في ذكرى 25 يناير: التحليل السميولوجي لمحاكمات رموز نظاميْ مبارك ومرسي
أثارت الصور الصحفية التي تداولتها المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي للظهور المفاجئ لعلاء وجمال مبارك نجلا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك مساء الأحد الثامن من يناير قبيل أيام من الاحتفال بالذكرى السادسة لثورة 25 يناير، والتي أطاحت بحكم أبيهما وبمشروع توريث الحكم لنجله جمال للأبد، دلالات سلبية عديدة لدى الشعبيْن المصري والتونسي؛ فالظهور المثير للجدل جاء في شهر يناير والذي يمثل أيقونة انطلاق الثورات العربية عمومًا والثورة المصرية خصوصًا، تلك الثورة التي وضعت مبارك ونجليْه ورموز نظامه خلف القضبان، وفي الموجة الثانية من هذه الثورة في 30 يونيو 2013 تم الزج بمحمد مرسي ورموز نظامه من جماعة الإخوان الإرهابية إلى السجن.. صحيحٌ أن المآلات والأحكام اختلفت في الحالتيْن إلا أن العار يلاحق كل من ذهب خلف القضبان بإرادة الشعب، ويعاود الظهور دون حُمرة خجل في التجمعات العامة دون إرادة هذا الشعب.
والأدهى من ذلك، أن ظهور جمال وعلاء مبارك كان في ستاد القاهرة الذي شهد آخر ظهور لهما في العام 2010 قبيل ثورة 25 يناير، وفي لقاء للمنتخب الوطني لكرة القدم ليعيدا للأذهان إدارة الدولة المصرية بانتصارات وهمية في كرة القدم مع إهمال كل الملفات الأخرى التي تعكف الدولة المصرية التنموية الآن على إدارتها ومعالجة أوجه الفشل الذريع فيها والتي ورثتها من العهد البائد، كما أن حضور نجليْ الرئيس الأسبق لمباراة منتخب مصر الودية قبل السفر إلى الجابون لخوض بطولة كأس الأمم الإفريقية تأتي محاولةً لتذكير المصريين بأن آخر فوز بهذه البطولة كان في عصر مبارك، وتذكير المصريين ذوي الذاكرة الفوتوغرافية والمصورة بمشهد نجليْ الرئيس وهما يهتفان مع لاعبي المنتخب بعد الحصول على الكأس: "زي ما قال الريس منتخبنا كويس".
والأكثر دلالة أن المباراة كانت بين منتخبي مصر وتونس اللتيْن شهدتا ثورتيْ "الياسمين" و"التحرير"، الأولى في بلاد "نسور قرطاج" والتي جاءت لتطالب برحيل زين العابدين بن علي، والثانية في مسقط رأس "الفراعنة" خرج فيها الملايين مرددين "الشعب يريد إسقاط النظام".
وقد وصف محمد شبشوب القيادي بالجبهة الشعبية التونسية وجود علاء وجمال مبارك في مباراة منتخبيْ مصر وتونس الودية الدولية بأنه "حضورٌ مثيرٌ للاشمئزاز". وأكد "شبشوب" أن اختيارهما مباراة تجمع بلدين اندلعت منهما ثورتان ضد الظلم والديكتاتورية، هو "استفزاز للشعبيْن التونسي والمصري، خاصة وأنهما كانا جزءًا من نظام والدهما"، كما أن طرفيْ المباراة "بلد اندلع منه شرارة الثورات العربية (تونس)، وآخر طرد الديكتاتور حسني مبارك".
وفي ذكرى ثورة 25 يناير نقدم هذه الدراسة التي تهتم بالتحليل السميولوجى لصور محاكمات رموز نظاميْ مبارك ومرسي، حيث قمنا بتحليل 256 صورة فى الصحف المصرية الثلاث عينة الدراسة (الأهرام، الوفد، الشروق) و قد جاءت عدد صور محاكمة مبارك فى الصحف محل الدراسة 176 صورة بنسبة 68% من عينة الصور المدروسة، بينما بلغت عدد صور محاكمة مرسى 80 صورة بنسبة 31% من إجمالى صور الدراسة.
وتتبلور مشكلة الدراسة في رصد علاقة مضمون الصور الصحفية المنشورة فى الصحافة المصرية لقضايا محاكمة الرؤساء (مبارك، مرسى) وما تحويه من دلالات و علامات عن طريق تحليل شكل الصور ومضمونها باستخدام أداة التحليل السيمولوجى والتعرف على اختلافات التغطية التصويرية للصحف بحسب انتمائها . كما استهدفت هذه الدراسة تحليل الصور الخاصة بمحاكمات الرؤساء وكشف دلالالتها، وذلك في عينة من الصحف الإخبارية المصرية اليومية وصولاً إلى تحديد آليات وأهداف إستخدام هذه الصور والدور الذي لعبته في توصيل رسائل معينة للقراء وللرأي العام المصرى الذي تخاطبه نحو أطراف الصراع فى هذه المحاكمات.
أولاً- أهم نتائج الدراسة التحليلية:
توصلت الدراسة التحليلية لمضمون صور محاكمات مبارك ومرسي إلى:
1- احتلت أساليب الإقناع العاطفية المرتبة الأولى فى جميع صحف الدراسة وخاصةً فئة المشاعر الإنسانية والتى جاءت بنسبة 52.6% فى الترتيب الأول فى محاكمة مبارك، واتفقت هذه النتيجة مع ما جاء فى التغطية الصحفية لمحاكمة مرسي، حيث احتلت فئة المشاعر الإنسانية الترتيب الأول أيضًا بنسبة 46.3%، وذلك في دلالة واضحة على استخدام الاستمالة العاطفية بشكل كبير فى إقناع القارىء بالصورة والتعاطف معها.
2- احتلت الصور غير المعالجة المرتبة الأولى فى جميع صحف الدراسة فى محاكمتيْ مبارك ومرسى على السواء، مما يدلل على رغبة الصحف فى عرض الصور بموضوعية دون إجراء أية تعديلات حرصًا على مصداقية الصحيفة لدى القارىء بعد ما أثارت الصور المعالجة أزمةً كبيرة بين الجمهور والصحف.
3- جاءت الصور الفردية فى محاكمة مبارك بنسبة 96.3%، كما جاءت الصور الفردية فى محاكمة مرسى بنسبة 98.8% من إجمالى صور الدراسة فى الصحف الثلاث، وهى نسبة كبيرة تؤكد احتلال الصورة المفردة أكبر نسبة فى طريقة عرض صور المحاكمات فى الصحف المصرية .
4- احتلت الصور الموضوعية نسبة 71.2% من إجمالى الصور محل الدراسة فى محاكمة مبارك، وجاءت فى الترتيب الأول من حيث نوع الصور المستخدمة، كما جاءت الصور الموضوعية فى المرتبة الأولى أيضاً فى التغطية الصحفية المصورة لمحاكمة مرسى فى الصحف المصرية بنسبة 83.3 %.
5- جاءت الرموز كأسلوب إقناع فى المرتبة الثانية فى محاكمة مبارك بنسبة 23.7 %، وفى محاكمة مرسي بنسبة 24.4%، وهى نسبٌ متقاربة تؤكد اتفاق صحف الدراسة فى كلٍ من المحاكمتيْن على استخدام الرموز كأسلوب إقناعى فعال. وقد اتسمت هذه الفترة باستخدام عديدٍ من الرموز للتعبير عن الاتجاه والرأى مثل استخدام علامة النصر أو شعار "رابعة " من قبل مؤيدي مرسى وجماعة الإخوان، واستخدام رمز الهلال مع الصليب فى إشارة إلى الوحدة الوطنية ونبذ الفتنة الطائفية ، واستخدام عدة رموز أخرى متعلقة برغبة أهالى الشهداء فى إصدار أحكام على المتهمين كاستخدام المشنقة كرمزٍ يدل على الإعدام .
ثانيًا- نتائج التحليل السميولوجى لمحاكمة مبارك:
سميائية الملابس
تنوعت الملابس فى محاكمة مبارك ونجليْه ورموز حكمه بين الملابس البيضاء والدالة على أن المتهمين ما زالوا على ذمة التحقيقات والحبس الاحتياطى وفقَ ما جاء فى قانون تنظيم السجون المصرية المادة 15، والتي تنص على حق المحبوسين احتياطيًا فى ارتداء ملابسهم الخاصة، ويحق لإدارة السجن إلغاء ذلك مراعاةً للصحة العامة أو النظافة أو لصالح الأمن، وفى هذه الحالة يرتدي المحبوسون احتياطيًا الملابس المقررة لغيرهم من المسجونين، ويفسر ذلك ظهور مبارك فى عدد من الجلسات قبل الحكم عليه بمعطفٍ ذي لونٍ مختلف عن اللون الأبيض فى محاكمات فصل الشتاء.
كما ظهر مبارك ورموز حكمه بالملابس الزرقاء بعد الحكم عليهم بأحكام قضائية، وهو اللون المقرر للمحكموم عليهم والمدانين فى قضايا وفقَ قانون تنظيم السجون المصرية، وحرصت جميع صحف الدراسة على إظهار مبارك ونجليْه ووزرائه بهذه الملابس والتى تدل على الإدانة، وبعد استئناف محاكمة مبارك وانتهاء مدة الحبس الاحتياطى وبراءة مبارك فى عديد من القضايا التى كان مُدَانَا فيها ظهر مبارك فى آخر جلسات محاكمته بالبدلة المدنية العادية كمواطن عادى يتمتع بحقوقه المدنية، مما أكسبه ثقةً وأناقة، كما وجهت هذه الملابس رسالةً للرأى العام بأن مبارك يُعَامَل فى محبسه وفى محاكمته كرئيسٍ بعد أن سقطت كلُ التُهم الموجهة ضده.
سميائية لغة الجسد
إن لغةَ الجسد تمثل نسقًا تواصليًا، فهى بمثابة لغة لها قوانينها ومنطقها وأسرارها أيضًا، وهذا يفرض علينا الكشف عن الطريقة التي ينتج بها الجسد دلالاته المرتبطة بالحقل الثقافى والمجتمع والسياق الذي تمت فيه إنتاج هذه الإشارات و الإيماءات والدلالات المعبرة عنها.
وقد لاحظنا إجماع صحف الدراسة الثلاث على الاهتمام بالتقاط وإبراز الصور التى ظهرت فيها دلالة لغة الجسد، كالصورة الأولى لمحاكمة مبارك والتى نشرتها صحف الدراسة فى صفحتها الأولى وهى تُظهر مبارك يرقد على سريره الطبى داخل قفص الاتهام بملابس الحبس الاحتياطية بعينيْن ذاهلتيْن زائغتيْن، ودلت هذه الصورة على عدم تصديق مبارك لوضعه كرئيس سابق متهم ومُدَان أمام المحكمة، كما دلت وضعية مبارك على سريره الطبى بالعجز والمرض وتقدم العمر، فعكست هذه الصور سميولوجيًا استخدام صحف الدراسة لأساليب الإقناع المعتمدة على الاستمالات العاطفية، وهو ما اتفق مع نتيجة تحليل مضمون الصور الخاصة بمحاكمة مبارك فى صحف الدراسة. حيث جاءت نسبة استخدام المشاعر الإنسانية بنسبة 52.6 % فى المرتبة الأولى من نسبة أساليب الإقناع المستخدمة فى الصور الصحفية محل الدراسة.
و بعد أن تم الحكم على مبارك بالمؤبد فى قضية قتل المتظاهرين فى محكمة الدرجة الأولى تدهورت حالة مبارك الصحية والنفسية ليظهر وهو يضع ذراعيه على رأسه ليُخفى وجهه عن عدسات الكاميرات وحتى يتهرب من مواجهة الرأى العام وهى وضعيات تشير فى لغة الجسد إلى الاكتئاب وعدم القدرة على مواجهة الواقع، بينما تغيرت لغة جسد مبارك بعد استئناف المحكمة للقضية لينتقل إلى وضعية ذراعيه المتشابكيْن على صدره فى دلالة على الدفاع عن النفس و التحفز للمواجهة، كما ظهر مبارك فى عدد من الصور أبرزتها الصحف محل الدراسة وهو يشابك بين كفيْه فى وضعية البرج، وهى وضعية لليد يشتهر بها الساسة والزعماء، وتعبر عن اتخاذ القرارات المهمة والتسلط والعدائية.
بينما ظهر نجلا مبارك جمال وعلاء فى أغلبية الصور المنشورة لهما فى الصحف محل الدراسة وهما يقفان كأي متهمٍ عادي، ودائماً ما كانت تدل لغة جسد جمال مبارك على التدقيق والحذر، بينما دلت لغة جسد علاء مبارك على الاستسلام.
سميائية الرموز والعلامات
ونقصد بها الرموز والعلامات البصرية وليست اللسانية، وتتخذ العلامات معناها من سياقها الثقافى والاجتماعى معنىً لا يتمُ التعبيرُ عنه باللغة أو بالصوت فهى شكل من أشكال التعبير كإشارات المرور، وقد اهتمت صحف الدراسة بنشر صور تحتوى على عديدٍ من الرموز والعلامات الدالة فى الثقافة والمجتمع، كنشر الصحف لصور أهالى الشهداء وهم يرفعون المشنقة كدلالة على رغبتهم فى توقيع حكم الإعدام على مبارك وأركان حكمه، وكذلك نشر الصور لمواطنين يحملون الميزان فى دلالة تحيلنا إلى العدالة واحتكام المواطنين للعدالة أمام القضاء، كما قامت الصحف بنشر عديدٍ من الصور والتى تُظهر أهالى الشهداء وهم يحملون دُمىً ترتدى الملابس الحمراء تصور مبارك ورموز حكمه رغبةً من أهالى الشهداء فى توقيع أقصى عقوبة وهى الإعدام على مبارك ونجليْه ورموز نظامه.
كما أظهرت الصور المنشورة فى الصحف عينة الدراسة عدة رموز كاستخدام علامة النصر و التى رفعها معارضو مبارك وأهالى الشهداء عن طريق رفع أصابع الإبهام و الوسطى فى شكل حرف (V) و الذى يشير إلى النصر وهى اختصار لكلمة victory فى دلالة على إصرار الثوار على مطالب ثورة 25 يناير ومنها محاكمة مبارك وثقتهم فى انتصار ثورتهم على رموز الظلم والطغيان.
زوايا التقاط الصور
لقد ساعدت زوايا التصوير في تكوين سيميائية حقيقية للصور الصحفية المنشورة فى تغطية محاكمه مبارك، فاتجهت غالبية الصور فى صحف الدراسة إلى الزاوية المستوية العادية لأنها الأقرب إلى رؤية العين بنفس النظرة والمستوى، مما يُعطى انطباعًا للقارىء بمصداقية الصورة وكأنه يشاهد المشهد بعينه، بينما وردت بعض الصور من زاوية أسفل : أعلى عند تصوير بعض أهالى الشهداء لأن هذه الزاوية تعطى تضخيمًا للمشهد وتُضفى على الأشخاص داخل الكادر العظمة والأهمية، وعلى الجانب الآخر وردت بعض الصور بزاوية أعلى : أسفل وهى زاوية تعطى انطباعًا بالتحقير أو الإهانة ولكنها لم تُستخدم بهذه الدلالة فى عينة الصور المدروسة فى تغطية محاكمة مبارك، وإنما تم توظيف هذه الزاوية بحسابات تقنية لإظهار المشهد بشكلٍ متسع ونقل الصورة بطريقة أكثر شمولية وعمومية، وتم استخدام هذه الزاوية لنقل مشاهد تصور قاعة المحكمة من الداخل او الحشود من أنصار مبارك وأهالي الشهداء فى محيط أكاديمية الشرطة والاشتباكات بين الفريقيْن.
ثالثًا- التحليل السميولوجى لمحاكمة مرسى:
سميائية الملابس
تنوعت الملابس فى محاكمة مرسى ورموز جماعة الإخوان الإرهابية بين الملابس البيضاء والدالة على أن المتهم مازال على ذمة التحقيقات والحبس الاحتياطى وفقَ ماجاء فى قانون تنظيم السجون المصرية المادة 15، ويفسر ذلك ظهور مرسي في أول جلسات محاكمته ببدلة مدنية عادية، وقد حرصت صحيفة "الأهرام" على إظهار مرسي فى صورة بهذه الملابس أثناء دخوله المحكمة، ثم ظهر مرسي بالملابس البيضاء الخاصة بالسجناء الاحتياطيين فى ثانى جلسات محاكمته.
كما ظهر مرسي ورموز جماعة الإخوان بالملابس الزرقاء بعد الحكم عليهم بأحكامٍ قضائية، وهو اللون المقرر للمحكموم عليهم والمُدَانين فى قضايا وفقَ قانون تنظيم السجون المصرية، وحرصت جميع صحف الدراسة على إظهار مرسى بهذه الملابس والتي تدل على الإدانة، وبعد صدور حكم الإعدام على مرسي ومرشد جماعة الإخوان الإرهابية وعددٍ من قيادات الجماعة ظهروا بالملابس الحمراء، وهى الملابس الخاصة بالمُدَانين المحكوم عليهم بالإعدام طبقَ لوائح السجون المصرية، وقد حرصت صحف الدراسة الثلاث على إظهار صور مرسى بالبدلة الحمراء لتدل على صدور حكم إعدامه ولتهدئة الرأى العام في القصاص للشهداء الذين سقطوا أمام قصر الاتحادية ومرسي داخله.
سميائية لغة الجسد
من الملاحظ إجماع صحف الدراسة الثلاث على الاهتمام بالتقاط وإبراز الصور التى ظهرت فيها دلالة لغة الجسد كصور مرسي فى الجلسات الأولى لمحاكمته؛ حيث ظهر وهو يتحرك بكثرة داخل القفص فى دلالة على التخبط وعدم الاستقرار والتوتر، كما ظهر مرسى وهو يُرسل الإشارات العصبية كالتلويح بالذراعيْن فى دلالة على الاستنكار، كما أبرزت الصحف صور مرسى وهو زائغ العينيْن وينظر إلى أعلى فى دلالة على الذهول وعدم التصديق، واهتمت صحف الدراسة بنشر صورٍ لمرسي تدل على استغرابه لوضعه في قفص الاتهام، فوضع اليديْن علي الصدر يوحي بالاستغراب والاستنكار والاستهجان.
و بعد الحكم على مرسي بالسجن المؤبد عشرين عامًا فى قضية أحداث الاتحادية، بدا مرسى مبتسمًا مرتاحًا ملوحًا لأنصاره من داخل القفص، وتدل هذة الوضعيات فى لغة الجسد على المفارقة بين الموقف وطريقة التعبير عنه، مما أظهر مرسي بمظهر المختل نفسيًا و غير المتزن انفعاليًا. وقد تغيرت لغة جسد مرسي بعد الحكم عليه بالإعدام فى قضية اقتحام السجون، فظهر مرسي فى الصور الصحفية وهو يجلس على مقعد وتشير انطباعاته إلى الوجوم دون إبداء أى انفعالات أو انطباعات مما أعطى دلالة باستسلام مرسي، بينما ظهر أعضاء جماعة الإخوان، وهم يتكاتفون ويضمون أيديهم على بعض فى دلالة على التجمع وشعور التضامن ولتوجيه رسالة إلى الرأى العام لإيهام أنصارهم بأنهم أبطال.
سميائية الرموز و العلامات
اهتمت صحف الدراسة بنشر صور تحتوى على عديدٍ من الرموز والعلامات الدالة عن الثقافة والمجتمع ، كنشر الصحف لصور أنصار مرسي وهم يرفعون إشارة رابعة وهو شعار عبارة عن رفع أصابع كف اليد عدا الأبهام لتدل على العدد أربعة وإحالتها النفسية والفكرية إلى لفظة "رابعة"، وكان أول من استخدم هذه العلامة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى إحدى خُطَبه والتى أعلن فيها دعمه لأنصار مرسي وجماعة الإخوان الإرهابية والتي يعد حزب "العدالة والتنمية" الذي ينتمي إليه أردوغان جزءً لا يتجزأ منها، ومنذ ذلك الحين تم اتخاذ هذا الشعار ليعبر عن أنصار اعتصام ميدان رابعة العدوية ومؤيدى الرئيس المخلوع محمد مرسي، وكانت هذه العلامة هى أبرز رمز أستخدمه أنصار جماعة الإخوان واتخذوه شعارًا رسميًا لاحتجاجاتهم واستخدمه المتهمون داخل قفص الاتهام، وفى مقابل ذلك أبرزت الصور الصحفية لتغطية محاكمة مرسي فى هذه الفترة الرموز والعلامات التى استخدمها معارضو مرسى وجماعته وأنصار ثورة 30 يونيو، وكانت أبرز هذه الرموز علامة النصر.
زوايا التقاط الصور
لقد ساعدت زوايا التصوير في تكوين سيميائية حقيقية للصور الصحفية المنشورة فى تغطية محاكمه مبارك، حيث اتجهت غالبية الصور فى صحف الدراسة إلى الزاوية المستوية العادية لأن هذه الزاوية تظهر كشاهد موضوعى للحقيقة وتُعرف أيضًا بالزاوية العادية أو المشهد المقابل، كما وردت بعض الصور بزاوية أسفل: أعلى وهى الزاوية التى تحمل دلالات الخطر والتحذير وتضع الأشخاص فى حالة مقلقة، وهو ما تم توظيفه فى بعض صور أنصار جماعة الأخوان المسلمين و الصور التى تمثل الطائرات الحربية المستخدمة فى عملية تأمين المحاكمة ، و قامت صحف الدراسة بإستخدام زاوية أعلى : أسفل و تسمى الزاوية الفوقية فى التغطية الصحفية المصورة للاشتباكات بين رجال الشرطة و أنصار مرسى أو تصوير قاعة المحكمة من الداخل لتعطى المشهد شمولية ووضوح أكبر.