المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

قراءة في خريطة الانتخابات الباكستانية القادمة

السبت 14/يوليو/2018 - 03:12 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
وفاء الريحان

أعلنت لجنة الانتخابات الباكستانية أن نحو 11.855 ألف مرشح يتنافسون على 849 مقعداً في الجمعية الوطنية والإقليمية الباكستانية في الانتخابات التي من المُقرر عقدها في 25 يوليو الجاري، بموجب 3479 مرشحاً على 272 مقعداً للجمعية الوطنية، و8266 مرشحاً على 577 مقعداً عاماً، وتُعد الجمعية الوطنية هيئة منتخبة ديمقراطياً تتألف من 342 عضو، منهم 272 ينتخبون بشكل مباشر، و60 للمرأة و10 للأقليات الدينية. وتوضح الأرقام أن هناك انخفاض ملحوظ في عدد المرشحين مقارنة بالانتخابات العامة لعام 2013، والتي تقدم بها حوالي 15.629 ألف مرشح، منهم 4671 في الجمعية الوطنية و9558 في مجالس المحافظات.(1)

هيكل النظام السياسي

                ينص دستور جمهورية باكستان الذي اُعتمد عام 1985 على وجود نظام برلماني اتحادي مع وجود رئيس الجمهورية ورئيس وزراء، وبالنسبة لرئيس الجمهورية فيتم انتخابه لمدة خمس سنوات من قبل مجمع انتخابي يتألف من أعضاء مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية وأعضاء مجالس المحافظات، ولا يجوز لأي شخص شغل المنصب لأكثر من فترتين متاليين.

                ويُعد المجلس التشريعي الاتحادي هو الهيئة التشريعية في البلاد ويُطلق عليه مجلس الشورى، ويتألف من مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، ويُنتخب أعضاء الجمعية الوطنية بالاقتراع العام للمواطنين البالغين من العمر أكثر من 21 سنة، ويتم تخصيص المقاعد على أساس عدد السكان لكل من المقاطعات الأربع (السند والبنجاب وبلوشستان وخيبر بختونخوا) والمناطق الجبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية والعاصمة إسلام أباد، وتستمر الجمعية لمدة خمس سنوات، وهي المدة الخاصة بها وفقاً للدستور طالما لم يتم حلها، ورغم أن الغالبية العظمى من الأعضاء مسلمين، فإنه يتم تخصيص 5% من المقاعد للأقليات مثل المسيحيين والهندوس والسيخ.

ويتم تعيين رئيس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية من بين أعضاء الجمعية الوطنية، ويُختار الوزراء من جانب رئيس الجمهورية بعد التشاور مع رئيس الوزراء. أما مجلس الشيوخ فهو عبارة عن هيئة تشريعية دائمة تتمتع بتمثيل متساوٍ من كل مقاطعة من المقاطعات الأربع، وينتخبها أعضاء مجالس المقاطعات الخاصة بها، فضلاً عن وجود ممثلين للمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية ومن العاصمة إسلام أباد، ويقف رئيس مجلس الشيوخ بموجب الدستور ليقوم بدور الرئيس إذا أصبح المنصب شاغراً، وإلى أن يتم انتخاب رئيس جديد، ويمكن لمجلس الشيوخ والجمعية الوطنية أن يُشرع ويصدر التشريعات باستثناء مشاريع القوانين المالية.

                وبالنسبة للمقاطعات الباكستانية الأربع، فتتمتع بحكم ذاتي كبير، ولكل مقاطعة محافظ ومجلس وزراء يرأسه رئيس وزراء يعينه الحاكم ومجلس إقليمي، ويُنتخب أعضاء جمعيات المقاطعات بالاقتراع العام للبالغين، وبها أيضاً مقاعد مخصصة للأقليات، ورغم أن هناك تقاسم في المسئوليات بين الحكومات الفيدرالية وحكومات المقاطعات، لكن هناك بعض الوظائف التي يمكن لكل منهما وضع القوانين وإنشاء الإدارات التنفيذية.(2)

   وتُعد لجنة الانتخابات في باكستان، هي المؤسسة التي اُنشئت بموجب الدستور لتتولى الإشراف على الانتخابات العامة، ويفرض الدستور إجراء الانتخابات العامة كل خمس سنوات عندما تنتهي الجمعية الوطنية من ولايتها أو يتم حلها، وتُعقد الانتخابات في غضون شهرين من انتهاء الجمعية الوطنية من فترة ولايتها.

أبرز المشاركين في العملية الانتخابية

                يتوقع الكثيرون فوز أحد الأحزاب الثلاثة الرئيسية في الانتخابات القادمة، وهي حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف، وحركة الإنصاف بزعامة عمران خان، وحزب الشعب الباكستاني بقيادة أصف زرداري الرئيس السابق، ومن الجدير بالذكر أن الأخير خسر جزء من شعبيته نتيجة الانشقاقات الداخلية، ويتهم شريف حركة الإنصاف بأنها مدعومة من الجيش والقضاء، ويواجه المزيد من الانشقاقات لصالح الإنصاف، وفيما يلي سيتم عرض نبذة عن أوضاع الكتل الثلاث.

حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية: يُعد حالياً أكبر حزب سياسي في باكستان، وانشق عن رابطة مسلمي الهند، ولكنه اختفى تقريباً في السبعينيات ثم بدأ إحيائه في منتصف الثمانينيات، وأصبح اليوم أحد فصائله وهي جبهة نواز ذا ثُقل انتخابي كبير في البلاد، وكان الحزب يتبنى إيديولوجية وسطية تستند إلى مفاهيم القومية الإسلامية الحديثة والإسلام المعاصر، وظل الأمر كذلك حتى سبعينيات القرن العشرين عندها تحول بصورة متصاعدة إلى اليمين وأصبح محافظاً.(3)

حركة إنصاف باكستان: أو تحريك إنصاف باللغة الكردية ويتزعمها بطل لعبة الكريكت عمران خان، والتي أسسها في 25 أبريل 1996 بلاهور تحت مسمى "إنصاف: إنسانية واعتزاز"، وتُصنف الحركة ضمن أحزاب وسط اليمين والأحزاب المعتدلة، وشارك أنصارها في الحراك الباكستاني الذي تصدى لحكم الرئيس برويز مشرف، وتزايدت شعبيتها مع انطلاق الانتفاضات العربية عام 2011، ونافست بقوة في الانتخابات التشريعية 11 مايو 2013 وحصلت على المرتبة الثالثة، وتم اغتيال نائبة رئيس الحزب زهرة شهيد حسين أثناء الإعادة الجزئية للانتخابات، وقام أنصارها باحتجاجات في منتصف 2014 للمطالبة باستقالة حكومة نواز شريف. وقال زعيم الحركة عمران خان أن الانتخابات في 25 يوليو الجاري ستُغير مصير البلاد، وفي حالة فوز حزبه سيقوم باستئصال الفساد وتعزيز المؤسسية وإحداث إنعاش في حركة الاستثمار، فضلاً عن قدرتهم على حل مشكلات كراتشي.(4)

حزب الشعب الباكستاني: تم تأسيسه عام 1967 في مقاطعة السند الجنوبية، وكان برنامجه اشتراكياً راديكالياً، وتُهيمن على قيادته أفراد عائلة بوتو، ووصل إلى السلطة خمس مرات في 1970 و1977 و1988 و1993 و2008، وكان بمثابة المعارضة الرئيسية للحكومة الليبرالية بقيادة برويز مشرف من 1999 إلى 2008، حتى استبعاد رئيس الوزراء يوسف جيلاني من قبل المحكمة العليا 2012، وبرز الحزب كأكبر مُعارض في الجمعية الوطنية خلال انتخابات 2013.(5)

حزب عوامي الوطني: أو حزب الشعب الوطني، فعوامي تعني الناس، هو حزب يساري علماني، يتواجد في منطقة خيبر باختونخوا، والتي تُعرف في الماضي بالإقليم الشمالي الغربي الحدودي، ويتولى قيادته أحفاد قادة البشتون، وهم مجموعة عرقية من جذور شرق باكستان تعيش في جنوب وشرق أفغانستان وبمناطق الشمال الغربي الحدودية والمناطق الفيدرالية المدارة قبلياً بغرب باكستان،  وكانوا تابعين لحزب المؤتمر في الهند فيما قبل التقسيم، واتسم تاريخ الحزب بالصراع مع الحكومة الفيدرالية.(6)

الوضع عشية الانتخابات

     قامت مؤسسة بالس كونسالتنت باستطلاع حول اتجاهات الناخبين في العملية الانتخابية القادمة، كشف عن أن 30% من المشاركين أعلن تأييده لحزب حركة الإنصاف، بينما حصل منافسه حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف على 27% من الأصوات، وحزب الشعب الباكستاني 17%.

      كما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة جالوب باكستان تقدم الحزب الحاكم بنسبة 26% من الأصوات، ويليه حزب حركة الإنصاف بنحو 25% ثم حزب الشعب بحوالي 16%، وما أوضحته هذه النتائج هو ارتفاع في عدد مؤيدي حركة الإنصاف مقارنة بالاستطلاعات التي اُجريت عام 2017.(7)

وبشكل عام، هناك العديد من الملاحظات على تلك الانتخابات، تبدأ من مدى احتمالية حصول الحزب الحاكم على أكبر عدد من المقاعد من عدمه، بالنظر إلى الحكم الصادر بحق رئيس الوزراء نواز شريف وابنته بالسجن لمدة عشر سنوات لاتهامهما بجرائم فساد تتمثل في ملكية أسرته لأربعة شقق في لندن، ويتهم شريف المؤسسة الأمنية بالبلاد بأنها تقف وراء ذلك من أجل استبعاده من الانتخابات(8)، ويتوقف حصول حزب نواز على إحراز عدد كبير من المقاعد على قدرته لوضع استراتيجية بديلة وسريعة للفترة الانتخابية إلى جانب محاولة استغلال ما حدث مع زعيمه لكسب مزيد من التعاطف الشعبي، خاصة أن نواز هو شخصية ذات وزن سياسي كبير في الساحة الباكستانية.

                وأثار ما حدث مع رئيس الوزراء السابق توترات متزايدة في داخل البلاد، بسبب تصاعد حدة الجدال حول قيام الجيش الباكستاني- ذو النفوذ القوي والذي سيطر عليها لأكثر من 70 عاماً- بالضغط على وسائل الإعلام وحزب الرابطة من أجل تعديل نتائج الانتخابات لصالح كتلة عمران خان زعيم حركة الإنصاف، رغم نفي القوات المسلحة على لسان المتحدث الرسمي لها الجنرال آصف غفور بأنها لن تضطلع بأي دور في الانتخابات المُقررة 25 يوليو 2018، وأن ما ستقوم به هو نشر أكثر من 370 ألف عنصر أثناء العملية الانتخابية لتوفير الأمن.(9)

وعلى صعيد أخر، تُعقد الانتخابات في ظل ظروف أمنية مرتبكة في ضوء الهجمات التي تشنها التنظيمات الإرهابية كداعش وطالبان على عدد من المراكز الأمنية، منها ما حدث من هجوم انتحاري ينتمي لطالبان على تجمع انتخابي في جنوب غرب البلاد، خلف 128 قتيلاً، والذي يُعتبر الحادث الأكثر دموية منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما يُعد ثالث عملية إرهابية تستهدف المقار الانتخابية في أسبوع واحد.(10)

المراجع

1 – Pakistan Elections Tussle: 11,800 Candidates Contest On 849 General Seats, NDTV, 3 July 2018, on the link: https://www.ndtv.com/world-news/pakistan-elections-tussle-11-800-candidates-contest-on-849-general-seats-1877057

2 – Peter Blood, ed. Pakistan: A Country Study. Washington: GPO for the Library of Congress, 1994, on the link: http://countrystudies.us/pakistan/65.htm

3 – Nadeem F. Paracha, The Muslim League: A factional history, DWAN, 26 JAN 2017, on the link: https://www.dawn.com/news/1310662

4 – زعيم حركة الأنصاف: سنغير مصير باكستان حال الفوز بالانتخابات، موقع صدى البلد، 4 يوليو 2018، على الرابط: https://www.elbalad.news/3372669

5 - Farooq Sulehria, The left in Pakistan: a brief history, Links International Journal of Socialist Renewal, on the link: http://links.org.au/node/170

6 - Political System and State Structure of Pakistan, CIDOB International Yearbook 2012, on the link: google.com.eg/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ve

7 – محمد فرج، المعارض الباكستاني عمران خان يحقق تقدما في استطلاعات ما قبل الانتخابات، رويترز، 4 يوليو 2018، على الرابط: https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKBN1JU26A

8 -  الحكم بالسجن على نواز شريف... نقمة أم نعمة في الانتخابات الباكستانية؟، الشرق الأوسط، 12 يوليو 2018، على الرابط: aawsat.com/home/article/1328571/الحكم-بالسجن-على-نواز-شريف-نقمة-أم-نعمة-في-الانتخابات-الباكستانية؟

9 - الجيش الباكستاني ينفي اي "دور مباشر" في انتخابات 25 تموز/يوليو، فرانس 24، 10 يوليو 2018، على الرابط: france24.com/ar/20180710-الجيش-الباكستاني-ينفي-اي-دور-مباشر-في-انتخابات-25-تموزيوليو

10 - 128 قتيلا في باكستان في ثاني تفجير يستهدف المُرشحين، euronews، 14 يوليو 2018، على الرابط: arabic.euronews.com/2018/07/14/128-killed-in-pakistan-in-the-second-bombing-atta

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟