دوافع وأسباب: الموقف المغربي من القمة العربية العادية
الأربعاء 02/مارس/2016 - 11:08 ص
إبراهيم منشاوي
يمثل اعتذار المملكة العربية المغربية عن استضافة الدورة العادية القادمة للقمة العربية حدثًا مهمًا يتعين التوقف عنده كثيرًا من أجل إثارة عدد من الأسئلة المهمة، والتي تتعلق جميعها بالموقف من إصلاح جامعة الدول العربية، في ظل هذه الرفض المغربي والذي استند إلى مبررات تدفع جميعها في اتجاه أن الجامعة ليس لها أي دور حقيقي نتيجة "غياب قرارات هامة ومبادرات ملموسة يمكن عرضها على قادة الدول العربية"، حسبما جاء في بيان وزارة الخارجية المغربية.
ولا جرم القول إن الموقف المغربي إنما يتفق مع حقائق الأشياء، لأن الجامعة في ظل موجة الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، لم يكن لها أي دور حقيقي وفاعل. ولكن هذا الموقف الضعيف للجامعة لا يمكن رده فقط إلى غياب أي إرادة حقيقة لها، ولكن يجب التنويه أيضًا إلى أن عدم فاعلية الجامعة مرجعه بالأساس إلى الخلافات الجمة العربية - العربية، والسيطرة على القرار العربي من قبل قوى دولية.
ولا جرم القول إن الموقف المغربي إنما يتفق مع حقائق الأشياء، لأن الجامعة في ظل موجة الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، لم يكن لها أي دور حقيقي وفاعل. ولكن هذا الموقف الضعيف للجامعة لا يمكن رده فقط إلى غياب أي إرادة حقيقة لها، ولكن يجب التنويه أيضًا إلى أن عدم فاعلية الجامعة مرجعه بالأساس إلى الخلافات الجمة العربية - العربية، والسيطرة على القرار العربي من قبل قوى دولية.
إن مبدأي المساواة والسيادة كانا من أهم العقبات التي واجهت عمل جامعة الدول العربية، حيث أسهما في تقنين مبدأ الإجماع كأساس لاتخاذ القرارات
أولًا: مبررات الموقف المغربي
يمكن رد الموقف المغربي إلى مجموعة من الأمور تتعلق بالأسباب الرئيسية التي تعوق عمل الجامعة العربية، والتي كانت دومًا ما تثار بين الفينة والأخرى من أجل إصلاحها:
أ. قصور ميثاق جامعة الدول العربية
حيث كان ميثاق الجامعة العربية أقرب إلى محاولة التوفيق بين الاتجاهين القطري والقومي، ومن هنا فإن مبدأي المساواة والسيادة كانا من أهم العقبات التي واجهت عمل جامعة الدول العربية، حيث أسهما في تقنين مبدأ الإجماع كأساس لاتخاذ القرارات، الأمر الذي فرض قدرًا من الجمود والشكلية على عمل الجامعة العربية، وقد ظهرت مثالب الميثاق في نظام الأمن الجماعي لكونه ذا طبيعة اختيارية كما أنه يتطلب توافر قاعدة الإجماع من أجل تفعيله، كما أن الميثاق لم ينشئ جهازًا أو أداة يناط بها تنفيذ إجراءات وتدابير قمع العدوان، وقد حاولت الجامعة التغلب على أوجه القصور التي تعتري نظام الأمن الجماعي، من خلال التوقيع على معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، والتي لم تشترط توافر قاعدة الإجماع لقمع العدوان، وأخذت بقاعدة الثلثين، إلا أن الخلافات العربية – العربية وقفت حائلًا أمام تفعيل تلك الاتفاقية. كما أن الميثاق لم يتضمن إشارة إلى الحقوق الإنسانية والاجتماعية، مثل حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولم يتضمن أيضًا إي إشارة إلى حقوق المرأة والطفل والمعوقين والأقليات.
ب. إخفاق الجامعة العربية في حل بعض الأزمات
حيث أخفقت الجامعة العربية في حل بعض الأزمات التي واجهتها، مما كان يفتح الباب أمام اللجوء إلى المنظمات الدولية والدول الغربية، وهذا ألقى على النظام العربي بحالة من العجز، وقد كان من أهم الأزمات التي فشلت الجامعة في حلها، القضية الفلسطينية، حيث لم تنجح الجامعة في الحفاظ على الأراضي العربية في فلسطين ودعم النضال الوطني الفلسطيني، وكذلك أزمة الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، والذي جسد الفشل الذريع للجامعة العربية.
فضلًا عن عجز الجامعة في منع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الأخيرة، حيث تركت المجال واسعًا لتدخلات دولية وإقليمية، فحلت الأزمة في إطار المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وما تبعها من مفاوضات غير مباشرة في القاهرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا الأمر قد أثار عددا من المسائل مثل ضعف الجامعة العربية وعدم فاعليتها في حل الأزمات العربية وبالتالي ظهور الحاجة إلى إصلاحها. ومما وطد من هذا الطرح الجدي انتشار الجماعات الإرهابية بشكل كبير في الوطن العربي في أعقاب الثورات وتهديده لكيان الدولة القومية بشكل كبير، ولدينا مثال صارخ على ذلك يتمثل في تمدد تنظيم داعش في العراق والشام، وقد وقفت الجامعة عاجزة عن مواجهة ذلك الخطر، مما استدعى وجود تدخل دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية فيما يعرف باسم، "التحالف الدولي"، والذي يشن ضربات جوية على مواقع التنظيم لا تجدي نفعًا في كبح جماحه.
جـ. موقف الجامعة من الثورات العربية
المعلوم أن عددًا كبيرًا من الدول العربية قد شهد حركات احتجاجية سرعان ما تحولت إلى ثورات، أدت إلى تغيير الخريطة السياسية فى المنطقة، ولم تكن جامعة الدول العربية منها ببعيد. لكن يُلاحظ أن الجامعة لم تلعب دورًا بارزًا إبان الثورة التونسية في ديسمبر 2010، أو الثورة المصرية في 25 يناير 2011، أو حتى الثورة اليمنية، فكان خطابها يرتكز على الدعوة إلى وقف العنف، والتوافق الوطني. بل إنها تركت"الأزمة اليمنية" التي استمرت قرابة عام تُحل في إطار "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" وغابت الجامعة عن مشهد التفاوض أو المبادرات المطروحة آنذاك. غير أن هذا الأمر لم يدم طويلًا إبان اندلاع الثورة الليبية والتى أكدت فيها الجامعة على شرعية مطالب الثائرين، بالإضافة إلى وقف مشاركة وفد حكومة ليبيا فى المنظمة وصولًا إلى طلب الجامعة من مجلس الأمن، فرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي،وإقامة مناطق آمنة، شكلت كلها رأس الحربة في صياغة مشهد التدخل العسكري لإسقاط النظام الليبي.
وعلى الجانب الآخر، يُلاحظ أن تحولًا كبيرًا قد طرأ على سلوك المنظمة تجاه الثورة السورية، حيث بدأت تمارس دورًا فعليًا فيها في أوائل أغسطس 2011، أي بعد مرور حوالي خمسة شهور على اندلاع الثورة السورية في 15 مارس 2011. وبالتالى فقد خرجت الجامعة من عزلتها والتى نتجت عن تمسكها بمبدأى السيادة المطلقة وخصوصية الشئون الداخلية، مدفوعة بتحركات مجلس التعاون الخليجى والتى راحت تدفع الجامعة إلى تبنى مواقف جديدة عليها تخرج عن الأطر القانونية والسياسية التى ظلت تحكم عملها لأكثر من ستة عقود.
وعلى الرغم من ذلك، فقد كشفت التجربة التي مرت بها جامعة الدول العربية في الثورة السورية، ولا تزال، عن مظاهر ومؤشرات قصور سياسي ومهني. فعلى سبيل المثال، اللجنة التي شكلتها الجامعة لتقصي الأوضاع في سوريا، والتي رأسها الفريق مصطفى الدابى، أواخر 2011 أوائل 2012، لم تكن محل رضا من قوى الثورة في سوريا، ومن بعض الدول العربية التي أعلنت سحب مندوبيها منها، وذلك على أثر تقرير اللجنة الذي اعتبره الكثيرون، ومنهم فصائل الثورة والمعارضة في سوريا، منحازًا إلى جانب النظام. كذلك فإن موافقة الجامعة علي تعيين الأخضر الإبراهيمي، كممثل خاص مشترك لسكرتير عام الأمم المتحدة وأمين عام جامعة الدول العربية، لم يأت بأي جديد، حيث إن أوراق اللعبة بمجملها في يد القوى الكبرى التي تتصارع علي الأرض السورية وهو ما كشف عنه مؤتمر جنيف "2"، والذى تعثر هو الأخر في إيجاد حل للأزمة.
د. إخفاقات الجامعة العربية في الحالتين السورية والليبية:
وهنا يمكن طرح عدد من الملاحظات التي تستدعي العمل على إصلاح الجامعة العربية، منها:
أولا: أن الجامعة العربية انطلقت فى قراراتها ومبادرتها بشأن الحالتين الليبية والسورية من دوافع سياسية مشوبة بحسابات إنسانية، مع تجاهل تام للأسس القانونية الحاكمة فى ميثاق الجامعة، وفى عدة وثائق ومرجعيات عربية أخرى، والتى تتضمن الالتزام بإبقاء الخلافات العربية داخل المظلة العربية وتجنب اللجوء إلى تقليص أو تجميد العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، وعدم اللجوء إلى الحملات الإعلامية المضادة وعدم المشاركة فى العقوبات الاقتصادية، وفى أى نوع من أنواع الحصار الذى يفرض على أية دولة عربية.
ثانيا: أن الجامعة العربية سارعت بمنح غطاء سياسى لتدخل حلف الأطلنطى عسكريًا فى الحالة الليبية، أو استنفاد للآليات العربية الممكنة لتسوية الصراع وحماية المدنيين، ثم راحت أيضًا فى هذه الحالة تناقض موقفها المبدأى المعلن على مستوى وزراء الخارجية العرب فى أغسطس 2011 بشأن إبقاء التسوية فى إطار المظلة العربية، واستبعاد التدويل، وأى تدخل عسكرى أجنبى فى سوريا، ولجأت فى يناير 2012 إلى مجلس الأمن الدولى لتطرح عليه فكرة تشكيل قوة عربية أممية للتدخل فى سوريا. وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقية وراء استجابة مجلس الأمن وحلف الأطلنطى للتدخل فى الحالة الليبية، وامتناعهما عن التدخل فى الحالة السورية، يبقى هناك تساؤل مهم عن أسباب تجاهل الجامعة العربية لفكرة تشكيل قوات عربية خالصة، على غرار ما سبق وقامت به فى لبنان.
ثالثا: قامت الجامعة باتخاذ إجراءات غير مسبوقة، وعلي غير نص من ميثاق الجامعة، وذلك بمنع ممثلي كل من ليبيا وسوريا من المشاركة فى اجتماعات مجلس الجامعة العربية، وهو ما أدي – فضلًا عن مخالفته للنصوص- إلي افتقاد قنوات التواصل والضغط المباشر على كلا النظامين، وإلى تغييب عنصر التوازن والتدقيق فى مصادر المعلومات المتاحة عن التطورات الميدانية والسياسية. ويشير الاستباق بقرار منع ممثل سوريا من المشاركة فى اجتماعات الجامعة، قبل انتظار نتائج بعثة المراقبين العرب، إلى رغبة البعض فى تجاوز التدقيق فى استقصاء المعلومات والتفسيرات من المصادر المباشرة.
رابعا: طريقة جامعة الدول العربية فى إدارة آلية " الرقابة الميدانية " التى استحدثتها فى إطار المبادرة الأولى بشأن الأزمة السورية، والتى تعكس تواضع خبرة الجامعة فى مثل هذه الأنشطة الميدانية الدقيقة، حيث لوحظ على سبيل المثال، تشكيل فريق المراقبين بطريقة بيروقراطية وبأعداد محدودة لا تسمح بتغطية مسارح العمليات المتفرقة، ومن عناصر أغلبها غير مدرب على مثل هذا العمل الميدانى الحساس.
خامسا: جاء موقف الجامعة العربية من جماعات الثوار والمعارضين السياسيين فى كل من ليبيا وسوريا متعجلًا للغاية، حيث تبين أن الجامعة لم يكن لديها فى بدايات تعاملها مع المسألتين مصادر معلومات خاصة بها، أو مصادر مستقلة تستقى منها البيانات الدقيقة عن التطورات الميدانية، وعن الخلفيات التنظيمية والعقائدية لجماعات الثوار والقوى المعارضة فى البلدين وأجنداتها ومشروعاتها السياسية البديلة.
سادسا: إن الجامعة العربية لم تقم بعد سقوط النظام القديم فى ليبيا بأية أدوار عملية لمساعدة الشعب الليبى فى إعادة بناء المؤسسات، وتأمين الحدود، وإجراء ما يلزم من مصالحات وطنية، وتركت ذلك كله فى أيدى الخبراء الغربيين. كما يلاحظ عدم كفاية الخطوات العملية التى قامت بها الجامعة لإغاثة اللاجئين، وعلاج المصابين السوريين، أو التحضير لإجراءات حصر وتوثيق الخسائر التى تعرضت لها المدن السورية، أو الإعداد لخطط إعادة البناء بعد توقف القتال.
يمكن رد الموقف المغربي إلى مجموعة من الأمور تتعلق بالأسباب الرئيسية التي تعوق عمل الجامعة العربية، والتي كانت دومًا ما تثار بين الفينة والأخرى من أجل إصلاحها:
أ. قصور ميثاق جامعة الدول العربية
حيث كان ميثاق الجامعة العربية أقرب إلى محاولة التوفيق بين الاتجاهين القطري والقومي، ومن هنا فإن مبدأي المساواة والسيادة كانا من أهم العقبات التي واجهت عمل جامعة الدول العربية، حيث أسهما في تقنين مبدأ الإجماع كأساس لاتخاذ القرارات، الأمر الذي فرض قدرًا من الجمود والشكلية على عمل الجامعة العربية، وقد ظهرت مثالب الميثاق في نظام الأمن الجماعي لكونه ذا طبيعة اختيارية كما أنه يتطلب توافر قاعدة الإجماع من أجل تفعيله، كما أن الميثاق لم ينشئ جهازًا أو أداة يناط بها تنفيذ إجراءات وتدابير قمع العدوان، وقد حاولت الجامعة التغلب على أوجه القصور التي تعتري نظام الأمن الجماعي، من خلال التوقيع على معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، والتي لم تشترط توافر قاعدة الإجماع لقمع العدوان، وأخذت بقاعدة الثلثين، إلا أن الخلافات العربية – العربية وقفت حائلًا أمام تفعيل تلك الاتفاقية. كما أن الميثاق لم يتضمن إشارة إلى الحقوق الإنسانية والاجتماعية، مثل حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولم يتضمن أيضًا إي إشارة إلى حقوق المرأة والطفل والمعوقين والأقليات.
ب. إخفاق الجامعة العربية في حل بعض الأزمات
حيث أخفقت الجامعة العربية في حل بعض الأزمات التي واجهتها، مما كان يفتح الباب أمام اللجوء إلى المنظمات الدولية والدول الغربية، وهذا ألقى على النظام العربي بحالة من العجز، وقد كان من أهم الأزمات التي فشلت الجامعة في حلها، القضية الفلسطينية، حيث لم تنجح الجامعة في الحفاظ على الأراضي العربية في فلسطين ودعم النضال الوطني الفلسطيني، وكذلك أزمة الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، والذي جسد الفشل الذريع للجامعة العربية.
فضلًا عن عجز الجامعة في منع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الأخيرة، حيث تركت المجال واسعًا لتدخلات دولية وإقليمية، فحلت الأزمة في إطار المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وما تبعها من مفاوضات غير مباشرة في القاهرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا الأمر قد أثار عددا من المسائل مثل ضعف الجامعة العربية وعدم فاعليتها في حل الأزمات العربية وبالتالي ظهور الحاجة إلى إصلاحها. ومما وطد من هذا الطرح الجدي انتشار الجماعات الإرهابية بشكل كبير في الوطن العربي في أعقاب الثورات وتهديده لكيان الدولة القومية بشكل كبير، ولدينا مثال صارخ على ذلك يتمثل في تمدد تنظيم داعش في العراق والشام، وقد وقفت الجامعة عاجزة عن مواجهة ذلك الخطر، مما استدعى وجود تدخل دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية فيما يعرف باسم، "التحالف الدولي"، والذي يشن ضربات جوية على مواقع التنظيم لا تجدي نفعًا في كبح جماحه.
جـ. موقف الجامعة من الثورات العربية
المعلوم أن عددًا كبيرًا من الدول العربية قد شهد حركات احتجاجية سرعان ما تحولت إلى ثورات، أدت إلى تغيير الخريطة السياسية فى المنطقة، ولم تكن جامعة الدول العربية منها ببعيد. لكن يُلاحظ أن الجامعة لم تلعب دورًا بارزًا إبان الثورة التونسية في ديسمبر 2010، أو الثورة المصرية في 25 يناير 2011، أو حتى الثورة اليمنية، فكان خطابها يرتكز على الدعوة إلى وقف العنف، والتوافق الوطني. بل إنها تركت"الأزمة اليمنية" التي استمرت قرابة عام تُحل في إطار "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" وغابت الجامعة عن مشهد التفاوض أو المبادرات المطروحة آنذاك. غير أن هذا الأمر لم يدم طويلًا إبان اندلاع الثورة الليبية والتى أكدت فيها الجامعة على شرعية مطالب الثائرين، بالإضافة إلى وقف مشاركة وفد حكومة ليبيا فى المنظمة وصولًا إلى طلب الجامعة من مجلس الأمن، فرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي،وإقامة مناطق آمنة، شكلت كلها رأس الحربة في صياغة مشهد التدخل العسكري لإسقاط النظام الليبي.
وعلى الجانب الآخر، يُلاحظ أن تحولًا كبيرًا قد طرأ على سلوك المنظمة تجاه الثورة السورية، حيث بدأت تمارس دورًا فعليًا فيها في أوائل أغسطس 2011، أي بعد مرور حوالي خمسة شهور على اندلاع الثورة السورية في 15 مارس 2011. وبالتالى فقد خرجت الجامعة من عزلتها والتى نتجت عن تمسكها بمبدأى السيادة المطلقة وخصوصية الشئون الداخلية، مدفوعة بتحركات مجلس التعاون الخليجى والتى راحت تدفع الجامعة إلى تبنى مواقف جديدة عليها تخرج عن الأطر القانونية والسياسية التى ظلت تحكم عملها لأكثر من ستة عقود.
وعلى الرغم من ذلك، فقد كشفت التجربة التي مرت بها جامعة الدول العربية في الثورة السورية، ولا تزال، عن مظاهر ومؤشرات قصور سياسي ومهني. فعلى سبيل المثال، اللجنة التي شكلتها الجامعة لتقصي الأوضاع في سوريا، والتي رأسها الفريق مصطفى الدابى، أواخر 2011 أوائل 2012، لم تكن محل رضا من قوى الثورة في سوريا، ومن بعض الدول العربية التي أعلنت سحب مندوبيها منها، وذلك على أثر تقرير اللجنة الذي اعتبره الكثيرون، ومنهم فصائل الثورة والمعارضة في سوريا، منحازًا إلى جانب النظام. كذلك فإن موافقة الجامعة علي تعيين الأخضر الإبراهيمي، كممثل خاص مشترك لسكرتير عام الأمم المتحدة وأمين عام جامعة الدول العربية، لم يأت بأي جديد، حيث إن أوراق اللعبة بمجملها في يد القوى الكبرى التي تتصارع علي الأرض السورية وهو ما كشف عنه مؤتمر جنيف "2"، والذى تعثر هو الأخر في إيجاد حل للأزمة.
د. إخفاقات الجامعة العربية في الحالتين السورية والليبية:
وهنا يمكن طرح عدد من الملاحظات التي تستدعي العمل على إصلاح الجامعة العربية، منها:
أولا: أن الجامعة العربية انطلقت فى قراراتها ومبادرتها بشأن الحالتين الليبية والسورية من دوافع سياسية مشوبة بحسابات إنسانية، مع تجاهل تام للأسس القانونية الحاكمة فى ميثاق الجامعة، وفى عدة وثائق ومرجعيات عربية أخرى، والتى تتضمن الالتزام بإبقاء الخلافات العربية داخل المظلة العربية وتجنب اللجوء إلى تقليص أو تجميد العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، وعدم اللجوء إلى الحملات الإعلامية المضادة وعدم المشاركة فى العقوبات الاقتصادية، وفى أى نوع من أنواع الحصار الذى يفرض على أية دولة عربية.
ثانيا: أن الجامعة العربية سارعت بمنح غطاء سياسى لتدخل حلف الأطلنطى عسكريًا فى الحالة الليبية، أو استنفاد للآليات العربية الممكنة لتسوية الصراع وحماية المدنيين، ثم راحت أيضًا فى هذه الحالة تناقض موقفها المبدأى المعلن على مستوى وزراء الخارجية العرب فى أغسطس 2011 بشأن إبقاء التسوية فى إطار المظلة العربية، واستبعاد التدويل، وأى تدخل عسكرى أجنبى فى سوريا، ولجأت فى يناير 2012 إلى مجلس الأمن الدولى لتطرح عليه فكرة تشكيل قوة عربية أممية للتدخل فى سوريا. وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقية وراء استجابة مجلس الأمن وحلف الأطلنطى للتدخل فى الحالة الليبية، وامتناعهما عن التدخل فى الحالة السورية، يبقى هناك تساؤل مهم عن أسباب تجاهل الجامعة العربية لفكرة تشكيل قوات عربية خالصة، على غرار ما سبق وقامت به فى لبنان.
ثالثا: قامت الجامعة باتخاذ إجراءات غير مسبوقة، وعلي غير نص من ميثاق الجامعة، وذلك بمنع ممثلي كل من ليبيا وسوريا من المشاركة فى اجتماعات مجلس الجامعة العربية، وهو ما أدي – فضلًا عن مخالفته للنصوص- إلي افتقاد قنوات التواصل والضغط المباشر على كلا النظامين، وإلى تغييب عنصر التوازن والتدقيق فى مصادر المعلومات المتاحة عن التطورات الميدانية والسياسية. ويشير الاستباق بقرار منع ممثل سوريا من المشاركة فى اجتماعات الجامعة، قبل انتظار نتائج بعثة المراقبين العرب، إلى رغبة البعض فى تجاوز التدقيق فى استقصاء المعلومات والتفسيرات من المصادر المباشرة.
رابعا: طريقة جامعة الدول العربية فى إدارة آلية " الرقابة الميدانية " التى استحدثتها فى إطار المبادرة الأولى بشأن الأزمة السورية، والتى تعكس تواضع خبرة الجامعة فى مثل هذه الأنشطة الميدانية الدقيقة، حيث لوحظ على سبيل المثال، تشكيل فريق المراقبين بطريقة بيروقراطية وبأعداد محدودة لا تسمح بتغطية مسارح العمليات المتفرقة، ومن عناصر أغلبها غير مدرب على مثل هذا العمل الميدانى الحساس.
خامسا: جاء موقف الجامعة العربية من جماعات الثوار والمعارضين السياسيين فى كل من ليبيا وسوريا متعجلًا للغاية، حيث تبين أن الجامعة لم يكن لديها فى بدايات تعاملها مع المسألتين مصادر معلومات خاصة بها، أو مصادر مستقلة تستقى منها البيانات الدقيقة عن التطورات الميدانية، وعن الخلفيات التنظيمية والعقائدية لجماعات الثوار والقوى المعارضة فى البلدين وأجنداتها ومشروعاتها السياسية البديلة.
سادسا: إن الجامعة العربية لم تقم بعد سقوط النظام القديم فى ليبيا بأية أدوار عملية لمساعدة الشعب الليبى فى إعادة بناء المؤسسات، وتأمين الحدود، وإجراء ما يلزم من مصالحات وطنية، وتركت ذلك كله فى أيدى الخبراء الغربيين. كما يلاحظ عدم كفاية الخطوات العملية التى قامت بها الجامعة لإغاثة اللاجئين، وعلاج المصابين السوريين، أو التحضير لإجراءات حصر وتوثيق الخسائر التى تعرضت لها المدن السورية، أو الإعداد لخطط إعادة البناء بعد توقف القتال.
إن الجامعة العربية لم تقم بعد سقوط النظام القديم فى ليبيا بأية أدوار عملية لمساعدة الشعب الليبى فى إعادة بناء المؤسسات، وتأمين الحدود، وإجراء ما يلزم من مصالحات وطنية
ثانيًا: تداعيات الموقف المغربي على الجامعة
لا شك على الإطلاق أن الموقف المغربي سيؤثر على مستقبل جامعة الدول العربية، فقد يشجع هذا الموقف من تطبيق المدخل الإصلاحي لإنقاذ الجامعة، أو على العكس البحث عن تجمع آخر أكثر فاعلية:
أ. مدخل الإصلاح:
وهنا قد تعتمد الجامعة على المبادرات التي سبق وأن تقدمت بها الدول الأعضاء من أجل إصلاح الجامعة العربية، وأهم هذهتلك المبادرات كانت المبادرة الليبية، والمبادرة المصرية، والمبادرة السعودية، والمبادرة اليمنية، والمبادرة القطرية، والمبادرة الأردنية، والمبادرة السودانية، والمبادرة الثلاثية التي تقدمت بها كل من مصر والسعودية وسوريا.
ويمكن في هذا الإطار الحديث عن المبادرة المصرية، حيث تساند القاهرة جهود دعم جامعة الدول العربية كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك، وذلك بتوفير الإمكانات الضرورية لإصلاح هياكلها وتمكينها من أداء دورها على أكمل وجه، وذلك بشأن تطوير هياكلها القائمة وإضافة هياكل جديدة بما يثمر في تعزيز المسيرة العربية المشتركة. مع تعزيز قدرة جامعة الدول العربية على احتواء المنازعات العربية قبل تفاقمها. كما أن هدف الإصلاح هو ما ترنو إليه مصر دائمًا بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد يمكن القول؛ إن ثوابت الموقف المصري من عملية الإصلاح تنطلق من هويتها العربية والأفريقية والإسلامية، وانتمائها لمجموعة عدم الانحياز، والمجموعة العربية الأفريقية ومجموعة الـ 77. ومن هذا المنطلق فقد قدمت مصر مبادرة عام 2003 لإصلاح الجامعة العربية، كما عبرت عن رؤيتها لإصلاح الأمم المتحدة، حيث لعبت مصر دورًا فاعلًا في الكثير من المداولات التمهيدية التي جرت في أجهزة الأمم المتحدة للتشاور بشأن عملية إصلاح المنظمة عمومًا وتوسيع مجلس الأمن خصوصًا، وتتضمن رؤية مصر لإصلاح الأمم المتحدة ضرورة تعزيز استقلال المنظمة عن الضغوط الدولية وتمكينها من أداء رسالتها باستقلالية وحياد، وكذلك الالتزام الدقيق بما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة من احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية .
ومن هنا فقد جاءت المبادرة في يوليو 2003، في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق بما يطرحه هذا الحدث من أسئلة صعبة على صانعي السياسة العربية على اختلاف مواقفهم، وما اقترن به من تفجير أكثر من أزمة بين دول عربية وجامعة الدول العربية، أو مع أمينها العام مثل (إعلان الانسحاب الليبي من الجامعة، وأزمة العلاقات بين الكويت والأمين العام عمرو موسى)، والجهود المصرية في القضية الفلسطينية سواء في مجال العلاقات بين السلطة الوطنية ومنظمات المقاومة أو داخل السلطة نفسها، وكان الهدف الأكبر من الجهود الدبلوماسية المصرية هو تهيئة الأرض لتطبيق خارطة الطريق وفتح طرق التفاوض.
وقد جاءت المبادرة المصرية بالنقاط التالية:
فيما يتعلق بالإصلاح الداخلي، ركزت على إجراء تعديلات على ميثاق الجامعة العربية الحالي دون إلغائها مع إضافة آلية للوقاية من النزاعات من خلال إنشاء محكمة عدل عربية، وبرلمان عربي، ومجلس أمن عربي أو منتدى للأمن القومي العربي ودعم المنظمات العربية المتخصصة أو الدمج بينهما، مع الدعوة إلى حوار صريح وبناء حول ذلك، لأن التجربة العربية افتقرت إلى مقومات أساسية وعناصر ضرورية تكفل لها الفعالية. وقد دعت المبادرة إلي إنشاء محكمة عدل عربية، لأن بعض النزاعات العربية التي عرفت سبيله إلى محكمة العدل الدولية وصلت إلى نهاية حاسمة قبلت بها الأطراف.
وطالبت مصر من خلال المبادرة بإنشاء "برلمان عربي" تكون وظيفته الرئيسية إضافة إلى الرقابة التشريعية، نوعًا من الرقابة السياسية على عمل أجهزة الجامعة وكذلك الرقابة المالية على موازنة الجامعة.
وقد دعا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 30 مارس 2005 إلى إصلاح الجامعة العربية عبر وضع آليات تنفيذية لإقامة أمن جماعي عربي يواكب "روح العصر" . وقد نصت المبادرة كذلك على إنشاء آلية " للوقاية من النزاعات وإدارتها وتسويتها" مشيرة إلى أنه سبق لقمة 1996 أن أقرت ذلك وصادق عليها وزراء الخارجية العرب عام 2000، وطالبت بتنفيذ وإخراج هذه الآلية فورًا إلى حيز التطبيق وأوضحت أهمية تنقية الأجواء العربية، مشيرة إلى الإنجازات التي حققتها الجامعة "كالتصدي للمشكلة العراقية الكويتية عام 1961".
ومن خلال المحور الوظيفي، دعت المبادرة إلي تكامل اقتصادي كمدخل رئيسي لخروج النظام العربي من أزمته الراهنة، كما شددت على تعاظم دور وتأثير المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بحيث لم يعد من المستطاع تجاهل أهمية ما تقوم به أو إنكاره. ورأت أن الوقت حان لكي تفسح الجامعة مجالًا أوسع لهذه الهيئات بحيث تصبح من روافد الرأي والرؤية، وقد نصت المبادرة في هذا الصدد على ما يلي:
- عمل مسح شامل لجهود التكامل الاقتصادي السابقة.
- التفكير في لجان للتنسيق بين القطاعات المتماثلة.
- عدم اشتراط انضمام كافة الدول الأعضاء لمشروعات التكامل أو شمولها لجميع القطاعات.
- تشجيع مساهمة القطاع الخاص في مجال التكامل وتنقية الأجواء العربية واحتواء المنازعات العربية –العربية وتسويتها.
- توثيق الصلة مع المجتمع المدني العربي واعتماد أسلوب الدبلوماسية الجماعية.
وقد طالبت المبادرة المصرية، بآلية جديدة تحقق التنسيق بين مؤسسات العمل العربي المشترك، وذلك من خلال وضع صيغة جديدة مستقبلية للمنظمات العربية المتخصصة، بما في ذلك إنشاء منظمات وظيفية جديدة تكون عضويتها اختيارية، حيث رأت المبادرة أن المنظمات المتخصصة تضطلع بدور مهم في العمل العربي المشترك، وذلك يرجع في الواقع إلي حقيقتين وهما: أولًا؛ أن الرابطة العربية تتجاوز البعد السياسي لتشمل جميع جوانب الحياة ومن أهمها الجانب الثقافي. ثانيًا؛ أنتلك المنظمات تمثل تجسيدًا للنهج الوظيفي في السعي لتحقيق التكامل العربي. فما تعوقه السياسة يمكن أن تنهض به الثقافة أو الاقتصاد، ولدعم تلك المنظمات يحتاج الأمر إلي عدد من الخطوات منها:
- عمل مسح شامل لتلك المنظمات ودراسة أوضاعها بشكل علمي، وذلك للتوصل إلى تقييم موضوعي لنشاطها، ومن ثم وضع صيغة مستقبلية لها، بما في ذلك التفكير في إنشاء منظمات وظيفية جديدة تكون عضويتها اختيارية تحقق طفرة في العمل العربي المشترك، وذلك من خلال نقل تدريجي لاختصاصات الدول الأعضاء إلى مثل تلك المنظمات على غرار النموذج الذي عمل به الاتحاد الأوربي، على أن تقوم بهذه الدراسة لجنة مشهود لأعضائها بالموضوعية، يمكن أن تتكون من كبار العاملين الحاليين والسابقين في تلك المنظمات وفي جامعة الدول العربية.
- تفعيل ربط هذه المنظمات بجامعة الدول العربية دون أن يؤدي ذلك إلى الانتقاص من اختصاصها أو ما يجب أن تتمتع به من استقلال مالي وإداري. أما فيما يتعلق بقضية التصويت في الجامعة، رأت المبادرة أن التجارب أثبتت أن نظام التصويت بشكله الحالي يشكل عائقًا يحول دون القرار الواجب في بعض الحالات الصعبة، مما أدى إلى شلل الجامعة والتأثير على مصداقيتها لدى الشعوب، لذلك طالبت المبادرة بإجراء " حوار للبحث عن أنسب الصيغ كالتصويت بتوافق الآراء أو الأغلبية البسيطة، أو الموصوفة وإمكانية إعادة التصويت أكثر من مرة في حدود أطر معينة". كما دعت المبادرة إلي ضرورة إعادة النظر في قاعدة الإجماع، والبحث عن بديل لها لتجاوز الصعوبات التي تترتب عن التمسك بها.
ويمكننا القول بصفة عامة أن الجديد في المبادرة المصرية، كان مجموعة من الاعتبارات كالتالي:
-الإرادة السياسية: حيث تشير المبادرة إلى غياب الإرادة السياسية للدول الأعضاء من أجل تطوير جامعة الدول العربية وتفعيل دورها. وبالتالي حثت المبادرة علي ضرورة توافر تلك الإرادة من أجل تطوير وتفعيل العمل العربي المشترك.
-الدبلوماسية الوقائية ومحكمة العدل: لا شك في أهمية الدبلوماسية الوقائية على صعيد تسوية المنازعات الإقليمية والدولية قبل الولوج إلى الحلول الأخرى. ولذلك يعتبر أهم ما في المبادرة المصرية في هذا الصدد، هو الإشارة إلى ضرورة "الاحتكام إلى آلية قضائية محايدة"، فالحياد شرط عضوي لقيام أية صيغة قانونية، فالقاعدة القانونية من حيث المبدأ هي عامة ومجردة، ولا تجوز أن تكون مصرية أو سعودية أو سورية. كما نصت المبادرة على أن المحكمة العربية أمر هام وحيوي، لتوفير آلية قانونية لحل النزاعات العربية وتنقية الأجواء.
-التكامل الاقتصادي: أن المبادرة أشارت إلى ضرورة تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، إدراكًا منها للتحديات الاقتصادية العربية على المستويين القطري والإقليمي، ومن أجل الخروج بمقترحات محددة في عدد من الموضوعات الخاصة بالقطاعات المالية العربية والقيود على الاستثمار والقدرة على التنافسية العربية والمعايير القياسية والارتقاء بالإعلام الاقتصادي العربي، بما يحقق عوائد إيجابية للأطراف جميعها.
- المنظمات المتخصصة ومنظمات المجتمع المدني: حيث تدعو المبادرة المصرية إلى ربط المنظمات المتخصصة بجامعة الدول العربية مع المحافظة على استقلالها المالي والإداري، وكذلك وضع صيغة فاعلة بين الجامعة ومؤسسات المجتمع المدني.
-تعديل نظام التصويت: هناك إجماع عربي على ضرورة التخلي عن نظام التصويت الذي يقوم على الإجماع بين الدول، واعتماد نظام آخر. وتطرح الورقة عدة أنظمة: تصويت بنظام توافق الآراء، أو بالأغلبية الموصوفة، أو البسيطة، أو العودة إلى التصويت أكثر من مرة بشأن المقترح ذاته في حدود أطر وضوابط معينة. ولأن التوافق متعذر فإن الأغلبية الموصوفة هي النظام الأفضل، مع ضرورة تحديد هذه الأغلبية في حالات محددة ذات أهمية عليا مثل قضايا الحرب، والسلم، والتنمية الاقتصادية، وقبول الأعضاء أو تجميد عضويتهم.
وقد طرحت الدولة المصرية مؤخرًا مشروع إنشاء قوة عربية مشتركة، وهي تلك الدعوة التي تبناها الرئيس السيسي منذ فبراير 2015، لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه الدول العربية، وقد تم مناقشتها في قمة جامعة الدول العربية الـ 26 التي استضافتها في مدينة شرم الشيخ في 28 مارس 2015، والتي عُقدت تحت عنوان "سبعون عامًا من العمل العربي المشترك". وقد جرت بشأن هذه الدعوة عدد من اللقاءات الدورية لرؤساء أركان الجيوش العربية لبحث كيفية الانتهاء من الترتيبات الخاصة بإنشاء هذه القوة، وقد قرر رؤساء أركان الجيوش العربية في 22 أبريل 2015، دعوة فريق رفيع المستوى للعمل تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء لبحث آليات تشكيل القوة العربية المشتركة.
ويكمن الهدف الرئيسي من إنشاء هذه القوة في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدد بنية الدولة القومية العربية، والتصدي للأخطار الخارجية والعمل على إقرار السلام. ولكن لم يتقرر مصير هذا المشروع حتى وقتنا هذا.
ب. مدخل البحث عن تجمع آخر أكثر فاعلية "ظاهرة التجمعات الفرعية"
حيث يكشف الموقف المغربي عن أن جامعة الدول العربية أضحت غير مرغوب فيها نتيجة لعدم فاعليتها وأهميتها للعمل العربي المشترك. فضعف جامعة الدول العربية وتأخرها في التعاطي مع التغيرات السياسية العربــــية الراهنة وخاصة حالتي"اليمن والبحرين" وعجزها في الحالتين الليبية والسورية قد أعطى انطباعًا أنها غير مؤهلة سياسيًا من حيث الآليات والأدوات للتعامل مع مثل هذه التحديات، وهو ما فتح المجال أمام مبادرات إقليمية ودولية عديدة في هذا الشأن.
ومن ثم فقد تصاعد دور مجلس التعاون الخليجي في التغيرات السياسية العربية وخاصة في قضيتي "اليمن والبحرين"، في ظل الضعف والوهن الذي أصاب جامعة الدول العربية مما يقودنا إلى القول بأن مجلس التعاون قد أدرك جيدًا درجة الضعف والشلل الذي أصاب مؤسسته الرسمية جامعة الدول العربية، وعليه فقد بدأ يبرز دوره بإسناد ودعم وتوجيه غربيفي محاولة للحلول محل الجامعة، ومن ثم إحكام السيطرة على القرار السياسي العربي الرسمي من خلال احتواء دور جامعة الدول العربية في مختلف القضايا العربية المستقبلية. وبالتالى تتضح الخطورة هنا من إمكانية انهيار جامعة الدول العربية واستبدالها بتجمع فرعي عربي آخر، قد يكون مجلس التعاون الخليجي أو الاتحاد المغاربي أو الاستجابة للمبادرة اليمنية التيت دعو لاتحاد عربي موسع أو غيرها من الأفكار ذات الصلة.
لا شك على الإطلاق أن الموقف المغربي سيؤثر على مستقبل جامعة الدول العربية، فقد يشجع هذا الموقف من تطبيق المدخل الإصلاحي لإنقاذ الجامعة، أو على العكس البحث عن تجمع آخر أكثر فاعلية:
أ. مدخل الإصلاح:
وهنا قد تعتمد الجامعة على المبادرات التي سبق وأن تقدمت بها الدول الأعضاء من أجل إصلاح الجامعة العربية، وأهم هذهتلك المبادرات كانت المبادرة الليبية، والمبادرة المصرية، والمبادرة السعودية، والمبادرة اليمنية، والمبادرة القطرية، والمبادرة الأردنية، والمبادرة السودانية، والمبادرة الثلاثية التي تقدمت بها كل من مصر والسعودية وسوريا.
ويمكن في هذا الإطار الحديث عن المبادرة المصرية، حيث تساند القاهرة جهود دعم جامعة الدول العربية كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك، وذلك بتوفير الإمكانات الضرورية لإصلاح هياكلها وتمكينها من أداء دورها على أكمل وجه، وذلك بشأن تطوير هياكلها القائمة وإضافة هياكل جديدة بما يثمر في تعزيز المسيرة العربية المشتركة. مع تعزيز قدرة جامعة الدول العربية على احتواء المنازعات العربية قبل تفاقمها. كما أن هدف الإصلاح هو ما ترنو إليه مصر دائمًا بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد يمكن القول؛ إن ثوابت الموقف المصري من عملية الإصلاح تنطلق من هويتها العربية والأفريقية والإسلامية، وانتمائها لمجموعة عدم الانحياز، والمجموعة العربية الأفريقية ومجموعة الـ 77. ومن هذا المنطلق فقد قدمت مصر مبادرة عام 2003 لإصلاح الجامعة العربية، كما عبرت عن رؤيتها لإصلاح الأمم المتحدة، حيث لعبت مصر دورًا فاعلًا في الكثير من المداولات التمهيدية التي جرت في أجهزة الأمم المتحدة للتشاور بشأن عملية إصلاح المنظمة عمومًا وتوسيع مجلس الأمن خصوصًا، وتتضمن رؤية مصر لإصلاح الأمم المتحدة ضرورة تعزيز استقلال المنظمة عن الضغوط الدولية وتمكينها من أداء رسالتها باستقلالية وحياد، وكذلك الالتزام الدقيق بما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة من احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية .
ومن هنا فقد جاءت المبادرة في يوليو 2003، في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق بما يطرحه هذا الحدث من أسئلة صعبة على صانعي السياسة العربية على اختلاف مواقفهم، وما اقترن به من تفجير أكثر من أزمة بين دول عربية وجامعة الدول العربية، أو مع أمينها العام مثل (إعلان الانسحاب الليبي من الجامعة، وأزمة العلاقات بين الكويت والأمين العام عمرو موسى)، والجهود المصرية في القضية الفلسطينية سواء في مجال العلاقات بين السلطة الوطنية ومنظمات المقاومة أو داخل السلطة نفسها، وكان الهدف الأكبر من الجهود الدبلوماسية المصرية هو تهيئة الأرض لتطبيق خارطة الطريق وفتح طرق التفاوض.
وقد جاءت المبادرة المصرية بالنقاط التالية:
فيما يتعلق بالإصلاح الداخلي، ركزت على إجراء تعديلات على ميثاق الجامعة العربية الحالي دون إلغائها مع إضافة آلية للوقاية من النزاعات من خلال إنشاء محكمة عدل عربية، وبرلمان عربي، ومجلس أمن عربي أو منتدى للأمن القومي العربي ودعم المنظمات العربية المتخصصة أو الدمج بينهما، مع الدعوة إلى حوار صريح وبناء حول ذلك، لأن التجربة العربية افتقرت إلى مقومات أساسية وعناصر ضرورية تكفل لها الفعالية. وقد دعت المبادرة إلي إنشاء محكمة عدل عربية، لأن بعض النزاعات العربية التي عرفت سبيله إلى محكمة العدل الدولية وصلت إلى نهاية حاسمة قبلت بها الأطراف.
وطالبت مصر من خلال المبادرة بإنشاء "برلمان عربي" تكون وظيفته الرئيسية إضافة إلى الرقابة التشريعية، نوعًا من الرقابة السياسية على عمل أجهزة الجامعة وكذلك الرقابة المالية على موازنة الجامعة.
وقد دعا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في 30 مارس 2005 إلى إصلاح الجامعة العربية عبر وضع آليات تنفيذية لإقامة أمن جماعي عربي يواكب "روح العصر" . وقد نصت المبادرة كذلك على إنشاء آلية " للوقاية من النزاعات وإدارتها وتسويتها" مشيرة إلى أنه سبق لقمة 1996 أن أقرت ذلك وصادق عليها وزراء الخارجية العرب عام 2000، وطالبت بتنفيذ وإخراج هذه الآلية فورًا إلى حيز التطبيق وأوضحت أهمية تنقية الأجواء العربية، مشيرة إلى الإنجازات التي حققتها الجامعة "كالتصدي للمشكلة العراقية الكويتية عام 1961".
ومن خلال المحور الوظيفي، دعت المبادرة إلي تكامل اقتصادي كمدخل رئيسي لخروج النظام العربي من أزمته الراهنة، كما شددت على تعاظم دور وتأثير المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بحيث لم يعد من المستطاع تجاهل أهمية ما تقوم به أو إنكاره. ورأت أن الوقت حان لكي تفسح الجامعة مجالًا أوسع لهذه الهيئات بحيث تصبح من روافد الرأي والرؤية، وقد نصت المبادرة في هذا الصدد على ما يلي:
- عمل مسح شامل لجهود التكامل الاقتصادي السابقة.
- التفكير في لجان للتنسيق بين القطاعات المتماثلة.
- عدم اشتراط انضمام كافة الدول الأعضاء لمشروعات التكامل أو شمولها لجميع القطاعات.
- تشجيع مساهمة القطاع الخاص في مجال التكامل وتنقية الأجواء العربية واحتواء المنازعات العربية –العربية وتسويتها.
- توثيق الصلة مع المجتمع المدني العربي واعتماد أسلوب الدبلوماسية الجماعية.
وقد طالبت المبادرة المصرية، بآلية جديدة تحقق التنسيق بين مؤسسات العمل العربي المشترك، وذلك من خلال وضع صيغة جديدة مستقبلية للمنظمات العربية المتخصصة، بما في ذلك إنشاء منظمات وظيفية جديدة تكون عضويتها اختيارية، حيث رأت المبادرة أن المنظمات المتخصصة تضطلع بدور مهم في العمل العربي المشترك، وذلك يرجع في الواقع إلي حقيقتين وهما: أولًا؛ أن الرابطة العربية تتجاوز البعد السياسي لتشمل جميع جوانب الحياة ومن أهمها الجانب الثقافي. ثانيًا؛ أنتلك المنظمات تمثل تجسيدًا للنهج الوظيفي في السعي لتحقيق التكامل العربي. فما تعوقه السياسة يمكن أن تنهض به الثقافة أو الاقتصاد، ولدعم تلك المنظمات يحتاج الأمر إلي عدد من الخطوات منها:
- عمل مسح شامل لتلك المنظمات ودراسة أوضاعها بشكل علمي، وذلك للتوصل إلى تقييم موضوعي لنشاطها، ومن ثم وضع صيغة مستقبلية لها، بما في ذلك التفكير في إنشاء منظمات وظيفية جديدة تكون عضويتها اختيارية تحقق طفرة في العمل العربي المشترك، وذلك من خلال نقل تدريجي لاختصاصات الدول الأعضاء إلى مثل تلك المنظمات على غرار النموذج الذي عمل به الاتحاد الأوربي، على أن تقوم بهذه الدراسة لجنة مشهود لأعضائها بالموضوعية، يمكن أن تتكون من كبار العاملين الحاليين والسابقين في تلك المنظمات وفي جامعة الدول العربية.
- تفعيل ربط هذه المنظمات بجامعة الدول العربية دون أن يؤدي ذلك إلى الانتقاص من اختصاصها أو ما يجب أن تتمتع به من استقلال مالي وإداري. أما فيما يتعلق بقضية التصويت في الجامعة، رأت المبادرة أن التجارب أثبتت أن نظام التصويت بشكله الحالي يشكل عائقًا يحول دون القرار الواجب في بعض الحالات الصعبة، مما أدى إلى شلل الجامعة والتأثير على مصداقيتها لدى الشعوب، لذلك طالبت المبادرة بإجراء " حوار للبحث عن أنسب الصيغ كالتصويت بتوافق الآراء أو الأغلبية البسيطة، أو الموصوفة وإمكانية إعادة التصويت أكثر من مرة في حدود أطر معينة". كما دعت المبادرة إلي ضرورة إعادة النظر في قاعدة الإجماع، والبحث عن بديل لها لتجاوز الصعوبات التي تترتب عن التمسك بها.
ويمكننا القول بصفة عامة أن الجديد في المبادرة المصرية، كان مجموعة من الاعتبارات كالتالي:
-الإرادة السياسية: حيث تشير المبادرة إلى غياب الإرادة السياسية للدول الأعضاء من أجل تطوير جامعة الدول العربية وتفعيل دورها. وبالتالي حثت المبادرة علي ضرورة توافر تلك الإرادة من أجل تطوير وتفعيل العمل العربي المشترك.
-الدبلوماسية الوقائية ومحكمة العدل: لا شك في أهمية الدبلوماسية الوقائية على صعيد تسوية المنازعات الإقليمية والدولية قبل الولوج إلى الحلول الأخرى. ولذلك يعتبر أهم ما في المبادرة المصرية في هذا الصدد، هو الإشارة إلى ضرورة "الاحتكام إلى آلية قضائية محايدة"، فالحياد شرط عضوي لقيام أية صيغة قانونية، فالقاعدة القانونية من حيث المبدأ هي عامة ومجردة، ولا تجوز أن تكون مصرية أو سعودية أو سورية. كما نصت المبادرة على أن المحكمة العربية أمر هام وحيوي، لتوفير آلية قانونية لحل النزاعات العربية وتنقية الأجواء.
-التكامل الاقتصادي: أن المبادرة أشارت إلى ضرورة تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، إدراكًا منها للتحديات الاقتصادية العربية على المستويين القطري والإقليمي، ومن أجل الخروج بمقترحات محددة في عدد من الموضوعات الخاصة بالقطاعات المالية العربية والقيود على الاستثمار والقدرة على التنافسية العربية والمعايير القياسية والارتقاء بالإعلام الاقتصادي العربي، بما يحقق عوائد إيجابية للأطراف جميعها.
- المنظمات المتخصصة ومنظمات المجتمع المدني: حيث تدعو المبادرة المصرية إلى ربط المنظمات المتخصصة بجامعة الدول العربية مع المحافظة على استقلالها المالي والإداري، وكذلك وضع صيغة فاعلة بين الجامعة ومؤسسات المجتمع المدني.
-تعديل نظام التصويت: هناك إجماع عربي على ضرورة التخلي عن نظام التصويت الذي يقوم على الإجماع بين الدول، واعتماد نظام آخر. وتطرح الورقة عدة أنظمة: تصويت بنظام توافق الآراء، أو بالأغلبية الموصوفة، أو البسيطة، أو العودة إلى التصويت أكثر من مرة بشأن المقترح ذاته في حدود أطر وضوابط معينة. ولأن التوافق متعذر فإن الأغلبية الموصوفة هي النظام الأفضل، مع ضرورة تحديد هذه الأغلبية في حالات محددة ذات أهمية عليا مثل قضايا الحرب، والسلم، والتنمية الاقتصادية، وقبول الأعضاء أو تجميد عضويتهم.
وقد طرحت الدولة المصرية مؤخرًا مشروع إنشاء قوة عربية مشتركة، وهي تلك الدعوة التي تبناها الرئيس السيسي منذ فبراير 2015، لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجه الدول العربية، وقد تم مناقشتها في قمة جامعة الدول العربية الـ 26 التي استضافتها في مدينة شرم الشيخ في 28 مارس 2015، والتي عُقدت تحت عنوان "سبعون عامًا من العمل العربي المشترك". وقد جرت بشأن هذه الدعوة عدد من اللقاءات الدورية لرؤساء أركان الجيوش العربية لبحث كيفية الانتهاء من الترتيبات الخاصة بإنشاء هذه القوة، وقد قرر رؤساء أركان الجيوش العربية في 22 أبريل 2015، دعوة فريق رفيع المستوى للعمل تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء لبحث آليات تشكيل القوة العربية المشتركة.
ويكمن الهدف الرئيسي من إنشاء هذه القوة في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدد بنية الدولة القومية العربية، والتصدي للأخطار الخارجية والعمل على إقرار السلام. ولكن لم يتقرر مصير هذا المشروع حتى وقتنا هذا.
ب. مدخل البحث عن تجمع آخر أكثر فاعلية "ظاهرة التجمعات الفرعية"
حيث يكشف الموقف المغربي عن أن جامعة الدول العربية أضحت غير مرغوب فيها نتيجة لعدم فاعليتها وأهميتها للعمل العربي المشترك. فضعف جامعة الدول العربية وتأخرها في التعاطي مع التغيرات السياسية العربــــية الراهنة وخاصة حالتي"اليمن والبحرين" وعجزها في الحالتين الليبية والسورية قد أعطى انطباعًا أنها غير مؤهلة سياسيًا من حيث الآليات والأدوات للتعامل مع مثل هذه التحديات، وهو ما فتح المجال أمام مبادرات إقليمية ودولية عديدة في هذا الشأن.
ومن ثم فقد تصاعد دور مجلس التعاون الخليجي في التغيرات السياسية العربية وخاصة في قضيتي "اليمن والبحرين"، في ظل الضعف والوهن الذي أصاب جامعة الدول العربية مما يقودنا إلى القول بأن مجلس التعاون قد أدرك جيدًا درجة الضعف والشلل الذي أصاب مؤسسته الرسمية جامعة الدول العربية، وعليه فقد بدأ يبرز دوره بإسناد ودعم وتوجيه غربيفي محاولة للحلول محل الجامعة، ومن ثم إحكام السيطرة على القرار السياسي العربي الرسمي من خلال احتواء دور جامعة الدول العربية في مختلف القضايا العربية المستقبلية. وبالتالى تتضح الخطورة هنا من إمكانية انهيار جامعة الدول العربية واستبدالها بتجمع فرعي عربي آخر، قد يكون مجلس التعاون الخليجي أو الاتحاد المغاربي أو الاستجابة للمبادرة اليمنية التيت دعو لاتحاد عربي موسع أو غيرها من الأفكار ذات الصلة.
إن ثوابت الموقف المصري من عملية الإصلاح تنطلق من هويتها العربية والأفريقية والإسلامية
ثالثًا: إطار حاكم لعملية الإصلاح
في هذا الإطار يمكن القول أن منظومة العمل العربي المشترك لا ينبغي أن تظل حبيسة مفاهيم وأطر وهياكل لا تتغير ولا تتطور مع تغير العلاقات الدولية وٕإلا أصيبت بالجمود وعدم الفعالية .وعليه فإن تطوير وتحديث هذه المنظومة من حيث المفاهيم وآليات العمل قد أضحى ضرورة ملحة لتحسين الأداء وبلوغ الأهداف المرجوة، وقد كان واضعو الميثاق علي دراية بهذه الحقيقة فضمنوه المادة "19" التي نصت على مبدأ التطوير وحددت آلية تعديل الميثاق، ومن هنا لم تغب مبادرات وأفكار واقتراحات التطوير عن الجامعة منذ التوقيع على ميثاقها في العام 1945 م، غير أن معظم تلك المحاولات قد أخفق إخفاقًا كبيرًا.
وفي هذا الصدد تنبغي الإشارة على أنه لإصلاح الجامعة العربية لابد من وجود إرادة سياسية قوية وجماعية من جانب الدول العربية، وأظن الفرصة قد أصبحت مواتية خاصة في أعقاب اندلاع الثورات العربية وزوال الأنظمة القديمة، التي ما كانت تقف دومًا أمام الإصلاح وأهدافه، وكذلك في ظل الأخطار الكبيرة التي تتهدد الوطن العربي، وهذا الأمر إنما يتطلب العمل على زرع الثقة من جديد في العلاقات العربية – العربية، وتنقية أجوائها، والتي تعكرت كثيرًا في الآونة الأخيرة.
وعليه يمكن طرح مجموعة من البنود الأساسية لإصلاح الجامعة العربية على النحو التالي:
-تطوير العمل العربي المشترك وفق برامج ومشاريع إصلاحية تنسيقية في مختلف المجالات "السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والدفاعية والعسكرية.
- يجب تعديل ميثاق الجامعة يتضمن لكي يتضمن نصًا واضحًا يصبح بموجبه هدف الوحدة هو الغاية الحقيقية التي تعمل من أجلها الجامعة، مع تعديل المادة المتعلقة بقاعدة الإجماع ليصبح اتخاذ القرار قائمًا على قاعدة الأغلبية، كما يجب تعديل المادة السابعة (7) من الميثاق لكي تصبح قرارات المجلس التي يتخذها بالأغلبية ملزمة لكافة الدول، وأن تصبح نافذة من تاريخ التصويت عليها.
- كما يجب أن تعدل المادة (9) من الميثاق، لتلزم الدول الأعضاء التي ترغب في عقد المعاهدات والاتفاقيات خارج نطاق الجامعة، أن تعقدها ولكن في إطار الهدف القومي الذي تحدده الجامعة، وألا تتعارض مع أي من الاتفاقيات أو المعاهدات المبرمة في إطار المنظمة العربية، وعلى ذلك يجب إعطاء الأمانة العامة لجامعة الدول العربية دورًا أكبر في مراجعة الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها دول الجامعة للتأكد من كونها متماشية مع أهداف المنظمة.
-إنشاء محكمة عدل عربية للنظر في مختلف القضايا العربية الهامة من الناحية القانونية، وإنشاء هيئة لمتابعة تنفيذ القرارات والالتزامات.
-تطوير معاهدة الدفاع العربي المشترك، وٕإنشاء جيش عربي مشترك، وتطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتطوير عمل المنظمات والمجالس الوزارية المتخصصة، ودراسة مشكلات الأزمة المالية للمنظمة.
- تطوير الدور الاقتصادي لجامعة الدول العربية، حيث أن ذلك من الممكن أن يقلل من حدة الصراعات بين الدول العربية، فعندما تتشابك المصالح الاقتصادية تقل حدة الصراعات السياسية بين الدول.
-اعتماد أسلوب الدبلوماسية الجماعية؛ والتي من شأنها أن تعطي ميزة إضافية للعمل العربي المشترك، لأنها ستتضمن الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عنها لتمثيلها لكل الدول الأعضاء فيها. فضلًا على أنها ستضمن تحقيق المزيد من التأثير في الأوساط الدولية نتيجة للتحرك بصيغة الفريق الواحد، واعتماد الآليات المناسبة للتعامل مع الأطراف الإقليمية والدولية.
- العمل على إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية للإنسان التي نصت عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية.
- تطوير جهاز الأمانة العامة باعتباره الجهاز المكلف بمتابعة وتنفيذ كل ما تتوصل إليه مؤسسات الجامعة من قرارات، مع إعطاء الأمين العام للجامعة سلطة أكبر لكي يمارس دوره بكفاءة وفاعلية، مع ضرورة اعتماد شغل منصب الأمين العام بالتناوب بين الدول الأعضاء حتى لا تسيطر دولة واحدة على هذا المنصب.
- توفير الموارد المالية الكافية التي تمكن الأمانة العامة من التحرك بفاعلية واستقلال، بعيدًا عن الضغوط والتناقضات السياسية، وبالتالي إمكانية البحث عن مصادر تمويل جديدة بالإضافة لاشتراكات الأعضاء.
في هذا الإطار يمكن القول أن منظومة العمل العربي المشترك لا ينبغي أن تظل حبيسة مفاهيم وأطر وهياكل لا تتغير ولا تتطور مع تغير العلاقات الدولية وٕإلا أصيبت بالجمود وعدم الفعالية .وعليه فإن تطوير وتحديث هذه المنظومة من حيث المفاهيم وآليات العمل قد أضحى ضرورة ملحة لتحسين الأداء وبلوغ الأهداف المرجوة، وقد كان واضعو الميثاق علي دراية بهذه الحقيقة فضمنوه المادة "19" التي نصت على مبدأ التطوير وحددت آلية تعديل الميثاق، ومن هنا لم تغب مبادرات وأفكار واقتراحات التطوير عن الجامعة منذ التوقيع على ميثاقها في العام 1945 م، غير أن معظم تلك المحاولات قد أخفق إخفاقًا كبيرًا.
وفي هذا الصدد تنبغي الإشارة على أنه لإصلاح الجامعة العربية لابد من وجود إرادة سياسية قوية وجماعية من جانب الدول العربية، وأظن الفرصة قد أصبحت مواتية خاصة في أعقاب اندلاع الثورات العربية وزوال الأنظمة القديمة، التي ما كانت تقف دومًا أمام الإصلاح وأهدافه، وكذلك في ظل الأخطار الكبيرة التي تتهدد الوطن العربي، وهذا الأمر إنما يتطلب العمل على زرع الثقة من جديد في العلاقات العربية – العربية، وتنقية أجوائها، والتي تعكرت كثيرًا في الآونة الأخيرة.
وعليه يمكن طرح مجموعة من البنود الأساسية لإصلاح الجامعة العربية على النحو التالي:
-تطوير العمل العربي المشترك وفق برامج ومشاريع إصلاحية تنسيقية في مختلف المجالات "السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والدفاعية والعسكرية.
- يجب تعديل ميثاق الجامعة يتضمن لكي يتضمن نصًا واضحًا يصبح بموجبه هدف الوحدة هو الغاية الحقيقية التي تعمل من أجلها الجامعة، مع تعديل المادة المتعلقة بقاعدة الإجماع ليصبح اتخاذ القرار قائمًا على قاعدة الأغلبية، كما يجب تعديل المادة السابعة (7) من الميثاق لكي تصبح قرارات المجلس التي يتخذها بالأغلبية ملزمة لكافة الدول، وأن تصبح نافذة من تاريخ التصويت عليها.
- كما يجب أن تعدل المادة (9) من الميثاق، لتلزم الدول الأعضاء التي ترغب في عقد المعاهدات والاتفاقيات خارج نطاق الجامعة، أن تعقدها ولكن في إطار الهدف القومي الذي تحدده الجامعة، وألا تتعارض مع أي من الاتفاقيات أو المعاهدات المبرمة في إطار المنظمة العربية، وعلى ذلك يجب إعطاء الأمانة العامة لجامعة الدول العربية دورًا أكبر في مراجعة الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها دول الجامعة للتأكد من كونها متماشية مع أهداف المنظمة.
-إنشاء محكمة عدل عربية للنظر في مختلف القضايا العربية الهامة من الناحية القانونية، وإنشاء هيئة لمتابعة تنفيذ القرارات والالتزامات.
-تطوير معاهدة الدفاع العربي المشترك، وٕإنشاء جيش عربي مشترك، وتطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتطوير عمل المنظمات والمجالس الوزارية المتخصصة، ودراسة مشكلات الأزمة المالية للمنظمة.
- تطوير الدور الاقتصادي لجامعة الدول العربية، حيث أن ذلك من الممكن أن يقلل من حدة الصراعات بين الدول العربية، فعندما تتشابك المصالح الاقتصادية تقل حدة الصراعات السياسية بين الدول.
-اعتماد أسلوب الدبلوماسية الجماعية؛ والتي من شأنها أن تعطي ميزة إضافية للعمل العربي المشترك، لأنها ستتضمن الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عنها لتمثيلها لكل الدول الأعضاء فيها. فضلًا على أنها ستضمن تحقيق المزيد من التأثير في الأوساط الدولية نتيجة للتحرك بصيغة الفريق الواحد، واعتماد الآليات المناسبة للتعامل مع الأطراف الإقليمية والدولية.
- العمل على إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية للإنسان التي نصت عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية.
- تطوير جهاز الأمانة العامة باعتباره الجهاز المكلف بمتابعة وتنفيذ كل ما تتوصل إليه مؤسسات الجامعة من قرارات، مع إعطاء الأمين العام للجامعة سلطة أكبر لكي يمارس دوره بكفاءة وفاعلية، مع ضرورة اعتماد شغل منصب الأمين العام بالتناوب بين الدول الأعضاء حتى لا تسيطر دولة واحدة على هذا المنصب.
- توفير الموارد المالية الكافية التي تمكن الأمانة العامة من التحرك بفاعلية واستقلال، بعيدًا عن الضغوط والتناقضات السياسية، وبالتالي إمكانية البحث عن مصادر تمويل جديدة بالإضافة لاشتراكات الأعضاء.