تطورات محتملة: التقارب المصري- القطري في ضوء الوساطة السعودية
الثلاثاء 29/ديسمبر/2015 - 11:58 ص
إبراهيم منشاوي*
يكتسب التقارب المصري- القطري المزيد من الاهتمام لدى المتابعين، وذلك نتيجة لتعقد العلاقات المصرية القطرية كثيرًا بعد ثورة 30 يونيو، ويرجع ذلك لعدد من الأمور كان من بينها إيواء قطر لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الفارين من مصر، فضلًا عن عدم كف قنوات الجزيرة القطرية عن مهاجمة السلطة الحالية في القاهرة ووصفها بالانقلاب. هذا التجاذب بين الدولتين، لم يلق بظلاله على علاقاتهما فقط، بل امتد ليشمل أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربي، مغلفًا علاقاتهم بالتوتر والعداء الدبلوماسي.
ومن الواضح في هذا الإطار أن الرياض من الممكن أن تلعب الدور الحيوي في تحقيق مثل هذا التقارب، خاصة في ظل العلاقات الجيدة التي تربطها بكلا الطرفين (المصري والقطري). وقد تتبنى في سبيل تحقيق ذلك ما سبق وقامت به الدوحة من خطوات في هذا المجال مثل غلق قناة الجزيرة مباشر مصر ، والعودة إلى الصف الخليجي. واللقاء الذي جمع بين الرئيس السيسي وأمير قطر على هامش قمة المناخ التي انعقدت في باريس ديسمبر 2015، ودعوة الرياض لتكوين تحالف إسلامي لمواجهة الإرهاب الذي تم الإعلان عنه أخيرًا. وما تنبغي الإشارة إليه في هذا السياق أن الحديث قد تخطى السعي لتحقيق تقارب مصري- قطري، إلى العمل على ضرورة جعله تقاربًا ثلاثيًا يضم إلى جانب الطرفين السابقين تركيا من خلال وساطة المملكة العربية السعودية.
ومن الواضح في هذا الإطار أن الرياض من الممكن أن تلعب الدور الحيوي في تحقيق مثل هذا التقارب، خاصة في ظل العلاقات الجيدة التي تربطها بكلا الطرفين (المصري والقطري). وقد تتبنى في سبيل تحقيق ذلك ما سبق وقامت به الدوحة من خطوات في هذا المجال مثل غلق قناة الجزيرة مباشر مصر ، والعودة إلى الصف الخليجي. واللقاء الذي جمع بين الرئيس السيسي وأمير قطر على هامش قمة المناخ التي انعقدت في باريس ديسمبر 2015، ودعوة الرياض لتكوين تحالف إسلامي لمواجهة الإرهاب الذي تم الإعلان عنه أخيرًا. وما تنبغي الإشارة إليه في هذا السياق أن الحديث قد تخطى السعي لتحقيق تقارب مصري- قطري، إلى العمل على ضرورة جعله تقاربًا ثلاثيًا يضم إلى جانب الطرفين السابقين تركيا من خلال وساطة المملكة العربية السعودية.
إن ما تشهده المنطقة العربية من توترات ونشاط كثيف للجماعات الإرهابية يحتم من ضرورة التقارب العربي– العربي من أجل مواجهة التحديات الإقليمية والإرهابية
أولًا: دوافع الرياض لرعاية التقارب المصري- القطري
هناك عدد من الأسباب التي من الممكن أن تعول عليها الرياض في سبيل تحقيق التقارب المصري- القطري، وهي في ذلك تسير في اتجاه مبادرة الملك عبد اللـه بن عبد العزيز ، رحمه اللـه، بدعوة كل من القاهرة والدوحة لرأب الصدع في علاقاتهما الثنائية، وهي:
الانتشار غير المسبوق للجماعات الإرهابية في المنطقة العربية: فقد أصبح الوطن العربي يموج بالعديد من الصراعات، التي أدي تفاقمها واستمرارها لفترة طويلة إلى نمو وتزايد واسع النطاق للجماعات الإرهابية. التي أضحت تهدد الأمن والاستقرار في كل الدول العربية، وليس منا ببعيد الاعتداءات الإرهابية المتكررة على النقاط الأمنية في شمال سيناء، والتفجيرات الإرهابية المتكررة في المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين، فضلًا عن اشتعال الصراع على السلطة في سوريا واليمن وليبيا والعراق، وانتشار عدد من الجماعات الإرهابية مثل داعش والنصرة وأنصار بيت المقدس وفجر ليبيا وتنظيم القاعدة وغيرهم الكثير. هذا كله إلى جانب وجود العديد من الولاءات العشائرية أو القبليّة أو المذهبية، التي تعلي الولاء للدولة القومية، مما يهدد بطبعه مشروع الدولة الوطنية، ليفسح المجال واسعًا أمام إعادة تقسيم دول المنطقة على أسس طائفية وجهوية وقبلية، ويغذي من ذلك الشعور تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة، وتطورات الحرب الدولية على داعش التي لم تسهم حتى الآن في القضاء على ذلك التنظيم. وبالتالي فإن ما تشهده المنطقة العربية من توترات ونشاط كثيف للجماعات الإرهابية يحتم من ضرورة التقارب العربي– العربي والتغلب على الخلافات العربية- العربية، من أجل مواجهة التحديات الإقليمية والإرهابية.
التقارب الأمريكي الإيراني: الذي ظهرت مؤشراته جلية في التوصل لاتفاق نووي مع طهران، وهو ما تخشى منه دول الخليج كثيرًا، لتأثير ذلك التقارب على أمن المنطقة (منطقة الخليج)، خاصة في ظل الجهود الإيرانية الحثيثة للعب على الوتر الطائفي وإحكام سيطرتها على العراق، والتمادي في التدخل في الشئون الداخلية في سوريا ولبنان واليمن في ظل سيطرة الحوثيين على صنعاء. وهذا ما دعا الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى دعوة قادة الخليج لعقد قمة طارئة بعد توقيع الاتفاق النووي في كامب ديفيد الأمريكية، الذي تعهد فيه بحماية أمن الخليج، ولكن هذا التعهد الذي حصلت عليه دول الخليج كان تعهدًا شفهيًا، أي أنه ليس ملزمًا لواشنطن طالما لم يضمن في معاهدة أو اتفاقية بين الطرفين. ولذلك فقد أثار هذا التقارب حفيظة الدول الخليجية، نتيجة التهديد الأمني الذي تمثله طهران لها، ومن ثم حاجتها لمصر من أجل موازنة النفوذ الإيراني في المنطقة.
حاجة الرياض لإنجاح ترتيباتها في المنطقة: التي كان آخرها الإعلان عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمواجهة الإرهاب في 15 ديسمبر2015، الذي ضم عددًا من الدول كان من بينها مصر وتركيا والإمارات وتونس وقطر والمغرب والأردن والكويت وباكستان. وقد حددت مهام هذا التحالف في مواجهة الإرهاب عسكريًا وفكريًا وإعلاميًا، ومواجهة أية منظمة إرهابية. ونتيجة طبيعية لوجود دول بينها علاقات شد وجذب في هذا التحالف مثل مصر وقطر وتركيا، فإن ذلك سيلقي على عاتق الرياض بذل العديد من المحاولات الدؤوبة لتقريب وجهات النظر بين هذه الدول لإنجاح تحالفها وتقوية جبهته في مواجهة التهديدات الحالية والمحتملة للدول القومية العربية.
هناك عدد من الأسباب التي من الممكن أن تعول عليها الرياض في سبيل تحقيق التقارب المصري- القطري، وهي في ذلك تسير في اتجاه مبادرة الملك عبد اللـه بن عبد العزيز ، رحمه اللـه، بدعوة كل من القاهرة والدوحة لرأب الصدع في علاقاتهما الثنائية، وهي:
الانتشار غير المسبوق للجماعات الإرهابية في المنطقة العربية: فقد أصبح الوطن العربي يموج بالعديد من الصراعات، التي أدي تفاقمها واستمرارها لفترة طويلة إلى نمو وتزايد واسع النطاق للجماعات الإرهابية. التي أضحت تهدد الأمن والاستقرار في كل الدول العربية، وليس منا ببعيد الاعتداءات الإرهابية المتكررة على النقاط الأمنية في شمال سيناء، والتفجيرات الإرهابية المتكررة في المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين، فضلًا عن اشتعال الصراع على السلطة في سوريا واليمن وليبيا والعراق، وانتشار عدد من الجماعات الإرهابية مثل داعش والنصرة وأنصار بيت المقدس وفجر ليبيا وتنظيم القاعدة وغيرهم الكثير. هذا كله إلى جانب وجود العديد من الولاءات العشائرية أو القبليّة أو المذهبية، التي تعلي الولاء للدولة القومية، مما يهدد بطبعه مشروع الدولة الوطنية، ليفسح المجال واسعًا أمام إعادة تقسيم دول المنطقة على أسس طائفية وجهوية وقبلية، ويغذي من ذلك الشعور تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة، وتطورات الحرب الدولية على داعش التي لم تسهم حتى الآن في القضاء على ذلك التنظيم. وبالتالي فإن ما تشهده المنطقة العربية من توترات ونشاط كثيف للجماعات الإرهابية يحتم من ضرورة التقارب العربي– العربي والتغلب على الخلافات العربية- العربية، من أجل مواجهة التحديات الإقليمية والإرهابية.
التقارب الأمريكي الإيراني: الذي ظهرت مؤشراته جلية في التوصل لاتفاق نووي مع طهران، وهو ما تخشى منه دول الخليج كثيرًا، لتأثير ذلك التقارب على أمن المنطقة (منطقة الخليج)، خاصة في ظل الجهود الإيرانية الحثيثة للعب على الوتر الطائفي وإحكام سيطرتها على العراق، والتمادي في التدخل في الشئون الداخلية في سوريا ولبنان واليمن في ظل سيطرة الحوثيين على صنعاء. وهذا ما دعا الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى دعوة قادة الخليج لعقد قمة طارئة بعد توقيع الاتفاق النووي في كامب ديفيد الأمريكية، الذي تعهد فيه بحماية أمن الخليج، ولكن هذا التعهد الذي حصلت عليه دول الخليج كان تعهدًا شفهيًا، أي أنه ليس ملزمًا لواشنطن طالما لم يضمن في معاهدة أو اتفاقية بين الطرفين. ولذلك فقد أثار هذا التقارب حفيظة الدول الخليجية، نتيجة التهديد الأمني الذي تمثله طهران لها، ومن ثم حاجتها لمصر من أجل موازنة النفوذ الإيراني في المنطقة.
حاجة الرياض لإنجاح ترتيباتها في المنطقة: التي كان آخرها الإعلان عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمواجهة الإرهاب في 15 ديسمبر2015، الذي ضم عددًا من الدول كان من بينها مصر وتركيا والإمارات وتونس وقطر والمغرب والأردن والكويت وباكستان. وقد حددت مهام هذا التحالف في مواجهة الإرهاب عسكريًا وفكريًا وإعلاميًا، ومواجهة أية منظمة إرهابية. ونتيجة طبيعية لوجود دول بينها علاقات شد وجذب في هذا التحالف مثل مصر وقطر وتركيا، فإن ذلك سيلقي على عاتق الرياض بذل العديد من المحاولات الدؤوبة لتقريب وجهات النظر بين هذه الدول لإنجاح تحالفها وتقوية جبهته في مواجهة التهديدات الحالية والمحتملة للدول القومية العربية.
أن تحقق التقارب المصري- القطري، تلعب الدوحة دور الوسيط إلى جانب الرياض لتحقيق التقارب المصر التركي، خاصة في ظل التقارب غير المسبوق بين أنقرة والدوحة
ثانيًا: تحديات واضحة
على الرغم من قوة الدوافع التي تملكها الرياض لتحقيق التقارب المصري- القطري، ومما عزز ذلك من وجود ترحيب مصري بهذا التقارب من خلال اللقاء الذي جمع بين السيسي وتميم في باريس على هامش أعمال قمة المناخ، فإنه ما زالت هناك بعض التحديات والقيود على تحقيق مثل هذا التقارب، والذي يتمثل بصفة أساسية في مجموعة من الأمور.
الدور القطري في المنطقة: فالدور القطري في منطقة الشرق الأوسط تصاعد بقوة خاصة في أعقاب ثورات الربيع العربي، حيث سخرت الدوحة نفوذها المالي والسياسي والإعلامي ممثلًا في قنوات الجزيرة لدعم الجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ومن هنا فقد برزت قطر كلاعب رئيسي في مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في بناء علاقات مع الأحزاب الإسلامية الجديدة في المنطقة. ونتيجة للسعي القطري الحثيث في إعادة بلورة الترتيبات الإقليمية في المنطقة بعد الثورات، توترت علاقاتها مع جيرانها في الخليج، حيث أضحى للدوحة نفوذ واضح في الملفات الاقليمية المعقدة في المنطقة مثل الحرب على الإرهاب والأزمة السورية والليبية، بل تخطى الدور القطري دور قوى اقليمية تقليدية أخرى مثل السعودية ومصر. وفي أعقاب المصالحة الخليجية مع الدوحة، لُوحظ تراجع الدور القطري مرة أخرى لصالح المملكة العربية السعودية، والتي باتت تمسك بزمام المبادرة في عدد من الملفات الرئيسية، وهذا التطور يطرح تساؤلًا ملحًا على القاصي والداني مفاده "هل ستتغاضى قطر عن ذلك؟" أو بعبارة أخرى "هل ستقبل الدوحة أن تدخل مرة أخرى تحت عباءة الرياض على الرغم من تعاظم دورها الإقليمي في عدد من الملفات الأساسية في المنطقة؟".
العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين: فعلى الرغم من إنهاء قمة الرياض المنعقدة في نوفمبر 2014، الخلاف الخليجي القطري، وذلك بعد كشف قطر عن استعدادها للتخلي عن تأييد جماعة الإخوان المسلمين وتأييد النظام القائم في القاهرة، وبالتالي قبولها لاتفاقي الرياض لعامي 2013 و2014، الذي ينص على التزام جميع دول مجلس التعاون الخليجي بسياسة دعم مصر والإسهام في أمنها واستقرارها، ولعل ذلك ما أدى إلى عقد القمة السنوية للمجلس في الدوحة في ديسمبر 2014. فإن علاقة قطر بجماعة الإخوان المسلمين وتقديم الدعم إليها ما زالت تثير العديد من الصعوبات في سبيل تحقيق التقارب المصري- القطري، خاصة في ظل المشكلات التي خلقتها الجماعة في القاهرة، مما تعين إعلانها تنظيمًا إرهابيًا من قبل السلطات المصرية.
العلاقة مع تركيا: فقد كانت السمة المشتركة بين الدوحة وأنقرة هي الدعم الإقليمي لجماعة الإخوان المسلمين من خلال استضافة قياداتها الذين لا يبرحون مهاجمة مصر ليلًا ونهارًا، مما أدى إلي إثارة موجة من الجفاء الدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة والدوحة، فضلًا عن إعطاء الفرصة لجماعة الإخوان المسلمين، التي أصبح لها ظهير يساندها، إلى المماطلة في الاعتراف بما حدث، كما أكسبها نفسًا طويلًا في السباق السياسي للخروج بأكبر المكاسب، ومن هنا أضحت العلاقات القطرية التركية في أفضل حال في ظل الزخم المتصاعد حول مستقبل العملية السياسية في مصر، فقد فتح البلدان العديد من مجالات التعاون بينهما، عقب الزيارات المتبادلة، والتي بدأت بزيارة أردوغان لقطر في سبتمبر 2014، وزيارة تميم لأنقرة في ديسمبر 2014، حيث تم الاتفاق على إنشاء مجلس أعلى للتعاون الإستراتيجي بين البلدين. هذه العلاقات تمثل معضلة حقيقية لتغير السياسة القطرية تجاه مصر، وتطرح العديد من الإشكاليات وعلامات الاستفهام حول شكل العلاقات المصرية القطرية في ظل استمرار العلاقات القطرية التركية، خاصة مع معاداة تركيا للنظام السياسي القائم في مصر الآن، وقد يكون المخرج الأمثل هو أن يتحقق التقارب المصري- القطري، ومن ثم قيام الدوحة بلعب دور الوسيط إلى جانب الرياض لتحقيق التقارب المصر التركي، خاصة في ظل التقارب غير المسبوق بين أنقرة والدوحة.
العلاقة مع حركة حماس: حيث تعتبر قطر من أبرز الداعمين الإقليمين لحركة حماس، وهو ما عرض الدوحة لاتهامات بدعم الإرهاب؛ ويمكننا القول في هذا الإطار إن العلاقات القطرية مع حركة حماس قديمة، فقد دعمت الدوحة بقوة فوز حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وكانت من أوائل الدول التي فتحت ذراعها لحماس بعد سيطرتها على قطاع غزة في 2007، وفي أكتوبر 2012 زار الأمير حمد غزة على الرغم من معارضة الرئيس الفلسطيني لأي تعامل مباشر مع حماس، لأنه من وجهة نظره يعطي حماس الشرعية، وتبرع الأمير حينها بأكثر من 450 مليون دولار لبناء مدينة حمد وأحياء سكنية أخرى للأسرى المحررين، وكذلك دعم الكثير من مشاريع الإعمار وترميم البنى التحتية. وفي أعقاب الحر ب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، حاولت قطر تحييد الدور المصري والتقدم بميادرة مشتركة مع تركيا لتسوية الأزمة، إلا أن القاهرة رفضت أي تسوية خارجية لها، وقدمت مبادرة وقف إطلاق النار، كما رعت المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينين والإسرائيليين في القاهرة. ولكن على الجانب الآخر تثير علاقة قطر بحماس حفيظة الدولة المصرية، وذلك نتيجة طبيعية لتدهور علاقات مصر بالحركة بعد ثورة 30 يونيو، واتهامها بالاشتراك في عمليات العنف التي شهدتها مصر منذ ذلك التاريخ، مما دفع الحكومة المصرية إلى إعلان حركة حماس تنظيمًا إرهابيًا، وقيام السلطات المصرية بعملية هدم واسعة للأنفاق مع القطاع.
على الرغم من قوة الدوافع التي تملكها الرياض لتحقيق التقارب المصري- القطري، ومما عزز ذلك من وجود ترحيب مصري بهذا التقارب من خلال اللقاء الذي جمع بين السيسي وتميم في باريس على هامش أعمال قمة المناخ، فإنه ما زالت هناك بعض التحديات والقيود على تحقيق مثل هذا التقارب، والذي يتمثل بصفة أساسية في مجموعة من الأمور.
الدور القطري في المنطقة: فالدور القطري في منطقة الشرق الأوسط تصاعد بقوة خاصة في أعقاب ثورات الربيع العربي، حيث سخرت الدوحة نفوذها المالي والسياسي والإعلامي ممثلًا في قنوات الجزيرة لدعم الجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ومن هنا فقد برزت قطر كلاعب رئيسي في مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في بناء علاقات مع الأحزاب الإسلامية الجديدة في المنطقة. ونتيجة للسعي القطري الحثيث في إعادة بلورة الترتيبات الإقليمية في المنطقة بعد الثورات، توترت علاقاتها مع جيرانها في الخليج، حيث أضحى للدوحة نفوذ واضح في الملفات الاقليمية المعقدة في المنطقة مثل الحرب على الإرهاب والأزمة السورية والليبية، بل تخطى الدور القطري دور قوى اقليمية تقليدية أخرى مثل السعودية ومصر. وفي أعقاب المصالحة الخليجية مع الدوحة، لُوحظ تراجع الدور القطري مرة أخرى لصالح المملكة العربية السعودية، والتي باتت تمسك بزمام المبادرة في عدد من الملفات الرئيسية، وهذا التطور يطرح تساؤلًا ملحًا على القاصي والداني مفاده "هل ستتغاضى قطر عن ذلك؟" أو بعبارة أخرى "هل ستقبل الدوحة أن تدخل مرة أخرى تحت عباءة الرياض على الرغم من تعاظم دورها الإقليمي في عدد من الملفات الأساسية في المنطقة؟".
العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين: فعلى الرغم من إنهاء قمة الرياض المنعقدة في نوفمبر 2014، الخلاف الخليجي القطري، وذلك بعد كشف قطر عن استعدادها للتخلي عن تأييد جماعة الإخوان المسلمين وتأييد النظام القائم في القاهرة، وبالتالي قبولها لاتفاقي الرياض لعامي 2013 و2014، الذي ينص على التزام جميع دول مجلس التعاون الخليجي بسياسة دعم مصر والإسهام في أمنها واستقرارها، ولعل ذلك ما أدى إلى عقد القمة السنوية للمجلس في الدوحة في ديسمبر 2014. فإن علاقة قطر بجماعة الإخوان المسلمين وتقديم الدعم إليها ما زالت تثير العديد من الصعوبات في سبيل تحقيق التقارب المصري- القطري، خاصة في ظل المشكلات التي خلقتها الجماعة في القاهرة، مما تعين إعلانها تنظيمًا إرهابيًا من قبل السلطات المصرية.
العلاقة مع تركيا: فقد كانت السمة المشتركة بين الدوحة وأنقرة هي الدعم الإقليمي لجماعة الإخوان المسلمين من خلال استضافة قياداتها الذين لا يبرحون مهاجمة مصر ليلًا ونهارًا، مما أدى إلي إثارة موجة من الجفاء الدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة والدوحة، فضلًا عن إعطاء الفرصة لجماعة الإخوان المسلمين، التي أصبح لها ظهير يساندها، إلى المماطلة في الاعتراف بما حدث، كما أكسبها نفسًا طويلًا في السباق السياسي للخروج بأكبر المكاسب، ومن هنا أضحت العلاقات القطرية التركية في أفضل حال في ظل الزخم المتصاعد حول مستقبل العملية السياسية في مصر، فقد فتح البلدان العديد من مجالات التعاون بينهما، عقب الزيارات المتبادلة، والتي بدأت بزيارة أردوغان لقطر في سبتمبر 2014، وزيارة تميم لأنقرة في ديسمبر 2014، حيث تم الاتفاق على إنشاء مجلس أعلى للتعاون الإستراتيجي بين البلدين. هذه العلاقات تمثل معضلة حقيقية لتغير السياسة القطرية تجاه مصر، وتطرح العديد من الإشكاليات وعلامات الاستفهام حول شكل العلاقات المصرية القطرية في ظل استمرار العلاقات القطرية التركية، خاصة مع معاداة تركيا للنظام السياسي القائم في مصر الآن، وقد يكون المخرج الأمثل هو أن يتحقق التقارب المصري- القطري، ومن ثم قيام الدوحة بلعب دور الوسيط إلى جانب الرياض لتحقيق التقارب المصر التركي، خاصة في ظل التقارب غير المسبوق بين أنقرة والدوحة.
العلاقة مع حركة حماس: حيث تعتبر قطر من أبرز الداعمين الإقليمين لحركة حماس، وهو ما عرض الدوحة لاتهامات بدعم الإرهاب؛ ويمكننا القول في هذا الإطار إن العلاقات القطرية مع حركة حماس قديمة، فقد دعمت الدوحة بقوة فوز حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وكانت من أوائل الدول التي فتحت ذراعها لحماس بعد سيطرتها على قطاع غزة في 2007، وفي أكتوبر 2012 زار الأمير حمد غزة على الرغم من معارضة الرئيس الفلسطيني لأي تعامل مباشر مع حماس، لأنه من وجهة نظره يعطي حماس الشرعية، وتبرع الأمير حينها بأكثر من 450 مليون دولار لبناء مدينة حمد وأحياء سكنية أخرى للأسرى المحررين، وكذلك دعم الكثير من مشاريع الإعمار وترميم البنى التحتية. وفي أعقاب الحر ب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، حاولت قطر تحييد الدور المصري والتقدم بميادرة مشتركة مع تركيا لتسوية الأزمة، إلا أن القاهرة رفضت أي تسوية خارجية لها، وقدمت مبادرة وقف إطلاق النار، كما رعت المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينين والإسرائيليين في القاهرة. ولكن على الجانب الآخر تثير علاقة قطر بحماس حفيظة الدولة المصرية، وذلك نتيجة طبيعية لتدهور علاقات مصر بالحركة بعد ثورة 30 يونيو، واتهامها بالاشتراك في عمليات العنف التي شهدتها مصر منذ ذلك التاريخ، مما دفع الحكومة المصرية إلى إعلان حركة حماس تنظيمًا إرهابيًا، وقيام السلطات المصرية بعملية هدم واسعة للأنفاق مع القطاع.
برزت قطر كلاعب رئيسي في مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في بناء علاقات مع الأحزاب الإسلامية الجديدة في المنطقة
ثالثا- تطورات محتملة
إذن هناك دوافع حقيقية لتحقيق مثل هذا التقارب، في المقابل هناك معوقات واضحة وجدية قد تقف حائلًا أمام نجاح الرعاية السعودية للتقارب المصري- القطري، وهذا بالطبع يقودنا إلى طرح ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الوساطة السعودية.
نجاح الرعاية السعودية في تحقيق التقارب المصري- القطري: وهذا بالضرورة يرتبط بحدوث تغيير جذري في السياسة الخارجية القطرية في الشرق الأوسط من خلال التخلي عن دعم حركات الإسلام السياسي في المنطقة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين. واتخاذ خطورات حقيقة لإعلان حسن نيّاته فيما يتعلق بالتقارب مع القاهرة مثل الكف عن توجيه منابرها الإعلامية لمواجهة النظام السياسي المصري، وتبادل الزيارات الرسمية بين الجانبين المصري والقطري. كما أن هذا يرتبط بالضرورة على فتح آفاق التقارب بين مصر وتركيا بوساطة قطرية.
التغيير المرحلي، إي نجاح الرعاية السعودية لفترة مؤقتة: وذلك بتجاوب الدوحة مع بعض المطالب المطروحة عليها من قبل دول الخليج فيما يتعلق بالتقارب مع مصر، ثم ما تلبث ثانية أن تعود إلى سياستها القديمة بدعم الجماعات الإسلامية، وتصوير ما حدث في مصر على أنه انقلاب عسكري. ولعل هذا ما مارسته الدوحة عقب المبادرة الخليجية، عندما قامت بإغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، ولكنها ما لبثت أن عادت إلى نهجها القديم بدعم جماعة الإخوان المسلمين إعلاميًا من خلال قنوات الجزيرة الأخرى.
ثالثًا: تعثر الرعاية السعودية: نتيجة لثبات السياسة القطرية على ما هي عليه من دعم جماعة الإخوان المسلمين، وترك أداتها الإعلامية تهاجم النظام السياسي القائم في مصر. والعمل على تضييق الخناق على الدولة المصرية من خلال دعم علاقاتها مع تركيا، واستغلال الأوضاع الداخلية المصرية. وبالتالي حدوث تباعد في وجهات النظر المصرية- القطرية، مما قد يؤثر بشدة على العمل العربي المشترك، وعلى الترتيبات العربية مثل إنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة الإرهاب.
إذن هناك دوافع حقيقية لتحقيق مثل هذا التقارب، في المقابل هناك معوقات واضحة وجدية قد تقف حائلًا أمام نجاح الرعاية السعودية للتقارب المصري- القطري، وهذا بالطبع يقودنا إلى طرح ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الوساطة السعودية.
نجاح الرعاية السعودية في تحقيق التقارب المصري- القطري: وهذا بالضرورة يرتبط بحدوث تغيير جذري في السياسة الخارجية القطرية في الشرق الأوسط من خلال التخلي عن دعم حركات الإسلام السياسي في المنطقة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين. واتخاذ خطورات حقيقة لإعلان حسن نيّاته فيما يتعلق بالتقارب مع القاهرة مثل الكف عن توجيه منابرها الإعلامية لمواجهة النظام السياسي المصري، وتبادل الزيارات الرسمية بين الجانبين المصري والقطري. كما أن هذا يرتبط بالضرورة على فتح آفاق التقارب بين مصر وتركيا بوساطة قطرية.
التغيير المرحلي، إي نجاح الرعاية السعودية لفترة مؤقتة: وذلك بتجاوب الدوحة مع بعض المطالب المطروحة عليها من قبل دول الخليج فيما يتعلق بالتقارب مع مصر، ثم ما تلبث ثانية أن تعود إلى سياستها القديمة بدعم الجماعات الإسلامية، وتصوير ما حدث في مصر على أنه انقلاب عسكري. ولعل هذا ما مارسته الدوحة عقب المبادرة الخليجية، عندما قامت بإغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، ولكنها ما لبثت أن عادت إلى نهجها القديم بدعم جماعة الإخوان المسلمين إعلاميًا من خلال قنوات الجزيرة الأخرى.
ثالثًا: تعثر الرعاية السعودية: نتيجة لثبات السياسة القطرية على ما هي عليه من دعم جماعة الإخوان المسلمين، وترك أداتها الإعلامية تهاجم النظام السياسي القائم في مصر. والعمل على تضييق الخناق على الدولة المصرية من خلال دعم علاقاتها مع تركيا، واستغلال الأوضاع الداخلية المصرية. وبالتالي حدوث تباعد في وجهات النظر المصرية- القطرية، مما قد يؤثر بشدة على العمل العربي المشترك، وعلى الترتيبات العربية مثل إنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة الإرهاب.