تساقط الرهانات: بنيامين نتنياهو.. ماذا بعد مسلسل الفشل
ماذا سيفعل بنيامين نتنياهو بعد أن تتساقط رهاناته الواحدة تلو الأخرى ويجد نفسه وجهًا لوجه أمام الحقيقة التي ليس لها أي اسم آخر غير الفشل على العكس من كل ما يسعى إلى ترويجه سواء في صراعاته الداخلية التي وصلت إلى مستوى أركان حكومته، أو في صراعاته الإقليمية التي ليست لها حدود، والأهم والجديد هو صراعه مع القوة الدولية التي تعد بمثابة الحليف الإستراتيجي الأوحد للكيان الصهيوني.
فيومًا بعد يوم تتساقط رهانات الكسب والانتصار عند بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني وسوف يجد نفسه حتمًا في مواجهة خاسرة وسوف يضطر للدفع بالأثمان التي كان يحرص على تجنبها. فرهانه على إسقاط الاتفاق النووي الإيراني داخل الكونجرس الأمريكي بخوض معركة "كسر عظام" مع الرئيس باراك أوباما وإدارته آخذ في التساقط، ومؤشرات كسب أوباما المواجهة مع نتنياهو باتت مؤكدة. كما أن رهانه الخفي بالاستفادة من النجاح الأمريكي المأمول لاحتواء إيران وإخضاعها وتطويع قرارها الوطني بما لا يتعارض مع المصالح الأمريكية، لا يجد أرضية تؤكده في ذلك التصعيد القوي الوارد على لسان المرشد الأعلى للجمهورية السيد علي خامنئي ضد "الشيطان الأكبر" وضد "الشيطان الأصغر" معًا. وأخيرًا يواجه نتنياهو تحديات كبيرة في إيجاد حلول لأزمة تطوير حقل "لفيتان" للغاز ما يعني إسقاط رهاناته في أن تتحول "إسرائيل" إلى قوة إستراتيجية إقليمية قادرة على تصدير الطاقة لدول الجوار بالنسبة لها "مصر والأردن وتركيا" هناك أزمة قانونية حول شركة "نوبل إنرجي" تمنع هذه الشركة من تطوير هذا الحقل ما يعني تداعي "رهان الرخاء" الذي يحلم به نتنياهو.
أولا- الفشل فى إدارة الملف النووى الإيراني
فقد أفلح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تشكيل "كتلة مانعة" في الكونجرس تسمح له بإقرار الاتفاق النووي مع إيران من دون الحاجة إلى استخدام للفيتو في مواجهة الغالبية الجمهورية حيث استطاع أن يحصل (8/9/2015) على دعم 41 من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ للاتفاق النووي مع إيران، وهو عدد كبير يمكن أن يجنِّب الرئيس الأمريكي استخدام حق الاعتراض (الفيتو) لتعطيل مشروع أي قرار يرفض الاتفاق. فقد أعلن ثلاثة أعضاء في المجلس بعد عودتهم من العطلة الصيفية، دعمهم للاتفاق الذي أبرمته القوى الكبرى مع إيران في 14 يوليو/ تموز 2015 في فيينا، ما يرفع عدد أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين للاتفاق إلى 41 من أصل مائة سيناتور. وتقضي قواعد مجلس الشيوخ بالحصول على تأييد 60 من أصل مائة سيناتور للتصويت على رفض المذكرات الإجرائية وعمليات التصويت، وإذا قرر 41 سيناتور ذلك، فسيكون في مقدورهم منع إجراء تصويت على رفض القرار.
وبحسب صحيفة "ها آرتس" فإن أوباما حقق "الكتلة المانعة" (41 عضوًا) بعد ما أيد السيناتور ريتشارد بلومنتال ورون أيدن وغازي بيترز الاتفاق النووي. وقال الثلاثة في بيانات منفصلة إنه برغم عدم كمال الاتفاق، فإنه لا يزال الخيار الأفضل المتوفر. وهناك اعتقاد أن أوباما قد ينجح في زيادة الكتلة المانعة لتصل إلى 42 عندما تعلن السيناتورة عن ولاية واشنطن، ماريا كونتفيل عن تأييدها الاتفاق.
وتأمل الإدارة الأميركية في أن يعلن جميع أعضاء مجلس الشيوخ الـ 41 هؤلاء عن تأييدهم لإجراء «فيليبوسترز» الذي يمنع عرض أي مشروع قانون مهم إذا لم يحظ بأغلبية تزيد عن 60 سيناتورًا. وهذه الغالبية مستحيل توفيرها إذا وقف ضدها 41 سيناتورًا.
ومع ذلك، ليس بالضرورة أن السيناتورات المؤيدين للاتفاق هم أنفسهم سيميلون للإعلان عن إجراء «فيلبوسترز» من دون أن تبذل الإدارة الأمريكية جهودًا إضافية لإقناعهم بالعمل وفق ذلك، إذ قد يرى البعض أن المسألة مهمة، وأنه من واجب الكونجرس مناقشة الموضوع والتصويت عليه.
وفي كل حال يُنظر لنجاح أوباما في تجنيد 41 سيناتورًا إلى جانب الاتفاق النووي وكأنه ضربة شديدة لمساعي الجمهوريين واللوبي الصهيوني والحكومة الإسرائيلية لإحباط الاتفاق. وتبين أن كل الجهود السابقة والضغوط الهائلة لم تفلح سوى في تجنيد نحو 10 في المائة فقط من أصوات أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين لمعارضة الاتفاق.
وكانت الضربة الأكبر لإسرائيل في هذه المساعي أنها لم تنجح سوى في حشد اثنين فقط من بين أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين اليهود العشرة ضد الاتفاق مع إيران.
هذا يعني أن المتحمسين في الكونجرس للمعركة التي يخوضها نتنياهو ضد الرئيس أوباما والاتفاق لن يكون في مقدورهم كسب مجرد القرار الإجرائي، أي عرض مشروع قرار الرفض للتصويت، ناهيك عن أي صدور قرار برفض الاتفاق إذا نجح هؤلاء في استمالة أعضاء ديمقراطيين لخيار عرض مشروع القرار للمناقشة، لن يقود إلى رفض القرار فعليًا، لأن صدور قرار من مجلس الشيوخ برفض القرار يستلزم موافقة ثلثي المائة عوض أي موافقة 66 سيناتور، وحتى إذا حدث ذلك فإن للرئيس حق الاعتراض على مثل هذا القرار، ما يؤكد أن معركة نتنياهو معركة خاسرة منذ بدايتها، وهذا ما أكده زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد بقوله إن "الاتفاق النووي سيتم تمريره خلال التصويت عليه داخل الكونجرس"، كما وصف عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيفادا في ندوة بمعهد "كارينغي للسلام الدولي" في واشنطن الاتفاق بأنه "الطريق الأمثل للسلام بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل.. أؤكد لشركائنا في العالم أن الاتفاق سيمر"، وأكد أن الولايات المتحدة "ستستغل هذه الفرصة السانحة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي وتطويره".
ثانيا- مواقف إسرائيلية متناقضة
من هنا جاءت مخاوف الكثير من "الإسرائيليين" على العلاقة الفريدة مع الولايات المتحدة خشية أن تتوقف الولايات المتحدة، أو على الأقل تتراخى، في تقديم الدعم لـ "الأمان الإسرائيلي" على نحو ما كتب "عومر بارليف" في صحيفة "ها آرتس" (9/9/2015) مشيرًا إلى أن "الموضوع الفلسطيني قد يصل بشكل أحادي الجانب إلى مجلس الأمن بواسطة الفرنسيين، ومن سنحتاج إلى جانبنا إن لم تكن الولايات المتحدة؟! لهذا لا يجب أن ندفن رأسنا في الرمل ونعمل ضد الشريكة الإستراتيجية الكبيرة، التي قد تكون الوحيدة لنا"، ولذلك بادر هذا الرجل بتلبية دعوة أمريكية لزيارة واشنطن للدفاع عن علاقة "إسرائيل" مع الولايات المتحدة، وحرص قبل سفره على أن يؤكد على أنه "يجب استغلال الفرصة والتحدث مع الجالية اليهودية. يمكن التحدث بأسف لأن الجالية اليهودية في أزمة غير مسبوقة، وهذا بفضل نتنياهو. فهو يعتبر نفسه زعيم الأمة اليهودية ولا يتردد في فعل أشياء تدميرية أمام أمريكا الكبيرة بما في ذلك إلحاق الضرر باليهود. الآن، بالذات، يجب القول لليهود الأعزاء أنه توجد سبل أخرى، وأن نتنياهو وثلته ليسوا قدرًا نهائيًا.. يجب إيجاد الطريق لالتئام الجراح".
وكان نجاح أوباما وفشل نتنياهو قد أثارا انتقادات واسعة ضد الأخير في إسرائيل. وقالت نائبة زعيم «المعسكر الصهيوني»، تسيبي ليفني إن على نتنياهو «بدل أن يسوِّق في الفيسبوك فشلًا أمنيًا مثيرًا على أنه نجاح، ينبغي له العمل حاليًا لتقليص الضرر الناجم وإصلاح التحالف مع الولايات المتحدة والتحشيد إقليميًا لمواجهة الخطر الجديد الذي نشأ في ولايته».
كما أن زعيم «هناك مستقبل» يائير لبيد قال إن واقع نيل الاتفاق النووي تأييدًا كهذا من جانب الديمقراطيين في الكونجرس يوفر قرينة على فشل نتنياهو. وأضاف أن «كل نظريات نتنياهو تحطمت. ويبدو أن نتنياهو بكل بساطة أخطأ على طول الطريق». وأشار إلى أن نتنياهو أدار معركته ضد البيت الأبيض «باستهتار وعدم مسؤولية».
وقد رد حزب «الليكود» على لبيد قائلين إنه بكلامه هذا «يمس بمساعي إسرائيل الإعلامية»، وهي «عدا عن قلة الفهم فيها تشهد على انعدام المسئولية».
وكانت صحف إسرائيلية نشرت استطلاعًا للرأي أظهر أن 64 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أنه لم تكن هناك فرصة أمام نتنياهو لإفشال مساعي الرئيس أوباما لتمرير الاتفاق النووي.
ولكن أنصار نتنياهو لا يزالون يتحدثون عن غالبية في الكونجرس، وفي الرأي العام الأمريكي، ضد الاتفاق النووي. وقال بعضهم إن «الفكرة التي تبلورت في الذهن الأمريكي هي أن إسرائيل هي الحليفة وإيران هي العدو الذي ينشر الإرهاب. بل إن مؤيدي الاتفاق في أمريكا يقولون بوجوب تعزيز العلاقات والحلف مع إسرائيل».
هناك من يقولون أكثر في معركتهم لضحد معركة الترويع التي خاضها نتنياهو طيلة السنوات الماضية مع "الإسرائيليين" والأمريكيين معًا، وربما العالم كله حول المخاطر الهائلة التي يمكن أن تترتب على امتلاك إيران القنبلة. من هؤلاء الكاتب والمفكر "يارون لندن" الذي نشر مقالًا في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يروج فيه لمقولة أن "التوازن النووي في الشرق الأوسط سيحدث الهدوء والاستقرار في المنطقة"، بمعنى أن امتلاك إيران القنبلة الذرية، إن حدث، قد يكون في صالح تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. وهو هنا يرى أن "العالم المهدد بالتدمير المتبادل أقل عنفًا وغنى بشكل كبير عنه في حال اختلال التوازن، فالخوف يجعل العالم مستقرًا، والعولمة تحوله إلى متشابه"، ويخلص إلى استنتاج مفاده أن "التوازن النووي في الشرق الأوسط سيهدئ النفوس وقد يتسبب في صنع السلام".
ثالثا- الموقف الإيراني
ينهزم نتيناهو في رهان إسقاط الاتفاق النووي مع إيران، لكنه إن أراد أن يراهن على نجاح أمريكي في تطويع السلوك السياسي الإيراني نحو "إسرائيل" ووضع نهاية لما يسميه هو بـ "التهديد الوجودي" الإيراني فلن يكون هذا الرهان في متناول يديه لسبب رئيسي هو أن إيران تريد أن تحصل على كل شيء ولا تخسر شيئًا، تريد أن تؤكد للشعب الإيراني أن الثورة الإيرانية والنظام الحاكم هما من يكسبا دائمًا الرهانات ودون تنازلات. قد يكون الترويج لمثل هذا النوع من الفكر الدعائي الإيراني مبالغة دعائية أيضًا، لكنه يصل حتمًا إلى مناهضي سياسة نتنياهو داخل الكيان الصهيوني ويؤكد عزمه على المضي في مسيرة الفشل.
فقد اعتبر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي أن "إسرائيل إلى زوال خلال 25 عامًا"، وأن "الإسرائيليين لن يُترَكوا وشأنهم حتى ذلك الزمن" مؤكدًا في ذات الوقت أن "إيران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بخصوص أي قضية بعد الاتفاق النووي".
خامنئي قال خلال استقباله وفودًا شعبية يوم الأربعاء (9/9/2015) إن "القادة الصهاينة قالوا بعد المفاوضات النووية إنهم تخلصوا من هاجس إيران حتى 25 سنة مقبلة (بفضل الاتفاق النووي)، لكنني أقول لهم بأنهم لن يروا الـ 25 سنة المقبلة، وإن شاء اللـه، لن يكون هناك شيء اسمه الكيان الصهيوني خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة"، مؤكدًا أنه "خلال هذه الفترة لن يرتاح الصهاينة بفضل الروح الإسلامية الجهادية والملحمية" وفي تعليقه على العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الاتفاق النووي حسم هذا الأمر بقوله "إننا سمحنا بالمفاوضات في المجال النووي لأسباب معينة، لكننا لم ولن نسمح بأي محادثات أخرى مع الولايات المتحدة في المجالات الأخرى". مبررًا ذلك بأن "أمريكا لا تخفي عداءها لإيران، وهي تسعى لخوض المفاوضات للاستفادة منها كوسيلة للتغلغل وفرض إرادتها" مؤكدًا أن "العداء الأمريكي للشعب الإيراني لن ينتهي". هذه الأقوال الصريحة لم تمر بسهولة على الإسرائيليين الذين حاولوا الإجابة على سؤال محوري لكشف خلفياتها هو: هل يعني الإيرانيون ما يقولون؟ بمعنى هل هذه الأقوال دعاية للاستهلاك الداخلي واكتساب المكانة في الخارج (الإقليمي) أم أنها تعبير عن سياسة وموقف مؤكد ومحدد؟ لكن ردود "الإسرائيليين" جاءت هي الأخرى ردودًا دعائية على نحو ما كتب "بوعز سيموت" في صحيفة "إسرائيل اليوم" الموالية لنتنياهو قائلًا "نحن نعتزم أن نأكل التفاح بالعسل في دولتنا في سنة "تشعو" (2015) وكذا في سنة "تثا" (2040)، أي بعد مضي الـ 25 سنة التي تحدث عنها خامنئي.
رد يكشف عمق الصدمة لدى المقربين من نتنياهو الذين صدموا بالعجز عن إيجاد حلول عملية وخلاقة في مقدورها إطلاق مشروع تطوير حقل "لفيتان" للغاز أكبر الحقول الإسرائيلية المكتشفة في البحر المتوسط لسببين؛ أولهما، إصرار وزير الاقتصاد أرييه درعي على عدم الالتفاف، كما يريد نتنياهو ورجاله داخل الحكومة والكنيست، على قرار المسئول عن منع الاحتكارات في "إسرائيل" برفض الصيغة التي وافقت عليها الحكومة ثم وافق عليها الكنيست (8/9/2015) بأغلبية 59 ضد 51 صوتًا. فقرار الكنيست لن يغير من الواقع شيئًا ولم يعد أمام نتنياهو إلا إقالة المسئول عن منع الاحتكار وتعيين مسئول جديد بدلًا منه. أما السباب الثاني فهو تراجع القدرة التنافسية لحقل "لفيتان" "الإسرائيلي" أمام حقل الغاز المصري الجديد الذي أغلق نهائيًا فرص بيع الغاز "الإسرائيلي" لمصر وسيمنع حتمًا شركة "نوبل إنرجي" الشريكة في استثمار هذا الحقل من التورط في إنفاق المليارات لتطوير هذا الحقل لإنتاج الغاز منه وبأسعار تجارية منافسة بعد أن أغلقت تقريبًا منافذ لبيعه لمصر وربما الأردن وتركيا.
مهما تكن الحال فإن المسألة الأساس المثارة حاليا تتعلق بمخاطر عدم القدرة على تطوير حقل «لفيتان». وكتب معلقون اقتصاديون إسرائيليون أن السر الشائع في الأوساط العارفة بخفايا قضية الغاز هو أن فرص تطوير حقل «لفيتان» ليست كبيرة، وأن الوضع تغير بشكل جوهري في أعقاب اكتشاف الغاز المصري. ويقول هؤلاء إن حقل «تمار» تم تطويره جزئيًا وهو يلبي جانبًا كبيرًا من احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي، وسيظل في هذا السياق يلبي هذه الحاجة لـ 15-20 سنة مقبلة. أما حقل «لفيتان» فليست هناك حاجة محلية لتطويره خصوصا أن تكلفة التطوير تقدر بـ 6 مليارات دولار، وانه فقط يمكن تطوير هذا الحقل، إذا أبرمت عقود لتصديره وكانت هذه عقودا للمدى البعيد. ومن دون ذلك يصعب تجنيد القروض المطلوبة لتطويره إلا ضمن مقامرة كبيرة وكثيرة المخاطر.
ومنذ أكثر من عامين، كان المستقبل ورديا لحقل «لفيتان» في ضوء فشل سياسة الغاز المصرية وانعدام الاستقرار السياسي وارتفاع أسعار النفط والغاز عالميا. ولكن الظروف تغيرت. فقد تم اكتشاف مخزونات غاز كبيرة في حقول في كل من قبرص ولبنان. وغيرت مصر سياسة الطاقة التي تنتهجها وأغرت شركات تنقيب كبيرة للعودة للعمل هناك وصار الاحتياطي المكتشف في مصر أكثر من ضعفه في إسرائيل. كذلك أغرت قبرص الشركات بتطوير حقل «أفروديت». وهناك توقعات بأن الخلافات الداخلية التي أعاقت حتى الآن تطوير حقول الغاز اللبنانية في طريقها للحل.
ويشير الخبراء إلى أنه بافتراض أن مصر ستلبي خلال سنوات قليلة كل احتياجاتها من الغاز فإنها لن توقع مع إسرائيل على عقود بعيدة المدى حتى إذا تم تسريع تطوير حقل «لفيتان» ووصل إنتاجه للسوق قبل الغاز المصري. أما عن تصدير الغاز الإسرائيلي لتركيا فإن الأمر مرهون بالاتفاقيات التي تحاول تركيا إبرامها لاستيراد الغاز من روسيا. وهكذا فإن الاهتمام بالغاز الإسرائيلي يقع في دائرة تنويع المصادر.
ولأسباب مختلفة فإن السبيل الوحيدة أمام إسرائيل هو تسييل الغاز ما يستدعي استثمارات كبيرة أو تصدير الغاز لتسييله في مصر بهدف إعادة تصديره. ولكن العلاقات الاقتصادية المصرية - الإسرائيلية تعتبر هشة لأسباب سياسية. وفي كل حال فإن اكتشاف حقول جديدة للغاز في مصر أو لبنان كفيل بالقضاء على فرص تطوير «لفيتان» خصوصا في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة والتكاليف الباهظة لتطوير حقل في المياه العميقة.
معنى هذا هو تبديد حلم الرخاء، وسقوط ما حرص نتنياهو على أن يروجه من أقوال عقب تصويت الكنيست على صفقة الغاز وقوله "عندما أريد شيئًا فإنني أحصل عليه" في حين أن الحقيقة تقول أن كل ما يريده حتمًا سوف يخسره فتلك هي دائمًا محصلة رهاناته الخاطئة.