مواجهات غير مريحة ... “ترامب” في قمة مجموعة العشرين "G20"
سافر الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" إلى العاصمة
الأرجنتينية بيونس أيريس يوم الخميس الموافق 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 لحضور
قمة مجموعة العشرين -منتدى دولي للحكومات ومحافظي البنوك المركزية يتكون من 19
دولة حول العالم، بجانب الاتحاد الأوروبي، وقد تأسس في عام 1999 بهدف تنسيق وتعزيز
السياسات المتعلقة بتعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي-، جاءت هذه القمة في أكثر
مراحل الضعف التي يواجهها ترامب منذ توليه.
تزامنت القمة مع اعتراف محامي ترامب السابق "مايكل
كوهين" بأنه كذب على الكونجرس بشأن صفقة الاستثمار العقاري للرئيس الأميركي
مع موسكو. وفي الواقع، اعترف كوهين أنه حاول بالتعاون مع منظمة ترامب التوصل إلى عقد
صفقة مع روسيا وذلك إبان الحملة الانتخابية لترامب واستمر الأمر حتى بعد تولي
ترامب السلطة بشهر.
في المقابل كان ترامب خلال تلك الفترة ينكر علاقاته
بموسكو، وإبان الاعتراف رد قائلًا "حتى لو كان (كوهين) على حق، فإنه لا يهم معتبرًا
إنه إذا كان مرشحًا للرئاسة فهذا لا يمنعه من تنفيذ أعماله، وأنه لم يكن يخفي هذا
الموضوع".
وفي هذا السياق؛ فقد أعاد اعتراف كوهين إلى الأذهان طرح
الأسئلة حول مدى الارتباط بين ترامب وموسكو؟، ومدى تأثير هذه العلاقة على مسار
الانتخابات الرئاسية السابقة التي أسفرت عن تولي ترامب السلطة؟ وعليه من الممكن أن يضطر مجلس النواب الذي يسيطر
عليه الديمقراطيون قريبًا إلى النظر من جديد في القضية العلاقة بموسكو -وهي جريمة
قد تكون محتملة -وما إذا كان يعيق العدالة برفضه تعيين محام جديد، بعد أن استبعد
جيف سيشنز وأزال الإشراف على تحقيق المحامي الروسي الخاص من نائب المدعي العام رود
روزنشتاين. وقد يكون ترامب أيضًا عرضة للاتهامات التي كذب
بها على المحامي الخاص روبرت مولر، الذي يحقق في علاقاته بموسكو.
وعلى أقل تقدير، فإن التطورات الجديدة تضع احتمال إعادة
ترشيح ترامب لعام 2020 في خطر في الوقت الذي يستمر فيه ستة من أصل عشرة أمريكيين
في عدم الموافقة على أدائه. كل هذا يعني أن ترامب سيتعين عليه التعامل مع
أكثر من مجرد اعترافات معاونيه المعتادة والمصافحات المربكة عندما يواجه نظراءه في
بوينس آيرس.
وقد تراجع عن الاجتماع المزمع انعقاده مع الرئيس الروسي "فلاديمير
بوتين"، إلا إنه أعادة مرة أخرى في التعبير عن رغبته لعقد اجتماع معه مشترطًا
إطلاق سراح البحارة الأوكرانيين المعتقلين لدى القوات الروسية بمضيق كيرتش، -قرب
سواحل شبه جزيرة القرم- بين البحر الأسود وبحر آزوف. على خلفية عملية احتجاز حرس
الحدود الروسي ثلاث سفن حربية أوكرانية نتيجة خرقها حدود المياه الإقليمية الروسية،
الأمر الذي رفضته موسكو وأدى إلى عدم عقد اجتماع بين الرئيسيين.
ومن الواضح أن البيت الأبيض قد أدرك مدى خطورة اللقاء
المزمع انعقاده بين الرئيس الأميركي نظيره الروسي وخاصة بعد اعترافات كوهين التي
أعادة للأذهان التساؤلات حول طبيعة العلاقات بين الجانبين.
وفيما يتعلق بمجموعة العشرين؛ تعبر هذه المجموعة حديثة
النشأة، ربما تكون أول مؤسسة دولية كبرى يتم إنشاؤها بدون دور الولايات المتحدة
المهيمن كأم أو قابلة (على الرغم من أن واشنطن ساعدت في الإشراف على اختيار
الأعضاء). تأسست في عام 1999 من قبل أوروبا وكندا كمجموعة من وزراء المالية
ومحافظي البنوك المركزية وقد تجاهلت إلى حد كبير على مدى العقد الماضي، فازت في
حملة ترويجية خلال الأزمة المالية في عام 2008، عندما تم ترقيتها من خلال الموافقة
المشتركة على مكانة القمة لأنها شملت الصين وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول
الدائنة.
تحولت منذ ذلك الحين إلى المنتدى الاقتصادي البارز في
العالم، متفوقة بذلك على مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وهكذا أصبحت مجموعة العشرين ركيزة
أساسية في عملية الإصلاح الاقتصادي وسط ضعف الولايات المتحدة وتراجعها.
لا شك أن اجتماعات قمة "G20" كانت
حاسمة خاصة فيما يتعلق بقضايا التجارة العالمية، وتغير المناخ والهجرة. وعليه فقد عقد
ترامب عددًا من الاجتماعات، لكنه تمكن من تجنب الكثير من المواجهات غير المريحة.
لذا، فقد كانت اجتماعات ترامب الرئيسة مع زعماء كل من تركيا
وكوريا الجنوبية في مجموعة العشرين بجانب مجموعة من اللقاءات غير الرسمية على هامش
القمة وذلك وفقًا لما أعلنه البيت الأبيض. وفي هذا السياق مثل الاجتماع الأهم كان
مع نظيره الصيني "شي جين بينغ"، وخاصة بعد الحرب التجارية التي شنها
ترامب عليهم وأدت إلى من حالة الصدام الاقتصادي على غرار زيادة فرض الرسوم الجمركية
على الواردات الصينية.
ختامًا؛ حاول ترامب إبان القمة أن يظهر مدى تماسكه
بالرغم من التحديات التي يواجهها على الصعيد الداخلي والخارجي، ولكنه لم يستطيع
إخفاء توجهاته التي تجلت في البيان الختامي؛ حيث رفض تطبيق اتفاق باريس حول
التغيرات المناخية، كما تمسك بسياسته الحمائية.
MICHAEL
HIRSH, “Why the G-20 Leaders Are Gloating behind Trump’s back?” , Foreign Policy, 29/11/2018.