خبرة السقوط والنجاح: الإخوان في مصر والنهضة في تونس (2-2)
الأحد 17/أبريل/2016 - 12:02 م
د. كمال حبيب
الذكرى الخامسة لثورات الربيع العربي لا تزال تطرح السؤال الجوهري وهو: لماذا فشل الإخوان في مصر، بينما نجحت حركة النهضة في تونس، أشرنا في الحلقة السابقة لما أطلقنا عليه الفروق التكوينية والجوهرية بين الحركتين، وكيف أن هذه الفروق أثرت على مسار الحركتين في الحكم حين واجهتهم محنة السلطة والحكم وامتحانهما، فبينما منح الفرق التكويني بين الحركتين الثانية قدرة على التكيف متحررة من الثقل العقدي للأولى، وجدت الحركة التي يطلق عليها الأم نفسها وقد غلّ حركتها الطابع العقدي لها، ولم يمنحها ذلك الطابع العقدي القدرة على الاستجابة لأمواج الثورة في مصر وتحولاتها، وفي هذه الحلقة نناقش تأثير تحولات حركة الإخوان بعد ثورة يناير وسبر تلك التحولات في عدد من القضايا هي: أولا، الموقف من السلطة بين المغالبة والمشاركة. ثانيا، الموقف من الشريعة الإسلامية. ثالثا، الموقف من التيارات الإسلامية المتشددة والعنيفة.
وكيف كان تعامل الإخوان مع هذه القضايا مؤشرا على السقوط وعدم القدرة على الاستمرار وحماية التحول الديمقراطي للبلاد، بينما كان موقف حركة النهضة من نفس هذه القضايا مختلفا عن موقف الإخوان المسلمين، كما سنرى في الحلقة القادمة وهي الثالثة والأخيرة.
وكيف كان تعامل الإخوان مع هذه القضايا مؤشرا على السقوط وعدم القدرة على الاستمرار وحماية التحول الديمقراطي للبلاد، بينما كان موقف حركة النهضة من نفس هذه القضايا مختلفا عن موقف الإخوان المسلمين، كما سنرى في الحلقة القادمة وهي الثالثة والأخيرة.
اطمأن الإخوان إلى نجاح الثورة يوم 28 يناير، بيد أنهم لم يغفروا لشبابهم الذي شارك في الثورة دون إذن مكتب الإرشاد ذلك وفصلوهم بلا رحمة من الجماعة
أولا: تحولات الإخوان بعد ثورة يناير2011
1- فوجئ الإخوان بثورة يناير التي بدأت يوم الاحتفال بعيد الشرطة 25 يناير للاحتجاج على قمع الشرطة للحركات الاحتجاجية ولم يكن متصورا لدى الإخوان أن تتحول إلى ثورة شاملة تطيح برأس النظام القابع على قمته منذ أكثر من ثلاثين عاما، لم يشأ الإخوان أن يعلنوا مشاركتهم في الثورة في بدايتها، وتركوا للشباب حرية النزول بشكل فردي، وانخرط شبابهم مع بقية شباب مصر في تفجير الثورة منذ 25 يناير حتى بلغت أوجها مع يوم 28 يناير حين تحولت من مجرد فعل احتجاجي لمجموعة من الشباب الغاضب إلى ثورة ممتدة داخل قطاعات واسعة من الشعب المصري خاصة في الأحياء الفقيرة والشعبية في القاهرة الكبرى والمدن الأخرى كالإسكندرية والمنصورة والبحيرة، وهذه الأحياء تواجه مشاكل الفقر والبطالة والتهميش وضعف نصيبها من الناتج القومي الإجمالي للبلاد، كما انتشرت الثورة من بعد في الدلتا وقراها والصعيد ونجوعه وكلها كانت تنام على برميل بارود متفجر وقوده الشعور بالظلم وعدم المساواة واحتكار رجال الأعمال والنخبة الجديدة في مصر المرتبطة بجمال مبارك وأخيه علاء للثروة والسلطة(1).
2- لما اطمأن الإخوان إلى نجاح الثورة أعلنوا الانضمام إليها يوم 28 يناير، بيد إنهم لم يغفروا لشبابهم الذي شارك في الثورة دون إذن مكتب الإرشاد ذلك وفصلوهم بلا رحمة من الجماعة، وأنشأ هؤلاء الشباب فيما بعد حزبا سمّوه التيار المصري(2)، رغم أن هؤلاء الشباب منحوا الجماعة شرف المشاركة في الثورة، بيد إن قسوة التنظيم التي لا ترحم فصلتهم بلا اكتراث فالثورة كانت فرصة كبيرة للجماعة للتحرر من ثقل نظام أمني أذاقها ألوان المرارة، وفرض عليها التحالف معه في ازدواجية سرية مقيتة ومؤلمة، بيد أن التنظيم الذي يحكم من قاعات الغرف المظلمة ومن خلف المكاتب المكيفة أراد أن يقول إن التحولات التي منحتها ثورة يناير للتنظيم العتيق لا تعني أن ينفتح المجال بلا حساب لمن يريد من أعضاء الجماعة، فالتنظيم باق وقوي ويجب على الجميع الالتزام بقواعده الصارمة العتيقة(3).
3- في حومة الثورة والشباب يناضل والكل في الميادين سارع التنظيم بالاستجابة لدعوة اللواء عمر سليمان نائب مبارك، والرجل القوي في النظام الذي يحاول أن يبقي النظام القديم من خلال إغراء القوى الثورية بترك الميدان، وفي ظل هذه الأجواء الثورية التي لم يرهبها حتى أزيز الطائرات المقاتلة فوق سماء الميدان المفعم بروح التغيير والإصرار على الرحيل، ذهب الإخوان للتفاوض مع عمر سليمان الذي لوح لهم بتحررهم من الحظر والسماح لهم بالوجود الشرعي، والإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك بشرط سحب منتسبيهم من الميدان، وهو ما يشير إلى الطبيعة المحافظة لجماعة لا ترى سوى مصالحها واستخدام الفرصة التي منحتها الثورة لها لتحقيق ما تراه مصلحة للتنظيم وليس مصلحة الأمة جميعها ومصلحة الثورة في تغيير حقيقي في العمق للانتقال بالدولة المصرية نحو دولة تستجيب لمطالب الثورة في العدل الاجتماعي والكرامة الإنسانية والحرية السياسية(4).
4- هنا لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم الثورة لم يكن مطروحا في أدبيات الإخوان منذ الفترة شبه الليبرالية التي قال فيها مؤسسها الأول "إن الثورة لا يفكر فيها الإخوان المسلمون، ولا يعتمدون عليها ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها، وإن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذه المشاكل فسيؤدي ذلك حتما إلى ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم "(5). وهذا ما يفسر شهادات الشباب من موقف أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة من الموقف من الثورة في بداياتها، فقد كانوا لا يثقون أن حركات الاحتجاج الغاضب للشباب يوم 25 ستتحول إلى ثورة.
1- فوجئ الإخوان بثورة يناير التي بدأت يوم الاحتفال بعيد الشرطة 25 يناير للاحتجاج على قمع الشرطة للحركات الاحتجاجية ولم يكن متصورا لدى الإخوان أن تتحول إلى ثورة شاملة تطيح برأس النظام القابع على قمته منذ أكثر من ثلاثين عاما، لم يشأ الإخوان أن يعلنوا مشاركتهم في الثورة في بدايتها، وتركوا للشباب حرية النزول بشكل فردي، وانخرط شبابهم مع بقية شباب مصر في تفجير الثورة منذ 25 يناير حتى بلغت أوجها مع يوم 28 يناير حين تحولت من مجرد فعل احتجاجي لمجموعة من الشباب الغاضب إلى ثورة ممتدة داخل قطاعات واسعة من الشعب المصري خاصة في الأحياء الفقيرة والشعبية في القاهرة الكبرى والمدن الأخرى كالإسكندرية والمنصورة والبحيرة، وهذه الأحياء تواجه مشاكل الفقر والبطالة والتهميش وضعف نصيبها من الناتج القومي الإجمالي للبلاد، كما انتشرت الثورة من بعد في الدلتا وقراها والصعيد ونجوعه وكلها كانت تنام على برميل بارود متفجر وقوده الشعور بالظلم وعدم المساواة واحتكار رجال الأعمال والنخبة الجديدة في مصر المرتبطة بجمال مبارك وأخيه علاء للثروة والسلطة(1).
2- لما اطمأن الإخوان إلى نجاح الثورة أعلنوا الانضمام إليها يوم 28 يناير، بيد إنهم لم يغفروا لشبابهم الذي شارك في الثورة دون إذن مكتب الإرشاد ذلك وفصلوهم بلا رحمة من الجماعة، وأنشأ هؤلاء الشباب فيما بعد حزبا سمّوه التيار المصري(2)، رغم أن هؤلاء الشباب منحوا الجماعة شرف المشاركة في الثورة، بيد إن قسوة التنظيم التي لا ترحم فصلتهم بلا اكتراث فالثورة كانت فرصة كبيرة للجماعة للتحرر من ثقل نظام أمني أذاقها ألوان المرارة، وفرض عليها التحالف معه في ازدواجية سرية مقيتة ومؤلمة، بيد أن التنظيم الذي يحكم من قاعات الغرف المظلمة ومن خلف المكاتب المكيفة أراد أن يقول إن التحولات التي منحتها ثورة يناير للتنظيم العتيق لا تعني أن ينفتح المجال بلا حساب لمن يريد من أعضاء الجماعة، فالتنظيم باق وقوي ويجب على الجميع الالتزام بقواعده الصارمة العتيقة(3).
3- في حومة الثورة والشباب يناضل والكل في الميادين سارع التنظيم بالاستجابة لدعوة اللواء عمر سليمان نائب مبارك، والرجل القوي في النظام الذي يحاول أن يبقي النظام القديم من خلال إغراء القوى الثورية بترك الميدان، وفي ظل هذه الأجواء الثورية التي لم يرهبها حتى أزيز الطائرات المقاتلة فوق سماء الميدان المفعم بروح التغيير والإصرار على الرحيل، ذهب الإخوان للتفاوض مع عمر سليمان الذي لوح لهم بتحررهم من الحظر والسماح لهم بالوجود الشرعي، والإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك بشرط سحب منتسبيهم من الميدان، وهو ما يشير إلى الطبيعة المحافظة لجماعة لا ترى سوى مصالحها واستخدام الفرصة التي منحتها الثورة لها لتحقيق ما تراه مصلحة للتنظيم وليس مصلحة الأمة جميعها ومصلحة الثورة في تغيير حقيقي في العمق للانتقال بالدولة المصرية نحو دولة تستجيب لمطالب الثورة في العدل الاجتماعي والكرامة الإنسانية والحرية السياسية(4).
4- هنا لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم الثورة لم يكن مطروحا في أدبيات الإخوان منذ الفترة شبه الليبرالية التي قال فيها مؤسسها الأول "إن الثورة لا يفكر فيها الإخوان المسلمون، ولا يعتمدون عليها ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها، وإن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذه المشاكل فسيؤدي ذلك حتما إلى ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم "(5). وهذا ما يفسر شهادات الشباب من موقف أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة من الموقف من الثورة في بداياتها، فقد كانوا لا يثقون أن حركات الاحتجاج الغاضب للشباب يوم 25 ستتحول إلى ثورة.
حرص الإخوان منذ قرارهم بالتنافس على كل مقاعد البرلمان أن تكون لهم الأغلبية في الجمعية التأسيسية، وذلك لكي يضعوا دستورا يعبر عن انحيازاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية
5- انفتح المجال للإخوان ورفع الحظر عنهم وأسسوا حزبا جديدا اسمه "حزب الحرية والعدالة" مستلهما فكرة "العدالة والتنمية" في المغرب وتركيا، بيد أن تنظيم الإخوان ظل هو المسيطر على الحزب وتكوينه ولم يسمح للحزب أن يستقل عن الجماعة بل بدا والحزب وكأنه فرع للجماعة، وظل التداخل قويا بين الحزب والجماعة بشكل مربك،وكانت فكرة الحزب السياسي قد طرحت على الجماعة في الواقع منذ المرشد الثالث عمر التلمساني، وكان من بين الأفكار المطروحة أن تتحول الجماعة كلها إلى حزب سياسي، ولأن الظروف تغيرت ولم يعد هناك ما يحول دون تحول الجماعة إلى حزب سياسي، فإن التيار المحافظ القطبي الذي يسيطر على الجماعة حال دون ذلك، وأصر على أن تكون الجماعة باقية ولها اليد الطولي في قرارات الحزب السياسية وتشكيلاته وانتخاباته، ولم تسمح أبدا للتيار المعتدل في الحزب أن يطور أطروحة سياسية للجماعة تغير من طبيعتها العقدية السلفية التربوية المحافظة(6).
6- مع عجز المجلس العسكري الذي فوض مبارك سلطاته إليه عن التعامل مع الواقع الثوري والمدني الجديد فإنه وجد أن القوة التي يمكنها الاعتماد عليه في الفترة الانتقالية هي الإخوان المسلمين والقوي السلفية والدينية التي قدمت للمجال العام بلا تريث ولا تحسب ولا خطة، وبدا الحديث عن التدرج والمراحل والمشاركة لا المغالبة وكأنه مجرد حديث خرافة، وأن اللحظة الحالية هي لحظة الفرصة التي لا يجب أن تفوت، إنها أبواب التمكين المفتوحة لتحقيق الخطوة النهائية في خطط العالم لتحقيق حلم مؤسسها الأول بالخلافة الإسلامية والوصول إلى السلطة، إنها لحظة نهاية التاريخ والإنسان الأخير كما تحدث فوكوياما – وعلا الصخب السلفي القادم من وراء الحجب، وتجاوب معه التقدم الإخواني لحرق المراحل وانتهاز الفرصة .
7- تركت الجماعة شباب الثورة في ميدان التحرير وفي ميدان محمد محمود حيث الدم والنار بين الثوار وبين قوات الشرطة، واستجابت لرغبة المجلس العسكري في الالتزام بخطة التعديلات الدستورية التي تم التصويت عليها يوم 19 مارس 2011 والتي جعلت انتخابات البرلمان تسبق الدستور، وكان معظم القوى الثورية من غير الإسلاميين راغبين في وضع الدستور أولا لكي يكون هناك مخطط تسير الثورة عليه، لكن الإخوان كانوا متعجلين في بسط سلطانهم على الدولة المصرية واعتبروا أن الثائر الحق كما قال الشيخ الشعراوي هو من يثور لهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد، وحققت الجماعة إنجازا برلمانيا كبيرا فقد فاز لها في البرلمان نحو 43% من جملة المقاعد، وفاز لحلفائهم السلفيين 27%وأصبح لهما معا70% من جملة المقاعد أي أكثر من ثلثي مقاعد البرلمان، وهو ما ضمن لهم فيما بعد السيطرة على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور(7).
8- لم تكتف الجماعة بذلك فقط بل إنها نكثت وعودها بعدم طرح مرشح لها للرئاسة حتى لا تستحوذ على كل مقدرات الدولة المصرية وطرحت مرشحين أولهما خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة وصاحب النزوع السلفي القوي، والرجل القوي داخل ثلة التنظيم المسيطرة بقبضة من حديد على مقدرات الجماعة، بيد أنه قد تم رفضه لأسباب قانونية من قبل الهيئة العليا للانتخابات، وهنا تدخلت الجماعة بمرشح بديل هو محمد مرسي الذي ينتمي للتيار المحافظ أيضا داخل الجماعة، بيد أنه لا يملك سطوة أو نفوذ خيرت الشاطر، وبدا أن الجماعة ماضية في طريقها لا يثنيها شيء عن عزمها القبض على مقدرات السلطة في الدولة المصرية، فاز مرشحها محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية في 30 يونيه 2012 وبدأ حكم الإخوان لمصر، والذي استمر عاما كاملا حتى عصفت به خروج الشعب ضده ثائرا مرة أخرى في 30 يونيه 2013 (8).
ثانيا : سبر تحولات الإخوان في الممارسة السياسية
نتناول هنا موقف الجماعة من عدة قضايا مهمة.
1- الموقف من السلطة بين المغالبة والمشاركة
1/1 - رفع الإخوان دائما شعار المشاركة لا المغالبة أي أنهم لا يريدون أن يستحوذوا باعتبارهم القوي الأكثر تنظيما في البلاد على السلطة بحيث تكون الغلبة والسيطرة لهم(9)، بيد أن سمعة الإخوان لم تكن فوق مستوى الشبهات فكل من تعامل معهم من القوي السياسية اشتكوا من عدم التزامهم بالمواقف التي يجري الاتفاق عليها لصالح نزعة براجماتية مخيفة تُؤثِر مصلحة التنظيم على مصالح الجماعة الوطنية، لا نستثني من ذلك الاتفاق مع الحزب الوطني الحاكم على توزيع الدوائر وترتيبات العملية الانتخابية، وقد تحدث نائب مرشد الجماعة محمد حبيب والمرشد العام الثامن للجماعة مهدي عاكف عن التنسيق بين الجماعة ونظام مبارك بشأن الانتخابات البرلمانية (10).
1/2- وفي هذا السياق يمكن سماع شهادات كل من تعامل الإخوان معهم بدءا من حزب الوفد والعمل وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وطبْع االسلفيين من حزب النور الذين تحالفوا مع الإخوان إبان فترة توليهم السلطة في مصر واستيلاؤهم مغالبة على مفاصل النظام السياسي برلمانا ورئاسة وجمعية وطنية لتأسيس الدستور .
فعلى صعيد الانتخابات البرلمانية فإن حزب الحرية والعدالة وحزب الوفد دعيا لتشكيل تحالف انتخابي يخوض الانتخابات بقائمة واحدة، واستجاب للدعوة 12 حزبا ثم ارتفع العدد إلى 27 حزبا حتى وصل إلى 43 حزبا، بيد أن الوفد سرعان ما غادر التحالف وتبعته أحزاب أخرى عديدة أبرزها حزب الوسط والنور والأصالة والحزب الناصري، ولم يبق في التحالف سوى 12 حزبا، انسحاب الوفد جاء بسبب توزيع المقاعد الانتخابية فلم يوافق الإخوان المسلمون على الصيغة التي طرحها الوفد بأن يكون نسبة 35% لكل من الوفد والحرية ويتبقى 30% لبقية الأحزاب، وكان عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة قد صرح بأن حزبه لن ينافس سوى على 50% من مقاعد البرلمان، بينما شهوة التغلب والسطوة جعلت الحزب يغير ما قطعه على نفسه من قبل،وفاز الحزب ب218 مقعدا بينما فازت بقية الأحزاب المشاركة في تحالف الإخوان الديمقراطي بعشرة مقاعد (11).
1/3- وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية فإن الجماعة أصرت على أن تخوض سباق الرئاسة رغم وعدها بعدم خوضه، رغم وجود مرشح رئاسي كان قياديا فيها حتى بعد الثورة، بيد أنه قرر أن يخوض سباق الرئاسة دون استئذان مكتب الإرشاد، وهو ما جعل المسيطرين على التنظيم يفصلونه بلا تردد، ونقصد هنا عبد المنعم أبو الفتوح، كان يمكن للجماعة أن تدعمه، بيد أنها أصرت على تلقين من يخرج عن طوع التنظيم درسًا قاسيًا، فنافسته بمرشح آخر هو محمد مرسي الذي استطاع أن يصل للرئاسة بفارق بسيط بينه وبين منافسه أحمد شفيق في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، الرئيس الإخواني قطع على نفسه عهدا في فندق فيرمونت للقوى الثورية التي دعمته بأن لا يستأثر بالحكم والسلطة، وأن تكون الحكومة التي سيشكلها ائتلافية من قوى الثورة، بيد إنه سرعان ما نفض وعده الذي قطعه لتلك القوى (12)، واستأثر وحده وجماعته بالتصرف في تشكيل حكومة ضعيفة هي حكومة هشام قنديل، وهو ما جعل القوى التي تحالفت معها لإسقاط رجل النظام القديم أحمد شفيق تشكل جبهة للإنقاذ وتطالبه بعدم الانفراد بالسلطة والحكم، بيد أن الرغبة في المغالبة لا المشاركة قادت الرئيس إلى العناد الذي قاده لإصدار إعلان دستوري يحصن قراراته في نوفمبر 2012 ويحصن مجلس الشورى الغرفة الثانية للبرلمان بعد قرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان، وقد حاول الرئيس مدفوعا بمنطق الاستحواذ والمغالبة أن يدخل في مناطق حساسة كمحاولته استعادة البرلمان المنحل وكتعيينه لنائب عام جديد وإقالة النائب العام الذي وصفته الجماعة ومؤيدوها بأنه من فلول النظام القديم، وهو ما يعد خوضا في سلطة القضاء التي لا يجوز للرئيس كسلطة تنفيذية أن يمارس صلاحياته بشأنها، ويعد إصدار مرسي للإعلان الدستوري الذي حصن قراراته بداية النهاية لحكم الإخوان الذي عكس مفهوما للسلطة يقوم على المغالبة والاحتكار والتحصين(13).
6- مع عجز المجلس العسكري الذي فوض مبارك سلطاته إليه عن التعامل مع الواقع الثوري والمدني الجديد فإنه وجد أن القوة التي يمكنها الاعتماد عليه في الفترة الانتقالية هي الإخوان المسلمين والقوي السلفية والدينية التي قدمت للمجال العام بلا تريث ولا تحسب ولا خطة، وبدا الحديث عن التدرج والمراحل والمشاركة لا المغالبة وكأنه مجرد حديث خرافة، وأن اللحظة الحالية هي لحظة الفرصة التي لا يجب أن تفوت، إنها أبواب التمكين المفتوحة لتحقيق الخطوة النهائية في خطط العالم لتحقيق حلم مؤسسها الأول بالخلافة الإسلامية والوصول إلى السلطة، إنها لحظة نهاية التاريخ والإنسان الأخير كما تحدث فوكوياما – وعلا الصخب السلفي القادم من وراء الحجب، وتجاوب معه التقدم الإخواني لحرق المراحل وانتهاز الفرصة .
7- تركت الجماعة شباب الثورة في ميدان التحرير وفي ميدان محمد محمود حيث الدم والنار بين الثوار وبين قوات الشرطة، واستجابت لرغبة المجلس العسكري في الالتزام بخطة التعديلات الدستورية التي تم التصويت عليها يوم 19 مارس 2011 والتي جعلت انتخابات البرلمان تسبق الدستور، وكان معظم القوى الثورية من غير الإسلاميين راغبين في وضع الدستور أولا لكي يكون هناك مخطط تسير الثورة عليه، لكن الإخوان كانوا متعجلين في بسط سلطانهم على الدولة المصرية واعتبروا أن الثائر الحق كما قال الشيخ الشعراوي هو من يثور لهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد، وحققت الجماعة إنجازا برلمانيا كبيرا فقد فاز لها في البرلمان نحو 43% من جملة المقاعد، وفاز لحلفائهم السلفيين 27%وأصبح لهما معا70% من جملة المقاعد أي أكثر من ثلثي مقاعد البرلمان، وهو ما ضمن لهم فيما بعد السيطرة على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور(7).
8- لم تكتف الجماعة بذلك فقط بل إنها نكثت وعودها بعدم طرح مرشح لها للرئاسة حتى لا تستحوذ على كل مقدرات الدولة المصرية وطرحت مرشحين أولهما خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة وصاحب النزوع السلفي القوي، والرجل القوي داخل ثلة التنظيم المسيطرة بقبضة من حديد على مقدرات الجماعة، بيد أنه قد تم رفضه لأسباب قانونية من قبل الهيئة العليا للانتخابات، وهنا تدخلت الجماعة بمرشح بديل هو محمد مرسي الذي ينتمي للتيار المحافظ أيضا داخل الجماعة، بيد أنه لا يملك سطوة أو نفوذ خيرت الشاطر، وبدا أن الجماعة ماضية في طريقها لا يثنيها شيء عن عزمها القبض على مقدرات السلطة في الدولة المصرية، فاز مرشحها محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية في 30 يونيه 2012 وبدأ حكم الإخوان لمصر، والذي استمر عاما كاملا حتى عصفت به خروج الشعب ضده ثائرا مرة أخرى في 30 يونيه 2013 (8).
ثانيا : سبر تحولات الإخوان في الممارسة السياسية
نتناول هنا موقف الجماعة من عدة قضايا مهمة.
1- الموقف من السلطة بين المغالبة والمشاركة
1/1 - رفع الإخوان دائما شعار المشاركة لا المغالبة أي أنهم لا يريدون أن يستحوذوا باعتبارهم القوي الأكثر تنظيما في البلاد على السلطة بحيث تكون الغلبة والسيطرة لهم(9)، بيد أن سمعة الإخوان لم تكن فوق مستوى الشبهات فكل من تعامل معهم من القوي السياسية اشتكوا من عدم التزامهم بالمواقف التي يجري الاتفاق عليها لصالح نزعة براجماتية مخيفة تُؤثِر مصلحة التنظيم على مصالح الجماعة الوطنية، لا نستثني من ذلك الاتفاق مع الحزب الوطني الحاكم على توزيع الدوائر وترتيبات العملية الانتخابية، وقد تحدث نائب مرشد الجماعة محمد حبيب والمرشد العام الثامن للجماعة مهدي عاكف عن التنسيق بين الجماعة ونظام مبارك بشأن الانتخابات البرلمانية (10).
1/2- وفي هذا السياق يمكن سماع شهادات كل من تعامل الإخوان معهم بدءا من حزب الوفد والعمل وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وطبْع االسلفيين من حزب النور الذين تحالفوا مع الإخوان إبان فترة توليهم السلطة في مصر واستيلاؤهم مغالبة على مفاصل النظام السياسي برلمانا ورئاسة وجمعية وطنية لتأسيس الدستور .
فعلى صعيد الانتخابات البرلمانية فإن حزب الحرية والعدالة وحزب الوفد دعيا لتشكيل تحالف انتخابي يخوض الانتخابات بقائمة واحدة، واستجاب للدعوة 12 حزبا ثم ارتفع العدد إلى 27 حزبا حتى وصل إلى 43 حزبا، بيد أن الوفد سرعان ما غادر التحالف وتبعته أحزاب أخرى عديدة أبرزها حزب الوسط والنور والأصالة والحزب الناصري، ولم يبق في التحالف سوى 12 حزبا، انسحاب الوفد جاء بسبب توزيع المقاعد الانتخابية فلم يوافق الإخوان المسلمون على الصيغة التي طرحها الوفد بأن يكون نسبة 35% لكل من الوفد والحرية ويتبقى 30% لبقية الأحزاب، وكان عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة قد صرح بأن حزبه لن ينافس سوى على 50% من مقاعد البرلمان، بينما شهوة التغلب والسطوة جعلت الحزب يغير ما قطعه على نفسه من قبل،وفاز الحزب ب218 مقعدا بينما فازت بقية الأحزاب المشاركة في تحالف الإخوان الديمقراطي بعشرة مقاعد (11).
1/3- وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية فإن الجماعة أصرت على أن تخوض سباق الرئاسة رغم وعدها بعدم خوضه، رغم وجود مرشح رئاسي كان قياديا فيها حتى بعد الثورة، بيد أنه قرر أن يخوض سباق الرئاسة دون استئذان مكتب الإرشاد، وهو ما جعل المسيطرين على التنظيم يفصلونه بلا تردد، ونقصد هنا عبد المنعم أبو الفتوح، كان يمكن للجماعة أن تدعمه، بيد أنها أصرت على تلقين من يخرج عن طوع التنظيم درسًا قاسيًا، فنافسته بمرشح آخر هو محمد مرسي الذي استطاع أن يصل للرئاسة بفارق بسيط بينه وبين منافسه أحمد شفيق في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، الرئيس الإخواني قطع على نفسه عهدا في فندق فيرمونت للقوى الثورية التي دعمته بأن لا يستأثر بالحكم والسلطة، وأن تكون الحكومة التي سيشكلها ائتلافية من قوى الثورة، بيد إنه سرعان ما نفض وعده الذي قطعه لتلك القوى (12)، واستأثر وحده وجماعته بالتصرف في تشكيل حكومة ضعيفة هي حكومة هشام قنديل، وهو ما جعل القوى التي تحالفت معها لإسقاط رجل النظام القديم أحمد شفيق تشكل جبهة للإنقاذ وتطالبه بعدم الانفراد بالسلطة والحكم، بيد أن الرغبة في المغالبة لا المشاركة قادت الرئيس إلى العناد الذي قاده لإصدار إعلان دستوري يحصن قراراته في نوفمبر 2012 ويحصن مجلس الشورى الغرفة الثانية للبرلمان بعد قرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان، وقد حاول الرئيس مدفوعا بمنطق الاستحواذ والمغالبة أن يدخل في مناطق حساسة كمحاولته استعادة البرلمان المنحل وكتعيينه لنائب عام جديد وإقالة النائب العام الذي وصفته الجماعة ومؤيدوها بأنه من فلول النظام القديم، وهو ما يعد خوضا في سلطة القضاء التي لا يجوز للرئيس كسلطة تنفيذية أن يمارس صلاحياته بشأنها، ويعد إصدار مرسي للإعلان الدستوري الذي حصن قراراته بداية النهاية لحكم الإخوان الذي عكس مفهوما للسلطة يقوم على المغالبة والاحتكار والتحصين(13).
اعترف الإخوان بأنهم قبلوا وضع المادة 219 في الدستور إرضاء للسلفيين
1/4- وفيما يتعلق بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور فإن الإخوان حرصوا منذ قرارهم بالتنافس على كل مقاعد البرلمان أن تكون لهم الأغلبية في الجمعية التأسيسية، وذلك لكي يضعوا دستورا يعبر عن انحيازاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وانحيازاتهم المحافظة فيما يتعلق بالصحافة والإعلام والمرأة وغير المسلمين،والفلاحين والعمال وغيرها من القضايا،وسادت نزعتهم المغالبة في وضع الدستور متحالفين في ذلك مع السلفيين الذين كان الإخوان يتخذونهم كبرفان يستترون خلفه في التعبير عن نزعاتهم المسيطرة والغالية في الاستعلاء، ويقول وحيد عبد المجيد الذي كان أحد منسقي التحالف الانتخابي مع الإخوان "ما إن اطمأن الإخوان إلى أن السلطة أصبحت بين أيديهم بعد أن أبعد الرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة من المشهد السياسي عبر الإعلان الذي أصدره 12 أغسطس 2012حتى اعتبروا الدستور ركنًا أساسيا في مشروع الهيمنة والتمكين الذي وجدوا أن الطريق بات مفتوحا إليه، وعندئذ ومنذ أوائل سبتمبر 2012 بدأ تراجع الإخوان التدريجي بطريقة ناعمة عن تعهدهم بدستور توافقي ينتج أزمة أخذت في التفاقم يوما بعد يوم على نحو دفع ممثلي القوى الديمقراطية والمستقلين الذين تطلعوا إلى دستور يليق بمصر إلى الانسحاب من الجمعية التأسيسية (14).
1- الموقف من الشريعة الإسلامية
2/1- أعلن خيرت الشاطر الرجل القوي في الجماعة عقب ترشيح جماعة الإخوان له كرئيس للجمهورية قبل رفضه من قبل الهيئة العليا للانتخابات الرئاسية بأن تطبيق الشريعة الإسلامية هو هدفه الأول والأخير، وجاء ذلك في اجتماعه بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وهي هيئة تأسست بعد الثورة ونسج خيوطها نائب المرشد الأول خيرت الشاطر، وذلك لكي تكون وعاءً يستوعب التيار السلفي داخلها لكي يكون ذلك التيار داعمًا للإخوان في المواجهة مع التيارات العلمانية والليبرالية، كما تأسس مجلس لشورى العلماء لرموز التيار السلفي في مصر، وفي مؤتمر بعد الثورة أشار خيرت الشاطر أيضا إلى أن الجماعة تسعي لحكومة إسلامية، وأنها بعد ستعمل على سيادة العالم، كما اعتبر أن العالم السني لا توجد به دولة تطبق الشريعة الإسلامية (15).
وأشار نائب المرشد الأول إلى أن البنوك المصرية لا تلتزم بالشريعة الإسلامية، وأنها لا تعمل وفق التمويل الإسلامي الصحيح، موضحا أنها تستتر خلف المرابحة الإسلامية (16).
2/2- وتحدث الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح عن عدة دساتير إسلامية ستقدم للبرلمان الذي سيحوز فيه الإسلاميون على أغلبية، وفي هذه الدساتير رؤى تعيد دولة الخلافة الإسلامية التي يحكمها إمام وليس رئيسا منتخبا من المواطنين، ودعا مجلس شوري العلماء ذات الطابع السلفي إلى اختيار المرشح الرئاسي الذي يعبر بوضوح عن التزامه بتطبيق ا لشريعة الإسلامية (17).
2/3- وفي الجمعية التأسيسية للدستور فإن السلفيين حلفاء الإخوان في الجمعية قد ضغطوا على الجماعة للقبول بالمادة 219 والتي تنص على " مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والكلية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة"، رغم حديث الإخوان عن أن المادة الثانية كافية والتي تنص على "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" لكنهم بحثا عن إرضاء السلفيين قبلوا بوضع المادة 219 في الدستور بعد انسحاب القوى المدنية من الجمعية التأسيسية لاعتبارهم أن الدستور هو عملية توافقية ولا تعبر عن مغالبة الأغلبية، وقد اعترف الإخوان بأنهم قبلوا وضع المادة 219 في الدستور إرضاء للسلفيين، كما أشار وحيد عبد المجيد المتحدث باسم الجمعية التأسيسية بأن الإخوان دفعوا السلفيين للمواجهة مع القوى المدنية بينما كانوا هم يدعمونهم من الخلف، وذلك في قضايا عديدة مثل وضع المرأة وقضايا الحقوق والحريات، والتي كان السلفيون دائما يعمدون إلى إلحاق موادها بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وليست الأحكام المتعلقة بالمواريث والأحوال الشخصية.
وقد أدى تمسك السلفيين وضغوطهم على الإخوان وقبول الإخوان بتلك الضغوط سعيا لإرضاء التيارات السلفية إلى إصدار التيارات المدنية إلى بيان أعلنوا فيه انسحابهم من الجمعية التأسيسية، وترك وضع الدستور للتيار الإسلامي من الإخوان والسلفيين وحدهم، وهو ما وضع بذرة المواجهة والاستقطاب الحاد بين الطرفين الذي قاد في النهاية إلى سقوط حكم الإخوان وضياع أول فرصة لتحول ديمقراطي مدني في مصر (18).
2- الموقف من التيارات الإسلامية المتشددة والعنيفة
3/1- حرص الإخوان دائما قبل ثورة 25 يناير أن تكون لهم رئة مدنية يطلون بها على مجتمعهم، فتحالفوا مع الوفد عام 1984 وتحالفوا مع حزب العمل وحزب الأحرار فيما عرف باسم التحالف الإسلامي عام 1987، وفي أول انتخابات برلمانية بعد الثورة بدا نزوعهم نحو المغالبة فانصرف الوفد عنهم وبقية الأحزاب المتحالفة معهم وبقي معهم حزب الكرامة وحزب الحضارة وحزب العمل، المثير أن الأحزاب الإسلامية ذات الطابع السلفي مثل حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية وحزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية وحزب الأصالة الذي يقوده عادل عبد المقصود لواء الشرطة وشقيق محمد عبد المقصود زعيم سلفية القاهرة والمتحمس بقوة للإخوان المسلمين عاملهم الإخوان أيضا بمنطق المغالبة وعدم التقدير(19)، لأنهم تقدموا بعدد كبير من المرشحين فلم يمنحهم الإخوان ما يريدون كما فعلوا مع الأحزاب المدنية التي حاولت التحالف معهم، واضطرت الأحزاب السلفية تلك أن تذهب لحزب النور وتتحالف معه فيما عرف باسم تحالف الأحزاب السلفية.
1- الموقف من الشريعة الإسلامية
2/1- أعلن خيرت الشاطر الرجل القوي في الجماعة عقب ترشيح جماعة الإخوان له كرئيس للجمهورية قبل رفضه من قبل الهيئة العليا للانتخابات الرئاسية بأن تطبيق الشريعة الإسلامية هو هدفه الأول والأخير، وجاء ذلك في اجتماعه بالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وهي هيئة تأسست بعد الثورة ونسج خيوطها نائب المرشد الأول خيرت الشاطر، وذلك لكي تكون وعاءً يستوعب التيار السلفي داخلها لكي يكون ذلك التيار داعمًا للإخوان في المواجهة مع التيارات العلمانية والليبرالية، كما تأسس مجلس لشورى العلماء لرموز التيار السلفي في مصر، وفي مؤتمر بعد الثورة أشار خيرت الشاطر أيضا إلى أن الجماعة تسعي لحكومة إسلامية، وأنها بعد ستعمل على سيادة العالم، كما اعتبر أن العالم السني لا توجد به دولة تطبق الشريعة الإسلامية (15).
وأشار نائب المرشد الأول إلى أن البنوك المصرية لا تلتزم بالشريعة الإسلامية، وأنها لا تعمل وفق التمويل الإسلامي الصحيح، موضحا أنها تستتر خلف المرابحة الإسلامية (16).
2/2- وتحدث الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح عن عدة دساتير إسلامية ستقدم للبرلمان الذي سيحوز فيه الإسلاميون على أغلبية، وفي هذه الدساتير رؤى تعيد دولة الخلافة الإسلامية التي يحكمها إمام وليس رئيسا منتخبا من المواطنين، ودعا مجلس شوري العلماء ذات الطابع السلفي إلى اختيار المرشح الرئاسي الذي يعبر بوضوح عن التزامه بتطبيق ا لشريعة الإسلامية (17).
2/3- وفي الجمعية التأسيسية للدستور فإن السلفيين حلفاء الإخوان في الجمعية قد ضغطوا على الجماعة للقبول بالمادة 219 والتي تنص على " مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والكلية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة"، رغم حديث الإخوان عن أن المادة الثانية كافية والتي تنص على "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" لكنهم بحثا عن إرضاء السلفيين قبلوا بوضع المادة 219 في الدستور بعد انسحاب القوى المدنية من الجمعية التأسيسية لاعتبارهم أن الدستور هو عملية توافقية ولا تعبر عن مغالبة الأغلبية، وقد اعترف الإخوان بأنهم قبلوا وضع المادة 219 في الدستور إرضاء للسلفيين، كما أشار وحيد عبد المجيد المتحدث باسم الجمعية التأسيسية بأن الإخوان دفعوا السلفيين للمواجهة مع القوى المدنية بينما كانوا هم يدعمونهم من الخلف، وذلك في قضايا عديدة مثل وضع المرأة وقضايا الحقوق والحريات، والتي كان السلفيون دائما يعمدون إلى إلحاق موادها بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وليست الأحكام المتعلقة بالمواريث والأحوال الشخصية.
وقد أدى تمسك السلفيين وضغوطهم على الإخوان وقبول الإخوان بتلك الضغوط سعيا لإرضاء التيارات السلفية إلى إصدار التيارات المدنية إلى بيان أعلنوا فيه انسحابهم من الجمعية التأسيسية، وترك وضع الدستور للتيار الإسلامي من الإخوان والسلفيين وحدهم، وهو ما وضع بذرة المواجهة والاستقطاب الحاد بين الطرفين الذي قاد في النهاية إلى سقوط حكم الإخوان وضياع أول فرصة لتحول ديمقراطي مدني في مصر (18).
2- الموقف من التيارات الإسلامية المتشددة والعنيفة
3/1- حرص الإخوان دائما قبل ثورة 25 يناير أن تكون لهم رئة مدنية يطلون بها على مجتمعهم، فتحالفوا مع الوفد عام 1984 وتحالفوا مع حزب العمل وحزب الأحرار فيما عرف باسم التحالف الإسلامي عام 1987، وفي أول انتخابات برلمانية بعد الثورة بدا نزوعهم نحو المغالبة فانصرف الوفد عنهم وبقية الأحزاب المتحالفة معهم وبقي معهم حزب الكرامة وحزب الحضارة وحزب العمل، المثير أن الأحزاب الإسلامية ذات الطابع السلفي مثل حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية وحزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية وحزب الأصالة الذي يقوده عادل عبد المقصود لواء الشرطة وشقيق محمد عبد المقصود زعيم سلفية القاهرة والمتحمس بقوة للإخوان المسلمين عاملهم الإخوان أيضا بمنطق المغالبة وعدم التقدير(19)، لأنهم تقدموا بعدد كبير من المرشحين فلم يمنحهم الإخوان ما يريدون كما فعلوا مع الأحزاب المدنية التي حاولت التحالف معهم، واضطرت الأحزاب السلفية تلك أن تذهب لحزب النور وتتحالف معه فيما عرف باسم تحالف الأحزاب السلفية.
تغير موقف الإخوان من اعتبار أن تلك القوى السلفية المتشددة تمثل عبئا عليها إلى أن تلك القوي هي حليفها بحكم الضرورة وبحكم مسار الأحداث وتقديرات الإخوان
3/2- بيد أن أزمة الإخوان مع القوي المدنية والليبرالية والاستقطاب الحادث بينهم جعلتهم يلجأون للتحالف مع القوي الإسلامية المتشددة والتي تقف على يمينهم، ذلك أن تقديرات خيرت الشاطر والتيار التنظيمي القطبي داخل الجماعة ذهبت إلى أن هناك لحظة مواجهة مع تلك القوى، وأن ذلك يفرض ضرورة التحالف مع تلك القوى المتشددة ليكونوا ردءا لهم في عملية المواجهة الحاسمة والمنتظرة من القوى الليبرالية والمتحالفين معهم بما في ذلك حتى الجيش المصري.
لقد تغير موقف الإخوان من اعتبار أن تلك القوى السلفية المتشددة تمثل عبئا عليها إلى أن تلك القوى هي حليفها بحكم الضرورة، وبحكم مسار الأحداث وتقديرات الإخوان خاصة خيرت الشاطر أن هناك لحظة حاسمة وفاصلة ستكون الجماعة بحاجة لتلك القوى السلفية المتشددة، فتحالف الإخوان بعد مع الجماعة الإسلامية وتحالفوا مع سلفية القاهرة وحزب الأصالة والفضيلة وتحالفوا مع حزب الراية وتيار حازمون كما تحالفوا مع الجهاديين والحزب الإسلامي الجهادي، وتحدثت مصادر حتى على انفتاحهم على تيارات السلفية المتشددة مثل محمد الظواهري، وذلك للتحاور مع جماعات العنف في سيناء (20).
وضغط السلفيون على الرئيس وانطلقوا يثيرون نعرة سلفية في مواجهة تيارات أخرى في المجتمع مثل الشيعة، وبالطبع كانوا هم لسان الرئيس وجماعته في المواجهة مع التيارات الليبرالية وجبهة الإنقاذ التي تشكلت لمواجهة ما اعتبروه حكما إسلامية مهددا للطابع المدني والوطني للدولة المصرية.
3/3- حين دقت ساعة الجد قبل أحداث 30 يونيه بأسبوع بدأت التيارات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان تدعو للحشد والتعبئة لمواجهة حركة تمرد التي كانت قد بدأت في جمع توقيعات بالملايين لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ما لبثت أن تحولت إلى دعوة لإسقاط الرئيس الإخواني، وبدأ اعتصام رابعة الذي تجاورت فيه القوى الإسلامية بتنويعاتها المختلفة، والذي استمر ما يقرب من أربعين يوما وانتهى بفضه بالقوة المسلحة من جانب الدولة المصرية التي اعتبرته ليس مجرد اعتصام عادي ولكنه يحمل مظاهر مسلحة تهدف لإسقاط الدولة المصرية، في هذا الاعتصام تشكلت في تقديرنا علاقات بين مجموعات وشبكات العنف المسلح التي عرفتها البلاد بعد ثورة يناير وبين التيارات السلمية التي جاءت للاعتصام كفعل سلمي، ومن هنا جرى الانفتاح من جانب شباب الإخوان على العنف واحتمالاته، وبدأت صيحات تتحدث عن تعريف السلمية بأنها مادون الرصاص، كما بدأ الحديث الإخواني عن مصطلحات للسلفية الجهادية لم يعرفها قاموس الإخوان، ومن ذلك مصطلح "قتل الصائل" أي المعتدي، واعتبر فعل الدولة وطوائفها فعلا انقلابيا يجب مواجهته بالقوة المسلحة، وقد كان ذلك مثيرا للدهشة وهو انفتاح الإخوان على تيارات العنف واستخدام مصطلحاتها، وتشكلت شبكات عنف تستهدف الشرطة والضباط ومؤسسات الدولة ورموزها الأمنية والسياسية، وسرعان ما تحولت إلى استهداف المؤسسات الاقتصادية، كما استهدفت المؤسسات الخدمية التي تؤثر في حياة المواطنين العاديين مثل القطارات وأبراج الكهرباء لإظهار عجز الدولة وفشلها من ناحية ولدفع المواطنين إلى الخروج عليها والمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية الإخوانية ضدها(21).
المراجع
1. عن تفاصيل موقف الإخوان من الثورة وقرارهم بعدم المشاركة فيها راجع هذا الرابط :http://www.elwatannews.com/news/details/118898،وفيه يقرر شباب الإخوان المشاركون في ائتلاف شباب الثورة أن الجماعة لم تقرر المشاركة في بداية الثورة يوم 25 وما بعده .
2. نفس الرابط وتشير المعلومات إلى أن شباب الإخوان الذين شاركوا في الثورة وأسسوا فيما بعد حزب التيار المصري ودعموا أبو الفتوح في جولة الانتخابات الرئاسية قد تم فصلهم من الجماعة وراجع تفصيلات موقف الجماعة من هؤلاء الشباب على الرابط :http://www.youm7.com/story/2011/6/21/%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%A4%D8%B3%D8%B3%D9%88%D9%86-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D9%81%D8%B5%D9%84%D9%87%D9%85/439866#.VUbE5PlViko
3. لتخيل قسوة التنظيم تجاه أعضائه فإن الحاج سيد نزيلي مسئول مكتب إداري الجيزة قد فصل ابنه بعد تحقيق معه لمخالفته الالتزام بالتنظيم وراجع http://www.youm7.com/story/2012/2/19/%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%89-%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%89-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D9%81%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%87-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7/606279
4. عن شهادة نائب المرشد في ذلك راجع مثلا الرابط التالي http://gate.ahram.org.eg/News/163506.aspx، وراجع مذكرات نائب المرشد العام التي نشرها على حلقات في جريدة الشروق وهذه الحلقة الأخيرة نشرت في 2مارس 2015 وأعد الحلقات للنشر محمد سعد عبد الحفيظ .
5. حسن البنا، مجموع الرسائل،رسالة المؤتمر الخامس، نسخة بدون جلدة مطبوعة في دار ا لشهاب، ص 169
6. أحمد بان، الإخوان المسلمون بين مطرقة السياسة وسندان التنظيم ( القاهرة : مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، كراس النيل رقم 1، ص 38 .
7. حصل حزب الحرية والعدالة على 218 مقعدا وحصل حزب النور على 111مقعدا من 498 مقعدا، وحصل حزب البناء والتنمية على 13 مقعدا، والأصالة على 3 مقاعد والعمل على مقعد واحد والحضارة مقعدان، وراجع تفصيلات النظام الانتخابي في عمرو هاشم ربيع، الأبعاد السياسية والدستورية والقانونية لانتخابات مجلس الشعب 2011/2012 في كتاب انتخابات مجلس الشعب 2011/2012 (القاهرة:مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 2012)، ص 13-55.
8. عن تفصيلات حكم مرسي خلال السنة التي تولي فيها الحكم راجع كارم يحي، خريف الإخوان، كيف فشل الإخوان في حكم مصر (القاهرة : مركز دراسات الإسلام والغرب، 2014،ط1).
9. يشير عبد العظيم حماد إلى أن عصام العريان قد قال له في إفطار رمضاني بفندق الإنتركونتنتال إن الإخوان سيدخلون الانتخابات البرلمانية بقائمة واحدة وإنهم لن ينافسون إلا على 50% من المقاعد في الدوائر الفردية ودوائر القوائم،لكن ذلك كان صرحا فهوى على حد قوله، وراجع التفصيلات في عبد العظيم حماد، الثورة التائهة (القاهرة : مركز المحروسة، 2013،ط1 )، ص 140 وما بعدها.
10. محمد حبيب وصفقة الإخوان مع الوطني على هذا الرابط http://elwatannews.com/news/details/472134 وحواره المهم على هذا الرابط لكشف صفقات الجماعة مع الحزب الوطني http://www.almasryalyoum.com/news/details/700454 والجزء الثاني من الحوار على هذا الرابط http://www.almasryalyoum.com/news/details/701388 وهذا حوار للمرشد السابق مهدي عاكف يؤكد الصفقات على الرابط http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=230596
11. عبد الغفار شكر،التحالفات الانتخابية لمجلس الشعب 2011/2012 في عمرو هاشم ربيع (محرر)، انتخابات مجلس الشعب 2011/2012 م .س .ذ، ص 93 وما بعدها .
12. كنت شاهدا وحاضرا على اتفاق فيرمونت حيث أكد مرسي أنه سيلتزم بحكومة توافق وطني، وأنهم لن يستأثروا بالحكم وأن الجماعة ستعتمد مبدأ المشاركة لا المغالبة .
13. لمراجعة التفصيلات راجع كارم يحيى، خريف الإخوان، م .س.ذ، فصل كيف سقط الرئيس في بحر السخط، ص 50 ومابعدها.
14. وحيد عبد المجيد، أزمة دستور 2012، توثيق وتحليل، شهادة من داخل الجمعية التأسيسية (القاهرة:1434ه-2013، ط1 )، ص 9.
15. التصريحات على هذا الرابط http://www.almasryalyoum.com/news/details/127150
16. راجع هذا الرابط http://www.youm7.com/story/2012/4/29/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B7%D8%B1--%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7/665066#.VUeGq_lViko
17. حوار على هذا الرابط مع محمد يسري إبراهيم http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=629148&eid=1962، وأذكر أنه في أحد المؤتمرات التي عقدها السلفيون في إسطنبول بعد الثورة وكنت مشاركا بورقة في المؤتمر وجمعتني مع يسري إبراهيم جلسة داخلية لم أتكلم فيها من هول ما سمعت وكان من بين ما سمعته ما قاله المذكور من أن الإسلاميين إذا وصلوا للسلطة فسيكون ذلك لمرة واحدة ولن يتركوها، وقد حاول الإخوان طرحه كوزير للأوقاف ولكن تم رفضه،كما رشح أمام مصطفى النجار في الانتخابات البرلمانية 2011 في دائرة مدينة نصر ولم يوفق.
18. وحيد عبد المجيد، أزمة دستور 2012، م .س .ذ، ص 88 وما بعدها، وراجع بيان الانسحاب من الجمعية التأسيسة ص 131-137.
19. رأى الإخوان أن السلفيين وتياراتهم سيكونون عبئا عليهم، ولذا رأوا التخلص منهم، كما كانت تقديراتهم أن السلفيين لن يحصوا على أكثر من 10% من الأصوات،وقد كنت طرفا في ذلك وكانت طريقة تعامل الإخوان مهينة مع التيارات الإسلامية السلفية وراجع مقال كمال حبيب على هذا الرابط http://www.youm7.com/story/2011/10/22/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A3%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%B4%D8%AD-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D8%9F!/517952#.VUeNOvlViko
20. راجع في هذا السياق كمال حبيب، التحالف الإسلامي الجديد في مصر على هذا الرابط http://www.youm7.com/story/2013/6/24/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%81%D9%89-%D9%85%D8%B5%D8%B1/1131000#.VUeOpflViko، وله أيضا راجع، الإسلاميون والعنف بعد 30 يونيه ، مجلة الديمقراطية،أكتوبر 2013، ع 52.
21. عن احتمالات علاقات بين الإخوان والسلفية الجهادية في سيناء راجع هذا الرابط http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/3/111/4920/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9/%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF/%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1.aspx
لقد تغير موقف الإخوان من اعتبار أن تلك القوى السلفية المتشددة تمثل عبئا عليها إلى أن تلك القوى هي حليفها بحكم الضرورة، وبحكم مسار الأحداث وتقديرات الإخوان خاصة خيرت الشاطر أن هناك لحظة حاسمة وفاصلة ستكون الجماعة بحاجة لتلك القوى السلفية المتشددة، فتحالف الإخوان بعد مع الجماعة الإسلامية وتحالفوا مع سلفية القاهرة وحزب الأصالة والفضيلة وتحالفوا مع حزب الراية وتيار حازمون كما تحالفوا مع الجهاديين والحزب الإسلامي الجهادي، وتحدثت مصادر حتى على انفتاحهم على تيارات السلفية المتشددة مثل محمد الظواهري، وذلك للتحاور مع جماعات العنف في سيناء (20).
وضغط السلفيون على الرئيس وانطلقوا يثيرون نعرة سلفية في مواجهة تيارات أخرى في المجتمع مثل الشيعة، وبالطبع كانوا هم لسان الرئيس وجماعته في المواجهة مع التيارات الليبرالية وجبهة الإنقاذ التي تشكلت لمواجهة ما اعتبروه حكما إسلامية مهددا للطابع المدني والوطني للدولة المصرية.
3/3- حين دقت ساعة الجد قبل أحداث 30 يونيه بأسبوع بدأت التيارات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان تدعو للحشد والتعبئة لمواجهة حركة تمرد التي كانت قد بدأت في جمع توقيعات بالملايين لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ما لبثت أن تحولت إلى دعوة لإسقاط الرئيس الإخواني، وبدأ اعتصام رابعة الذي تجاورت فيه القوى الإسلامية بتنويعاتها المختلفة، والذي استمر ما يقرب من أربعين يوما وانتهى بفضه بالقوة المسلحة من جانب الدولة المصرية التي اعتبرته ليس مجرد اعتصام عادي ولكنه يحمل مظاهر مسلحة تهدف لإسقاط الدولة المصرية، في هذا الاعتصام تشكلت في تقديرنا علاقات بين مجموعات وشبكات العنف المسلح التي عرفتها البلاد بعد ثورة يناير وبين التيارات السلمية التي جاءت للاعتصام كفعل سلمي، ومن هنا جرى الانفتاح من جانب شباب الإخوان على العنف واحتمالاته، وبدأت صيحات تتحدث عن تعريف السلمية بأنها مادون الرصاص، كما بدأ الحديث الإخواني عن مصطلحات للسلفية الجهادية لم يعرفها قاموس الإخوان، ومن ذلك مصطلح "قتل الصائل" أي المعتدي، واعتبر فعل الدولة وطوائفها فعلا انقلابيا يجب مواجهته بالقوة المسلحة، وقد كان ذلك مثيرا للدهشة وهو انفتاح الإخوان على تيارات العنف واستخدام مصطلحاتها، وتشكلت شبكات عنف تستهدف الشرطة والضباط ومؤسسات الدولة ورموزها الأمنية والسياسية، وسرعان ما تحولت إلى استهداف المؤسسات الاقتصادية، كما استهدفت المؤسسات الخدمية التي تؤثر في حياة المواطنين العاديين مثل القطارات وأبراج الكهرباء لإظهار عجز الدولة وفشلها من ناحية ولدفع المواطنين إلى الخروج عليها والمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية الإخوانية ضدها(21).
المراجع
1. عن تفاصيل موقف الإخوان من الثورة وقرارهم بعدم المشاركة فيها راجع هذا الرابط :http://www.elwatannews.com/news/details/118898،وفيه يقرر شباب الإخوان المشاركون في ائتلاف شباب الثورة أن الجماعة لم تقرر المشاركة في بداية الثورة يوم 25 وما بعده .
2. نفس الرابط وتشير المعلومات إلى أن شباب الإخوان الذين شاركوا في الثورة وأسسوا فيما بعد حزب التيار المصري ودعموا أبو الفتوح في جولة الانتخابات الرئاسية قد تم فصلهم من الجماعة وراجع تفصيلات موقف الجماعة من هؤلاء الشباب على الرابط :http://www.youm7.com/story/2011/6/21/%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%A4%D8%B3%D8%B3%D9%88%D9%86-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D9%81%D8%B5%D9%84%D9%87%D9%85/439866#.VUbE5PlViko
3. لتخيل قسوة التنظيم تجاه أعضائه فإن الحاج سيد نزيلي مسئول مكتب إداري الجيزة قد فصل ابنه بعد تحقيق معه لمخالفته الالتزام بالتنظيم وراجع http://www.youm7.com/story/2012/2/19/%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%89-%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%89-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D9%81%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%87-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7/606279
4. عن شهادة نائب المرشد في ذلك راجع مثلا الرابط التالي http://gate.ahram.org.eg/News/163506.aspx، وراجع مذكرات نائب المرشد العام التي نشرها على حلقات في جريدة الشروق وهذه الحلقة الأخيرة نشرت في 2مارس 2015 وأعد الحلقات للنشر محمد سعد عبد الحفيظ .
5. حسن البنا، مجموع الرسائل،رسالة المؤتمر الخامس، نسخة بدون جلدة مطبوعة في دار ا لشهاب، ص 169
6. أحمد بان، الإخوان المسلمون بين مطرقة السياسة وسندان التنظيم ( القاهرة : مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، كراس النيل رقم 1، ص 38 .
7. حصل حزب الحرية والعدالة على 218 مقعدا وحصل حزب النور على 111مقعدا من 498 مقعدا، وحصل حزب البناء والتنمية على 13 مقعدا، والأصالة على 3 مقاعد والعمل على مقعد واحد والحضارة مقعدان، وراجع تفصيلات النظام الانتخابي في عمرو هاشم ربيع، الأبعاد السياسية والدستورية والقانونية لانتخابات مجلس الشعب 2011/2012 في كتاب انتخابات مجلس الشعب 2011/2012 (القاهرة:مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 2012)، ص 13-55.
8. عن تفصيلات حكم مرسي خلال السنة التي تولي فيها الحكم راجع كارم يحي، خريف الإخوان، كيف فشل الإخوان في حكم مصر (القاهرة : مركز دراسات الإسلام والغرب، 2014،ط1).
9. يشير عبد العظيم حماد إلى أن عصام العريان قد قال له في إفطار رمضاني بفندق الإنتركونتنتال إن الإخوان سيدخلون الانتخابات البرلمانية بقائمة واحدة وإنهم لن ينافسون إلا على 50% من المقاعد في الدوائر الفردية ودوائر القوائم،لكن ذلك كان صرحا فهوى على حد قوله، وراجع التفصيلات في عبد العظيم حماد، الثورة التائهة (القاهرة : مركز المحروسة، 2013،ط1 )، ص 140 وما بعدها.
10. محمد حبيب وصفقة الإخوان مع الوطني على هذا الرابط http://elwatannews.com/news/details/472134 وحواره المهم على هذا الرابط لكشف صفقات الجماعة مع الحزب الوطني http://www.almasryalyoum.com/news/details/700454 والجزء الثاني من الحوار على هذا الرابط http://www.almasryalyoum.com/news/details/701388 وهذا حوار للمرشد السابق مهدي عاكف يؤكد الصفقات على الرابط http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=230596
11. عبد الغفار شكر،التحالفات الانتخابية لمجلس الشعب 2011/2012 في عمرو هاشم ربيع (محرر)، انتخابات مجلس الشعب 2011/2012 م .س .ذ، ص 93 وما بعدها .
12. كنت شاهدا وحاضرا على اتفاق فيرمونت حيث أكد مرسي أنه سيلتزم بحكومة توافق وطني، وأنهم لن يستأثروا بالحكم وأن الجماعة ستعتمد مبدأ المشاركة لا المغالبة .
13. لمراجعة التفصيلات راجع كارم يحيى، خريف الإخوان، م .س.ذ، فصل كيف سقط الرئيس في بحر السخط، ص 50 ومابعدها.
14. وحيد عبد المجيد، أزمة دستور 2012، توثيق وتحليل، شهادة من داخل الجمعية التأسيسية (القاهرة:1434ه-2013، ط1 )، ص 9.
15. التصريحات على هذا الرابط http://www.almasryalyoum.com/news/details/127150
16. راجع هذا الرابط http://www.youm7.com/story/2012/4/29/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B7%D8%B1--%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7/665066#.VUeGq_lViko
17. حوار على هذا الرابط مع محمد يسري إبراهيم http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=629148&eid=1962، وأذكر أنه في أحد المؤتمرات التي عقدها السلفيون في إسطنبول بعد الثورة وكنت مشاركا بورقة في المؤتمر وجمعتني مع يسري إبراهيم جلسة داخلية لم أتكلم فيها من هول ما سمعت وكان من بين ما سمعته ما قاله المذكور من أن الإسلاميين إذا وصلوا للسلطة فسيكون ذلك لمرة واحدة ولن يتركوها، وقد حاول الإخوان طرحه كوزير للأوقاف ولكن تم رفضه،كما رشح أمام مصطفى النجار في الانتخابات البرلمانية 2011 في دائرة مدينة نصر ولم يوفق.
18. وحيد عبد المجيد، أزمة دستور 2012، م .س .ذ، ص 88 وما بعدها، وراجع بيان الانسحاب من الجمعية التأسيسة ص 131-137.
19. رأى الإخوان أن السلفيين وتياراتهم سيكونون عبئا عليهم، ولذا رأوا التخلص منهم، كما كانت تقديراتهم أن السلفيين لن يحصوا على أكثر من 10% من الأصوات،وقد كنت طرفا في ذلك وكانت طريقة تعامل الإخوان مهينة مع التيارات الإسلامية السلفية وراجع مقال كمال حبيب على هذا الرابط http://www.youm7.com/story/2011/10/22/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A3%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%B4%D8%AD-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D8%9F!/517952#.VUeNOvlViko
20. راجع في هذا السياق كمال حبيب، التحالف الإسلامي الجديد في مصر على هذا الرابط http://www.youm7.com/story/2013/6/24/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%81%D9%89-%D9%85%D8%B5%D8%B1/1131000#.VUeOpflViko، وله أيضا راجع، الإسلاميون والعنف بعد 30 يونيه ، مجلة الديمقراطية،أكتوبر 2013، ع 52.
21. عن احتمالات علاقات بين الإخوان والسلفية الجهادية في سيناء راجع هذا الرابط http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/3/111/4920/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9/%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF/%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1.aspx