لماذا ينضم الشباب في منطقة آسيا الوسطى إلى الجماعات المتطرفة؟
لقد ارتكب الشباب المولود خلال فترة الاستقلال أكثر
الجرائم خلال الأشهر الأخيرة. وفي هذه المقالة، سأنظر في أسباب هذه الظاهرة وطرق
الحل التي يمكن أن تلجأ إلهيا الدول التي لم تختر هذه الطرق ولجأت إلى أخرى خاطئة.
إننا إذا ما نظرنا إلى الظروف المعيشية التي يلاقيها
الشباب في هذه دول آسيا الوسطى التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق، فإننا
سنجد أن هؤلاء الشباب محرومون من أية أنواع من الرفاهية. فعدم الحصول على عمل وتغير
مكان المعيشة من القرية إلى المدينة أو من مكان إلى مكان آخر بعيد عن مولدهم جعلهم
يقعون في دائرة عدم الإشراف أو الرعاية من جانب الحكومة أو الأب والأم والمجتمع
على حياتهم اليومية.
فهؤلاء الشباب، وعلي الخصوص، عندما يبلغون سن الرشد
وتلوح أمامهم فرص جديدة للعمل بحرية وبدون قيود، فمن الممكن لهم أن يرتكبوا
أعمالاً خطيرة بدون أن تكتشف هوياتهم أو أن يضروا بأسرهم أو أقاربهم، إلا في حالة
أن يتم الكشف عن جرائمهم من قِبل وسائل الإعلام وبالتالي عن هوياتهم.
وعليه، فلكم أن تحكموا أنتم إذا كانت هذه هي أوضاع
الشباب فماذا نتوقع منهم. فعندما لا يتمكن الشباب من الذهاب إلى الملاهي التي ترجع
لأيام الاتحاد السوفيتي أو لمراكز الترفيه وأن يمارسوا ألعاباً مثل البلياردو
والشطرنج، وعندما لا يستطيعون التنقل والسفر من مكان لآخر، وعندما لا يستطيعون
الالتحاق بدورات تدريبية وفنية يحبونها، وعندما يقل يوماً بيوم الذهاب إلى السينما
والمسرح، فإن السؤال هو ماذا تبقى إذاً لهؤلاء الشباب إلا أن يستسلموا إلى وعود
الجماعات المتطرفة ويصبحوا طعماً لها. فهذا الجو المنغلق والمتقلب يساعد في انضمام
هؤلاء الشباب إلى الجماعات المتطرفة التي تستغل هؤلاء الشباب بشكل سلبي.
إن أزمة الهوية بين شباب آسيا الوسطى أمر واضح، وهو ما
تسبب في نمو الميول المتطرفة داخلهم. فعلى سبيل المثال، فإن الشباب الذي ينهي
تعليمه في بلده ويذهب لروسيا من أجل العمل، فإنهم يتعرضون عادة إلى الإهانة والضرر
وهو ما يتسبب من ناحية أخرى في تنامي نظرتهم السلبية تجاه الغرب. وذلك كله يكون
سبباً في النهاية لميلهم إلى الانتماء إلى الجماعات المتطرفة المخادعة خارج
بلادهم.
ليس لدى العديد من شباب آسيا الوسطى إدراك جيد حول
الهوية الفردية الخاصة بهم ويقيدون هذه الهوية فقط بشكل أساسي بالمذهب أو
الاعتقادات الدينية المحلية الخاصة بهم. فإذا ما سألت هؤلاء الشباب: مَنْ أنت؟
سيجيب: أنا مسلم أو وُلِدتُ مسلماً. ولذا، فإن تقييد هُوية هؤلاء الشباب فقط
بالعامل المذهبي يُعد من المسائل الجديرة بالاهتمام من النواحي السياسية
والاجتماعية في دول آسيا الوسطى.
تُعد أحد أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق المدارس هي
تحديد الهويات الشخصية والوطنية لدى أطفالها وشبابها والتي للأسف لم تستطع هذه
المدارس القيام بها حتى الآن. وعليه، فمن الممكن لإضافة دروس عن الدين وتدريس
الأديان الأخرى في المدارس والتعريف بالأديان الأخرى أن يعمل على تحييد هذه
المشكلة التي نتحدث عنها.
ففي الدول الأوروبية، يتم تدريس كافة الأديان بصورة
متساوية إلى جانب الفلسفة والتاريخ والمجتمع وتلقينهم دروساً في ذلك؛ حتى يتسنى
لهم الاختيار بشكل مناسب. ومن ناحية أخرى، أدى تقييد تدريس المواد الدينية في دول
آسيا الوسطى إلى تلقي هؤلاء الأطفال والشباب لمعلوماتهم الدينية من شيوخ محليين لا
يتمتعون في الغالب بما يكفي من العلم، وذلك في ظل إمكان تعليم الدين في جو من
المدنية والثقافة ومن منطلق العقل والمقارنة حتى تزول أية خرافة عن أذهان الأجيال
القادمة.
إن عدم الإطلاع على تاريخ الدين والمعرفة بأصل الشريعة
تسبب في أن يصل رجال الدين المحليين في نظر الشباب هؤلاء إلى مكانة غير عادية وأن يطيعهم
الشباب بدون تفهم. ولذلك، يمكن القول إن الذي يتولي تعليم الشباب الدين حالياً هم
هؤلاء الشيوخ المحليون. والنتيجة معروفة سلفاً.
ومن ناحية أخرى، فإن المعلمين الذين كانوا على قدر من
المكانة أيام الاتحاد السوفيتي قد فقدوا هذه المكانة الآن. فقد كانت مكانتهم أيام
الاتحاد السوفيتي تنبع من كونهم نواباً لسياسة الاتحاد القوي آنذاك. إلا أن أوضاع
المعلم تغيرت الآن حتى بات يبحث عن عمل آخر في أشهر الإجازات الصيفية؛ ليكسب منه
دخلاً إضافياً. كما أن المستوى المنخفض من المعيشة للمعلم بات واحداً من أسباب
محدودية العلاقة ما بين الشباب والعلوم والدروس، فبات هؤلاء الشيوخ المحليون
يحصلون على مكانة وأموال ودخول من خلال المراسم الدينية المختلفة أعلى من المعلم
العادي.
إن بعض التقاليد الدينية المنتشرة بين أهالي آسيا الوسطى
قد جاءت لهم بالتوارث، وذلك مثل بعض الأمثلة الرائجة هناك حول الأسرة والتي تعني
إهمال بعض الحقوق لدى بعض أفراد الأسرة وأن تكون العروس مثلاً في خدمة الأب والأم
والجد والجدة. فالشك والتساؤل يغير كثيراً في البشر وإذا ما فقدوها، فإنهم سيفقدون
التقدم والتغير، وذلك مثلما انضم عدد من شباب منطقة آسيا الوسطى إلى الجماعات
المتطرفة، وعندما شعروا بالندم وجدوا أنفسهم قد وقوعا في الجرائم.
لقد ساعد انخفاض نسبة التعليم الديني في آسيا الوسطى على
إعطاء مكانة غير عادية إلى رجال الدين المحليين وداعمي التوجهات المتطرفة من
الأجانب. فقد كان الناس في آسيا الوسطى، في زمان الاتحاد السوفيتي، يمتنعون عن
إدخال الطاولة والكراسي وإنشاء المكاتب في منازلهم لأنهم كانوا يعدون ذلك أمراً
غربياً وغير ديني. وذلك بات مستمراً إلى الآن حتى في منازل المفكرين ليست هنالك طاولة
أو كراسي للدراسة.
وعليه، فإن الطابع المذهبي الذي تشكل في منطقة
آسيا الوسطى ليس له مثيلٌ في العالم.
"شهزاده سمرقندی"، موقع راديو
زمانه ، 17 أغسطس 2018، الرابط:
https://www.radiozamaneh.com/406025