دليل نواب البرلمان: القضايا الاقتصادية والاجتماعية الشائكة في مصر قبل ثورة يناير وبعدها
الأحد 17/يناير/2016 - 11:07 ص
أ.د. شريف درويش اللبان د. دعاء عادل محمود
جاءت الثورة المصرية كتحرك شعبي ضد عديد من السياسات والممارسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنظام مبارك والتي مهدت لها العديد من الوقفات والاحتجاجات والاعتصامات التي اجتاحت مصر في السنوات الأخيرة، وهو ما بيَّنَ حجم الغضب الشعبي إزاء تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولا يمكن أن نكشف حجم هذا الغضب أو اتجاهاته والذي امتد ليشمل فترة حكم الرئيس الأسبق "محمد مرسي" دون التعرض لمُجمَل تلك الأوضاع التي مرَّت بها البلاد والتي تعتبر أهم ملامحها حالة الفساد الاقتصادي التي تفشَّت أثناء حكم مبارك، والتي انعكست سلبًا على الأوضاع الاجتماعية من تعليم وصحة وفقر وبطالة، فقد مَهَّد الأداء الاقتصادي وانعكاسته الاجتماعية الطريق إلى الثورة.
فقد كان من أهم نتائج سياسات ما سُمِّي بـ"الإصلاح الاقتصادى" الذي طُبِّق في عصر مبارك الارتفاع في معدلات البطالة والتضخم وإعادة توزيع الدخل والثروة من الطبقات المتوسطة والطبقات الفقيرة إلى الطبقات الأكثر ثراء بحجة زيادة الاستثمارات والإنتاج. ولفرض تلك السياسات الاقتصادية الاجتماعية الجائرة لجأت الحكومة إلى استخدام يد الدولة الغليظة للحد من الحريات والحركات الاجتماعية وفرض حالة الطوارئ لأجل غير مسمى، فسيطر مناخ الاستبداد السياسي والمالي وتغيبت التنمية الاجتماعية، فكانت النتيجة قلة قليلة تستأثر بالمالفي مقابل شعب يفتقد للحد الأدني من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
ولم تكتفِ السلطة بتطبيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية غير العادلة بل لجأت إلى تزييف الواقع فقبل شهور قليلة من ثورة 25 يناير كانت الحكومة ومن ورائها الآلة الإعلامية الرسمية لنظام مبارك، تعلن بيانات تشير كلها إلى الأداء الاقتصادي المتميز للحكومة من نمو قوي وتراجع للفقر والبطالة، وهي بيانات كانت تتناقض بصورة فظة مع حقائق واقع الفقر وسوء توزيع الدخل والبطالة والتباطؤ الاقتصادي .
لذلك يمكن التأكيد على أن المعاناة الاقتصادية والاجتماعية كانت في مقدمة المظالم التي دفعت أغلب طوائف الشعب المصري لمباركة الثورة ومناصرتها حتي سقط النظام، وقد أظهرت سلسلة من استطلاعات الرأي التي أُجريت بعد نجاح الثورة الأهمية التي يولِّيها الأغلبية من المصريين لتحسين الحالة الاقتصادية في البلاد، حيث جاء هدف تحقيق طفرة اقتصادية على رأس أولويات 82% من المصريين في أحد هذه الاستطلاعات، فيما أظهر استقصاء آخر أن نفس الأغلبية – أي 82% – سيؤيدون الحزب السياسي الذي يَعِد بتحقيق معدلات أعلي من التشغيل من خلال الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية.
لكن مع تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين للحكم لم يتحقق أي من توقعات وآمال المصريين بل زادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءًا، حيث اعتمد مرسي على نفس سياسات نظام مبارك مما أدَّي إلى تدهور اقتصادي واجتماعي صاحبَه أوضاع أمنية وسياسية غير مستقرة أدَّت في مجملها إلى إنهاء الحكم الإسلامي في 30 يوينو.
ويجب الإشارة هنا إلى أنه إذا كانت مطالب المتظاهرين في 25 يناير موجهة أساسًا ضد النظام السياسي المستبد فإن المطالب الاقتصادية تُعتبَر العامل الذي أسهَم في تقوية واستمرارية المظاهرات، وإن ذهب البعض إلى أن السبب الأول لسقوط مبارك هو سبب اقتصادى. وهو ما لم يتداركه نظام مرسي بل تجاهله بشكل صارخ مما أدَّى إلى ثورة أخرىلاقتلاع نظام لم يعطِ أولوية لمطالب الشعب الاقتصادية والاجتماعية.
وتشمل هذه الورقة البحثية مبحثيْن يتناول الأول القضايا الاقتصادية والاجتماعية قبل ثورة يناير (السنوات الأخيرة لحكم مبارك) ويتناول الثاني القضايا الاقتصادية والاجتماعية بعد الثورة وهي الفترة التي واكبت فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي.
فقد كان من أهم نتائج سياسات ما سُمِّي بـ"الإصلاح الاقتصادى" الذي طُبِّق في عصر مبارك الارتفاع في معدلات البطالة والتضخم وإعادة توزيع الدخل والثروة من الطبقات المتوسطة والطبقات الفقيرة إلى الطبقات الأكثر ثراء بحجة زيادة الاستثمارات والإنتاج. ولفرض تلك السياسات الاقتصادية الاجتماعية الجائرة لجأت الحكومة إلى استخدام يد الدولة الغليظة للحد من الحريات والحركات الاجتماعية وفرض حالة الطوارئ لأجل غير مسمى، فسيطر مناخ الاستبداد السياسي والمالي وتغيبت التنمية الاجتماعية، فكانت النتيجة قلة قليلة تستأثر بالمالفي مقابل شعب يفتقد للحد الأدني من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
ولم تكتفِ السلطة بتطبيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية غير العادلة بل لجأت إلى تزييف الواقع فقبل شهور قليلة من ثورة 25 يناير كانت الحكومة ومن ورائها الآلة الإعلامية الرسمية لنظام مبارك، تعلن بيانات تشير كلها إلى الأداء الاقتصادي المتميز للحكومة من نمو قوي وتراجع للفقر والبطالة، وهي بيانات كانت تتناقض بصورة فظة مع حقائق واقع الفقر وسوء توزيع الدخل والبطالة والتباطؤ الاقتصادي .
لذلك يمكن التأكيد على أن المعاناة الاقتصادية والاجتماعية كانت في مقدمة المظالم التي دفعت أغلب طوائف الشعب المصري لمباركة الثورة ومناصرتها حتي سقط النظام، وقد أظهرت سلسلة من استطلاعات الرأي التي أُجريت بعد نجاح الثورة الأهمية التي يولِّيها الأغلبية من المصريين لتحسين الحالة الاقتصادية في البلاد، حيث جاء هدف تحقيق طفرة اقتصادية على رأس أولويات 82% من المصريين في أحد هذه الاستطلاعات، فيما أظهر استقصاء آخر أن نفس الأغلبية – أي 82% – سيؤيدون الحزب السياسي الذي يَعِد بتحقيق معدلات أعلي من التشغيل من خلال الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية.
لكن مع تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين للحكم لم يتحقق أي من توقعات وآمال المصريين بل زادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءًا، حيث اعتمد مرسي على نفس سياسات نظام مبارك مما أدَّي إلى تدهور اقتصادي واجتماعي صاحبَه أوضاع أمنية وسياسية غير مستقرة أدَّت في مجملها إلى إنهاء الحكم الإسلامي في 30 يوينو.
ويجب الإشارة هنا إلى أنه إذا كانت مطالب المتظاهرين في 25 يناير موجهة أساسًا ضد النظام السياسي المستبد فإن المطالب الاقتصادية تُعتبَر العامل الذي أسهَم في تقوية واستمرارية المظاهرات، وإن ذهب البعض إلى أن السبب الأول لسقوط مبارك هو سبب اقتصادى. وهو ما لم يتداركه نظام مرسي بل تجاهله بشكل صارخ مما أدَّى إلى ثورة أخرىلاقتلاع نظام لم يعطِ أولوية لمطالب الشعب الاقتصادية والاجتماعية.
وتشمل هذه الورقة البحثية مبحثيْن يتناول الأول القضايا الاقتصادية والاجتماعية قبل ثورة يناير (السنوات الأخيرة لحكم مبارك) ويتناول الثاني القضايا الاقتصادية والاجتماعية بعد الثورة وهي الفترة التي واكبت فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي.
إذا كانت مطالب المتظاهرين في 25 يناير موجهة أساسًا ضد النظام السياسي المستبد فإن المطالب الاقتصادية تُعتبَر العامل الذي أسهَم في تقوية واستمرارية المظاهرات
المبحث الأول: القضايا الاقتصادية والاجتماعية قبل الثورة
أولًا: برنامج الإصلاح الاقتصادي في عهد مبارك
وضح جليًا أن الثورة المصرية جردت برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقه الرئيس الأسبق حسني مبارك بتأييد من الولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية من مصداقيَّته، وكانت أهم شروط سياسات الإصلاح الاقتصادي تبني قواعد السوق الحرة وانسحاب الدولة من أي دور ناشط في الاقتصاد إلى جانب عديد من الشروط مثل: خفض الإنفاق الحكومي وخصخصة القطاع العام ورفع الأسعار القومية إلى مستوى الأسعار العالمية وتجميد مستويات الأجور والمرتبات، بمعنى آخر فإن على الدول النامية أن تتبنى سياسات الليبرالية الجديدة والتي تزعُم في شكلها المتطرف أن على الدول أن تمتنع عن السياسات الهادفة إلى تقليل فوارق الدخل أو محاربة الفقر فهي سياسات تؤدي إلى عرقلة نظام السوق ولن تفلح بأي حال في إعادة توزيع الدخل أو تحسين مستوى الدخول، وبالتالي تدعو الليبرالية الجديدة إلى انسحاب الدولة أيضا من المجال الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك تضمن الإصلاح الاقتصادي كما طبقه الحزب الوطني الديمقراطي جرعة كبيرة من الفساد، بما في ذلك اقتطاع أراض تابعة للدولة لتنفيذ مشاريع خاصة عليها، ومنح قروض مُيسَّرة للنخبة الحاكمة، وإفادة أقطاب النظام من صفقات تفضيلية جدًا في مجال خصخصة الصناعات الحكومية، وأظهر التدافع للحصول على ترشيح الحزب الوطني الديمقراطي للانتخابات التشريعية أن الحزب الحاكم بات يُعتبَر طريقًا أكيدًا لجمع الثروات، في هذه الأثناء كان المصريون يعانون من ارتفاع البطالة وأسعار السلع الأساسية، وبدأ يتصاعد أكثر فأكثر التفاوت في توزيع المنافع المادية للإصلاح الاقتصادي.
والحقيقة أن سوء الأداء الاقتصادي في مصر لم يقتصر على الحكومة التي قامت عليها الثورة، إذ أن عهد مبارك إجمالًاهو الأسوأ من ناحية الأداء الاقتصادي في مصر منذ ستة عقود على الأقل، وخلال الفترة من عام1983حتي عام 2010، تدهور متوسط معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي المصري إلى 4,3% سنويًا طبقًا لبيانات صندوق النقد الدولي المأخوذة عن البيانات الرسمية المصرية التي تنطوي على مبالغات بالزيادة في إطار انتشارتزوير البيانات الرسمية لتجميل الأداء المتواضع لغالبية الحكومات المتعاقبةخلال العقود الثلاثة الأخيرة .
ويمكن القول إجمالا إن سياسات مبارك الاقتصادية لا تعدو إلا أن تكون استجابة مهينة للمطالب التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) من سياسات الإصلاح الاقتصادي على دول العالم النامي التي تعاني الديون الأجنبية ومنها مصر، واللافت للنظر أننموذج الإصلاح الاقتصادي الذي تم تطبيقه في مصر من خلال ضغوط خارجية وإقرار سلطوي داخلى، لم يُنظَر في تعديل شروطه، أو البحث عن طرق ملائمة للبيئة الاقتصاديةوالاجتماعية في مصر كما فعلت بلدان أخرى.
وفي دراسة عن الأوضاع الاقتصادية بمصر فترة حكم مبارك قامت الدراسة بتتبع وتقييم الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية الجديدة في العِقدين الماضيين، وتوصلت إلى أن التفاعل بين العوامل الاقتصادية والسياسية أنتجت ظهور نظام استبدادي نيوليبرالي رأسمالي مفترس لعب دورًا كبيرًا في السياسة، وقيَّمَت قوة الأداء الليبرالي الجديد باعتباره أيديولوجية أدى إلى إعادة تشكيل جذري في السياسات الاقتصادية لصالح النخبة الرأسمالية.
وبالتوازي مع الفشل الاقتصادي كان هناك على الجانب الآخر فشل الإصلاح السياسى، فمن بين أهم العناصر التي أدَّت إلى الثورة الفشل الذريع في نموذج الإصلاح السياسي منأعلي إلى أسفل، وأيضًا انتخابات برلمان 2010المزورة، وتصاعُد الفساد والقمع، والذي لا ينفصل عن السياسات الاقتصادية والاجتماعيةالتي تم تطبيقها والقيود الناتجةعن عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها التقليدية، مثل الخدمات الاجتماعية ومراقبة الأسعار وضمان فرص العمل، فهناك إجماع على أنالثورة هي - على الأقل جزئيًا- رد فعل عنيف ضدالنظام الاقتصادي الإقصائي الذي اتبعه نجل الرئيس المخلوع جمال مبارك ورفاقه خلال العِقد الماضي.
وقد ساهَم غياب أسس ومبادئ الحكم الرشيد مثل: (المشاركة والشفافية، والمساءلة والمساواة، والعدالة، وأولوية المواطن، وسيادة القانون) في العديد من مؤسسات الدولة المصرية، وافتقاد السياسات الاقتصادية والاجتماعية بهدف القضاء على الفقر وتوسيع الخيارات التي تتاح لجميع الناس في حياتهم، ومحاصرة الفساد والسيطرة عليه، ورفض تهميش قطاعات سكانية في الدولة.
وقد أدَّي كل ما سبق إلى نمو فكرة وجوب تغيير النظام، ومن ثم عندما بدأت الثورة بمطالب تتعلق بالحريات والعدالة ومواجهة الفساد، والحدِّ من تجاوزات أجهزة الأمن، وتردد النظام الحاكم في الرد على تلك المطالب واستخدم القوة في منعها كان البديل هو إسقاط النظام لبناء نظام جديد يتولى إدارة الحياة السياسية ومؤسسات الدولة على تلك الأسس، وهو ما زاد من شعبية هذه المطالب.
وبرغم زعم نظام مبارك اتِّباعه لاقتصاد السوق الرأسمالي الذي تمثل في برنامج الإصلاح الاقتصادي فسياساته كانت بمثابة تحول انتقائي نحو اقتصاد السوق الرأسمالى، والتي كانت تأخذ ما يلائم الطبقة الحاكمة دون أن تأخذ بباقي عناصر نظام اقتصاد السوق الرأسمالي والتي تشكلت تحت ضغوط تاريخية من الشعوب، بالذات ما يتعلق بالحريات الديمقراطية وتداول السلطة والمساواة بين الجميع أمام القانون، وإعادة توزيع الدخل من خلال نظام ضريبي تصاعدي، ونظام فعال للدعم وتحسين أحوال الفقراء والعاطلين، وتعتبر هذه السياسات التي تغيب فيها تلك الحقوق هي الإطار العام للنظام الاقتصادي في عهد مبارك، وتشكَّل الجانب الأعظم منها من السياسات التي طلبتها أو أملَتها الدول الدائنة وصندوق النقد والبنك الدوليان على النظام الحاكم في مصر، وأيضًا بتطبيق أغلب ما طلبته الدول الدائنة من سياسات اقتصادية وعلي رأسها بيع القطاع العام للرأسماليين المحليين والأجانب في صفقات فاسدة في غالبيتها، بغضِّ النظر عن ملائمة تلك السياسات لمتطلَّبات التنمية في مصر، وزاد على ذلك ضَعف كفاءة وفساد التطبيق لتلك السياسات التي كان من الممكن أن تُنتِج وضعًا أفضل بكثير لو كان هناك نظام سياسي - اقتصادي أعلي كفاءة وشفافية وأقل فسادًا.
وإذا كان تقليص دور الدولة بكل ما يعنيه من خروجها من عمليات الاستثمار المباشر في الصناعة والزراعة، والاكتفاء بتطوير البنية الأساسية، وخصخصة القطاع العام، هي الملامح الرئيسية للسياسات الاقتصادية لنظام مبارك منذ عِقدين من الزمن تقريبًا، فإن القوانين والقرارات الاقتصادية التي صدرت في ظل العِقد الأخير من حكم مبارك، أكدت على طبيعة هذا النظام وسياساته الاقتصادية الموجهة لخدمة الطبقة الرأسمالية المحلية والأجنبية على حساب الطبقة الوسطي والفقراء، وهو ما يمكن إدراكه من قراءة تحليلية ونقدية لقوانين الضرائب، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، وسياسات التشغيل والأجور، والخصخصة.
ثانيًا: الخصخصة
عندما طُرِحَت فكرة الخصخصة في بداياتها الأولي في مصر كان المستهدف بالخصخصة وفقًا للمطروح آنذاك هو الشركات العامة الخاسرة، وعندما بدأ التطبيق لم يُطرَح للبيع سوى أفضل الشركات الرابحة وتمَّ تناسي ما طُرح في البداية عن بيع الشركات الخاسرة عندما كان الهدف هو إقناع المواطنين بالفكرة التي لم تُناقش سوى بشكل دعائي.
هذه الخصخصة كانت بيئة خصبة لعمليات فساد تفوق كل ما عداها من فساد في عمليات تقييم الأصول العامة وبيعها مما أدَّي إلى حدوث نقلة في الفساد من مجرد وجود عمليات فساد في الاقتصاد إلى أن أصبح طابعًا للاقتصاد، حيث تمت هذه الخصخصة في غياب الرقابة الصارمة من الأجهزة الرقابية.
وإذا كانت البيئة التشريعية والسياسية التي جرت فيها عملية الخصخصة منحازة بالكامل للمستثمرين، فمن الطبيعي أن يظهر هذا الانحياز في عملية الخصخصة وصفقات البيع نفسها ونجد أن حصيلة عِقدين من الخصخصة أتت على أغلب وحدات قطاع الأعمال تبدو هزيلة إذا ما قورنت بالتقييمات الأولي لقيمة أصول قطاع الأعمال.
وأوضحت البيانات الرسمية المعلنة المتمثلة في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول الحساب الختامي للعام المالي 2009/2010 أن حصيلة الخصخصة منذ أن بدأت عام 92 حتي عام 2009 بلغت نحو 87مليارًا و453 مليون جنيه، حصلت وزارة المالية على 32 مليار جنيه منها فقط وأكد التقرير أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع أن تتحكم في الآثار السلبية لبرنامج الخصخصة،فزادت البطالة وارتفع التضخم وكثُرت الأشكال الاحتكارية
ويؤكد الخبراء أن استخدام عائد عمليات الخصخصة في سداد مديونيات البنوك للمعاش المبكر ولسداد الأجور في الشركات الخاسرة طريقة غير مقبولة بأي منطق اقتصادي، وكان المنطقي أن تتم محاسبةكل المسئولين عن هذا الوضع لكن الأمر انتهىدون حساب.
وإذا حاولنا رصد أهم نتائج برنامج الخصخصة في مصر فإنه يمكن تركيزها علي النحو التالى:
1 ـ أدَّت عملية الخصخصة إلى قطع الطريق على تنفيذاستثمارات خاصة جديدة يحتاجها الاقتصاد حيث إن الأموال التي دفعها القطاع الخاص لشراء أصول القطاع العام هي في النهاية أموال كانت ستتحول كليًا أو جزئيًا لبناء استثمارات جديدة.
2 ـ بيع جانب من الأصول المملوكة للدولة يتضمن أفضل الشركات الرابحة واستخدام عائد البيع في أغراض غير بناء أصول إنتاجية جديدة.
ثالثًا: استغلال مصر من قِبَل الرأسمالية العالمية والدول الاستعمارية الكبرى "تصدير الغاز".
يتعامل البعض مع مقولات العديد من المفكرين الوطنيين حول تبعية مصر للرأسمالية العالمية أو للدولالاستعمارية الكبري اقتصاديا وسياسيا على أنها نوع من السجال السياسي أو وجهات نظر لكنها ليست كذلك بل هي حقيقة واقعة يدلل عليها الاستغلال الذي يصل إلى حد التجريف الذي تقوم به الرأسمالية العالمية للاقتصاد المصرى، والذي تساعدها عليه الرأسمالية المحلية التابعة والشريكة لها، والنُّخبَة الحاكمة المعبِّرة عنها والمرتبطة معها بشبكة مصالح فاسدة على مدارالعقود الأربعة الماضية.
إن مصر تُنهَب من قِبَل الرأسمالية العالمية والدول الاستعمارية الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة، والمجال الأساسي لنهب موارد مصر يتركز في السطو على ثرواتها من النفط والغاز من خلال عقود لا تتسم بالعدل وتعطي الشركات والدول الأجنبية مزايا وأموال لا يستحقونها على حساب مصر وشعبها، ومما ساعد الشركات الأجنبية على نهب موارد مصر أنه تم تقديم مواد الطاقة لها بسعر مدعوم بشكل حقيقي أو حسابي رغم أنها تبيع إنتاجها بأعلى كثيرًا من الأسعار العالمية.
ويعتبر بيع مصر للغاز بأقل من السعر العالمي للدول الأجنبية وإسرائيل وإسبانيا وبيعه للشعب المصري بسعر أعلي أشد أنواع الفساد وعملية تتعدى أي ضابط أخلاقي هذا بالإضافة إلى إهدار الثروة المعدنية ونهب منجم الذهب.
أولًا: برنامج الإصلاح الاقتصادي في عهد مبارك
وضح جليًا أن الثورة المصرية جردت برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقه الرئيس الأسبق حسني مبارك بتأييد من الولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية من مصداقيَّته، وكانت أهم شروط سياسات الإصلاح الاقتصادي تبني قواعد السوق الحرة وانسحاب الدولة من أي دور ناشط في الاقتصاد إلى جانب عديد من الشروط مثل: خفض الإنفاق الحكومي وخصخصة القطاع العام ورفع الأسعار القومية إلى مستوى الأسعار العالمية وتجميد مستويات الأجور والمرتبات، بمعنى آخر فإن على الدول النامية أن تتبنى سياسات الليبرالية الجديدة والتي تزعُم في شكلها المتطرف أن على الدول أن تمتنع عن السياسات الهادفة إلى تقليل فوارق الدخل أو محاربة الفقر فهي سياسات تؤدي إلى عرقلة نظام السوق ولن تفلح بأي حال في إعادة توزيع الدخل أو تحسين مستوى الدخول، وبالتالي تدعو الليبرالية الجديدة إلى انسحاب الدولة أيضا من المجال الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك تضمن الإصلاح الاقتصادي كما طبقه الحزب الوطني الديمقراطي جرعة كبيرة من الفساد، بما في ذلك اقتطاع أراض تابعة للدولة لتنفيذ مشاريع خاصة عليها، ومنح قروض مُيسَّرة للنخبة الحاكمة، وإفادة أقطاب النظام من صفقات تفضيلية جدًا في مجال خصخصة الصناعات الحكومية، وأظهر التدافع للحصول على ترشيح الحزب الوطني الديمقراطي للانتخابات التشريعية أن الحزب الحاكم بات يُعتبَر طريقًا أكيدًا لجمع الثروات، في هذه الأثناء كان المصريون يعانون من ارتفاع البطالة وأسعار السلع الأساسية، وبدأ يتصاعد أكثر فأكثر التفاوت في توزيع المنافع المادية للإصلاح الاقتصادي.
والحقيقة أن سوء الأداء الاقتصادي في مصر لم يقتصر على الحكومة التي قامت عليها الثورة، إذ أن عهد مبارك إجمالًاهو الأسوأ من ناحية الأداء الاقتصادي في مصر منذ ستة عقود على الأقل، وخلال الفترة من عام1983حتي عام 2010، تدهور متوسط معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي المصري إلى 4,3% سنويًا طبقًا لبيانات صندوق النقد الدولي المأخوذة عن البيانات الرسمية المصرية التي تنطوي على مبالغات بالزيادة في إطار انتشارتزوير البيانات الرسمية لتجميل الأداء المتواضع لغالبية الحكومات المتعاقبةخلال العقود الثلاثة الأخيرة .
ويمكن القول إجمالا إن سياسات مبارك الاقتصادية لا تعدو إلا أن تكون استجابة مهينة للمطالب التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) من سياسات الإصلاح الاقتصادي على دول العالم النامي التي تعاني الديون الأجنبية ومنها مصر، واللافت للنظر أننموذج الإصلاح الاقتصادي الذي تم تطبيقه في مصر من خلال ضغوط خارجية وإقرار سلطوي داخلى، لم يُنظَر في تعديل شروطه، أو البحث عن طرق ملائمة للبيئة الاقتصاديةوالاجتماعية في مصر كما فعلت بلدان أخرى.
وفي دراسة عن الأوضاع الاقتصادية بمصر فترة حكم مبارك قامت الدراسة بتتبع وتقييم الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية الجديدة في العِقدين الماضيين، وتوصلت إلى أن التفاعل بين العوامل الاقتصادية والسياسية أنتجت ظهور نظام استبدادي نيوليبرالي رأسمالي مفترس لعب دورًا كبيرًا في السياسة، وقيَّمَت قوة الأداء الليبرالي الجديد باعتباره أيديولوجية أدى إلى إعادة تشكيل جذري في السياسات الاقتصادية لصالح النخبة الرأسمالية.
وبالتوازي مع الفشل الاقتصادي كان هناك على الجانب الآخر فشل الإصلاح السياسى، فمن بين أهم العناصر التي أدَّت إلى الثورة الفشل الذريع في نموذج الإصلاح السياسي منأعلي إلى أسفل، وأيضًا انتخابات برلمان 2010المزورة، وتصاعُد الفساد والقمع، والذي لا ينفصل عن السياسات الاقتصادية والاجتماعيةالتي تم تطبيقها والقيود الناتجةعن عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها التقليدية، مثل الخدمات الاجتماعية ومراقبة الأسعار وضمان فرص العمل، فهناك إجماع على أنالثورة هي - على الأقل جزئيًا- رد فعل عنيف ضدالنظام الاقتصادي الإقصائي الذي اتبعه نجل الرئيس المخلوع جمال مبارك ورفاقه خلال العِقد الماضي.
وقد ساهَم غياب أسس ومبادئ الحكم الرشيد مثل: (المشاركة والشفافية، والمساءلة والمساواة، والعدالة، وأولوية المواطن، وسيادة القانون) في العديد من مؤسسات الدولة المصرية، وافتقاد السياسات الاقتصادية والاجتماعية بهدف القضاء على الفقر وتوسيع الخيارات التي تتاح لجميع الناس في حياتهم، ومحاصرة الفساد والسيطرة عليه، ورفض تهميش قطاعات سكانية في الدولة.
وقد أدَّي كل ما سبق إلى نمو فكرة وجوب تغيير النظام، ومن ثم عندما بدأت الثورة بمطالب تتعلق بالحريات والعدالة ومواجهة الفساد، والحدِّ من تجاوزات أجهزة الأمن، وتردد النظام الحاكم في الرد على تلك المطالب واستخدم القوة في منعها كان البديل هو إسقاط النظام لبناء نظام جديد يتولى إدارة الحياة السياسية ومؤسسات الدولة على تلك الأسس، وهو ما زاد من شعبية هذه المطالب.
وبرغم زعم نظام مبارك اتِّباعه لاقتصاد السوق الرأسمالي الذي تمثل في برنامج الإصلاح الاقتصادي فسياساته كانت بمثابة تحول انتقائي نحو اقتصاد السوق الرأسمالى، والتي كانت تأخذ ما يلائم الطبقة الحاكمة دون أن تأخذ بباقي عناصر نظام اقتصاد السوق الرأسمالي والتي تشكلت تحت ضغوط تاريخية من الشعوب، بالذات ما يتعلق بالحريات الديمقراطية وتداول السلطة والمساواة بين الجميع أمام القانون، وإعادة توزيع الدخل من خلال نظام ضريبي تصاعدي، ونظام فعال للدعم وتحسين أحوال الفقراء والعاطلين، وتعتبر هذه السياسات التي تغيب فيها تلك الحقوق هي الإطار العام للنظام الاقتصادي في عهد مبارك، وتشكَّل الجانب الأعظم منها من السياسات التي طلبتها أو أملَتها الدول الدائنة وصندوق النقد والبنك الدوليان على النظام الحاكم في مصر، وأيضًا بتطبيق أغلب ما طلبته الدول الدائنة من سياسات اقتصادية وعلي رأسها بيع القطاع العام للرأسماليين المحليين والأجانب في صفقات فاسدة في غالبيتها، بغضِّ النظر عن ملائمة تلك السياسات لمتطلَّبات التنمية في مصر، وزاد على ذلك ضَعف كفاءة وفساد التطبيق لتلك السياسات التي كان من الممكن أن تُنتِج وضعًا أفضل بكثير لو كان هناك نظام سياسي - اقتصادي أعلي كفاءة وشفافية وأقل فسادًا.
وإذا كان تقليص دور الدولة بكل ما يعنيه من خروجها من عمليات الاستثمار المباشر في الصناعة والزراعة، والاكتفاء بتطوير البنية الأساسية، وخصخصة القطاع العام، هي الملامح الرئيسية للسياسات الاقتصادية لنظام مبارك منذ عِقدين من الزمن تقريبًا، فإن القوانين والقرارات الاقتصادية التي صدرت في ظل العِقد الأخير من حكم مبارك، أكدت على طبيعة هذا النظام وسياساته الاقتصادية الموجهة لخدمة الطبقة الرأسمالية المحلية والأجنبية على حساب الطبقة الوسطي والفقراء، وهو ما يمكن إدراكه من قراءة تحليلية ونقدية لقوانين الضرائب، وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، وسياسات التشغيل والأجور، والخصخصة.
ثانيًا: الخصخصة
عندما طُرِحَت فكرة الخصخصة في بداياتها الأولي في مصر كان المستهدف بالخصخصة وفقًا للمطروح آنذاك هو الشركات العامة الخاسرة، وعندما بدأ التطبيق لم يُطرَح للبيع سوى أفضل الشركات الرابحة وتمَّ تناسي ما طُرح في البداية عن بيع الشركات الخاسرة عندما كان الهدف هو إقناع المواطنين بالفكرة التي لم تُناقش سوى بشكل دعائي.
هذه الخصخصة كانت بيئة خصبة لعمليات فساد تفوق كل ما عداها من فساد في عمليات تقييم الأصول العامة وبيعها مما أدَّي إلى حدوث نقلة في الفساد من مجرد وجود عمليات فساد في الاقتصاد إلى أن أصبح طابعًا للاقتصاد، حيث تمت هذه الخصخصة في غياب الرقابة الصارمة من الأجهزة الرقابية.
وإذا كانت البيئة التشريعية والسياسية التي جرت فيها عملية الخصخصة منحازة بالكامل للمستثمرين، فمن الطبيعي أن يظهر هذا الانحياز في عملية الخصخصة وصفقات البيع نفسها ونجد أن حصيلة عِقدين من الخصخصة أتت على أغلب وحدات قطاع الأعمال تبدو هزيلة إذا ما قورنت بالتقييمات الأولي لقيمة أصول قطاع الأعمال.
وأوضحت البيانات الرسمية المعلنة المتمثلة في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول الحساب الختامي للعام المالي 2009/2010 أن حصيلة الخصخصة منذ أن بدأت عام 92 حتي عام 2009 بلغت نحو 87مليارًا و453 مليون جنيه، حصلت وزارة المالية على 32 مليار جنيه منها فقط وأكد التقرير أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع أن تتحكم في الآثار السلبية لبرنامج الخصخصة،فزادت البطالة وارتفع التضخم وكثُرت الأشكال الاحتكارية
ويؤكد الخبراء أن استخدام عائد عمليات الخصخصة في سداد مديونيات البنوك للمعاش المبكر ولسداد الأجور في الشركات الخاسرة طريقة غير مقبولة بأي منطق اقتصادي، وكان المنطقي أن تتم محاسبةكل المسئولين عن هذا الوضع لكن الأمر انتهىدون حساب.
وإذا حاولنا رصد أهم نتائج برنامج الخصخصة في مصر فإنه يمكن تركيزها علي النحو التالى:
1 ـ أدَّت عملية الخصخصة إلى قطع الطريق على تنفيذاستثمارات خاصة جديدة يحتاجها الاقتصاد حيث إن الأموال التي دفعها القطاع الخاص لشراء أصول القطاع العام هي في النهاية أموال كانت ستتحول كليًا أو جزئيًا لبناء استثمارات جديدة.
2 ـ بيع جانب من الأصول المملوكة للدولة يتضمن أفضل الشركات الرابحة واستخدام عائد البيع في أغراض غير بناء أصول إنتاجية جديدة.
ثالثًا: استغلال مصر من قِبَل الرأسمالية العالمية والدول الاستعمارية الكبرى "تصدير الغاز".
يتعامل البعض مع مقولات العديد من المفكرين الوطنيين حول تبعية مصر للرأسمالية العالمية أو للدولالاستعمارية الكبري اقتصاديا وسياسيا على أنها نوع من السجال السياسي أو وجهات نظر لكنها ليست كذلك بل هي حقيقة واقعة يدلل عليها الاستغلال الذي يصل إلى حد التجريف الذي تقوم به الرأسمالية العالمية للاقتصاد المصرى، والذي تساعدها عليه الرأسمالية المحلية التابعة والشريكة لها، والنُّخبَة الحاكمة المعبِّرة عنها والمرتبطة معها بشبكة مصالح فاسدة على مدارالعقود الأربعة الماضية.
إن مصر تُنهَب من قِبَل الرأسمالية العالمية والدول الاستعمارية الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة، والمجال الأساسي لنهب موارد مصر يتركز في السطو على ثرواتها من النفط والغاز من خلال عقود لا تتسم بالعدل وتعطي الشركات والدول الأجنبية مزايا وأموال لا يستحقونها على حساب مصر وشعبها، ومما ساعد الشركات الأجنبية على نهب موارد مصر أنه تم تقديم مواد الطاقة لها بسعر مدعوم بشكل حقيقي أو حسابي رغم أنها تبيع إنتاجها بأعلى كثيرًا من الأسعار العالمية.
ويعتبر بيع مصر للغاز بأقل من السعر العالمي للدول الأجنبية وإسرائيل وإسبانيا وبيعه للشعب المصري بسعر أعلي أشد أنواع الفساد وعملية تتعدى أي ضابط أخلاقي هذا بالإضافة إلى إهدار الثروة المعدنية ونهب منجم الذهب.
كانت البيئة التشريعية والسياسية التي جرت فيها عملية الخصخصة منحازة بالكامل للمستثمرين، وظهر هذا الانحياز بشكل أكبر في صفقات البيع نفسها
رابعًا: سياسات صندوق البنك الدولي التي طبقت في مصر
لفترة طويلة حرص كل من البنك وصندوق النقد الدوليين على تقديم وصفة الليبرالية الاقتصادية وقوامها الخصخصة وترشيد الإنفاق الحكومي وتحجيمالدور الاقتصادي للدولة باعتبارها الوصفةالأفضل للإصلاح الاقتصادى، أُضيف إليها في أعوام التسعينيات بعض العناصرالخاصة بالإصلاح المؤسسي ومكافحة الفساد تحت مسمىالحكم الرشيد، وفي ظل هذهالمنظومة كان يتم تبرير تزايد التكلفة الاجتماعية للسياسات الاقتصادية في الدول التي تأخذ بها إما باعتبارها ثمنًا مؤقتًا لإصلاح اقتصادي طويل المدي أو عن طريق الاهتمام مؤخرا بقضية الفقر وتصميم برامج للحد من الظاهرة في ضوء التصاعد الواضح لمؤشراتها.
هذه الوصفة كان معيار النجاح الأهم فيها هو النمو الاقتصادي، بينما كان ينظر لانعكاسات هذا النمو على حياة المواطن العادي باعتبارها مسألة وقت أوقضية ثانوية، أما تراجع دور الدولة في التوظيف وفي حماية الحد الأدني من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للقطاعات الأوسع من المواطنين ودورها في توفير شبكات الأمان الاجتماعى، وتوفير الحد الأدني من العلاج والتعليم الذي يلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن فقد تجاهلته هذه الوصفة في حين أنالتنمية مناطُها الأساسي هو المواطن.
وقد جاءت ثورة مصر لتُسدِّد لطمة قاسية لفكر الليبرالية الاقتصادية الجديدة حيث كانت الدولة المصرية نموذجًا للنجاح الاقتصادي وفقا للمؤسسات المالية الدولية قياسًا بمعدلات النمو الاقتصادي بل كثيرًا ما كانت المجموعات الاقتصادية داخل الحكومة تستشهدبالمؤسسات المالية الدولية باعتبارها الحكم الأهم والمعيار الأساسي لنجاحها في وظيفتها، في حين اعتُبِرت معاناة المواطن ومؤشرات عدم الرضا نوعًا من التوقعات المتزايدة أو المفرطة من قِبَل المواطنين، وأنها مسألة وقت حتي يشعر المواطن في أسفل هرم الدخل بعوائد الإصلاح.
وفي هذا الإطار مثَّلت مصر نموذجًا على قصور وتناقض سياسات المؤسسات المالية الدولية، وتصاعدت معدلات الفقر في مصر لتتراوح حول 20% في السنوات الأخيرة وتصل إلى22% عام 2008 كما ساءت معدلات البطالة حيث زادت على 9%.
هذه المعضلة جعلت من مصر حالة نجاح على الورق بينما كان شعورالمواطن بعدم الرضا يتزايد على خلفية تزايد البطالة وارتفاع الأسعار واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء والشعور بانحياز السياسة التنموية لقطاعات محدودة على صلة بالنُّخبَة السياسية الحاكمة هذا الأمر الذي عكسته شعارات الثورة المصرية التي طالبت بالخبز والعدالة الاجتماعية والحرية.
وعلي هذه الخلفية شكَّلت الثورة المصرية طعنة قوية في مصداقية البنك والصندوق الدوليين وأسقطت نظرياتِهما التي تتجاهل البشر، وأوضح قصور فرضية الانتشار التدريجي والرهان على المدي الزمني الطويل والتي تَفترِض أن عوائد النمو سوف تنعكس تلقائيًا في المستقبل على الفئات الأقل حظًا مع تصويرقضية الفقر باعتبارها مسألة ذات طبيعة فنية تستدعي برامج مخصوصة سواء من القروض الصغيرة أو الاهتمام بالمرافق أو الاستثمار في المناطق الأكثر فقرًا، في حين أن السياسات التنموية يمكن تصميمها أساسًا لتصبح أكثر انحيازًا للسُّوَّاد الأعظم من الشعب.
تسببت تداعيات الثورات العربية الاقتصادية في مراجعة لمسلَّمات طالما نادى بها البنك الدولي فيما يخص الفكر التنموي وأولوياته، تلك المقولات التي تشربتها النُّخَب الاقتصادية الحاكمة في معظم دول العالم النامي باعتبارها حقائق لا تقبل الشك وأملَتها على شعوبها مهما بدا من نتائجها السلبية. فقد أكد البنك الدولي في تقاريره المختلفة أن مصرتتحرك بسرعة جدًا على مسارالإصلاح الاقتصادى، وكانتفي مقدمة العشرة دول الأوائل الإصلاحيين في الشرق الأوسط لبعض الوقت.
وقد تناول تقرير التنمية في العالم 2011 والصادر عن البنك الدولي إشارات واضحة حول قضية العدالة وضرورة خلق فرص العمل، وهي القضايا التي طالما تجاهلتها المؤسسات المالية الدولية ومن ثَمَّ فإن العالم بدأ الاستفادة من دروس الثورات العربية وخاصة في مصر وتونس والتي ساعدت على زعزعة وإسقاط مفاهيم تمتعت بنوع من القداسة الفكرية على مدي عقود مضت، ويبقي الأهم وهو المساهمة الفعالة في إرساء نماذج فكرية بديلة تنبُع من الخبرات المحلية والإقليمية التي اقتنعت بها المؤسسات المالية الدولية من هذه الثورات.
المبحث الثاني: القضايا الاجتماعية قبل ثورة يناير(عهد مبارك)
كما كان اقتصاد مبارك الأسوأ على مر عقود متعاقبة شهدت الأوضاع الاجتماعية تدهورًا غير مسبوق، فقد واجهت مصر في عصر مبارك تحديات اجتماعية مختلفة مثل ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب والنساء، وأصبح أكثر من 20٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بالإضافة إلى عدم المساواة في الدخل، وضعف التعليم وارتفاع معدلات الأمية أكثر من 40٪ من الإناث، وتدني الإنفاق العام على الصحة والتعليم والآثار السلبية لذلك على المواطن خاصة وأن التعليم من أهم الأسس لمستقبل البلاد، فبدون إصلاح جذري في نظام التعليم ستظل القضايا الأخري مثل خلق فرص العمل، والحد من الفقر وعدم المساواة، وتعزيز القدرة التنافسية الدولية مقيدة وبدون حل.
أولًا: الملف الصحي في عهد مبارك
تُعد الصحة من الحقوق الأساسية التي يقع على الحكومة عبء الالتزام التام بضمان حصول كل فرد من أفراد المجتمع عليها بقدر متساوٍ، ورغم هذا كان ينفق على الصحة في عهد مبارك أقل من نسبة 5% من إجمالي المصروفات العامة للدولة، ولا تتناسب هذه النسبة الضئيلة على الإطلاق مع حجم التحديات التي تواجه القطاع الصحي في مصر، ولا تفِي بكفالة حق المواطنين في الصحة، وفي المقابل كانت هناك زيادة في الإنفاق على الرعاية الصحية من دخل الأسرة، ولا سيما على الدواء، مما كان يُلقِي عبئًا اقتصاديًا أكبر على المواطنين، بالإضافة إلى أن ما يقرب من نصف المصريين ليس لديهم تأمين صحي وهم إلى حد كبير سكان الريف، أي ان 46٪ من المصريين بدون تغطية التأمين الصحى.
ويمكن القول أن الملف الصحي في عهد مبارك قد شهد تدهورًا ملحوظًا وتمثلت أهم الشواهد في التالي:
احتلت مصر المرتبة الأولى عالميًا في أمراض الكبد والسرطان والفشل الكلوي.
طبقًا لتقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الصادر بعنوان " تلوث المياه قنبلة موقوتة تهدد حياة المصريين" فإن 76% من مياه القرى المصرية مخلوطة بمياه الصرف الصحي وهو ما يؤدي إلى 100 ألف حالة فشل كلوي سنويًا بالإضافة إلى سلسلة من الأمراض الأخرى.
يشير المشروع القومي لمكافحة السرطان في تقريره الصادرة في عام 2008 أن هناك مائة ألف حالة جدبدة على الأقل تصاب بالسرطان سنويا حيثتَضاعَف السرطان في عهد مبارك إلى ثمان مرات لتحتل مصر أعلي نسبة في السرطان بالعالم.
طبقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن 80% من المرضى المصابين بفيروس سي بسبب تدني الرعاية الصحية يتطورون إلى التهاب كبدي مزمن.
كما تخلَّي الجهاز الرقابي في عهد مبارك عن دوره في حماية صحة المصريين بعد أن أدرك أن القيادة السياسية – المشغولة حتي آخرها بتأمينوجودها - غير جادة في الإصلاح الصحي.
لفترة طويلة حرص كل من البنك وصندوق النقد الدوليين على تقديم وصفة الليبرالية الاقتصادية وقوامها الخصخصة وترشيد الإنفاق الحكومي وتحجيمالدور الاقتصادي للدولة باعتبارها الوصفةالأفضل للإصلاح الاقتصادى، أُضيف إليها في أعوام التسعينيات بعض العناصرالخاصة بالإصلاح المؤسسي ومكافحة الفساد تحت مسمىالحكم الرشيد، وفي ظل هذهالمنظومة كان يتم تبرير تزايد التكلفة الاجتماعية للسياسات الاقتصادية في الدول التي تأخذ بها إما باعتبارها ثمنًا مؤقتًا لإصلاح اقتصادي طويل المدي أو عن طريق الاهتمام مؤخرا بقضية الفقر وتصميم برامج للحد من الظاهرة في ضوء التصاعد الواضح لمؤشراتها.
هذه الوصفة كان معيار النجاح الأهم فيها هو النمو الاقتصادي، بينما كان ينظر لانعكاسات هذا النمو على حياة المواطن العادي باعتبارها مسألة وقت أوقضية ثانوية، أما تراجع دور الدولة في التوظيف وفي حماية الحد الأدني من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للقطاعات الأوسع من المواطنين ودورها في توفير شبكات الأمان الاجتماعى، وتوفير الحد الأدني من العلاج والتعليم الذي يلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن فقد تجاهلته هذه الوصفة في حين أنالتنمية مناطُها الأساسي هو المواطن.
وقد جاءت ثورة مصر لتُسدِّد لطمة قاسية لفكر الليبرالية الاقتصادية الجديدة حيث كانت الدولة المصرية نموذجًا للنجاح الاقتصادي وفقا للمؤسسات المالية الدولية قياسًا بمعدلات النمو الاقتصادي بل كثيرًا ما كانت المجموعات الاقتصادية داخل الحكومة تستشهدبالمؤسسات المالية الدولية باعتبارها الحكم الأهم والمعيار الأساسي لنجاحها في وظيفتها، في حين اعتُبِرت معاناة المواطن ومؤشرات عدم الرضا نوعًا من التوقعات المتزايدة أو المفرطة من قِبَل المواطنين، وأنها مسألة وقت حتي يشعر المواطن في أسفل هرم الدخل بعوائد الإصلاح.
وفي هذا الإطار مثَّلت مصر نموذجًا على قصور وتناقض سياسات المؤسسات المالية الدولية، وتصاعدت معدلات الفقر في مصر لتتراوح حول 20% في السنوات الأخيرة وتصل إلى22% عام 2008 كما ساءت معدلات البطالة حيث زادت على 9%.
هذه المعضلة جعلت من مصر حالة نجاح على الورق بينما كان شعورالمواطن بعدم الرضا يتزايد على خلفية تزايد البطالة وارتفاع الأسعار واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء والشعور بانحياز السياسة التنموية لقطاعات محدودة على صلة بالنُّخبَة السياسية الحاكمة هذا الأمر الذي عكسته شعارات الثورة المصرية التي طالبت بالخبز والعدالة الاجتماعية والحرية.
وعلي هذه الخلفية شكَّلت الثورة المصرية طعنة قوية في مصداقية البنك والصندوق الدوليين وأسقطت نظرياتِهما التي تتجاهل البشر، وأوضح قصور فرضية الانتشار التدريجي والرهان على المدي الزمني الطويل والتي تَفترِض أن عوائد النمو سوف تنعكس تلقائيًا في المستقبل على الفئات الأقل حظًا مع تصويرقضية الفقر باعتبارها مسألة ذات طبيعة فنية تستدعي برامج مخصوصة سواء من القروض الصغيرة أو الاهتمام بالمرافق أو الاستثمار في المناطق الأكثر فقرًا، في حين أن السياسات التنموية يمكن تصميمها أساسًا لتصبح أكثر انحيازًا للسُّوَّاد الأعظم من الشعب.
تسببت تداعيات الثورات العربية الاقتصادية في مراجعة لمسلَّمات طالما نادى بها البنك الدولي فيما يخص الفكر التنموي وأولوياته، تلك المقولات التي تشربتها النُّخَب الاقتصادية الحاكمة في معظم دول العالم النامي باعتبارها حقائق لا تقبل الشك وأملَتها على شعوبها مهما بدا من نتائجها السلبية. فقد أكد البنك الدولي في تقاريره المختلفة أن مصرتتحرك بسرعة جدًا على مسارالإصلاح الاقتصادى، وكانتفي مقدمة العشرة دول الأوائل الإصلاحيين في الشرق الأوسط لبعض الوقت.
وقد تناول تقرير التنمية في العالم 2011 والصادر عن البنك الدولي إشارات واضحة حول قضية العدالة وضرورة خلق فرص العمل، وهي القضايا التي طالما تجاهلتها المؤسسات المالية الدولية ومن ثَمَّ فإن العالم بدأ الاستفادة من دروس الثورات العربية وخاصة في مصر وتونس والتي ساعدت على زعزعة وإسقاط مفاهيم تمتعت بنوع من القداسة الفكرية على مدي عقود مضت، ويبقي الأهم وهو المساهمة الفعالة في إرساء نماذج فكرية بديلة تنبُع من الخبرات المحلية والإقليمية التي اقتنعت بها المؤسسات المالية الدولية من هذه الثورات.
المبحث الثاني: القضايا الاجتماعية قبل ثورة يناير(عهد مبارك)
كما كان اقتصاد مبارك الأسوأ على مر عقود متعاقبة شهدت الأوضاع الاجتماعية تدهورًا غير مسبوق، فقد واجهت مصر في عصر مبارك تحديات اجتماعية مختلفة مثل ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب والنساء، وأصبح أكثر من 20٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بالإضافة إلى عدم المساواة في الدخل، وضعف التعليم وارتفاع معدلات الأمية أكثر من 40٪ من الإناث، وتدني الإنفاق العام على الصحة والتعليم والآثار السلبية لذلك على المواطن خاصة وأن التعليم من أهم الأسس لمستقبل البلاد، فبدون إصلاح جذري في نظام التعليم ستظل القضايا الأخري مثل خلق فرص العمل، والحد من الفقر وعدم المساواة، وتعزيز القدرة التنافسية الدولية مقيدة وبدون حل.
أولًا: الملف الصحي في عهد مبارك
تُعد الصحة من الحقوق الأساسية التي يقع على الحكومة عبء الالتزام التام بضمان حصول كل فرد من أفراد المجتمع عليها بقدر متساوٍ، ورغم هذا كان ينفق على الصحة في عهد مبارك أقل من نسبة 5% من إجمالي المصروفات العامة للدولة، ولا تتناسب هذه النسبة الضئيلة على الإطلاق مع حجم التحديات التي تواجه القطاع الصحي في مصر، ولا تفِي بكفالة حق المواطنين في الصحة، وفي المقابل كانت هناك زيادة في الإنفاق على الرعاية الصحية من دخل الأسرة، ولا سيما على الدواء، مما كان يُلقِي عبئًا اقتصاديًا أكبر على المواطنين، بالإضافة إلى أن ما يقرب من نصف المصريين ليس لديهم تأمين صحي وهم إلى حد كبير سكان الريف، أي ان 46٪ من المصريين بدون تغطية التأمين الصحى.
ويمكن القول أن الملف الصحي في عهد مبارك قد شهد تدهورًا ملحوظًا وتمثلت أهم الشواهد في التالي:
احتلت مصر المرتبة الأولى عالميًا في أمراض الكبد والسرطان والفشل الكلوي.
طبقًا لتقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الصادر بعنوان " تلوث المياه قنبلة موقوتة تهدد حياة المصريين" فإن 76% من مياه القرى المصرية مخلوطة بمياه الصرف الصحي وهو ما يؤدي إلى 100 ألف حالة فشل كلوي سنويًا بالإضافة إلى سلسلة من الأمراض الأخرى.
يشير المشروع القومي لمكافحة السرطان في تقريره الصادرة في عام 2008 أن هناك مائة ألف حالة جدبدة على الأقل تصاب بالسرطان سنويا حيثتَضاعَف السرطان في عهد مبارك إلى ثمان مرات لتحتل مصر أعلي نسبة في السرطان بالعالم.
طبقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن 80% من المرضى المصابين بفيروس سي بسبب تدني الرعاية الصحية يتطورون إلى التهاب كبدي مزمن.
كما تخلَّي الجهاز الرقابي في عهد مبارك عن دوره في حماية صحة المصريين بعد أن أدرك أن القيادة السياسية – المشغولة حتي آخرها بتأمينوجودها - غير جادة في الإصلاح الصحي.
في التصنيف الأفريقي لأفضل مائة جامعة أفريقية في العام 2006 احتلت جامعة القاهرة المرتبة الـ28 وسبقتها في الترتيب جامعات من أوغندا وموريشيوس وناميبيا
ثانيا: ملف التعليم (عصر مبارك)
نقدم مجموعة من البيانات الصادرة من مؤسسات متخصصة - بعضها قومي والآخر دولي- لندلل بذلك على تدني وفساد التعليم في عهد مبارك(1) :
1. طبقًا لتقرير للأمم المتحدة لسنة 2005 فإن 23,13 % من أطفال الفقراء في مصر لا يذهبون إلى الدراسة بل يتجهون للعمل بسبب الفقر المتفشي.
2. في تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر من الأمم المتحدة ذَكَرَ أن مصر ضمن البلدان التسعة التي يوجد فيها أعلىمعدلات الأمية حيث احتلت المرتبة 119، كما احتلت الأمية لدى المرأة المصرية المرتبة 75 من بين 87 دولة شملها التقرير.
3. في تقرير صادر في عام 2006 من جامعة شنغهاي عن تصنيف أول 500 جامعة في العالم يتبين خلوه من أي جامعة مصرية.
4. في التصنيف الأفريقي لأفضل مائة جامعة أفريقية في العام 2006 احتلت جامعة القاهرة المرتبة الـ28 وسبقتها في الترتيب جامعات من أوغندا وموريشيوس وناميبيا وزيمبابوى، واحتلت جامعة عين شمس المرتبة الـ85 في تلك القائمة الأفريقية.
5- رصد تقرير منتدي دافوس الصادر في 2006 تراجع التعليم والتدريب والاستعداد التكنولوجي الذي يقيس القدرة على نقل وتطويع التكنولوجيا لخدمة المجتمع في مصر فطبقًا لهذا التقرير احتلت مصر المرتبة 79 ، في حين جاءت دول عربية أخري في ترتيب أفضل.
6- وفي مجال التعليم قبل الجامعى، أكد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول الحساب الختامي للعام المالي 2009/2010 غياب العلاقة بين التقدم العلمي والتكنولوجي وأن نظام التعليم يعاني من العديد من الاختلالات من أبرزها اعتماد التعليم الجامعي على مناهج جامدة، وعدم منح أي من الكليات الحكومية والمعاهد العليا اعتماد الجودة باستثناء عدد محدود، وخروج الجامعات الحكومية من التصنيفات العالمية للجامعات.
ثالثًا: في مجال الأمية
وصلت نسبة الأمية في نهاية عهد مبارك عام 2011 طبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى26,1% لتبلغ 18,8% للذكور مقابل 33,6 % للإناث، ليصل عدد الأميين في مصر إلى 16,5 مليون أي أكثر من ربع السكان، وقد احتلت مصر المرتبة السابعة بين أسوأ عشر دول على مستوي العالم من حيث نسبة الأمية، بحسب التقرير التربوي العالمي 2010 الذي يصدر سنويًا من منظمة اليونسكو لمتابعة أهداف التعليم للجميع، ويرجع ارتفاع معدلات الأمية إلى الافتقار إلى خطط مرنة للقضاء على الأمية تضع في اعتبارها استقبال أميين جدد كل عام بسبب انخفاض جودة التعليم وزيادة معدلات الفقر، وارتفاع التكلفة الخفية للتعليم المجانى، بالإضافة إلى النظر إلى الأمية باعتبارها قضية تربوية فقط، في حين أنها قضية تنموية اقتصادية تربوية اجتماعية ثقافية، وكان لابد أن تُتَرجم هذه الرؤية إلى حزمة من البرامج التي توجَّه للفئة المستهدفة وهو ما تم تجاهله على مر عقود.
رابعًا: العشوائيات والفقر
بلغ عدد سكان المناطق العشوائية 12,2 مليون نسمة بنسبة 16.8% من عدد السكان بنهاية عام 2010 وبلغ عدد المناطق العشوائية 1221 منطقة وذلك وفقًالتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، كما أن هناك 34,5 مليون نسمة محرومون من خدمات الصرف الصحي و16 مدينة و3728قرية محرومة من الصرف الصحى. وقد بلغ عدد الفقراء في مصر الذين ينتمون إلى خط الفقر الأدني 16 مليونًا و232 ألف نسمة، وبلغ عدد الفقراءالمُعدَمين 4 ملايين و563 ألفنسمة.
خامسًا: البطالة
أدَّت التحولات في سياسة التشغيل في مصر بعد تحوُّلِها لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في عصر مبارك الذي تمثَّل في مجموعة من السياسات الاقتصادية، التي قامت على انسحاب الدولة من الاستثمار وتوفير فرص عمل وإلقاء المسئولية على القطاع الخاصورأس المال الأجنبى، وتنفيذروشتة صندوق النقد والبنك الدوليين القائمة على بيع القطاع العام وبرنامج الخصخصة الذي اتَّسَم بقدر كبير من الفساد إلى تفاقُم معدلات البطالة وخاصة بين خريجي النظام التعليمي العالي الذين يشكلون قلب الطبقة الوسطى، بما يعنيه ذلك من إفقاد جانب كبير من هذه الطبقة للقدرة على كسب العيش بكرامة، فمع تخلِّي الحكومة عن الالتزام بتعيين خريجي النظام التعليمي لم تخلُق البيئة الاقتصادية المناسبة لتوفير الوظائف الكافية للراغبين في العمل في القطاع الخاص الصغير والمتوسط والتعاوني والكبير، واعتمدت الدولة على وجود أسواق عمل عربية وأجنبية تستوعب أعدادًا ضخمة من قوة العمل المصرية وتحل مشكلة البطالة.
ويُعدُّ ارتفاع معدل البطالة في مصر، تجسيدًا لضعف معدل الاستثمار، بالنظر إلى أن الاستثمارات الجديدة والتوسعات في الاستثمارات القائمة، هي العامل الرئيسي في تحديد حركة التشغيل ومستوىالبطالة في أي اقتصاد، وقد تراوحت معدلات البطالة المعلنة ما بين 9.7% طبقا للنشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزي 2010 و15,2% طبقا لتقرير مؤشرات التنمية في العالم 2010 (World Development Indicators 2010) الصادر عن البنك الدولي.
وفي ظل تزايد معدلات البطالة وتجاهُل الحكومة لدورها في توظيف شباب الخريجين ضمن هيكلها الإدارى، وفي ظل عدم الاعتماد على معايير الكفاءة والتميز أمام المحسوبية و"الواسطة"، كانت أسوأ نتائج البطالة اتجاه الكثير من الشباب خاصة الفقراء إلى الهجرة غير الشرعية التي انتهت في كثير من الأحيان إما بالغرق أو القبض على أصحابها قبل الوصول إلى هدفهم.
* أ.د. شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز العربي للبحوث والدراسات
*د. دعاء عادل محمود الأستاذ المساعد بقسم الصحافة والإعلام كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة جازان السعودية
نقدم مجموعة من البيانات الصادرة من مؤسسات متخصصة - بعضها قومي والآخر دولي- لندلل بذلك على تدني وفساد التعليم في عهد مبارك(1) :
1. طبقًا لتقرير للأمم المتحدة لسنة 2005 فإن 23,13 % من أطفال الفقراء في مصر لا يذهبون إلى الدراسة بل يتجهون للعمل بسبب الفقر المتفشي.
2. في تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر من الأمم المتحدة ذَكَرَ أن مصر ضمن البلدان التسعة التي يوجد فيها أعلىمعدلات الأمية حيث احتلت المرتبة 119، كما احتلت الأمية لدى المرأة المصرية المرتبة 75 من بين 87 دولة شملها التقرير.
3. في تقرير صادر في عام 2006 من جامعة شنغهاي عن تصنيف أول 500 جامعة في العالم يتبين خلوه من أي جامعة مصرية.
4. في التصنيف الأفريقي لأفضل مائة جامعة أفريقية في العام 2006 احتلت جامعة القاهرة المرتبة الـ28 وسبقتها في الترتيب جامعات من أوغندا وموريشيوس وناميبيا وزيمبابوى، واحتلت جامعة عين شمس المرتبة الـ85 في تلك القائمة الأفريقية.
5- رصد تقرير منتدي دافوس الصادر في 2006 تراجع التعليم والتدريب والاستعداد التكنولوجي الذي يقيس القدرة على نقل وتطويع التكنولوجيا لخدمة المجتمع في مصر فطبقًا لهذا التقرير احتلت مصر المرتبة 79 ، في حين جاءت دول عربية أخري في ترتيب أفضل.
6- وفي مجال التعليم قبل الجامعى، أكد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول الحساب الختامي للعام المالي 2009/2010 غياب العلاقة بين التقدم العلمي والتكنولوجي وأن نظام التعليم يعاني من العديد من الاختلالات من أبرزها اعتماد التعليم الجامعي على مناهج جامدة، وعدم منح أي من الكليات الحكومية والمعاهد العليا اعتماد الجودة باستثناء عدد محدود، وخروج الجامعات الحكومية من التصنيفات العالمية للجامعات.
ثالثًا: في مجال الأمية
وصلت نسبة الأمية في نهاية عهد مبارك عام 2011 طبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى26,1% لتبلغ 18,8% للذكور مقابل 33,6 % للإناث، ليصل عدد الأميين في مصر إلى 16,5 مليون أي أكثر من ربع السكان، وقد احتلت مصر المرتبة السابعة بين أسوأ عشر دول على مستوي العالم من حيث نسبة الأمية، بحسب التقرير التربوي العالمي 2010 الذي يصدر سنويًا من منظمة اليونسكو لمتابعة أهداف التعليم للجميع، ويرجع ارتفاع معدلات الأمية إلى الافتقار إلى خطط مرنة للقضاء على الأمية تضع في اعتبارها استقبال أميين جدد كل عام بسبب انخفاض جودة التعليم وزيادة معدلات الفقر، وارتفاع التكلفة الخفية للتعليم المجانى، بالإضافة إلى النظر إلى الأمية باعتبارها قضية تربوية فقط، في حين أنها قضية تنموية اقتصادية تربوية اجتماعية ثقافية، وكان لابد أن تُتَرجم هذه الرؤية إلى حزمة من البرامج التي توجَّه للفئة المستهدفة وهو ما تم تجاهله على مر عقود.
رابعًا: العشوائيات والفقر
بلغ عدد سكان المناطق العشوائية 12,2 مليون نسمة بنسبة 16.8% من عدد السكان بنهاية عام 2010 وبلغ عدد المناطق العشوائية 1221 منطقة وذلك وفقًالتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، كما أن هناك 34,5 مليون نسمة محرومون من خدمات الصرف الصحي و16 مدينة و3728قرية محرومة من الصرف الصحى. وقد بلغ عدد الفقراء في مصر الذين ينتمون إلى خط الفقر الأدني 16 مليونًا و232 ألف نسمة، وبلغ عدد الفقراءالمُعدَمين 4 ملايين و563 ألفنسمة.
خامسًا: البطالة
أدَّت التحولات في سياسة التشغيل في مصر بعد تحوُّلِها لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في عصر مبارك الذي تمثَّل في مجموعة من السياسات الاقتصادية، التي قامت على انسحاب الدولة من الاستثمار وتوفير فرص عمل وإلقاء المسئولية على القطاع الخاصورأس المال الأجنبى، وتنفيذروشتة صندوق النقد والبنك الدوليين القائمة على بيع القطاع العام وبرنامج الخصخصة الذي اتَّسَم بقدر كبير من الفساد إلى تفاقُم معدلات البطالة وخاصة بين خريجي النظام التعليمي العالي الذين يشكلون قلب الطبقة الوسطى، بما يعنيه ذلك من إفقاد جانب كبير من هذه الطبقة للقدرة على كسب العيش بكرامة، فمع تخلِّي الحكومة عن الالتزام بتعيين خريجي النظام التعليمي لم تخلُق البيئة الاقتصادية المناسبة لتوفير الوظائف الكافية للراغبين في العمل في القطاع الخاص الصغير والمتوسط والتعاوني والكبير، واعتمدت الدولة على وجود أسواق عمل عربية وأجنبية تستوعب أعدادًا ضخمة من قوة العمل المصرية وتحل مشكلة البطالة.
ويُعدُّ ارتفاع معدل البطالة في مصر، تجسيدًا لضعف معدل الاستثمار، بالنظر إلى أن الاستثمارات الجديدة والتوسعات في الاستثمارات القائمة، هي العامل الرئيسي في تحديد حركة التشغيل ومستوىالبطالة في أي اقتصاد، وقد تراوحت معدلات البطالة المعلنة ما بين 9.7% طبقا للنشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزي 2010 و15,2% طبقا لتقرير مؤشرات التنمية في العالم 2010 (World Development Indicators 2010) الصادر عن البنك الدولي.
وفي ظل تزايد معدلات البطالة وتجاهُل الحكومة لدورها في توظيف شباب الخريجين ضمن هيكلها الإدارى، وفي ظل عدم الاعتماد على معايير الكفاءة والتميز أمام المحسوبية و"الواسطة"، كانت أسوأ نتائج البطالة اتجاه الكثير من الشباب خاصة الفقراء إلى الهجرة غير الشرعية التي انتهت في كثير من الأحيان إما بالغرق أو القبض على أصحابها قبل الوصول إلى هدفهم.
* أ.د. شريف درويش اللبان وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز العربي للبحوث والدراسات
*د. دعاء عادل محمود الأستاذ المساعد بقسم الصحافة والإعلام كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة جازان السعودية