إشكاليات الرقابة: الضوابط الأخلاقية والتشريعية لشبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية (1)
الثلاثاء 23/يونيو/2015 - 11:04 ص
أ.د. شريف درويش اللبان
في ظل الهيمنة الإعلامية للإعلام السائد، تبرز قدرة المواطن العربي على مقاومة الإعلام السائد عبر التعرض لمصادر المعلومات التي تتسق مع قيمه ومواقفه واتجاهاته، والابتعاد عن الإعلام الذي يصطدم مع تلك القيم والمواقف والاتجاهات. ويقدم ناشطو الإعلام البديل المعلومات اللازمة للحراك الاجتماعي والسياسي مثل تفاصيل اللقاءات والاعتصامات والتظاهرات وعناوين الشخصيات والجهات المستهدفة بالاحتجاج، مُشَكلين بذلك شبكات تضامنية بين المهتمين بقضايا الجمهور. وهكذا، فإن الإعلام البديل يتجاوز مجرد تقديم المعلومات إلى التحفيز والحشد والإثارة.
إن "الإعلام البديل" يمثل- في رأينا – جرس إنذار لوسائل الإعلام التقليدية من جرائد ومجلات وقنوات تليفزيون التي يشعر الناس بالإحباط تجاهها والشك في مصداقيتها والانزعاج من صعوبة الوصول إليها أو التأثير فيها، وعدم المشاركة في صياغة رسائلها الإعلامية، وهو ما يجب أن يدفع المؤسسات الإعلامية العربية إلى التخلص من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها عبر العقود، كما يحتاج الإعلاميون إلى وقفة صادقة وجهود جبارة لتصحيح أخطائهم وزيادة مصداقيتهم وتطوير ارتباطهم بالشارع وفتح أبوابهم للآراء الأخرى، وهي الوقفة والتوجه الذي حرصت عليه بعض الصحف الخاصة في مصر على سبيل المثال.
ويرى البعض أنه رغم عديدٍ من المشكلات التي يأنّ تحت وطأتها الإعلام التقليدي إلا أن "الإعلام البديل" يعاني أيضًا من مجموعة من المشكلات الأخرى قد لا تجعله الحل الأمثل، وقد تجعله أكثر خطرًا على المنظومة الثقافية للأمة العربية، حيث يعاني الشارع العربي من مشكلات جمة في التفكير تجعل آراءه أقرب إلى السطحية والتعميم ومرتبطة أكثر بالشائعات والشعارات الأيديولـوجية التي تلاقي هـواه، حتى لو لم يقـف المنطق إلى جانبها ولم يؤيدها التاريخ والعلم(1).
وتتسم مواقع الشبكات الاجتماعية بعديدٍ من السمات كالاندماج والمشاركة والانفتاح وغياب الحدود، والنمو الكبير الذي شهدته مواقع الشبكات الاجتماعية يفرض عددًا من التحديات على سياسات الإعلام التقليدية وما يتعلق بتنظيمها، فعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة لمواقع التواصل الاجتماعي فإن هنالك عديدًا من السلبيات والمخاوف المرتبطة بهذه المواقع، وتتمثل في الخصوصية وحماية البيانات وانتشار خطاب الكراهية والتحريض والبلطجة، وقضايا الملكية الفكرية أو حق المؤلف، وأيضا انتشار الشائعات المجهولة المصدر(2).
إن "الإعلام البديل" يمثل- في رأينا – جرس إنذار لوسائل الإعلام التقليدية من جرائد ومجلات وقنوات تليفزيون التي يشعر الناس بالإحباط تجاهها والشك في مصداقيتها والانزعاج من صعوبة الوصول إليها أو التأثير فيها، وعدم المشاركة في صياغة رسائلها الإعلامية، وهو ما يجب أن يدفع المؤسسات الإعلامية العربية إلى التخلص من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها عبر العقود، كما يحتاج الإعلاميون إلى وقفة صادقة وجهود جبارة لتصحيح أخطائهم وزيادة مصداقيتهم وتطوير ارتباطهم بالشارع وفتح أبوابهم للآراء الأخرى، وهي الوقفة والتوجه الذي حرصت عليه بعض الصحف الخاصة في مصر على سبيل المثال.
ويرى البعض أنه رغم عديدٍ من المشكلات التي يأنّ تحت وطأتها الإعلام التقليدي إلا أن "الإعلام البديل" يعاني أيضًا من مجموعة من المشكلات الأخرى قد لا تجعله الحل الأمثل، وقد تجعله أكثر خطرًا على المنظومة الثقافية للأمة العربية، حيث يعاني الشارع العربي من مشكلات جمة في التفكير تجعل آراءه أقرب إلى السطحية والتعميم ومرتبطة أكثر بالشائعات والشعارات الأيديولـوجية التي تلاقي هـواه، حتى لو لم يقـف المنطق إلى جانبها ولم يؤيدها التاريخ والعلم(1).
وتتسم مواقع الشبكات الاجتماعية بعديدٍ من السمات كالاندماج والمشاركة والانفتاح وغياب الحدود، والنمو الكبير الذي شهدته مواقع الشبكات الاجتماعية يفرض عددًا من التحديات على سياسات الإعلام التقليدية وما يتعلق بتنظيمها، فعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة لمواقع التواصل الاجتماعي فإن هنالك عديدًا من السلبيات والمخاوف المرتبطة بهذه المواقع، وتتمثل في الخصوصية وحماية البيانات وانتشار خطاب الكراهية والتحريض والبلطجة، وقضايا الملكية الفكرية أو حق المؤلف، وأيضا انتشار الشائعات المجهولة المصدر(2).
على الرغم من دور الشبكات الاجتماعية الإيجابي في مسيرة التغيير والإصلاح خلال المرحلة الانتقالية، فإنها كشفت عن دور سلبي أصبح يتزايد مع ضعف المواجهة وقلة الوعي
ويمكن حصر التأثيرات السلبية لهذه المواقع في مجموعة النقاط التالية:
- بث الأفكار الهدامة والدعوات المنحرفة والتجمعات الفاسدة: وهذا البث مما يحدث خللًا أمنيًا وفكريًا، وخاصة أن أكثر رواد الشبكات الاجتماعية من الشباب مما يسهل إغراؤهم وإغواؤهم بدعوات لا تحمل من الإصلاح شيئًا بل هي للهدم والتدمير، وقد تكون وراء ذلك منظمات وتجمعات، بل ودول لها أهداف تخريبية.
- عرض المواد الإباحية والفاضحة والخادشة للحياء: لقد ذكرت وزارة العدل الأمريكية في دراسة لها أن تجارة الدعارة والإباحية تجارة رائجة جدًا يبلغ رأسمالها ثمانية مليارات دولار ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة. وتشمل تجارة الدعارة وسائل عديدة كالكتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت. وتفيد إحصاءات المباحث الفيدرالية الأمريكية (FBI) أن تجارة الدعارة هي ثالث أكبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار.
- التشهير والفضيحة والمضايقة والتحايل والابتزاز والتزوير: وهي أخلاقية تظهر على الشبكة بشكل عام لسهولة التدوين والتخفي، وهي أخلاقيات لاتحتاج بالضرورة إلى معرفة تامة بالبرمجة والبرمجيات، ولا تستند في الغالب العام إلى مستند شرعي حقيقي، فلا يحتاج صاحبها للتدليل أو التعليل أو الإثبات، كل هذا تقابله أنظمة وقوانين لاتملك الرد الرادع لمثل هذه التصرفات.
والابتزاز قد يكون أخلاقيًا بصور أو مقاطع فيديو خاصة أو أخذت كرهًا وغصبًا وهي من أكثر صور الابتزاز على الشبكات الاجتماعية، وقد يكون ماليًا من قبل أشخاص أو من قبل عاملين في مؤسسة أو شركة خاصة عند ترك العمل أو الفصل ، فقد تكون بحوزته معلومات فيساوم صاحب المؤسسة أو الشركة على تلك المعلومات.
والتزوير من أكثر جرائم نظم المعلومات انتشارًا على الإطلاق، ويتم التزوير في صور شتى منها على سبيل المثال إدخال بيانات خاطئة أو التعديل البيانات الموجودة، ومن صورها على الشبكات الاجتماعية تزوير البيانات الخاصة للشخص مثلا الجنس أو العمر أو وضع صورة مخالفة للواقع.
- انتهاك الحقوق الخاصة والعامة :الخصوصية الشخصية الخاصة أو الخصوصية الاعتبارية للمواقع من الحقوق المحفوظة، والتي يعتبر الاعتداء عليها جرمًا يستحق صاحبها العقاب والتجريم، وقد أدى انتشار الشبكة وخاصة الاجتماعية بما تحمله من خصوصية اجتماعية للشخص والمواقع إلى سهولة هتك ستار الحقوق والتلاعب بها إما بالتعطيل أو التغيير أو بالاستغلال السلبي لها ولمعلوماتها.
ويتم انتهاك الخصوصية من خلال عدة طرق، منها انتحال الشخصية الخاصة للأفراد أو الاعتبارية للمواقع والشركات، فلكل شخصية فردية واعتبارية حقوقها المحفوظة، وخاصة للشخصيات المهمة والمتميزة وأصحاب الرئاسات الكبرى، وكذلك الحال مع المواقع الشهيرة والمتميزة، استغلالًا للنفوذ والشهرة والثقة الاعتبارية لكثير من الشخصيات والمواقع(3).
ومن هنا أثار موضوع الشبكات الاجتماعية عديدًا من المفاهيم والقضايا الخلافية حول أخلاقيات الشبكات الاجتماعية والجهة المنوطة بذلك إذا تم الاتفاق على مفهوم الأخلاقيات، وتم وضع أطر ومعايير حاكمة لها، وهنا يثور التساؤل حول من سيملك صلاحية التطبيق لتلك المعايير : هل لجهة منظمة أم للمؤسسات السياسية أم لمطوّري برامج الشبكات الاجتماعية أنفسهم؟ وكيف يمكن أن نجعل كلمة المعايير مفهومة ومتاحة لجماعات مختلفة من المستخدمين ذوي اهتمامات وخلفيات ومرجعيات وتوجهات مختلفة ؟ وما القوة المحركة التي تدفعهم للالتزام بها ؟ وما الذي يجبرهم على الاستمرار في الالتزام إن لم يلتزم الطرف الأخر في المقابل؟
وقد حاولت الدراسات الأكاديمية تقديم حلول لذلك وطرح ((ESS,2006 مفهوم أخلاقيات المعرفة العالمية كسياق مناسب لوضع إطار لأخلاقيات المعرفة (4)، بينما في المقابل طرح باحثون آخرون تطوير وتجديد وتطوير المداخل الأخلاقية الحالية مثل البراجماتية (Van den Eede2010) (5)، أخلاقيات الفضيلة (Vallor2010)(6) ، الرعاية والاهتمام الأخلاقي Hamington 2010)) (7) (Puotinen2011)(8). إن كل الأسئلة السابقة يتم مناقشتها في المجال الأكاديمي بغرض البحث والتأصيل والدراسة غير أنها لم ترق حتى الآن لرفاهية التطبيق (9).
فالنظرة العابرة لمواقع الشبكات الاجتماعية في مصر، على سبيل المثال، بل وفي بعض الدول العربية تكشف عن حجم المأساة والتدني الأخلاقي الذي شهدته مختلف الشبكات بعد اندلاع ما يُطلق عليه ثورات الربيع العربي – سواء عبر الفيس بوك أو تويتر – كانعكاس للوضع السياسي والاجتماعي بعد الثورة .
من هنا تسعى هذه الدراسة للإجابة عن تساؤلٍ رئيس وهو: ما الضوابط الأخلاقية والتشريعية التي يجب أن تلتزم بها شبكات التواصل الاجتماعي؟
ومن أجل تحقيق أهداف هذه الدراسة، فقد تم تقسيمها إلى أربعة مباحث: يتناول المبحث الأول إشكاليات شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية، في حين يتناول المبحث الثاني الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية، ويتناول المبحث الثالث مدى إمكانية مواجهة شبكات التواصل الاجتماعي بالفتاوى الدينية، وأخيرًا يضع المبحث الرابع إستراتيجية متكاملة لحوكمة شبكات التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية.
أولا- إشكاليات شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية
أثار إعلان وزارة الداخلية المصرية تنفيذ مشروع للرقابة على الشبكات الاجتماعية كثيرًا من الجدل حول مدى مشروعيته ومدى تأثيره على الحريات المدنية، ومدى علاقة ذلك بحماية أمن الفرد والمجتمع، ويأتي ذلك في ظل عدد من المتغيرات التي تتمثل في تزايد عدد مستخدمي الإنترنت وتصاعد حجم الأخطار المرتبطة بالشبكات الاجتماعية، والتي برزت كعنصر تهديد جديد للأمن القومي سواء من قبل أجهزة استخبارات دولية أو جماعات إرهابية أو باستخدامها في القرصنة والجريمة الإلكترونية، وتزامن ذلك مع تحولها لمنصة مهمة للرأي والتعبير، وفي ظل عملية التحول في طبيعة الحقوق والحريات.
- بث الأفكار الهدامة والدعوات المنحرفة والتجمعات الفاسدة: وهذا البث مما يحدث خللًا أمنيًا وفكريًا، وخاصة أن أكثر رواد الشبكات الاجتماعية من الشباب مما يسهل إغراؤهم وإغواؤهم بدعوات لا تحمل من الإصلاح شيئًا بل هي للهدم والتدمير، وقد تكون وراء ذلك منظمات وتجمعات، بل ودول لها أهداف تخريبية.
- عرض المواد الإباحية والفاضحة والخادشة للحياء: لقد ذكرت وزارة العدل الأمريكية في دراسة لها أن تجارة الدعارة والإباحية تجارة رائجة جدًا يبلغ رأسمالها ثمانية مليارات دولار ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة. وتشمل تجارة الدعارة وسائل عديدة كالكتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت. وتفيد إحصاءات المباحث الفيدرالية الأمريكية (FBI) أن تجارة الدعارة هي ثالث أكبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار.
- التشهير والفضيحة والمضايقة والتحايل والابتزاز والتزوير: وهي أخلاقية تظهر على الشبكة بشكل عام لسهولة التدوين والتخفي، وهي أخلاقيات لاتحتاج بالضرورة إلى معرفة تامة بالبرمجة والبرمجيات، ولا تستند في الغالب العام إلى مستند شرعي حقيقي، فلا يحتاج صاحبها للتدليل أو التعليل أو الإثبات، كل هذا تقابله أنظمة وقوانين لاتملك الرد الرادع لمثل هذه التصرفات.
والابتزاز قد يكون أخلاقيًا بصور أو مقاطع فيديو خاصة أو أخذت كرهًا وغصبًا وهي من أكثر صور الابتزاز على الشبكات الاجتماعية، وقد يكون ماليًا من قبل أشخاص أو من قبل عاملين في مؤسسة أو شركة خاصة عند ترك العمل أو الفصل ، فقد تكون بحوزته معلومات فيساوم صاحب المؤسسة أو الشركة على تلك المعلومات.
والتزوير من أكثر جرائم نظم المعلومات انتشارًا على الإطلاق، ويتم التزوير في صور شتى منها على سبيل المثال إدخال بيانات خاطئة أو التعديل البيانات الموجودة، ومن صورها على الشبكات الاجتماعية تزوير البيانات الخاصة للشخص مثلا الجنس أو العمر أو وضع صورة مخالفة للواقع.
- انتهاك الحقوق الخاصة والعامة :الخصوصية الشخصية الخاصة أو الخصوصية الاعتبارية للمواقع من الحقوق المحفوظة، والتي يعتبر الاعتداء عليها جرمًا يستحق صاحبها العقاب والتجريم، وقد أدى انتشار الشبكة وخاصة الاجتماعية بما تحمله من خصوصية اجتماعية للشخص والمواقع إلى سهولة هتك ستار الحقوق والتلاعب بها إما بالتعطيل أو التغيير أو بالاستغلال السلبي لها ولمعلوماتها.
ويتم انتهاك الخصوصية من خلال عدة طرق، منها انتحال الشخصية الخاصة للأفراد أو الاعتبارية للمواقع والشركات، فلكل شخصية فردية واعتبارية حقوقها المحفوظة، وخاصة للشخصيات المهمة والمتميزة وأصحاب الرئاسات الكبرى، وكذلك الحال مع المواقع الشهيرة والمتميزة، استغلالًا للنفوذ والشهرة والثقة الاعتبارية لكثير من الشخصيات والمواقع(3).
ومن هنا أثار موضوع الشبكات الاجتماعية عديدًا من المفاهيم والقضايا الخلافية حول أخلاقيات الشبكات الاجتماعية والجهة المنوطة بذلك إذا تم الاتفاق على مفهوم الأخلاقيات، وتم وضع أطر ومعايير حاكمة لها، وهنا يثور التساؤل حول من سيملك صلاحية التطبيق لتلك المعايير : هل لجهة منظمة أم للمؤسسات السياسية أم لمطوّري برامج الشبكات الاجتماعية أنفسهم؟ وكيف يمكن أن نجعل كلمة المعايير مفهومة ومتاحة لجماعات مختلفة من المستخدمين ذوي اهتمامات وخلفيات ومرجعيات وتوجهات مختلفة ؟ وما القوة المحركة التي تدفعهم للالتزام بها ؟ وما الذي يجبرهم على الاستمرار في الالتزام إن لم يلتزم الطرف الأخر في المقابل؟
وقد حاولت الدراسات الأكاديمية تقديم حلول لذلك وطرح ((ESS,2006 مفهوم أخلاقيات المعرفة العالمية كسياق مناسب لوضع إطار لأخلاقيات المعرفة (4)، بينما في المقابل طرح باحثون آخرون تطوير وتجديد وتطوير المداخل الأخلاقية الحالية مثل البراجماتية (Van den Eede2010) (5)، أخلاقيات الفضيلة (Vallor2010)(6) ، الرعاية والاهتمام الأخلاقي Hamington 2010)) (7) (Puotinen2011)(8). إن كل الأسئلة السابقة يتم مناقشتها في المجال الأكاديمي بغرض البحث والتأصيل والدراسة غير أنها لم ترق حتى الآن لرفاهية التطبيق (9).
فالنظرة العابرة لمواقع الشبكات الاجتماعية في مصر، على سبيل المثال، بل وفي بعض الدول العربية تكشف عن حجم المأساة والتدني الأخلاقي الذي شهدته مختلف الشبكات بعد اندلاع ما يُطلق عليه ثورات الربيع العربي – سواء عبر الفيس بوك أو تويتر – كانعكاس للوضع السياسي والاجتماعي بعد الثورة .
من هنا تسعى هذه الدراسة للإجابة عن تساؤلٍ رئيس وهو: ما الضوابط الأخلاقية والتشريعية التي يجب أن تلتزم بها شبكات التواصل الاجتماعي؟
ومن أجل تحقيق أهداف هذه الدراسة، فقد تم تقسيمها إلى أربعة مباحث: يتناول المبحث الأول إشكاليات شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية، في حين يتناول المبحث الثاني الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية، ويتناول المبحث الثالث مدى إمكانية مواجهة شبكات التواصل الاجتماعي بالفتاوى الدينية، وأخيرًا يضع المبحث الرابع إستراتيجية متكاملة لحوكمة شبكات التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية.
أولا- إشكاليات شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية
أثار إعلان وزارة الداخلية المصرية تنفيذ مشروع للرقابة على الشبكات الاجتماعية كثيرًا من الجدل حول مدى مشروعيته ومدى تأثيره على الحريات المدنية، ومدى علاقة ذلك بحماية أمن الفرد والمجتمع، ويأتي ذلك في ظل عدد من المتغيرات التي تتمثل في تزايد عدد مستخدمي الإنترنت وتصاعد حجم الأخطار المرتبطة بالشبكات الاجتماعية، والتي برزت كعنصر تهديد جديد للأمن القومي سواء من قبل أجهزة استخبارات دولية أو جماعات إرهابية أو باستخدامها في القرصنة والجريمة الإلكترونية، وتزامن ذلك مع تحولها لمنصة مهمة للرأي والتعبير، وفي ظل عملية التحول في طبيعة الحقوق والحريات.
يشير الواقع المصري إلى استخدام الشبكات الاجتماعية في جرائم الابتزاز وانتحال الشخصية وتشويه السمعة والسب والقذف، ناهيك عن الأعمال المنافية للآداب ونشر أفكار هدامة داخل المجتمع
فعلى الرغم من دور الشبكات الاجتماعية الإيجابي في مسيرة التغيير والإصلاح خلال المرحلة الانتقالية، وفي كل من موجتي التغيير في 25 يناير و30 يونيو، فإنها كشفت عن دور سلبي أصبح يتزايد مع ضعف المواجهة وقلة الوعي، وأصبحت تصيب تلك الآثار طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع عبر نشر اتجاهات عدم الثقة والتأثير السلبي في بنية المجتمع، وأتاحت البيئة الالكترونية المفتوحة والعابرة للحدود الفرصة أمام أطراف خارجية في التدخل في الشئون الداخلية. واستخدمت الجماعات الإرهابية الشبكات الاجتماعية كمنصة إعلامية جديدة لما توفره من سهولة في تدشين حسابات وصعوبة الحجب من قبل الدولة والعمل على اختراق القاعدة الشبابية، ويتم استخدام الشبكات الاجتماعية في شن الحملات الإلكترونية المغرضة، ويتم استخدام الصور والفيديوهات المتحيزة لوجهة نظر معينة لشحن الرأي العام والتي قد يتم تركيبها أو اختلاقها أو إعادة استخدامها بشكل يؤثر في تحريك الأحداث. وفي شن الحروب النفسية ونشر الشائعات التي قد تضرب المصالح القومية بغية التأثير على الاستقرار الداخلي.
وأصبح الارتباط المتزايد للأفراد بالخدمات التكنولوجية يعطي قابلية التعرض للاستخدام غير الآمن لمعلوماتهم الشخصية والتي تنتج جراء نشاطهم الإلكتروني في عديدٍ من المواقع والخدمات والشبكات والاتصالات، وهي بمثابة كنز مهم تلهث خلفه الشركات التجارية لاستخدامه في الهندسة الاجتماعية أو من جانب أجهزة الاستخبارات الدولية للاستفادة منه في التأثير على توجهات الأفراد ثم التأثير في المجتمعات والدول.
وأصبح الواقع المصري يشير إلى استخدام الشبكات الاجتماعية في جرائم الابتزاز والسرقة وانتحال الشخصية وتشويه السمعة والسب والقذف، ناهيك عن الأعمال المنافية للآداب ونشر أفكار هدامة داخل المجتمع. وهناك تأثير آخر يتعلق بإهدار الوقت والقوة البشرية لملايين من الشباب المصري وتأثيره على قيمة العمل والإنتاج والأسرة والعلاقات الاجتماعية. وتفرض تلك التحديات الجديدة الموازنة بين الحق في الاستخدام والحيلولة دون أن يمثل تهديدًا لأمن المجتمع، وهو ما يدفع إلى أهمية وجود ضوابط تحكم عملية الاستخدام وترشده، وأن يتم التعامل مع تلك الأخطار وفق خصائصها المتميزة، وهو ما يحتاج لإستراتيجية شاملة لا تركز فقط على الحل الأمني بل تأخذ في اعتبارها الأبعاد الأخرى كل كالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولعل أهمها هي قضية صناعة التكنولوجيا، وبخاصة مع تحالف الأجهزة الأمنية الكبرى بشكلٍ أو بآخر مع الشركات التكنولوجية في مجال البرمجيات أو الأجهزة التي تصنعها وتحتكرها. وهو الأمر الذي يجعل الدول المستهلكة عرضة للخطر سواء ما يتعلق بأمن مواطنيها أو التعرض للهجمات الإلكترونية ضد منشآت الدولة الحيوية، وهو ما يتطلب إدخال الفضاء الإلكتروني ضمن إستراتيجية الأمن القومي، وأن تستهدف كل مصادر الخطر لقيم المجتمع وليس النشطاء السياسيين، وأهمية العمل على الحفاظ على الحريات والخصوصية، وبخاصة مع نص الدستور المصري في المادة «57» في فقرتها الثانية على حماية المراسلات الإلكترونية والهاتفية وسرّيتها، وتؤكدها المادة «99» باعتبار الاعتداء على الحقوق والحريات جريمة لا تسقط بالتقادم. ويأتي إلى جانب ذلك تحديث الإطار القانوني الذي يحافظ على خصوصية الأفراد وأمنهم بتبني قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية وحماية المعلومات الشخصية، وأهمية دور الفرد في تحمله المسئولية وتنمية ثقافته حول الاستخدام الآمن، وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام في نشر الوعي، والرقابة القضائية والبرلمانية على أداء الأجهزة الأمنية، ونشر ثقافة أمن المعلومات، وهو الأمر الذي يفرض أهمية الاستثمار في تنمية صناعه التكنولوجيا وثقافة الإبداع والابتكار لدى الشباب بدلًا من الاستثمار في مجال برامج الرقابة والتجسس(10).
وقد أشار المهندس عادل عبد المنعم رئيس مجموعة المعلومات بغرفة صناعة التكولوجيا إلى أن مفهوم مراقبة وزارة الداخلية المصرية لشبكات التواصل الاجتماعى على الإنترنت، لا تعني متابعة أشخاص بعينهم، بينما هي مراقبة للمحتوى المتداول على الفيسبوك وتويتر، عن طريق عدة مصطلحات أو كلمات محظورة مثل "ثورة"، "انقلاب"، "مرسي"، "السيسي"، "مسيرة"، "قنبلة"، "حرق"، بالإضافة إلى الهاشتاجات التى لها دلالة معينة وتظهر في وقت محدد، فالغرض من تلك المراقبات هو الوصول إلى الأدمن. كما أن هناك عددًا من البرامج التي تهدف إلى رصد توجهات الأشخاص، أو المجموعات أو الجماعات عبر الإنترنت، والتي من بينها "داتا مينينج" Data Meaning الذي يتوقع المعلومات قبل كتابتها مثل ما يحدث في الحساب الشخصي للمواطن المصري على موقع الفيسبوك، عندما يظهر له عبارة "أشخاص ربما تعرفونهم"، وبرنامج آخر يدعى "بيسينس انتليجينت" Businss Intelligent؛ تلك البرامج جميعا تؤدي إلى إمكانية ربط العلاقات وتحليل البيانات وإعطاء معلومات، فتتيح الفرصة للوصول إلى أدمن الصفحات، بجانب تسهيل عملية اكتشاف مديري المواقع والصفحات التي تهدف إلى تدمير الوطن، فيستطيع من خلالها المعنيين بهذا الشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة. وأكد عبد المنعم أن وزارة الداخلية تبحث عن آلية تراقب كل من يحرض على أعمال العنف أو الإرهاب داخل البلاد، مشددًا على وضع ضوابط تشريعية وقانونية لمنع سوء استخدام هذه التقنية، مبررًا بأن الحوارات الخاصة لها حُرمة، ولكن في حالة أن يصبح الحوار عامًا ويؤثر على الأمن القومي للمجتمع فمن الضروري تدخل رجال الداخلية من أجل مراقبة خطوط تلك الحوارات(11).
وقد أعلن عددٌ من خبراء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن صعوبة وضع ميثاق شرف لأخلاقيات وضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي قبل توعية المشتركين بمخاطرها، موضحين أن دعوة دار الإفتاء المصرية بضرورة مراعاة الأعراف الاجتماعية، أمر منطقي، لكن هي فتقد إلى آليات التنفيذ. وأعربوا عن استيائهم من الاستناد إلى المعايير الدينية، في تقنين استخدام مواقع اشبكات الاجتماعية، مؤكدين أن الدولة بحاجة إلى وضع قواعد تحفيزية للمشتركين لابتكار تطبيقات جديدة تعود بالنفع على المجتمع، دون إساءة التعامل مع الإنترنت.
كانت دار الإفتاء المصرية قد أصدرت بيانًا، أظهرت فيه مجموعة من الضوابط الأخلاقية والاجتماعية والثقافية، التي يجب أن يراعيها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أثناء التصفح فيما بينهم أبرزها تحري الصدق والموثوقية والأمانة في طلب البيانات والمعلومات وتداولها، والتأكيد على حماية حقوق الملكية الفكرية وقوانين الفضاء الإلكتروني. كما لفتت إلى ضرورة الحفاظ على هوية الأمة الاسلامية والثقافية وشخصيتها الذاتية وعدم الانسياق وراء أخطار الانفتاح غير المنضبط، علاوة على الالتزام بالقيم الثقافية الإسلامية الجادة، والتي تتسم باحترام النزاهة والحوار والشفافية.
وقد اعتبر ناصر فؤاد رئيس التحالف المصرى لحريات الإنترنت أن الدعوة جيدة، ولكنها تفتقر إلى آليات التنفيذ والمراقبة، موضحًا أن تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحاجة أولًا إلى سن قانون لمكافحة الجريمة الإلكترونية، وحماية أمن المعلومات، وشدد على أهمية التزام المستخدمين بمجموعة من الضوابط عند تصفح هذه النوعية من المواقع بحيث لا يتحول الأمر إلى مجرد حبر على ورق، لافتًا النظر إلى ضرورة توعية المشتركين بخطورة نشر الشائعات التي ربما تهدد الأمن القومي للبلاد.
من جانبه أكد عثمان أبو النصر المدير الإقليمي لشركة «نوكيا سيمنز» للشبكات صعوبة تنفيذ الفكرة المطروحة، مبينًا أن شبكة الإنترنت عبارة عن عالم مفتوح لا يخضع لحدود زمنية ومكانية يمكن رصدها. واقترح قيام سلطات الدولة بإصدار حزمة توصيات للمستخدمين المحليين مرفقة بمقترحات للسوق العالمية، لتوضيح كيفية تقنين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي دون فرضها إجباريًا على زائريها.
وأشار سيد إسماعيل، الرئيس التنفيذي لشركة SI -TECHNOLOGIES للحلول التكنولوجية إلى أهمية قيام الدولة بتدشين برامج تحفيزية لمستخدمي الإنترنت لتشجيعهم على استخدام الشبكة العنكبوتية في تطوير تطبيقات مجتمعية تعود بالنفع على الصالح العام. وأعرب عن مخاوفه من اتخاذ الشعارات الدينية كوسيلة لحصار شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل الانفتاح التكنولوجي الذي يشهده العالم بأسره، مؤكدًا أن طرح البدائل الإيجابية والتوعية بمخاطرها أبرز أدوات تقنين استخدامها(12).
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تنتشر الشائعات مجهولة المصدر بين حينٍ وآخر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والمنتديات وخدمات البلاك بيري بشكلٍ أصبح يشكل هوسًا يوميًا لمشتركيها، والغريب أن هذه الشائعات والأخبار المغلوطة دائمًا ما تُنسب إلى الصحف، والقنوات التلفزيونية، والإذاعية، أو غيرها من الجهات الموثوقة، بهدف منحها صبغة رسمية ومرجعية، من قبل مروّجيها.
ورغم وجود عديدٍ من المزايا والإيجابيات في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن تطور صناعة الشائعات، وصياغتها بشكل يجعلها قابلة للتصديق وغير مبالغ فيها، جعلها وسيلة لترويج هذه الشائعات، فمثلًا صدر بيان من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي، بأن القصة والصور التي تناقلها الناس بكثافة على أجهزة البلاك بيري لسقوط طفل في سيتي سنتر، لم تقع في دبي كما روّج البعض، ونفت القيادة العامة لشرطة الفجيرة كذلك، ما أشيع عن مقتل مواطن في مشاجرة، مؤكدة أن المواطن تم نقله على الفور إلى قسم المخ والأعصاب لإجراء الإسعافات الأولية له وحالته مستقرة(13).
وشدد خبراء على ضرورة مراعاة الأخلاقيات والأعراف العامة على شبكات التواصل الاجتماعي، وأن يتحمل كل مستخدم لتلك المواقع مسئوليته، مشيرين إلى أن حرية التعبير التي أتاحتها الوسائل الاجتماعية تتطلب أن يراعي كل شخص ضميره فيما يكتب، وأن يفكر في أبعاد الكلمات التي ينشرها على صفحته أو حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يعمد إلى إثارة النعرات، أو ينشر كلامًا قد يتسبب في إيذاء الآخرين. ولفت الخبراء إلى قوة التأثير التي باتت تتمتع بها وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، على الرغم من أنها حديثة العهد، فخلال سنوات معدودة لم تعد محصورة في التواصل فحسب، إذ تعددت غاياتها لتضاهي قوة الوسائل الإعلامية في نشر المعلومات، وطرح القضايا والنقاشات، ولذا ينبغي تحري الدقة في نقل الأخبار والمعلومات.
وقد ذكر عمرو سليم عضو مجلس إدارة جمعية البحرين للإنترنت أن شريحة كبيرة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هي من فئة الشباب، وتمثل هذه الشريحة أكثر من نصف التعداد السكاني في أغلب الدول العربية التي تتميز بتركيبتها السكانية الشابة، وبالتالي فوسائل الإعلام القديمة إن لم تطور من محتواها ستكون بعيدة عن الناس. واعتبر سليم في لقاء على هامش "قمة الحكومات الخليجية للتواصل الاجتماعي"، الذي عُقد في دبي أن الطرق الخاصة باستخدام مواقع التواصل قد تكون إيجابية أو سلبية، لكن في الختام يمكننا الاستشهاد بمثل اقتصادي يقول ان العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، لكن طفو السيئ على السطح لن يستمر، فالاستمرار دائمًا لكل ما هو إيجابي.
وأضاف سليم، أن مواقع التواصل الاجتماعي عزّزت معرفة العرب بعضهم بعضًا، على عكس المشهور عنهم من قبل، من أن كثيرين منهم متميزون بكونهم يعرفون عن العالم الغربي أكثر من العربي، لافتًا النظر إلى أن مساحة الحرية في التواصل عبر المواقع الاجتماعية أدت في كثير من الأحيان إلى بروز ما يسمّى بالنعرات من خلال النقاشات التي تدور بين مرتادي تلك المواقع ، مستدركًا لكن هنا لا بد من طرح سؤال فيما اذا كانت المواقع الاجتماعية هي التي أثارت النعرات، أم أنها كانت موجودة، وطفت على السطح عبر المواقع؟.
وأصبح الارتباط المتزايد للأفراد بالخدمات التكنولوجية يعطي قابلية التعرض للاستخدام غير الآمن لمعلوماتهم الشخصية والتي تنتج جراء نشاطهم الإلكتروني في عديدٍ من المواقع والخدمات والشبكات والاتصالات، وهي بمثابة كنز مهم تلهث خلفه الشركات التجارية لاستخدامه في الهندسة الاجتماعية أو من جانب أجهزة الاستخبارات الدولية للاستفادة منه في التأثير على توجهات الأفراد ثم التأثير في المجتمعات والدول.
وأصبح الواقع المصري يشير إلى استخدام الشبكات الاجتماعية في جرائم الابتزاز والسرقة وانتحال الشخصية وتشويه السمعة والسب والقذف، ناهيك عن الأعمال المنافية للآداب ونشر أفكار هدامة داخل المجتمع. وهناك تأثير آخر يتعلق بإهدار الوقت والقوة البشرية لملايين من الشباب المصري وتأثيره على قيمة العمل والإنتاج والأسرة والعلاقات الاجتماعية. وتفرض تلك التحديات الجديدة الموازنة بين الحق في الاستخدام والحيلولة دون أن يمثل تهديدًا لأمن المجتمع، وهو ما يدفع إلى أهمية وجود ضوابط تحكم عملية الاستخدام وترشده، وأن يتم التعامل مع تلك الأخطار وفق خصائصها المتميزة، وهو ما يحتاج لإستراتيجية شاملة لا تركز فقط على الحل الأمني بل تأخذ في اعتبارها الأبعاد الأخرى كل كالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولعل أهمها هي قضية صناعة التكنولوجيا، وبخاصة مع تحالف الأجهزة الأمنية الكبرى بشكلٍ أو بآخر مع الشركات التكنولوجية في مجال البرمجيات أو الأجهزة التي تصنعها وتحتكرها. وهو الأمر الذي يجعل الدول المستهلكة عرضة للخطر سواء ما يتعلق بأمن مواطنيها أو التعرض للهجمات الإلكترونية ضد منشآت الدولة الحيوية، وهو ما يتطلب إدخال الفضاء الإلكتروني ضمن إستراتيجية الأمن القومي، وأن تستهدف كل مصادر الخطر لقيم المجتمع وليس النشطاء السياسيين، وأهمية العمل على الحفاظ على الحريات والخصوصية، وبخاصة مع نص الدستور المصري في المادة «57» في فقرتها الثانية على حماية المراسلات الإلكترونية والهاتفية وسرّيتها، وتؤكدها المادة «99» باعتبار الاعتداء على الحقوق والحريات جريمة لا تسقط بالتقادم. ويأتي إلى جانب ذلك تحديث الإطار القانوني الذي يحافظ على خصوصية الأفراد وأمنهم بتبني قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية وحماية المعلومات الشخصية، وأهمية دور الفرد في تحمله المسئولية وتنمية ثقافته حول الاستخدام الآمن، وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام في نشر الوعي، والرقابة القضائية والبرلمانية على أداء الأجهزة الأمنية، ونشر ثقافة أمن المعلومات، وهو الأمر الذي يفرض أهمية الاستثمار في تنمية صناعه التكنولوجيا وثقافة الإبداع والابتكار لدى الشباب بدلًا من الاستثمار في مجال برامج الرقابة والتجسس(10).
وقد أشار المهندس عادل عبد المنعم رئيس مجموعة المعلومات بغرفة صناعة التكولوجيا إلى أن مفهوم مراقبة وزارة الداخلية المصرية لشبكات التواصل الاجتماعى على الإنترنت، لا تعني متابعة أشخاص بعينهم، بينما هي مراقبة للمحتوى المتداول على الفيسبوك وتويتر، عن طريق عدة مصطلحات أو كلمات محظورة مثل "ثورة"، "انقلاب"، "مرسي"، "السيسي"، "مسيرة"، "قنبلة"، "حرق"، بالإضافة إلى الهاشتاجات التى لها دلالة معينة وتظهر في وقت محدد، فالغرض من تلك المراقبات هو الوصول إلى الأدمن. كما أن هناك عددًا من البرامج التي تهدف إلى رصد توجهات الأشخاص، أو المجموعات أو الجماعات عبر الإنترنت، والتي من بينها "داتا مينينج" Data Meaning الذي يتوقع المعلومات قبل كتابتها مثل ما يحدث في الحساب الشخصي للمواطن المصري على موقع الفيسبوك، عندما يظهر له عبارة "أشخاص ربما تعرفونهم"، وبرنامج آخر يدعى "بيسينس انتليجينت" Businss Intelligent؛ تلك البرامج جميعا تؤدي إلى إمكانية ربط العلاقات وتحليل البيانات وإعطاء معلومات، فتتيح الفرصة للوصول إلى أدمن الصفحات، بجانب تسهيل عملية اكتشاف مديري المواقع والصفحات التي تهدف إلى تدمير الوطن، فيستطيع من خلالها المعنيين بهذا الشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة. وأكد عبد المنعم أن وزارة الداخلية تبحث عن آلية تراقب كل من يحرض على أعمال العنف أو الإرهاب داخل البلاد، مشددًا على وضع ضوابط تشريعية وقانونية لمنع سوء استخدام هذه التقنية، مبررًا بأن الحوارات الخاصة لها حُرمة، ولكن في حالة أن يصبح الحوار عامًا ويؤثر على الأمن القومي للمجتمع فمن الضروري تدخل رجال الداخلية من أجل مراقبة خطوط تلك الحوارات(11).
وقد أعلن عددٌ من خبراء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن صعوبة وضع ميثاق شرف لأخلاقيات وضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي قبل توعية المشتركين بمخاطرها، موضحين أن دعوة دار الإفتاء المصرية بضرورة مراعاة الأعراف الاجتماعية، أمر منطقي، لكن هي فتقد إلى آليات التنفيذ. وأعربوا عن استيائهم من الاستناد إلى المعايير الدينية، في تقنين استخدام مواقع اشبكات الاجتماعية، مؤكدين أن الدولة بحاجة إلى وضع قواعد تحفيزية للمشتركين لابتكار تطبيقات جديدة تعود بالنفع على المجتمع، دون إساءة التعامل مع الإنترنت.
كانت دار الإفتاء المصرية قد أصدرت بيانًا، أظهرت فيه مجموعة من الضوابط الأخلاقية والاجتماعية والثقافية، التي يجب أن يراعيها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أثناء التصفح فيما بينهم أبرزها تحري الصدق والموثوقية والأمانة في طلب البيانات والمعلومات وتداولها، والتأكيد على حماية حقوق الملكية الفكرية وقوانين الفضاء الإلكتروني. كما لفتت إلى ضرورة الحفاظ على هوية الأمة الاسلامية والثقافية وشخصيتها الذاتية وعدم الانسياق وراء أخطار الانفتاح غير المنضبط، علاوة على الالتزام بالقيم الثقافية الإسلامية الجادة، والتي تتسم باحترام النزاهة والحوار والشفافية.
وقد اعتبر ناصر فؤاد رئيس التحالف المصرى لحريات الإنترنت أن الدعوة جيدة، ولكنها تفتقر إلى آليات التنفيذ والمراقبة، موضحًا أن تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحاجة أولًا إلى سن قانون لمكافحة الجريمة الإلكترونية، وحماية أمن المعلومات، وشدد على أهمية التزام المستخدمين بمجموعة من الضوابط عند تصفح هذه النوعية من المواقع بحيث لا يتحول الأمر إلى مجرد حبر على ورق، لافتًا النظر إلى ضرورة توعية المشتركين بخطورة نشر الشائعات التي ربما تهدد الأمن القومي للبلاد.
من جانبه أكد عثمان أبو النصر المدير الإقليمي لشركة «نوكيا سيمنز» للشبكات صعوبة تنفيذ الفكرة المطروحة، مبينًا أن شبكة الإنترنت عبارة عن عالم مفتوح لا يخضع لحدود زمنية ومكانية يمكن رصدها. واقترح قيام سلطات الدولة بإصدار حزمة توصيات للمستخدمين المحليين مرفقة بمقترحات للسوق العالمية، لتوضيح كيفية تقنين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي دون فرضها إجباريًا على زائريها.
وأشار سيد إسماعيل، الرئيس التنفيذي لشركة SI -TECHNOLOGIES للحلول التكنولوجية إلى أهمية قيام الدولة بتدشين برامج تحفيزية لمستخدمي الإنترنت لتشجيعهم على استخدام الشبكة العنكبوتية في تطوير تطبيقات مجتمعية تعود بالنفع على الصالح العام. وأعرب عن مخاوفه من اتخاذ الشعارات الدينية كوسيلة لحصار شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل الانفتاح التكنولوجي الذي يشهده العالم بأسره، مؤكدًا أن طرح البدائل الإيجابية والتوعية بمخاطرها أبرز أدوات تقنين استخدامها(12).
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تنتشر الشائعات مجهولة المصدر بين حينٍ وآخر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والمنتديات وخدمات البلاك بيري بشكلٍ أصبح يشكل هوسًا يوميًا لمشتركيها، والغريب أن هذه الشائعات والأخبار المغلوطة دائمًا ما تُنسب إلى الصحف، والقنوات التلفزيونية، والإذاعية، أو غيرها من الجهات الموثوقة، بهدف منحها صبغة رسمية ومرجعية، من قبل مروّجيها.
ورغم وجود عديدٍ من المزايا والإيجابيات في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن تطور صناعة الشائعات، وصياغتها بشكل يجعلها قابلة للتصديق وغير مبالغ فيها، جعلها وسيلة لترويج هذه الشائعات، فمثلًا صدر بيان من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي، بأن القصة والصور التي تناقلها الناس بكثافة على أجهزة البلاك بيري لسقوط طفل في سيتي سنتر، لم تقع في دبي كما روّج البعض، ونفت القيادة العامة لشرطة الفجيرة كذلك، ما أشيع عن مقتل مواطن في مشاجرة، مؤكدة أن المواطن تم نقله على الفور إلى قسم المخ والأعصاب لإجراء الإسعافات الأولية له وحالته مستقرة(13).
وشدد خبراء على ضرورة مراعاة الأخلاقيات والأعراف العامة على شبكات التواصل الاجتماعي، وأن يتحمل كل مستخدم لتلك المواقع مسئوليته، مشيرين إلى أن حرية التعبير التي أتاحتها الوسائل الاجتماعية تتطلب أن يراعي كل شخص ضميره فيما يكتب، وأن يفكر في أبعاد الكلمات التي ينشرها على صفحته أو حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يعمد إلى إثارة النعرات، أو ينشر كلامًا قد يتسبب في إيذاء الآخرين. ولفت الخبراء إلى قوة التأثير التي باتت تتمتع بها وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، على الرغم من أنها حديثة العهد، فخلال سنوات معدودة لم تعد محصورة في التواصل فحسب، إذ تعددت غاياتها لتضاهي قوة الوسائل الإعلامية في نشر المعلومات، وطرح القضايا والنقاشات، ولذا ينبغي تحري الدقة في نقل الأخبار والمعلومات.
وقد ذكر عمرو سليم عضو مجلس إدارة جمعية البحرين للإنترنت أن شريحة كبيرة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هي من فئة الشباب، وتمثل هذه الشريحة أكثر من نصف التعداد السكاني في أغلب الدول العربية التي تتميز بتركيبتها السكانية الشابة، وبالتالي فوسائل الإعلام القديمة إن لم تطور من محتواها ستكون بعيدة عن الناس. واعتبر سليم في لقاء على هامش "قمة الحكومات الخليجية للتواصل الاجتماعي"، الذي عُقد في دبي أن الطرق الخاصة باستخدام مواقع التواصل قد تكون إيجابية أو سلبية، لكن في الختام يمكننا الاستشهاد بمثل اقتصادي يقول ان العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، لكن طفو السيئ على السطح لن يستمر، فالاستمرار دائمًا لكل ما هو إيجابي.
وأضاف سليم، أن مواقع التواصل الاجتماعي عزّزت معرفة العرب بعضهم بعضًا، على عكس المشهور عنهم من قبل، من أن كثيرين منهم متميزون بكونهم يعرفون عن العالم الغربي أكثر من العربي، لافتًا النظر إلى أن مساحة الحرية في التواصل عبر المواقع الاجتماعية أدت في كثير من الأحيان إلى بروز ما يسمّى بالنعرات من خلال النقاشات التي تدور بين مرتادي تلك المواقع ، مستدركًا لكن هنا لا بد من طرح سؤال فيما اذا كانت المواقع الاجتماعية هي التي أثارت النعرات، أم أنها كانت موجودة، وطفت على السطح عبر المواقع؟.
نص الدستور المصري في المادة 57 في فقرتها الثانية على حماية المراسلات الإلكترونية والهاتفية وسرّيتها، وتؤكدها المادة «99» باعتبار الاعتداء على الحقوق والحريات جريمة لا تسقط بالتقادم
وذكر سليم أن كل ما يحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي في النقاشات العادية التي تدور بين الناس، فيها الكثير من السلبيات والإيجابيات، لكن الناس غالبًا مايتوقفون عند السلبي، مشددًا على أن أي مستخدم لمواقع التواصل يجب ان يراعي ضميره فيمايكتب ، وعليه حين يقرر التعبير عن رأيه أن يفكر في أبعاد ما يمكن أن يؤدي إليه ما يكتبه، وإذا كان من الممكن أن يؤذي مشاعر أي إنسان، كما ينبغي تحري الدقة، فهناك الكثير من المعلومات التي تُنشر عبر المواقع ولا تمت للواقع بصلة، فعلى سبيل المثال "قرأت خبرًا عن رائدة فضاء على الـفيس بوك، وأنها بعد أن رأت الأرض من الفضاء أسلمت، وبعد أن بحثت عن رائدة الفضاء وجلبت كل الأخبار التي نشرت عنها في الوسائل الإعلامية، تأكدت من أنه لا علاقة لها بالخبر بكلمة، لذا يجب التعاطي مع هذه الوسائل بجدية كبيرة ودقة عالية"(14).
وفي البحرين أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا مهمًا وفاعلًا في الحياة الاجتماعية تؤثر فيها سلبًا وإيجابًا، وباتت بمثابة الأرض الخصبة لترويج الشائعات والأكاذيب التي تتعلق بالرموز الوطنية والدينية، والحث على الإرهاب والتخريب من دون أن يكون هنا كرادع قانوني لأصحاب الحسابات الشخصية على هذه المواقع، نظرًا إلى نقص التشريعات، وبالتالي قصور القانون عن ملاحقة هؤلاء الأشخاص.
وذكر مدير الإعلام الأمني بوزارة الداخلية البحرينية محمد بندينه خلال الملتقى الإعلامي الخليجي حول "وسائل التواصل الاجتماعي بين حرية الرأي والتعبير والحفاظ على الأمن القومي" بإحالة الحكومة مشروع قانون متطور يتفق مع الحقوق التي كفلها الدستور البحريني إلى مجلس النواب، وفي مقدمته احترام حقوق الإنسان بشأن تجريم القذف والسب على شبكات التواصل الاجتماعي، ويجعل ارتكاب هذه الجريمة تحت اسم مستعار بمثابة ظرف مشدد، مشيرًا إلى أن هدف التشريع تحقيق الصالح العام وليس موجهًا ضد أفراد أو مؤسسات بعينها، مؤكدًا أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تشكل في حد ذاتها تهديدًا للأمن الوطني وإنما المشكلة الحقيقية تتمثل في فكر مستخدميها والقائمين عليها، والأخطر من ذلك هو التوظيف الممنهج لها في استهداف أمن واستقرار الدولة، وأشار بندينه إلى أن وزارة الداخلية البحرينية أنشأت إدارة متخصصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وقد قامت بضبط عديدٍ من الأشخاص الذين يقومون بنشر معلومات مغلوطة عبر الإنترنت، كما باشرت الإدارة منذ مطلع العام الماضي 257 قضية، منها التشهير وانتحال الوظائف ومخالفة القوانين، وقامت كذلك بدور توعوي حتى لا ينجر الناس وراء ارتكاب هذه المخالفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول نواف محمد عبد الرحمن، رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للإنترنت: إن الإنترنت بمثابة مجتمعات متكاملة تمثل امتدادًا وانعكاسًا للمجتمعات الموجودة على أرض الواقع، والتي تزخر بالتشريعات والقوانين والتوعية والتربية، بينما هذه الأشياء مفقودة بالنسبة لمجتمعات الإنترنت، التي تمثل تواصلًا بين مختلف الأجناس والفئات. ولرفع مستوى التواصل الاجتماعي نحن نحتاج إلى قوانين وتشريعات، ولكن قبل ذلك نحتاج إلى تربية صحيحة وتوعية لأن مواقع التواصل أصبحت موجودة في هواتف الأطفال، وأن نعلّم أبناءنا وضع القيود والحدود في أسلوب التعامل مع شبكات التواصل، لأننا في أرض الواقع نتعامل مع الشخصيات وجها لوجه، ولكن في عالم الإنترنت، وإن تعاملنا معًا بأسماء وصور حقيقية، ولكن الأشخاص قد يكونون غير حقيقيين، وبالتالي قد يتعرض المتعاملون معهم للاستغلال، ثم تأتي التشريعات والقوانين في المرتبة الثالثة بعد التربية والتوعية لحوكمة عالم الإنترنت والتواصل الاجتماعي، على أساس أن يكون لكل شخص حقوق وواجبات، ولذلك فهي منظومة متكاملة بين أطراف المجتمع لتوعية كل الأطراف في العالم وخلق مجتمع صحي في شبكات التواصل الاجتماعي(15).
وقال قانونيون ومهتمون ومختصون في الصحافة الإلكترونية: إن انتشار التجاوزات والإساءات في الصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يحتم أهمية وضرورة التنظيم القانوني، مطالبين بإدراج قانون الصحافة الإلكترونية تحت قانون الصحافة المزمع المصادقة عليه، وأكدوا أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية أصبح كبيرًا ومباشرًا ، إن اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا، ولا بد من تنظيم العمل فيها بحيث يكون هنا كتقنين لعمل هذه المواقع، مشيرين إلى أن هذه المواقع يتفاعل فيها عدد كبير من المستخدمين قد يكون بالإيجاب أو بالسلب كالسب والتعرض لشخصيات مهمة بكلام غير لائق فلا بد من وضع قانون يحفظ حق الناشر والقارئ.
وقد وافق الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر على تشريع جديد في سبتمبر الماضي، يقضي بتجريم استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لإنشاء محتوى ينظر إليه من قبل السلطات بأنه يضر بـ”القيم الاجتماعية” للدولة أو “النظام العام".
وفي عام 2012 أقرت الإمارات العربية المتحدة قانون الجريمة الإلكترونية المحدثة، والذي يجرم انتقاد السلطات، ويمنع دعوات الإصلاح السياسي. وقد أُدين عديدٌ من الناس بانتهاك ذلك القانون ومنهم الإماراتي أسامة النجار الذي يحاكم حاليًا في أبو ظبي بتهمة استخدام التغريد من أجل “الإساءة إلى الدولة ” بعد أن نشر تغريدة ينتقد فيها حاكم الشارقة.
وقد تعرضت كل من قطر والإمارات العربية المتحدة لانتقادات شديدة من قبل جماعات حقوق الإنسان بسبب قوانين جرائم الإنترنت، في حين أدانت تلك الجماعات جميع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بسبب حبس المعارضين على أساس الانتقادات عبر الإنترنت.
ومن المعتقد أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي قد تعرضت لأضرار دولية تتعلق بسمعتها نتيجة لنهجها في التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، واتهمت الغرب بادعاء صورة إيجابية حول كيفية تعامله مع الأنشطة عبر الإنترنت.
إن معظم الدول الغربية حذرة جدًا في التعامل مع هذا الموضوع، وأنهم يحاولون رسم صورة مشرقة ومصداقية قوية لهم في هذا الإطار، في حين أن معظم ممارساتهم تشير إلى خلاف ذلك. ومن المهم جدًا بالنسبة لدول المجلس العمل معًا لتحسين صورة المجتمعات الخليجية في وسائل الإعلام الغربية(16).
وفي الكويت رأى خبراء وأكاديميون أن القانون الكويتي بحاجة إلى سن تشريعات خاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية التي تتم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، نظرا إلى توسع انتشارها محليًا. وأجمع الخبراء والأكاديميون على أهمية مواكبة التشريعات القانونية بخصوص التطور التكنولوجي المتسارع في وسائل الاتصال المختلفة حماية لحقوق الأفراد ومصالح المؤسسات الخاصة والعامة من انتهاك خصوصيتها أو تعرضها لأي ضرر ما.
وقالت مديرة إدارة المشاريع في شركة تساهيل الإلكترونية المعلوماتية الشيخة مريم الصباح إن مستخدمي الإنترنت على قدر عال من المهارة والمعرفة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لذا ينبغي أن تكون هناك حدود لا يمكن تجاوزها، وهذا الأمر لايمكن لأي جهة تحقيقه إلا إذا كانت جهة حكومية. وأضافت أن على الحكومة أن تسارع إلى سن القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية والحد منها أيا كان شكلها ونوعها مع ضرورة تنسيق الجهود وفرض القواعد واللوائح لمكافحة الجرائم الالكترونية وعدم الاكتفاء فقط بتأمين الحماية الإلكترونية بل لا بد من وجود طرف ثالث للمراقبة بغية ضمان المصداقية.
وطالبت المؤسسات الحكومية والشركات التي تعمل في القطاعات الحساسة لا سيما البنوك أو الشركات النفطية ىضرورة فحص شبكاتها المعلوماتية دوريا، وإحداث قسم داخل المؤسسة يكون تابعا لإدارة الإنترنت تحت مسمى أمن المعلومات. وذكرت أن هذه القطاعات الحساسة لا بد أن تحرص على سرية معلوماتها وحماية البنية التحتية لنظم المعلومات فهي بحاجة دائمة الى نظم تكنولوجية متطورة للتصدي للاختراقات وثمة ضرورة لفحص شبكاتها المعلوماتية بصفة دورية للتصدي للاختراقات المتزايدة للبنية التحتية.
وفي البحرين أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا مهمًا وفاعلًا في الحياة الاجتماعية تؤثر فيها سلبًا وإيجابًا، وباتت بمثابة الأرض الخصبة لترويج الشائعات والأكاذيب التي تتعلق بالرموز الوطنية والدينية، والحث على الإرهاب والتخريب من دون أن يكون هنا كرادع قانوني لأصحاب الحسابات الشخصية على هذه المواقع، نظرًا إلى نقص التشريعات، وبالتالي قصور القانون عن ملاحقة هؤلاء الأشخاص.
وذكر مدير الإعلام الأمني بوزارة الداخلية البحرينية محمد بندينه خلال الملتقى الإعلامي الخليجي حول "وسائل التواصل الاجتماعي بين حرية الرأي والتعبير والحفاظ على الأمن القومي" بإحالة الحكومة مشروع قانون متطور يتفق مع الحقوق التي كفلها الدستور البحريني إلى مجلس النواب، وفي مقدمته احترام حقوق الإنسان بشأن تجريم القذف والسب على شبكات التواصل الاجتماعي، ويجعل ارتكاب هذه الجريمة تحت اسم مستعار بمثابة ظرف مشدد، مشيرًا إلى أن هدف التشريع تحقيق الصالح العام وليس موجهًا ضد أفراد أو مؤسسات بعينها، مؤكدًا أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تشكل في حد ذاتها تهديدًا للأمن الوطني وإنما المشكلة الحقيقية تتمثل في فكر مستخدميها والقائمين عليها، والأخطر من ذلك هو التوظيف الممنهج لها في استهداف أمن واستقرار الدولة، وأشار بندينه إلى أن وزارة الداخلية البحرينية أنشأت إدارة متخصصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وقد قامت بضبط عديدٍ من الأشخاص الذين يقومون بنشر معلومات مغلوطة عبر الإنترنت، كما باشرت الإدارة منذ مطلع العام الماضي 257 قضية، منها التشهير وانتحال الوظائف ومخالفة القوانين، وقامت كذلك بدور توعوي حتى لا ينجر الناس وراء ارتكاب هذه المخالفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول نواف محمد عبد الرحمن، رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للإنترنت: إن الإنترنت بمثابة مجتمعات متكاملة تمثل امتدادًا وانعكاسًا للمجتمعات الموجودة على أرض الواقع، والتي تزخر بالتشريعات والقوانين والتوعية والتربية، بينما هذه الأشياء مفقودة بالنسبة لمجتمعات الإنترنت، التي تمثل تواصلًا بين مختلف الأجناس والفئات. ولرفع مستوى التواصل الاجتماعي نحن نحتاج إلى قوانين وتشريعات، ولكن قبل ذلك نحتاج إلى تربية صحيحة وتوعية لأن مواقع التواصل أصبحت موجودة في هواتف الأطفال، وأن نعلّم أبناءنا وضع القيود والحدود في أسلوب التعامل مع شبكات التواصل، لأننا في أرض الواقع نتعامل مع الشخصيات وجها لوجه، ولكن في عالم الإنترنت، وإن تعاملنا معًا بأسماء وصور حقيقية، ولكن الأشخاص قد يكونون غير حقيقيين، وبالتالي قد يتعرض المتعاملون معهم للاستغلال، ثم تأتي التشريعات والقوانين في المرتبة الثالثة بعد التربية والتوعية لحوكمة عالم الإنترنت والتواصل الاجتماعي، على أساس أن يكون لكل شخص حقوق وواجبات، ولذلك فهي منظومة متكاملة بين أطراف المجتمع لتوعية كل الأطراف في العالم وخلق مجتمع صحي في شبكات التواصل الاجتماعي(15).
وقال قانونيون ومهتمون ومختصون في الصحافة الإلكترونية: إن انتشار التجاوزات والإساءات في الصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يحتم أهمية وضرورة التنظيم القانوني، مطالبين بإدراج قانون الصحافة الإلكترونية تحت قانون الصحافة المزمع المصادقة عليه، وأكدوا أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية أصبح كبيرًا ومباشرًا ، إن اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا، ولا بد من تنظيم العمل فيها بحيث يكون هنا كتقنين لعمل هذه المواقع، مشيرين إلى أن هذه المواقع يتفاعل فيها عدد كبير من المستخدمين قد يكون بالإيجاب أو بالسلب كالسب والتعرض لشخصيات مهمة بكلام غير لائق فلا بد من وضع قانون يحفظ حق الناشر والقارئ.
وقد وافق الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر على تشريع جديد في سبتمبر الماضي، يقضي بتجريم استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لإنشاء محتوى ينظر إليه من قبل السلطات بأنه يضر بـ”القيم الاجتماعية” للدولة أو “النظام العام".
وفي عام 2012 أقرت الإمارات العربية المتحدة قانون الجريمة الإلكترونية المحدثة، والذي يجرم انتقاد السلطات، ويمنع دعوات الإصلاح السياسي. وقد أُدين عديدٌ من الناس بانتهاك ذلك القانون ومنهم الإماراتي أسامة النجار الذي يحاكم حاليًا في أبو ظبي بتهمة استخدام التغريد من أجل “الإساءة إلى الدولة ” بعد أن نشر تغريدة ينتقد فيها حاكم الشارقة.
وقد تعرضت كل من قطر والإمارات العربية المتحدة لانتقادات شديدة من قبل جماعات حقوق الإنسان بسبب قوانين جرائم الإنترنت، في حين أدانت تلك الجماعات جميع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بسبب حبس المعارضين على أساس الانتقادات عبر الإنترنت.
ومن المعتقد أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي قد تعرضت لأضرار دولية تتعلق بسمعتها نتيجة لنهجها في التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، واتهمت الغرب بادعاء صورة إيجابية حول كيفية تعامله مع الأنشطة عبر الإنترنت.
إن معظم الدول الغربية حذرة جدًا في التعامل مع هذا الموضوع، وأنهم يحاولون رسم صورة مشرقة ومصداقية قوية لهم في هذا الإطار، في حين أن معظم ممارساتهم تشير إلى خلاف ذلك. ومن المهم جدًا بالنسبة لدول المجلس العمل معًا لتحسين صورة المجتمعات الخليجية في وسائل الإعلام الغربية(16).
وفي الكويت رأى خبراء وأكاديميون أن القانون الكويتي بحاجة إلى سن تشريعات خاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية التي تتم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، نظرا إلى توسع انتشارها محليًا. وأجمع الخبراء والأكاديميون على أهمية مواكبة التشريعات القانونية بخصوص التطور التكنولوجي المتسارع في وسائل الاتصال المختلفة حماية لحقوق الأفراد ومصالح المؤسسات الخاصة والعامة من انتهاك خصوصيتها أو تعرضها لأي ضرر ما.
وقالت مديرة إدارة المشاريع في شركة تساهيل الإلكترونية المعلوماتية الشيخة مريم الصباح إن مستخدمي الإنترنت على قدر عال من المهارة والمعرفة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لذا ينبغي أن تكون هناك حدود لا يمكن تجاوزها، وهذا الأمر لايمكن لأي جهة تحقيقه إلا إذا كانت جهة حكومية. وأضافت أن على الحكومة أن تسارع إلى سن القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية والحد منها أيا كان شكلها ونوعها مع ضرورة تنسيق الجهود وفرض القواعد واللوائح لمكافحة الجرائم الالكترونية وعدم الاكتفاء فقط بتأمين الحماية الإلكترونية بل لا بد من وجود طرف ثالث للمراقبة بغية ضمان المصداقية.
وطالبت المؤسسات الحكومية والشركات التي تعمل في القطاعات الحساسة لا سيما البنوك أو الشركات النفطية ىضرورة فحص شبكاتها المعلوماتية دوريا، وإحداث قسم داخل المؤسسة يكون تابعا لإدارة الإنترنت تحت مسمى أمن المعلومات. وذكرت أن هذه القطاعات الحساسة لا بد أن تحرص على سرية معلوماتها وحماية البنية التحتية لنظم المعلومات فهي بحاجة دائمة الى نظم تكنولوجية متطورة للتصدي للاختراقات وثمة ضرورة لفحص شبكاتها المعلوماتية بصفة دورية للتصدي للاختراقات المتزايدة للبنية التحتية.
نواف محمد عبد الرحمن، رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للإنترنت: إن الإنترنت بمثابة مجتمعات متكاملة تمثل امتدادًا وانعكاسًا للمجتمعات الموجودة على أرض الواقع
وأكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت محمد الفيلي، الحاجة إلى وضع لمسات قانونية تتناسب مع الواقع الجديد مع تطور وسائل التكنولوجيا والانتشار المضطرد لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي. وأضاف الفيلي أننا بخصوص مسألة الإنترنت نقف أمام عدد من الوقائع الجديدة التي تضع أمامنا بالضرورة مشكلة الإثبات، وكذلك مشكلة تتعلق بمفهوم إقليمية القانون، وأوضح أنه في البداية كان يتم التعامل مع موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
ورأى ان القضاء وجد نفسه هنا بين واقع فيه جزء جديد وآخر قديم، وبات يعمل من باب الاجتهاد بغياب التشريع لأن المشرع لا يستطيع أن يشرع عن كل جديد وبسرعة كما أن التشريع في هذا الجانب ليس حلًا مسموحًا به بالمطلق، لأن التكنولوجيا سريعة بشكل لا يستطيع المشرع أن يدخل بسباق معها. وقال الفيلي إن سلطة القاضي مقيدة بما وضعه المشرّع من حد أعلى وآخر أدنى للعقوبة على قاعدة أن تقييد القاضي بخيارين فقط إما براءة وإما إدانة سيجعله خصوصًا في قضايا التعبير الإلكتروني ميالًا إلى البراءة لأنه عندما يبحث في سلوك ما فإنه لا يبحث فقط في إثبات أو عدم إثبات بل في أثره على المجتمع وكإنسان دون أن يشعر أو يتأثر بخطورة الفعل.
من جهته قال أستاذ الإعلام بجامعة الكويت مناور الراجحي: إن أدوات التواصل الاجتماعي باتت مهمة جدًا في وقتنا الراهن، وأنه لا يمكن الفرار من التطور التكنولوجي لأنه أمر واقع يجب التعامل معه يوميًا وبحكمة، ولعل من أهم أسباب انتشار هذه الوسائل أنها تعتبر تقنية سهلة وبسيطة جدًا تسمح بالتواصل السريع في أي وقت وأي مكان، وتعطي مساحات للحرية والتنفيس والتعبير. وأوضح أن سن القوانين وصياغة التشريعات لا يمكن أن يحل إشكاليات وسائل التواصل الاجتماعي، فالقانون لا يستطيع أن يلاحق أشباحًا، إذ إنه مع التطور التكنولوجي قد يستطيع أي فرد أن يدخل باسم وهمي ويعلق بما يشاء.
وقال عبد الرضا أسيري أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت: إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية وتويتر في الكويت أسهم في رسم ملامح المشهد السياسي وما زال يؤثر على الرأي العام وباتت القضايا المطروحة على صفحاته الافتراضية مفروضة على ساحات النقاش سواء على مستوى الرأي العام أو على مستوى القيادات السياسية. وأيد وجود قانون يحكم التعامل مع مستخدمي تويتر وفي المقابل يجب حماية حقوق المغردين في كون القانون للتنظيم وليس للتضييق عليهم، كما على المغردين أنفسهم الالتزام بالقوانين الجزائية المعمول بها في الكويت، وبالمقابل لا يجوز الادعاء على مغرد لمجرد انتقاده، لكننا في الوقت نفسه لا نقبل الدخول في الشتائم وجرح كرامات الناس(17).
وقد أوقفت السلطات السعودية أشخاصًا من الجنسيتين السعودية والقطرية، يعملون من داخل المملكة لإثارة القلاقل عبر الشبكات الاجتماعية، ومهاجمة بعض أفراد الأسرة الحاكمة وكذلك البعض من الشخصيات الدينية المعتدلة. وتعتمد السعودية في هذا الاتجاه على “وثيقة الرياض” التي تم إقرارها خلال قمة المنامة في العام 2012، وهي وثيقة تعنَى بمكافحة الجرائم المعلوماتية ، وتعد قانونًا موحدًا لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتتحرك في الدول الست ضد من ينشئ "موقع أو ينشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات لجماعة إرهابية لتسهيل الاتصالات بقياداتها، أو أعضائها، أو ترويج أفكارها، أوتمويلها”.
كما تحظر الاتفاقية “ترويج الأفكار التي من شأنها الإخلال بالنظام العام والآداب العامة” ومن الأهداف أيضًا “حفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية وحماية الاقتصادات الوطنية لدول المجلس .وينص نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على معاقبة “من ينشر رسائل الإساءة على مواقع التواصل الاجتماعي ومخزنوها في أجهزتهم الخاصة، بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة حتى ثلاثة ملايين ريـال، أو بالعقوبتين معا".
وأصدرت السعودية قانونًا لمكافحة الإرهاب ثم أردفته بأمر ملكي يحدد الجرائم المتعلقة بالإرهاب ومنها ما يكون مجاله مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء في الأمر الملكي أنه يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشرين سنة “كل من ارتكب جريمة الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليًا أو إقليميًا أو دوليًا، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأية صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأية وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأية طريقة(18).
ويتضح لنا ضرورة وجود تقنين وتنظيم لمواقع الشبكات الاجتماعية خاصة مع زيادة أعداد مستخدمي هذه الشبكات، ومع التأثيرات السلبية الملموسة لهذه المواقع على المجتمعات وخاصة فيما يتعلق بإثارة البلبلة، والحث على العنف والأعمال التخريبية، ولكن في الوقت ذاته لا يجب أن يؤدي هذا التنظيم إلى تقييد الحريات الموجودة على هذه المواقع وإحكام قبضة الدولة عليها. فما يجب التركيز عليه هو عدم استخدام هذه المواقع في بث المواد التي تؤدي إلى إحداث الفُرقة أو أعمال العنف في المجتمع(19).
هوامش البحث
1- عماد بكار، "الإعلام البديل قد لا يحمل أخبارًا جيدة..!"، جريدة الاقتصادية السعودية، 3 من سبتمبر 2007، Available at: http://www.alarabiya.net/views/2007/09/03/38620.html.
2- Yik Chan Chin, Regulating social media- A report on the workshop “Social Media, Regulation and Freedom of Expression” in May at Hong Kong Baptist University, August 2013, Available at: http://journalism.hkbu.edu.hk/doc/Regulating_social-Media.pdf
3- سلطان مسفر مبارك الصاعدي، الشبكات الاجتماعية خطر أم فرصة، الألوكة، 23 أبريل 2012، متاحة على الرابط التالي: http://www.alukah.net/publications_competitions/0/4040/
4- Ess, C., 2006, “Ethical Pluralism and Global Information Ethics, Ethics and Information Technology, 8(4): 215–226.
5- Van den Eede, Y., 2010, “‘Conversation of Mankind’ or ‘Idle Talk’?: A Pragmatist Approach to Social Networking Sites, Ethics and Information Technology, 12(2): 195–206.
6- Vallor, S., 2010, “Social Networking Technology and the Virtues, Ethics and Information Technology, 12 (2): 157–170.
7- Puotinen, S., 2011, “Twitter Cares? Using Twitter to Care About, Care for and Care With Women Who Have Had Abortions, International Review of Information Ethics, 16: 79–84.
8- Hamington, M., 2010, Care Ethics, Friendship and Facebook, in Face book and Philosophy, D.E. Wittkower (ed.), Chicago: Open Court, pp. 135–145.
9- Social Networking and Ethics,2012, first published Friday August 3 , 2012 http://plato.stanford.edu/entries/ethics-social-networking/
10- عادل عبد الصادق، الشبكات الاجتماعية بين الرقابة والحرية، الأهرام، 7 يونيو 2014، متاح على الرابط التالي: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/292198.aspx
11- رانيا عامر، غرفة صناعة التكنولوجيا: ضوابط قانونية لمنع سوء استخدام مراقبة الإنترنت، اليوم السابع، 05 يونيو 2014، متاح على الرابط التالي: http://www1.youm7.com/story/2014/6/5
12- ميثاق Social Media.. إرشادات دينية تفتقر لآليات التنفيذ، المال، 24 أغسطس 2014، متاح على الرابط التالي: http://www.almalnews.com/Pages/StoryDetails.aspx?ID=174818#.VEQkkfmSxy0
13- أخلاقيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مهددة بالانقراض، الخليجية، متاحة على الرابط التالي: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/eb6e3d94-64b8-4b25-88b2-a619f7cd8d6b
14- ديانا أيوب خبراء: مراعاة «الأخلاقـــيات» في وسائل التواصل الاجتماعي ضــرورية، الإمارات اليوم، 23 سبتمبر 2012 http://www.emaratalyoum.com/life/life-style/2012-09-23-1.513614
15- زينب حافظ ، ظاهرة تهدد الأمن القومي : مواقع التواصل تحولت إلى مواقع للتفرقة، أخبار الخليج، متاح على الرابط التالي: http://www.akhbar-alkhaleej.com/13293/article_touch/37813.html
16- سلمى إيهاب، مختصون: تجاوزات الصحافة الإلكترونية و«التواصل الاجتماعي» تحتاج قانونًا، صحيفة الوطن البحرينية، 23 مارس 2013، متاح على الرابط التالي: http://www.alwatannews.net/NewsViewer.aspx?ID=IwWAgu3MDbNeDXGnPx5c4g933339933339
17- وزيرة خليجية تدعو لـ”تنظيم” الإعلام الاجتماعي للتقليل من الضغط السياسي، التقرير، 17أكتوبر 2014، متاح على الرابط التالي: https://altagreer.com/general
18- لـحماية حقوق الأفراد والمؤسسات الـخاصة والعامة من الانتهاك - أكاديميون: سن تشريعات لمكافحة الجرائم في مواقع التواصل الاجتماعي، الشاهد، 28 مارس 2013 متاح على الرابط التالي: http://alshahedkw.com/index.php?option=com_content&view=article&id=90041:2013-03-27-18-09-51&catid=31:03&Itemid=419
19- السعودية توقف خلية تشتغل لفائدة قطر على مواقع التواصل الاجتماعي، العرب، 23 مايو 2014، متاح على الرابط التالي: http://www.alarab.co.uk/?id=23430
ورأى ان القضاء وجد نفسه هنا بين واقع فيه جزء جديد وآخر قديم، وبات يعمل من باب الاجتهاد بغياب التشريع لأن المشرع لا يستطيع أن يشرع عن كل جديد وبسرعة كما أن التشريع في هذا الجانب ليس حلًا مسموحًا به بالمطلق، لأن التكنولوجيا سريعة بشكل لا يستطيع المشرع أن يدخل بسباق معها. وقال الفيلي إن سلطة القاضي مقيدة بما وضعه المشرّع من حد أعلى وآخر أدنى للعقوبة على قاعدة أن تقييد القاضي بخيارين فقط إما براءة وإما إدانة سيجعله خصوصًا في قضايا التعبير الإلكتروني ميالًا إلى البراءة لأنه عندما يبحث في سلوك ما فإنه لا يبحث فقط في إثبات أو عدم إثبات بل في أثره على المجتمع وكإنسان دون أن يشعر أو يتأثر بخطورة الفعل.
من جهته قال أستاذ الإعلام بجامعة الكويت مناور الراجحي: إن أدوات التواصل الاجتماعي باتت مهمة جدًا في وقتنا الراهن، وأنه لا يمكن الفرار من التطور التكنولوجي لأنه أمر واقع يجب التعامل معه يوميًا وبحكمة، ولعل من أهم أسباب انتشار هذه الوسائل أنها تعتبر تقنية سهلة وبسيطة جدًا تسمح بالتواصل السريع في أي وقت وأي مكان، وتعطي مساحات للحرية والتنفيس والتعبير. وأوضح أن سن القوانين وصياغة التشريعات لا يمكن أن يحل إشكاليات وسائل التواصل الاجتماعي، فالقانون لا يستطيع أن يلاحق أشباحًا، إذ إنه مع التطور التكنولوجي قد يستطيع أي فرد أن يدخل باسم وهمي ويعلق بما يشاء.
وقال عبد الرضا أسيري أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت: إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية وتويتر في الكويت أسهم في رسم ملامح المشهد السياسي وما زال يؤثر على الرأي العام وباتت القضايا المطروحة على صفحاته الافتراضية مفروضة على ساحات النقاش سواء على مستوى الرأي العام أو على مستوى القيادات السياسية. وأيد وجود قانون يحكم التعامل مع مستخدمي تويتر وفي المقابل يجب حماية حقوق المغردين في كون القانون للتنظيم وليس للتضييق عليهم، كما على المغردين أنفسهم الالتزام بالقوانين الجزائية المعمول بها في الكويت، وبالمقابل لا يجوز الادعاء على مغرد لمجرد انتقاده، لكننا في الوقت نفسه لا نقبل الدخول في الشتائم وجرح كرامات الناس(17).
وقد أوقفت السلطات السعودية أشخاصًا من الجنسيتين السعودية والقطرية، يعملون من داخل المملكة لإثارة القلاقل عبر الشبكات الاجتماعية، ومهاجمة بعض أفراد الأسرة الحاكمة وكذلك البعض من الشخصيات الدينية المعتدلة. وتعتمد السعودية في هذا الاتجاه على “وثيقة الرياض” التي تم إقرارها خلال قمة المنامة في العام 2012، وهي وثيقة تعنَى بمكافحة الجرائم المعلوماتية ، وتعد قانونًا موحدًا لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتتحرك في الدول الست ضد من ينشئ "موقع أو ينشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات لجماعة إرهابية لتسهيل الاتصالات بقياداتها، أو أعضائها، أو ترويج أفكارها، أوتمويلها”.
كما تحظر الاتفاقية “ترويج الأفكار التي من شأنها الإخلال بالنظام العام والآداب العامة” ومن الأهداف أيضًا “حفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية وحماية الاقتصادات الوطنية لدول المجلس .وينص نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على معاقبة “من ينشر رسائل الإساءة على مواقع التواصل الاجتماعي ومخزنوها في أجهزتهم الخاصة، بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة حتى ثلاثة ملايين ريـال، أو بالعقوبتين معا".
وأصدرت السعودية قانونًا لمكافحة الإرهاب ثم أردفته بأمر ملكي يحدد الجرائم المتعلقة بالإرهاب ومنها ما يكون مجاله مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء في الأمر الملكي أنه يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشرين سنة “كل من ارتكب جريمة الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليًا أو إقليميًا أو دوليًا، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأية صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأية وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأية طريقة(18).
ويتضح لنا ضرورة وجود تقنين وتنظيم لمواقع الشبكات الاجتماعية خاصة مع زيادة أعداد مستخدمي هذه الشبكات، ومع التأثيرات السلبية الملموسة لهذه المواقع على المجتمعات وخاصة فيما يتعلق بإثارة البلبلة، والحث على العنف والأعمال التخريبية، ولكن في الوقت ذاته لا يجب أن يؤدي هذا التنظيم إلى تقييد الحريات الموجودة على هذه المواقع وإحكام قبضة الدولة عليها. فما يجب التركيز عليه هو عدم استخدام هذه المواقع في بث المواد التي تؤدي إلى إحداث الفُرقة أو أعمال العنف في المجتمع(19).
هوامش البحث
1- عماد بكار، "الإعلام البديل قد لا يحمل أخبارًا جيدة..!"، جريدة الاقتصادية السعودية، 3 من سبتمبر 2007، Available at: http://www.alarabiya.net/views/2007/09/03/38620.html.
2- Yik Chan Chin, Regulating social media- A report on the workshop “Social Media, Regulation and Freedom of Expression” in May at Hong Kong Baptist University, August 2013, Available at: http://journalism.hkbu.edu.hk/doc/Regulating_social-Media.pdf
3- سلطان مسفر مبارك الصاعدي، الشبكات الاجتماعية خطر أم فرصة، الألوكة، 23 أبريل 2012، متاحة على الرابط التالي: http://www.alukah.net/publications_competitions/0/4040/
4- Ess, C., 2006, “Ethical Pluralism and Global Information Ethics, Ethics and Information Technology, 8(4): 215–226.
5- Van den Eede, Y., 2010, “‘Conversation of Mankind’ or ‘Idle Talk’?: A Pragmatist Approach to Social Networking Sites, Ethics and Information Technology, 12(2): 195–206.
6- Vallor, S., 2010, “Social Networking Technology and the Virtues, Ethics and Information Technology, 12 (2): 157–170.
7- Puotinen, S., 2011, “Twitter Cares? Using Twitter to Care About, Care for and Care With Women Who Have Had Abortions, International Review of Information Ethics, 16: 79–84.
8- Hamington, M., 2010, Care Ethics, Friendship and Facebook, in Face book and Philosophy, D.E. Wittkower (ed.), Chicago: Open Court, pp. 135–145.
9- Social Networking and Ethics,2012, first published Friday August 3 , 2012 http://plato.stanford.edu/entries/ethics-social-networking/
10- عادل عبد الصادق، الشبكات الاجتماعية بين الرقابة والحرية، الأهرام، 7 يونيو 2014، متاح على الرابط التالي: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/292198.aspx
11- رانيا عامر، غرفة صناعة التكنولوجيا: ضوابط قانونية لمنع سوء استخدام مراقبة الإنترنت، اليوم السابع، 05 يونيو 2014، متاح على الرابط التالي: http://www1.youm7.com/story/2014/6/5
12- ميثاق Social Media.. إرشادات دينية تفتقر لآليات التنفيذ، المال، 24 أغسطس 2014، متاح على الرابط التالي: http://www.almalnews.com/Pages/StoryDetails.aspx?ID=174818#.VEQkkfmSxy0
13- أخلاقيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مهددة بالانقراض، الخليجية، متاحة على الرابط التالي: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/eb6e3d94-64b8-4b25-88b2-a619f7cd8d6b
14- ديانا أيوب خبراء: مراعاة «الأخلاقـــيات» في وسائل التواصل الاجتماعي ضــرورية، الإمارات اليوم، 23 سبتمبر 2012 http://www.emaratalyoum.com/life/life-style/2012-09-23-1.513614
15- زينب حافظ ، ظاهرة تهدد الأمن القومي : مواقع التواصل تحولت إلى مواقع للتفرقة، أخبار الخليج، متاح على الرابط التالي: http://www.akhbar-alkhaleej.com/13293/article_touch/37813.html
16- سلمى إيهاب، مختصون: تجاوزات الصحافة الإلكترونية و«التواصل الاجتماعي» تحتاج قانونًا، صحيفة الوطن البحرينية، 23 مارس 2013، متاح على الرابط التالي: http://www.alwatannews.net/NewsViewer.aspx?ID=IwWAgu3MDbNeDXGnPx5c4g933339933339
17- وزيرة خليجية تدعو لـ”تنظيم” الإعلام الاجتماعي للتقليل من الضغط السياسي، التقرير، 17أكتوبر 2014، متاح على الرابط التالي: https://altagreer.com/general
18- لـحماية حقوق الأفراد والمؤسسات الـخاصة والعامة من الانتهاك - أكاديميون: سن تشريعات لمكافحة الجرائم في مواقع التواصل الاجتماعي، الشاهد، 28 مارس 2013 متاح على الرابط التالي: http://alshahedkw.com/index.php?option=com_content&view=article&id=90041:2013-03-27-18-09-51&catid=31:03&Itemid=419
19- السعودية توقف خلية تشتغل لفائدة قطر على مواقع التواصل الاجتماعي، العرب، 23 مايو 2014، متاح على الرابط التالي: http://www.alarab.co.uk/?id=23430