تأثيرات مدمرة وخطط إيرانية بديلة .. كيف ستكون إيران ما بعد عقوبات نوفمبر؟
ينتظر
العالم يوم 4 نوفمبر 2018 العقوبات الأمريكية الجديدة، والتي سيتم فرضها على إيران،
وتحديدًا على الصادرات النفطية الإيرانية. ويتوقع الكثيرون أن تؤثر العقوبات الجديدة
على الاقتصاد الإيراني، في الوقت الذي تعاني فيه إيران من انهيار واضح في اقتصادها
وأزمة التومان الإيراني والفقر والبطالة. وطالبت الولايات المتحدة من العالم وقف شراء
النفط من إيران، استعدادًا للمرحلة القادمة من العقوبات الأمريكية.
ماذا سيحدث في 4 نوفمبر؟
ستشتمل
العقوبات التي سيتم فرضها على إيران خلال الشهر القادم نوفمبر2018، إعادة العقوبات
المتعلقة بمؤسسات الموانئ والأساطيل البحرية وإدارات بناء السفن بما يشمل أسطول إيران
وخط أسطول جنوب إيران والشركات التابعة لهما.(1) كما سيتم إعادة العقوبات المتعلقة بالنفط خاصة
التعاملات المالية مع شركة النفط الوطنية الإيرانية
وشركة النفط الدولية الإيرانية
وشركة النقل النفطي الإيرانية، كما سيتم حظر شراء النفط والمنتجات
النفطية أو المنتجات البتروكيماوية من إيران.
كما
ستعود العقوبات المتعلقة بالمعاملات الاقتصادية للمؤسسات المالية الأجنبية مع البنك
المركزي الإيراني وبعض المؤسسات المالية الإيرانية بموجب المادة 1245 من قانون تخويل
الدفاع الوطني الأميركي للسنة المالية 2012
. أيضاً العقوبات المتعلقة بخدمات الرسائل المالية
الخاصة للبنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية المدرجة في قانون معاقبة
إيران الشامل لعام 2010. علاوة على ذلك سوف تلغي الولايات المتحدة في 5 نوفمبر
2018 التراخيص التي منحت لكيانات أميركية للتعامل مع إيران عقب الاتفاق النووي.
وسوف
تقوم الخارجية الامريكية بإلغاء بعض القوانين التي صدرت حول رفع العقوبات عن إيران
وستطبق قوانين العقوبات المناسبة في 6 أغسطس أو 4 نوفمبر 2018 حيث يجب على غير الإيرانيين
استخدام هذه الفترات الزمنية لتقييد أنشطتهم مع إيران، والتي ستكون محظورة في نهاية
الفترة المحددة.
ماذا تعني عقوبات 4 نوفمبر بالنسبة لإيران؟
من
المرجح أن يكون لهذه الجولة الثانية من العقوبات تأثير أكبر على إيران بشكل عام، وعلى
مجال النفط الإيراني بشكل خاص، فيقال إن شركات التأمين قد توقفت بالفعل عن تغطية تكاليف
الشحنات.(2)
وستؤثر
الدفعة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران، حيث بدأ النظام الإيراني الشعور بالخطر
من ناحية الاقتصاد، ومنذ ذلك الحين، ومنذ الدفعة الأولى من العقوبات والتي صدرت في
شهر مايو 2018، تدهورت العملة الإيرانية وارتفع التضخم، ومتوسط عدد
الإيرانيين بدأوا يشعرون بالضيق.
وقد
أثارت هذه الحالة احتجاجات وشكاوى حول سوء الإدارة الاقتصادية للحكومة والفساد، ويشير
بعض المحللين الإيرانيين إلى أن الاحتجاجات في إيران ليست جديدة، وستزداد خلال الفترة
القادمة.
يبدو أن استراتيجية إدارة ترامب مصممة على
إجبار إيران على قبول قائمة المطالب الطويلة خاصتها، أو إثارة عدم الاستقرار بهدف تغيير
النظام.
النفط الإيراني قبل عقوبات 4 نوفمبر
لا
تمر أوضاع صادرات النفط الإيراني بأوقات جيدة، حتى قبل فرض العقوبات الأمريكية الشهر
القادم، فقد تراجعت الصادرات النفطية الإيرانية للدول. وقد شهدت الصادرات النفطية الإيرانية
تراجعًا كبيرًا منذ أغسطس الماضي، وحتى الأن، حيث كشفت بيانات تجارية حديثة، وأن صادرات
النفط الخام والمكثفات تراجعت بشكل كبير، إذ هبطت إلى ما دون 70 مليون برميل للمرة
الأولى منذ أبريل 2017.(3)
وأوضحت
البيانات أن إيران كانت تصدر 1.1 مليون برميل يوميا من النفط الخام، ولكن في تلك الفترة
أشارت إلى إن شحنات شهر أكتوبر الحالي أقل بكثير من مليون برميل يوميا، وهذا يقل عن
صادرات شهر إبريل الماضي والتي كانت حوالي 2.5 مليون برميل يومياً. كما أشارت البيانات
إلى انخفاض إضافي من 1.6 مليون برميل في اليوم في سبتمبر 2018.
وتشير
أرقام شهر أكتوبر 2018 لدلائل على أن الصادرات الإيرانية تتراجع بشكل حاد أكثر مما
كان متوقعًا، مما يرفع من قدرة المملكة العربية السعودية، وروسيا من خارج أوبك والمنتجين
الآخرين لسد هذه الفجوة.
وقال
نوربرت رويكر رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي والسلع في البنك السويسري جوليوس باير
"الموقف الصارم من الحكومة الامريكية زاد من مخاطر خسارة ايران في الصادرات النفطية
أكثرمما كان متوقعا من قبل."
نتائج العقوبات على إيران
ستكون
عقوبات 4 نوفمبر القادمة شديدة الأثر على إيران، فستتضرر صادرات النفط الإيرانية أكثر
بكثير مما هو متوقع، وبحسب تقرير أبرزه موقع "راديو فردا"(4)،
عن نتائج العقوبات على إيران، أن صادرات النفط اليومية الإيرانية ستصل إلى 500 الف
برميل فقط يوميًا، وقد تصل إلى الصفر متسقبلًا.
وفي
تقرير آخر، نشرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقرير على موقعها الرسمي على الإنترنت؛
أنه من المرجح أن تنخفض صادرات النفط الإيرانية مما كان متوقعًا، وعلى المدى المتوسط،
هناك مخاوف بشأن نقص النفط، فلن توجد أسواق بعد ذلك لتصديره. وسينخفض إنتاج النفط الإيراني
إلى 400 الف برميل، ليصل إلى 3.4 مليون برميل يوميا، وسوف يستمر بالانخفاض، وهذا قبيل
4 نوفمبر المقبل.
من
ناحية أخرى، ستؤثر انخفاض الصادرات النفطية على الشعب الإيراني، نتيجة انخفاض قيمة
العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، وتشير التقارير أنه فقط الأثرياء وأصحاب سيكونون قادرين
على الاستمرار في الاستفادة من الأزمات التي تدور في فلك الاقتصاد الإيراني مع الجهات
الدولية. وربما سيطرح ذلك قضايا مثل عدم المساواة في الدخل والتضخم في إيران، الذي
أصبح ينهش في الشعب الإيراني يومًا بعد يوم. كما ستكون ردة فعل الدفعة الثانية من العقوبات
الأمريكية على إيران شديدة للغاية، مما قد يدفع الشعب للتظاهر ضد النظام الإيراني.
خطط إيرانية بديلة
بدأت
إيران في وضع خٌطط بديلة لإمكانية مواجهة العقوبات الأمريكية القادمة، فبدأت في التحدث
مع بدائل للدول التي لن تستطيع تصدير النفط لها بسبب التهديدات الأمريكية. كما أنه
قد تخطط إيران لتصدير النفط لعدد من الدول وعلى رأسها روسيا والهند والصين، ليعوضوا
الدول التي هددتها الولايات المتحدة بفرض عقوبات عليها حال شراء النفط من إيران.
وقد
بدأت الهند إجراءاتها بالفعل في استيراد النفط الخام من إيران، واتخذت قرارات بتنفيذ
هذا الأمر في نوفمبر المقبل، وهو الشهر الذي يبدأ فيه فرض عقوبات أمريكية على مشتريات
النفط الإيرانية.
من
ناحية اخرى، تخطط الصين لتكون لاعب رئيسي في مستقبل النفط خلال الفترة المقبلة، ولم
يكن أمامها أي خيارات الا اللجوء لإيران بالرغم من التهديدات الأمريكية. كما تسارعت
مصافي النفط الآسيوية إلى تأمين إمدادات الخام تحسبًا لحرب تجارية متصاعدة بين الولايات
المتحدة والصين.
وقد
أعلنت شركة "دونغ مينغ للبتروكيماويات"، وهي شركة تكرير صينية مستقلة، أنها
أوقفت مشتريات الخام من الولايات المتحدة وتحولت إلى واردات إيرانية، وبلغت صادرات
الولايات المتحدة من النفط الخام إلى الصين 400 ألف برميل يوميا في بداية يوليو2018.
ووفق وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وتصريحه في 3 أغسطس إن الصين "
دولة محورية" للتعامل معها بعد عقوبات 4 نوفمبر المقبلة".
وقد
مثلت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية معا حوالي 65 % من 2.7 مليون برميل نفط
يوميا تصدرها إيران في مايو.
في
ضوء النزاعات التجارية الحالية مع الولايات المتحدة، ردت الصين بتحدٍ على العقوبات
الأمريكية التي تحظر العلاقات التجارية مع إيران، وهذا الأمر في صالح طهران بشكل كبير.
أيضاً
روسيا ستكون حاضرة بشكل كبير في مساعدة إيران في هذا التوقيت، وستأمر باستيراد النفط
من طهران، وهو قرار يمثل تحديًا واضحًا للسياسات الأمريكية.
إجمالاً يمكن ستمر إيران بفترة يمكن القول إنها ستكون الأصعب في تاريخها الحديث، وتحديدًا بعد الثورة الإسلامية عام 1979، وستزيد العقوبات الامريكية من مصاعب إيران الاقتصادية من جهة، وستزيد من الضغوطات على النظام الإيراني.
الهوامش
1- عقب انسحاب أميركا.. ما
العقوبات التي ستُفرض على إيران؟، العربية.نت، 9 مايو 2018
2- US reimposes
sanctions on Iran: What does that mean?
, August 7, 2018, at:
https://www.dw.com/en/us-reimposes-sanctions-on-iran-what-does-that-mean/a-44967074
3- Rocked by Trump's
sanctions, Iranian oil exports drops further, October 8 , 2018 , Reuters, at:
4- صادرات نفت ایران «بیش از انتظار کاهش مییابد»،
20 اكتوبر 2018، راديو فردا، الرابط:
https://www.radiofarda.com/a/iran-oil-production-decrease-us-sanctions/29536760.html
5- Sanctions,
oil, and the emerging China-Russia-Iran axis, August 12, 2018, global risk in
sights