مشاورات السويد .. انتصارات وطنية وهزيمة طائفية
شهدت العاصمة
السويدية ستوكهولم في 06 ديسمبر 2018، بعد أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن
جريفيث، انطلاق المشاورات اليمنية اليمنية ودعم الجهود الإقليمية والدولية لحلحلة
الأزمة اليمنية، والتي استمرت لمدة أسبوع كامل وتمت مناقشة العديد من الملفات
الأساسية في الاجتماعات بين الوفود اليمنية والدولية لهدف إنهاء الصراع فى اليمن، ومن
أبرزها ملف الأسرى والمختطفين ومدينة الحديدة، وتسهيل دخول المساعدات إلى تعز بينما
لم يتم التوصل لاتفاق واضح يضمن فك الحصار عن المدينة المحاصرة منذ4 سنوات من قبل الحوثيين.
نتائج
المشاورات
نصّ اتفاق الأطراف اليمنية في مباحثات ستوكهولم على وقف فوري
لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى، كما اتفقوا على إعادة انتشار
مشترك للقوات في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها
خارج المدينة.
كما ونص الاتفاق أيضًا على الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات
عسكرية من قبل الطرفين إلى محافظة ومدينة الحديدة، وإزالة جميع المظاهر العسكرية والمسلحة
من المدينة. وتضمن الاتفاق أن يقدم رئيس لجنة التنسيق تقارير
أسبوعية من خلال الأمين العام لمجلس الأمن حول تنفيذه.
وفيما يلي أبرز تلك النتائج:
- وقف إطلاق النار في مدينة
الحديدة وموانئها: الحديدة، والصليف، ورأس عيسى.
- تعزيز وجود الأمم المتحدة
في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.
- الالتزام بعدم استقدام
أي تعزيزات عسكرية لكلا الطرفين.
- تسهيل حرية الحركة للمدنيين
والبضائع.
- فتح الممرات لوصول المساعدات
الإنسانية.
- إيداع جميع إيرادات الموانئ
في البنك المركزي.
- إزالة جميع المظاهر العسكرية
في المدينة.
- تعزيز وجود الأمم المتحدة
في الحديدة وموانئها.
- إزالة الألغام في مدينة الحديدة وموانئها.
كما يقضي الاتفاق بأن يتم انسحاب الميليشيات من موانئ الحديدة
والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء خلال 14 يومًا من موعده، مع إعادة انتشار القوات
الحكومية جنوب الخط، إضافة إلى الانسحاب الكامل للحوثيين من مدينة الحديدة في المرحلة
الثانية إلى مواقع خارج حدودها الشمالية خلال 21 يومًا من موعده.(1)
كذلك أشار الاتفاق إلى أن مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ
الحديدة والصليف ورأس عيسى تقع على عاتق قوات الأمن وفقاً للقانون اليمني ويجب احترام
المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية
بأداء وظائفها بما فيها المشرفون الحوثيون، ويأتي هذا الإعلان عقب تعثر التوصل لاتفاق
في عدد من القضايا الأخرى، منها فتح مطار صنعاء، بسبب ما أبداه الوفد الحوثي من تعنت
أمام مقترحات هذا الملف، وتم ترحيل ملفات رئيسية، بعضها لم يناقش، وبعضها لم يتم التوصل
لاتفاق نهائي بخصوصه مثل وضع مطار صنعاء، إلى جولة المشاورات القادمة، التي من المقرر
أن تعقد مطلع العام القادم.
ردود
الفعل الإقليمية والدولية
عبرت وزير الخارجية السويدية، مارجوت فالستروم، عن أملها
في أن تسهم الاتفاقيات في إطلاق عملية إعادة إعمار اليمن. وكانت فالستروم قد أعلنت، في وقت سابق منذ بداية المفاوضات، أن مشاورات
السلام اليمنية جرت بروح إيجابية ونية طيبة، مؤكدة أن أي اتفاق على مواصلة المحادثات
سيكون نجاحًا.
فيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس،
بأن "الأمم المتحدة ستلعب دورًا رائدًا في الحديدة، وهذا سيسهل وصول المساعدات
الإنسانية، وأنها خطوة مهمة جدًا لعملية السلام: اتفقنا على المشاركة في المناقشات
حول إطار التفاوض في الاجتماع المقبل. هذا عنصر حاسم لمستقبل التسوية السياسية من أجل
إنهاء الصراع".(2)
وأعربت مصر، عن ترحيبها بالاتفاقات والتفاهمات التي تم الإعلان
عنها اليوم الخميس بين الأطراف اليمنية في ختام مشاورات السويد، اتصالًا بكل من مدينة
وميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى، وتبادل الأسرى، ومدينة تعز.
وأشاد بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم، بما توصلت إليه
الأطراف اليمنية، معتبرًا ما تحقق خطوة هامة ورئيسية في إطار التوصل لحل سياسي شامل
وفقاً للقرار الأممي ٢٢١٦ وسائر المرجعيات ذات الصِّلة بالحل المنشود في اليمن.
واختتم البيان بتثمين الجهود الدولية والإقليمية والأممية
التي بُذلت في سبيل تحقيق اتفاقات وتفاهمات مشاورات السويد، مع التشديد على أهمية استمرار
الروح الإيجابية السائدة حاليًا على المشهد اليمني، والتزام الأطراف اليمنية بتنفيذ
ما تم التوصل إليه، وذلك لرفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق.(3)
فيما رحّبت دولة الإمارات العربية المتحدة بالاتفاق الذي
توصلت إليه الأطراف اليمنية، في ختام المشاورات السياسية التي عقدت في السويد. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور بن محمد قرقاش، إن الاتفاق
الذي تم التوصل إليه جاء نتيجة للضغط العسكري الذي مارسته قوات التحالف العربي والقوات
اليمنية على الحوثيين في الحديدة.
وأكد قرقاش أهمية الالتزام بالمسار السياسي والجهود التي
تقودها الأمم المتحدة، وضرورة استمرار هذه الخطوات والجهود لضمان استقرار اليمن وازدهاره،
من خلال حل سياسي مستدام وحوار يمني أساسه المرجعيات الثلاث، وعلى رأسها القرار الأممي
2216.
وأشار قرقاش إلى أن التحالف العربي أوفى بالتزامه بتجنيب
مدينة الحديدة وأهلها ويلات حرب شوارع، وذلك حفاظا على أرواح المدنيين والبنية التحتية
الإنسانية، لافتاً إلى أن ميناء الحديدة بإمكانه اليوم ممارسة دوره المهم على الصعيدين
التجاري والإنساني.
وشدد الدكتور أنور قرقاش على أن الضغط العسكري، المتمثل في
وجود 5000 جندي إماراتي مع القوات اليمنية، واستعدادهم لتحرير الميناء في أقرب وقت،
شكلا الضغط المطلوب على الحوثيين وأجبراهم على التعامل بواقعية والقبول بالحل السياسي،
مشيراً إلى أن الضغط العسكري الحاسم والمنضبط لقوات التحالف العربي والقوات اليمنية،
أجبر الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران على الانسحاب من الواجهة البحرية المتبقية
تحت سيطرتها، وهزيمة المشروع الطائفي في اليمن.(4)
بجانب ذلك، اعتبر سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس
الأمن، لدى اليمن، المشاورات بين ممثلي الحكومة الشرعية والمليشيا الحوثية، خطوة أولى
حاسمة نحو إنهاء الصراع في اليمن، ومعالجة حالة الطوارئ الإنسانية والتصدي للتدهور
الحاد في الاقتصاد الوطني.
وفي بيان صدر عن السفراء الخمسة لدول روسيا، فرنسا، بريطانيا،
الصين والولايات المتحدة، أثنى السفراء على الانخراط والتعاون مع المبعوث الخاص لتحقيق
تقدم في عدد من المجالات المهمة التي سيكون لها تأثير إيجابي فوري على حياة الشعب اليمني،
التي ستعمل كذلك على بناء الثقة بين الأطراف من أجل تسوية سياسية شاملة دائمة.(5)
تراجع
الطائفية وهزيمة الحوثي
أن الانتصارات السياسية والعسكرية التي حققتها قوات الجيش
الوطني في الحكومة اليمنية بإسناد كبير من تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية تشكل
أقوى حلقات الضغط على مليشيا الحوثي المدعومة من إيران؛ حيث بات الجيش اليمني يسيطر
على منطقتي القرن وعياش في صنعاء و12 موقعًا بالضالع، وإفشال محاولات الميليشيات الحوثية
الموالية لإيران استغلال مشاورات السويد ميدانيًا، من خلال تصعيد عملياتها العسكرية
في جبهات عدة.
على الجانب الآخر؛ باتت الحكومة اليمنية تحقق انتصارات دبلوماسية
سبقتها ورافقتها انتصارات عسكرية على الأرض، وأن هذه الانتصارات الشرعية أهم الاسباب
التي دفعت مليشيا الحوثي للحضور إلى مشاورات السويد بإذعان بغية الوصول إلى مخرج يخفف
عنها الضغط العسكري، وتقدم القوات الحكومية في كل الجبهات وخصوصًا في الحديدة وصعدة
أثمر رضوخًا حوثيًا في المشاورات رغم شهرته في المراوغة والمماطلة.(6)
وفي الحديدة،
تمكنت قوات المقاومة اليمنية المشتركة من إفشال محاولة تسلل لعناصر الميليشيات، باتجاه
مواقعها شرق مديرية حيس جنوب الحديدة، ما دفعهم إلى الفرار باتجاه المناطق القريبة
من مفرقي العدين وسقم بين تعز وإب وحيس، والتي جاءت بمساندة مقاتلات التحالف، التي
شنت غارات على آليات عسكرية للحوثي في تلك المناطق، وأخرى على الطريق الرابط بين مديريتي
زبيد والحسينية.
وأكد نائب رئيس وفد الحكومة اليمنية في مشاورات السويد، الدكتور
عبد الله العليمي، "أن اتفاق السويد يلزم جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)
بالانسحاب من محافظة الحديدة (غربي اليمن)، وتسليمها للحكومة، وتابع تصريحه بأن
الحكومة الشرعية لم نأخذ الحل العسكري على أنه الخيار الوحيد، نحن نأخذ أن هناك قرارا
أمميا وإرادة دولية لدعم الانتقال السلمي في اليمن، وحاولنا إقناع الحوثي بأن أفضل
طريق أمامهم هو قبول الوساطة الدولية والتوصل لاتفاق مع الحكومة اليمنية، ولم يقبلوا
بذلك في قبل، الآن وبعد كل العمليات العسكرية التي حضرت الأساس لمحادثات جدية اليوم
باتوا مستعدين".
حيث حقق الضغط العسكري لقوات التحالف
وقوات الجيش اليمني على الحوثيين في الحديدة، انتصاراً سياسياً بانتهاء محادثات السويد
أمس باتفاق نص على انسحاب ميليشيا الحوثي من المدينة وموانئها وفتح ممرات إنسانية إلى
تعز، وتبادل أسرى.(7)
ومن جانبها طالبت الحكومة الشرعية بإلزام الميليشيات الحوثية
بتسليمها لخرائط الألغام التى زرعتها على الأراضي اليمنية، وشددت على أهمية تشكيل فريق
حكومى يعمل بالتعاون مع مكتب المبعوث الخاص بالأمم المتحدة مارتن جريفيث لنزع الألغام،
الأمر الذى رفضته الميليشيات الحوثية.
ومنذ انطلاق العمليات في محافظة الحديدة، دأب التحالف العربي
والحكومة اليمنية على التأكيد على أهمية انسحاب ميليشيا الحوثي من المدينة، ومن الميناء
الذي حوله الحوثيون المرتبطون بإيران إلى منصة لتهديد الملاحة في البحر الأحمر واستلام
الأسلحة الإيرانية، وإصرار التحالف على تحرير الميناء وهو شريان الحياة بالنسبة للملايين،
يأتي أيضا في إطار حرصه على إيصال المساعدات إلى اليمنيين بعد أن كانت الميليشيا تعمد
إلى نهبها والتحكم بها، الأمر الذي تسبب في أزمة إنسانية حادة.
وقال العليمي، وهو مدير مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية، في
تغريدات على "تويتر": "اتفاق ستوكهولم بخصوص الحديدة يؤدي في محصلته
إلى خروج الميليشيات الحوثية من الحديدة وتسلم السلطة الشرعية مسؤولية الأمن وإدارة
المؤسسات بشكل كامل، هذا ما يفهمه كل العالم باستثناء الوفد الحوثي الذي لا يزال يسوق
الوهم لاتباعه وحليفته إيران".
ويعد التراجع الذي شهدته المفاوضات بشأن الحوثيين أول خطوات
باتجاه السلام في اليمن؛ حيث ولأول مرة في تاريخ الانقلاب تقبل ميليشيا الحوثي الانسحاب
من موانئ الحديدة، وعودة الحديدة للسلطات الشرعية عبر مؤسسات الدولة.(8)
ومن جانبه قال محمد عبد السلام ،ممثل وفد الحوثى فى مشاورات السويد، توصلنا إلى وقف إطلاق النار فى الحديدة ويكون للأمم المتحدة دور رقابى إشرافى، ورقابة على تفتيش السفن، وتعزيز دور الأمم المتحدة فيما يخص المنشآت الإنسانية ، وتحييد المدينة عن الصراع العسكرى ، وفيما يخص مطار صنعاء، اقترحنا ذهاب الطائرات إلى الأردن والقاهرة ، من مطار صنعاء مباشرة ، ورفضنا انتقال الرحلات من صنعاء إلى مطار عدن، وعلى الأرجح ثمة هناك إرادة دولية وإقليمية، آخذة في التبلور، تدفع باتجاه إغلاق الملف اليمني وطي صفحة 'الحرب المنسية' في هذا البلد المنكوب.
الهوامش:
1) اختتام مشاورات السويد..
واتفاق حول تعز والحديدة، على الرابط: http://cutt.us/Qnokd
2) "اتفاق الحديدة"..
كل ما تريد معرفته عن ختام مشاورات اليمن في السويد، على الرابط:
3) مصر تُرحب بنتائج مشاورات
السويد بين الأطراف اليمنية، على الرابط:
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1351075
4) الإمارات ترحّب باتفاق الأطراف
اليمنية خلال مشاورات السويد، على الرابط: http://cutt.us/AltKr
5) في انتصــار للشرعيــة والتحــالـف العــــربي على المشروع
الطائفي في اليمن.. ولقاءات جديدة أواخر يناير
«مشاورات السـويـد».. اتفـــاق
على انسحاب ميليشيـا الحوثي مــن الحديدة ومينائها، على الرابط:
https://www.albayan.ae/one-world/arabs/2018-12-14-1.3434020
6) مشاورات السويد تتوّج باتفاق
عـلى انسحاب الحوثيين من الحديدة وتفاهم حول تعز، على الرابط:
https://www.emaratalyoum.com/politics/issues/yemen-latest/2018-12-14-1.1163404
7) أهم ما تم الاتفاق عليه
بين الشرعية والحوثيين في مشاورات السويد، على الرابط:
https://www.eremnews.com/news/arab-world/yemen/1604883
8) بعد مشاورات السويد... إجراء
من الحوثيين لأول مرة في تاريخ صراع اليمن، على الرابط: