المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

استخدامات الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي وعلاقته باتجاهاتهم السياسية

الأربعاء 01/يونيو/2016 - 11:36 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
أ.د. شريف درويش اللبان - أ.سامح الشريف
في ظل الهيمنة على المشهد الإعلامي، الذي تحوَّلت معظم وسائله إلى أدوات لخدمة أجندة ملاّكها، وتعمل في إطار سياساتهم الإعلامية، ظهرت أهمية المواقع الاجتماعية، التي باتت وسيلة تواصل أساسية، تتيح التعبير عن الآراء وتبادل المعلومات والمشاركة في توجيه الأحداث، ولم يقتصر استخدامها وتوظيفها على فئات الجماهير المختلفة؛ بل امتد إلى مختلف القوى والمؤسسات السياسية والفكرية، الرسمية والأهلية، لتصبح أحد أهم محركات التفاعل مع الأحداث الجارية والقضايا العامة وإنتاج محتوى إعلامي بديل يعبر عن خطاب الجماهير إلى جانب خطاب المؤسسات المختلفة.
وقد شهد العالم العربيّ قفزة كبيرة في دور وسائل التواصل الاجتماعي في حركية المجتمع، فقد لعبت رسائل فيسبوك وتغريدات تويتر دورًا كبيرًا في التمهيد للثورة، والتحريض عليها والتحفيز على مواصلتها، وجاءت تسمية الثورة المصريّة باسم (ثورة الفيسبوك) كي تعكس قناعة قويّة بالدور المحوريّ لوسائل التواصل الاجتماعيّ في إشعالها. كما أُنجزت معظم العمليّات التنظيميّة في فضاء فيسبوك، كما أنّ هذه الوسائل قدّمت فضاءً تواصليًّا رحبًا، أتاح لخطاب الثورة بحجج هو قناعاتها للوصول إلى شريحة ضخمة من الشباب، ومن ثمَّ لعبت دورًا مؤثّرًا في خلق وعي ثوريّ.
ولعلّ ما يفسر الدور الكبير للشبكات الاجتماعية، أنها أتاحت التدفق الكبير للمعلومات وتعزيز التواصل بين الأفراد، ما سهّل من دورها في حشد وتعبئة طاقة معنوية معادية لنظام الحكم، وإذا كانت الصحافة قد أسهمت بدور كبير في تشكيل البنية الثقافية للمجتمع المصري منذ القرن التاسع عشر؛ فإن تكنولوجيا المعلومات أخرجت وسائل الاتصال عن سيطرة الدولة ولعبت دورًا في بناء معارضة قوية وساهمت في تشكيل خطاب حداثي.  
فالمُتتبع للمجال العام المصري بعد ثورة يناير يدرك التحولات الكبرى التي شهدها فيما يتعلق ببنيته والفاعلين الرئيسيين فيه وكيفية إدارة العلاقة بين هؤلاء الفاعلين وبعضهم بعضا من جانب وبالسلطة الحاكمة من جانب آخر، فلم يعد هناك حزب حاكم يحتكر لنفسه حق التمثيل داخل المجال العام، بل تعددت وتنوعت بداخل هذا المجال كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي، وتخلص المجال العام المصري من وصاية النظام وأصبح مجالًا عامًا تعدديًا، تمثلت فيه الحركات الاحتجاجية، والائتلافات الشبابية، والأحزاب السياسية الوليدة، فلم يعد تيار أو حزب معين يحتكر لنفسه حق التمثيل داخل المجال العام.
ومن ثم، يتركز موضوع هذه الدراسة في أنماط وطبيعة استخدامات الشباب المصري للمواقع الاجتماعية ودراسة السلوك الاتصالي للشباب المصري وعلاقته بالمواقع الاجتماعية الدور الذي تمارسه هذه المواقع في حياة الشباب المصري والتأثيرات التي تحدثها على الشباب المصري وتحديدًا على اتجاهاته السياسية في إطار دور هذه المواقع كفضاء رقمي جديد للعمل السياسي وإنتاج المضامين السياسية، ودوره في تشكيل اتجاهات الشباب المصري نحو الأحداث.

لعبت رسائل فيسبوك وتغريدات تويتر دورًا كبيرًا في التمهيد للثورة، وجاءت تسمية الثورة المصريّة باسم (ثورة الفيسبوك) كي تعكس قناعة قويّة بالدور المحوريّ لوسائل التواصل الاجتماعيّ في إ
أولًا: مشكلة الدراسة
            مع بدء التحولات التي اجتاحت العالم العربي في نهاية عام 2010، والتي لا تزال تفاعلاتها مستمرة حتى الآن، وبالتزامن مع ما شهدته الدولة المصرية من تغيرات سياسية واجتماعية منذ أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011 مرورًا بأحداث الثلاثين من يونيو 2013 وتداعياتها؛ كان للمواقع الاجتماعية دورًا مهمًا في هذه الأحداث، حيث أنها لم تشكّل فقط حلقة وصل بين الجماهير لتبادل المعلومات والخبرات بشأن ما يجري من أحداث؛ لكنها أصبحت أيضًا تمارس دور تجميع الكتلة الحرجة Critical Mass من خلال تشجيع الحشود وتشكيل اتجاهات الجماهير.
ولكون الدعوة لهذه الأحداث تمت من خلال شبكات التواصل، مع تجاهل تام من وسائل الإعلام الرسمية الخاضعة لسيطرة الدولة؛ بحث الشباب عن إعلام بديل يقدم من خلاله مطالب الثورة وأهدافها، وأصبحت المواقع الاجتماعية مجالًا للتعبير عن الآراء .
وفي إطار الدور الذي تلعبه الشبكات الاجتماعية في الحياة السياسية؛ فقد طرحت العديد من الدراسات طبيعة المشاركة في المناقشات السياسية للجمهور في الشبكات الاجتماعية، ففي ظل مفهوم "غرف الصدى" Echo Chamber ميزت الدراسات بين الجمهور الذي ينخرط في المناقشات السياسية سواء مع من يوافقونهم أو يعارضونهم الرأي والاتجاه السياسي، أو من يميلون لمصادقة من يتفوقون معهم في الاتجاه السياسي فقط وكأنهم يعيشون في غرفة للصدى.
وعلى المستوى المعرفي، تعد الشبكات الاجتماعية من أهم الأماكن التي يتعرف فيها الشباب على المعلومات الضرورية الخاصة بالعملية السياسية في مجتمعاتهم، فهم يتقابلون افتراضيًا ويشاركون بدرجة عالية من الفعالية أينما كانوا. وتعمل الشبكات الاجتماعية على تدعيم الممارسة الديمقراطية من خلال إنهاء احتكار النظم الحاكمة للمعلومات، ونشر الوعي السياسي لدى المواطنين، وتدعيم دور المعارضة السياسية، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة لنشر الثقافة السياسية وتوعية الجمهور وزيادة اهتمامه بالشئون السياسية بما يزيد من المشاركة النشطة للأفراد وهي خطوة أولى للتنمية السياسية.
            كما تعد مظهرًا جديدًا للتطبيع الاجتماعي السياسي، ووسيلة لجذب المواطنين من الشباب إلى الاقتراب بصورة أوثق من العملية السياسية، كما ظهرت توقعات كبيرة تتعلق بإمكانيات الشبكات الاجتماعية في إحداث التعبئة السياسية وإشراك جماعات جديدة مستبعدة عن ممارسة السياسة، كما أصبحت الشبكة مصدرًا مهما للمشاركة السياسية من قبل صغار السن الذين لا تجذبهم السياسة عادة كما استطاعت جذب أناس جدد كانوا أقل تمثيلًا في أشكال المشاركة التقليدية. كما تساعد على المدى البعيد على بناء مجتمع مدني متقدم، كما تستخدم المواقع الاجتماعية من قبل التجمعات السياسية والتنظيمات كوسيلة للتحفيز السياسي وخلق الأنصار والمؤيدين والتفوق على المنافسين أو المناقشة وطرح الأفكار، وترجع أهمية الشبكات الاجتماعية في عملية التحول الديمقراطي لتزايد القاعدة الاجتماعية المستخدمة لها وتوسع نطاق النفاذ للشبكة لتشمل قطاعات وفئات اجتماعية عريضة، وتخفيف مستوى الرقابة السياسية على محتوى المواقع الإلكترونية وارتفاع مستوى المشاركة الإلكترونية. وفي ضوء ذلك تحددت مشكلة هذه الدراسة في: رصد وتحليل وتفسير استخدامات الشباب المصري للمواقع الاجتماعية ودورها في تشكيل الاتجاهات السياسية لهم.

ثانيًا: أهمية الدراسة
على المستوى المجتمعي، تلعب المواقع الاجتماعية دورًا مهمًا في مسار الأحداث التي تمر بها الدولة المصرية منذ أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011 مرورًا بأحداث الثلاثين من يونيو 2013 حيث أصبحت تعبر عن مختلف اتجاهات الرأي العام المصري، كما أنها أصبحت من الوسائل الإعلامية الرئيسة في حياة الشباب المصري يستقون منها معلوماتهم ويعبرون عن آرائهم في مختلف القضايا السياسية والاجتماعية بسهولة وحرية.
    وعلى المستوى الأكاديمي، تضيف الدراسة الحالية رصيدًا معرفيًا حول المواقع الاجتماعية، وطبيعة استخداماتها من جانب الشباب المصري والأدوار التي تقوم بها في حياتهم والتأثيرات التي تحملها على الشباب المصري، ففي ظل التطورات الحالية في الإعلام الاجتماعي الإلكتروني، يصبح من المهم دراسة استخدامات هذه الوسائل ودورها في تشكيل اتجاهات الجمهور والشباب على وجه الخصوص في ظل فترات التحولات السياسية.

أوضحت النسبة الأكبر من المبحوثين من الشباب المصري عينة الدراسة بنسبة (44.7%) أنها لم تلبي الدعوات الموجهة في المواقع الاجتماعية للمشاركة السياسية
ثالثًا: نوع الدراسة ومنهجها
تُعد هذه الدراسة من البحوث الوصفية ذات البعد التحليلي وتعتمد الدراسة على منهج المسح بهدف الرصد العلمي لاستخدامات الشباب المصري للمواقع الاجتماعية وتأثيرها على اتجاهات الشباب السياسية.
وتم تحديد حجم العينة ليكون (400) مفردة من الشباب المصري في المرحلة العمرية (18- 35) عام، في ضوء عدد من الاعتبارات العلمية، أولها أن فئة الشباب تعد من فئات الجمهور التي تختلف في المتغيرات الديموجرافية، ولهذا تكون دراسة هذه الفئة التي تحتوي على مفردات غير متجانسة في خصائصها الديموجرافية (كالنوع والتعليم والحالة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي الاجتماعي ومكان الإقامة والانتماء السياسي والتوجهات الفكرية) من خلال حجم عينات كبير يصل إلى (400) مفردة فأكثر، وثانيها أن الدراسات والبحوث السابقة اتجهت إلى دراسة فئة الشباب من خلال عينات تتراوح بين (300- 400) مفردة، وفي ضوء الاعتبارات العلمية السابقة، وفي ضوء الدراسات السابقة، فقد تم تحديد حجم العينة ليكون (400) مفردة من الشباب المصري في المرحلة العمرية ما بين (18- 35) عام.
وقد اعتمدت الدراسة الحالية على العينة العشوائية الطبقية، ففي حالات عديدة تكون وحدات المجتمع غير متجانسة في الظاهرة محل الدراسة، ويتم اللجوء إلى العينة العشوائية الطبقية لزيادة فرصة تمثيل خصائص المجتمع في العينة، وقد تم تقسيم مجتمع الدراسة إلى طبقات وفقًا لمتغير مكان الإقامة أو المحافظة التي يقيم بها المبحوث، ومن ثم فقد تم الحصول على الطبقات أو المحافظات التالية: محافظة القاهرة ممثلة لإقليم القاهرة الكبرى، محافظة الإسكندرية ممثلة للمحافظات الساحلية، محافظة سوهاج ممثلة لصعيد مصر، محافظة كفر الشيخ ممثلة لمحافظات الدلتا، محافظة السويس ممثلة لمحافظات القناة. وقد تم الاعتماد على أسلوب التوزيع المتساوي بأن تكون أحجام العينات المسحوبة من الطبقات متساويًا، خاصة أن أسلوب التوزيع المتناسب، الذي تكون فيه أحجام العينات المسحوبة من الطبقات حسب نسبتها في المجتمع، يحتاج لوجود إحصاءات دقيقة عن أعداد الشباب في المرحلة العمرية (18- 35) في كل محافظة، وينبغي الإشارة إلى أن الكتاب الإحصائي السنوي الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقدم أعداد سكان كل محافظة على حدة بشكل عام دون توضيح لتعداد كل فئة عمرية بمفردها.  

وقد اعتمدت الدراسة الحالية على صحيفة الاستقصاء بالمقابلة الشخصية،وقد تم الاعتماد على الصدق الظاهر Face Validity الذي يتم فيه تقييم أداة القياس من جانب المحكمين، وقد تم تطبيق الدراسة من شهر يناير وحتى شهر مارس عام 2015. وقد قام الباحث باختبار ثبات صحيفة الاستقصاء مع نفسه بنظام التطبيق ثم إعادة تطبيق صحيفة الاستقصاء على (10%) من عينة الدراسة البالغ عددهم 400 مفردة بواقع (40) مفردة بعد أسبوعين من إجراء التطبيق الأول، وقد تحقق ثبات المقياس بنسبة 92% وهو معامل على درجة مقبولة لثبات صحيفة الاستقصاء بالمقابلة، ويشير إلى صلاحيتها للتطبيق.

رابعًا: نتائج الدراسة
تعرض الدراسة فيما يلي نتائج الإجابة عن تساؤلات الدراسة على النحو التالي:
•    تستخدم النسبة الأكبر من المبحوثين من الشباب المصري عينة الدراسة (59.5%) المواقع الاجتماعية يوميًا، في حين يستخدمها أكثر من مرة أسبوعيًا (20.7%) من مفردات العينة، ويستخدمها على فترات متباعدة (12.5%) من عينة الدراسة، وأخيرًا يستخدمها مرة واحدة أسبوعيًا (7.3%) من العينة. ويتبين من النتائج السابقة أن النسبة الأكبر من الشباب المصري تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي، بما يشير إلى أن استخدامهم لهذه المواقع أصبح عادة اتصالية يومية يقومون بها لدوافع متعددة تختلف من فرد إلى آخر، وهو ما يوضح أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت إحدى وسائل الإعلام الرئيسية في حياة الشباب المصري يستخدمونها لإشباع العديد من الرغبات ولتحقيق عدة حاجات لديهم باختلاف السمات الشخصية والحاجات الاتصالية والاجتماعية والنفسية لكل فرد.
•    جاء "فيس بوك" Facebook في صدارة المواقع الاجتماعية التي يستخدمها المبحوثون من الشباب المصري عينة الدراسة بنسبة (92.8%)، وتلاها في المرتبة الثانية "يوتيوب" Youtube بنسبة (41.3%)، ثم "تويتر" Twitter في المرتبة الثالثة بنسبة (23.8%)، وفي المرتبة الرابعة "جوجل بلس"Google+ بنسبة (22.3%)، ثم "إنستجرام" Instgram في المرتبة الخامسة بنسبة (9.3%)، وفي المرتبة السادسة والأخيرة جاء "ماي سبيس" Myspace بنسبة (1.5%).ويتضح من هذه النتيجة أن أكثر المواقع الاجتماعية التي يستخدمها الشباب المصري هي فيس بوك، ويمكن تفسير هذا التفوق الكبير لهذه الشبكة الاجتماعية بإتاحتها العديد من الأدوات التفاعلية التي لا تتوفر في الكثير من الشبكات الاجتماعية، وعدم اقتصارها على جانب واحد يتعلق بالصور أو الفيديو على سبيل المثال، وعدم تقييد رغبة المستخدمين في الكتابة بعدد معين من الكلمات، إلى جانب أدوات التواصل النصي والصوتي وإرسال الملفات ومصادقة أكبر عدد من الأصدقاء ومتابعة عدد أكبر من الشخصيات.
•    جاء في صدارة دوافع استخدام المواقع الاجتماعية من جانب المبحوثين من الشباب المصري عينة الدراسة "المشاركة الاجتماعية مع الأصدقاء والأقارب والمعارف" بنسبة (68.5%)، وتلاها في المرتبة الثانية "لمعرفة الأحداث والتطورات المحلية والإقليمية والدولية" بنسبة (58.3%)، ثم "التسلية والترفيه وقضاء وقت الفراغ" في المرتبة الثالثة بنسبة (41.5%)، وفي المرتبة الرابعة "معرفة ما هو جديد في المجالات التي تهتم بها وتشترك فيها" بنسبة (28%)، ثم "الانخراط في الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد" في المرتبة الخامسة بنسبة (25%)، وفي المرتبة السادسة جاء "التواصل مع الفاعليات المعلن عنها عبر الموقع" بنسبة (19.5%)، وفي المرتبة السابعة جاء "إعلان موقفي من الأحداث من خلال التعبير عن رأيي وأفكاري" بنسبة (14%)، وفي المرتبة الثامنة والأخيرة "الدعوة لحدث معين" بنسبة (6.8%).ويتضح من هذه النتيجة أن أكثر ما يدفع الشباب المصري لاستخدام المواقع الاجتماعية المشاركة الاجتماعية مع الأصدقاء والأقارب والمعارف، حيث لوحظ تفوق هذا الجانب الذي يرتبط بالتواصل الاجتماعي على جوانب معرفية أخرى تتعلق بملاحقة آخر الأحداث والتطورات المحلية والإقليمية والدولية، ورغم أن هذه الدراسة أجريت على الشباب المصري، وفي أعقاب ما يقرب من خمسة أعوام من الأحداث السياسية الكبيرة التي مر بها الوطن؛ فإنه يتضح أن تفوق دوافع المشاركة الاجتماعية على دوافع المعرفة والمتابعة والإحاطة السياسية يمكن إرجاعه إلى حالة من الملل التي تعقب حالات الاستقطاب السياسي الحاد.  
•    جاءت في صدارة الأنشطة التي توفرها المواقع الاجتماعية للمبحوثين من الشباب المصري عينة الدراسة "إضافة صور أو فيديو" بمتوسط حسابي مرجح قدره (2.5500)، وتلاها في المرتبة الثانية "المحادثة" بمتوسط حسابي مرجح قدره (2.3075)، ثم "إنشاء مناسبات" في المرتبة الثالثة بمتوسط حسابي مرجح قدره (2.2775)، وفي المرتبة الرابعة "التعليق" بمتوسط حسابي مرجح قدره (2.2350)، ثم "الإشارة للأصدقاء" في المرتبة الخامسة بمتوسط حسابي مرجح قدره (2.0875)، وفي المرتبة السادسة جاءت "مشاركة الروابط المختلفة" بمتوسط حسابي مرجح قدره (2.0425)، وفي المرتبة السابعة جاءت "تحديث الحالة" بمتوسط حسابي مرجح قدره (1.9475)، وفي المرتبة الثامنة "تحميل الفيديو" بمتوسط حسابي مرجح قدره (1.7625)، وفي المرتبة التاسعة "ممارسة الألعاب" بمتوسط حسابي مرجح قدره (1.7075)، وجاء "متابعة الأخبار أو الصور أو الفيديو" في المرتبة العاشرة بمتوسط حسابي مرجح قدره (1.6575)، وفي المرتبة الحادية عشرة والأخيرة "إنشاء صفحة أو جروب" بمتوسط حسابي مرجح قدره (1.5975). واتساقًا مع نتيجة الجدول السابق؛ اتضح أن أكثر الأنشطة التي يرى الشباب المصري أن المواقع الاجتماعية توفرها كانت إضافة صور أو فيديو إلى جانب المحادثة وهو ما يرتبط بدوافع استخدامه لهذه المواقع، حيث كانت المشاركة الاجتماعية مع الأصدقاء والأقارب والمعارف في صدارة هذه الدوافع، وهو ما يوضح أن دوافع الشباب لاستخدام المواقع الاجتماعية ارتبطت أكثر بجوانب التواصل الاجتماعي مع المعارف والأصدقاء.
•    من خلال تحليل آراء واتجاهات المبحوثين من الشباب المصري عينة الدراسة عن علاقتهم بالمواقع الاجتماعية، اتضح تصدر عبارة "أستخدم المواقع الاجتماعية أحيانًا كوسيلة تكميلية مع وسائل الإعلام التقليدية" بمتوسط حسابي مرجح بلغ (3.6475)، وجاءت عبارة "أعتبر المواقع الاجتماعية من روتين حياتي اليومية" في المرتبة الثانية بمتوسط حسابي مرجح بلغ (3.5275)، كما حازت عبارة "أصبح بإمكاني استخدام المواقع الاجتماعية بديلًا لوسائل الاتصال الأخرى" على المرتبة الثالثة بمتوسط حسابي مرجح بلغ (3.4175)، وحازت عبارة "لا أستطيع الاستغناء عن المواقع الاجتماعية يوميًا إلا للضرورة القصوى" على المرتبة الرابعة بمتوسط حسابي مرجح قدره (3.1150)، وتلاها في المرتبة الخامسة بالتساوي كل من "عندما ينقطع الاتصال بالإنترنت لا أجد ما يغنيني عن المواقع الاجتماعية" وعبارة "يمكنني أن أترك وسائل الترفيه المختلفة من أجل متابعة المواقع الاجتماعية" متوسط حسابي مرجح قدره (2.9150) لكل منهما. ويتضح من الآراء السابقة للمبحوثين العلاقة الوثيقة التي تربطهم بالمواقع الاجتماعية والمؤشرات التي تؤكد ذلك أنهم يوافقون على استخدامها (أحيانًا) كوسيلة تكميلية مع الوسائل الإعلامية التقليدية، لكنهم في الأحوال العادية يعتبرون المواقع الاجتماعية من روتين حياتهم اليومية، كما أصبح بإمكانهم استخدام المواقع الاجتماعية بديلًا لوسائل الاتصال الأخرى، ولا يستطيعون الاستغناء عنها يوميًا إلا للضرورة القصوى، وهى كلها مؤشرات توضح أن المواقع الاجتماعية أصبحت الوسيلة الإعلامية الأساسية في حياة الشباب المصري.  
•    أوضحت النسبة الأكبر من المبحوثين من الشباب المصري عينة الدراسة بنسبة (44.7%) أنها لم تلبي الدعوات الموجهة في المواقع الاجتماعية للمشاركة السياسية، وتلاهم في المرتبة الثانية من أوضحوا أنهم قاموا بتلبية الدعوات الموجهة في المواقع الاجتماعية للمشاركة السياسية أحيانًا بنسبة بلغت (26.3%)، وفي المرتبة الثالثة جاء من أكدوا أنهم قاموا بتلبية الدعوات الموجهة في المواقع الاجتماعية للمشاركة السياسية نادرًا بنسبة (17.5%)، وفي المرتبة الرابعة والأخيرة جاء من أوضحوا أنهم قاموا بتلبية الدعوات الموجهة في المواقع الاجتماعية للمشاركة السياسية دائمًا بنسبة (11.5%). ويتضح من النتائج السابقة أن ما نسبته (55.3%) من المبحوثين قاموا بتلبية دعوات عبر المواقع الاجتماعية المختلفة للمشاركة السياسية في أحداث وقضايا المجتمع المصري بنسب ودرجات مختلفة تتراوح من دائمًا إلى نادرًا، مقابل ما نسبته (44.7%) من المبحوثين لم يقوموا بتلبية دعوات عبر المواقع الاجتماعية المختلفة للمشاركة السياسية في أحداث وقضايا المجتمع المصري، وتشير النسبة الحالية للمشاركة السياسية بين الشباب المصري إلى النصف تقريبًا، ورغم أن المشاركة السياسية للشباب المصري ارتفعت نسبتها بعد أحداث الخامس والعشرين من يناير وتزايد الحراك السياسي في المجتمع المصري، في ظل إحساس الجماهير المصرية بفاعلية مشاركتهم وجدواها، التي أدت إلى تنحي الرئيس الأسبق مبارك؛ فإنه لا بد من مراعاة متغير آخر أظهرته نظرية دوامة الصمت يتعلق بتخوف بعض المبحوثين من الإفصاح عن حقيقة توجهاتهم ونواياهم السلوكية وسلوكياتهم، وهو متغير قد يشير إلى إمكانية إحجام بعض المبحوثين عن الإفصاح عن مشاركتهم السياسية.   
•    جاء "الإدلاء بالصوت في الانتخابات" في صدارة الأنشطة السياسية التي شارك فيها المبحوثون من الشباب المصري عينة الدراسة استجابة للدعوات الموجهة عبر المواقع الاجتماعية بنسبة (52.9%)، وتلاها في المرتبة الثانية "اعتصام أو تظاهرة" بنسبة بلغت (34.8%)، وفي المرتبة الثالثة جاء "حضور ندوة أو مؤتمر سياسي" بنسبة (29.9%)، وفي المرتبة الرابعة جاء "مقاطعة حدث أو منتج معين" بنسبة (26.2%)، وجاء في المرتبة الخامسة "المشاركة في حملة انتخابية لمرشح" بنسبة (19%)، ثم "التوقيع على عريضة أو قائمة بمطالب سياسية" في المرتبة السادسة بنسبة (10.4%)، وفي المرتبة السابعة "الانضمام لحزب أو حركة" بنسبة (10%)، وفي المرتبة الثامنة والأخيرة "إنشاء جروب سياسي على المواقع الاجتماعية" بنسبة (9.5%).ويتضح من النتائج السابقة أن اتجاه الشباب المصري نحو المشاركة السياسية كنتيجة للتعرض للمواقع الاجتماعية تركز على المشاركة السياسية الإيجابية، حيث إن الإدلاء بالصوت في الانتخابات يعد مؤشرًا فاعلًا على التغيير السياسي في الأنظمة الديمقراطية التي تأخذ بنظام التمثيل النيابي والاقتراع المباشر لانتخاب نواب البرلمان ورئيس الدولة، حيث تفوق ذلك السلوك أو النشاط السياسي بشكل ملحوظ على المشاركة في التظاهرات والاعتصامات.  
•    بالنسبة لاتجاهات المبحوثين عينة الدراسة نحو الشأن السياسي والأطراف الفاعلة فيه؛ فقد جاء ترتيب عبارات مقياس الاتجاهات وفقًا للمتوسط الحسابي المرجح بأوزان على النحو التالي: في المرتبة الأولى "عادت رموز الحزب الوطني الفاسدة إلى المشاركة السياسية" (3.9050)، وتلاها في المرتبة الثانية "الأحزاب السياسية كيانات هشة وليس لها دور" (3.8425)، وفي المرتبة الثالثة "مصر تواجه مخاطر اقتصادية في الوقت الراهن" (3.8250)، وفي المرتبة الرابعة "أركان الدولة مهدةة بسبب المؤامرات الدولية" (3.6375)، وفي المرتبة الخامسة "الدول العربية تدعم مصر في مواجهة المخاطر التي تحيط بها" (3.5100)، وفي المرتبة السادسة "تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي يهدد الاستقرار" (3.3350)، وفي المرتبة السابعة "مصر بدأت تستعيد دورها على الساحة الإقليمية والدولية" (3.2875)، وفي المرتبة الثامنة "الانتخابات البرلمانية المقبلة لن تفرز برلمان قوي" (3.2525)، وفي المرتبة التاسعة "أتوقع توافد الاستثمارات الأجنبية على مصر" (3.2300)، وفي المرتبة العاشرة "الجهاز الأمني غير قادر على مواجهة التحديات الأمنية" (3.1950)، وفي المرتبة الحادية عشرة "المجتمع المصري متماسك اجتماعيًا" (3.1625)، وفي المرتبة الثانية عشرة "الشباب المصري مؤهل سياسيًا" (3.1550)، وفي المرتبة الثالثة عشرة "النظام السياسي الحالي قادر على مواجهة التحديات السياسية" (3.0100)، وفي المرتبة الرابعة عشر "الظروف السياسية الحالية توفر بيئة ملائمة لانتخابات برلمانية" (2.6575).ويتضح من خلال متابعة اتجاهات المبحوثين نحو الشأن السياسي والأطراف الفاعلة فيه، بعض التوازن بين الاتجاهات السلبية والاتجاهات الإيجابية للشباب المصري نحو الشأن السياسي، حيث إنه الشباب يرى أن رموز الحزب الوطني الفاسدة عادت للمشاركة السياسية، وأن الأحزاب السياسية كيانات هشة وليس لها دور في الحياة السياسية المصرية، كما أن مصر تواجه مخاطر اقتصادية في الوقت الراهن، وبالمقابل يرى الشباب أن الدول العربية تدعم مصر في مواجهة المخاطر التي تحيط بها، وأن مصر بدأت تستعيد دورها على الساحة الإقليمية والدولية، ويدل ذلك على وجود شبكة من الاتجاهات السلبية السياسية أو الاقتصادية ويقابلها شبكة أخرى من الاتجاهات الإيجابية نحو الشأن السياسي المصري والأطراف الفاعلة فيه.

يتضح وجود بعض التوازن بين الاتجاهات السلبية والاتجاهات الإيجابية للشباب المصري نحو الشأن السياسي
خامسًا: خاتمة الدراسة
أظهرت نتائج الدراسة العلاقة الوثيقة بين المواقع الاجتماعية وكل من الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، حيث أن المواقع الاجتماعية، وخاصة "فيس بوك" و"يوتيوب" و"تويتر"، كانت من المصادر الإعلامية الرئيسة التي اعتمد عليها الشباب المصري كمصدر معلومات في هذه الأحداث.
وتدعيمًا للنتائج السابقة الخاصة بتصدر "فيس بوك" للمواقع الاجتماعية التي يتابعها الشباب المصري بشكل عام؛ فقد جاء "فيس بوك" أيضًا في الصدارة لدى الشباب المصري لمتابعة أحداث الخامس والعشرين من يناير عام 2011 وأحداث الثلاثين من يونيو عام 2013، فقد كان المصدر الأساسي للشباب وغيرهم من فئات الجماهير الأخرى لمتابعة تطورات هذه الأحداث، خاصة في ظل ما عانته وسائل الإعلام الرسمية من غياب للمصداقية وتجاهل للأحداث، مما جعل الشباب المصري يتجه إلى هذه المواقع، حيث يصنعون هم بأنفسهم إعلامًا شخصيًا خاصًا بهم.
وبالنسبة لاتجاهات المبحوثين نحو الشأن السياسي المصري والأطراف الفاعلة فيه؛ يتضح وجود بعض التوازن بين الاتجاهات السلبية والاتجاهات الإيجابية للشباب المصري نحو الشأن السياسي، حيث أنه الشباب يرى أن رموز الحزب الوطني الفاسدة عادت للمشاركة السياسية، وأن الأحزاب السياسية كيانات هشة وليس لها دور في الحياة السياسية المصرية، كما أن مصر تواجه مخاطر اقتصادية في الوقت الراهن، وبالمقابل يرى الشباب أن الدول العربية تدعم مصر في مواجهة المخاطر التي تحيط بها، وأن مصر بدأت تستعيد دورها على الساحة الإقليمية والدولية، ويدل ذلك على وجود شبكة من الاتجاهات السلبية السياسية أو الاقتصادية ويقابلها شبكة أخرى من الاتجاهات الإيجابية نحو الشأن السياسي المصري والأطراف الفاعلة فيه، ويستق ذلك مع السياق المجتمعي في مصر، فقد حقق المجتمع تطورًا على مستوى الأمن والاستقرار لكنه لازال يعاني من مشكلات سياسية واقتصادية لم يتم حلها.
    وقد سعت الدراسة إلى اختبار دور المواقع الاجتماعية وشعاراتها السياسية في التأثير على اتجاهات وسلوكيات الشباب المصري إحصائيًا، وقد تحققت الدراسة من وجود علاقة ارتباطية دالة إحصائيًا بين استخدام المواقع الاجتماعية والمشاركة السياسية للشباب، كما تحققت من دور هذه المواقع في تشكيل اتجاهات الشباب نحو الشعارات السياسية وفي تشكيل اتجاهاتهم نحو الشأن السياسي المصري.
*رئيس وحدة الدراسات الاعلاميه بالمركز
*باحث دكتوراه بكلية الاعلام جامعة القاهره

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟