قضايا شائكة: اتجاهات خطاب الصحافة العربية نحو قضية تجديد الخطاب الدينى
الأربعاء 29/يوليو/2015 - 11:52 ص
أ.د. شريف درويش اللبان
أضحت الدعوة إلى تجديد الخطاب الدينى في مقدمة الأولويات المجتمعية وذلك مع ظهور موجات جديدة من الإرهاب واستشعار خطره على المجتمعات العربية والإسلامية. ولاشك أن تزايد الاهتمام بهذه القضية في ظل ظهور متغيرات جديدة على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، وبروز قضية الإرهاب على رأس التحديات التي تواجه المجتمعات العربية والغربية على حد سواء، واتخاذ تلك الجماعات الإرهابية من الدين ستارا لأفعالها المتطرفة، لا شك زاد من أهمية القضية وجعلها في مقدمة أولويات النخب السياسية والثقافية.
في هذا الإطار جاءت الدراسة المميزة للباحثة آمال كمال طه الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة حلوان عن تجديد الخطاب الديني في خطاب الصحافة العربية بالتطبيق على صحيفتيْ "الأهرام" المصرية و"الحياة" اللندنية خلال عاميْ 2013 و 2014، والتي ذكرت في مقدمة دراستها أن الأحداث والقضايا المعاصرة والمتسارعة في عالمنا العربي، وكذلك التغيرات والتحولات العالمية حاجة ملحة لتجديد الخطاب الديني ليتواكب مع متغيرات الزمان والمكان، حيث تعد قضية تجديد الخطاب الديني - الإسلامي – في مصر والدول العربية من أبرز قضايا التغير الاجتماعي والسياسي، التي برز الاهتمام بها لاسيما في ضوء العلاقة بين الدين والثقافة والسياسة والإعلام خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد 25 يناير 2011. وقد ازداد بروز هذه القضية بعد سقوط حكم الإخوان في مصر، وبروز العديد من التحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها مصر والدول العربية بوجه عام في الآونة الأخيرة، وظهور العديد من الجماعات المتطرفة التي تشكل خطرا محدقا بالمجتمعات العربية. وفي ظل تجدد الاهتمام بالعلاقة بين الدين والمجتمع والشئون السياسية ووسائل الإعلام تبرز ضرورة الاهتمام بقضية تجديد الخطاب الديني، إذ إن القضية ليست دينية فحسب وإنما تنطوي على أبعاد سياسية وإعلامية وثقافية كذلك.
وتشير الدلائل إلى أن هناك العديد من الإشكاليات التي تتطلب تجديد الخطاب الديني منها أن أسلوب الخطاب الديني الحالي قد يتسم بكونه خطابا إنشائيا تقليديا جامدا يركز على جانب على حساب جوانب أخرى. كما أن الخطاب الحالي قد يسفر مضمونه عن تأجيج الخلافات والصدامات مع أتباع الديانات الأخرى أو بين الطوائف والتيارات المختلفة، هذا فضلا عن عدم إحاطة الدعاة بأساليب التكنولوجيا الحديثة وعدم اطلاعهم على العديد من المستجدات في المجتمع في الآونة الأخيرة، كما تتزايد الحاجة لربط مبادئ العقيدة الدينية بواقع الحياة المعاصرة وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، هذا فضلا عن بروز إشكالية التداخل بين الشأنين السياسى والديني، وتصاعد الجدل حول العلاقة بين الدين والسياسة.
ويقصد بالخطاب الديني ذلك الخطاب الذي يعتمد على مرجعية دينية إسلامية في مخاطبته وأحكامه وبياناته، ويعني ما يطرحه العلماء والدعاة والمنتمون إلى المؤسسات الإسلامية في بيان الإسلام والشريعة، سواء كان ذلك من خلال الخطب والمحاضرات أو الكتب وغير ذلك.
ويعنى مفهوم الخطاب الديني الأقوال والنصوص المكتوبة التي تصدر عن المؤسسات الدينية أو عن رجال الدين أو التي تصدر عن موقف أيديولوجي ذي صبغة دينية أو عقائدية، والذي يعبر عن وجهة نظر محددة إزاء قضايا دينية أو دنيوية أو الذي يدافع عن عقيدة معينة ويعمل على نشر هذه العقيدة .
ثمة إشكالية تتعلق بقضية تجديد الخطاب الديني تتمثل في ضرورة التمييز بين الخطاب الدينى والنصوص المقدسة الثابتة، حيث إن ذلك الخطاب يعتمد على النصوص المقدسة ولكنه يظل في حدود العمل العقلي البشري والاجتهادي الذي يرتبط بإمكانات وقدرات منتجيه. ويرى البعض أن مفهوم تجديد الخطاب الديني يتنازعه طرفان: الأول: فئة تتحدث عن تجديد الخطاب الديني، وهي تصدر عن منطلقات غير دينية، الثاني: بعض القوى الإسلامية الخائفة التي اشتد بها الخوف خشية المساس بالثوابت الدينية.
ومن أبرز المقومات الأساسية للخطاب الديني، أن يكون مواكبًا للأحداث ومراعيًا لأحوال الناس، وأن يكون قائمًا على الاعتدال والتوسط وأن يراعي أحوال المخاطبين، وأن يخاطب المتلقين بخطاب يتناسب مع ثقافتهم وعلمهم. وأنه ينبغي أن يراعي خطابنا الديني اليوم فقه الواقع ومعرفة الأمور ومآلاتها، وأن يركز جل جهده على القضايا التي تتصل بواقع الناس، ولا ينبغي أن يجافي الواقع باعتماده خطابا دعويا مجردا دون الربط بواقع المجتمع ودون التعرض لمشكلاته ومتطلباته. ويؤكد فضيلة مفتي الجمهورية أن تجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي، ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الأربع الزمان والمكان والأشخاص والأحوال بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه وفي إطار منظومة القيم والأخلاق التي دعا إليها ورسخها الإسلام.
يثير مصطلح تجديد الخطاب الديني الجدل بين فريقين، أحدهما يرى أن العلمانيين يريدون بهذا المصطلح تغيير ثوابت الدين الإسلامي وأصوله بحجة جعل الإسلام متلائما مع ظروف العصر، في حين يرى علماء الإسلام أن التجديد يقصد به تحديث وسائل الدعوة إلى الإسلام أو بيان حكم الإسلام في النوازل المستجدة، وأن القصد من التجديد هو إصلاح الفكر الدينى لدى الأمة وتوعيتها بدينها الحق وشرح أحكام الدين للناس بطريقة صحيحة بناء على الثوابت، وأن المقصود المنحرف للتجديد كما يريد أعداء الإسلام هو هدم ثوابت الدين فهذا تخريب وليس تجديدا. فالمشكلة الكبرى – وفقا لرأى دار الإفتاء المصرية- عند ذوي الفكر المتشدد أنهم يحاولون توسيع دائرة الثوابت بغير حق حتى يضيق على الناس دينهم ودنياهم في حين أنه على الطرف الآخر قد يوجد من يحاول أن يوسع دائرة المتغيرات حتى تشمل بعض الثوابت المجمع عليها فتتسع دائرة التفلت من الأحكام القطعية، ويشتد استقطاب المجتمع مما ينتج عنه الفتن والصراعات.
تكتسب هذه الدراسة أهميتها في ضوء بروز جدلية التداخل بين الديني والسياسي مع موجة الثورات العربية لاسيما بعد أن تمكنت بعض الأحزاب ذات المرجعية الدينية من الوصول للحكم وظهور انتقادات حادة لتوظيفها للدين من أجل الحصول على مكاسب سياسية. وتأسيسا على ذلك تنطلق الدراسة للإجابة عن تساؤل رئيسي، وهو كيف تشكل خطاب الصحف العربية تجاه قضية تجديد الخطاب الديني في الفترة الأخيرة 2013-2014؟ حيث مرت المنطقة العربية في تلك الفترة بمتغيرات سياسية عديدة تشابك فيها الشأن الديني مع الشأن السياسي، مما أثار الجدل حول الخطاب الديني وطرحت قضية تجديده وفك تداخله مع الشأن السياسي، ودور المرجعية الأيديولوجية لمنتجي الخطاب في ذلك.
في هذا الإطار جاءت الدراسة المميزة للباحثة آمال كمال طه الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة حلوان عن تجديد الخطاب الديني في خطاب الصحافة العربية بالتطبيق على صحيفتيْ "الأهرام" المصرية و"الحياة" اللندنية خلال عاميْ 2013 و 2014، والتي ذكرت في مقدمة دراستها أن الأحداث والقضايا المعاصرة والمتسارعة في عالمنا العربي، وكذلك التغيرات والتحولات العالمية حاجة ملحة لتجديد الخطاب الديني ليتواكب مع متغيرات الزمان والمكان، حيث تعد قضية تجديد الخطاب الديني - الإسلامي – في مصر والدول العربية من أبرز قضايا التغير الاجتماعي والسياسي، التي برز الاهتمام بها لاسيما في ضوء العلاقة بين الدين والثقافة والسياسة والإعلام خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد 25 يناير 2011. وقد ازداد بروز هذه القضية بعد سقوط حكم الإخوان في مصر، وبروز العديد من التحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها مصر والدول العربية بوجه عام في الآونة الأخيرة، وظهور العديد من الجماعات المتطرفة التي تشكل خطرا محدقا بالمجتمعات العربية. وفي ظل تجدد الاهتمام بالعلاقة بين الدين والمجتمع والشئون السياسية ووسائل الإعلام تبرز ضرورة الاهتمام بقضية تجديد الخطاب الديني، إذ إن القضية ليست دينية فحسب وإنما تنطوي على أبعاد سياسية وإعلامية وثقافية كذلك.
وتشير الدلائل إلى أن هناك العديد من الإشكاليات التي تتطلب تجديد الخطاب الديني منها أن أسلوب الخطاب الديني الحالي قد يتسم بكونه خطابا إنشائيا تقليديا جامدا يركز على جانب على حساب جوانب أخرى. كما أن الخطاب الحالي قد يسفر مضمونه عن تأجيج الخلافات والصدامات مع أتباع الديانات الأخرى أو بين الطوائف والتيارات المختلفة، هذا فضلا عن عدم إحاطة الدعاة بأساليب التكنولوجيا الحديثة وعدم اطلاعهم على العديد من المستجدات في المجتمع في الآونة الأخيرة، كما تتزايد الحاجة لربط مبادئ العقيدة الدينية بواقع الحياة المعاصرة وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، هذا فضلا عن بروز إشكالية التداخل بين الشأنين السياسى والديني، وتصاعد الجدل حول العلاقة بين الدين والسياسة.
ويقصد بالخطاب الديني ذلك الخطاب الذي يعتمد على مرجعية دينية إسلامية في مخاطبته وأحكامه وبياناته، ويعني ما يطرحه العلماء والدعاة والمنتمون إلى المؤسسات الإسلامية في بيان الإسلام والشريعة، سواء كان ذلك من خلال الخطب والمحاضرات أو الكتب وغير ذلك.
ويعنى مفهوم الخطاب الديني الأقوال والنصوص المكتوبة التي تصدر عن المؤسسات الدينية أو عن رجال الدين أو التي تصدر عن موقف أيديولوجي ذي صبغة دينية أو عقائدية، والذي يعبر عن وجهة نظر محددة إزاء قضايا دينية أو دنيوية أو الذي يدافع عن عقيدة معينة ويعمل على نشر هذه العقيدة .
ثمة إشكالية تتعلق بقضية تجديد الخطاب الديني تتمثل في ضرورة التمييز بين الخطاب الدينى والنصوص المقدسة الثابتة، حيث إن ذلك الخطاب يعتمد على النصوص المقدسة ولكنه يظل في حدود العمل العقلي البشري والاجتهادي الذي يرتبط بإمكانات وقدرات منتجيه. ويرى البعض أن مفهوم تجديد الخطاب الديني يتنازعه طرفان: الأول: فئة تتحدث عن تجديد الخطاب الديني، وهي تصدر عن منطلقات غير دينية، الثاني: بعض القوى الإسلامية الخائفة التي اشتد بها الخوف خشية المساس بالثوابت الدينية.
ومن أبرز المقومات الأساسية للخطاب الديني، أن يكون مواكبًا للأحداث ومراعيًا لأحوال الناس، وأن يكون قائمًا على الاعتدال والتوسط وأن يراعي أحوال المخاطبين، وأن يخاطب المتلقين بخطاب يتناسب مع ثقافتهم وعلمهم. وأنه ينبغي أن يراعي خطابنا الديني اليوم فقه الواقع ومعرفة الأمور ومآلاتها، وأن يركز جل جهده على القضايا التي تتصل بواقع الناس، ولا ينبغي أن يجافي الواقع باعتماده خطابا دعويا مجردا دون الربط بواقع المجتمع ودون التعرض لمشكلاته ومتطلباته. ويؤكد فضيلة مفتي الجمهورية أن تجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي، ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الأربع الزمان والمكان والأشخاص والأحوال بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه وفي إطار منظومة القيم والأخلاق التي دعا إليها ورسخها الإسلام.
يثير مصطلح تجديد الخطاب الديني الجدل بين فريقين، أحدهما يرى أن العلمانيين يريدون بهذا المصطلح تغيير ثوابت الدين الإسلامي وأصوله بحجة جعل الإسلام متلائما مع ظروف العصر، في حين يرى علماء الإسلام أن التجديد يقصد به تحديث وسائل الدعوة إلى الإسلام أو بيان حكم الإسلام في النوازل المستجدة، وأن القصد من التجديد هو إصلاح الفكر الدينى لدى الأمة وتوعيتها بدينها الحق وشرح أحكام الدين للناس بطريقة صحيحة بناء على الثوابت، وأن المقصود المنحرف للتجديد كما يريد أعداء الإسلام هو هدم ثوابت الدين فهذا تخريب وليس تجديدا. فالمشكلة الكبرى – وفقا لرأى دار الإفتاء المصرية- عند ذوي الفكر المتشدد أنهم يحاولون توسيع دائرة الثوابت بغير حق حتى يضيق على الناس دينهم ودنياهم في حين أنه على الطرف الآخر قد يوجد من يحاول أن يوسع دائرة المتغيرات حتى تشمل بعض الثوابت المجمع عليها فتتسع دائرة التفلت من الأحكام القطعية، ويشتد استقطاب المجتمع مما ينتج عنه الفتن والصراعات.
تكتسب هذه الدراسة أهميتها في ضوء بروز جدلية التداخل بين الديني والسياسي مع موجة الثورات العربية لاسيما بعد أن تمكنت بعض الأحزاب ذات المرجعية الدينية من الوصول للحكم وظهور انتقادات حادة لتوظيفها للدين من أجل الحصول على مكاسب سياسية. وتأسيسا على ذلك تنطلق الدراسة للإجابة عن تساؤل رئيسي، وهو كيف تشكل خطاب الصحف العربية تجاه قضية تجديد الخطاب الديني في الفترة الأخيرة 2013-2014؟ حيث مرت المنطقة العربية في تلك الفترة بمتغيرات سياسية عديدة تشابك فيها الشأن الديني مع الشأن السياسي، مما أثار الجدل حول الخطاب الديني وطرحت قضية تجديده وفك تداخله مع الشأن السياسي، ودور المرجعية الأيديولوجية لمنتجي الخطاب في ذلك.
فسرت الأهرام الخلط بين الدين والخطاب الديني بالركود لقرون طويلة وغلق باب الاجتهاد
أولاً: إشكالية الدراسة
مع تتابع الأحداث وتوالي الأزمات التي تحيط بالمنطقة العربية تتعالى الأصوات المطالبة بتجديد الخطاب الديني وتتحامل على المؤسسات الدينية، وتعزى لها السبب فيما يحدث من حوادث إرهابية وغيرها، ولاشك أن الحاجة ملحة لصياغة خطاب ديني يوقظ الضمائر ويحرك الفكر، ويحيي القيم في النفوس وينعكس أثره سلوكا واقعيا لاسيما في ظل ما تشهده المجتمعات العربية والإسلامية مما ينذر بخطر يهدد أمن واستقرار تلك البلاد. وقد ناقش مسألة تجديد الخطاب الديني العديد من المفكرين، وبرزت مطالبات ودعوات إلى نفض اليدين عن التراث جملة وتفصيلا والالتحاق بركب الحضارة الغربية فكرا وسلوكا، ومع تصاعد الدعوات إلى التجديد تثار عدة تساؤلات منها: أي نوع من التجديد نستهدف؟ هل التجديد الذي يحفظ الأصول والثوابت ويراعي المتغيرات أم التجديد الذي يجعل هذا الخطاب متسقا وهوى بعض الاتجاهات التي تشكك وتتعرض لبعض الثوابت والأصول؟
وثمة دور للإعلام العربي بوجه عام وللصحافة العربية بوجه خاص في التصدى للفكر المتطرف، وفي تشكيل الجدل حول مسألة تجديد الخطاب الديني ومناقشة كل الاتجاهات والآراء التي أثيرت بشأنها ويمكن للخطاب الديني أن يحقق مقاصده من خلال إعلام يركز على الثوابت ويدعم نقاط الاتفاق لا يروج للآراء الشاذة والمتاجرين بالدين .
وفي ظل المطالبة بصياغة خطاب ديني ينأى بالمنابر عن الدخول في السياسة ويواجه العنف والتشدد وفتاوى القتل باسم الدين، تبدو الحاجة ملحة لدراسة وتحليل الخطاب الصحفي بشأن قضية تجديد الخطاب الدينى وكيف يلعب دورا مهما في تشكيل ثقافة المجتمع، وأبرز المنطلقات والمرتكزات التي يجب أن يسير في ركابها الخطاب الديني عند صياغة أولوياته والتي تتمثل في وسطية المنهج والمحافظة على الثوابت الدينية والهوية والابتعاد عن الخلل والإفراط والتفريط وتقدير قيمة الحوار.
ومن ثم تحددت إشكالية الدراسة في رصد وتحليل وتفسير خطاب الصحافة العربية تجاه قضية تجديد الخطاب الديني من حيث الأطروحات المركزية والفرعية التي تقدمها هذه الصحافة نحو تلك القضية، وسمات القوى الفاعلة في القضية، والآليات التي يستخدمها منتجو الخطابات الصحفية والأطر المرجعية التي يستندون إليها في معالجة القضية موضع البحث، وذلك عبر قراءة الخطاب في إطار السياق المحيط بإنتاجه، وذلك للوقوف على العوامل المفسرة لاتجاهات الصحافة العربية نحو قضية تجديد الخطاب الديني.
وقد اعتمدت الدراسة على مدخل التحليل الثقافي، حيث تنظر الدراسات الثقافية لمضمون وسائل الإعلام باعتباره رافدا مركزيا يشكل من خلاله الجمهور رؤيته بشأن العالم المحيط، وذلك انطلاقا من مساحة الدور المتعاظم لوسائل الإعلام في عالمنا المعاصر. وتركز دراسات التحليل الثقافي على تحليل دور وسائل الإعلام كوسائط متحيزة في إدراك ونقل الواقع السياسى، واستخلاص دور الإعلام في إعادة إنتاج الأيديولوجيا المهيمنة ثقافيا، ودمج الأفراد في منظومة القيم السائدة والسعي نحو إضفاء الاختلافات عبر تنميط الثقافة المقدمة للجمهور. ويركز مدخل التحليل الثقافي على دراسة رؤى العالم السائدة في مجتمع معين، وعلى تحليل الإدراكات والتصورات والصور النمطية عن النفس وعن الآخرين وعن القيم السائدة، وعلى نوعية الخطابات السياسية المتصارعة في المجتمع مع تركيز خاص على اللغة باعتبارها معبرة برموزها عن الشبكة المعقدة للقيم والمعايير التي تؤثر على السلوك الاجتماعي والسياسي في التحليل النهائي. ويؤكد هذا المدخل على دور وسائل الإعلام في تشكيل الحقائق الاجتماعية، وأنه يتم استغلال تأثير وسائل الإعلام من قبل الجماعات المسيطرة لتدعيم أفكارها واتجاهاتها ونشرها في المجتمع، ومن ثم يتم النظر إلى النص الصحفي باعتباره خطابا أيديولوجيا له كل سمات ووظائف الأيديولوجيا من التركيز على بعض الجوانب وإخفاء البعض لصالح منتجي الخطاب، وتأسيسا على ذلك فإن دراسة الخطاب الصحفي لا يمكن أن تتم بمعزل عن السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي يعمل في إطاره.
وتمارس الخطابات الإعلامية وفقا لمدخل التحليل الثقافي وظيفتين إحداهما أيديولوجية تقوم من خلالها بتضمين مفردات الحياة الاجتماعية داخل نظم منطقية متوافقة،والثانية تحاول من خلالها أن تمنح معنى للعالم، أي أن الخطابات الإعلامية تسعى لتشكيل البناء الأيديولوجي للمجتمع والتأثير فيه.وتحاول الدراسة من خلال مدخل التحليل الثقافي استخدام تحليل الخطاب بهدف تقديم تحليلات وتفسيرات ذات منحى نقدي لا يتوقف عند دراسة المضمون الظاهر، بل يتعدى ذلك إلى دراسة الوظائف الاجتماعية للخطابات وعمليات التناص أو التعارض فيما بينها.
وقد أسفر تحليل الخطاب لمواد الرأي المنشورة بصحيفتي"الأهرام" و"الحياة" خلال عامي 2013-2014 حول تجديد الخطاب الديني عن وجود 121 مادة رأي كانت قضية تجديد الخطاب الديني تمثل الأطروحة المركزية بها منها 76 مادة صحفية بالأهرام و45 مادة صحفية بالحياة.
مع تتابع الأحداث وتوالي الأزمات التي تحيط بالمنطقة العربية تتعالى الأصوات المطالبة بتجديد الخطاب الديني وتتحامل على المؤسسات الدينية، وتعزى لها السبب فيما يحدث من حوادث إرهابية وغيرها، ولاشك أن الحاجة ملحة لصياغة خطاب ديني يوقظ الضمائر ويحرك الفكر، ويحيي القيم في النفوس وينعكس أثره سلوكا واقعيا لاسيما في ظل ما تشهده المجتمعات العربية والإسلامية مما ينذر بخطر يهدد أمن واستقرار تلك البلاد. وقد ناقش مسألة تجديد الخطاب الديني العديد من المفكرين، وبرزت مطالبات ودعوات إلى نفض اليدين عن التراث جملة وتفصيلا والالتحاق بركب الحضارة الغربية فكرا وسلوكا، ومع تصاعد الدعوات إلى التجديد تثار عدة تساؤلات منها: أي نوع من التجديد نستهدف؟ هل التجديد الذي يحفظ الأصول والثوابت ويراعي المتغيرات أم التجديد الذي يجعل هذا الخطاب متسقا وهوى بعض الاتجاهات التي تشكك وتتعرض لبعض الثوابت والأصول؟
وثمة دور للإعلام العربي بوجه عام وللصحافة العربية بوجه خاص في التصدى للفكر المتطرف، وفي تشكيل الجدل حول مسألة تجديد الخطاب الديني ومناقشة كل الاتجاهات والآراء التي أثيرت بشأنها ويمكن للخطاب الديني أن يحقق مقاصده من خلال إعلام يركز على الثوابت ويدعم نقاط الاتفاق لا يروج للآراء الشاذة والمتاجرين بالدين .
وفي ظل المطالبة بصياغة خطاب ديني ينأى بالمنابر عن الدخول في السياسة ويواجه العنف والتشدد وفتاوى القتل باسم الدين، تبدو الحاجة ملحة لدراسة وتحليل الخطاب الصحفي بشأن قضية تجديد الخطاب الدينى وكيف يلعب دورا مهما في تشكيل ثقافة المجتمع، وأبرز المنطلقات والمرتكزات التي يجب أن يسير في ركابها الخطاب الديني عند صياغة أولوياته والتي تتمثل في وسطية المنهج والمحافظة على الثوابت الدينية والهوية والابتعاد عن الخلل والإفراط والتفريط وتقدير قيمة الحوار.
ومن ثم تحددت إشكالية الدراسة في رصد وتحليل وتفسير خطاب الصحافة العربية تجاه قضية تجديد الخطاب الديني من حيث الأطروحات المركزية والفرعية التي تقدمها هذه الصحافة نحو تلك القضية، وسمات القوى الفاعلة في القضية، والآليات التي يستخدمها منتجو الخطابات الصحفية والأطر المرجعية التي يستندون إليها في معالجة القضية موضع البحث، وذلك عبر قراءة الخطاب في إطار السياق المحيط بإنتاجه، وذلك للوقوف على العوامل المفسرة لاتجاهات الصحافة العربية نحو قضية تجديد الخطاب الديني.
وقد اعتمدت الدراسة على مدخل التحليل الثقافي، حيث تنظر الدراسات الثقافية لمضمون وسائل الإعلام باعتباره رافدا مركزيا يشكل من خلاله الجمهور رؤيته بشأن العالم المحيط، وذلك انطلاقا من مساحة الدور المتعاظم لوسائل الإعلام في عالمنا المعاصر. وتركز دراسات التحليل الثقافي على تحليل دور وسائل الإعلام كوسائط متحيزة في إدراك ونقل الواقع السياسى، واستخلاص دور الإعلام في إعادة إنتاج الأيديولوجيا المهيمنة ثقافيا، ودمج الأفراد في منظومة القيم السائدة والسعي نحو إضفاء الاختلافات عبر تنميط الثقافة المقدمة للجمهور. ويركز مدخل التحليل الثقافي على دراسة رؤى العالم السائدة في مجتمع معين، وعلى تحليل الإدراكات والتصورات والصور النمطية عن النفس وعن الآخرين وعن القيم السائدة، وعلى نوعية الخطابات السياسية المتصارعة في المجتمع مع تركيز خاص على اللغة باعتبارها معبرة برموزها عن الشبكة المعقدة للقيم والمعايير التي تؤثر على السلوك الاجتماعي والسياسي في التحليل النهائي. ويؤكد هذا المدخل على دور وسائل الإعلام في تشكيل الحقائق الاجتماعية، وأنه يتم استغلال تأثير وسائل الإعلام من قبل الجماعات المسيطرة لتدعيم أفكارها واتجاهاتها ونشرها في المجتمع، ومن ثم يتم النظر إلى النص الصحفي باعتباره خطابا أيديولوجيا له كل سمات ووظائف الأيديولوجيا من التركيز على بعض الجوانب وإخفاء البعض لصالح منتجي الخطاب، وتأسيسا على ذلك فإن دراسة الخطاب الصحفي لا يمكن أن تتم بمعزل عن السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي يعمل في إطاره.
وتمارس الخطابات الإعلامية وفقا لمدخل التحليل الثقافي وظيفتين إحداهما أيديولوجية تقوم من خلالها بتضمين مفردات الحياة الاجتماعية داخل نظم منطقية متوافقة،والثانية تحاول من خلالها أن تمنح معنى للعالم، أي أن الخطابات الإعلامية تسعى لتشكيل البناء الأيديولوجي للمجتمع والتأثير فيه.وتحاول الدراسة من خلال مدخل التحليل الثقافي استخدام تحليل الخطاب بهدف تقديم تحليلات وتفسيرات ذات منحى نقدي لا يتوقف عند دراسة المضمون الظاهر، بل يتعدى ذلك إلى دراسة الوظائف الاجتماعية للخطابات وعمليات التناص أو التعارض فيما بينها.
وقد أسفر تحليل الخطاب لمواد الرأي المنشورة بصحيفتي"الأهرام" و"الحياة" خلال عامي 2013-2014 حول تجديد الخطاب الديني عن وجود 121 مادة رأي كانت قضية تجديد الخطاب الديني تمثل الأطروحة المركزية بها منها 76 مادة صحفية بالأهرام و45 مادة صحفية بالحياة.
أشارت الأهرام إلى أن حاجتنا ليست فقط لتجديد الخطاب الديني، ولكن لابد أن نسعى إلى تجديد الخطاب الفكري المعاصر في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة
ثانياً : أطروحات خطابات صحيفتيْ الدراسة تجاه قضية تجديد الخطاب الديني
1- فيما يتعلق بمفهوم الخطاب الديني
أشار بعض الكتاب بصحيفة الأهرام إلى أن أهم جوانب الخطاب الديني وأخطر محاذيره تحديد ملامح العلاقة بين النص الديني من القرآن الكريم والسنة الصحيحة من جهة وبين الخطاب الديني المنبثق عنهما من جهة أخرى. وأكدت بعض الأطروحات على ضرورة التفرقة بين مفهوم الخطاب الديني ومفهوم الدين، فالدين هو الوحي الإلهي الثابت والمطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل، وإنما الخطاب الديني هو الجهد البشرى الذي نبذله في تلقي هذا الوحي والاقتراب منه وفهمه؛ فالخطاب الديني هو حديث البشر عن الدين، فهو خطاب بشري يستمد نسبيته من قائليه الذين يمكن أن يخطئوا أو يصيبوا في فهم نصوص الدين والاجتهاد في استنباط معانيها.
وفسرت الصحيفة الخلط بين الدين والخطاب الديني بالركود لقرون طويلة وغلق باب الاجتهاد، وأن الاستمرار في ذلك الخلط يهدد بعودة الإخوان أو بأن يحل محلهم من لا يختلفون معهم، وهذا هو الخطر الذي يجب على المستنيرين من المثقفين وعلماء الدين أن يتصدوا له بشجاعة.
أشارت الصحيفة إلى عدم وجود استخدام دقيق لمصطلح الخطاب الديني وعدم توظيفه التوظيف الدقيق في كشف التغيرات في أنماط التدين الرسمي والشعبي والراديكالي ذي الطبيعة العنيفة والنزعة الإرهابية أو لدى بعض الجماعات الإسلامية السياسية.
وانتقد بعض مواد الرأي الاستخدام الديني الرسمي لتجديد أو إصلاح الخطاب الديني، حيث رأت أنه لا يعدو أن يكون مجرد تغيير في موضوعات الخطب الدينية الرسمية لوعاظ وأئمة وزارة الأوقاف، ولم يحدث تغيير في عمق بنية الخطاب الديني ومرجعياته ومنطوقه وتوظيفه إلا قليلا.
وانتقد بعض الكتاب الخطاب الديني السائد في مصر، حيث وصف بأنه خطاب سلفي تمييزي إقصائي رافض لمبدأ المواطنة مؤسس للتمييز ضد المرأة، وهو خطاب تحريضي ضد الأقباط بسبب جذوره التي تعود إلى ابن تيمية الذي لا تزال لأفكاره التدميرية آثارها المستمرة إلى اليوم، ولذلك فهو خطاب يستحق الكشف عن جذوره وأصولها التي لم تعد إلى الحياة إلا في حقبة السبعينيات وكوارثها التي لا نزال نعاني آثارها إلى اليوم تبدأ من نوع الخطاب المسيطر وتمتد إلى هوية الدولة.
أشارت بعض مواد الرأي بصحيفة الحياة إلى الإشكاليات التي تعتري مفهوم الخطاب الديني ودعت إلى فك التشابك اللاصحيح بين مفهومي الدين والتدين، فالدين هو الوحي المقدس، أما التدين فهو الممارسة البشرية لفهم الدين وهي تخضع لاعتبارات كثيرة . وانتقدت تعلق المجتمعات الأكثر تدينًا بالفتاوى والتوجيه من الخطاب الديني، وانتقدت تشابك بعض المفاهيم مثل مصطلحات الخير والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع اعتبار نقد الخطاب الديني معارضة للدين وسخرية بأهله، وأشارت أن ذلك هو ما يكرس أخطاء الخطاب الديني داخل محيطه.
2- فيما يتعلق بإشكالية تجديد الخطاب الديني
أكد خطاب صحيفة الأهرام على ضرورة ترشيد الخطاب الديني في مواجهة حملة شرسة تستهدف تصوير العالم الإسلامي على أنه معادٍ للحرية والديمقراطية، وأوضح الحاجة إلى خطاب ديني مستنير يوضح للكافة أن الإسلام الصحيح يبيح للإنسان أن يفكر كما يشاء.
وأبرز ضرورة تجديد وترشيد الخطاب الديني وضرورة إفهام عامة المسلمين حقيقة حدود المسئولية في الإسلام لوقف موجات الاندفاع العاطفي وراء الشعارات الزائفة والمضللة. كما أشار إلى الحاجة إلى خطاب ديني يؤكد جوهر الشريعة الإسلامية بأنه ليس لأي إنسان أن يزعم لنفسه أن يحكم الناس لينزلهم على حكم اللـه، وأنه المسئول عن إقامة حدود اللـه. وأشارت الأهرام إلى أن حاجتنا ليست فقط لتجديد الخطاب الديني، ولكن لابد أن نسعى إلى تجديد الخطاب الفكري المعاصر في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة .
طرحت صحيفة الحياة إشكالية تجديد الخطاب الديني وحساسية تلك القضية، وأرجعت ذلك لعدة أسباب أبرزها التشابك غير الصحيح بين مفهومي الدين والتدين، واكتساب الخطاب الديني لاسيما في المجتمعات الأكثر تدينا مكانة وقوة تنعكس على صاحب الخطاب.
وأشارت أطروحات الحياة إلى أن التجديد الذي ينشده الكثيرون هو تجديد يشمل ما يتعلق ببنية الخطاب ومكوناته وما يتعلق بالمصطلحات والمفاهيم وما يتعلق بطريقة عرضه وأسلوب بيانه، ولا يمكن أن يتحقق هذا التجديد إلا من خلال تعريض الخطاب الديني التقليدي للنقد والفحص والمراجعة.
3- فيما يتعلق بسمات الخطاب الديني
تشير مواد الرأي في الأهرام أن أول ما يلحظه المراقب لوضع الخطاب في مصر هو الصراع بين اتجاهاته، وأن السائد من هذا الخطاب يتسم بالجمود والبعد عن التسامح والعقلانية وغلبة التقليد على الاجتهاد وانتشار التعصب المقترن بالعنف المادي والمعنوي، فضلا عن شيوع وهم احتكار المعرفة الدينية. ووصف الخطاب الديني السائد بأنه "لم يفارق تطرفه ولا تحجره السلفي خصوصا في الأوساط الأمية والبيئات الشعبية التي تقع تحت خط الفقر، حيث تتردد مواعظ وخطب سلفية المنزع في جمودها وفي تشددها وفي تكفيرها لكل ما يدعو إلى الدولة المدنية".
وأشار بعض الأطروحات في الأهرام أن الخطاب الديني السائد خطاب معاد للفلسفة – ممثلة في الفكر والتعقل – ومعاد للفن لأن الفن في نظره رجس من عمل الشيطان، بل معاد للعلم نفسه، لأنه ينزع عنه استقلاليته ويعتبره متضمنا في الدين . وأن السبب الرئيس لتخلفنا كشعوب تنتمي للحضارة العربية الإسلامية هو غياب التأويل عن واقع الثقافة العربية منذ وفاة ابن رشد، وغياب التأويل يعنى إفساح المجال لسيادة نزعة دوجماطيقية أي نزعة عقائدية قطعية في مجال الخطاب الثقافي، مما يعني غياب الوعي بضرورة تعدد التفسيرات، وأنه عبر ظلام سنوات طويلة تغلغل وتسلل تيار ديني متجهم تيار تكفيري لكل نظام مدني باعتباره السلطة الوحيدة البديلة عن أي نظام.
أشارت صحيفة الحياة إلى سمات الخطاب الديني، وأن التجديد داخل بنية الخطاب السلفي ليست مجرد ترف فكرى بل هو ضرورة ملحة يفرضها الزمان والمكان، وأن ذلك الخطاب يعاني حال الجمود التي يتسم بها، والتي منعته من ممارسة حقه في الاجتهاد الدائم، وأن التيار السلفي يعاني ندرة حقيقية في الفقهاء المجددين، وأن ذلك التيار يعاني من توقف عملية الاجتهاد والالتجاء إلى منطقة التحريم فرارا من مشقة الفعل الاجتهادي. وأبرزت الصحيفة إشكالية وجود العقل الجامد والمتعصب وانتشاره لاسيما بين الإخوان، وأن تلك الجماعة أصبحت تركن إلى عقل بدائي.
وأشارت صحيفة الحياة إلى أن إشكالية خطابنا الديني أنه ينطلق من مركزية مجابهة الآخر الذي يحاول أن يبدل "ديننا أو أن يظهر في الأرض الفساد"، وظل الخطاب الديني يعتمد تلك المركزية من الصراع مع المخالف، مما أسهم في انغلاق هذا الخطاب على نفسه وزاد من وتيرة استعدائه للآخر المخالف وقولبته. في حين أن الخطاب الديني يفترض به البحث عن آليات وسبل التعايش مع المخالف لا مجرد المفاضلة السلبية معه ومحاولة إلغائه.
وأظهرت صحيفة الحياة حاجة الخطاب الديني لضبط المفاهيم وتحديد المصطلحات، حيث إن الغلو في مصطلحات "الخصوصية " و"الفرقة الناجية " و"الحق المطلق" هي بداية لتفتيت المجتمع من دون اعتبار للسياقات التاريخية والنصية، مما يؤدي إلى شرعنة العنف السلوكى والأخلاقى تجاه المخالف .
وركزت بعض مواد الرأي في الحياة على التحريض على المختلفين فكريا ومدى حضوره في السجال الفكري والديني، وأنه ليس التحريض استعداء للسلطة فحسب، إذ ثمة تحريض آخر لاستعداء الجماهير على من يختلف ويغرد خارج سرب الفكر الديني المحافظ أحيانا، حيث تحضر مفردات "كفر" "انحلال" "زندقة" "رويبضة". وأشارت إلى خطورة الانقسام في المشهد الدينى والفكرى إلى مجموعات متباينة في الطرح والرؤى يقوم كل منها على تفنيد رؤية الآخر والتقليل من شأنه والعمل على إلغاء مشروعية ما ينتمي إليه من أفكار ورؤى من دون تأمل أو تفكير.
1- فيما يتعلق بمفهوم الخطاب الديني
أشار بعض الكتاب بصحيفة الأهرام إلى أن أهم جوانب الخطاب الديني وأخطر محاذيره تحديد ملامح العلاقة بين النص الديني من القرآن الكريم والسنة الصحيحة من جهة وبين الخطاب الديني المنبثق عنهما من جهة أخرى. وأكدت بعض الأطروحات على ضرورة التفرقة بين مفهوم الخطاب الديني ومفهوم الدين، فالدين هو الوحي الإلهي الثابت والمطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل، وإنما الخطاب الديني هو الجهد البشرى الذي نبذله في تلقي هذا الوحي والاقتراب منه وفهمه؛ فالخطاب الديني هو حديث البشر عن الدين، فهو خطاب بشري يستمد نسبيته من قائليه الذين يمكن أن يخطئوا أو يصيبوا في فهم نصوص الدين والاجتهاد في استنباط معانيها.
وفسرت الصحيفة الخلط بين الدين والخطاب الديني بالركود لقرون طويلة وغلق باب الاجتهاد، وأن الاستمرار في ذلك الخلط يهدد بعودة الإخوان أو بأن يحل محلهم من لا يختلفون معهم، وهذا هو الخطر الذي يجب على المستنيرين من المثقفين وعلماء الدين أن يتصدوا له بشجاعة.
أشارت الصحيفة إلى عدم وجود استخدام دقيق لمصطلح الخطاب الديني وعدم توظيفه التوظيف الدقيق في كشف التغيرات في أنماط التدين الرسمي والشعبي والراديكالي ذي الطبيعة العنيفة والنزعة الإرهابية أو لدى بعض الجماعات الإسلامية السياسية.
وانتقد بعض مواد الرأي الاستخدام الديني الرسمي لتجديد أو إصلاح الخطاب الديني، حيث رأت أنه لا يعدو أن يكون مجرد تغيير في موضوعات الخطب الدينية الرسمية لوعاظ وأئمة وزارة الأوقاف، ولم يحدث تغيير في عمق بنية الخطاب الديني ومرجعياته ومنطوقه وتوظيفه إلا قليلا.
وانتقد بعض الكتاب الخطاب الديني السائد في مصر، حيث وصف بأنه خطاب سلفي تمييزي إقصائي رافض لمبدأ المواطنة مؤسس للتمييز ضد المرأة، وهو خطاب تحريضي ضد الأقباط بسبب جذوره التي تعود إلى ابن تيمية الذي لا تزال لأفكاره التدميرية آثارها المستمرة إلى اليوم، ولذلك فهو خطاب يستحق الكشف عن جذوره وأصولها التي لم تعد إلى الحياة إلا في حقبة السبعينيات وكوارثها التي لا نزال نعاني آثارها إلى اليوم تبدأ من نوع الخطاب المسيطر وتمتد إلى هوية الدولة.
أشارت بعض مواد الرأي بصحيفة الحياة إلى الإشكاليات التي تعتري مفهوم الخطاب الديني ودعت إلى فك التشابك اللاصحيح بين مفهومي الدين والتدين، فالدين هو الوحي المقدس، أما التدين فهو الممارسة البشرية لفهم الدين وهي تخضع لاعتبارات كثيرة . وانتقدت تعلق المجتمعات الأكثر تدينًا بالفتاوى والتوجيه من الخطاب الديني، وانتقدت تشابك بعض المفاهيم مثل مصطلحات الخير والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع اعتبار نقد الخطاب الديني معارضة للدين وسخرية بأهله، وأشارت أن ذلك هو ما يكرس أخطاء الخطاب الديني داخل محيطه.
2- فيما يتعلق بإشكالية تجديد الخطاب الديني
أكد خطاب صحيفة الأهرام على ضرورة ترشيد الخطاب الديني في مواجهة حملة شرسة تستهدف تصوير العالم الإسلامي على أنه معادٍ للحرية والديمقراطية، وأوضح الحاجة إلى خطاب ديني مستنير يوضح للكافة أن الإسلام الصحيح يبيح للإنسان أن يفكر كما يشاء.
وأبرز ضرورة تجديد وترشيد الخطاب الديني وضرورة إفهام عامة المسلمين حقيقة حدود المسئولية في الإسلام لوقف موجات الاندفاع العاطفي وراء الشعارات الزائفة والمضللة. كما أشار إلى الحاجة إلى خطاب ديني يؤكد جوهر الشريعة الإسلامية بأنه ليس لأي إنسان أن يزعم لنفسه أن يحكم الناس لينزلهم على حكم اللـه، وأنه المسئول عن إقامة حدود اللـه. وأشارت الأهرام إلى أن حاجتنا ليست فقط لتجديد الخطاب الديني، ولكن لابد أن نسعى إلى تجديد الخطاب الفكري المعاصر في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة .
طرحت صحيفة الحياة إشكالية تجديد الخطاب الديني وحساسية تلك القضية، وأرجعت ذلك لعدة أسباب أبرزها التشابك غير الصحيح بين مفهومي الدين والتدين، واكتساب الخطاب الديني لاسيما في المجتمعات الأكثر تدينا مكانة وقوة تنعكس على صاحب الخطاب.
وأشارت أطروحات الحياة إلى أن التجديد الذي ينشده الكثيرون هو تجديد يشمل ما يتعلق ببنية الخطاب ومكوناته وما يتعلق بالمصطلحات والمفاهيم وما يتعلق بطريقة عرضه وأسلوب بيانه، ولا يمكن أن يتحقق هذا التجديد إلا من خلال تعريض الخطاب الديني التقليدي للنقد والفحص والمراجعة.
3- فيما يتعلق بسمات الخطاب الديني
تشير مواد الرأي في الأهرام أن أول ما يلحظه المراقب لوضع الخطاب في مصر هو الصراع بين اتجاهاته، وأن السائد من هذا الخطاب يتسم بالجمود والبعد عن التسامح والعقلانية وغلبة التقليد على الاجتهاد وانتشار التعصب المقترن بالعنف المادي والمعنوي، فضلا عن شيوع وهم احتكار المعرفة الدينية. ووصف الخطاب الديني السائد بأنه "لم يفارق تطرفه ولا تحجره السلفي خصوصا في الأوساط الأمية والبيئات الشعبية التي تقع تحت خط الفقر، حيث تتردد مواعظ وخطب سلفية المنزع في جمودها وفي تشددها وفي تكفيرها لكل ما يدعو إلى الدولة المدنية".
وأشار بعض الأطروحات في الأهرام أن الخطاب الديني السائد خطاب معاد للفلسفة – ممثلة في الفكر والتعقل – ومعاد للفن لأن الفن في نظره رجس من عمل الشيطان، بل معاد للعلم نفسه، لأنه ينزع عنه استقلاليته ويعتبره متضمنا في الدين . وأن السبب الرئيس لتخلفنا كشعوب تنتمي للحضارة العربية الإسلامية هو غياب التأويل عن واقع الثقافة العربية منذ وفاة ابن رشد، وغياب التأويل يعنى إفساح المجال لسيادة نزعة دوجماطيقية أي نزعة عقائدية قطعية في مجال الخطاب الثقافي، مما يعني غياب الوعي بضرورة تعدد التفسيرات، وأنه عبر ظلام سنوات طويلة تغلغل وتسلل تيار ديني متجهم تيار تكفيري لكل نظام مدني باعتباره السلطة الوحيدة البديلة عن أي نظام.
أشارت صحيفة الحياة إلى سمات الخطاب الديني، وأن التجديد داخل بنية الخطاب السلفي ليست مجرد ترف فكرى بل هو ضرورة ملحة يفرضها الزمان والمكان، وأن ذلك الخطاب يعاني حال الجمود التي يتسم بها، والتي منعته من ممارسة حقه في الاجتهاد الدائم، وأن التيار السلفي يعاني ندرة حقيقية في الفقهاء المجددين، وأن ذلك التيار يعاني من توقف عملية الاجتهاد والالتجاء إلى منطقة التحريم فرارا من مشقة الفعل الاجتهادي. وأبرزت الصحيفة إشكالية وجود العقل الجامد والمتعصب وانتشاره لاسيما بين الإخوان، وأن تلك الجماعة أصبحت تركن إلى عقل بدائي.
وأشارت صحيفة الحياة إلى أن إشكالية خطابنا الديني أنه ينطلق من مركزية مجابهة الآخر الذي يحاول أن يبدل "ديننا أو أن يظهر في الأرض الفساد"، وظل الخطاب الديني يعتمد تلك المركزية من الصراع مع المخالف، مما أسهم في انغلاق هذا الخطاب على نفسه وزاد من وتيرة استعدائه للآخر المخالف وقولبته. في حين أن الخطاب الديني يفترض به البحث عن آليات وسبل التعايش مع المخالف لا مجرد المفاضلة السلبية معه ومحاولة إلغائه.
وأظهرت صحيفة الحياة حاجة الخطاب الديني لضبط المفاهيم وتحديد المصطلحات، حيث إن الغلو في مصطلحات "الخصوصية " و"الفرقة الناجية " و"الحق المطلق" هي بداية لتفتيت المجتمع من دون اعتبار للسياقات التاريخية والنصية، مما يؤدي إلى شرعنة العنف السلوكى والأخلاقى تجاه المخالف .
وركزت بعض مواد الرأي في الحياة على التحريض على المختلفين فكريا ومدى حضوره في السجال الفكري والديني، وأنه ليس التحريض استعداء للسلطة فحسب، إذ ثمة تحريض آخر لاستعداء الجماهير على من يختلف ويغرد خارج سرب الفكر الديني المحافظ أحيانا، حيث تحضر مفردات "كفر" "انحلال" "زندقة" "رويبضة". وأشارت إلى خطورة الانقسام في المشهد الدينى والفكرى إلى مجموعات متباينة في الطرح والرؤى يقوم كل منها على تفنيد رؤية الآخر والتقليل من شأنه والعمل على إلغاء مشروعية ما ينتمي إليه من أفكار ورؤى من دون تأمل أو تفكير.
أشارت الأهرام أن الخطاب الديني السائد خطاب معاد للفلسفة – ممثلة في الفكر والتعقل – ومعاد للفن لأن الفن في نظره رجس من عمل الشيطان، بل معاد للعلم نفسه
1- فيما يتعلق بقضية الحرية في الخطاب الديني
أشارت بعض أطروحات الأهرام إلى الحاجة إلى خطاب ديني مستنير يبرز للقاصي والداني أن الإسلام هو أول ديانة تطلق حق التفكير للإنسان لكي يحرر العقول من الأوهام والخرافات، وأنه يبيح للإنسان أن يفكر كما يشاء .
أشارت بعض أطروحات الحياة إلى أن التجديد داخل بنية الخطاب الديني بوجه عام والسلفي بوجه خاص ليس مجرد ترف، وإنما ضرورة ملحة يفرضها الزمان والمكان، وعلى هذا الخطاب أن يرتكز إلى ركيزتين أساسيتين الأولى: استلهام مقاصد الشريعة الإسلامية فشريعة الإسلام جاءت من أجل تحقيق مصلحة البشرية بدفعها إلى تحري المصالح وكشف المفاسد، فعلى الخطاب السلفي إعادة مقصد الحرية إلى مكانته اللائقة به في خطابه وإبراز قيمة العدل باعتبارها واحدة من أهم الفضائل الإنسانية. والثانية: مراعاة تغير الزمان والمكان فالخطاب الديني لا يتحرك في فراغ وإنما يرتبط ارتباطا وثيقا بالزمان والمكان.
وأشارت صحيفة الحياة إلى أنه لن يكون هناك أي تجديد أو تنوير إلا بتمكين العقل من أداء دوره الفاعل في تطوير الحياة ورقيها وتقدمها ..وأن التنوير في الفكر الإسلامي يمتزج فيه العقل والدين، من منطلق أنه لا يوجد أى تناقض بين مفردات العقل وتعاليم الدين, وأرجعت الصحيفة قصور الخطاب الديني اليوم إلى خلل حاد في المفاهيم، واستدعاء الخطاب للماضي دون النظر للمستقبل.
2- فيما يتعلق بعلاقة الخطاب الديني بالسياسة
يشير تحليل الخطاب الصحفي في الأهرام بشأن تجديد الخطاب الديني إلى أن الأطروحة المتعلقة بالعلاقة بين الدين والدولة قد حظيت باهتمام منتجي الخطابات الصحفية بشكل واضح، وأشارت بعض الأطروحات إلى أن الإسلام عرف تعدد الخطابات الدينية وتنوعها، وذلك بما يحقق مصالح المجموعة المنتجة لتلك الخطابات وتحيزاتها. وأنه منذ تأسيس الدولة المدنية الحديثة في زمن محمد علي بدأ الفصل بين الدين والدولة ونشأ خطاب ديني مستنير يؤمن بالفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية. وأشارت الصحيفة إلى دور الاستعمار القديم والجديد في تشجيع الجماعات المعادية للدولة المدنية الحديثة بأحلامها عن الحرية والعدل والكرامة الإنسانية والاستقلال الوطني، كما أنه من أسباب تشكل الخطابات المعادية للدولة المدنية العوامل الداخلية وعلى رأسها الاستبداد في الحكم الذي تحول – مع السادات – عن حلمه القوميفي مصر إلى انفتاح اقتصادى وتبعية سياسية لا تفرز إلا إتباعا فكريا وثقافيا. وأشارت إلى " تصاعد نزعات التديين بعد انتصار أكتوبر، وتصاعد الدعوة إلى دولة دينية في موازاة خطوات رسمية لأسلمة القوانين الوضعية مع الدعوة لإحياء أحكام الشريعة الإسلامية دون اعتبار لمتغيرات العصر، وكان ذلك النتيجة الطبيعية لإطلاق سراح الإخوان من السجون".
كما أشارت أطروحات الأهرام إلى تحول الخطاب الديني في السبعينيات إلى العنف؛ فالجماعة الإسلامية في السبعينيات كانت نزاعة إلى العنف وتحول الخطاب من كلمات عنف إلى أفعال عنف، وعندما انضمت الجماعة إلى الإخوان المسلمين فإن خطابها الديني ظل قرين العنف من ناحية العداء للدولة المدنية.
وأبرزت الأهرام نزوع الخطاب الديني إلى العنف في مراحل تاريخية سابقة، وأثر ذلك في حوادث العنف واغتيال العديد من الشخصيات السياسية المعارضة لتديين الدولة مثل اغتيال رفعت المحجوب في أكتوبر 1990، واغتيال فرج فودة ومن قبلها اغتيال القاضي الخازندار في 1928 ومحمود فهمي النقراشى بسبب قراره حل جماعة الإخوان المسلمين. وفسرت عنف الخطابات الدينية المتصارعة في مصر بأنه يتولد طبيعيا من إيمان كل جماعة منتجة للخطاب الديني أنها وحدها الفرقة الناجية ومن خالفها فهو من الفرق الضالة.
ومن جانب آخر يرى بعض الكتاب أن الخطاب الديني السائد يتبدى في صورتين الأولى صورة الدين الذي تستخدمه السلطة لتدافع عن شرعية وجودها وقراراتها. والصورة الثانية هي صورة الدين الذي يريد أن يستخدم السلطة أى يجعل من الدين سلطة وكلا الاثنين لا يعنيه روح الدين وإنما يعنيه السلطة وتوظيف الدين ليصبح في خدمة السلطة.
ومن الجدير بالذكر أن صحيفة الأهرام قد أفسحت المجال لسجال فكري بين وجهتي نظر حول علاقة الدين بالدولة، وبرز ذلك من خلال بعض المقالات للدكتور جابر عصفور والدكتور عباس شومان، مما يشير إلى أن القضية في بؤرة اهتمام قطاع كبير من النخبة الثقافية وأن الجدل حولها يبدو جليا. وقدمت الأهرام رؤيتين إحداهما للكاتب أحمد عبد المعطي حجازي والأخرى للدكتور محمد عبد الفضيل القوصي وزير الأوقاف الأسبق، كما نشرت تعقيب كلٍ من شومان وعصفور على بعضهما، مما يشير إلى تزايد حدة النقاش حول الخطاب الديني وتداخل السياسي مع الديني بصورة كبيرة، واستشعار النخبة الثقافية خطورة ذلك.
يشير تحليل الخطاب إلى تزايد اهتمام مواد الرأي بصحيفة الحياة بإشكالية علاقة الدين بالدولة، واستنكرت فوضى تداخل الدين مع السياسة وتداعياته السلبية على المشهد السياسي، وأشارت إلى أن جدلية الديني والسياسي كانت حاضرة على امتداد التاريخ الإسلامي، وعادت هذه الجدلية مع موجة الثورات العربية بعد أن استطاعت بعض الأحزاب الإسلامية توظيفه للوصول إلى الحكم، وأن المشكلة في التوظيف والاستخدام المتبادل بين الفضاء السياسي والديني.
وأشارت بعض الأطروحات بصحيفة الحياة إلى بعض التخوفات من أن تتجه بلدان الثورات العربية إلى نوع من الاستبداد الديني " يرث الاستبداد الأمني الذي شهدته تلك البلاد لعقود القمع الطويلة "، وحذرت من الاستبداد الديني ووصفته بأنه أكثر أنواع الاستبدادات إغواء، لأنه يسوغ لحكمه وطغيانه باسم الدين، وأنه ما يبعث على التخوف هو القناعة الذاتية لدى الإسلاميين بامتلاك الحق. وأشادت بالحل العلماني الذي حفظ التوازن بين الدين والسياسة، وأشارت بعض الأطروحات إلى أن الدول الإسلامية في مختلف مراحلها عرفت الفصل بين الدولة والدين، وإن كان بدرجات متفاوتة، وذلك لاختلاف الدين عن الدولة ولاختلاف المتدين عن الدين نفسه/ ولأن الدين باعتباره النص المنزل يختلف عن قراءة هذا النص وتفسيره وتطبيقه.
وأبرزت صحيفة الحياة العلاقة بين الدين والدولة في التاريخ الإسلامي الذي قسم إلى ثلاث مراحل دولة النبوة ودولة الخلافة الراشدة ثم ما بعد الخلافة الراشدة. ففي المرحلتين الأولى والثانية تحقق أعلى مستوى من توحد الدين مع الدولة، وتجلى ذلك في أن رجل الدين كان بالضرورة رئيس الدولة، وأن القضاء لم ينفصل كسلطة مستقلة عن سلطة الخلافة، حيث كان نشر الدين من بين أهداف الدولة. وفي المرحلة الثالثة أو ما بعد الخلافة الراشدة تغيرت الدولة والعلاقة بالدين وتقدم المعيار السياسي على المعيار الدينى في تولي الحكم وفي تداول السلطة، وبدأ المجال السياسي للدولة مع الدولة الأموية يتميز بحدوده ومقاييسه يشكل واضح عن المجال الديني.
انتقد بعض الأطروحات بصحيفة الحياة ارتباط الخطاب حول الهوية بالخطاب الديني فتصبح الهوية والدين متلازمين حيث " يسعى مروجو قدسية الهوية إلى القضاء على كل أنواع الهويات المغايرة ووسيلتهم في ذلك رفع راية الدين " وهكذا يسعى الخطاب الهوياتي لإضفاء القدسية والشرعية على نفسه، ويصبح الدين مجرد غطاء أيديولوجي، وتبدو خطابات الهوية التي أنتجها الفكر العربي الإسلامي أنها خطابات مبنية على الطابع العفوي والعاطفي وعلى ثنائية الأنا والآخر والرفض والقبول.
كما ناقشت صحيفة الحياة إشكالية الجدل بين العقل والنقل وعلاقتها بالصراع بين الخطاب الديني والسياسي، حيث أفرز الانقسام بينهما اصطفافات أيديولوجية اتخذت ما يمكن وصفه بالمعسكرين الأول الذي ينادي بالنقل والثاني هم أهل النظر العقلي، وانتقدت معسكر المنادين بالنقل.
وانتقدت بعض الأطروحات مظاهر تديين الفضاء العام واتجاه المجتمع نحو المحافظة في مناقشة قضايا الشأن العام، ومن بين تلك المظاهر الاتجاه التدريجي لمرجعيات النقاش إزاء أي شأن من شئون الحياة العامة أو السياسة أو الاقتصاد أو الفن لتتموضع على أرضية دينية، وعندما يتم هذا فإن الشأن العام يتحول إلى شأن ديني أو يتم إخراج كثيرين منه ابتداء أو إجبارهم على قبول المرجعية الدينية.
وانتقدت الصحيفة خطاب الإسلاميين بعد وصولهم للحكم، حيث أشارت إلى سيطرة نزعة الغلبة والهيمنة على السلوك السياسي للإسلاميين، وقد حلت مفاهيم التمكين والاستخلاف والحاكمية محل مفاهيم المشاركة والتعددية والتعاون والتنوع والاختلاف، وهي مصطلحات تترجم انتقال الإسلاميين من مرحلة الاستضعاف إلى القوة والتمكين.
3- فيما يتعلق بالموقف من المؤسسات الدينية
أشارت صحيفة الأهرام إلى دور الأزهر والمؤسسات الدينية في إزالة ماعلق بالخطاب الإسلامي من شوائب فكر الجهلاء، وأشارت إلى أن المكون الأزهري من الخطاب الديني هو أضعف تأثيرا من غيره إذ تقلص منذ السبعينيات مع تصاعد أصوات الخطابات الإخوانية والسلفية،وطلبت بعض الأطروحات من شيخ الأزهر تشكيل مجموعة من حكماء الأزهر وعلمائه دراسة أوضاع الخطاب الديني والعناصر التكوينية لتياراته، ومدى هيمنة وانتشار الخطابات المناهضة لخطابه وكيفية مواجهتها.
وأشادت صحيفة الأهرام بالقرارات التي يتخذها وزير الأوقاف الرامية لترشيد وتنظيم وتوحيد الخطاب الديني، ووصفت ذلك بالمبادرة الجريئة والشجاعة، وأبرزت أهمية ماقرره وزير الأوقاف بقصر صعود المنابر على الأزهريين وحدهم لضمان لغة مستنيرة تنهي أجواء الالتباس في عقول البسطاء. كما أشادت بقرار وزير الأوقاف بضم جميع المساجد والزوايا إلى وزارة الأوقاف من أجل ضبط الخطاب الديني المنفلت ومواجهة المد التكفيري.
ونشرت الصحيفة مقالا لوزير الأوقاف الذي عبر من خلاله عن رؤية الوزارة لتجديد الخطاب الديني وتجاوزها لمشكلات وجدليات التنظير وانتقالها العملي لتجديد الخطاب الديني من خلال عدة محاور منها اختيار الموضوعات وتحديد الرؤية الكلية والرسالة العامة التي تهدف الوزارة لتوصيلها بما يخدم المجتمع في إطار الحفاظ على الثوابت الشرعية.
اتضح موقف كتّاب مواد الرأي بصحيفة الحياة من المؤسسات الدينية الرسمية من قضية تجديد الخطاب الديني، وظهر ذلك في الإشادة بوثيقة الأزهر التي قدمها الشيخ الطيب بعد ثورة يناير، ووصف ما ورد في الوثيقة بأنه تطور مفصلى في الخطاب الديني المؤسسي المعاصر. كما تم الإشادة بخطاب ملك السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد اللـه بن عبد العزيز الذي تحدث فيه عن الإرهاب وخطورته ومسبباته وضرورة ملاحقته، وأكد الخطاب على ضرورة نزع الشرعية التي يتغلف بها دعاة الفتنة والفوضى في مجتمعنا، وحذر من خطورة تصاعد التحريض على الإرهاب في خطابات بعض المتطرفين.
4- فيما يتعلق بالقضايا التي يجب أن يتناولها الخطاب الديني
أشارت أطروحات صحيفة الأهرام إلى أن تجديد الخطاب الديني رسالة مخلصة لا تغفل ما يدور حولها ولا تفرط في مسئولية ما يجب توصيله، وأن تجديد ذلك الخطاب يعني استنكار العنف والفتنة والتمسك بالأخلاق كي تؤدي الأمة رسالتها. وأشارت الأهرام إلى أن من منطلقات الخطاب الديني الرشيد ضرورة العودة إلى السماحة وسعة الأفق وتجديد الفهم المتبصر لقضية المسئولية في الإسلام وضخ دماء الحيوية في قيمة العدل المطلق.
وأشارت خطابات صحيفة الحياة إلى أهمية الخطاب الديني ودوره المؤثر في صياغة العقل الجمعي وفي توجيه وتقويم السلوك العام في المجتمع ، واحتلاله مكانة وموقعا لا يضاهيه من حيث التأثير والانتشار أي خطاب آخر في المجتمع. وعنيت الصحيفة في عدة أطروحات بإبراز غياب المفاهيم الإنسانية في ذلك الخطاب وضعف الاهتمام بحقوق الإنسان وكرامته، فعلى الرغم من اهتمام النصوص المقدسة بالحديث عن الإنسان والدفاع عن حقه وحريته وتحريم الظلم والاعتداء على الآخرين، قد لا نجد انعكاسا لذلك في الخطاب الديني، حيث إن جل اهتمام العالم في فتواه أو الخطيب في منبره هو الدعوة إلى امتثال أوامر اللـه واجتناب نواهيه، في حين لا تزال القضايا المتعلقة بحرية وكرامة الإنسان وقيم العدل والمساواة ورفض التمييز تكمن في هوامش الظل ودوائر النسيان، وحثت الصحيفة على ضرورة الإعلاء من قيمة ومكانة الإنسان.
وأشارت الصحيفة إلى عدة مظاهر يتجلى فيها تهميش الأنسنة في الخطاب الديني والدعوى المعاصر أبرزها؛ غلبة الخطاب الأخروي على حساب الخطاب الدنيوي في مسائل الحياة المعاصرة، وإغفال الخطاب الحقوقي المدافع عن حرية الإنسان وكرامته وإحكام الديني والطائفي والقبلي على كل صور العلاقة بين الإنسان وغيره، فالإنسان قد لا ينال ذلك إلا وفق انتمائه الديني أو الطائفي.
5- فيما يتعلق بموقف الخطاب الصحفي من الدعاة
أبرزت صحيفة الأهرام أن من أهم مشكلات الخطاب الديني دخول غير المتخصصين إلى هذا المجال، وازدياد عدد المتطفلين على موائد الفتاوى والآراء مما ترتب عليه اختلال في المنظومة، حيث تكمن الأزمة في الاجتراء الشديد على قدسية الدين وثوابته ودخول عناصر لا علاقة لها بالدراسات الدينية إلى ساحة الإفتاء والدعوة.وحذرت من غياب تأثير الخطاب الديني المعتدل وتواري الخطاب المدني السليم من أنه يؤدي إلى نجاح المتطرفين في جذب قطاع من المواطنين إلى أفكارهم " غاب تأثير الخطاب الديني المعتدل بعد أن ركن جناح فيه إلى ما حفظوه من متون وشروح قديمة وأصبحت رؤيتهم تقليدية واجتهادهم عقيما ".
أشارت صحيفة الحياة إلى أن الدعاة الجدد الذين يظهرون في الفضائيات تجمعهم عدة سمات أبرزها؛ أنهم قادمون من قطاعات تعليمية مدنية أي غير دينية، وأنهم اكتسبوا ثقافتهم الدينية بأنفسهم وأنهم ينتمون إلى أوساط ثرية وراقية، ويظهرون مستقلين عن المؤسسة الدينية الرسمية من جهة والجماعات الإسلامية من جهة أخرى . وقد ظهر خطاب الدعاة الجدد ليوفي متطلبات الشباب الذين ينفتحون على الثقافة الغربية مع الالتزام بالقيم الدينية . وعنيت الصحيفة بإبراز مسئولية حملة الخطاب الديني في تجاوز سطحية الترديد من غير وعي لتطورات المعاني ودلالات المقاصد وتغير الزمان والمكان والظروف وضرورة مراجعة الكثير من الخطب والفتاوى، واعتبار المقاصد للكشف عن المعانى والخروج من ضيق اللفظ إلى سعة المعنى.
أشارت بعض أطروحات الأهرام إلى الحاجة إلى خطاب ديني مستنير يبرز للقاصي والداني أن الإسلام هو أول ديانة تطلق حق التفكير للإنسان لكي يحرر العقول من الأوهام والخرافات، وأنه يبيح للإنسان أن يفكر كما يشاء .
أشارت بعض أطروحات الحياة إلى أن التجديد داخل بنية الخطاب الديني بوجه عام والسلفي بوجه خاص ليس مجرد ترف، وإنما ضرورة ملحة يفرضها الزمان والمكان، وعلى هذا الخطاب أن يرتكز إلى ركيزتين أساسيتين الأولى: استلهام مقاصد الشريعة الإسلامية فشريعة الإسلام جاءت من أجل تحقيق مصلحة البشرية بدفعها إلى تحري المصالح وكشف المفاسد، فعلى الخطاب السلفي إعادة مقصد الحرية إلى مكانته اللائقة به في خطابه وإبراز قيمة العدل باعتبارها واحدة من أهم الفضائل الإنسانية. والثانية: مراعاة تغير الزمان والمكان فالخطاب الديني لا يتحرك في فراغ وإنما يرتبط ارتباطا وثيقا بالزمان والمكان.
وأشارت صحيفة الحياة إلى أنه لن يكون هناك أي تجديد أو تنوير إلا بتمكين العقل من أداء دوره الفاعل في تطوير الحياة ورقيها وتقدمها ..وأن التنوير في الفكر الإسلامي يمتزج فيه العقل والدين، من منطلق أنه لا يوجد أى تناقض بين مفردات العقل وتعاليم الدين, وأرجعت الصحيفة قصور الخطاب الديني اليوم إلى خلل حاد في المفاهيم، واستدعاء الخطاب للماضي دون النظر للمستقبل.
2- فيما يتعلق بعلاقة الخطاب الديني بالسياسة
يشير تحليل الخطاب الصحفي في الأهرام بشأن تجديد الخطاب الديني إلى أن الأطروحة المتعلقة بالعلاقة بين الدين والدولة قد حظيت باهتمام منتجي الخطابات الصحفية بشكل واضح، وأشارت بعض الأطروحات إلى أن الإسلام عرف تعدد الخطابات الدينية وتنوعها، وذلك بما يحقق مصالح المجموعة المنتجة لتلك الخطابات وتحيزاتها. وأنه منذ تأسيس الدولة المدنية الحديثة في زمن محمد علي بدأ الفصل بين الدين والدولة ونشأ خطاب ديني مستنير يؤمن بالفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية. وأشارت الصحيفة إلى دور الاستعمار القديم والجديد في تشجيع الجماعات المعادية للدولة المدنية الحديثة بأحلامها عن الحرية والعدل والكرامة الإنسانية والاستقلال الوطني، كما أنه من أسباب تشكل الخطابات المعادية للدولة المدنية العوامل الداخلية وعلى رأسها الاستبداد في الحكم الذي تحول – مع السادات – عن حلمه القوميفي مصر إلى انفتاح اقتصادى وتبعية سياسية لا تفرز إلا إتباعا فكريا وثقافيا. وأشارت إلى " تصاعد نزعات التديين بعد انتصار أكتوبر، وتصاعد الدعوة إلى دولة دينية في موازاة خطوات رسمية لأسلمة القوانين الوضعية مع الدعوة لإحياء أحكام الشريعة الإسلامية دون اعتبار لمتغيرات العصر، وكان ذلك النتيجة الطبيعية لإطلاق سراح الإخوان من السجون".
كما أشارت أطروحات الأهرام إلى تحول الخطاب الديني في السبعينيات إلى العنف؛ فالجماعة الإسلامية في السبعينيات كانت نزاعة إلى العنف وتحول الخطاب من كلمات عنف إلى أفعال عنف، وعندما انضمت الجماعة إلى الإخوان المسلمين فإن خطابها الديني ظل قرين العنف من ناحية العداء للدولة المدنية.
وأبرزت الأهرام نزوع الخطاب الديني إلى العنف في مراحل تاريخية سابقة، وأثر ذلك في حوادث العنف واغتيال العديد من الشخصيات السياسية المعارضة لتديين الدولة مثل اغتيال رفعت المحجوب في أكتوبر 1990، واغتيال فرج فودة ومن قبلها اغتيال القاضي الخازندار في 1928 ومحمود فهمي النقراشى بسبب قراره حل جماعة الإخوان المسلمين. وفسرت عنف الخطابات الدينية المتصارعة في مصر بأنه يتولد طبيعيا من إيمان كل جماعة منتجة للخطاب الديني أنها وحدها الفرقة الناجية ومن خالفها فهو من الفرق الضالة.
ومن جانب آخر يرى بعض الكتاب أن الخطاب الديني السائد يتبدى في صورتين الأولى صورة الدين الذي تستخدمه السلطة لتدافع عن شرعية وجودها وقراراتها. والصورة الثانية هي صورة الدين الذي يريد أن يستخدم السلطة أى يجعل من الدين سلطة وكلا الاثنين لا يعنيه روح الدين وإنما يعنيه السلطة وتوظيف الدين ليصبح في خدمة السلطة.
ومن الجدير بالذكر أن صحيفة الأهرام قد أفسحت المجال لسجال فكري بين وجهتي نظر حول علاقة الدين بالدولة، وبرز ذلك من خلال بعض المقالات للدكتور جابر عصفور والدكتور عباس شومان، مما يشير إلى أن القضية في بؤرة اهتمام قطاع كبير من النخبة الثقافية وأن الجدل حولها يبدو جليا. وقدمت الأهرام رؤيتين إحداهما للكاتب أحمد عبد المعطي حجازي والأخرى للدكتور محمد عبد الفضيل القوصي وزير الأوقاف الأسبق، كما نشرت تعقيب كلٍ من شومان وعصفور على بعضهما، مما يشير إلى تزايد حدة النقاش حول الخطاب الديني وتداخل السياسي مع الديني بصورة كبيرة، واستشعار النخبة الثقافية خطورة ذلك.
يشير تحليل الخطاب إلى تزايد اهتمام مواد الرأي بصحيفة الحياة بإشكالية علاقة الدين بالدولة، واستنكرت فوضى تداخل الدين مع السياسة وتداعياته السلبية على المشهد السياسي، وأشارت إلى أن جدلية الديني والسياسي كانت حاضرة على امتداد التاريخ الإسلامي، وعادت هذه الجدلية مع موجة الثورات العربية بعد أن استطاعت بعض الأحزاب الإسلامية توظيفه للوصول إلى الحكم، وأن المشكلة في التوظيف والاستخدام المتبادل بين الفضاء السياسي والديني.
وأشارت بعض الأطروحات بصحيفة الحياة إلى بعض التخوفات من أن تتجه بلدان الثورات العربية إلى نوع من الاستبداد الديني " يرث الاستبداد الأمني الذي شهدته تلك البلاد لعقود القمع الطويلة "، وحذرت من الاستبداد الديني ووصفته بأنه أكثر أنواع الاستبدادات إغواء، لأنه يسوغ لحكمه وطغيانه باسم الدين، وأنه ما يبعث على التخوف هو القناعة الذاتية لدى الإسلاميين بامتلاك الحق. وأشادت بالحل العلماني الذي حفظ التوازن بين الدين والسياسة، وأشارت بعض الأطروحات إلى أن الدول الإسلامية في مختلف مراحلها عرفت الفصل بين الدولة والدين، وإن كان بدرجات متفاوتة، وذلك لاختلاف الدين عن الدولة ولاختلاف المتدين عن الدين نفسه/ ولأن الدين باعتباره النص المنزل يختلف عن قراءة هذا النص وتفسيره وتطبيقه.
وأبرزت صحيفة الحياة العلاقة بين الدين والدولة في التاريخ الإسلامي الذي قسم إلى ثلاث مراحل دولة النبوة ودولة الخلافة الراشدة ثم ما بعد الخلافة الراشدة. ففي المرحلتين الأولى والثانية تحقق أعلى مستوى من توحد الدين مع الدولة، وتجلى ذلك في أن رجل الدين كان بالضرورة رئيس الدولة، وأن القضاء لم ينفصل كسلطة مستقلة عن سلطة الخلافة، حيث كان نشر الدين من بين أهداف الدولة. وفي المرحلة الثالثة أو ما بعد الخلافة الراشدة تغيرت الدولة والعلاقة بالدين وتقدم المعيار السياسي على المعيار الدينى في تولي الحكم وفي تداول السلطة، وبدأ المجال السياسي للدولة مع الدولة الأموية يتميز بحدوده ومقاييسه يشكل واضح عن المجال الديني.
انتقد بعض الأطروحات بصحيفة الحياة ارتباط الخطاب حول الهوية بالخطاب الديني فتصبح الهوية والدين متلازمين حيث " يسعى مروجو قدسية الهوية إلى القضاء على كل أنواع الهويات المغايرة ووسيلتهم في ذلك رفع راية الدين " وهكذا يسعى الخطاب الهوياتي لإضفاء القدسية والشرعية على نفسه، ويصبح الدين مجرد غطاء أيديولوجي، وتبدو خطابات الهوية التي أنتجها الفكر العربي الإسلامي أنها خطابات مبنية على الطابع العفوي والعاطفي وعلى ثنائية الأنا والآخر والرفض والقبول.
كما ناقشت صحيفة الحياة إشكالية الجدل بين العقل والنقل وعلاقتها بالصراع بين الخطاب الديني والسياسي، حيث أفرز الانقسام بينهما اصطفافات أيديولوجية اتخذت ما يمكن وصفه بالمعسكرين الأول الذي ينادي بالنقل والثاني هم أهل النظر العقلي، وانتقدت معسكر المنادين بالنقل.
وانتقدت بعض الأطروحات مظاهر تديين الفضاء العام واتجاه المجتمع نحو المحافظة في مناقشة قضايا الشأن العام، ومن بين تلك المظاهر الاتجاه التدريجي لمرجعيات النقاش إزاء أي شأن من شئون الحياة العامة أو السياسة أو الاقتصاد أو الفن لتتموضع على أرضية دينية، وعندما يتم هذا فإن الشأن العام يتحول إلى شأن ديني أو يتم إخراج كثيرين منه ابتداء أو إجبارهم على قبول المرجعية الدينية.
وانتقدت الصحيفة خطاب الإسلاميين بعد وصولهم للحكم، حيث أشارت إلى سيطرة نزعة الغلبة والهيمنة على السلوك السياسي للإسلاميين، وقد حلت مفاهيم التمكين والاستخلاف والحاكمية محل مفاهيم المشاركة والتعددية والتعاون والتنوع والاختلاف، وهي مصطلحات تترجم انتقال الإسلاميين من مرحلة الاستضعاف إلى القوة والتمكين.
3- فيما يتعلق بالموقف من المؤسسات الدينية
أشارت صحيفة الأهرام إلى دور الأزهر والمؤسسات الدينية في إزالة ماعلق بالخطاب الإسلامي من شوائب فكر الجهلاء، وأشارت إلى أن المكون الأزهري من الخطاب الديني هو أضعف تأثيرا من غيره إذ تقلص منذ السبعينيات مع تصاعد أصوات الخطابات الإخوانية والسلفية،وطلبت بعض الأطروحات من شيخ الأزهر تشكيل مجموعة من حكماء الأزهر وعلمائه دراسة أوضاع الخطاب الديني والعناصر التكوينية لتياراته، ومدى هيمنة وانتشار الخطابات المناهضة لخطابه وكيفية مواجهتها.
وأشادت صحيفة الأهرام بالقرارات التي يتخذها وزير الأوقاف الرامية لترشيد وتنظيم وتوحيد الخطاب الديني، ووصفت ذلك بالمبادرة الجريئة والشجاعة، وأبرزت أهمية ماقرره وزير الأوقاف بقصر صعود المنابر على الأزهريين وحدهم لضمان لغة مستنيرة تنهي أجواء الالتباس في عقول البسطاء. كما أشادت بقرار وزير الأوقاف بضم جميع المساجد والزوايا إلى وزارة الأوقاف من أجل ضبط الخطاب الديني المنفلت ومواجهة المد التكفيري.
ونشرت الصحيفة مقالا لوزير الأوقاف الذي عبر من خلاله عن رؤية الوزارة لتجديد الخطاب الديني وتجاوزها لمشكلات وجدليات التنظير وانتقالها العملي لتجديد الخطاب الديني من خلال عدة محاور منها اختيار الموضوعات وتحديد الرؤية الكلية والرسالة العامة التي تهدف الوزارة لتوصيلها بما يخدم المجتمع في إطار الحفاظ على الثوابت الشرعية.
اتضح موقف كتّاب مواد الرأي بصحيفة الحياة من المؤسسات الدينية الرسمية من قضية تجديد الخطاب الديني، وظهر ذلك في الإشادة بوثيقة الأزهر التي قدمها الشيخ الطيب بعد ثورة يناير، ووصف ما ورد في الوثيقة بأنه تطور مفصلى في الخطاب الديني المؤسسي المعاصر. كما تم الإشادة بخطاب ملك السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد اللـه بن عبد العزيز الذي تحدث فيه عن الإرهاب وخطورته ومسبباته وضرورة ملاحقته، وأكد الخطاب على ضرورة نزع الشرعية التي يتغلف بها دعاة الفتنة والفوضى في مجتمعنا، وحذر من خطورة تصاعد التحريض على الإرهاب في خطابات بعض المتطرفين.
4- فيما يتعلق بالقضايا التي يجب أن يتناولها الخطاب الديني
أشارت أطروحات صحيفة الأهرام إلى أن تجديد الخطاب الديني رسالة مخلصة لا تغفل ما يدور حولها ولا تفرط في مسئولية ما يجب توصيله، وأن تجديد ذلك الخطاب يعني استنكار العنف والفتنة والتمسك بالأخلاق كي تؤدي الأمة رسالتها. وأشارت الأهرام إلى أن من منطلقات الخطاب الديني الرشيد ضرورة العودة إلى السماحة وسعة الأفق وتجديد الفهم المتبصر لقضية المسئولية في الإسلام وضخ دماء الحيوية في قيمة العدل المطلق.
وأشارت خطابات صحيفة الحياة إلى أهمية الخطاب الديني ودوره المؤثر في صياغة العقل الجمعي وفي توجيه وتقويم السلوك العام في المجتمع ، واحتلاله مكانة وموقعا لا يضاهيه من حيث التأثير والانتشار أي خطاب آخر في المجتمع. وعنيت الصحيفة في عدة أطروحات بإبراز غياب المفاهيم الإنسانية في ذلك الخطاب وضعف الاهتمام بحقوق الإنسان وكرامته، فعلى الرغم من اهتمام النصوص المقدسة بالحديث عن الإنسان والدفاع عن حقه وحريته وتحريم الظلم والاعتداء على الآخرين، قد لا نجد انعكاسا لذلك في الخطاب الديني، حيث إن جل اهتمام العالم في فتواه أو الخطيب في منبره هو الدعوة إلى امتثال أوامر اللـه واجتناب نواهيه، في حين لا تزال القضايا المتعلقة بحرية وكرامة الإنسان وقيم العدل والمساواة ورفض التمييز تكمن في هوامش الظل ودوائر النسيان، وحثت الصحيفة على ضرورة الإعلاء من قيمة ومكانة الإنسان.
وأشارت الصحيفة إلى عدة مظاهر يتجلى فيها تهميش الأنسنة في الخطاب الديني والدعوى المعاصر أبرزها؛ غلبة الخطاب الأخروي على حساب الخطاب الدنيوي في مسائل الحياة المعاصرة، وإغفال الخطاب الحقوقي المدافع عن حرية الإنسان وكرامته وإحكام الديني والطائفي والقبلي على كل صور العلاقة بين الإنسان وغيره، فالإنسان قد لا ينال ذلك إلا وفق انتمائه الديني أو الطائفي.
5- فيما يتعلق بموقف الخطاب الصحفي من الدعاة
أبرزت صحيفة الأهرام أن من أهم مشكلات الخطاب الديني دخول غير المتخصصين إلى هذا المجال، وازدياد عدد المتطفلين على موائد الفتاوى والآراء مما ترتب عليه اختلال في المنظومة، حيث تكمن الأزمة في الاجتراء الشديد على قدسية الدين وثوابته ودخول عناصر لا علاقة لها بالدراسات الدينية إلى ساحة الإفتاء والدعوة.وحذرت من غياب تأثير الخطاب الديني المعتدل وتواري الخطاب المدني السليم من أنه يؤدي إلى نجاح المتطرفين في جذب قطاع من المواطنين إلى أفكارهم " غاب تأثير الخطاب الديني المعتدل بعد أن ركن جناح فيه إلى ما حفظوه من متون وشروح قديمة وأصبحت رؤيتهم تقليدية واجتهادهم عقيما ".
أشارت صحيفة الحياة إلى أن الدعاة الجدد الذين يظهرون في الفضائيات تجمعهم عدة سمات أبرزها؛ أنهم قادمون من قطاعات تعليمية مدنية أي غير دينية، وأنهم اكتسبوا ثقافتهم الدينية بأنفسهم وأنهم ينتمون إلى أوساط ثرية وراقية، ويظهرون مستقلين عن المؤسسة الدينية الرسمية من جهة والجماعات الإسلامية من جهة أخرى . وقد ظهر خطاب الدعاة الجدد ليوفي متطلبات الشباب الذين ينفتحون على الثقافة الغربية مع الالتزام بالقيم الدينية . وعنيت الصحيفة بإبراز مسئولية حملة الخطاب الديني في تجاوز سطحية الترديد من غير وعي لتطورات المعاني ودلالات المقاصد وتغير الزمان والمكان والظروف وضرورة مراجعة الكثير من الخطب والفتاوى، واعتبار المقاصد للكشف عن المعانى والخروج من ضيق اللفظ إلى سعة المعنى.
أشارت صحيفة الحياة إلى أن إشكالية خطابنا الديني أنه ينطلق من مركزية مجابهة الآخر الذي يحاول أن يبدل "ديننا أو أن يظهر في الأرض الفساد
ثالثاً : القوى الفاعلة في خطاب صحيفتي الدراسة حول تجديد الخطاب الديني
أ- القوى الفاعلة في خطاب الأهرام
1- فيما يتعلق بصورة منتجي الخطابات الدينية
أسفر تحليل خطاب الأهرام عن بروز صورة سلبية لمنتجي الخطابات الدينية في خطاب صحيفة الأهرام بنسبة ( 48.6 %) في مقابل ندرة ورود تصورات إيجابية لهم فيما عدا ارتباطها بمؤسسة الأزهر كمؤسسة دينية عريقة تحمل على عاتقها رسالة سامية، حيث تم وصف منتجي تلك الخطابات بأنهم يعتمدون في لغتهم الانفعالية القائمة على تفسيراتهم وتأويلاتهم للنص المقدس، كما وصفوا بأنهم قلة تشبهت بالعلماء واندست في صفوفهم وتحول الخطاب الإسلامي على أيديهم إلى ازدراء للدين واستهانة بمقدساته. وأشارت إلى أن جناح من منتجي تلك الخطابات ركن إلى ما حفظوه من متون وشروح قديمة، وأصبحت رؤيتهم تقليدية واجتهادهم عقيما وتخلفوا عن أداء دورهم الإسلامي القويم. كما تم وصفهم بأنهم يكرهون العقل " لأنه يزعجهم بأسئلته ويأخذهم بعيدا عن منطقة التسليم والإذعان التي ألقوا فيها رجالهم منذ قرون واستراحوا في سبات عميق". وأنهم لا يجيدون سوى النقل من الكتب الصفراء القديمة الزاخرة بالأساطير والخرافات بغير إعمال العقل، وأنهم اختاروا التقليد لا التجديد ولا يستطيعون تجاوز عتبة التفسيرات الدينية التقليدية.
ووصفت التيارات السلفية- كأحد منتجى الخطاب الديني –بأنها تعد رمزا صريحا للتخلف الثقافي، وأن مشايخها دأبوا على إصدار فتاوى دينية متطرفة تدل على جهل عميق بمقاصد الإسلام نتيجة تأويل منحرف للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأن هذه التيارات تصدر عن مبادئ متخلفة تعكس الرغبة الدفينة في العودة لأخلاقيات القرون الوسطى".
قدمت الخطابات الصحفية بالأهرام للمتشددين من منتجى الخطابات الدينية العديد من التصورات السلبية، ووصفتهم بأنهم الخوارج الذين يقيمون فكرهم المتطرف على تكفير الآخرين وإقصاء المخالفين لآرائهم وتوجهاتهم المريضة التي تنشر الفوضى وتثير الفتنة، وأنهم يستندون إلى حجج بلهاء يخترقون بها عقول البسطاء لترويج نهج المغالاة في التشدد والتطرف باسم الدين. ووصفتهم بأنهم يثير قلقهم الدعوة لمراجعة الخطاب الديني لأن مراجعة ذلك الخطاب تجردهم من أسلحتهم وتسقط حجتهم التي يحتكرون بها السلطة، وهي مرجعيتهم الدينية التي اكتسبوها قبل كل شيء بالخلط بين الدين والخطاب الديني الذي يتبنونه.
2- فيما يتعلق بصورة المؤسسات الدينية الرسمية
قدمت مؤسسة الأزهر بصورة شديدة الإيجابية في الأهرام حيث وصف الأزهر بأنه قام على احترام مذاهب أهل السنة والجماعة، وأنه منارة للاستنارة الدينية وحارسا للخطاب الديني المتجدد رحب الأفق. ووصف الأزهر بأنه مؤسسة علمية عريقة تشتغل بعلوم الدين وتميز بين أصوله وفروعه، وأنه تولى مشيخة الأزهر علماء كبار جمعوا بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الغربية من أمثال مصطفى المراغي ومصطفى عبد الرازق وأحمد الطيب، وظهر فيه مثقفون ثوريون يطالبون بالتجديد ويدافعون عن العقل وينحازون للديمقراطية من أمثال علي عبد الرازق وخالد محمد خالد.
وقدمت تصورات إيجابية لرفاعة الطهطاوي، حيث وصف بأنه "الأزهري الذكي"، "كان مدركا أنه يكتب لقرّاء في بيئة محافظة ومتخلفة ويهيمن عليها النص الديني التقليدي"، وأشاد بدوره في أن يقدم للقارئ في عصره كتابه الشهير "تخليص الإبريز في وصف باريس" النموذج الفكري الفرنسي الذي كان يقوم على مبدأ أساسي من مبادئ الحداثة الغربية، وهو أن العقل هو محك الحكم على الأشياء، وليس النص الديني "حاول بذكاء أن يقرب المبادئ المعرفية الغربية إلى أذهان المصريين الذين سيطرت عليهم مبادئ العقل التقليدي الديني، وذلك بإبراز نصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد المبادئ المعرفية الغربية".وأن أفكاره تمثل التقدم الفرنسي وعرف معنى وأهمية الفصل بين الدين والدولة.
وعلى الرغم من ذلك فقد تم انتقاد العلماء الأزهريين الحاليين ووصفهم بأنهم ظلوا متشبثين بكتبهم الصفراء وعلومهم الموروثة المحفوظة التي لا يضيفون إليها جديدا من علوم العصر ومكتشفاته ولا يراجعونها. وأنه تسرب مئات من غلاة المؤمنين بأفكار جماعة الإخوان والجهاد والتكفير إلى داخل القلعة الأزهرية، في حين أشير إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بأنه يقوم بجهود هائلة غير مسبوقة ومعه أزهريون لهم احترامهم يجمع الكثيرون على وسطية تفكيرهم.
وتشير هذه النتائج إلى ورود صورة إيجابية للأزهر كمؤسسة دينية تعمل على محاربة التطرف، في حين ارتبطت التصورات السلبية ببعض الشخصيات التي قد تنتمى للأزهر إلا أنها تغالي في النزعة النقلية وتركن إلى النصوص المتشددة، وذلك بهدف نفي بعض الاتهامات الموجهة إلى الأزهر بأنه يوظف لصالح النظام.
كما وصفت الصحيفة الأزهر والأوقاف بأنهما المؤهلان لقيادة الفكر الوسطي بلا إفراط أو تفريط، ولا توجد جهة في العالم كله يمكن أن تقوم في مواجهة الإرهاب الفكري. وأن الأزهر يعمل بكامل طاقته في حين تنخر الأبواق في أساسيات الدين وثوابته عبر الفضائيات وتهاجم المؤسسة الدينية الأكبر وشيخه التقي الزاهد.
ومن جانب آخر أشاد خطاب الأهرام بوزير الأوقاف، وقدم له العديد من التصورات الإيجابية، كما نسب إليه الكثير من الأدوار الإيجابية منها الإشادة بدوره في ترشيد وتوحيد الخطاب الديني " اقتحم وزير الأوقاف بشجاعة قضية ترشيد وتنظيم الخطاب بوعي صادق وإدراك سليم لخصوصية وحساسية القضية "."هذه المبادرة لحماية المجتمع من توجهات غير مسئولة واجتهادات جانحة تنطلق من فوق المنابر لكي تضع بذرة الإرهاب والتطرف في عقول البسطاء ".
3- فيما يتعلق بصورة العلمانيين
وعلى النقيض مما سبق، أبرز خطاب الأهرام صورة شديدة الإيجابية للتنويريين والعلمانيين ووصفهم بأنهم أصحاب مشروع التقدم والتجديد، وأنهم ليس أمامهم إلا أن يسيروا بأقصى سرعة نحو النزول إلى الأرض بين الناس، وفي المؤسسات المعنية تعليمية وثقافية لتضييق الخطوات الإجرائية التي تنمي الملكات وتفتح الباب أمام تيار متجدد يكتسح ضمور التكلس والركود،وأنه كان على المعارضين لتديين الدولة أن يدفعوا الثمن غاليا ليكونوا عبرة لغيرهم.
وقد وردت بعض التصورات السلبية النادرة للعلمانيين، وتم وصفهم بأنهم أدعياء التنوير وأنهم يخلطون بين الدين والفلسفة، وأنهم يدعون العقلانية ويستترون وراء حرية الرأي والنقد، وأشارت إلى أن خطاب وزارة الثقافة بالغ في الغلو اللا ديني إلى الحد الذي يستفز الكثيرين فيدفعهم إلى الغلو الديني مما يزرع الأشواك، ويضع الألغام على طريق الوسطية الإسلامية التي يعمل الأزهر على إشاعتها.
أ- القوى الفاعلة في خطاب الأهرام
1- فيما يتعلق بصورة منتجي الخطابات الدينية
أسفر تحليل خطاب الأهرام عن بروز صورة سلبية لمنتجي الخطابات الدينية في خطاب صحيفة الأهرام بنسبة ( 48.6 %) في مقابل ندرة ورود تصورات إيجابية لهم فيما عدا ارتباطها بمؤسسة الأزهر كمؤسسة دينية عريقة تحمل على عاتقها رسالة سامية، حيث تم وصف منتجي تلك الخطابات بأنهم يعتمدون في لغتهم الانفعالية القائمة على تفسيراتهم وتأويلاتهم للنص المقدس، كما وصفوا بأنهم قلة تشبهت بالعلماء واندست في صفوفهم وتحول الخطاب الإسلامي على أيديهم إلى ازدراء للدين واستهانة بمقدساته. وأشارت إلى أن جناح من منتجي تلك الخطابات ركن إلى ما حفظوه من متون وشروح قديمة، وأصبحت رؤيتهم تقليدية واجتهادهم عقيما وتخلفوا عن أداء دورهم الإسلامي القويم. كما تم وصفهم بأنهم يكرهون العقل " لأنه يزعجهم بأسئلته ويأخذهم بعيدا عن منطقة التسليم والإذعان التي ألقوا فيها رجالهم منذ قرون واستراحوا في سبات عميق". وأنهم لا يجيدون سوى النقل من الكتب الصفراء القديمة الزاخرة بالأساطير والخرافات بغير إعمال العقل، وأنهم اختاروا التقليد لا التجديد ولا يستطيعون تجاوز عتبة التفسيرات الدينية التقليدية.
ووصفت التيارات السلفية- كأحد منتجى الخطاب الديني –بأنها تعد رمزا صريحا للتخلف الثقافي، وأن مشايخها دأبوا على إصدار فتاوى دينية متطرفة تدل على جهل عميق بمقاصد الإسلام نتيجة تأويل منحرف للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأن هذه التيارات تصدر عن مبادئ متخلفة تعكس الرغبة الدفينة في العودة لأخلاقيات القرون الوسطى".
قدمت الخطابات الصحفية بالأهرام للمتشددين من منتجى الخطابات الدينية العديد من التصورات السلبية، ووصفتهم بأنهم الخوارج الذين يقيمون فكرهم المتطرف على تكفير الآخرين وإقصاء المخالفين لآرائهم وتوجهاتهم المريضة التي تنشر الفوضى وتثير الفتنة، وأنهم يستندون إلى حجج بلهاء يخترقون بها عقول البسطاء لترويج نهج المغالاة في التشدد والتطرف باسم الدين. ووصفتهم بأنهم يثير قلقهم الدعوة لمراجعة الخطاب الديني لأن مراجعة ذلك الخطاب تجردهم من أسلحتهم وتسقط حجتهم التي يحتكرون بها السلطة، وهي مرجعيتهم الدينية التي اكتسبوها قبل كل شيء بالخلط بين الدين والخطاب الديني الذي يتبنونه.
2- فيما يتعلق بصورة المؤسسات الدينية الرسمية
قدمت مؤسسة الأزهر بصورة شديدة الإيجابية في الأهرام حيث وصف الأزهر بأنه قام على احترام مذاهب أهل السنة والجماعة، وأنه منارة للاستنارة الدينية وحارسا للخطاب الديني المتجدد رحب الأفق. ووصف الأزهر بأنه مؤسسة علمية عريقة تشتغل بعلوم الدين وتميز بين أصوله وفروعه، وأنه تولى مشيخة الأزهر علماء كبار جمعوا بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الغربية من أمثال مصطفى المراغي ومصطفى عبد الرازق وأحمد الطيب، وظهر فيه مثقفون ثوريون يطالبون بالتجديد ويدافعون عن العقل وينحازون للديمقراطية من أمثال علي عبد الرازق وخالد محمد خالد.
وقدمت تصورات إيجابية لرفاعة الطهطاوي، حيث وصف بأنه "الأزهري الذكي"، "كان مدركا أنه يكتب لقرّاء في بيئة محافظة ومتخلفة ويهيمن عليها النص الديني التقليدي"، وأشاد بدوره في أن يقدم للقارئ في عصره كتابه الشهير "تخليص الإبريز في وصف باريس" النموذج الفكري الفرنسي الذي كان يقوم على مبدأ أساسي من مبادئ الحداثة الغربية، وهو أن العقل هو محك الحكم على الأشياء، وليس النص الديني "حاول بذكاء أن يقرب المبادئ المعرفية الغربية إلى أذهان المصريين الذين سيطرت عليهم مبادئ العقل التقليدي الديني، وذلك بإبراز نصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد المبادئ المعرفية الغربية".وأن أفكاره تمثل التقدم الفرنسي وعرف معنى وأهمية الفصل بين الدين والدولة.
وعلى الرغم من ذلك فقد تم انتقاد العلماء الأزهريين الحاليين ووصفهم بأنهم ظلوا متشبثين بكتبهم الصفراء وعلومهم الموروثة المحفوظة التي لا يضيفون إليها جديدا من علوم العصر ومكتشفاته ولا يراجعونها. وأنه تسرب مئات من غلاة المؤمنين بأفكار جماعة الإخوان والجهاد والتكفير إلى داخل القلعة الأزهرية، في حين أشير إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بأنه يقوم بجهود هائلة غير مسبوقة ومعه أزهريون لهم احترامهم يجمع الكثيرون على وسطية تفكيرهم.
وتشير هذه النتائج إلى ورود صورة إيجابية للأزهر كمؤسسة دينية تعمل على محاربة التطرف، في حين ارتبطت التصورات السلبية ببعض الشخصيات التي قد تنتمى للأزهر إلا أنها تغالي في النزعة النقلية وتركن إلى النصوص المتشددة، وذلك بهدف نفي بعض الاتهامات الموجهة إلى الأزهر بأنه يوظف لصالح النظام.
كما وصفت الصحيفة الأزهر والأوقاف بأنهما المؤهلان لقيادة الفكر الوسطي بلا إفراط أو تفريط، ولا توجد جهة في العالم كله يمكن أن تقوم في مواجهة الإرهاب الفكري. وأن الأزهر يعمل بكامل طاقته في حين تنخر الأبواق في أساسيات الدين وثوابته عبر الفضائيات وتهاجم المؤسسة الدينية الأكبر وشيخه التقي الزاهد.
ومن جانب آخر أشاد خطاب الأهرام بوزير الأوقاف، وقدم له العديد من التصورات الإيجابية، كما نسب إليه الكثير من الأدوار الإيجابية منها الإشادة بدوره في ترشيد وتوحيد الخطاب الديني " اقتحم وزير الأوقاف بشجاعة قضية ترشيد وتنظيم الخطاب بوعي صادق وإدراك سليم لخصوصية وحساسية القضية "."هذه المبادرة لحماية المجتمع من توجهات غير مسئولة واجتهادات جانحة تنطلق من فوق المنابر لكي تضع بذرة الإرهاب والتطرف في عقول البسطاء ".
3- فيما يتعلق بصورة العلمانيين
وعلى النقيض مما سبق، أبرز خطاب الأهرام صورة شديدة الإيجابية للتنويريين والعلمانيين ووصفهم بأنهم أصحاب مشروع التقدم والتجديد، وأنهم ليس أمامهم إلا أن يسيروا بأقصى سرعة نحو النزول إلى الأرض بين الناس، وفي المؤسسات المعنية تعليمية وثقافية لتضييق الخطوات الإجرائية التي تنمي الملكات وتفتح الباب أمام تيار متجدد يكتسح ضمور التكلس والركود،وأنه كان على المعارضين لتديين الدولة أن يدفعوا الثمن غاليا ليكونوا عبرة لغيرهم.
وقد وردت بعض التصورات السلبية النادرة للعلمانيين، وتم وصفهم بأنهم أدعياء التنوير وأنهم يخلطون بين الدين والفلسفة، وأنهم يدعون العقلانية ويستترون وراء حرية الرأي والنقد، وأشارت إلى أن خطاب وزارة الثقافة بالغ في الغلو اللا ديني إلى الحد الذي يستفز الكثيرين فيدفعهم إلى الغلو الديني مما يزرع الأشواك، ويضع الألغام على طريق الوسطية الإسلامية التي يعمل الأزهر على إشاعتها.
أبرز خطاب الأهرام صورة شديدة الإيجابية للتنويريين والعلمانيين ووصفهم بأنهم أصحاب مشروع التقدم والتجديد
ب- القوى الفاعلة في خطاب الحياة
1- فيما يتعلق بصورة منتجي الخطابات الدينية
أسفر تحليل خطاب جريدة الحياة عن ظهور صورة سلبية لمنتجي الخطابات الدينية، وقدم لهم العديد من السمات السلبية منها السطحية والترديد والتكرار دون وعي لتطورات المعاني والدلالات والمقاصد وتغيرات الزمان والظروف، واستدعاء الماضي دون النظر إلى المستقبل. كما نسب إليهم العديد من الأدوار السلبية من أبرزها غياب حاسة النقد وتراجع الفعل الاجتهادي، مما أدى إلى تعاظم الاحتقان الاجتماعي في ظل غياب أرضية مشتركة للحوار، وممارسة استقطاب حاد لأفكارهم الشخصية وأجندتهم الخاصة، وانطلاقهم من مجابهة الآخر والمغالاة في نقده، وأنهم يفيض خطابهم بعبارات الكراهية والاستبعاد وتبرير الممارسات العنيفة على أسس أيديولوجية وبث الفتاوى الدينية المبررة للعنف.
كما قدم خطاب الحياة العديد من التصورات والأدوار السلبية لأصحاب التيارات الإسلامية كأحد منتجي الخطاب الدينى منها؛ أنهم يقومون بتأسيس نوع خاص من الوصائية الدينية على بقية المسلمين وتمييز أنفسهم واعتبار أنفسهم حراس العقيدة ووسطاء الروح. وأنهم لم يقدموا سوى تصريحات عدائية للأقباط بل للمسلمين، وأن تأويلاتهم تقاوم الفكر والعلم والفنون الحديثة. ووصف التيار السلفي بأنه يعاني ندرة حقيقية في الفقهاء المجددين أصحاب الملكات الفقهية في تأصيل الاجتهاد الشرعي المعالج لقضايا العصر المتجدد.
كما ورد في الخطاب الصحفي للحياة صورة سلبية للإمام الشافعي أبرز من خلالها خطورة التأصيل الفقهي للشافعي، ووصفه بأنه عطل الفاعلية الإبداعية للإنسان، وعمل على تكبيل إرادته " فلولا الشافعي لظل العقل الإنساني هو مناط التفكير، ولأضحى انفكاك الدين عن الحياة أمرا ممكنا ".
ووصف الدعاة والوعاظ بأنهم يسعون للرأسمال الديني بعدما اكتشفوا أنه بوابة وجسر العبور نحو المال والجاه والسطوة، وأنهم يناهضون رجال الدين للمجال الدنيوي ويقحمونه في الدين حتى يظلوا يمارسون الهيمنة والتسلط.
2- فيما يتعلق بصورة المؤسسات الدينية الرسمية
الأزهر: قدم خطاب الحياة صورة إيجابية للأزهر، ونسب إليه العديد من الأدوار الإيجابية حيث أشير إلى أنه لعب دوره التاريخي في حماية الإسلام السني الوسطي، ورعاية التعليم الديني المعتدل،كما أشاد خطاب الحياة بالخطاب السياسي الرسمي لملك السعودية خادم الحرمين الشريفين الذي تحدث من خلاله عن خطورة الإرهاب، وعن الواقع المؤلم الذي نعيشه والناجم عن الصراعات في سبيل شعارات وتحزبات ما أنزل اللـه بها من سلطان .
3- فيما يتعلق بصورة العلمانيين
في مقابل الصورة السلبية التي قدمتها الحياة لمنتجي الخطابات الدينية أبرزت الصحيفة صورة إيجابية للآخر، وهم أصحاب التيار العلماني، ودافعت عن الحل العلماني الذي وصلت إليه تجربة الحداثة السياسية الذي يوفر للدين الفضاء الذي يعمل فيه ويوفر للسياسة الفضاء الذي تعمل خلاله، وأساس ذلك الحل احترام وتقديس الحرية السياسية والمدنية بما فيها حرية الحق في عدم التدين . ولم يسفر التحليل سوى عن مقال واحد تم فيه انتقاد المثقفين والتنويريين لاسيما المصريين، وذلك حينما قاموا بالهجوم على الفكر الوهابي وتغلغله في الثقافة المصرية، ورأى هذا المقال أن ذلك النقد يعكس حالة ارتباك يمر بها المثقفون المصريون، كما تم رصد مقال آخر قدم صورة متوازنة انتقد من خلالها كلا التيارين المحافظ والعلماني ووصف كليهما بأنه يدعي أنه يمثل المجتمع ويحاول فرض أجندته عليه. وأن الخطاب الليبرالي تقمص العقل الغربي وحاول استحضار الفكر الغربي بسياقاته مغفلا بنية المجتمع وذهنيته التاريخية والثقافية.
*أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال
*ووكيل كلية الإعلام – جامعة القاهرة
1- فيما يتعلق بصورة منتجي الخطابات الدينية
أسفر تحليل خطاب جريدة الحياة عن ظهور صورة سلبية لمنتجي الخطابات الدينية، وقدم لهم العديد من السمات السلبية منها السطحية والترديد والتكرار دون وعي لتطورات المعاني والدلالات والمقاصد وتغيرات الزمان والظروف، واستدعاء الماضي دون النظر إلى المستقبل. كما نسب إليهم العديد من الأدوار السلبية من أبرزها غياب حاسة النقد وتراجع الفعل الاجتهادي، مما أدى إلى تعاظم الاحتقان الاجتماعي في ظل غياب أرضية مشتركة للحوار، وممارسة استقطاب حاد لأفكارهم الشخصية وأجندتهم الخاصة، وانطلاقهم من مجابهة الآخر والمغالاة في نقده، وأنهم يفيض خطابهم بعبارات الكراهية والاستبعاد وتبرير الممارسات العنيفة على أسس أيديولوجية وبث الفتاوى الدينية المبررة للعنف.
كما قدم خطاب الحياة العديد من التصورات والأدوار السلبية لأصحاب التيارات الإسلامية كأحد منتجي الخطاب الدينى منها؛ أنهم يقومون بتأسيس نوع خاص من الوصائية الدينية على بقية المسلمين وتمييز أنفسهم واعتبار أنفسهم حراس العقيدة ووسطاء الروح. وأنهم لم يقدموا سوى تصريحات عدائية للأقباط بل للمسلمين، وأن تأويلاتهم تقاوم الفكر والعلم والفنون الحديثة. ووصف التيار السلفي بأنه يعاني ندرة حقيقية في الفقهاء المجددين أصحاب الملكات الفقهية في تأصيل الاجتهاد الشرعي المعالج لقضايا العصر المتجدد.
كما ورد في الخطاب الصحفي للحياة صورة سلبية للإمام الشافعي أبرز من خلالها خطورة التأصيل الفقهي للشافعي، ووصفه بأنه عطل الفاعلية الإبداعية للإنسان، وعمل على تكبيل إرادته " فلولا الشافعي لظل العقل الإنساني هو مناط التفكير، ولأضحى انفكاك الدين عن الحياة أمرا ممكنا ".
ووصف الدعاة والوعاظ بأنهم يسعون للرأسمال الديني بعدما اكتشفوا أنه بوابة وجسر العبور نحو المال والجاه والسطوة، وأنهم يناهضون رجال الدين للمجال الدنيوي ويقحمونه في الدين حتى يظلوا يمارسون الهيمنة والتسلط.
2- فيما يتعلق بصورة المؤسسات الدينية الرسمية
الأزهر: قدم خطاب الحياة صورة إيجابية للأزهر، ونسب إليه العديد من الأدوار الإيجابية حيث أشير إلى أنه لعب دوره التاريخي في حماية الإسلام السني الوسطي، ورعاية التعليم الديني المعتدل،كما أشاد خطاب الحياة بالخطاب السياسي الرسمي لملك السعودية خادم الحرمين الشريفين الذي تحدث من خلاله عن خطورة الإرهاب، وعن الواقع المؤلم الذي نعيشه والناجم عن الصراعات في سبيل شعارات وتحزبات ما أنزل اللـه بها من سلطان .
3- فيما يتعلق بصورة العلمانيين
في مقابل الصورة السلبية التي قدمتها الحياة لمنتجي الخطابات الدينية أبرزت الصحيفة صورة إيجابية للآخر، وهم أصحاب التيار العلماني، ودافعت عن الحل العلماني الذي وصلت إليه تجربة الحداثة السياسية الذي يوفر للدين الفضاء الذي يعمل فيه ويوفر للسياسة الفضاء الذي تعمل خلاله، وأساس ذلك الحل احترام وتقديس الحرية السياسية والمدنية بما فيها حرية الحق في عدم التدين . ولم يسفر التحليل سوى عن مقال واحد تم فيه انتقاد المثقفين والتنويريين لاسيما المصريين، وذلك حينما قاموا بالهجوم على الفكر الوهابي وتغلغله في الثقافة المصرية، ورأى هذا المقال أن ذلك النقد يعكس حالة ارتباك يمر بها المثقفون المصريون، كما تم رصد مقال آخر قدم صورة متوازنة انتقد من خلالها كلا التيارين المحافظ والعلماني ووصف كليهما بأنه يدعي أنه يمثل المجتمع ويحاول فرض أجندته عليه. وأن الخطاب الليبرالي تقمص العقل الغربي وحاول استحضار الفكر الغربي بسياقاته مغفلا بنية المجتمع وذهنيته التاريخية والثقافية.
*أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال
*ووكيل كلية الإعلام – جامعة القاهرة