حقائق ورؤى مستقبلية: أزمات الهجرة واللجوء إلى أوروبا
السبت 08/أكتوبر/2016 - 03:14 م
ضياء العزباوي
أعاد تفجر أزمة الهجرة واللجوء لأوروبا التفكير مرة أخرى في أداء ووظائف الدولة الوطنية على الصعيد القطري في بعض الدول العربية والأفريقية، من جانب. والدور السلبي الذي لعبته الدول الغربية عامة والأوربية خاصة في نهب ثروات دول العالم الثالث أثناء الحقب الاستعمارية الماضية، واستمرار التبعية السياسية والاقتصادية لها حتى هذه اللحظات، وهو ما أدى في النهاية إلى معاناة الغرب نفسه من موجات الهجرة المتتالية واللجوء إليه من قِبل مواطني الدول النامية عامة والعربية خاصة.
أولاً- الحقائق السبع للهجرة
وبعيد عن الوقوع في براثن نظرية المؤامرة، وبالنظر إلى أوضاع الدول المصدرة والمستقبلة للهجرة، يمكن رصد الحقائق التالية:
أولاً: استقطاب الخبرات والعلماء، عملت –ومازالت- الدول المتقدمة على استقطاب الخبرات العلمية من الدولة النامية، حيث قامت بإغراء العقول بالمميزات المادية والمعنوية حتى تجبرهم على الاستمرار في أوطانهم الجديد، فقد قامت بمنحهم جنسيتها، ومنح تعليمية مجانية، ووفرت المسكن الملائم، والأجر الأعلى، وهو ما أدى في النهاية إلى حرمان أوطانهم الأصلية من خيرة عقول أبنائها، وبالتالي غياب خطط التنمية والتقدم.
ثانيًا: ديمومة الاستقطاب، حيث مازالت تعمل بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا واستراليا على استقطاب الشباب ورجال الأعمال من البلدان المختلفة. خاصة مع انخفاض نسب المواليد في الكثير منها. إذن هذه الدول ليس لديها مانع في استقبال المهاجرين، ولكنها هي تريد فقط نوعية معينة من المهاجرين، أصحاب الكفاءات العلمية أو القدرات الاقتصادية من جانب، كما أنها تريد أن تتحكم في أعداد المهاجرين طبقًا لفترات زمنية وخطط محكمة من قبلها من جانب آخر. أما نوعية المهاجرين من أصحاب المؤهلات المنخفضة أو الذي يبحث عن فرص عمل أو بيئة أمنية مستقر لمجرد العيش فلا مكان له في الدول المتقدمة.
ثالثًا: سياسية غسل اليد، المؤكد أن الدول الغربية التي ساعدت على مزيد من تفكيك دول المنطقة، وانتشار الجماعات الجهادية والتكفيرية، تتبع سياسات غسل اليد من هذه المشكلات. إن المتابع المدقق للأزمات السياسية والأمنية، يجد أنها المصدر الأول والرئيسي لأسباب الهجرة المتتالية في الفترة الأخيرة. فعلى سبيل المثال يعد الوضع الأمني الناشئ عن الحرب الأمريكية في العراق وسوريا هو السبب في تفاقم الأزمة، وأدى إلى ما يمكننا أن نطلق عليه "عولمة أزمة الهجرة"، حيث انتفض العالم لمواجهة الأزمة، دون إيجاد حل حقيقي للأزمات التي أدت إلى الهجرة في كلتا الدولتين. كما تشير الاحصائيات إلى أن هناك أكثر من 12 مليون سوري هربوا منذ يونيو 2011، و4 مليون من العراق قاصدين عددًا من الدول العربية والغربية.
رابعًا: عجز الدولة ونمو الجماعات الإرهابية: حيث كان للموجة الأخيرة من التهجير القسري واللجوء تداعيات مهمة على مستوى العالم العربي، كان من أهمها تفكيك فكرة الدولة القومية المبنية على التنوع المجتمعي، علاوة على ظهور طبقة دنيًا جديدة كبيرة من المواطنين لها مطالبها الاجتماعية والاقتصادية ناهيك عن التوسع الواضح في هوية المسلحين، وأساليبهم في ممارسة الإرهاب وتهديد الدول الرخوة وسكانها. فقد استهدفت الكيانات الارهابية المجتمعات المحلية لتعبث بالهويات العرقية والطائفية، مما أدى إلى عودة أهمية عودة أهمية مناقشة قضايا الهوية والسياسات المرتبطة بها.
خامسًا، المتاجرة باحتياجات المهاجرين: حيث احترفت بعض الدول المتاجرة أزمة اللاجئين، العربية منها والإقليمية والأوروبية أيضًا، مثل تركيا على سبيل المثال، والتي تريد الحصول على مساعدات مالية مقابل استضافتها لهم. كما وقعت بعض الدول العربية الغنية لابتزاز من قبل الدول الأوروبية ومنظمات الأمم المتحدة، التي يذهب جزء كبير من هذه الأموال إلى موظفيها والعاملين فيها.
سادسًا، غياب التنمية: إن الأوضاع الاقتصادية السيئة في بعض الدول الأفريقية والآسيوية دفعت العديد من مواطني هذا الدول إلى الهجرة، خاصة مع انسداد أفق حلم الحياة في دولهم الأصلية. فعلى سبيل المثال، في الوقت الذي تسعي فيها الدول الغنية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وفرنسا، أو الإقليمية مثل طهران وإسرائيل، على الاستحواذ على السوق والموارد الأفريقية، لم يفكروا في تحقيق تنمية بشرية حقيقية في تلك البلدان، ولكن الجميع يريد السيطرة والنفوذ وجعل السواد الأعظم من هذه الدول، دول تابعة اقتصاديًا وسياسيًا.
سابعًا: حلم الحياة الغربي، أو النموذج الأوروبي والأمريكي للحياة، والذي يصدر لمواطني دول العالم الثالث عبر الوسائل الثقافية من أفلام ومسلسلات، والتي تجسد الحياة السهلة وفرص الغني السريع، دون معاناة، وهو تصوير خاطئ للحياة في العالم الغربي. فمن المؤكد أن المواطن الغربي يتمتع بفرص كبير في الحياة، والحريات العامة مصونة، لكن القانون يطبق بحزم ودون مواربة على الجميع، وهي أمور كلها إيجابية ولكن ليست الحياة كلها سهلة، فالمواطن الغربي والأمريكي هو الأكثر على مستوى العالم في متوسط قوة العمل اليومي، فضلاً عن المواطن الياباني والصين.
ثانيًا- مشاركة متنوعة: نحو رؤية دبلوماسية للأزمة
في إطار الاهتمام الأكاديمي والعملية بالقضية موضوع الدراسة، عقد على مدار ثلاثة أيام (24 – 26) المؤتمر الأول لمركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تحت عنوان "أزمة الهجرة واللجوء وتحديات الدولة القومية في الوطن العربي وأوروبا". وقد تمثلت محاور المؤتمر في 7 محاور أساسية، هي: دور مؤسسات الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الهجرة واللجوء ، وسياسات الدول الأوروبية تجاه الهجرة واللجوء، والأبعاد الثقافية والإعلامية للهجرة، والمهاجرون وأزمة بناء الدولة: دراسة حالة مصر وتركيا، والهجرة واللجوء بين الحرب والاستقرار، والأبعاد الأمنية والمجتمعية للهجرة واللجوء، ودور المنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات المجتمع المدني في التعامل مع قضايا الهجرة واللجوء، والهجرة الأفريقية: الفرص و التحديات، وأخيرًا الأبعاد القانونية والحقوقية للهجرة واللجوء.
وقد شارك في أعمال المؤتمر كوكبة من الباحثين والمتخصصين والدبلوماسيين، فمن جانبه أكد السفير محمد غنيم، نائب مساعد وزير الخارجية المصري للهجرة واللاجئين ومكافحة الإتجار بالبشر، أن ظاهرة الهجرة ظاهرة قديمة قدم البشرية لذلك لا نتعامل معها كونها ظاهرة جديدة ولكن ظاهرة إنسانية. وأضاف أن القانون في مصر يُعِد ظاهرة الاتجار في البشر الثانية بعد تجارة السلاح، مؤكدًا أن هناك قانون يتم إصداره خلال الأيام القادمة خاصة بعد غرق المواطنين قبالة سواحل رشيد بمحافظة البحيرة. كما شدد على أنه لا يجب أن يتم التعامل مع اللجوء والهجرة غير الشرعية من منطلق أمني فقط، ولكن مع دوافع الهجرة مثل الفقر والبطالة والحروب.
أولاً- الحقائق السبع للهجرة
وبعيد عن الوقوع في براثن نظرية المؤامرة، وبالنظر إلى أوضاع الدول المصدرة والمستقبلة للهجرة، يمكن رصد الحقائق التالية:
أولاً: استقطاب الخبرات والعلماء، عملت –ومازالت- الدول المتقدمة على استقطاب الخبرات العلمية من الدولة النامية، حيث قامت بإغراء العقول بالمميزات المادية والمعنوية حتى تجبرهم على الاستمرار في أوطانهم الجديد، فقد قامت بمنحهم جنسيتها، ومنح تعليمية مجانية، ووفرت المسكن الملائم، والأجر الأعلى، وهو ما أدى في النهاية إلى حرمان أوطانهم الأصلية من خيرة عقول أبنائها، وبالتالي غياب خطط التنمية والتقدم.
ثانيًا: ديمومة الاستقطاب، حيث مازالت تعمل بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا واستراليا على استقطاب الشباب ورجال الأعمال من البلدان المختلفة. خاصة مع انخفاض نسب المواليد في الكثير منها. إذن هذه الدول ليس لديها مانع في استقبال المهاجرين، ولكنها هي تريد فقط نوعية معينة من المهاجرين، أصحاب الكفاءات العلمية أو القدرات الاقتصادية من جانب، كما أنها تريد أن تتحكم في أعداد المهاجرين طبقًا لفترات زمنية وخطط محكمة من قبلها من جانب آخر. أما نوعية المهاجرين من أصحاب المؤهلات المنخفضة أو الذي يبحث عن فرص عمل أو بيئة أمنية مستقر لمجرد العيش فلا مكان له في الدول المتقدمة.
ثالثًا: سياسية غسل اليد، المؤكد أن الدول الغربية التي ساعدت على مزيد من تفكيك دول المنطقة، وانتشار الجماعات الجهادية والتكفيرية، تتبع سياسات غسل اليد من هذه المشكلات. إن المتابع المدقق للأزمات السياسية والأمنية، يجد أنها المصدر الأول والرئيسي لأسباب الهجرة المتتالية في الفترة الأخيرة. فعلى سبيل المثال يعد الوضع الأمني الناشئ عن الحرب الأمريكية في العراق وسوريا هو السبب في تفاقم الأزمة، وأدى إلى ما يمكننا أن نطلق عليه "عولمة أزمة الهجرة"، حيث انتفض العالم لمواجهة الأزمة، دون إيجاد حل حقيقي للأزمات التي أدت إلى الهجرة في كلتا الدولتين. كما تشير الاحصائيات إلى أن هناك أكثر من 12 مليون سوري هربوا منذ يونيو 2011، و4 مليون من العراق قاصدين عددًا من الدول العربية والغربية.
رابعًا: عجز الدولة ونمو الجماعات الإرهابية: حيث كان للموجة الأخيرة من التهجير القسري واللجوء تداعيات مهمة على مستوى العالم العربي، كان من أهمها تفكيك فكرة الدولة القومية المبنية على التنوع المجتمعي، علاوة على ظهور طبقة دنيًا جديدة كبيرة من المواطنين لها مطالبها الاجتماعية والاقتصادية ناهيك عن التوسع الواضح في هوية المسلحين، وأساليبهم في ممارسة الإرهاب وتهديد الدول الرخوة وسكانها. فقد استهدفت الكيانات الارهابية المجتمعات المحلية لتعبث بالهويات العرقية والطائفية، مما أدى إلى عودة أهمية عودة أهمية مناقشة قضايا الهوية والسياسات المرتبطة بها.
خامسًا، المتاجرة باحتياجات المهاجرين: حيث احترفت بعض الدول المتاجرة أزمة اللاجئين، العربية منها والإقليمية والأوروبية أيضًا، مثل تركيا على سبيل المثال، والتي تريد الحصول على مساعدات مالية مقابل استضافتها لهم. كما وقعت بعض الدول العربية الغنية لابتزاز من قبل الدول الأوروبية ومنظمات الأمم المتحدة، التي يذهب جزء كبير من هذه الأموال إلى موظفيها والعاملين فيها.
سادسًا، غياب التنمية: إن الأوضاع الاقتصادية السيئة في بعض الدول الأفريقية والآسيوية دفعت العديد من مواطني هذا الدول إلى الهجرة، خاصة مع انسداد أفق حلم الحياة في دولهم الأصلية. فعلى سبيل المثال، في الوقت الذي تسعي فيها الدول الغنية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وفرنسا، أو الإقليمية مثل طهران وإسرائيل، على الاستحواذ على السوق والموارد الأفريقية، لم يفكروا في تحقيق تنمية بشرية حقيقية في تلك البلدان، ولكن الجميع يريد السيطرة والنفوذ وجعل السواد الأعظم من هذه الدول، دول تابعة اقتصاديًا وسياسيًا.
سابعًا: حلم الحياة الغربي، أو النموذج الأوروبي والأمريكي للحياة، والذي يصدر لمواطني دول العالم الثالث عبر الوسائل الثقافية من أفلام ومسلسلات، والتي تجسد الحياة السهلة وفرص الغني السريع، دون معاناة، وهو تصوير خاطئ للحياة في العالم الغربي. فمن المؤكد أن المواطن الغربي يتمتع بفرص كبير في الحياة، والحريات العامة مصونة، لكن القانون يطبق بحزم ودون مواربة على الجميع، وهي أمور كلها إيجابية ولكن ليست الحياة كلها سهلة، فالمواطن الغربي والأمريكي هو الأكثر على مستوى العالم في متوسط قوة العمل اليومي، فضلاً عن المواطن الياباني والصين.
ثانيًا- مشاركة متنوعة: نحو رؤية دبلوماسية للأزمة
في إطار الاهتمام الأكاديمي والعملية بالقضية موضوع الدراسة، عقد على مدار ثلاثة أيام (24 – 26) المؤتمر الأول لمركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تحت عنوان "أزمة الهجرة واللجوء وتحديات الدولة القومية في الوطن العربي وأوروبا". وقد تمثلت محاور المؤتمر في 7 محاور أساسية، هي: دور مؤسسات الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الهجرة واللجوء ، وسياسات الدول الأوروبية تجاه الهجرة واللجوء، والأبعاد الثقافية والإعلامية للهجرة، والمهاجرون وأزمة بناء الدولة: دراسة حالة مصر وتركيا، والهجرة واللجوء بين الحرب والاستقرار، والأبعاد الأمنية والمجتمعية للهجرة واللجوء، ودور المنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات المجتمع المدني في التعامل مع قضايا الهجرة واللجوء، والهجرة الأفريقية: الفرص و التحديات، وأخيرًا الأبعاد القانونية والحقوقية للهجرة واللجوء.
وقد شارك في أعمال المؤتمر كوكبة من الباحثين والمتخصصين والدبلوماسيين، فمن جانبه أكد السفير محمد غنيم، نائب مساعد وزير الخارجية المصري للهجرة واللاجئين ومكافحة الإتجار بالبشر، أن ظاهرة الهجرة ظاهرة قديمة قدم البشرية لذلك لا نتعامل معها كونها ظاهرة جديدة ولكن ظاهرة إنسانية. وأضاف أن القانون في مصر يُعِد ظاهرة الاتجار في البشر الثانية بعد تجارة السلاح، مؤكدًا أن هناك قانون يتم إصداره خلال الأيام القادمة خاصة بعد غرق المواطنين قبالة سواحل رشيد بمحافظة البحيرة. كما شدد على أنه لا يجب أن يتم التعامل مع اللجوء والهجرة غير الشرعية من منطلق أمني فقط، ولكن مع دوافع الهجرة مثل الفقر والبطالة والحروب.
أما السفيرة نائلة جبر، رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمنع ومكافحة الهجرة الغير مشروعة، فقد أكدت على أنه تم الانتهاء من مشروع قانون الهجرة غير شرعية، والموافقة عليه من قِبل مجلس الوزراء، وما زالوا منتظرين موافقة البرلمان في أول دورات انعقاده الثانية. وأشارت إلى أنه لا يجب الخلط بين اللجوء والهجرة، لأن كلاً منهم له إطار قانوني مختلف عن الآخر، مضيفة أن برنامج الغذاء العالميWFP له دور كبير في توفير الغذاء للاجئين.
أما سفير كندا بالقاهرة، تروي لولاشنيك، فقد أكد على أن كندا تعمل على احتضان كافة المهاجرين واللاجئين من كافه الجنسيات والأديان. وأضاف خلال المؤتمر، أن الدولة تعمل على توفير كافة فرص العمل وإعداد معيشة جيدة للاجئين، مشيرًا إلى أن أطفال المدارس في كندا استقبلوا اللاجئين السورين بالورد والأغاني الترحيبية. وأوضح أن كندا تعتمد على ٢٠٪ من اللاجئين في قوة العمل، مؤكداً أن لهم مجتمع متنوع به أكثر من ٢٠٠ لغة.
ثالثًا- رؤي لم تكتمل: سياسات الإدماج الأوروبية
وفي إطار تناولنا للرؤى المختلفة للتعامل مع قضية اللاجئين، تأتى رؤية الباحث دكتور هاني سليمان، والتي قُدمت ضمن أعمال المؤتمر سالف الذكر، وقد جاءت ورقته معنونة بـ "سياسات الإدماج الأوروبية تجاه القادمين الجدد: السياسات الفرنسية تجاه اللاجئين السوريين"، حيث أكد على أن قضية اللجوء والهجرة، أحد أهم اهتمامات الفضاء الدولي، في ظل تنامي الأزمة في سوريا، ومن قبلها العراق وأفغانستان، وما لها من تداعيات مختلفة على دول الإرسال والاستقبال، ولقد شهدت سياسات الدول الأوروبية تجاه القادمين إليها، شبه تحديد في القواعد والسياسات خاصة منذ التسعينيات، حيث استقرت على ضبط المجال أمام الوافدين، وتضييق الخناق وفقاً لأطر قانونية ومؤسسية، خاصة في ظل الإجراءات المعقدة في إطار الحفاظ على الدولة القومية، ومخاوف الإرهاب.
أما سفير كندا بالقاهرة، تروي لولاشنيك، فقد أكد على أن كندا تعمل على احتضان كافة المهاجرين واللاجئين من كافه الجنسيات والأديان. وأضاف خلال المؤتمر، أن الدولة تعمل على توفير كافة فرص العمل وإعداد معيشة جيدة للاجئين، مشيرًا إلى أن أطفال المدارس في كندا استقبلوا اللاجئين السورين بالورد والأغاني الترحيبية. وأوضح أن كندا تعتمد على ٢٠٪ من اللاجئين في قوة العمل، مؤكداً أن لهم مجتمع متنوع به أكثر من ٢٠٠ لغة.
ثالثًا- رؤي لم تكتمل: سياسات الإدماج الأوروبية
وفي إطار تناولنا للرؤى المختلفة للتعامل مع قضية اللاجئين، تأتى رؤية الباحث دكتور هاني سليمان، والتي قُدمت ضمن أعمال المؤتمر سالف الذكر، وقد جاءت ورقته معنونة بـ "سياسات الإدماج الأوروبية تجاه القادمين الجدد: السياسات الفرنسية تجاه اللاجئين السوريين"، حيث أكد على أن قضية اللجوء والهجرة، أحد أهم اهتمامات الفضاء الدولي، في ظل تنامي الأزمة في سوريا، ومن قبلها العراق وأفغانستان، وما لها من تداعيات مختلفة على دول الإرسال والاستقبال، ولقد شهدت سياسات الدول الأوروبية تجاه القادمين إليها، شبه تحديد في القواعد والسياسات خاصة منذ التسعينيات، حيث استقرت على ضبط المجال أمام الوافدين، وتضييق الخناق وفقاً لأطر قانونية ومؤسسية، خاصة في ظل الإجراءات المعقدة في إطار الحفاظ على الدولة القومية، ومخاوف الإرهاب.
وقد برزت أزمة القادمين الجدد في أوروبا من خلال ارتفاع عدد المهاجرين لأسباب اقتصادية واللاجئين من مناطق النزاعات إلى الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي حيث عبر معظمهم البحر المتوسط وجنوب شرق أوروبا قادمين من الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا والبلقان. بدأت المرحلة الثانية من هذه الأزمة أساساً في صيف 2015 تحديداً منذ أغسطس 2015، حيث يعبر الآلاف من السوريين الحدود نحو أوروبا هرباً من الحرب الأهلية السورية، وتم استقبالهم أساساً في ألمانيا والنمسا، بينما علقوا ومُنعوا من حرية التنقل في المجر التي بدأت في بناء حاجز بينها وبين صربيا وذلك يبين تباعد السياسات تجاه هذه الأزمة بين دول الاتحاد الأوروبي. وتعد فرنسا أحد أهم الدول التي لها سياسات متأصلة في التعامل مع المهاجرين واللاجئين، وفقاً لأطر وسياسات مختلفة عبر فترة من الزمان، إلا أن الموقف الفرنسي شهد تحولات مختلفة في الآونة الأخيرة تجاه تلك القضية، بما يعيد النظر في الموقف الفرنسي وبخاصة إزاء اللاجئين السوريين.
ويحاول الباحث في دراسته بيان كيفية استجابة الدول الأوروبية تجاه قضايا الهجرة واللجوء، وماهية السياسات التي اتبعتها في عملية التكامل واللجوء، بالتطبيق على فرنسا. وكيف تطورت الاستراتيجية الأوروبية في التعاطي مع أزمات القدوم الكبير للقارة. وفي إطار تناوله للملامح العامة للاستراتيجية الأوروبية، فقد أكد على أنها تسعى لتحقيق هدفين رئيسيين هما؛ الحد من تدفق اللاجئين إلى القارة الأوروبية، والتعامل الفعلي مع اللاجئين الذين يتمكنون من الوصول إلى الأراضي الأوروبية. وبناء على هذين العنصرين تتشكل الملامح العامة لتلك الاستراتيجية والتي تتمثل في التوطين، وإقامة مراكز الإيواء وتقديم المساعدات للدول المستقبلة للاجئين، والدعوة لإيجاد حل سياسي للصراع السوري، فضلًا عن الحد من تدفقات اللاجئين من الخارج.
المحور الأول: قضايا توطين اللاجئين، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي للتوصل لاتفاق نهائي بين الدول الأعضاء لتوزيع اللاجئين للمشاركة في تحمل الأعباء، مع ملاحظة أن الأعداد التي يتم التخطيط لاستقبالها تزداد مع زيادة تدفق اللاجئين، فقد ارتفع العدد من 40 ألف لاجئ خلال مايو 2015 إلى 120 ألف خلال سبتمبر 2015، لكن الحديث يدور حالياً حول خطط لزيادة العدد إلى 160 ألف. وفي هذا الإطار يشير الباحث إلى عدد من الملاحظات المهمة، أولها: إن الحديث الدائر عن التوطين لا يشمل جميع من وصلوا إلى أوروبا، ففي حين وصل إلى الدول الأوروبية أكثر من 441,2 ألف لاجئ يدور الحديث عن توطين نحو 160 ألف لاجئ فقط. ثانيها، تؤدي زيادة معدل تدفق اللاجئين إلى أوروبا إلى زيادة الحصص المخطط لاستيعابها بكل دولة، فقد كان عدد اللاجئين حتى مايو 2015 لا يتجاوز 287,6 ألف لاجي، وكان من المخطط استيعاب 40 ألف لاجئ فقط، لكن عدد اللاجئين ارتفع إلى 441,2 ألف حتى سبتمبر 2015، لذا تمت زيادة مجموع الحصص إلى 120 ألف لاجئ، ثم إلى 160 ألف في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن صول نحو 630 ألف لاجئ إلى أوروبا "وفق الأرقام التي رصدتها فرونتكس. ثالثها، تستوعب ألمانيا النسبة الأكبر من اللاجئين وفق خطة الاستقبال المقترحة بواقع 41 ألف لاجئ. ويعود ذلك لإعلان المستشارة الألمانية استعدادها لاستقبال أي لاجئ يستطيع الوصول إليها، في ظل توقعات من حكومتها بأن يصل عدد اللاجئين إليها بنهاية 2016 إلى أكثر من 800 ألف لاجئ. وقد واجهت ميركل حملات دعاية مضادة من التيارات والحركات المعادية للاجئين بسبب رفضها وضع حد أقصى للعدد الذي يمكن استيعابه، كما شاركت بعض وسائل الإعلام في هذه الحملة متهمة إياها بتعريض هوية المجتمع الألماني للخطر "الإسلامي"، لكنها ظلت حتى الآن صامدة في وجه هذه الاتهامات مما يثير علامات استفهام حول موقفها.
رابعها، وفق الخطة الجديدة المقترحة، تمت زيادة أعداد اللاجئين الذين سيتم استقبالهم إلى 120 ألف لاجئ رغم أن بعض الدول الأوروبية لم توافق بعد على استيعاب حصتها بموجب الخطة الأولى التي تقضي باستيعاب 40 ألف فقط، حيث لم يتجاوز العدد الإجمالي الذي تمت الموافقة عليه فعلًا 32 ألف لاجئ. وفي سبيل تجاوز هذه العقبة هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على الدول التي ترفض استقبال اللاجئين. وتم تحديد حصة كل دولة حسب الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان ومعدل البطالة وعدد اللاجئين الذين تم استقبالهم بالفعل.
خامسها، إن الحديث يدور عن توطين مؤقت للاجئين في بعض المجتمعات، بحيث يتم منح اللاجئ بطاقة إقامة لمدد زمنية تختلف من دولة إلى أخرى، انتظارًا لانتهاء حالة الحرب والصراع الدائر المتسبب في موجات النزح واللجوء، فإذا ما انتهت الحروب يعود اللاجئون إلى بلدانهم الأصلية مرة أخرى، وإذا لم تنته يحق لهم في بعض البلدان تجديد الإقامة والحصول على الجنسية وفق شروط معينة، لكن الوضع مختلف في ألمانيا، حيث يدور الحديث عن دمج اللاجئين في المجتمع الألماني مع ترحيب شديد بهم.
المحور الثاني، تعزيز الاعتبارات الأمنية: فخلال السنوات الماضية، غلب على سياسات الهجرة الأوروبية الطابع الأمني، بمعنى التركيز على البعد الأمني في إدارة هذا الملف، من خلال مجموعات من السياسات، ركزت من خلالها الدول الأوروبية على التعاون مع دول جنوب المتوسط التي تعتبر مصدرًا وممرًا للمهاجرين لتشديد الرقابة على حدودها ومنع تدفق موجات الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن تعقب شبكات التهريب، واستقبال المهاجرين الذين تتم إعادتهم مرة أخرى في مراكز الاحتجاز، حيث يتعرضون لألوان متعددة من التعذيب وإساءة المعاملة والمعيشة في ظروف غير إنسانية. بالإضافة لذلك، ركزت سياسات الدول الأوروبية في إدارة ملف الهجرة غير الشرعية على تشديد الرقابة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية وتشغيل دوريات أمنية في البحر المتوسط لمنع تقدم سفن المهاجرين إلى القارة الأوروبية. وخلال أزمة اللاجئين الراهنة لم يختلف المسلك كثيرًا على المستوى الأمني، حيث كان تشديد الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي أحد العناصر الرئيسية في كافة خطط الاتحاد الأوروبي المعلن عنها. وفي هذا الإطار؛ تصاعدت دعوات اللجوء إلى الخيار العسكري، من خلال استخدام قطع بحرية وجوية لضرب المراكب التي تستخدمها شبكات التهريب.
المحور الثالث، التمييز بين اللاجئين السياسيين والمهاجرين الاقتصاديين: في خضم تطورات أزمة اللاجئين إلى أوروبا، تحاول بعض القوى المناوئة للمهاجرين الادعاء بأن القادمين للقارة الأوروبية هم مهاجرون اقتصاديون وليسوا لاجئين سياسيين، بمعنى أنهم يبحثون عن حياة أفضل ولم يهربوا من مناطق صراعات، ومن بينهم اللاجئون السوريون، لكن هذه الادعاءات واهية، فسوريا على سبيل المثال أصبحت ساحة للصراعات بين القوى الإقليمية وبعضها من جهة وبين القوى الدولية وبعضها من جهة ثانية، بل وبين الفواعل دون الدول من جهة ثالثة.
المحور الرابع، إقامة مراكز إيواء للاجئين: في سبيل التخلص من أعباء استقبال اللاجئين، دعا الاتحاد الأوروبي لإقامة مراكز إيواء ببعض الدول للبت في طلبات اللجوء التي يتقدم بها المهاجرون للتمييز بين اللاجئين السياسيين والمهاجرين الاقتصاديين، لمنح المجموعة الأولى الحق في الإقامة واللجوء إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي، في حين يتم حرمان المجموعة الثانية من الوصول إلى فرصة تحقيق "الحلم الأوروبي". ومن بين الدول التي تم اقتراح إقامة مراكز إيواء بها اليونان وإيطاليا باعتبارها من المحطات الأولى للاجئين في طريقهم إلى أوروبا. ويعتمد الاتحاد في ذلك على تقديم مساعدات مالية تصل قيمتها إلى مليار يورو لتحسين أحوال اللاجئين بدول الجوار السوري ودول المنطقة الأخرى التي تضم اللاجئين إضافة إلى مليارات أخرى قدمت لتركيا.
ويحاول الباحث في دراسته بيان كيفية استجابة الدول الأوروبية تجاه قضايا الهجرة واللجوء، وماهية السياسات التي اتبعتها في عملية التكامل واللجوء، بالتطبيق على فرنسا. وكيف تطورت الاستراتيجية الأوروبية في التعاطي مع أزمات القدوم الكبير للقارة. وفي إطار تناوله للملامح العامة للاستراتيجية الأوروبية، فقد أكد على أنها تسعى لتحقيق هدفين رئيسيين هما؛ الحد من تدفق اللاجئين إلى القارة الأوروبية، والتعامل الفعلي مع اللاجئين الذين يتمكنون من الوصول إلى الأراضي الأوروبية. وبناء على هذين العنصرين تتشكل الملامح العامة لتلك الاستراتيجية والتي تتمثل في التوطين، وإقامة مراكز الإيواء وتقديم المساعدات للدول المستقبلة للاجئين، والدعوة لإيجاد حل سياسي للصراع السوري، فضلًا عن الحد من تدفقات اللاجئين من الخارج.
المحور الأول: قضايا توطين اللاجئين، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي للتوصل لاتفاق نهائي بين الدول الأعضاء لتوزيع اللاجئين للمشاركة في تحمل الأعباء، مع ملاحظة أن الأعداد التي يتم التخطيط لاستقبالها تزداد مع زيادة تدفق اللاجئين، فقد ارتفع العدد من 40 ألف لاجئ خلال مايو 2015 إلى 120 ألف خلال سبتمبر 2015، لكن الحديث يدور حالياً حول خطط لزيادة العدد إلى 160 ألف. وفي هذا الإطار يشير الباحث إلى عدد من الملاحظات المهمة، أولها: إن الحديث الدائر عن التوطين لا يشمل جميع من وصلوا إلى أوروبا، ففي حين وصل إلى الدول الأوروبية أكثر من 441,2 ألف لاجئ يدور الحديث عن توطين نحو 160 ألف لاجئ فقط. ثانيها، تؤدي زيادة معدل تدفق اللاجئين إلى أوروبا إلى زيادة الحصص المخطط لاستيعابها بكل دولة، فقد كان عدد اللاجئين حتى مايو 2015 لا يتجاوز 287,6 ألف لاجي، وكان من المخطط استيعاب 40 ألف لاجئ فقط، لكن عدد اللاجئين ارتفع إلى 441,2 ألف حتى سبتمبر 2015، لذا تمت زيادة مجموع الحصص إلى 120 ألف لاجئ، ثم إلى 160 ألف في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن صول نحو 630 ألف لاجئ إلى أوروبا "وفق الأرقام التي رصدتها فرونتكس. ثالثها، تستوعب ألمانيا النسبة الأكبر من اللاجئين وفق خطة الاستقبال المقترحة بواقع 41 ألف لاجئ. ويعود ذلك لإعلان المستشارة الألمانية استعدادها لاستقبال أي لاجئ يستطيع الوصول إليها، في ظل توقعات من حكومتها بأن يصل عدد اللاجئين إليها بنهاية 2016 إلى أكثر من 800 ألف لاجئ. وقد واجهت ميركل حملات دعاية مضادة من التيارات والحركات المعادية للاجئين بسبب رفضها وضع حد أقصى للعدد الذي يمكن استيعابه، كما شاركت بعض وسائل الإعلام في هذه الحملة متهمة إياها بتعريض هوية المجتمع الألماني للخطر "الإسلامي"، لكنها ظلت حتى الآن صامدة في وجه هذه الاتهامات مما يثير علامات استفهام حول موقفها.
رابعها، وفق الخطة الجديدة المقترحة، تمت زيادة أعداد اللاجئين الذين سيتم استقبالهم إلى 120 ألف لاجئ رغم أن بعض الدول الأوروبية لم توافق بعد على استيعاب حصتها بموجب الخطة الأولى التي تقضي باستيعاب 40 ألف فقط، حيث لم يتجاوز العدد الإجمالي الذي تمت الموافقة عليه فعلًا 32 ألف لاجئ. وفي سبيل تجاوز هذه العقبة هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على الدول التي ترفض استقبال اللاجئين. وتم تحديد حصة كل دولة حسب الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان ومعدل البطالة وعدد اللاجئين الذين تم استقبالهم بالفعل.
خامسها، إن الحديث يدور عن توطين مؤقت للاجئين في بعض المجتمعات، بحيث يتم منح اللاجئ بطاقة إقامة لمدد زمنية تختلف من دولة إلى أخرى، انتظارًا لانتهاء حالة الحرب والصراع الدائر المتسبب في موجات النزح واللجوء، فإذا ما انتهت الحروب يعود اللاجئون إلى بلدانهم الأصلية مرة أخرى، وإذا لم تنته يحق لهم في بعض البلدان تجديد الإقامة والحصول على الجنسية وفق شروط معينة، لكن الوضع مختلف في ألمانيا، حيث يدور الحديث عن دمج اللاجئين في المجتمع الألماني مع ترحيب شديد بهم.
المحور الثاني، تعزيز الاعتبارات الأمنية: فخلال السنوات الماضية، غلب على سياسات الهجرة الأوروبية الطابع الأمني، بمعنى التركيز على البعد الأمني في إدارة هذا الملف، من خلال مجموعات من السياسات، ركزت من خلالها الدول الأوروبية على التعاون مع دول جنوب المتوسط التي تعتبر مصدرًا وممرًا للمهاجرين لتشديد الرقابة على حدودها ومنع تدفق موجات الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن تعقب شبكات التهريب، واستقبال المهاجرين الذين تتم إعادتهم مرة أخرى في مراكز الاحتجاز، حيث يتعرضون لألوان متعددة من التعذيب وإساءة المعاملة والمعيشة في ظروف غير إنسانية. بالإضافة لذلك، ركزت سياسات الدول الأوروبية في إدارة ملف الهجرة غير الشرعية على تشديد الرقابة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية وتشغيل دوريات أمنية في البحر المتوسط لمنع تقدم سفن المهاجرين إلى القارة الأوروبية. وخلال أزمة اللاجئين الراهنة لم يختلف المسلك كثيرًا على المستوى الأمني، حيث كان تشديد الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي أحد العناصر الرئيسية في كافة خطط الاتحاد الأوروبي المعلن عنها. وفي هذا الإطار؛ تصاعدت دعوات اللجوء إلى الخيار العسكري، من خلال استخدام قطع بحرية وجوية لضرب المراكب التي تستخدمها شبكات التهريب.
المحور الثالث، التمييز بين اللاجئين السياسيين والمهاجرين الاقتصاديين: في خضم تطورات أزمة اللاجئين إلى أوروبا، تحاول بعض القوى المناوئة للمهاجرين الادعاء بأن القادمين للقارة الأوروبية هم مهاجرون اقتصاديون وليسوا لاجئين سياسيين، بمعنى أنهم يبحثون عن حياة أفضل ولم يهربوا من مناطق صراعات، ومن بينهم اللاجئون السوريون، لكن هذه الادعاءات واهية، فسوريا على سبيل المثال أصبحت ساحة للصراعات بين القوى الإقليمية وبعضها من جهة وبين القوى الدولية وبعضها من جهة ثانية، بل وبين الفواعل دون الدول من جهة ثالثة.
المحور الرابع، إقامة مراكز إيواء للاجئين: في سبيل التخلص من أعباء استقبال اللاجئين، دعا الاتحاد الأوروبي لإقامة مراكز إيواء ببعض الدول للبت في طلبات اللجوء التي يتقدم بها المهاجرون للتمييز بين اللاجئين السياسيين والمهاجرين الاقتصاديين، لمنح المجموعة الأولى الحق في الإقامة واللجوء إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي، في حين يتم حرمان المجموعة الثانية من الوصول إلى فرصة تحقيق "الحلم الأوروبي". ومن بين الدول التي تم اقتراح إقامة مراكز إيواء بها اليونان وإيطاليا باعتبارها من المحطات الأولى للاجئين في طريقهم إلى أوروبا. ويعتمد الاتحاد في ذلك على تقديم مساعدات مالية تصل قيمتها إلى مليار يورو لتحسين أحوال اللاجئين بدول الجوار السوري ودول المنطقة الأخرى التي تضم اللاجئين إضافة إلى مليارات أخرى قدمت لتركيا.
كما أشار سليمان إلى أن المبادئ الأساسية للاستراتيجية الأوروبية، تتمثل في:
1- التشاركية: تنطلق خطة الاتحاد الأوروبي من مبدأ المشاركة بين كافة الدول الأعضاء في تحمل أعباء إدارة الأزمة وعدم تكفل دولة واحدة بها. وترفع لواء هذا المبدأ بشكل دائم الدول التي تتحمل العبء الكبر لاستقبال اللاجئين خاصة ألمانيا والسويد.
2- الدفاع عن القيم الأوروبية: تزعم دول الاتحاد الأوروبي أنها قلعة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن هذه الادعاءات -بغض النظر عن صدقها من عدمه- تعرضت لاختبار شديد واتهامات بالكذب والتضليل بعد تكرار حوادث غرق اللاجئين في أعماق البحر المتوسط بل وداخل الأراضي الأوروبية بالشاحنات ومحطات القطارات. إن اتساع نطاق الأزمة قد دفع دول القارة، حتى تلك التي أعلنت ترحيبها باللاجئين السوريين إلى اتخاذ إجراءات للحد من تدفقات اللجوء إليها، الأمر الذي يضع القيم الأوروبية المزعومة على المحك.
3- الدفاع عن الهوية الأوروبية: إن أزمة العديد من القوى الأوروبية مع اللاجئين لا تكمن في أعدادهم ولكنها تكمن في عوامل تاريخية وثقافية ودينية، فغالبية اللاجئين ينتسبون للدين الإسلامي وقادمون من سوريا وأفغانستان والعراق، لذا، ترى العديد من تلك القوى أن موجات اللجوء والهجرة إلى القارة الأوروبية تهدد هويتها المسيحية، الأمر الذي يتطلب موقفًا حازمًا للحد من تلك الموجات. لذا كان طبيعيًا أن تصدر غالبية الاعتراضات من دول أوروبا الشرقية بسبب الميراث التاريخي الذي جمعها بدولة الإسلام خلال قرون مضت في حروب وصراعات بينية لم تتوقف حتى وقت قريب مضى. وترتبط المخاوف الأوروبية بشكل رئيسي بهاجس تحول المسلمين إلى أغلبية في المجتمعات الأوروبية لتزايد أعداد المهاجرين واللاجئين وارتفاع معدل المواليد بينهم مقارنة بأصحاب الديانات الأخرى.
1- التشاركية: تنطلق خطة الاتحاد الأوروبي من مبدأ المشاركة بين كافة الدول الأعضاء في تحمل أعباء إدارة الأزمة وعدم تكفل دولة واحدة بها. وترفع لواء هذا المبدأ بشكل دائم الدول التي تتحمل العبء الكبر لاستقبال اللاجئين خاصة ألمانيا والسويد.
2- الدفاع عن القيم الأوروبية: تزعم دول الاتحاد الأوروبي أنها قلعة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن هذه الادعاءات -بغض النظر عن صدقها من عدمه- تعرضت لاختبار شديد واتهامات بالكذب والتضليل بعد تكرار حوادث غرق اللاجئين في أعماق البحر المتوسط بل وداخل الأراضي الأوروبية بالشاحنات ومحطات القطارات. إن اتساع نطاق الأزمة قد دفع دول القارة، حتى تلك التي أعلنت ترحيبها باللاجئين السوريين إلى اتخاذ إجراءات للحد من تدفقات اللجوء إليها، الأمر الذي يضع القيم الأوروبية المزعومة على المحك.
3- الدفاع عن الهوية الأوروبية: إن أزمة العديد من القوى الأوروبية مع اللاجئين لا تكمن في أعدادهم ولكنها تكمن في عوامل تاريخية وثقافية ودينية، فغالبية اللاجئين ينتسبون للدين الإسلامي وقادمون من سوريا وأفغانستان والعراق، لذا، ترى العديد من تلك القوى أن موجات اللجوء والهجرة إلى القارة الأوروبية تهدد هويتها المسيحية، الأمر الذي يتطلب موقفًا حازمًا للحد من تلك الموجات. لذا كان طبيعيًا أن تصدر غالبية الاعتراضات من دول أوروبا الشرقية بسبب الميراث التاريخي الذي جمعها بدولة الإسلام خلال قرون مضت في حروب وصراعات بينية لم تتوقف حتى وقت قريب مضى. وترتبط المخاوف الأوروبية بشكل رئيسي بهاجس تحول المسلمين إلى أغلبية في المجتمعات الأوروبية لتزايد أعداد المهاجرين واللاجئين وارتفاع معدل المواليد بينهم مقارنة بأصحاب الديانات الأخرى.
رابعًا: رؤية مستقبلية للأزمة
إن أزمة اللاجئين بحاجة إلى رؤية أوسع بكثير من تلك الرؤي الأممية أو الأوروبية والأمريكية الآنية. إن للأزمة دلالات وفرص وتحديات يمكن التعامل معها بجدية إذا أرادت الدول الغربية بالفعل أن تحمي نفسها، أو على الأقل التعامل بصدق مع الأزمة. كما أن الأزمة تعتبر لحظة كاشفة عن الحقائق التي تم ذكرها في بداية المقال التحليلي، الذي يوجد بين أيدينا، والتعامل معها يتطلب استراتيجية قائمة على ما يلي:
1- تشفير المشكلات: حيث باتت هناك ضرورة ملحة لحل الصراع في كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن. وأن على الدول الغربية التي عملت على تأجيج الصراع الداخلي أن تقوم بمسئوليتها الأخلاقية والأدبية لحلحلة المشكلات عبر الضغط على الفصائل التي دعمتها من أجل وقف الحرب الأهلية في كل هذه الدول بلا استثناء.
2- مجابهة حقيقية للإرهاب: وذلك عبر مقاربة ثقافية واجتماعية ودينية، إضافة إلى المقاربة الأمنية العسكرية. ويضاف إلى ذلك أن تمتنع الدول الغربية عن التوظيف السياسي للجماعات التكفيرية والمتشددة. فمن المؤكد أن يد الإرهاب باطشة ولم ينل الدول الغربية شيء يذكر حتى الآن على الرغم من التفجيرات الأخيرة، ومن استطاع تحضير العفريت يستطيع أن يصرفه. بمعنى آخر، أن الولايات المتحدة الأمريكية التي مولت تنظيم القاعدة ودربته للنيل من الاتحاد السوفيتي السابق، والتي فككت العراق، وخرج تنظيم داعش علينا في ظل احتلالها له، هي التي تستطيع الآن أن تضغط على هذه التنظيمات، وتقوم بتصفيتها.
3- إعادة بناء الدولة: ليس فقط من الجوانب السياسية والاجتماعية والعسكرية، ولكن أيضًا الجوانب الاقتصادية، وذلك بهدف استيعاب القدرات البشرية الهائلة التي تتمتع بها المنطقة العربية والإسلامية، وإعادة تأهيل وبناء قدرات الشباب والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع. فضلاً عن فتح افق جديدة أمام الجميع للمشاركة المجتمعية والسياسية، دون إقصاء لأحد، وذلك وفقًا للقواعد الوطنية المتعارف عليها، وطبقًا للقانون والدستور.
4- إقامة مشاريع تنموية مشتركة: بمعنى التعاون المشترك بين الدول الغربية والعربية في إقامة مشروعات تنموية على الأراضي العربية والأفريقية، بهدف استيعاب القوى البشرية الهائلة التي تريد أن تهاجر إلى الغرب بحثًا عن مستقبل أفضل.
والخلاصة، باتت الحاجة ملحة لضرورة إيجاد مقاربة جديدة للتعامل مع أزمة اللاجئين يتعاون فيها الجميع. مقاربة تقوم على ضرورة تجفيف بؤر الإرهاب وإعادة قيام الدولة بوظائفها الطبيعية، وعدم التدخل في الشأن الداخلي، وفتح أفق وسبل العيش المشترك بين أطياف الوطن الواحد.
إن أزمة اللاجئين بحاجة إلى رؤية أوسع بكثير من تلك الرؤي الأممية أو الأوروبية والأمريكية الآنية. إن للأزمة دلالات وفرص وتحديات يمكن التعامل معها بجدية إذا أرادت الدول الغربية بالفعل أن تحمي نفسها، أو على الأقل التعامل بصدق مع الأزمة. كما أن الأزمة تعتبر لحظة كاشفة عن الحقائق التي تم ذكرها في بداية المقال التحليلي، الذي يوجد بين أيدينا، والتعامل معها يتطلب استراتيجية قائمة على ما يلي:
1- تشفير المشكلات: حيث باتت هناك ضرورة ملحة لحل الصراع في كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن. وأن على الدول الغربية التي عملت على تأجيج الصراع الداخلي أن تقوم بمسئوليتها الأخلاقية والأدبية لحلحلة المشكلات عبر الضغط على الفصائل التي دعمتها من أجل وقف الحرب الأهلية في كل هذه الدول بلا استثناء.
2- مجابهة حقيقية للإرهاب: وذلك عبر مقاربة ثقافية واجتماعية ودينية، إضافة إلى المقاربة الأمنية العسكرية. ويضاف إلى ذلك أن تمتنع الدول الغربية عن التوظيف السياسي للجماعات التكفيرية والمتشددة. فمن المؤكد أن يد الإرهاب باطشة ولم ينل الدول الغربية شيء يذكر حتى الآن على الرغم من التفجيرات الأخيرة، ومن استطاع تحضير العفريت يستطيع أن يصرفه. بمعنى آخر، أن الولايات المتحدة الأمريكية التي مولت تنظيم القاعدة ودربته للنيل من الاتحاد السوفيتي السابق، والتي فككت العراق، وخرج تنظيم داعش علينا في ظل احتلالها له، هي التي تستطيع الآن أن تضغط على هذه التنظيمات، وتقوم بتصفيتها.
3- إعادة بناء الدولة: ليس فقط من الجوانب السياسية والاجتماعية والعسكرية، ولكن أيضًا الجوانب الاقتصادية، وذلك بهدف استيعاب القدرات البشرية الهائلة التي تتمتع بها المنطقة العربية والإسلامية، وإعادة تأهيل وبناء قدرات الشباب والعمل على إعادة دمجهم في المجتمع. فضلاً عن فتح افق جديدة أمام الجميع للمشاركة المجتمعية والسياسية، دون إقصاء لأحد، وذلك وفقًا للقواعد الوطنية المتعارف عليها، وطبقًا للقانون والدستور.
4- إقامة مشاريع تنموية مشتركة: بمعنى التعاون المشترك بين الدول الغربية والعربية في إقامة مشروعات تنموية على الأراضي العربية والأفريقية، بهدف استيعاب القوى البشرية الهائلة التي تريد أن تهاجر إلى الغرب بحثًا عن مستقبل أفضل.
والخلاصة، باتت الحاجة ملحة لضرورة إيجاد مقاربة جديدة للتعامل مع أزمة اللاجئين يتعاون فيها الجميع. مقاربة تقوم على ضرورة تجفيف بؤر الإرهاب وإعادة قيام الدولة بوظائفها الطبيعية، وعدم التدخل في الشأن الداخلي، وفتح أفق وسبل العيش المشترك بين أطياف الوطن الواحد.