بمعارضة التحركات
التركية والأمريكية الأخيرة في سوريا. ويرى التقرير أن إيران ستواصل بناء قواتها داخل
سوريا كرادع لإسرائيل وكوسيلة لدعم حليفها الاستراتيجي في لبنان (حزب الله). أما
إسرائيل ستعمل على إحباط الخطط الإيرانية في سوريا، وهو ما ظهر في كشفها مؤخرًا عن
أنفاق حزب الله التي وصلت إلى الأراضي الإسرائيلية. وفيما يتعلق بمواقف أنقرة
وواشنطن، ستركز الولايات المتحدة على القضاء على بقايا الدولة الإسلامية، وإضعاف النفوذ
الإيراني في سوريا كجزء من استراتيجيتها المناهضة لتوسعات طهران. وستنشغل أنقرة بالقضاء
على نفوذ الأحزاب الكردية في سوريا، وهو ما يبدو من حملتها العسكرية الموسعة التي
أعلنت عنها مؤخرًا في شرق الفرات.
فيما يعتقد الخبراء في مجلس العلاقات
الخارجية أن الحرب في سوريا لم تنتهي بعد، واستشهدوا بعدم استقرار الهدنة في إدلب
التي تُعد موطنًا للكثير من المقاتلين المتطرفين من تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة
الإسلامية (داعش). ويحذر التقرير من الضربات العسكرية الإسرائيلية على المصالح
الإيرانية في سوريا؛ حيث قامت إسرائيل باستهداف أكثر من 200 هدفًا إيرانيا في
سوريا في الفترة من 2016-2018.
ثالثًا- أسواق الطاقة
يرى تقرير ستراتفور أن استمرار العقوبات على
إيران مع استمرار انخفاض صادرات النفط الإيرانية، خاصة أنه من المتوقع أن يرتفع الإنتاج
الأمريكي، ولكن مع نمو الاقتصاد العالمي ستظل المملكة العربية السعودية، وروسيا تتحكمان
إلى حد كبير في أسواق النفط العالمية للحفاظ على توازن الأسعار. وفي الوقت نفسه، ستنمو
أسواق الغاز الطبيعي المسال على نحو أكثر تنافسية خاصة مع تصدر الولايات المتحدة مكانتها
بين أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم في عام 2019. وستظل إيران قادرة على
تصدير نحو مليون برميل في اليوم. على صعيد آخر، يبقى هناك احتمال أن تستعيد ليبيا
والعراق تأثيرهم في سوق النفط العالمي بعد تجاوزهما مشاكلهم الداخلية.
رابعًا- الأوضاع السياسية في السودان
رصد مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية حالة الاحتجاج التي تشهدها الشوارع السودانية بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوطات الاقتصادية الحادة التي ادت إلى خروج مظاهرات شبه منظمة في كثير من الولايات السودانية للمطالبة بعدم رفع الدعم عن الخبز والبنزين. وتزامنت هذه المظاهرات مع حالة الجدل التي تعيشها السودان منذ فترة بسبب عمل النظام السوداني على تعديل الدستور بغرض تمديد ولاية البشير. ويعتبر التقرير أن نظام الرئيس "عمر البشير" لم يكن مستعدًا لهذه الاضطرابات سواءً من ناحية ضعف الدعم الخليجي خلال هذه الفترة أو عدم إطلاقه أيدي الأجهزة الأمنية للتعامل مع المظاهرات نتيجة سعيه للتقارب مع الولايات الأمريكية خلال الفترة الأخيرة، وأن أي تعاطي غير محسوب مع هذه المظاهرات سيؤدي إلى تقويض التقارب مع واشنطن. ويرى تقرير فورين بوليسي أن لدى نظام البشير مساحة أقل للمناورة خاصة بعد انفصال جنوب السودان في عام 2011، الذي أدى إلى اضعاف سلطة البشير الذي يفتقد للثروة النفطية في ظل استمرار العقوبات الأمريكية منذ عام 1997 والتي أدت إلى عزل البلاد اقتصاديًا.
المراجع:
1.
2019 Annual Forecast (3/12/2018),
Stratfor, Accessed at: https://worldview.stratfor.com/article/2019-annual-forecast-geopolitics-intelligence-global-risk
2.
Michael Dempsey,
The Geopolitical Flash Points of 2019 (20/12/2019), Council Foreign Relations,
Accessed at:
3.
What to Watch in
Sub-Saharan Africa in 2019 (7/1/2019), Center for Strategic &International
Studies. Accessed at:
4.
NESRINE MALIK
(9/1/2019), FP, Accessed at: