النفوذ الناعم: البعد الديني في السياسة الخارجية الإيرانية والحركة الحوثية في اليمن
لقد أضحى النفوذ الإيراني في اليمن شيئًا ملحوظًا وظاهرًا للعيان من خلال الدعم المقدم للحركة الحوثية، والقائم أساسًا على التقارب المذهبي بين الطرفين. حيث نتج عن هذا الدعم العديد من النتائج الخطيرة والتي أثرت وبشدة على الداخل اليمني، فرتبت حالة من عدم الاستقرار أضحت تعاني منها البلاد منذ اندلاع الثورة اليمينة.
فالتقدم الكبير للحوثيين في اليمن، قد تم من خلال الدعم الإيراني الصريح لتلك الحركة والذي مر بأكثر من مرحلة، بدءًا من الدعم الإعلامي عن طريق قناة المنار، وغيرها، وزيارات لأهم علماء وقادة هذا التنظيم لإيران (بدر الدين الحوثي وحسين الحوثي، وغيرهما) في أوقات مختلفة، ومكوثهم هناك فترات ليست بالقصيرة، وكذلك من خلال ابتعاث بعض الطلبة الحوثيين للدراسة وطلب العلم من خلال الحوازات الإيرانية، وإعادة صبغة هؤلاء الطلبة بالصبغة الاثنى عشرية الخالصة.
أولًا: طهران ونشأة الحركة الحوثية
لا شك البتة في الدور الإيراني المؤثر في نشأة الحركة الحوثية في اليمن، فبعد اندلاع الثورة الإيرانية مباشرة، كانت المظاهرات المؤيدة للخميني تجوب صعدة، وقد استفزت هذه المظاهرات الحكومة اليمنية فقامت بحملة اعتقالات موسعة لإخمادها، حيث كان أتباع الزيدية في اليمن ينظرون إلى هذه الثورة على أنها هبة سماوية لإنقاذ الكرامة الإسلامية في العالم، وأن الوقت قد حان ليتحرك المثقفون لنقل معانيها وأفكارها. وقد تلاقى هذا الزخم الحاضر في اليمن مع طموحات الثورة الإسلامية في طهران، مما شجعها على فتح قنوات الحوار مع الطوائف الشيعية الموجودة في العالم العربي ومنها الطائفة الزيدية في اليمن، لبسط نفوذها هناك، وما ممكنها من ذلك ما كانت ترفعه من شعارات ثورية دينية واضحة، مثلت في الوقت نفسه بعضًا من أدوات القوة الناعمة في تلك الفترة وهي:
§ نشر التشيع: حيث حاولت إيران نشر التشيع في اليمن بوسائل عدة، منها، استقطاب طلاب يمنيين للدراسة في الجامعات والحوزات في إيران ودمشق وبيروت منذ فترة الثمانينيات والتسعينيات وعن طريق استخدام شخصيات شيعية عراقية مقيمة في اليمن، إلا أنه يمكن القول إن التحرك الإيراني لنشر التشيع في اليمن نشط كثيرًا في التسعينيات بحكم الانفتاح الذي ترافق مع قيام الوحدة اليمنية في مايو 1990، والسماح بالتعددية السياسية وتشكيل الأحزاب، وعدم وجود رقابة على دخول مراجع وكتب ومنشورات المذهب الاثنى عشري.
§ الخطاب المعادي لأمريكا وإسرائيل: فنتيجة لخطاب الثورة الإيرانية المعادي لأمريكا وإسرائيل، نجد أن هذا الخطاب قد جذب العديد من المتعاطفين معه وخاصة من الطوائف الشيعية في العالم العربي، وهو ما جعل حسين الحوثي مؤسس الحركة الحوثية أو ما بات يعرف اليوم بـ "أنصار الله"، يسير على نهج الخميني في معاداته لأمريكا وإسرائيل، واعتمد خطابًا معاديًا لأمريكا وإسرائيل في محاضراته؛ الأمر الذي جعل الشباب يلتفون من حوله، ووصل الأمر إلى درجة إيهام حسين الحوثي لمريديه وأتباعه بأنه مستهدف من أمريكا وإسرائيل. وأضحى شعار الصرخة الذي صاحب الثورة الإيرانية، هو نفس الشعار الذي ينادي به أنصار ومريدو حسين الحوثي، وهذا الشعار عبارة عن الكلمات التالية: "الله أكبر… الموت لأمريكا… الموت لإسرائيل… اللعنة على اليهود …النصر للإسلام".
§ القضية الفلسطينية: حيث اعتمد الخميني على القضية الفلسطينية لكسب تعاطف المسلمين في مختلف أنحاء العالم، ونادى بوجوب نصرة المستضعفين في كل مكان والوقوف بوجه المستكبرين ومقاومة الظلم والعدوان، وجعل آخر جمعة في شهر رمضان من كل عام يومًا عالميًا للقدس.
وقد حققت هذه الشعارات نجاحًا كبيرًا وأكسبت إيران قاعدة شعبية بين شعوب المنطقة في بادئ الأمر واعتبروها قدوة يجب على الدول العربية الاحتذاء بها، لذلك تم استثمار القضية الفلسطينية مرة أخرى في لبنان مع تأسيس حزب الله، وبعد ذلك في اليمن مع الحوثيين، الذين ركزوا في خطاباتهم على القضية الفلسطينية لما لها من صدى في نفوس وقلوب المسلمين وخاصة اليمنيين.
وبعد أن أوجدت إيران لنفسها الأرضية الخصبة للتحرك من خلال الشعارات السابق ذكرها، عمدت على تشكيل مجموعة من الحركات المؤيدة لها في العالم العربي، فأنشأت حزب اللـه في لبنان، والحركة الحوثية في اليمن، وقد كانت البدايات في اليمن منذ عام 1982، على يد العلامة الزيدي، أحمد فليتة، والذي أنشأ في عام 1986 اتحاد الشباب المؤمن، وقد كان ضمن ما يتم تدريسه مادة عن الثورة الإيرانية ومبادئها، وقد تولى تدريس هذه المادة بعد أحمد فليتة، محمد بدر الدين الحوثي، الشقيق الأكبر لحسين بدر الدين الحوثي، وفي عام 1990، ومع تزايد وتيرة الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، مثل توقف الحرب الإيرانية العراقية، والتي أنهت الموقف السلبي للحكومة اليمنية تجاه إيران، حيث كان يقف النظام اليمني بجانب العراق في ذلك الوقت، ووفاة الخميني عام 1989، ومجيء رفسنجاني إلى الحكم، والذي تبنى سياسة سلمية ودية مع العالم الإسلامي، استلزمت تغيرًا تكتيكيًا في مبدأ تصدير الثورة، من خلال التركيز على أدوات التصدير الناعم للثورة، وكذلك قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، مما أفسح المجال رحبًا وواسعًا أمام مجموعة من التحولات السياسية المهمة على الساحة اليمنية مثل؛ إقرار التعددية السياسية والفكرية والسماح بتأسيس الأحزاب.
وقد استفاد من هذه التغيرات الواضحة أتباع المذهب الزيدي في اليمن، الذين مالوا للتقارب مع إيران، واستغلوا تلك البيئة الخصبة لبناء مشروعهم السياسي، حيث أُعلن في تلك الفترة تأسيس أكثر من 60 حزبًا من بينها حزب الحق الذي يمثل الحركة، والذي رأسه مجد الدين المؤيدي، وكان نائبه، بدر الدين الحوثي، كما ظهر تنظيم الشباب المؤمن الذي قام على بقايا تنظيم اتحاد الشباب، وبدأ نشاطه بإنشاء العديد من المراكز العلمية الصيفية التي تدرس العلوم الدينية والمذهب الزيدي، وخلال الفترة من 1994- 1996، مثل حزب الحق الغطاء السياسي لتنظيم الشباب المؤمن.
وفي عام 1995، خرج العديد من رموز الحركة الحوثية وتنظيم الشباب المؤمن من حزب الحق، نظرًا للخلاف الذي طرأ على تيار مجد الدين المؤيدي، وبدر الدين الحوثي، وقد كان لهذا الخلاف أبعاده الفكرية والسياسية، في هذه الأثناء تفرغ حسين بدر الدين الحوثي، لزعامة تنظيم الشباب المؤمن، وتوسيع نشاطه في المحافظات الشمالية التي يغلب عليها الطابع الزيدي، وبالفعل ظهرت الكثير من المراكز والفعاليات والأنشطة العلمية والثقافية والحركية للتنظيم، وبذلك فقد حقق التنظيم شعبية واسعة في الأوساط الزيدية في صعدة وحجة والجوف وعمران وصنعاء وزمار، وترافي مع هذا الانتشار ملامح عدة لوجود تغلغل إيراني اثنى عشري في اليمن عمومًا والحركة خصوصًا، منها:
§ وجود شخصيات اثنى عشرية من إيران والعراق في الوظائف التعليمية والصحية وغيرها.
§ انتشار الكتب والمطبوعات والمنشورات الاثنى عشرية، التي بدأت مكتبات زيدية في بيعها.
§ انتشار المرئيات والصوتيات والشعارات الاثنى عشرية في صفوف الحركة.
§ إحياء الاحتفالات والمراسيم الاثنى عشرية في اليمن بشكل ملحوظ.
كما كان زعماء تنظيم الشباب المؤمن أمثال، محمد سالم عزان وعبد الكريم جدبان، على اتصال وثيق بقادة شيعيين في إيران ولبنان، كما ظهرت شعارات الثورة الإيرانية واضحة في تلك الفترة، وكانت هي نفس الشعارات التي تبناها حسين الحوثي وتداولها تلاميذه في صعدة وغيرها من المدن الأخرى في اليمن، وفي هذا الإطار يمكن القول إنه كانت هناك مجموعة من الأسباب التي جعلت إيران تبني قاعدة لها في اليمن لتكون أرضية خصبة لإطلاق قوتها الناعمة في اليمن على الأساس الديني، وكان من بين تلك العوامل ما يلي:
§ تهميش الزيدية: حيث تعرضوا للتهميش في عهد، على عبد اللـه صالح، لذلك نقم كثيرون منهم على هذا الوضع، بعد أن حكموا اليمن لفترات طويلة، لذلك صاروا يطمحون إلى عودة حكمهم لليمن، وبدا ذلك بوضوح منذ قيام الثورة الإيرانية، حيث جابت المظاهرات المؤيدة للخميني وللثورة الإيرانية شوارع صعدة فور إعلان نجاح الثورة في إيران،ومن هنا فقد رأت بغيتها في ذلك، خاصة مع تأثر المؤسسين للحركة الحوثية بأفكار الخميني والثورة الإيرانية، وقيامهم في عام 1986 بتدريس مادة مخصصة عن الثورة الإيرانية ومبادئها، للطلاب الملتحقين بالدورات التدريبية في منتدى الشباب المؤمن.
§ الأمية وتدني مستوى التعليم: يأتي اليمن في المرتبة الخامسة عربيًا من حيث نسبة الأمية، وتشير إحصائيات اليونيسيف والأمم المتحدة أن نسبة الأمية في اليمن وصلت إلى 64% في الفترة ما بين (2011-2007)، وبحسب وثيقة رسمية فإن نسبة الأمية بلغت %50 في محافظات صعدة، والجوف، وحجة، و%40 في كل من عمران وذمار، أي أن المناطق التي مهدت للمد الحوثي الإيراني هي الأعلى أمية.
§ سياسة النظام السابق: اعتمد الرئيس المخلوع علي عبد اللـه صالح في حكمه لليمن، على لعبة التوازنات لإحكام سيطرته على البلاد، وقامت هذه الإستراتيجية على مبدأ تقوية خصم لضرب الآخر، وفي إطار ذلك قام صالح بدعم الحوثيين وتقويتهم ليضعف بهم حزب التجمع اليمني للإصلاح أقوى منافس لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وقتذاك، مستغلًا التضاد الفكري والمذهبي بين الإصلاح والحوثيين، ولم يقتصر دعمه لهم على الدعم المالي فقط، بل أيضًا غض الطرف أحيانًا كثيرة عن علاقاتهم بإيران ودعمها لهم.
§ الطابع القبلي: حيث تُعد القبيلة إحدى أهم مكونات البنية الاجتماعية في اليمن، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، ولعبت القبيلة دورًا حساسًا في مختلف المراحل التاريخية لليمن، ولا تزال تحافظ على دورها هذا حتى اليوم، فالانتماء للقبيلة يأتي في مقدمة الانتماءات لدى الفرد اليمني وخاصة في مناطق شمال اليمن، فمثلًا غادر أفراد الجيش معسكراتهم للالتحاق بقبائلهم عندما كانت في صراع مع الدولة، وقد ساعد نفوذ القبيلة هذا جماعة الحوثيين في مد نفوذهم إلى خارج مدينة صعدة مستفيدة من العداء التاريخي بين أكبر وأهم قبيلتين في شمال اليمن، حاشد وبكيل، فبسبب محاباة الدولة وتمييزها لقبيلة حاشد، في عهد صالح، على حساب قبيلة بكيل، قام أبناء قبيلة بكيل بدعم الحوثيين، حتى إنهم قاتلوا إلى جانبهم في الحرب الرابعة ضد الجيش والدولة، لأنهم يرون في ذلك انتقامًا من السلطة والمملكة العربية السعودية اللتين تدعمان قبيلة حاشد، كما استفاد الحوثيون من هذا العداء أيضًا في نشر أفكارهم وبناء مراكز فكرية في المناطق المعادية لحاشد.
ثانيًا: أدوات القوة الناعمة الإيرانية القائمة على أساس الدين والحركة الحوثية
حيث تسعى إيران إلى توظيف قوتها الناعمة في تحقيق أهداف سياستها الخارجية وخاصة تلك القائمة على أساس ديني، وذلك بالعمل على نشر مذهبها الشيعي القائم على أساس ولاية الفقيه، والإعلاء من الحوزة العلمية لديها في قم الإيرانية، من أجل جذب المزيد من الطلاب المريدين وتخريج الأئمة الموالين لها، والذين يعملون كسفراء لقوتها الناعمة ينشرون رسائل إيران الدينية والثورية والإعلامية والثقافية والسياسية. وتركز قوة إيران الناعمة والقائمة على أساس ديني على منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية والأفريقية. وهي في ذلك تعتمد على مجموعة من الأدوات مثل:
1. نشر الكتب التي تدعو للتشيع علانية وإنشاء مكتبات ودور نشر متخصصة لهذا الغرض والمشاركة الدائمة للمكتبات الشيعية في معارض الكتاب الدولي المقامة في دول المنطقة ونشر أفكارهم وكتبهم بين هذه الشعوب وتوزيع عدد كبير من هذه الكتب مجانا كنشاط مرافق لهذه المعارض، والعمل على طرح منتجات بأسماء إسلامية.
2. إنشاء حسينيات خاصة ولو بشكل سري في هذه الدول لحين تمكنهم من إشهارها علانية
3. إنشاء مراكز إسلامية ثقافية شيعية تحت مسميات مختلفة ومن ثم إصدار المنشورات والصحف والبيانات منها, وتتبنى العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية المجتمعية.
4. استغلال الأضرحة والمزارات لنشر التشيع بين المتصوفة في بعض هذه الدول.
5. تقديم المنح الدراسية للطلاب لتشييعهم وتشجيع البعثات العلمية والزيارات الأكاديمية إلى إيران وتسهيل كل ما يتعلق بذلك .
6. استغلال القنوات الشيعة الكثيرة لنشر المذهب الشيعي والدعوة لاعتناقه ببرامج ووسائل متعددة.
7. تفعيل دور السفارات الإيرانية في دول المنطقة من خلال إقامة الفاعليات الثقافية، والندوات العلمية, وإنشاء المراكز الثقافية التابعة لها, وإنشاء الملحقيات الثقافية والمكتبات العامة المليئة بالكتب الشيعة، ودعم الجمعيات والملتقيات والمراكز الثقافية وحضور احتفالاتها.
8. استغلال الأحزاب والفرق المنتمية والقريبة إلى المذهب الاثنى عشري ولو في العموم، وجعلهم جسرًا يعبرون من خلاله إلى النخب ومواطن القرار الثقافي والإعلامي في دول المنطقة .
9. استغلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر فكرهم وتجنيد أتباعهم.
10. الاحتفال بالأعياد والمآتم الشيعة المختلفة في دول المنطقة، كل بلد بحسب السيطرة والقدرة فيه، مع ما يرافق ذلك من ندوات ولقاءات ومحاضرات يتم فيها شرح ما وقع في هذه المناسبة وسبب الاحتفال بها وسرد المآثر والقصص وغيرها.
وقد استخدمت طهران هذه الإستراتيجية في اليمن من خلال مجموعة من الأدوات للتغلغل في الشأن اليمني ونشر مذهبها في المناطق الشيعية في اليمن، وقد كان أبرز ما اعتمدت عليه طهران في هذا الصدد ما يلي:
1. البعثات الطلابية
حيث دأبت إيران منذ استقبال بدر الدين الحوثي، ومن بعده حسين الحوثي في طهران، على تقديم عدد من البعثات العلمية لعدد من الطلبة اليمنيين الذين ينتمون إلى الحركة الحوثية للدراسة في قم الإيرانية، حيث تم إرسال الطلاب الشيعة من أبناء مشايخ القبائل ومن حملة الشهادات الثانوية في بعثات علمية على حساب السفارة الإيرانية إلى إيران للدراسة في الحوزات العلمية في طهران لمدة أربع سنوات لدراسة العقائد الاثنى عشرية ونظريات الثورة الإيرانية، كما أخذت السفارة الإيرانية عشرات الطلاب في المرحلة المتوسطة والثانوية إلى مراكز علمية جعفرية في صنعاء وصعدة؛ لتلقي دورات علمية تتراوح ما بين ستة أشهر وسنتين، وبدعم كامل من السفارة الإيرانية، من أجل تعليمهم العقائد الاثنى عشرية، وتأهيلهم دعاة في المناطق الشيعية اليمنية المختلفة. وقد صاحب ذلك الأمر ظاهرة أخرى تتمثل في تدفق العديد من الطلاب اليمنيين إلى إيران للتعلم، ولكن خارج أطر الابتعاث الرسمية، حيث تتكفل إيران بجميع تكاليف الإقامة والدراسة، وتهدف إيران من وراء هذه العملية إلى:
§ تجنيد هؤلاء الشباب للعمل لصالحها في اليمن، من أجل دعم الحركة الحوثية وبعض الأحزاب السياسية الشيعية اليمنية.
§ تشبيعهم بالمذهب الاثنى عشري من أجل العمل على نشره في اليمن، وإكسابهم المهارات الكافية لكي يكونوا دعاة أو أئمة يدعون إلى هذا المذهب.
§ إكسابهم المهارات القتالية اللازمة من أجل مساعدة العناصر الموالية لها في اليمن، حيث كشفت بعض التقارير أن هؤلاء الطلاب يتم استقبالهم من قيادات في الحرس الثوري الإيراني، وبعض القيادات العاملة في ما يعرف بمكتب الإمام الخميني، ثم توزعهم على ثلاثة معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني في ثلاث مدن إيرانية في وهي؛ شيراز، ومشهد وأصفهان، وهي مدن استحدث فيها الحرس الثوري الإيراني ومكتب الخميني معسكرات تدريبية لإعداد المقاتلين في صفوف الحرس الثوري، وحزب اللـه اللبناني، وبقية الحركات الشيعية المسلحة في شبه الجزيرة العربية، وعدد من دول القارة الأفريقية.
2. إنشاء المدارس والحسينيات الشيعية
وهي وسيلة أخرى تسعى من خلالها إيران لنشر المذهب الجعفري في اليمن، وفي هذا الإطار أنشأت الحركة الحوثية وشيعة اليمن عددًا من المدارس بدعم إيراني، والتي منها:
§ دار العلوم العليا: وتم بناؤها على نفقة إيران ويصل الطلاب فيها إلى 1500 طالب.
§ المدرسة الجعفرية: تعتبر المدرسة الجعفرية ومقرها عدن، جنوب العاصمة صنعاء،اللجنة التبليغية لجمعية الشيعة الاثنى عشرية، ويديرها عبد الكريم علي عبد الكريم، وهي تنضوي تحت كيان مؤسسي يعتبر الأقدم على الإطلاق في اليمن.
§ دار أحباب أهل البيت: وهي مركز ثقافي في محافظة تعز، جنوب العاصمة صنعاء، وتعد دار أحباب أهل البيت الذي يديره أبو حسين علي الشامي هي أول دار في هذه المحافظة.
§ مؤسسة دار الزهراء للإعلام الثقافي: مؤسسة شيعية في صنعاء، ويديرها محمد الحاتمي.
§ مركز بدر العلمي: ويوجد في العاصمة صنعاء ويديره الدكتور، مرتضى زيد المحطوري، ويقوم المركز بتدريس علوم المذهب الزيدي، كما يضم مكتبة عامة تضم مجموعة من الكتب الاثنى عشرية.
§ مركز الدراسات الإسلامية: ومقره العاصمة صنعاء، ويرأسه إبراهيم بن محمد الوزير، وتصدر عنه جريدة "البلاغ" الأسبوعية التي يرأس تحريرها عبد اللـه بن إبراهيم الوزير نجل رئيس المركز.
§ مدرسة الهادي: وتعد المركز الرئيس لانطلاق الدعوة الحوثية، وتقع في قمة جبل مران بمحافظة صعدة.
§ مركز ضحيان: ويقع في محافظة صعدة أيضًا، وقد قام بافتتاحه السفير الإيراني في صنعاء.
§ مركز الثقلين: ومقره في صنعاء, ويشرف عليه شيعي عراقي إضافة إلى شيعي يمني درس في مدينة قم الإيرانية يدعى إسماعيل الشامي, ويمارس مختلف الأنشطة, ويدعو أهالي المنطقة إلى ممارسة عقائد الشيعة الاثني عشرية.
3. المشاركة في إحياء المناسبات الدينية الشيعية
حيث عرف المجتمع اليمني إحياء مجموعة من الأعياد الشيعية الاثنى عشرية، والتي لم تكن موجودة من قبل، بل دخلت إلى اليمن في إطار سعي طهران للتأثير على الشيعة الزيدين في صنعاء، كما تحرص طهران على المشاركة في هذه المناسبات من خلال سفارتها الموجودة في صنعاء، ومن هذه المناسبات ما يلي:
§ عيد الغدير: وتكاد تكون هذه المناسبة هي أشهر المناسبات التي يحييها الشيعة في صعدة، ويحتفلون به في يوم 18 من ذي الحجة من كل عام هجري، حيث يزعمون فيه أن النبي صلى اللـه عليه وسلم ولى عليًا على أمر المسلمين في هذا اليوم، وهو عائد من حجة الوداع، وذلك عندما نزل بمكان يدعى غدير خم في السنة العاشرة هجريًا، ويصاحب هذه المناسبة بيع وتوزيع الأشرطة الشيعية الإيرانية والعراقية.
§ يوم عاشوراء: لإحياء ذكرى مقتل الحسين، رضي اللـه عنه، وإقامة المجالس الحسينية في مساجدهم الخاصة لا سيما في صنعاء القديمة, ويسبق تلك المناسبة الإعلان في المساجد عنها, وتعليق اللافتات الكبيرة في الشوارع التي تدعو إلى المشاركة في تلك المناسبة.
§ إحياء ذكرى وفاة بعض الأئمة عند الشيعة الإمامية: كجعفر الصادق ومحمد الباقر وعلي زين العابدين رضي اللـه عنهم.
§ ومن الأعياد الأخرى: رأس السنة الهجرية، والإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان.
4. الدعم الإعلامي
حيث تقوم طهران بتمويل مجموعة من القنوات الفضائية الموالية للحوثيين في اليمن، ومعظم هذه القنوات يتخذ من بيروت مقرًا لها، وقد عمدت طهران في بداية الأمر إلى استقطاب كوادر إعلامية يمنية بارزة لمساندة مشروعها، وذلك من مختلف المحافظات، ونجحت إيران بضم كوادر مهمة إلى صفها، وبحسب التقارير استطاعت إيران أن تستقدم ما يزيد على (1300) إعلامي يمني، تم تدريبهم في عدة دول كلبنان والعراق وإيران في مجالات مختلفة منها (التقنيات والبرمجيات المتخصصة بالبث عبر الأقمار الاصطناعية والإخراج والتقديم في القنوات الفضائية والإذاعات وفي مجال الإعلام المكتوب الورقي والإلكتروني وغير ذلك )، كما عملت إيران على تدريب كوادر إعلامية تابعة للحوثيين من أبناء المحافظات الشمالية من خلال دورات تدريبية أجريت لهم في بيروت وطهران، وتم تخصيص عناصر عراقية ولبنانية لهذا الغرض وبإشراف كادر لبناني من مؤسسة المنار اللبنانية التابعة لحزب اللـه، وبعد تدريب هؤلاء الكوادر واستقطاب الإعلاميين، جاءت المرحلة الثانية وهي إنشاء الوسائل الإعلامية من قنوات وصحف ومواقع إلكترونية، وأنشطة أخرى تتمثل في تسجيلات صوتية ومراكز طباعة ونشر للملازم والكتب والإصدارات التابعة لحركة الحوثيين وحلفاء طهران في اليمن.
أ. القنوات الفضائية التابعة للحوثيين ومنها
§ قناة المسيرة الفضائية: التابعة للحوثيين وتبث من بيروت وبإشراف وإدارة كادر من حزب اللـه وإعلاميين تابعين للحركة الحوثية، وتتناول القناة القضايا بحسب التوجيه الإيراني والحوثي من خلال مهاجمة المملكة العربية السعودية، ومساندة النظام الإيراني والسوري وحزب الله، والحركات التي تعمل في ذات الإطار كحزب اللـه في البحرين .
§ قناة الساحات الفضائية: التي تتبع البرلماني سلطان السامعي أحد رجال طهران في اليمن، وهو قيادي في الحزب الاشتراكي اليمني، وشيخ قبلي بارز في محافظة تعز، عُرف بمواجهته المبكرة لنظام الرئيس السابق علي عبد اللـه صالح، وهذه القناة هي الأخرى تتبنى وجهة النظر الإيرانية، وقد انطلقت هذه القناة بتمويل إيراني، وتبث هي الأخرى من بيروت.
§ ومن بين القنوات الأخرى التي تدعم الحوثيين في اليمن قناة المنار وعدن لايف هذا بالإضافة إلى عدد غير مسبوق من القنوات الإيرانية لنشر مذهبها في العالم العربي، ودعم الجماعات الموالية لها مثل؛ الأنوار الأولى، والمعارف، وفورتين، والفرات، وبلادي، والغدير، والأوحد، والعهد، والمسار الأولى، والكوت، والعالم، وطه، وبرس تي في، والدعاء، والوحدة، والمهدي، والصراط، وكربلاء، والسلام، وقناة النجف، والوطن للجميع، والحجة، والكوثر، ونحن، والإمام الحسين، والنعيم، والزهراء، والثقلين، والإمام الرضا، والولاية، وقنوات هادي.
ب. الصحف والمواقع الإلكترونية
فقد تم إصدار عدد من الصحف بدعم إيراني لمساندة الحوثيين في اليمن ومنها:
§ الصحف والمطبوعات التي تساند الحوثيين بصورة مباشرة: وهي؛ المسار والديمقراطي والحقيقة والبلاغ والهوية والأمة وصوت الشورى.
§ الصحف والمطبوعات التي تساند الحوثيين والمشروع الإيراني بصورة غير مباشرة: هي؛ صحيفتا ( الأولى والشارع )وتعد المملكة العربية السعودية هدفًا رئيسيًا لخطاب هذه الصحف، لأنها تعتبر دعمها لليمن وصاية يجب إنهاؤها.
§ إطلاق عدد من المواقع الإلكترونية: وتأسيس صفحات متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي بدعم وتنسيق من الجناح الإعلامي للموالين لإيران في اليمن، ومن هذه المواقع، موقع أنصار اللـه، وأفق نيوز، والمنبر الديمقراطي، ومواقع أخرى عديدة تنشط في ذات الاتجاه.
حاصل القول؛ يمكن التأكيد على أن الدعم الإيراني للحركة الحوثية في اليمن والقائم على أساس ديني، قد أدى إلى توسيع دائرة النفوذ الإيراني في اليمن من ناحية، وتقوية شوكة الحوثيين، بل ودخولهم في مواجهات مباشرة مع الدولة اليمنية. وهذا الدعم المقدم للحوثيين لم يقتصر على الدعم القائم على أساس الدين فقط، بل امتد ليشمل الدعم السياسي والمالي، حيث دعمت طهران الحوثيين بالسلاح، فقلد اعترضت السلطات اليمنية غير مرة عددًا من السفن المحملة بالأسلحة على سواحل البحر الأحمر، بينها صواريخ ومتفجرات عسكرية، وقذائف صاروخية، ومعدّات تستخدم لصناعة المتفجرات محليًا في البحر العربي، وتم الكشف عن أن مصدر تلك الأسلحة كانت إيران. وقد نتج عن هذا الدعم حالة من عدم الاستقرار غير المسبوقة في الحالة اليمنية.