استطلاع اتجاهات الشباب المصري نحو المؤتمرات الوطنية للشباب
فشل نظام
الرئيس الأسبق حسني مبارك فى تلبية إحتياجات الجيل الأصغر سنًا، وخلال السنوات
العشرة الأخيرة من حكمه على وجه الخصوص إزدادت الفجوة باضطراد بين الواقع الفعلى
والخطاب السياسى بشأن تمكين الشباب والسماح لهم بتحسين أوضاع حياتهم، كما فشل
النظام فى تبنى سياسات خاصة بالشباب تكون ملزمة لجميع مؤسسات الدولة، كما لم يتمكن
من التوصل إلى حلول واضحة فى مجالات التعليم والعمالة والتمكين السياسى، وركز
النظام على الأنشطة الرامية إلى ملء وقت الشباب بدلاً من التركيز على إتاحة
الأنشطة السياسية المختلفة لهم بغض النظر عن إنتماءاتهم السياسية والفكرية.
وكنتيجة لتلك
الأوضاع جاء الشباب ليفجر الثورة المصرية 25 يناير 2011 التى انضمت إليها أغلب
القوى السياسية بعد ذلك، مما أكسب الثورة البعد الشعبى لاحقًا وذلك فى محاولة منه
لأن يتمتع بالمكانة التى يستحقها بعيدًا عن محاولات الحجر الذهنى أو الكبت الفكرى
أو الوصاية المفروضة.
وتحتل مصر
المرتبة السادسة عشر بين دول العالم من حيث عدد السكان، وثانى أكبر دولة فى
إفريقيا، وأكبر دولة عربية من حيث السكان، وتعتبر مصر من الدول التى تشهد نمواً
سكانيًا متزايدًا خاصة فى أعداد ونسب شبابها، وإذا لم يتم وضع الاستراتيجية
الكفيلة بتحويل وتهيئة وتمكين هذا النمو ليصبح هبة ديموجرافية للتنمية فى مصر،
ستتحول هذه الهبة إلى نقمة على المجتمع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ خطيرة
كالفقر والعنف والجريمة والإرهاب والهجرة.
وقد وجد
المتخصصون أن خير وسيلة لمناقشة قضايا الشباب هى إشراك الشباب فى تناولها، حيث أن
اشتراك الشباب فى دراسة مشكلاته المختلفة ووضع الخطط وتنفيذها يزيد من إدراكهم
وينمى قدراتهم، ويجعلهم يعتمدون على أنفسهم مستقبلاً، بينما الشباب الذى يُوجَّه
بصفة دائمة، تتوقف قدرته على الفعل، ويبحث غالبًا فى مواقف تالية عن جهات تساعده
فى مواجهة مشكلاته الجديدة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال العمل على تجميع البرامج
والمشروعات المجتمعية التى تسهم فى إشباع إحتياجات الشباب النفسية والإجتماعية
والإقتصادية.
وتتمثل صور
المشاركة المجتمعية فى المشاركة بالمال، مشاركة بالرأى، مشاركة بالعمل، حث الآخرين
على بذل الجهد، حضور الإجتماعات والندوات واللقاءات، وقد تأخذ المشاركة صوراً أخرى
كدراسة مشكلات المجتمع، ووضع خطط لمواجهتها وإتخاذ القرارات وتنفيذ الحلول،
وعمليات التقويم والمتابعة، وغيرها.
وجدير بالذكر
أن الأشكال التقليدية للمشاركة السياسية والمجتمعية للشباب آخذة فى الانخفاض فى
البلدان المتقدمة والنامية التى تحاول أن تصنع مستقبلاً ومساراً جديداً
للديمقراطية فيها، وتتمثل تلك المشاركات فى الإهتمام بتأمين معلوماتهم السياسية
التى يحتاجونها لإتخاذ قراراتهم السياسية المستنيرة وحتى جميع السلوكيات الأخرى فى
الأنشطة السياسية المختلفة، فكثيرة هى الندوات والمؤتمرات التى تناولت قضايا
الشباب بالمناقشة والبحث والتحليل والتعليق.
عديدةٌ هى
الدراسات والمقالات التى حاولت البحث عن إجابات مقنعة لعديد من التساؤلات التى هتمت
بمشاكل الشباب، وقد توصلت تلك الفعاليات إلى مايمكن أن يكون جزءًا مما سعت إليه،
وهو الذى يتمحور حول فهم أفضل لما يطرحه الشباب من أفكار لصالح المجتمع وإدراك
أوضح لإحتياجاتهم الحقيقية، وإتقان الإستماع إليهم والتحدث بلغتهم وتلمس همومهم فى
إطار محدد الأبعاد، ولذلك جاء التفكير فى إنعقاد مؤتمرات وطنية للشباب كخطوة فريدة
من نوعها للتواصل والتحاور بين الشباب من جهة، والمسئولين فى الدولة وكبار
المثقفين والمتخصصين والأكاديميين من جهة أخرى، وجاء ذلك فى إطار الإهتمام بالشباب
ووضعهم فى أولويات أجندة النظام السياسى الحالى فى مصر وعلى رأسه مؤسسة الرئاسة
والقيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي.
إن حرص الرئيس
السيسي على النقاش المشترك مع الشباب حول القضايا التى تشغلهم يُعد تجربةً غير
مسبوقة لم تشهدها مصر من قبل، حيث تم الاهتمام بمختلف قطاعات الشباب من خلال ظهور
شكل وطنى جامع لا يقتصر على تيار سياسى معين، وبالتالى صارت تلك المؤتمرات بمثابة
حلقة وصل مع الشباب المصرى بدون حواجز، وكمنصة فعالة للحوار المباشر بين الدولة
المصرية بمؤسساتها المختلفة والشباب المصرى، ونتيجة لأهمية تلك المؤتمرات، كانت
تغطية فعالياتها المختلفة من أولويات الإعلام وقت انعقادها حتى يُنقل للجماهير
حالة التواصل بين طرفى المعادلة (الشباب والدولة)، فالشباب يطرح آراءه والدولة
بمؤسساتها تقوم بالرد والشرح والتعليق والتنفيذ أيضًا.
وتنافست
الوسائل الإعلامية فى تقديم معالجة إعلامية متميزة لهذا المؤتمرات الشبابية
الفريدة ، ومن أهم تلك الوسائل الصحافة بما تمثله من مصدر رئيس يتلقى منه الجمهور
معلوماته المختلفة، كما أنها من العوامل الرئيسة التى تشارك فى تحديد ملامح
إتجاهات الجمهور وسلوكياته المختلفة، وفي هذا الإطار جاءت الدراسة المهمة التي
أجرتها د. مي مصطفى عبد الرازق مدرس الصحافة بأكاديمية أخبار اليوم لدراسة إتجاهات
الشباب المصرى نحو المعالجة الصحفية للمؤتمرات الوطنية للشباب، وذلك من خلال دراسة
ميدانية على عينة من الشباب المصرى من سن 18-35 سنة قوامها 448 مبحوثًا يمثلون
مستويات التعليم ومستويات الدخل المختلفة.
المؤتمرات
الوطنية للشباب الخاضعة للدراسة
تُعرف
المؤتمرات الوطنية للشباب بأنها ملتقيات دورية للحوار المباشر بين الشباب المصرى
من جهة وممثلين عن الحكومة المصرية ومؤسساتها المختلفة والمتخصصين وقادة الفكر
والثقافة فى المجالات المتنوعة من جهة أخرى تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى،
وهى تلك المؤتمرات التى عُقدت على نطاق محلى فقط فى الفترة ما بين 2016-2017، وهى:
المؤتمر الوطنى الأول بشرم الشيخ والمنعقد فى أكتوبر2016، والمؤتمر الوطنى الثانى
بأسوان والمنعقد فى يناير2017، والمؤتمر الوطنى الثالث بالإسماعيلية فى أبريل
2017، والمؤتمر الوطنى الرابع فى الإسكندرية يوليو2017، وبالتالى تم استبعاد كلٍ
من: المؤتمر الدورى الأول المنعقد فى القاهرة لعدم احتسابه من جانب الدولة
والإعلام بأنه واحد من بين تلك المؤتمرات الرئيسة، بالإضافة إلى عدم تكراره بصورة
شهرية مثلما كان مخططاً له، كما أطلق على هذه المؤتمرات مسميات أخرى مثل: المؤتمر
القومى الأول، منتدى الحوار الوطنى للشباب، الحوار المجتمعى ... وغيرها، كما تم استبعاد
منتدى شباب العالم، وذلك لاتخاذ ذلك المنتدى الصبغة العالمية وعدم اقتصاره على
الجانب المحلى الذى يستهدف البحث دراسته.
نتائج
الدراسة الميدانية
تبين
من الدراسة أن أكثر
من) 90%) من
أفراد العينة يهتمون
بمتابعة الأحداث والفعاليات
المتعلقة بالشباب بشكل
عام سواء بدرجة
متوسطة بنسبة (54.5%)، أو
كبيرة بنسبة (36.6%)، وتمثلت أهم
القضايا التى يتابعها
الشباب المصرى فى القضايا
الاجتماعية والإقتصادية والسياسية،
وهو ما يشير إلى الاهتمام
الكبير لدى الشباب
بمتابعة القضايا الاقتصادية
والإجتماعية التىي تم
تناولها بالمؤتمرات الوطنية
للشباب. وأشار أكثر
من (75%) من
المبحوثين إلى حرصهم
على متابعة فعاليات
تلك المؤتمرات بواسطة
وسائل الإعلام ومنها
الصحافة، وتوزعت تلك
النسبة بين من
تابعوها بدرجة متوسطة فى
المقام الأول، ثم
من تابعوها بدرجة
كبيرة، وتدل هذه
النسبة على مدى إهتمام
الشباب المصرى عينة
الدراسة بمتابعة تلك
المؤتمرات .
وأوضحت الدراسة غلبة الدوافع
الوظيفية أو النفعية على الدوافع
الطقوسية بما يتناسب
مع موضوع الدراسة
حيث بلغ المتوسط الحسابى للدوافع النفعية (4,15)، أما الدوافع الطقوسية فقد
بلغ متوسطها الحسابى (2,95)، وتمثلت أهم
تلك الدوافع لدى
المبحوثين فى:فهم وإستيعاب
مايجرى حولهم من أحداث
وتطورات مهمة وتبنى
آراء أو مواقف
تجاهها، لأنها مؤتمرات
موجهة لهم ولغيرهم
من الشباب لمناقشة
قضاياهم ومشاكلهم، ولمراقبة
أداء الحكومة ومتابعة
أنشطتها الموجهة للشباب بمتوسطات
حسابية(4.50)، (4.11)، (4.04)، على التوالي،
وتتفق هذه النتيجة مع نتائج عديد
من الدراسات، حيث اتضح أنه
من أسباب حرص
الشباب على متابعة
الأحداث والقضايا السياسية،
لتكوين رؤية عامة
عن الوضع فى مصر
والتعرف على القضايا
والأحداث، لتكوين اتجاه
أو رأى نحو
موضوع معين، وللكشف
عن الحقائق.
كما توصلت الدراسة إلى أن (23.7%) من
الشباب المصرى عينة
الدراسة كانوا يتابعون
تلك المؤتمرات بدرجة
ضعيفة، وجاءت أسباب
ذلك – وفقًا لإجاباتهم – لاقتناعهم
بأنه وسيلة دعائية
للدولة والنظام السياسى،
ثم لأنه عديم الفائدة
أو الجدوى لهم،
ولعدم تعبيره بالشكل
الكامل عن متطلبات
وأفكار الشباب، بينما
جاءت أقل الأسباب
تكرارًا فى عدم اهتمامهم
بمتابعة الأحداث ذات
البعد السياسى، وعدم إتاحة
وقت كافٍ لديهم
للمتابعة، وتشير تلك
النتائج إلى حالة
القصدية أو العمدية
لتلك النسبة من الشباب
فيما يتعلق بمتابعتهم
لتلك المؤتمرات بدرجة
ضعيفة، ويمكن اعتبار
هؤلاء بمثابة جمهور محتمل
استهدافه من جانب
الدولة والإعلام ما
دامت لديه الرغبة
للمتابعة، حتى وإن
كانت بنسبة ضعيفة، مع ضرورة الاهتمام
بالابتكار والإبداع فى تناول
المحاور المختلفة بتلك
المؤتمرات، وتلافى سلبياتها
وتعزيز إيجابياتها، كما
أنه يمكن القول
إن تلك النتيجة
تعد منطقية طبقاً للتنوع
والتعدد المتاح فى
المبحوثين كسمات ديموجرافية
ونفسية وإنتماءات فكرية
وجغرافية مختلفة.
وأفاد(46%) من
أفراد العينة بمعرفتهم
بنعقاد تلك المؤتمرات
أثناء انعقادها، وكان
ذلك فى الأغلب
نتيجة اهتمام الإعلام
بها، وبالتالى متابعتها
من جانب المبحوثين،
أما من علموا
بانعقاد تلك المؤتمرات قبل
انعقادها، فجاءوا بنسبة
) (42%)
ويمكن إرجاع ذلك
وفقًا لإجابات المبحوثين لاهتمام البعض منهم
بتلك المؤتمرات وبمتابعة توقيتات
إجرائها،ونتيجة للتعرض للتغطية
الإعلامية التى تمهد
لوقوعها بالصدفة أو
عن عمد.
وتمثلت أهم طرق
معرفة المبحوثين لإنعقاد
تلك المؤتمرات فى
التليفزيون بالمرتبة الأولى،
ويرجع ذلك إلى
كثافة اهتمام القنوات
التليفزيونية بعرض تنويهات
عن تلك المؤتمرات قبل
وأثناء انعقادها، وتمثلت الطرق الأخرى فى إقامة أو
تواجد المبحوث بالمحافظة
محل انعقاد المؤتمر،
وملاحظة الإستعدادات الأمنية
ولافتات الترحيب بقدوم
الرئيس والحرص على
تجميل المدينة، وأيضاً
بحكم المهنة بالنسبة
لأفراد العينة ممن
يعملون فى مجال
الإعلام، وهناك من يعلم بانعقادها
من خلال التواصل مع بعض
أعضاء المبادرات الشبابية،
علاوة على المشاركين في البرنامج الرئاسي للرئاسة Presidential
Leadership Program (PLP) من الشباب.
مدى
اهتمام الشباب بالمؤتمرات الوطنية للشباب
أوضحت
الدراسة أن المؤتمر الوطنى الأول للشباب
بشرم الشيخ هو
الأكثر إقبالاً من
جانب الشباب للمتابعة
يليه مؤتمر أسوان،
ويمكن تفسير ذلك
بأن مؤتمر شرم
الشيخ هو المؤتمر
الأول فهو حدث
فريد من نوعه،
شمل عددًا كبيرًا من
النخبة فى عديد
من المجالات، وكانت محاوره
هى الأكثر ثراءً،
أما مؤتمر أسوان
فكان بمثابة إمتداد
لما سبقه، وجاء
ليحتوى على عدة عناصر
جديدة كالاهتمام ببعض
النواحى الإنسانية الخاصة
بالرئيس، واستجابة الرئيس للشاب الذى
تحدث عن مصرف
"كيما" بتفقدالرئيس
بنفسه المكان ومتابعة
المشكلة، وتناوله للمشاكل
والقضايا التى تخص
صعيد مصر، ثم
جاء مؤتمر الإسكندرية على
الرغم من كونه
المؤتمر الرابع أى من بعد
انعقاد مؤتمر الإسماعيلية، ويمكن
تفسير ذلك أنه
من بعد مؤتمر
أسوان شابت تلك
المؤتمرات بعضًا من النمطية
والتكرار فى أسلوب
انعقادها، وفى المعالجة
الإعلامية لها، كما أن
محافظة الإسكندرية تحتل
اهتمامًا إعلاميًا لأخبارها يقارب
الإهتمام الإعلامى بالعاصمة،
وتتفق هذه النتيجة مع
حجم التغطية الصحفية
للمؤتمرات، فالدراسة أثبتت
أن الصحافة اهتمت بهذه
المؤتمرات مثلما تم
ترتيبها بالدراسة الميدانية،
ويشير ذلك إلى
وجود درجة عالية
من الإتفاق بين رؤية
الإعلام بشكل عام،
والصحافة بشكل خاص
لهذه المؤتمرات من
جهة، والشباب المصرى
عينة الدراسة من
جهة أخرى .
وأشار
أكثر من نصف
العينة(54.5%) إلى متابعتهم لأغلب
فعاليات المؤتمرات الوطنية
للشباب، كما أن
حوالى ثلث أفراد
العينة(31.9%) تابعوا الفعاليات
جميعها، وتتوافق هذه
النتيجة مع النتائج
الواردة فى جدول رقم (4)،
كما أنها تدل
على إهتمام المبحوثين
بمتابعة هذا الحدث .وتصَّدر
الإنترنت مصادر متابعة فعاليات هذه المؤتمرات
تلاها بفارق بسيط
التليفزيون والقنوات الفضائية
ثم الصحافة المطبوعة
بمتوسطات حسابية(4.49%)، (4.41%)، (3.09%)
على التوالى، وتتوافق
هذه النتيجة مع
النتائج التى أشارت
إليها عديد من
الدراسات السابقة الواردة
بالبحث من اعتماد
الشباب على الإنترنت
سواء مواقع التواصل
الإجتماعى أو القنوات
الفضائية كمصدر إخبارى، وإن
أكدت بعض الدراسات
إرتفاع درجة عدم
الثقة الكاملة فيه،
وجاءت الصحافة الورقية فى
مرتبة وسطى حيث
تفوقت فى نسبة
اعتماد الشباب عليها
بالمقارنة بالراديو والاتصال الشخصى،
وهو ما يؤكد
محاولاتها فى الإبقاء
على مكانتها لدى
جمهورها.
الصورة
الإعلامية للرئيس في المؤتمرات الوطنية للشباب
أشارت
النسبة الأكبر من
المبحوثين إلى اهتمام
الإعلام عامةً بشخص
الرئيس وتقديمه كشخصية
بارزة حيث الاهتمام
بالجلسات التى يشارك
فيها، وما يطرحه
من رؤى، وما
يذكره من تعقيبات،
وتوافقت تلك النتيجة
مع ماتوصلت إليه الدراسة
حيث بروز إطار
الإشادة بالرئيس وبدوره، والتركيز
على سماته الإيجابية
سواءً الشخصية أو
العملية، بالإضافة
إلى بروز ما
يدلى به من
تصريحات عند تناول
الأطر الأخرى كالتواصل،
المؤامرة، التحديات، المسئولية
وغيرها، ويمكن تفسير ذلك
فى ضوء اهتمام
الإعلام فى دول
العالم الثالث بتدعيم
السلطة ومن يترأسها
بصورة كبيرة، بالإضافة
إلى الإعجاب بمشاركة
الرئيس فى تلك
الفعاليات بل ومتابعته
لها رغم كثرة
أعبائه، كما أن
وقوع مثل تلك
المؤتمرات يعد نجاحاً
يُحسب له ولحكومته
خاصة وزارة الشباب
والرياضة .
وأشارت
الدراسة إلى أن نسبة (56.4%) إلى
نجاح المؤتمرات فى
نقل واقع الشباب
بقضاياه ومشاكله الحياتيه
بدرجة متوسطة وبنسبة(31%)، وبدرجة كبيرة
بنسبة(25.4%)، وتمثلت أهم
عوامل النجاح أنه
حدث جديد موجه
للشباب، شرح بعض الأمور
للشعب المصرى وإزالة
الغموض عنها، مشاركة
الشباب بصورة رئيسة
فيه سواءً فى
التنظيم أو الإدارة
أو المناقشة، بينما
مَن أشاروا إلى
نجاح هذه المؤتمرات
فى تحقيق أهدافها
تجاه الشباب ولكن
بدرجة ضعيفة، فجاءت
أهم أسباب ذلك
فى محاولات سيطرة الكبار
على الحوار، تناول
بعض القضايا التى
لها علاقة بالمجتمع
ككل وليست المقتصرة
على الشباب فقط،
المطالبة بالتركيز على
القضايا الإجتماعية والإقتصادية
ذات الصلة المباشرة
بالشباب، وذلك وفقاً لردود المبحوثين.
وأوضحت
نتائج الدراسة حرص المبحوثين
على تعرضهم لأكثر
من وسيلة سواءً
من خلال التعرض للصحافة فقط
كوسيلة إعلامية ولكن
مع القيام بقراءة
صحف مختلفة وذلك
بنسبة(22.5%) أو من
خلال الجمع بين
متابعة الصحف ووسائل
إعلامية أخرى بنسبة(63.4%)،
وتؤكد هذه النتيجة
إدراك المبحوثين لحالة
التكامل بين الوسائل
الإعلامية بالإضافة للتنافس
بينها لتقديم خدمات
إخبارية متميزة، كما تدل
هذة النتيجة على
الإهتمام الكبير لدى
المبحوثين بمتابعة وقائع
تلك المؤتمرات فى
أكثر من مصدر
إعلامى.
التأثيرات
الناتجة عن المتابعة الإعلامية للمؤتمرات الوطنية للشباب
تصدرت
التأثيرات المعرفية قائمة
التأثيرات بالنسبة للمبحوثين،
حيث ساهمت هذه
المؤتمرات فى تكوين
وجهات نظرهم وآرائهم
تجاه القضايا المثارة
بها، وإشترك المبحوثين مع
أصدقائهم المقربين فى ذلك
التأثير حيث جاء
فى المرتبة الأولى
لديهم، حيث أدت
تلك المؤتمرات إلى
تقديم التفسيرات والتحليلات
المختلفة التى تساهم
فى زيادة الفهم
والوعى لأبعاد القضايا
المثارة، كما أدت
إلى تنمية المعارف
والمعلومات فى القضايا
محل النقاش حيث
تعد التأثيرات المعرفية
لوسائل الإعلام من
أهم تأثيرات الإعلام
فى مجال تكوين
الإتجاهات والآراء، ثم
تأتى التأثيرات السلوكية
فى المرتبة الأخيرة،
ويسلط ذلك الضوء
على اقتصار تأثير
وسائل الإعلام على
المعارف والاتجاهات، فى
حين يضعف تأثيرها
على مستوى السلوكيات
السياسية بالنسبة للمواطن
المصرى، إلا أن الدراسة الحالية قد أثبتت العكس فيما يتعلق بالتأثيرات
السلوكية حيث جاءت فى المرتبة الثانية بمتوسط حسابى (2,08)، ثم التأثيرات العاطفبة
بمتوسط حسابى (1,98)، أما التأثيرات المعرفية فجاءت فى المرتبة الأولى بمتوسط
حسابى (2,177).
واتفق
إلى حد كبير
كلاً من الأصدقاء
المقربين والآخرين من الشباب
فى بروز التأثير
العاطفى كإثارة الغضب
وزيادة الشعور بالإحباط
والعجز والقلق تجاه
بعض المخاطر والمشاكل،
كما إتفقوا فى
إحتلال التأثير السلوكى
المرتبة الثالثة لكليهما
والمتمثل فى زيادة
الإقبال على المشاركة
فى نقاشات ذات
طابع سياسى مع
الآخرين إعتماداً على
ماتم متابعته من
أخبار، فقد يعيش
الإنسان فى هذه
الحياة ويتعامل مع
أحداثها ومستجداتها من
خلال التفكير العقلى
القائم على المنطق
والدليل والاستنتاج بجانب
المشاعر والأحاسيس التى
تحركها العاطفة والميول
والرغبات، وهذه العواطف
ملازمة للإنسان وقد
تتغلب أحيانًا على
أحكام العقل والمنطق
نتيجة فشل الفرد
فى التحكم فيها
مما يبتعد به
السلوك القويم.
وأفاد(37.5%)
أن متابعتهم لتلك
المؤتمرات من خلال
الإعلام قد ولدَّت
لديهم تأثيرات إيجابية
وسلبية على حد
سواء، ثم أفاد(23.7%)
أن للإعلام تأثيرات
سلبية فى المجمل،
وتمثلت أهم التأثيرات
الإيجابية فى اهتمام
الإعلام عامة والصحافة
بشكل خاص بإبراز
الوجوه الشابة سواء
التى حققت إنجازات
فتم تكريمها، أو التى
شاركت بفعالية فى مناقشاته،
التغطية الشاملة لفعاليات
المؤتمرات، إبراز حالة
التواصل بين الشباب
من جهة، والرئيس
والحكومة والمسئولين من
جهة أخرى، وذلك
وفقاً لردود المبحوثين .
أما
التأثيرات السلبية فتمثلت فى
التغطية المتحيزة للإعلام
لتلك المؤتمرات، عدم
متابعة الإعلام للتوصيات والقرارات
الناتجة عن تلك
المؤتمرات، تكرار نفس
الأفكار بين أغلب
كُتَّاب المقالات ثم
النمطية فى المعالجة
بشكل عام مع
تكرار تلك المؤتمرات،
التغطية الموسمية لهذه
الأحداث وقت وقوعها مع
ضعف تسليط الأضواء على الأحداث الأخرى ذات الصلة بالشباب، وهنا
ينبغى على الإعلام
مراجعة أوراقه حتى
يتمكن من سد
إحتياجات جماهيره المختلفة
وخاصة الشباب منهم.
القضايا
التي يهتم الشباب بمتابعتها
جاءت
القضايا الإقتصادية فى
مقدمة الاهتمامات لدى
المبحوثين وذلك على
كل المستويات) أنفسهم،
الأصدقاء الأقرب، والآخرين (وتمثلت
تلك القضايا وفقاً
لإجاباتهم فى تدنى
الأجور، البطالة، زيادة
نسبة الفقر، أزمة
الغلاء ومحدودية الموارد،
التحديات التى تواجه
الأستثمار، وأزمه سعر
الصرف...وغيرها، وأكد
المبحوثين أهمية تلك
القضايا لديهم وبأن
لها تأثيراتها النفسية
السلبية لديهم كالإحباط
والإحساس بالظلم واليأس
و السخط والهياج
الإجتماعى والهامشية وأن
الشهادات التى حصلوا
عليها قد ذهبت
أدراج الرياح، حيث تتركز
بطالة الشباب فى
معظمها بين المتعلمين
نتيجة لعجز الإقتصاد
على خلق فرص
عمل جديدة كافيه
لكى توائم الزيادة
السنوية فى قوة
العمل والتى تشكل
فى معظمها الشباب
الذين يدخلون إلى
سوق العمل لأول
مرة، وهذا يعزى
إلى نقص الإتساق
بين مخرجات النظام
التعليمى والحاجات، ومتطلبات
سوق العمل فى
ضوء التخصصات المتنوعة
والمهارات المطلوبة.
يحتل موضوع
تشغيل الشباب أولويه فى أجندة السياسات فى مصر، وينعكس هذا فى تعدد وتنوع الجهات
المعنية فى هذا المجال، كما يتم تقديم برامج سوق العمل النشطه فى مصر من قبل
مجموعة كبيرة ومتنوعة من الجهات الرسمية وغير الرسمية إلا أن تلك السياسات مقيدة
بعناصر نظام الرعاية الإجتماعية، بالدولة، ويتصف الكثير منها بالقدم وعدم
الإستدامة وغياب المتابعة والتقييم.
فعلى الرغم
من النتائج الإقتصادية الإيجابية العامة خلال العقدين الماضيين، إلا أن مصر لا
تزال تعانى من نقص فى فرص العمل للفئات الأصغر سناً تأثراً بعدة عوامل مثل: وجود
تغيير فى تشكيل التركيبة السكانية المصرية بزيادة أعداد الشباب، زيادة التحصيل
العلمى للفئات الأصغر سناً، تقلص الفرص بالقطاع العام فى مقابل زيادة فرص العمل
غير الرسمىى ذى اللوائح الصارمة، إرتباط الإلتحاق بالوظائف بالشبكات الأسرية
والعلاقات الإجتماعية، نقص المهارات اللازمه لمزاولة كثير من الأعمال نتيجة عدم
الربط بين التعليم وإحتياجات سوق العمل، مشاركة النساء فى سوق العمل.
ثم
جاءت القضايا الإجتماعية،
وتمثلت أهم القضايا
الإجتماعيهةوفقاً لردود الشباب فى الإنفجار
السكانى، قضايا الأسرة
والزواج، أطفال الشوارع،
الهجرة، التحرش الجنسى،
الإدمان، فقدان الإنتماء
والولاء للوطن، العنف...وغيرها، وهى
القضايا التى تشير
إليها التقارير والدراسات
وحقوق الإنسان بالإضافة
إلى قضايا المرأة
بإعتبارها أهم القضايا
الإجتماعية .
وفى
الترتيب الثالث لديهم
جاءت القضايا الصحية
التى هى فى
الترتيب الثانى لدى
الآخرين وكان أبرزها لدى
المبحوثين انتشار الأمراض، نقص الدواء، وزياده
سعره، تردى أوضاع المستشفيات، تجارة
وسرقة الأعضاء، والعلاج
على نفقة الدولة.
وجاءت
القضايا الأمنية فى
الترتيب الثالث من
حيث الأهمية لدى
المبحوثين فيما يتعلق
بآرائهم نحو الآخرين
، فلم يعد
الأمن القومى مقتصرًا على
النواحى العسكرية والأمنية،
بل تطور ليشمل
حياة المجتمع في مختلف
المجالات.
ومن
أهم القضايا الأمنية
التى أشار إليها
المبحوثون محاربة الإرهاب،
وحالات الشباب المحبوسين،
وعلى رأس تلك القضايا
قضية سد النهضة حيث أن إرتباط
مسألة المياه بالأمن
القومى قد فرض
خصوصية على عملية
صنع وتنفيذ السياسة
المصرية تجاه دول
حوض النيل ،
إلا أنها لم
تستغل على النحو
الأمثل مع دول
حوض النيل بشكل
خاص والدول الإفريقية
بشكل عام، وبالتالى هناك
ضرورة لإعادة النظر
فى سياسة مصر
الخارجية تجاه إفريقيا
وقيام مصر بدور
فعال فى تحقيق
الإستقرار السياسى والإقتصادى
فى دول حوض
النيل حتى تتصدى
لأى تدخلات خارجية
تسعى لتهميش الدور
الإقليمى المصرى فى
إفريقيا.
ويعتقد(73.5%)
من المبحوثين أن
تناول المشاكل التى
يعانى منها المجتمع
المصرى بتلك المؤتمرات
قد يحدث نوعاً
من الضغط على
المسئولين فى متابعتها
أو الإسراع في
حلها "خاصة عند
مناقشتها أثناء وجود
الرئيس" وجاءت هذه النسبة
مقسمة إلى(52.5%) إلى
حد ما، و(21%)
إلى حد كبير،
وهى نتيجة تعكس
نجاح تلك المؤتمرات
فى تناول المشاكل
قولاً وفعلاً لا
قولاً فقط، وتناسبت
هذه النتيجة مع
ماتوصلت إليه الدراسة
من إرتفاع نسبة
إطار المسئولية سواء
عن المشكلة أو
الحل لها .
آراء
المبحوثين في سمات الشباب المشارك
تمثلت
العبارة الأكثر اتفاقًا
بين الشباب المصرى
عينة الدراسة فى
أن الشباب المشارك
فى تلك المؤتمرات
منهم من يشبه
المبحوثين فى آرائهم،
طموحاتهم، والعبارة الأقل
اتفاقًا فى أن
الشباب المصرى معبر
عن أطياف وتيارات
الشباب المصرى جميعًا أو
أغلبها مما يشير
إلى أن المبحوثين
يرون أن قطاعات
من الشباب كانت
غائبة عن المشهد،
بالرغم من توجيه
الدعوة للبعض منهم
كبعض أعضاء وحركات
المعارضة، إلا أنهم
أشاروا إلى غياب
شباب الفلاحين، والحرفيين،
وأبناء الطبقات الكادحة،
ومن يعانون من
اليأس والإحباط، وذلك
وفقاً لردود المبحوثين، بالإضافة إلى من
أقدموا على الهجرة
الشرعية وغير الشرعية
والعاطلين منهم، وهذا
ما أشارت إليه
أيضاً بعض المقالات
الصحفية التي أشارت إليها
الدراسة.
وقد برز بعد
ثورة يونيو 2013 ما يسمى
بتقويض التماسك الإجتماعى
بسبب عمليات إعادة
الإستقطاب فى المجتمع
المصرى، وهذا ما فطنت
الدولة إلى مدى
خطورته، ولهذا جاءت
فكرة الحوار للتوافق
والتواصل، وبالتالى وجهت
رئاسة الجمهورية الدعوة
لمختلف ألوان الطيف
السياسى والفكرى للمشاركة
فى المؤتمر الوطنى
الأول للشباب، ولم
تستثنى أحدًا من الذين
يؤمنون بالحوار كأداة
لحل الخلافات والوصول
إلى توافقات من
الدعوة وشارك الجميع
عدا أحزاب وقوى
سياسية صغيرة بعضها
له مقاعد فى البرلمان
(مثل حزب الكرامة
والحزب المصرى الديمقراطى
الإجتماعى وبعضها لا
مقاعد له (مثل
التيار الشعبى فقد
رفضوا تلبية دعوة
رئاسة الجمهورية، وحرموا
شبابهم من المشاركة
فى حوار وطنى
غير مسبوق تصدره
الشباب وشارك فيه
رئيس الجمهورية، وقد
شارك بعض الشباب ممن
قاطعت قياداتهم المؤتمرات،
شاركوا فيها وساهموا
فى مختلف المناقشات،
وذلك يعد إنجازًا لهذه
المؤتمرات وهو خروج
شباب وطنى واعد
من دائرة المقاطعة
والخصومة مع النظام
إلى دائرة الاشتباك
الإيجابى مع الأفكار
المطروحة والسجال مع
شباب الأحزاب والقوى
السياسية الأخرى.
كما
أن بعض الأسباب
التى تدفع البعض
للمشاركة ويعجز كالعادة
عن فهمها بعض
المعارضين فيحولون غضبهم
على المشاركين معتبرين
إياهم فئة واحدة
دون تمييز، بالإضافة
إلى الباحثين عن
مكان دائمًا أبدًا تحت
الأضواء.
وتمثلت
أهم تلك الأسباب
فى الرغبة فى
إصلاح بعض الأمور
فى المجتمع، للخوض
فى تلك التجربة
الفريدة من نوعها
والتعرف عليها ،
الإيمان بأهمية هذه
المؤتمرات فى تحقيق
الصالح العام للشباب
بنسب(34.6%)، (29%)، (24.8%) على التوالى،
ويدل ذلك على
شعور الشباب المصرى
بالإنتماء للوطن ومحاولة
القضاء على السلبيات
التى تشوبه، بالإضافة
إلى إدراكهم لأهمية
هذه المؤتمرات وتميزها .
وأشار(38.6%)
من المبحوثين عن
عدم مشاركتهم بتلك
المؤتمرات وعدم إمتلاكهم
الرغبة فى ذلك،
وتمثلت أهم أسباب
عزوفهم عن المشاركة
فى :وجود فجوة
بين ما يقال
فى تلك المؤتمرات
والواقع، الشعور بأن
هذه المؤتمرات غير
مؤثرة، عدم الثقة
فى نتائج تلك
المؤتمرات بقولهم بعدم
تفعيل جميع توصيات
وقرارات تلك المؤتمرات،
ثم للإنشغال بمشاكل
ومتطلبات الحياة اليومية،
وذلك بنسب(28.8%)، (25.4%)، (23%)، (20.8%)
على التوالى .
وتمثلت أهم أسباب متابعة المبحوثين لمزيد من المؤتمرات فى: لأكون على دراية بأهم مستجدات الأمور،