المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

المِثلية الجنسية: مرض وانحراف أم حق من حقوق الإنسان؟

الأربعاء 18/أكتوبر/2017 - 04:26 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. أحمد موسى بدوي

منذ عدة أسابيع، رفع بعض الشباب شعارات وأعلام المثليين جنسياً في إطار حفل غنائي تم الترويج له على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين والمجتمع بكافة فئاته منشغل بهذه الممارسة الجديدة على الساحة. وجاء الانشغال بين كثرة معارضة مستهجنة تستند إلى الدليل الديني ومركزه النص المقدس، وقلة مؤيدة تأييداً مباشراً أو غير مباشر تستند إلى الدليل الحقوقي ومركزه قيم الحرية والمساواة.

فهل الممارسات المثلية الجنسية، ظاهرة مستجدة على المجتمعات العربية، أم كانت محدودة النطاق سرية الطابع وجاء الحدث إطلاقاً للظاهرة من محبس المسكوت عنه؟ وهل تمثل الممارسة الجنسية المثلية انتهاكاً لحقوق الانسان أم العكس، هل تمثل تكريساً للمرض النفس اجتماعي أو النفس عضوي، أم أنها تمثل انحرافاً سلوكياً يخالف الأعراف والقوانين؟ وسنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة بالتركيز على تحليل ونقد مغالطة اخراج هذه الممارسة من دائرة المرض أو الانحراف، ومغالطة إدراجها ضمن دائرة حق الانسان في الحرية والمساواة ولن يستند المقال إلى حجية الدليل الديني رغم إيمان الكاتب بهذه الحجية.

التحول من مفهوم الشذوذ إلى المثلية

بداية، نود أن ننطلق من تعريف للشذوذ أو المثلية الجنسية، بأنه إشباع شخص لغريزته الجنسية من خلال الانجذاب النفسي والعاطفي  نحو شخص من نفس نوعه، يمكن أن يتطور إلى درجة الاتصال والعلاقات الجنسية الكاملة، شريطة أن تتسم هذه العلاقات بالاستمرار. 

هذه الظاهرة كما تشير الدراسات وثيقة الصلة، ظاهرة قديمة قدم المجتمعات، ولكنها ظلت على الدوام محدودة النطاق سرية الطابع، تظهر بين العامة والمهمشين بقدر ما تظهر بين الفلاسفة والأدباء والفنانين والمفكرين ورجال الحكم والنبلاء وبعض رجال الدين. وتؤكد هذه الدراسات على أن هذه الممارسة ظلت فعلا آثماً من الناحية الدينية ومجرماً من الناحية العرفية والقانونية. تشيع وتنتشر في فترات الضعف والتحولات الكبيرة التي تصيب المجتمعات الانسانية منذ أقدم العصور. ولن نستطرد كثيراً في الجانب التاريخي، حتى نستطيع أن إلقاء الضوء على اللحظة الراهنة. 

ظل مفهوم الشذوذ الجنسي هو المفهوم المتداول لدي غالبية المجتمعات الانسانية، لوصف الأفعال الجنسية الغريبة عن الطبيعة الانسانية والتي يقوم به أفراد مخالفين للأوامر والنواهي الدينية، ومنتهكين للعادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع. ومن الملفت أن المجتمعات اتفقت على هذا المعنى للشذوذ سواء كانت مجتمعات تدين بديانات سماوية أو وضعية، وسواء كانت مجتمعات حضرية أو زراعية أو صحراوية. فالجميع حتى وقت قريب يعتبر المغايرة الجنسية هي العلاقة الجنسية الوحيدة المقبولة اجتماعياً، وأن العلاقات الجنسية الشرعية أو القانونية هي القائمة على الزواج بين رجل وامرأة.

كانت بداية التحول من مفهوم الشذوذ إلى مفهوم المثلية الجنسية في عام 1967 حين أجرت بريطانيا تعديلاً في قوانينها، يسمح بممارسة العلاقات الجنسية المثلية، ولا يعتبرها شذوذاً أو فعلاً إجرامياً ما دامت تقوم بين طرفين راشدين، بالغين، ومتفقين على ممارسة هذا الفعل. وفي العام التالي مباشرة، انعقد أول اجتماع علني لحركة المثليين في الولايات المتحدة الأمريكية في فندق ستون وول فى نيويورك، وأعقب هذا الاجتماع اندلاع أعمال شغب استمرت ثلاثة أيام متواصلة، نادى فيها الشواذ بسقوط الرجعية الجنسية.

بعد تعديل القانون البريطاني، والإعلان عن الحركة في أمريكا تزايدت قوة ضغط الجماعات المثلية في مناطق مختلفة من العالم الغربي، فاكتسبت حركة المثليين أرضاً في كل من اسكتلندا، وشمال إيرلندا، وكندا، ونيوزلندا، وأكثر من نصف الولايات المتحدة الأمريكية، وقائمة الدول المعترفة بحركات المثليين في ارتفاع مستمر. في حين أن بعض الدول كالنرويج، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، كندا، وبعض الولايات الأمريكية، أخذت الخطوة الأكبر بمنح حق توثيق الزواج بين المثليين.

التوطين الاجتماعي للظاهرة

من المعلوم للقارئ أن المجتمعات الأوربية شهدت العديد من التحولات منذ القرن السادس عشر، وبدخولها مرحلة الحداثة وما بعدها، بدأت هذه التحولات تصيب كيان الأسرة الغربية، فتغير مفهوم الزواج ومفهوم العلاقات الجنسية، البعض يؤرخ لهذا التحول، باندلاع ثورة الشباب الأوروبي في نهاية الستينيات من القرن الماضي، معتبراً إياها الشرارة التي أطلقت الأفعال والممارسات الجنسية المسكوت عنها، فأصبحت هذه الأفعال بعد التاريخ المذكور أفعالاً اجتماعية مقبولة بقوة الأمر الواقع. وفيما يتعلق بالعلاقات الجنسية المثلية أسهمت هذه التحولات فيما يلي:

(1) خروج الفعل الجنسي الشاذ من دائرة العقاب القانوني:

يذهب أنتوني جيدنز عالم الاجتماع البريطاني إلى أن نشأة الظواهر الجديدة المتعلقة بالأسرة  في المجتمعات الغربية ارتبطت بنمو الهوية الذاتية أو الفردية، وتكريسها كأسلوب حياة في المجتمعات الغربية، وصار من حق الفرد ممارسة الحب الخالص pure love، دون الالتزام بالقواعد الاجتماعية التي تنظم العلاقات الجنسية، الأمر الذي يجعل من العلاقات الحميمة عملية اشباع ذاتي، واتفاق حر بين طرفي هذه الممارسة. وبناء على ذلك يمكن تفسير الممارسات الجنسية المثلية، وغيرها من أشكال العلاقات الجنسية غير الزواجية.

إن تسويغ علاقات المغايرة الجنسية غير الزواجية، أو علاقات المثلية الجنسية على أساس الحرية والمساواة واحترام الحقوق الفردية والهوية الذاتية، ينطوي على مغالطة كبيرة، فكل الحقوق والقيم الإنسانية لا بد أن تصب في حق الحقوق، أو الحق المركزي وهو البقاء وحفظ النوع. وهذه العلاقات الجنسية الجديدة سواء غير الزواجية التي تقوم بين الرجل والمرأة، أو العلاقات الجنسية المثلية التي تقوم بين الرجل والرجل أو المرأة والمرأة ، تنفي حق الانسان في البقاء، ويترتب على هذه العلاقات في المدى الطويل فناء الجنس البشري، فالزواج المثلي من الناحية البيولوجية، والعلاقات الجنسية غير الزواجية الدائمة التي لا يترتب عليها انجاب. جميعها علاقات تتناقض مع الحق المركزي في ضمان الأمن الوجودي للبشر، وتعتبر انتحاراً رمزياً لفاعلين مكبلين بقيود الحياة الفردية التي روجت لها الرأسمالية المتوحشة.

وحتى لا يكون الكلام مرسلاً في هذه النقطة المهمة، فإن القارئ المتابع لمعدلات النمو السكاني في أوروبا يكتشف أنها تعاني الآن من فقر سكاني نتيجة هذه العلاقات الجنسية، وبعض هذه الدول يواجه الآن عجزاً سنويا في النمو السكاني، ما يعني أنها على المدى الطويل إذا لم تغير من أوضاعها، يمكن أن تتحول إلى تجمعات سكانية صغيرة لا حول لها ولا قوة. وتشير بعض التقديرات الديموجرافية إلى أن عدد السكان في أوروبا سنة 2050 سوف يقل بمقدار50 مليون نسمة عن عدد السكان الحالي، وأن التركيبة السكانية الأوربية سوف تصاب بالشيخوخة. ولولا وجود جاليات وافدة على أوروبا من بقاع العالم وخاصة العربي والاسلامي، لأصبحت الظاهرة الديموجرافية الأوربية مشكلة خطيرة من سنوات خلت.

ولأن معظم الدول الأوروبية لا ترغب حاليا في استقبال لاجئين جدد بعد انتشار ظواهر الإرهاب العابر للقارات، فإنها تعمل الآن على تشجيع مواطنيها على الزواج والانجاب، وتمنح مميزات اقتصادية عديدة للأسر المنجبة. نستخلص من ذلك قاعدة مهمة وهي أن الحق في البقاء والحفاظ على النوع البشري، يسمو ويعلو فوق أي حق آخر من الحقوق، وخلاف هذه القاعدة هو من قبيل المغالطات.

 (2) خروج المثلية الجنسية من دائرة المرض النفسي:

قبل السبعينيات أو بالأحرى قبل تغيير القوانين في بريطانيا عام 1967، كانت كافة الدوائر العلمية والطبية في الغرب تعتبر الشذوذ الجنسي مرض نفسي – اجتماعي أو نفس- عضوي. ثم حدث تحول حاسم عام 1973 حين ألغت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين تصنيف المثلية الجنسية كاضطراب نفسي. وتبعهم في ذلك مجلس ممثلي جمعية علم النفس الأمريكية عام 1975. ثم حدث جدل عالمي كبير حول هذا التحول انتهى لصالح الرؤية العلمية الغربية، فترتب على ذلك أن ألغت مؤسسات الصحة النفسية الكبرى حول العالم تصنيف المثلية كاضطراب نفسي بما في ذلك منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عام 1990.

وبطبيعة الحال هناك طائفة كبيرة من علماء النفس والأطباء النفسيين الغربيين لا يتفقون مع وجهة نظر هذه الجمعيات والمنظمات، ويتساءل هؤلاء كيف يمكن اعتبار هذه الممارسة غير مرضية، والبحوث الميدانية تشير إلى أن الغالبية العظمى من المثليين تعرضوا في بداية حياتهم لانتهاكات جنسية. ويذهب هؤلاء الأطباء إلى أن الأطفال بعد سن السادسة حين يتعرضون لهذه الانتهاكات، يصابون بإضرابات نفسية أكيدة، كما أن الكبار الذين قاموا بفعل الانتهاك الجنسي، هم في الأساس يعانون من هذه الاضطرابات.

        وكرد فعل على هذا التيار العلمي المعارض، ظهرت بعض الدراسات التي تثبت دور العوامل الوراثية في توجيه الميول الجنسية. وهي دراسات تذكرنا بنظرية الإجرام لدى الطبيب الإيطالي سيزار لومبروزو في نهاية القرن التاسع عشر، والذي انطلق فيها من فروض خاطئة تزعم أن سمات الوجه والجسم تحدد ميول الإنسان الاجرامية، على معنى حتمية وجود ميول اجرامية لدى بعض الجماعات العرقية دون غيرها. وبالمثل تحاول الدراسات الحديثة عن المثلية اثبات وجود عوامل وراثية تعمل على توجيه الميول الجنسية، إما نحو المغايرة الجنسية (انجذاب الرجل للمرأة أو العكس)، أو نحو المماثلة الجنسية (انجذاب الرجل للرجل والمرأة للمرأة). أي أن هذه النظريات تعفي الانسان المثلي من الإحساس بالذنب طالما أن ميوله الشاذة ناتجة عن عوامل وراثية لا دخل له فيها.

ولا يمكن الاستسلام لهذه النظريات، فمثلما أظهر البحث العلمي تهافت نظرية الإجرام بالوراثة لدى لومبروزو، بعد إثبات أن الميل لارتكاب الجريمة يكتسب من خلال البيئة الاجتماعية والثقافية ويرتبط بالظروف السياسية والاقتصادية. فإن النظريات التي تربط المثلية الجنسية بالعوامل الوراثية سوف تتهافت بنفس الطريقة، كيف ذلك؟

الأصل في العلاقات الجنسية بأنواعها، هو إشباع الغريزة الجنسية، ولا تتم هذه العلاقة إلا في وجود شرطين: دوافع داخلية للقيام بالممارسة، وبواعث من البيئة الخارجية لإتمام هذه العلاقة. وقد فطر الإنسان منذ ولادته على الاحساس باللذة حين يتم اشباع غريزته الجنسية، أي أن جميع البشر يشتركون في الدافع الجنسي الداخلي، بينما الاختلاف يكون في طبيعة ونوع الباعث الخارجي، وهو أمر يرتبط بالبيئة الاجتماعية التي يتربى فيها الطفل. هذه البيئة تكسب الطفل قواعد اشباع هذه الغريزة وتدربه على طرق التحكم فيها.

لكن في بعض الأحيان، تتدخل أطراف في محيط الطفل، فتنتهك براءته وتقدم له أهدافاً وبواعث جنسية غير سوية، والطفل بطبيعة الحال، لا يميز ولا يدرك إن كانت هذه البواعث سوية أو غير سوية. ومع تكرار البواعث غير السوية التي يتعرض لها الطفل تتولد لديه ميول جنسية غير طبيعية. المهم هنا أن يتأكد القارئ أن هذه المحيط الاجتماعي هو المسئول عن تنمية الميول الجنسية غير الطبيعية, ولا علاقة للعوامل الوراثية بهذا التغير.  

حقوق الانسان المثلي

الممارسون للعلاقات المثلية المستمرة والمتكررة نوعان: الأول أشخاص يشعرون دائماً بالذنب، ويسكنهم إحساس بكراهية الذات، ومشاعر بتعذيب الذات تبلغ حد احتقار النفس وهذا النوع لديه رغبة دائماً فى العلاج، وله حقوق لا بد من أن يضمنها المجتمع، في العلاج وحفظ الكرامة الانسانية وإعادته إلى الحياة الاجتماعية السوية مرة أخرى.

أما النوع الثاني فهم أشخاص يعتبرون الممارسة المثلية من الحتميات المرغوب فيها، وأن الاستمتاع بالمثلية الجنسية مساو للاستمتاع بالمغايرة الجنسية، ولكل انسان مطلق الحرية في الاختيار بين الطريقين. هذا النوع من المثليين لا يشترط أن يكون قد تعرض للانتهاك الجنسي في طفولته، فربما يكون السبب في العالم الافتراضي بما فيه من مواد إباحية محفزة للدوافع الجنسية غير السوية، أو انتشار مجموعات المثليين داخل وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى جماعة الأقران البالغين. وهذه الفئة تحاول الانتظام داخل حركة ضغط، بالتشبيك مع حركات المثليين في العالم، والارتباط بالمنظمات الدولية المهتمة بحقوق المثليين. وظهورها في الحفل المذكور منذ أسابيع، دليل على بداية هذا الانتظام بهدف إخراج الممارسة المثلية إلى حيز العلن، بالضغط على المجتمعات من أجل الاعتراف بحقوقهم المزعومة.  

أدركوا حقوق الطفل قبل وقوع الكارثة

تذكر الدراسات الطبية النفسية أن أكثر حالات اغتصاب الأطفال تتم في محيط العائلة الممتدة وداخل دائرة الأقارب، أو في محيط الحي السكني أو في المدارس. وتقع جريمة اغتصاب براءة الطفل نتيجة إهمال من الوالدين، أو عدم فهم لمكامن الخطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل. وفي بعض الحالات تكون عملية التنشئة الاجتماعية غير سوية، متلبسة بعنف التربية، فيكتسب الأطفال السلوك العدائي نتيجة هذه التنشئة، وهذه الطائفة من الاطفال حين يتعرضون للانتهاك الجنسي المثلي يتحولون إلى الشذوذ. ومعظم الحالات التي تبلغ هذه المرحلة، لا يتلقون أي شكل من أشكال الرعاية والعلاج  والتدعيم النفسي لتخطي المشكلة، بل على العكس، يكون العقاب الشديد والوصمة الاجتماعية في انتظار هذا الطفل، كأن المجتمع أو الأسرة تقدمه قرباناً لحركات المثليين.

لقد آن الأوان أن نعترف بأن أساليب التنشئة الاجتماعية العفوية التي تتم داخل الأسرة، أو المنظمة التي تتم داخل المدارس ما تزال حتى اللحظة الراهنة تنشئة تقليدية متخلفة منتجة للأمراض والاضطرابات النفسية لدى النشء. ونحن دائماً ننتظر وقوع الكارثة تلو الكارثة ثم نبدأ التفكير في الحلول. إن القضية التي نعرضها هنا تحتاج تحركاً سريعا من قبل الدولة ومؤسسات التربية ومؤسسات رعاية الشباب. بحيث يشمل هذا التحرك نشر المعرفة العلمية الاجتماعية والنفسية الخاصة بعمليات التنشئة بين جموع الشعب، وتقديم برامج لتوعية الأسرة المصرية بالأسباب التي تُعَرِّضُ الطفل للاغتصاب الجنسي، وكيفية تجنبها وطرق العلاج بعد اكتشافها.

ويمكن استغلال وسائل الإعلام بكفاءة لنشر هذه المعرفة، كما يمكن استغلال النوادي الاجتماعية والجمعيات الأهلية لتحقيق هذا الهدف. ولا يظن أحداً من المسئولين أن الأسر المصرية تستطيع القيام بهذه المهمة دون مساعدة من مؤسسات الدولة، فهذا هو الوهم بعينه. فكم من الأسر المصرية التي يتمتع فيها الوالدين برأسمال علمي ومكانة اجتماعية عالية، ولكنهم عاجزون عن تربية أبنائهم، لأنهم ببساطة لا يعرفون الطرق الصحيحة للتربية. ويختزلون عملية التنشئة في تلبية مطالب الطفل المادية دون الوعي بأن مطالبه النفسية والاجتماعية أكبر وأهم.

إن الثقافة السائدة في مصر وفي سائر أرجاء الوطن العربي لا تهتم بالطفل ولا تعترف بحقوقه على أرض الواقع وإن ادعت ذلك، فضلاً عن أن هذه الثقافة ما تزال تعتبر الحديث في الأمور الجنسية قلة أدب، ولا مفر من تتغير هذه الثقافة، بحيث تتولى مؤسسات التربية ورعاية الشباب مهمة نشر الثقافة الجنسية الصحيحة. وفي هذا السياق نأمل أن تنهض الجامعة المصرية بدورها في إنتاج الثقافة العلمية وثيقة الصلة، وخاصة أقسام العلوم الاجتماعية، من خلال الانشغال العلمي الذي يقدم حلولاً ناجزة للمشكلات التي تواجه الناس في حياتهم، بدلاً من الانشغال التقليدي والسطحي المتداول في أروقة هذه الأقسام.

خاتمة

مما سبق يتضح للقارئ أن المثلية الجنسية، هي تكريس للمرض، وإخراج هذه العلاقة إلى حيز العلن، يمنع فئة عريضة من الشواذ من العودة إلى حياتهم الطبيعية، وهذه الفئة تحتاج إلى الرعاية الصحية والدعم النفسي. كما أن المثلية تكرس الانحراف لدى فئات أخرى من الشواذ ويجب على المجتمع التصدي لهم دون الالتفات إلى أي ضغط خارجي يمارس على الدولة في هذا الخصوص.

وقد أوضحنا كذلك أن الممارسة الجنسية المثلية لا تعد حقاً من حقوق الانسان لأنها تتناقض مع الحق الإنساني المركزي وهو ضمان الأمن الوجودي والبقاء وحفظ النوع. ودون تهويل أو تهوين فإن رفع أعلام وشعارات المثليين في مصر منذ أسابيع يمثل ناقوس خطر وتنبيه للمجتمع بأفراده ومؤسساته المختلفة، فهل ننتبه ونسرع الخطى في نشر طرق التربية والتنشئة الصحيحة داخل البيوت والمدارس المصرية لحماية مجتمع تركيبته السكانية الأساسية من الشباب، أم ننتظر حتى يصاب العصب بالمرض، وحينها لن يستقيم البدن. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟