المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

بين التعديل والتفعيل: مراجعة لبعض مواد حوكمة المجالس المحلية

الأربعاء 26/أبريل/2017 - 10:43 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
محمد عبد الهادي

وٌجدت المحليات لتحقق مصلحة وخدمة المواطنين، إلا أن الإدارة المحلية (التنفيذية والشعبية) تعانى من عدة مشكلات منها؛ ما يتعلق بالموارد البشرية وضعف الاهتمام بعملية التدريب المحلي، وهذا أمر لا بد من استدراكه مع تشكيل مجالس محلية مقبلة في ظل زيادة غير مسبوقة متوقعة في أعداد الأعضاء الجدد من خلال التمثيل السياسي والتمكين المحلي للشباب والمرأة والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة، وكذلك مشكلات ضعف دور المجتمع المدني والأحزاب السياسية  في المشاركة المجتمعية التنموية المحلية، ومشكلات تهميش دور المواطنين في المساءلة الاجتماعية لتحسين الخدمات المحلية والحد من تضارب المصالح. 

ووضع الدستور المصري الإدارة المحلية في الباب الخامس الخاص بنظام الحكم في الفرع الثالث من الفصل الثاني السلطة التنفيذية في المواد من 175 وحتى 183 بالإضافة إلى المادة 242 في باب الأحكام الانتقالية، يتطلب ذلك تعديل قانون الإدارة المحلية، لتحقيق تطوير الإدارة المحلية وزيادة كفاءتها وفعاليتها في التنمية المحلية التي تتمثل غاياتها في الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، والتمكين المحلي عن طريق مشاركة المواطنين كناخبين أو نواب محليين أو مسائلين عن أداء الخدمات، وتمثيل فئات كانت مستبعدة من الترشيح في الانتخابات السابقة.

على أن تكون الركائز والمقومات التي تؤطر عملية الإصلاح التشريعى لقانون الإدارة المحلية أن تضمن للمجالس الشعبية المحلية عناصر: سلطات صنع وتنفيذ ومتابعة القرار المحلي، الاختصاصات، الموارد. وفيما يلى مراجعة لبعض المواد في قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتقديم مقترحات بتطويرها أو تفعيلها.

·        المجالس المحلية الأدنى ودورها في التنمية الشاملة

تعد المجالس الشعبية المحلية لمستويات الأحياء والمدن والقرى بمثابة نواة تحقيق التنمية الشاملة سياسيا واقتصاديا وعمرانيا وخدميا وتحسين حياة المواطنين في نطاق وحداتها المحلية، وذلك في ضوء الاختصاصات المقررة لها والموارد المالية بنص القانون وإنشاء حساب الخدمات والتنمية، لذا من الضرورى تفعيل المواد الخاص بهذه المجالات الهامة.

·        المحليات والتعاونيات

أقر الدستور في مادته 33 بأن الملكية التعاونية هى أحدى أنواع الملكيات في مصر بجانب الخاص والعام، كما أكدت المادة 37 على النشاط التعاوني في الاقتصاد، وفي هذا الإطار تلعب الإدارة المحلية بجناحيها الشعبي والتنفيذي دوراً هاماً في تدعيم ونشر التعاونيات والمساهمة في حل المشكلة الاقتصادية والتنموية.

وهى مواد في القانون ولائحته التنفيذية ومن الضرورى عدم المساس بها ولكن تطويرها في التعديلات القادمة للقانون لتناسب التوجهات نحو تعزيز ونشر التعاونيات.

·        المحليات والتمويل الأجنبي

يتيح القانون لكل وحدة من الوحدات المحلية لمباشرة اختصاصاتها وصلاحياتها اللامركزية وفي حدود الخطة أو السياسة العامة للدولة إدارة أنشطة محلية، كما تقوم المجالس الشعبية المحلية بدورها الرقابى على مختلف المرافق والأعمال والإشراف على تنفيذ خطط التنمية ومتابعتها، ومن ضمن هذه المجالات أنشطة جهاز بناء وتنمية القرية الذى يمكن أن يعقد اتفاقات ويتلقى منح ومعونات، وفي هذا الصدد ضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني في جهود الجهاز التنفيذي المحلي.

·        التقسيم الإدارى للوحدات المحلية وتمكين النوع الاجتماعي

حددت مواد الدستور في فرع الإدارة المحلية وقانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية التقسيم الإدارى لوحدات الإدارة المحلية في الدولة وبينت اختصاصات إنشائها وتحديد نطاقها وتسميتها أو إلغائها، وسوف أذكر عدة تعليقات تحليلية حول هذا التقسيم والمساهمة في تطبيق اللامركزية وتمكين الشباب والنوع الاجتماعي، ومن ثم يمكن التعليق على النحو التالى:

- قسم الدستور في مادته 175 الوحدات الإدارية إلى (محافظات ومدن وقرى) فحين ذكر في ماته 181 بشأن الاختصاص والإشرافي النيابي أو الوظيفي بين وحدات الإدارة المحلية داخل المحافظة (محافظات ومراكز ومدن وقرى)، وويتضح أن المادة 75 تأثرت بالمادة 136 من دستور 1954 (لم يصدر) حين ذكرت أن الوحدات الإدارية تضم مديريات ومدن وقرى، وهنا أمر من الأهمية بمكان هو تضمين مستوى المركز كما تناولت مواد قانون الإدارة المحلية وكون للمركز مجلس شعبي محلي منتخب.

- تمكين الشباب والمرأة: في سبيل العمل على لتمكين الشباب والمرأة وتأهيلهم سياسية وإدارية ومنحهم المسئولية وتطوير الدولة المصرية يقترح اختيار شباب ومرأة لتولى مسئوليات مساعدة لرؤساء القرى والمدن والمراكز وبهذا تضمن توسيع قواعد الكوادر الشابية والنسائية المستهدفة للتمكين، تدريبهم وتأهيلهم وضمان نجاح التجربة وتصعيدهم لاحقاً من خلال تولى مسئوليات محدودة في نطاق جغرافي محود وبما يتناسب مع تكوينهم.

- الفصل بين رئاسة مجلس المدينة ورئاسة المركز وجعل لكل منهما مجلس تنفيذي منفصل كما في التمثيل بالمجالس الشعبية المتخبة.

·        حذر تعارض المصالح لأعضاء المجالس الشعبية المحلية ولجان المنتفعين للخدمات المحلية

وضع تشريع قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته ولائحته التنفيذية مجموعة من المواد التي تضمن منع التعارض في التمثيل المحلي للمواطنين في مستويات المجالس الشعبية المحلية المختلفة (حى - قرية - مدينة - مركز - محافظة) وارتباط العضو أو إحدى أقاربه حتى الدرجة الرابعة بنشاط اقتصادى أو مصلحة يكون المجلس الشعبي لنفس المستوى طرفا فيها هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تم مراعاة مبدأ عدم التعارض عند تشكيل لجان المنتفعين للرقابة والمشاركة الشعبية في الخدمات المحلية.

كما يجب تعديل قانون 109لسنة 2013 (تضارب المصالح) ليتضمن الأشخاص المنتخبين في مجالس محلية أو نيابية.

·        شروط الترشيح وإجراءات عمليات الانتخاب وتشكيل المجالس الشعبية

تتناول المواد من 75 وحتى المادة 87 والمادة 97 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 والمادة 29 من اللائحة التنفيذية للقانون شروط الترشح وصلاحيات الإشراف وإجراء الانتخابات المحلية وتشكيل المجالس الشعبية المحلية، وهذه المواد يجب تعديلها في ضوء التعديلات الدستورية وتغيير قانون مباشرة الحقوق السياسية واعتبارات التوجه نحو اللامركزية وضمان نزاهة وعدالة وحرية الانتخابات المحلية، وفيما يلى استعراض التعديلات المقترحة:

مقترح تعديل مواد الترشح والانتخاب المحلي:

1- تعديل بند 2 من مادة 75 والخاص بسن الترشح، وبند 3 يعدل لـ "يقيم في نطاقها" بدلاً من له محل إقامة ...".

2- مادة 75 مكررا والمواد التالية والخاصة بنظام الانتخاب وصلاحيات الإشراف: وتعدل صلاحيات الجهاز التنفيذي بدءاً من المحافظ حتى الوحدات الإدارية التابعة له في تحديد الرموز وتلقى طلبات الترشيح وتحديد المواعيد أو قصرها والتنازل وإعلان النتائج والفائزين، وتعديل صلاحيات وزير الداخلية في تحديد مستندات الترشح وخضوع عملية الانتخابات لمديرية الأمن، على أن يكون الإشراف لجنة أو مفوضية انتخابات لها استقلاليتها.

3- تعديل مادة 76 - فقرة 2 - والخاصة بـ ".... إعفاء من تجاوز السن القانونى للتجنيد من تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها"، لأن ذلك يتيح لمن تهرب من التجنيد وحصل على حكم قضائي أن يتقدم للترشح.

4- تعديل مادة 86 لا يناسب أحدث قانون لمباشرة الحقوق السياسية.

5- تعديل مادة 97 من القانون والمادة 29 من اللائحة في قواعد الخلو للمقاعد لتكون بمراعاة المواد: 10، 39، 47، 59، 66 من القانون وليس ذكر مراعاة المادة 66 فقط.

·        تدخل مجلس المحافظين التنفيذي في وضع ضوابط لجنة القيم بالمجالس الشعبية المحلية

تشكل بالمجلس الشعبي المحلي للمحافظة لجنة قيم تقوم بالنظر في سلوكيات أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظة والمجالس الشعبية المحلية الأخرى (المركز – المدينة – الحى – القرية)، والنظر في مخالفات الأعضاء التي تشكل خروجاً على القيم الدينية أو الأخلاقية أو الأجتماعية أو المبادئ الأساسية السياسية والاقتصادية للمجتمع (مع ملاحظة أن العبارة تحتوى على صياغة فضفاضة لما هو مخالفات وخروج على القيم، وقد تتعارض مع المادة 5 من الدستور بشأن التعددية)، واقتراح الإجراء الذى يٌتخذ عند إخلال العضو بمقتضيات السلوك الواجب طبقاً لأحكام الدستور أو القانون أو اللائحة الداخلية للمجلس الشعبي المحلي.

يتضح من ذلك أهمية دور لجنة القيم في انتظام سير العمل بالمجالس الشعبية المحلية، لذا خصصت المادة 107 مكرر من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 في فقرتها الثانية لعمل لجنة القيم ووظيفتها في المجالس الشعبية المحلية، كما قامت اللائحة النموذجية الداخلية التي صدرت 1980 والتي تعد دليل استرشادى لصياغة لوائح داخلية لكل مجلس شعبي محلي أو يٌعمل بها في حالة عدم وضع المجلس للائحة داخلية بإفراد المواد من 23 إلى 30 لتنظيم عمل لجنة القيم وتشكيلها ونظام اجتماعها وقراراتها باقتراح.

إلا أن قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته قد اختص مجلس المحافظين التنفيذي بوضع قواعد وضوابط اللجنة والتي تجرى بها مساءلة الأعضاء والرقابة على أعمالهم واقتراح ما يتخذ ضدهم عن أخلالهم أو خروجهم عن القواعد ومحاسبتهم، وهذا يعد تدخلاً في تقييد العمل الشعبي المحلي وإخضاع الأعضاء المنتخبين لسلطات الجهاز التنفيذي في المساءلة مما يعمق عدم التوازن بين الجهاز التنفيذي المعين والمجلس الشعبي المحلي المنتخب.

تجدر الإشارة إلى أن اللائحة الداخلية النموذجية صدرت بموافقة مجلس المحافظين في 1980، كما يعد ذلك مخالفاً ومتناقضاً مع نص المادة 114 من القانون والمادة 37 من لائحته التنفيذية واللتان ذكر فيهما على جواز أن يضع المجلس الشعبي المحلي لائحته الداخلية لتنظيم العمل به وكيفية ممارسته لوظيفته. كما أن اللائحة النموذجية الداخلية يضعها المجلس الأعلى للإدارة المحلية وليس مجلس المحافظين.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟