المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

لقاء الرئيس مع المثقفين

الخميس 31/مارس/2016 - 12:24 م

دعا الرئيس «عبد الفتاح السيسى» عددا من المثقفين للقائه فى قصر «الاتحادية» لعقد لقاء فكرى مفتوح يستمع فيه الرئيس لإدراكات المثقفين للمشكلات المصرية الراهنة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقد آثر الرئيس أن يكتففى فى بداية اللقاء بكلمة موجزة وكلف الأستاذ «حلمى النمنم» وزير الثقافة بإدارة الحوار. وكنت أول من طلب الكلمة لأننى كنت جاهزا بأفكارى التى سأعرضها بحكم أننى أشرف على بحث شامل يقوم به المركز العربى للبحوث عن التحليل النقدى للمشكلات المصرية الراهنة.

وهكذا يمكن القول إن كلمتى التى ألقيتها أمام الرئيس والتى استمع إليها باهتمام -كما فعل بالنسبة لباقى الكلمات ودون ملاحظات على ما سمع- كانت تعكس خبرتى كباحث فى العلم الاجتماعى ومشرف على المشروع البحثى الذى أشرت إليه.

الموضوع الأول أشرت فيه إلى توصيفى للدولة التى يقودها الرئيس «السيسى» بعد انتخابه رئيسا للجمهورية بأنها اعودة للدولة التنمويةب. وهذه الدولة -بحسب التعريف العلمى-هى التى تقوم بالتخطيط للتنمية المستدامة- كما فعل الرئيس حين أعلن رؤية مصر التنموية «20-30»، وتقوم أيضا بتنفيذ المشروعات القومية الكبرى.

والدولة التنموية التى أسسها الرئيس «السيسى» تتميز بأنها لا تستبعد القطاع الخاص فى الإسهام فى تنفيذ مشروعات التنمية، وإن كان رجال الأعمال سيعملون تحت إشراف الدولة ورقابتها منعا لظهور شبكات الفساد والتى تقوم عادة على الزواج المحرم بين أهل السلطة ورجال الأعمال كما حدث فى السنوات الأخيرة من حكم «مبارك».

والموضوع الثانى الذى أثرته فى مداخلتى أمام الرئيس هو أن الدولة التنموية لن تستطيع النجاح فى مشروعها بغير المشاركة الفعالة للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والنخب السياسية والثقافية. وإذا عرفنا أنه عالميا تم الاعتراف بأن عصر «الديمقراطية النيابية» قد وصل إلى منتهاه (راجع فى ذلك كتاب عالم السياسة الاسترالى «سيمون تورمى» Simon Tormey نهاية السياسة النيابية لندن: دار نشر Polity، 2015) فإن على الدولة التنموية أن تبدأ عملية تجديد مؤسسى شاملة بحيث تتحول الأحزاب السياسية إلى أحزاب تنموية لها رؤية محددة فى الاقتصاد، وتقوم بالنقد الاجتماعى المسئول لما تطرحه الدولة من استراتيجيات تنموية، وأبعد من ذلك عليها أن تشارك فعلا فى مجال مشروعات التنمية المتوسطة والصغيرة، وذلك سيكفل لها أن تحتك بالجماهير مباشرة. ومن ناحية أخرى على منظمات المجتمع المدنى أن تتجدد ولا تقنع بالمطالبات الحقوقية التقليدية لأن حقوق الإنسان الاقتصادية لا تقل أهمية عن حقوق الإنسان السياسية. وعليها أيضا أن تقوم بمساهمات تنموية وتنويرية للرأى العام. أما النخب السياسية الثقافية فعليها أن تجدد معارفها السياسية لتعرف التحولات العالمية الكبرى وأهمها على الإطلاق بروز حتمية تدخل الدولة فى الاقتصاد، وبروز نمط «ديمقراطية المشاركة» Participatory Democracy والتى لم تتبلور مؤسساتها بالكامل حتى الان.

والموضوع الثالث الذى أثرته هو أن خطة التنمية لمصر 20-30 والتى أعلنها الرئيس -وإن كانت منطلقاتها صحيحة وأهدافها مقبولة- إلا أنه كان ينبغى أن نركز فى المقام الأول على مشكلات مصر الكبرى. ولو عرفنا أن معدل الأمية فى مصر 26%، وأن 26 مليون مصرى تحت خط الفقر، وأن 18 مليون مصرى فى العشوائيات، وأن معدل البطالة وخصوصا بين الشباب مرتفع للغاية لأدركنا أنه كان ينبغى على الخطة أن تركز أولا على هذه المشكلات وأن تستخدم لغة التخطيط وتقرر أنه سيحدث كذا فى الأجل القصير، وسيحدث كذا فى الأجل المتوسط، وسيحدث كذا فى الأجل الطويل وذلك حتى يتشكل وعى الجماهير بصورة علمية وألا نتوقع مثلا أنه يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية -وهى أحد مطالب ثورة 25 يناير 2011- فى عامين مثلا. مع أنها تحتاج إلى مدى طويل حتى تتحقق على أساس صياغة كل أنساق المجتمع المصرى. وأضفت أنه كان ينبغى أن تطرح رؤية التنمية المستدامة على حوار مجتمعى، لأن مشروع «قناة السويس» الذى حظى بتأييد شعبى غير مسبوق لم يحظ به مشروع «إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة» والذى ليس عليه إجماع لا من الخبراء ولا من الرأى العام.

وأخيرا أشرت إلى خطورة الازدواج التعليمى فى مصر بين تعليم دينى يقوم على النقل وليس على العقل، وتعليم مدنى مشوه بالإضافة إلى ازدواجية التعليم بين التعليم الوطنى والتعليم الأجنبى، والذى يتمثل فى عديد من المدارس والجامعات الأجنبية.

وأنهيت كلمتى الموجزة بالإشارة إلى أربع مشكلات. المشكلة الأولى أطلقت عليها الإعلام المريض والدولة المتخاذلة. وقلت إن الإعلام التليفزيونى الخاص الذى يملكه رجال الأعمال أطلقوا على الشعب مجموعة من الأصوات النابحة التى تركز على تفاهات الحياة اليومية بدلا من الاهتمام بمشكلات الوطن الكبرى، وثانيا أنه لابد من حذف مادة ازدراء الأديان من قانون العقوبات لأننا دولة مدنية وليست دولة دينية. وثالثا أنه بدلا من محاكمة مؤسسات المجتمع لماذا لا تنظم الدولة تحت رعايتها مؤتمرا عاما يدعى فيه أصحاب هذه المنظمات ليقدم كل منهم تقريرا وافيا عن تمويله الأجنبى، وهل ينفذ أجندة وطنية أم أجندة أجنبية، وأين ذهبت الأموال التى تم الحصول عليها على أن يحضر المؤتمر ممثلون للرأى العام حتى يكون الحكم على نشاط هذه المنظمات موضوعيا.

وآخر ملاحظة سقتها هى أهمية إقامة التوازن الدقيق بين الحفاظ على الأمن ومكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان.

وقد عقب الرئيس فى نهاية المداخلات المختلفة تعAقيبا موجزا، ودعا المثقفين إلى تكوين مجموعات عمل من بينهم على أن يقدموا آراءهم مكتوبة تقدم فى لقاء مقبل بعد شهر.

وقد عرضت فى هذا الاجتماع المشروع البحثى الذى قام به المركز العربى للبحوث وعنوانه زتحليل نقدى للمشكلات المصرية الراهنةس ويتضمن دراسات علمية متعمقة لهذه المشكلات وهى الوضع الراهن فى الاقتصاد والتعليم والصحة والإعلام والثقافة والممارسة السياسية والسياسة الخارجية والمحليات والطاقة والشباب والمشكلات الاجتماعية ودور الإعلام فى مواجهة الشباب.

وأبديت استعدادى لطرح هذه البحوث على المثقفين فى ندوة علمية. وأيا ما كان الأمر فإن هذه البحوث ستطبع قريبا فى كتاب يوزع على أعضاء مجلس الشعب والإعلاميين والمثقفين، وقبل ذلك سنرسل منه نسخة للسيد الرئيس. وبذلك يكون المركز العربى للبحوث قد أدى دوره العلمى والوطنى فى هذه الحقبة الفارقة من تاريخ مصر التى تسعى فيها إلى النهضة الشاملة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟