التوازن في الأداء: "اقتصاد الدولة" ينتصر على "اقتصاد المواطن"
الإثنين 27/أبريل/2015 - 10:56 ص
إبراهيم نوّار
نحح المؤتمر الاقتصادي في تقديم صورة زاهية عن مصر، للمصريين وللعالم الخارجي على السواء. وقد انعقد المؤتمر على خلفية تحديات كثيرة، باحتمال عدم انعقاده بسبب تهديدات أمنية وسياسية (تأجيل انتخابات البرلمان)، وباحتمال ضعف المشاركة الدولية في فاعلياته، وباحتمال ضآلة النتائج التي قد تترتب عليه في حال انعقاده. وتعتبر نتائج المؤتمر صفعة مدوية لكل من توقعوا عدم انعقاده أو ضعف المشاركة فيه أو هزال نتائجه. مرة أخرى أقول: إن المؤتمر كان بحق تصويتا بالثقة لصالح القيادة السياسية المصرية للرئيس عبد الفتاح السيسي، ولصالح عملية إعادة البناء السياسي والاقتصادي، على الرغم من الصعوبات والعثرات التي تمر بها.
ومن الضروري بعد أن انتهى المؤتمر، بالصخب الإعلامي الذي أحاط به، أن نعيد النظر قيما تم التوصل إليه من نتائج، وأن نعيد تقييمه على مسطرة الأولويات والاحتياجات الملحة التي تشكل في واقع الأمر المصدر الأول لتوقعات المصريين.
ومن الضروري بعد أن انتهى المؤتمر، بالصخب الإعلامي الذي أحاط به، أن نعيد النظر قيما تم التوصل إليه من نتائج، وأن نعيد تقييمه على مسطرة الأولويات والاحتياجات الملحة التي تشكل في واقع الأمر المصدر الأول لتوقعات المصريين.
تعتبر قضية مكافحة الفقر من القضايا العاجلة التي تضغط على أصحاب الدخول الدنيا والمتوسطة بعد أن سقط في مصيدة الفقر ما يقرب من 23 مليون مصري.
أولا- رؤية المواطن ورؤية الحكومة للمؤتمر
وفي واقع الأمر فإن الأغلبية الساحقة من المصريين الذين تابعوا جلسات وأعمال المؤتمر على شاشات التليفزيون، كان يحدوهم الأمل، في أن يسفر هذا المؤتمر عن نتائج عملية إيجابية، تعيد إليهم الشعور بالثقة بالنفس والإيمان بالثورة. ونستطيع أن نرصد أهم التوقعات أو الأمنيات، التي تطلع المصريون إلى تحقيقها من وراء المؤتمر التالي في تقديم حلول للقضايا التالية:
1- البطالة، توفير فرص عمل لشباب الخريجين والعاطلين عن العمل، الذين تزيد أعدادهم سنة بعد أخرى منذ قيام ثورة يناير 2011. ويرتبط بذلك تطلع رجال الأعمال أصحاب المصانع المتوقفة أو المتعثرة إلى أن يقدم المؤتمر حزمة من المساعدات لتشغيل هذه المصانع، ومن ثم إعادة عشرات الآلاف من العمال إلى دولاب العمل، وفتح فرص لعمالة جديدة.
2- الإسكان، توفير القدر الملائم من إسكان الفقراء والإسكان المتوسط، بما يؤدي إلى تخفيف حدة المأساة التي يعيشها سكان العشوائيات، وطالبو السكن الجدد من الشباب المقبلين على إنشاء أسر، الذين لا يجدون في سوق المساكن القدر الكافي من المساكن الملائمة بأسعار يقدرون عليها.
3- الخدمات الاجتماعية الأساسية، خصوصا التعليم والصحة والمواصلات، التي تدهورت كثيرا خلال العقود الماضية، وأصبحت تشكل صداعا مزمنا للأغلبية الساحقة من المواطنين. لقد تحول التعليم الخاص والدروس الخصوصية والعلاج الخاص، والنقل الجماعي العشوائي، إلى قنوات يتسرب منها دخل أصحاب الأسر الفقيرة والمتوسطة، وتشكل عبئا رئيسيا على ميزانيات الأسر المتوسطة والفقيرة.
4- الفقر، حيث يتطلع الموطنون بشكل عام إلى مستويات أفضل للمعيشة. وتعتبر قضية مكافحة الفقر من القضايا العاجلة التي تضغط على أصحاب الدخول الدنيا والمتوسطة بعد أن سقط في مصيدة الفقر ما يقرب من 23 مليون مصري (محسوبا على أساس خط الفقر القومي بواقع 8.5 جنيه للفرد يوميا)، فإذا حسبنا خط الفقر القومي عند مستوى دولارين يوميا (أي بواقع 15.3 جنيه يوميا للفرد) فإن عدد الفقراء سيتضاعف تقريبا.
5- العدالة والمساواة في الفرص، ولا شك في أن أعدادا ضخمة من المصريين راحوا يتطلعون إلى المؤتمر الإقتصادي على أمل أن يقود إلى تغييرات في فلسفة النمو، وأن يقدم رؤية جديدة للتنمية تسع أحلام الجميع وتتسع خصوصا لأحلام غير القادرين على اجتياز عقبات وحواجز انعدام العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
وفي واقع الأمر فإن الأغلبية الساحقة من المصريين الذين تابعوا جلسات وأعمال المؤتمر على شاشات التليفزيون، كان يحدوهم الأمل، في أن يسفر هذا المؤتمر عن نتائج عملية إيجابية، تعيد إليهم الشعور بالثقة بالنفس والإيمان بالثورة. ونستطيع أن نرصد أهم التوقعات أو الأمنيات، التي تطلع المصريون إلى تحقيقها من وراء المؤتمر التالي في تقديم حلول للقضايا التالية:
1- البطالة، توفير فرص عمل لشباب الخريجين والعاطلين عن العمل، الذين تزيد أعدادهم سنة بعد أخرى منذ قيام ثورة يناير 2011. ويرتبط بذلك تطلع رجال الأعمال أصحاب المصانع المتوقفة أو المتعثرة إلى أن يقدم المؤتمر حزمة من المساعدات لتشغيل هذه المصانع، ومن ثم إعادة عشرات الآلاف من العمال إلى دولاب العمل، وفتح فرص لعمالة جديدة.
2- الإسكان، توفير القدر الملائم من إسكان الفقراء والإسكان المتوسط، بما يؤدي إلى تخفيف حدة المأساة التي يعيشها سكان العشوائيات، وطالبو السكن الجدد من الشباب المقبلين على إنشاء أسر، الذين لا يجدون في سوق المساكن القدر الكافي من المساكن الملائمة بأسعار يقدرون عليها.
3- الخدمات الاجتماعية الأساسية، خصوصا التعليم والصحة والمواصلات، التي تدهورت كثيرا خلال العقود الماضية، وأصبحت تشكل صداعا مزمنا للأغلبية الساحقة من المواطنين. لقد تحول التعليم الخاص والدروس الخصوصية والعلاج الخاص، والنقل الجماعي العشوائي، إلى قنوات يتسرب منها دخل أصحاب الأسر الفقيرة والمتوسطة، وتشكل عبئا رئيسيا على ميزانيات الأسر المتوسطة والفقيرة.
4- الفقر، حيث يتطلع الموطنون بشكل عام إلى مستويات أفضل للمعيشة. وتعتبر قضية مكافحة الفقر من القضايا العاجلة التي تضغط على أصحاب الدخول الدنيا والمتوسطة بعد أن سقط في مصيدة الفقر ما يقرب من 23 مليون مصري (محسوبا على أساس خط الفقر القومي بواقع 8.5 جنيه للفرد يوميا)، فإذا حسبنا خط الفقر القومي عند مستوى دولارين يوميا (أي بواقع 15.3 جنيه يوميا للفرد) فإن عدد الفقراء سيتضاعف تقريبا.
5- العدالة والمساواة في الفرص، ولا شك في أن أعدادا ضخمة من المصريين راحوا يتطلعون إلى المؤتمر الإقتصادي على أمل أن يقود إلى تغييرات في فلسفة النمو، وأن يقدم رؤية جديدة للتنمية تسع أحلام الجميع وتتسع خصوصا لأحلام غير القادرين على اجتياز عقبات وحواجز انعدام العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
يمثل تطوير محور قناة السويس ركيزة رئيسية من ركائز مشاريع التنمية وتطوير الاقتصاد المصري خصوصا في قطاعات الصناعة والتخزين والتجارة والتسوق.
ويمكننا أن نستنتج بارتياح أنه كانت هناك فجوة واسعة وعميقة بين توقعات "المواطنين" وبين توقعات "الحكومة" من المؤتمر الاقتصادي. وتتبين هذه الفجوة بوضوح إذا قارنا توقعات المواطنين بأهداف الدولة من وراء عقد المؤتمر. وطبقا لبيانات وزارات الإستثمار والتعاون الدولي والتنمية والإصلاح الإداري، فإن الحكومة المصرية كانت تستهدف من المؤتمر تحقيق 10 أهداف رئيسية يمكن صياغتها على النحو التالي:
1- تحقيق الاستقرار السياسي.
2- العمل على خلق اقتصاد حر.
3- العمل على إيجاد مناخ استثماري متميز.
4- العمل على بناء عمالة مدربة.
5- تطوير الجهاز الإداري للدولة وتقديم تشريعات جديدة.
6- برنامج عمل متكامل بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير التشريعات.
7- عمل نظام للعنونة المكانية ودمج الاقتصاد غير الرسمي.
8- ترويج وتنفيذ المشروعات العملاقة مثل محور قناة السويس.
9- تنمية رأس المال البشري.
10- توفير الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي ودعم المشروعات الصغيرة.
كانت تلك هي الأهداف العشرة الكبرى التي أعلنتها الحكومة بشأن المؤتمر. ومن الواضح أنه وإن كان بعضها ينعكس بشكل غير مباشر إيجابيا على "تطلعات المواطنين"، إلا أن الفلسفة الكامنة وراء تحقيق هذه الأهداف لا علاقة لها بتوقعات المواطنين، ولا بآمالهم التي كانت معقودة على المؤتمر. لذلك فإننا نستطيع منذ اللحظة الأولى أن نقول إن الرؤيتين، رؤية الحكومة ورؤية الناس، قد تباينتا تباينا شديدا، فرؤية الدولة انطلقت من "هموم اقتصاد الدولة" مثل تقليل فجوة التمويل وتنفيذ مشروعات عملاقة يمكن أن تتباهى بها الحكومة، بينما رؤية الناس انطلقت من "هموم اقتصاد المواطن" الذي يحاول تقليل العناء في ميادين الحياة العملية، من البطالة إلى الفقر إلى تدهور الخدمات الاجتماعية إلى انعدام العدالة. وفي الحصاد النهائي، فإن الدولة حققت الكثير مما كانت تصبو إليه، بينما لم يحقق "اقتصاد المواطنين" إلا الفتات من المكاسب.
وقد سيطرت روح الثقة والأمل في المستقبل على المصريين جميعا منذ اليوم الأول لمؤتمر مستقبل مصر الاقتصادي، عندما شاهد المصريون منافسة حامية على الهواء لتقديم الدعم والمساندة لمشروعات التنمية التي عرضتها الحكومة على المستثمرين المشاركين في المؤتمر في شرم الشيخ. ضربة البداية كانت 12.5 مليار دولار! الحصاد النهائي بلغة الأرقام وصل إلى 130.2 مليار دولار منها 36.2 مليار دولار عبارة عن استثمارات أجنبية مباشرة. وقد فاز بنصيب الأسد في حصاد المؤتمر قطاعات الاستثمار العقاري والسياحي والنفط والغاز والكهرباء. وتضمنت الاستثمارات مشروعات ممولة بنظام الإنشاء والتشغيل ثم تحويل الأصول لملكية الدولة بنحو 18.6 مليار دولار تركزت في قطاع الكهرباء. وغطت الاستثمارات والتعهدات بالاستثمار وضخ أموال جديدة كل قطاعات الاقتصاد من القطاع العقاري إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات مرورا بقطاعات الزراعة والصناعة والنقل والمواصلات والخدمات بنسب متفاوتة.
ثانيا- الاستثمار في مجال النفط والطاقة
وقد لعبت شركات النفط والغاز وعلى رأسها شركة النفط البريطانية (بريتش بتروليوم) وشركة النفط الإيطالية (إيني) وشركة الغاز الإماراتية (دانة) دورا مهما في تحفيز الشركات الأجنبية على التقدم باستثمارات كبيرة في هذا القطاع وفي غيره من القطاعات. كما لعبت شركة (سيمنس) الألمانية دورا محوريا في قيادة الاستثمارات في قطاع الكهرباء المصري الذي يعاني من نقص شديد في طاقته الإنتاجية مقارنة بالطلب الاستهلاكي والطلب الصناعي. وطبقا للتعهدات التي تم تقديمها في المؤتمر فإن شركات مثل بريتش جاس وبريتش بتروليوم وإيني وسيمنس ودانة الإماراتية وأكوا السعودية ستقوم بدور رئيسي خلال الأشهر المقبلة في تطوير عمليات ومشاريع في مصر تهدف إلى زيادة إنتاج مصر من البترول والغاز والكهرباء إلى الحد الذي يجعل مصر خلال عامين أو ثلاثة قادرة على تحقيق الإكتفاء الذاتي في توفير احتياجاتها من النفط والغاز والكهرباء والمضي قدما لكي تعود من جديد إلى سوق النفط والغاز في العالم كدولة مصدرة وليس كدولة مستوردة.
وإذا كان قطاع الطاقة والكهرباء قد تصدر قائمة اهتمامات المستثمرين الأجانب، فإن هذه الأولوية تستجيب لاحتياجات تطوير الاقتصاد المصري. فقد شهدت مصر على مدار السنوات الثلاث الماضية عجزا في إنتاج الكهرباء وصل إلى ما يقرب من 25% من احتياجات الاستهلاك الصناعي والمنزلي. وكان هذا العجز نتيجة للنقص في الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، كما كان أيضا نتيجة للنقص في الطاقة الإنتاجية لمحطات توليد الكهرباء ككل، التي تقل عن احتياجات الاستهلاك بما يترواح بين 6 إلى 10 جيجا وات. ومن ثم فإن الإسراع في زيادة إنتاج الغاز على وجه الخصوص من شأنه أن يساعد على توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء التي تستخدم الغاز في تشغيل توربينات توليد الكهرباء. كذلك فإن إنشاء عدد من محطات توليد الكهرباء الجديدة في أماكن مختلفة من مصر مثل بني سويف والساحل الشمالي وسيناء وغيرها من شأنه أن يرفع طاقة إنتاج الكهرباء في مصر إلى المستوى الأمثل الذي يغطي الزيادة في احتياجات الاستهلاك في المستقبل. ومن الدلائل المهمة في قائمة مشاريع محطات الكهرباء المقترحة إن عددا منها سيتم تصميمه للعمل بمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتستهدف خطط التنمية المصرية رفع نسبة مساهمة المصادر المتجددة في توليد الكهرباء إلى 20% من إجمالي قوة الإنتاج بحلول العام 2010 أي في غضون أربع سنوات.
1- تحقيق الاستقرار السياسي.
2- العمل على خلق اقتصاد حر.
3- العمل على إيجاد مناخ استثماري متميز.
4- العمل على بناء عمالة مدربة.
5- تطوير الجهاز الإداري للدولة وتقديم تشريعات جديدة.
6- برنامج عمل متكامل بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير التشريعات.
7- عمل نظام للعنونة المكانية ودمج الاقتصاد غير الرسمي.
8- ترويج وتنفيذ المشروعات العملاقة مثل محور قناة السويس.
9- تنمية رأس المال البشري.
10- توفير الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي ودعم المشروعات الصغيرة.
كانت تلك هي الأهداف العشرة الكبرى التي أعلنتها الحكومة بشأن المؤتمر. ومن الواضح أنه وإن كان بعضها ينعكس بشكل غير مباشر إيجابيا على "تطلعات المواطنين"، إلا أن الفلسفة الكامنة وراء تحقيق هذه الأهداف لا علاقة لها بتوقعات المواطنين، ولا بآمالهم التي كانت معقودة على المؤتمر. لذلك فإننا نستطيع منذ اللحظة الأولى أن نقول إن الرؤيتين، رؤية الحكومة ورؤية الناس، قد تباينتا تباينا شديدا، فرؤية الدولة انطلقت من "هموم اقتصاد الدولة" مثل تقليل فجوة التمويل وتنفيذ مشروعات عملاقة يمكن أن تتباهى بها الحكومة، بينما رؤية الناس انطلقت من "هموم اقتصاد المواطن" الذي يحاول تقليل العناء في ميادين الحياة العملية، من البطالة إلى الفقر إلى تدهور الخدمات الاجتماعية إلى انعدام العدالة. وفي الحصاد النهائي، فإن الدولة حققت الكثير مما كانت تصبو إليه، بينما لم يحقق "اقتصاد المواطنين" إلا الفتات من المكاسب.
وقد سيطرت روح الثقة والأمل في المستقبل على المصريين جميعا منذ اليوم الأول لمؤتمر مستقبل مصر الاقتصادي، عندما شاهد المصريون منافسة حامية على الهواء لتقديم الدعم والمساندة لمشروعات التنمية التي عرضتها الحكومة على المستثمرين المشاركين في المؤتمر في شرم الشيخ. ضربة البداية كانت 12.5 مليار دولار! الحصاد النهائي بلغة الأرقام وصل إلى 130.2 مليار دولار منها 36.2 مليار دولار عبارة عن استثمارات أجنبية مباشرة. وقد فاز بنصيب الأسد في حصاد المؤتمر قطاعات الاستثمار العقاري والسياحي والنفط والغاز والكهرباء. وتضمنت الاستثمارات مشروعات ممولة بنظام الإنشاء والتشغيل ثم تحويل الأصول لملكية الدولة بنحو 18.6 مليار دولار تركزت في قطاع الكهرباء. وغطت الاستثمارات والتعهدات بالاستثمار وضخ أموال جديدة كل قطاعات الاقتصاد من القطاع العقاري إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات مرورا بقطاعات الزراعة والصناعة والنقل والمواصلات والخدمات بنسب متفاوتة.
ثانيا- الاستثمار في مجال النفط والطاقة
وقد لعبت شركات النفط والغاز وعلى رأسها شركة النفط البريطانية (بريتش بتروليوم) وشركة النفط الإيطالية (إيني) وشركة الغاز الإماراتية (دانة) دورا مهما في تحفيز الشركات الأجنبية على التقدم باستثمارات كبيرة في هذا القطاع وفي غيره من القطاعات. كما لعبت شركة (سيمنس) الألمانية دورا محوريا في قيادة الاستثمارات في قطاع الكهرباء المصري الذي يعاني من نقص شديد في طاقته الإنتاجية مقارنة بالطلب الاستهلاكي والطلب الصناعي. وطبقا للتعهدات التي تم تقديمها في المؤتمر فإن شركات مثل بريتش جاس وبريتش بتروليوم وإيني وسيمنس ودانة الإماراتية وأكوا السعودية ستقوم بدور رئيسي خلال الأشهر المقبلة في تطوير عمليات ومشاريع في مصر تهدف إلى زيادة إنتاج مصر من البترول والغاز والكهرباء إلى الحد الذي يجعل مصر خلال عامين أو ثلاثة قادرة على تحقيق الإكتفاء الذاتي في توفير احتياجاتها من النفط والغاز والكهرباء والمضي قدما لكي تعود من جديد إلى سوق النفط والغاز في العالم كدولة مصدرة وليس كدولة مستوردة.
وإذا كان قطاع الطاقة والكهرباء قد تصدر قائمة اهتمامات المستثمرين الأجانب، فإن هذه الأولوية تستجيب لاحتياجات تطوير الاقتصاد المصري. فقد شهدت مصر على مدار السنوات الثلاث الماضية عجزا في إنتاج الكهرباء وصل إلى ما يقرب من 25% من احتياجات الاستهلاك الصناعي والمنزلي. وكان هذا العجز نتيجة للنقص في الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، كما كان أيضا نتيجة للنقص في الطاقة الإنتاجية لمحطات توليد الكهرباء ككل، التي تقل عن احتياجات الاستهلاك بما يترواح بين 6 إلى 10 جيجا وات. ومن ثم فإن الإسراع في زيادة إنتاج الغاز على وجه الخصوص من شأنه أن يساعد على توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء التي تستخدم الغاز في تشغيل توربينات توليد الكهرباء. كذلك فإن إنشاء عدد من محطات توليد الكهرباء الجديدة في أماكن مختلفة من مصر مثل بني سويف والساحل الشمالي وسيناء وغيرها من شأنه أن يرفع طاقة إنتاج الكهرباء في مصر إلى المستوى الأمثل الذي يغطي الزيادة في احتياجات الاستهلاك في المستقبل. ومن الدلائل المهمة في قائمة مشاريع محطات الكهرباء المقترحة إن عددا منها سيتم تصميمه للعمل بمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتستهدف خطط التنمية المصرية رفع نسبة مساهمة المصادر المتجددة في توليد الكهرباء إلى 20% من إجمالي قوة الإنتاج بحلول العام 2010 أي في غضون أربع سنوات.
إن عملية الإصلاح الاقتصادي يجب أن تستمر بغرض تحقيق توازن أداء المتغيرات الإقتصادية الكلية خصوصا فيما يتعلق بتخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة وتخفيض الدين العام.
ثالثا- ومحور قناة السويس المشروع القاطرة
كذلك فإن قطاع النقل حصل على اهتمام المستثمرين المصريين والعرب والأجانب. وقد تم توقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم لإنشاء وتطوير خطوط مواصلات وتسهيلات في مجالات النقل والتخزين تصل قيمتها إلى أكثر من 13.5 مليار دولار مع شركات من الصين وإيطاليا والإمارات وغيرها. ومن أهم المشاريع الجديدة التي تم تناولها في الاتفاقيات أو في مذكرات التفاهم مشروع إنشاء القطار الكهربائي الإسكندرية- أبو قير ودراسة مشروع القطار فائق السرعة بين القاهرة والإسكندرية، ومشروع نشاء خط سكك حديد لنقل البضائع بين حلوان وميناء السخنة، إضافة إلى إنشاء عدد من الموانئ الجافة وتسهيلات التخزين لخدمة عدد من التجمعات الصناعية الجديدة في مدن 6 أكتوبر والعشر من رمضان وبرج العرب وغيرها. ولا شك أن تطوير خطوط السكك الحديد المصرية يمثل أولوية بالنسبة لكل من الحكومة والمواطنين. وتشمل المشاريع الجديدة في قطاع النقل والمواصلات استكمال شبكة خطوط مترو الإنفاق في القاهرة الكبرى إضافة إلى إنشاء عدد من خطوط القطارات الكهربائية التي تربط مناطق الإنتاج ببعضها البعض وبالعاصمة.
ويمثل تطوير محور قناة السويس ركيزة رئيسية من ركائز مشاريع التنمية وتطوير الاقتصاد المصري خصوصا في قطاعات الصناعة والتخزين والتجارة والتسوق. وهناك عدد من نقاط الارتكاز الرئيسية التي أقبل المستثمرون على اقتراح مشاريع لإنشائها فيها مثل ميناء السخنة ومنطقة شمال غرب خليج السويس ومنطقة شرق الإسماعيلية (القنطرة شرق) وشرق بورسعيد. ويعتبر محور قناة السويس الجوهرة الثمينة في تاج مشاريع الاستثمار الجديدة في مصر نظرا لتكامل عناصر التنمية من مصادر الطاقة والمواد الخام والقوة العاملة المدربة وسهولة نقل المنتجات إلى أسواق العالم وفي داخل مصر.
رابعا- القطاع العقاري
وقد أثبت القطاع العقاري إنه المنافس الخطير لكل قطاعات الاقتصاد الأخرى نظرا لجاذبيته الشديدة للمستثمرين العرب ذوي الخبرة الممتدة في عمليات تعمير الصحاري، وإقامة المدن والتجمعات السكنية والسياحية المتكاملة الخدمات بما في ذلك الخدمات التجارية ومراكز التسوق. ولا شك أن مشروع إقامة عاصمة إدارية جديدة لمصر هو مشروع طموح سيستغرق تنفيذه سنوات ومن شأنه عندما يكتمل أن يغير وجه القاهرة تماما. وأظن أن البدايات التي نفذتها شركات مثل إعمار والفطيم الإماراتية وغيرها تمثل علامات مضيئة على الطريق خصوصا في مناطق شرق القاهرة والتجمع الخامس. ويبدو من تعليقات الرئيس السيسي إن الدولة جادة تماما في توجهها لنقل العاصمة الإدارية لمصر إلى مكان أكثر تحضرا وأقل ازدحاما من موقعها الحالي، خصوصا وأن عددا كبيرا من الأجهزة الحكومة لا يزال يشغل مساحات وأبنية في أماكن شديدة الاكتظاظ بالسكان ومخنوقة مروريا مثل السيدة زينب وقصر العيني. وربما يساعد نقل الأجهزة والمؤسسات الحكومية من هذه الأحياء المكتظة بالسكان للقاهرة الجديدة إلى تحرير جزء كبير من رأس المال العقاري المجمد في مواقع مهمة في وسط القاهرة، بما يمكن أن يسهل إقامة مشروعات جديدة للإسكان والتنمية العمرانية الحضارية التي تليق بوجه مصر المعاصر.
كذلك فإن قطاع النقل حصل على اهتمام المستثمرين المصريين والعرب والأجانب. وقد تم توقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم لإنشاء وتطوير خطوط مواصلات وتسهيلات في مجالات النقل والتخزين تصل قيمتها إلى أكثر من 13.5 مليار دولار مع شركات من الصين وإيطاليا والإمارات وغيرها. ومن أهم المشاريع الجديدة التي تم تناولها في الاتفاقيات أو في مذكرات التفاهم مشروع إنشاء القطار الكهربائي الإسكندرية- أبو قير ودراسة مشروع القطار فائق السرعة بين القاهرة والإسكندرية، ومشروع نشاء خط سكك حديد لنقل البضائع بين حلوان وميناء السخنة، إضافة إلى إنشاء عدد من الموانئ الجافة وتسهيلات التخزين لخدمة عدد من التجمعات الصناعية الجديدة في مدن 6 أكتوبر والعشر من رمضان وبرج العرب وغيرها. ولا شك أن تطوير خطوط السكك الحديد المصرية يمثل أولوية بالنسبة لكل من الحكومة والمواطنين. وتشمل المشاريع الجديدة في قطاع النقل والمواصلات استكمال شبكة خطوط مترو الإنفاق في القاهرة الكبرى إضافة إلى إنشاء عدد من خطوط القطارات الكهربائية التي تربط مناطق الإنتاج ببعضها البعض وبالعاصمة.
ويمثل تطوير محور قناة السويس ركيزة رئيسية من ركائز مشاريع التنمية وتطوير الاقتصاد المصري خصوصا في قطاعات الصناعة والتخزين والتجارة والتسوق. وهناك عدد من نقاط الارتكاز الرئيسية التي أقبل المستثمرون على اقتراح مشاريع لإنشائها فيها مثل ميناء السخنة ومنطقة شمال غرب خليج السويس ومنطقة شرق الإسماعيلية (القنطرة شرق) وشرق بورسعيد. ويعتبر محور قناة السويس الجوهرة الثمينة في تاج مشاريع الاستثمار الجديدة في مصر نظرا لتكامل عناصر التنمية من مصادر الطاقة والمواد الخام والقوة العاملة المدربة وسهولة نقل المنتجات إلى أسواق العالم وفي داخل مصر.
رابعا- القطاع العقاري
وقد أثبت القطاع العقاري إنه المنافس الخطير لكل قطاعات الاقتصاد الأخرى نظرا لجاذبيته الشديدة للمستثمرين العرب ذوي الخبرة الممتدة في عمليات تعمير الصحاري، وإقامة المدن والتجمعات السكنية والسياحية المتكاملة الخدمات بما في ذلك الخدمات التجارية ومراكز التسوق. ولا شك أن مشروع إقامة عاصمة إدارية جديدة لمصر هو مشروع طموح سيستغرق تنفيذه سنوات ومن شأنه عندما يكتمل أن يغير وجه القاهرة تماما. وأظن أن البدايات التي نفذتها شركات مثل إعمار والفطيم الإماراتية وغيرها تمثل علامات مضيئة على الطريق خصوصا في مناطق شرق القاهرة والتجمع الخامس. ويبدو من تعليقات الرئيس السيسي إن الدولة جادة تماما في توجهها لنقل العاصمة الإدارية لمصر إلى مكان أكثر تحضرا وأقل ازدحاما من موقعها الحالي، خصوصا وأن عددا كبيرا من الأجهزة الحكومة لا يزال يشغل مساحات وأبنية في أماكن شديدة الاكتظاظ بالسكان ومخنوقة مروريا مثل السيدة زينب وقصر العيني. وربما يساعد نقل الأجهزة والمؤسسات الحكومية من هذه الأحياء المكتظة بالسكان للقاهرة الجديدة إلى تحرير جزء كبير من رأس المال العقاري المجمد في مواقع مهمة في وسط القاهرة، بما يمكن أن يسهل إقامة مشروعات جديدة للإسكان والتنمية العمرانية الحضارية التي تليق بوجه مصر المعاصر.
يمثل تركز البطالة في فئات الشباب المتعلم وخريجي الجامعات قنبلة موقوتة خطيرة تهدد الاقتصاد.
خامسا- اقتصادية الدولة واقتصادات المواطن
ولا شك أن حزمة الإصلاحات الإدارية والتشريعية التي أقرها وأصدرها الرئيس السيسي قبيل مؤتمر مستقبل مصر الاقتصادي لعبت دورا مهما في زيادة جاذبية الاستثمار في مصر وزيادة إقبال الشركات الدولية ذات النشاط العالمي إلى توسيع نطاق عملياتها في مصر كما في حال شركات مثل جنرال إليكتريك الأمريكية وسيمنس الألمانية ومؤسسة الكهرباء الصينية إضافة إلى شركات النفط والغاز. وكان تعديل قانون الاستثمار على وجه الخصوص حجر زاوية للجاذبية الجديدة للاستثمار في مصر حيث تم تحصين العقود الجديدة وأطلق الحرية للشركات في اختيار العاملين فيها وتحديد أسعار بيع خدماتها.
كذلك فإن الحكومة المصرية أدخلت عددا من التعديلات المهمة على اتفاقات شراء النفط والغاز من الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وكذلك فيما يتعلق بتحمل الدولة لفروق الأسعار بين سعر البيع للمستهلك وسعر الشراء من المنتجين في قطاع توليد الكهرباء. وبمقتضى هذه التعديلات فإن الحكومة ستشتري الغاز من الشركات المنتجة بأكثر من 5 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية (بي تي يو) بعد أن كانت تشتريه طبقا للاتفاقيات السابقة بأقل من 4 دولارات. وقد أدت هذه التعديلات عمليا إلى إقدام شركات النفط والغاز التي تعاني حاليا من اضطراب أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية على زيادة استثماراتها في مصر (تطوير الحقول القائمة وضخ استثمارات لاكتشاف حقول جديدة). ومع ذلك فسوف تظل هناك نقاط سيتعين العمل على حلها أو توضيحها تتعلق بقدرة شركات توليد الكهرباء على تسعير منتجاتها، وكذلك فيما يتعلق بقدرة الشركات الخاصة على نقل الكهرباء أو بيعها للمستهلكين مباشرة.
ولا شك أن عملية تطوير المناخ الإداري والتشريعي في مصر لا يجب أن تتوقف في الأشهر والسنوات المقبلة، لأن مصر تخلفت كثيرا في هذه المجالات عن الدول المنافسة لها في آسيا وفي أفريقيا. ويعتبر المناخ الاستثماري الجيد من أهم العوامل الجاذبة للاستثمار الأجنبي. ولا يزال أمام مصر الكثير لكي تتقدم على مؤشر أداء الأعمال وجذب الاستثمار. وقد أعلنت الحكومة قبيل وفي أثناء المؤتمر الاقتصادي عددا من التعديلات التشريعية المهمة الجاذبة للاستثمار الأجنبي في مجالات الحوافز واستقدام العمال من الخارج والاستيراد والضرائب وغيرها. وقد أثارت هذه التعديلات الكثير من القلق في أوساط النقابيين والمستثمرين المحليين. ومع ذلك فإن الاختبار الحقيقي سيظهر عندما يتم وضع اللوائح التنفيذية للقوانين الجديدة. ومن المعروف أن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية للاستثمار في البورصة، أدى إلى تدهور أداء سوق المال وإلى تعرضها لموجات متلاحقة من الخسائر منذ انتهاء المؤتمر حتى الآن.
كذلك فإن عملية الإصلاح الاقتصادي يجب أن تستمر هي الأخرى بغرض تحقيق توازن أداء المتغيرات الاقتصادية الكلية خصوصا فيما يتعلق بتخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة وتخفيض الدين العام المستحق للجهاز المصرفي المصري والأجنبي، وتخفيض العجز المزمن في الميزان التجاري. لكن الأمر لا يتوقف قط على تحقيق إصلاح فيما يمكن أن نسميه "اقتصاد الدولة" وإنما يجب أن تمتد عملية الإصلاح إلى ما يمكن أن نسميه "اقتصاد المواطن" الذي يقوم على حزمة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتعتبر مشكلات الفقر والبطالة والعشوائيات والقمامة والمرور والمواصلات من أهم المجالات التي يتأثر بها حاليا "اقتصاد المواطن" ولم يتم تحقيق الكثير من الإنجازات فيها خلال السنوات الماضية، كما أن المؤتمر الاقتصادي لم يقدم لها الحلول الملائمة. وقد تفاقمت مشكلة الفقر في مصر إلى الحد الذي يظهر فيه مؤشر الفقر زيادة من عام إلى آخر. ويمثل تركز البطالة في فئات الشباب المتعلم وخريجي الجامعات قنبلة موقوتة خطيرة تهدد الاقتصاد. ولا يجوز التعامل مع هذه القضايا بدون خطط تفصيلية قابلة للتنفيذ تضع أطرا زمنية لتخفيض الفقر والبطالة والقضاء على العشوائيات وأزمات تكدس القمامة والاختناقات المرورية والانفجار الهائل في حوادث الطرق سواء داخل المدن أو خارجها على الطرق السريعة.
وليس من المفترض أن ستولى رأس المال الأجنبي مسئولية التعامل المباشر مع القضايا المهيمنة على "اقتصاد المواطن" في المرحلة الحالية. ومن هنا يأتي الدور المهم الذي يجب أن تقوم به الدولة ومؤسساتها من حيث توفير شبكات الحماية الاجتماعية الكافية والملائمة لغير القادرين ووضع برامج التدريب والتشغيل الكافية والملائمة لخريجي الجامعات والمدارس الفنية. ومن غير المعقول أن يدفع جيل كامل من هؤلاء الخريجين ثمن تخلف النظام التعليمي أو قصور التأهيل والتدريب المتاح عن التوافق مع احتياجات سوق العمل.
لقد نجح المؤتمر الاقتصادي نجاحا عظيما فيما يتعلق بالاستجابة لاحتياجات "اقتصاد الدولة" لكنه مع ذلك لم يقدم الكثير فيما يتعلق بالاستجابة لاحتياجات "اقتصاد المواطن". وسوف يتعين على الدولة هنا أن تعيد النظر في الدور الذي تقوم به في التنمية وفي توفير فرص العمل الملائمة والكافية للخريجين في فترة حرجة يمكن وصفها بأنها حلقة الانتقال بين نظامين اقتصاديين، أحدهما وهو النظام القديم كانت الدولة بمقتضاه تقوم بدور الرعاية للأفراد منذ ولادتهم وحتى توفير الوظائف لهم إلى نظام تخلت فيه الدولة عن دورها السابق لقوى السوق.
لقد نجحت الحكومة إلى حد كبير في سد فجوة النقد الأجنبي، عن طريق الودائع والقروض التي دخلت إلى حساب الحكومة في البنك المركزي. لكنها مع ذلك لم تقدم على الإطلاق في المؤتمر الاقتصادي ما يمكن اعتباره رؤية تسعى لزيادة معدل الادخار والاستثمار المحلي، وهو أحد أهم محركات النمو. كذلك فإن معظم المشروعات التي تم الإعلان عنها، هي مشروعات كثيفة رأس المال مثل محطات الكهرباء وعمليات الكشف عن البترول والغاز. وتحتاج مصر بقدر كبير إلى تنمية الصناعات كثيفة العمالة من أجل توسيع نطاق التنمية وتحسين توزيع عوائدها وتوفير فرص عمل أكبر للعاطلين وللداخلين الجدد إلى سوق العمل. واستطاعت الدولة أن تجذب تعهدات والتزامات كبيرة في قطاع الاستثمار العقاري ستتجه كلها باستثناء مشروع أرابتيك إلى الإسكان الفاخر، وهو قطاع لا يعاني من أزمة.
وعلى الرغم من قصور حصاد المؤتمر عن الاستجابة لاحتياجات "اقتصاد المواطن"، فإن الأغلبية العظمى من الناس لم تقطع الأمل في أن تستفيد من بعض ما تم التوصل إليه. المهم هو ألا تتمكن البيروقراطية المصرية من الالتفاف على نتائج المؤتمر بغرض خنقها وتصفية مضمونها الإيجابي. وأظن إن المعركة ضد البيروقراطية المصرية المتحجرة هي واحدة من أهم معارك التنمية في مصر. وما لم نكسب المعركة ضد البيروقراطية، ستظل التنمية تراوح في مكانها بدون تحقيق اختراق حقيقي إلى زيادة إنتاجية العمل ورأس المال زيادة درامية، وإلى رحابة القدرة على المنافسة وزيادة القدرة على اختراق الأسواق الخارجية. المؤتمر الاقتصادي في حد ذاته كان خطوة كبيرة للأمام، لكنه يحتاج إلى خطوات مكملة ناجزه ومثمرة.
ولا شك أن حزمة الإصلاحات الإدارية والتشريعية التي أقرها وأصدرها الرئيس السيسي قبيل مؤتمر مستقبل مصر الاقتصادي لعبت دورا مهما في زيادة جاذبية الاستثمار في مصر وزيادة إقبال الشركات الدولية ذات النشاط العالمي إلى توسيع نطاق عملياتها في مصر كما في حال شركات مثل جنرال إليكتريك الأمريكية وسيمنس الألمانية ومؤسسة الكهرباء الصينية إضافة إلى شركات النفط والغاز. وكان تعديل قانون الاستثمار على وجه الخصوص حجر زاوية للجاذبية الجديدة للاستثمار في مصر حيث تم تحصين العقود الجديدة وأطلق الحرية للشركات في اختيار العاملين فيها وتحديد أسعار بيع خدماتها.
كذلك فإن الحكومة المصرية أدخلت عددا من التعديلات المهمة على اتفاقات شراء النفط والغاز من الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وكذلك فيما يتعلق بتحمل الدولة لفروق الأسعار بين سعر البيع للمستهلك وسعر الشراء من المنتجين في قطاع توليد الكهرباء. وبمقتضى هذه التعديلات فإن الحكومة ستشتري الغاز من الشركات المنتجة بأكثر من 5 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية (بي تي يو) بعد أن كانت تشتريه طبقا للاتفاقيات السابقة بأقل من 4 دولارات. وقد أدت هذه التعديلات عمليا إلى إقدام شركات النفط والغاز التي تعاني حاليا من اضطراب أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية على زيادة استثماراتها في مصر (تطوير الحقول القائمة وضخ استثمارات لاكتشاف حقول جديدة). ومع ذلك فسوف تظل هناك نقاط سيتعين العمل على حلها أو توضيحها تتعلق بقدرة شركات توليد الكهرباء على تسعير منتجاتها، وكذلك فيما يتعلق بقدرة الشركات الخاصة على نقل الكهرباء أو بيعها للمستهلكين مباشرة.
ولا شك أن عملية تطوير المناخ الإداري والتشريعي في مصر لا يجب أن تتوقف في الأشهر والسنوات المقبلة، لأن مصر تخلفت كثيرا في هذه المجالات عن الدول المنافسة لها في آسيا وفي أفريقيا. ويعتبر المناخ الاستثماري الجيد من أهم العوامل الجاذبة للاستثمار الأجنبي. ولا يزال أمام مصر الكثير لكي تتقدم على مؤشر أداء الأعمال وجذب الاستثمار. وقد أعلنت الحكومة قبيل وفي أثناء المؤتمر الاقتصادي عددا من التعديلات التشريعية المهمة الجاذبة للاستثمار الأجنبي في مجالات الحوافز واستقدام العمال من الخارج والاستيراد والضرائب وغيرها. وقد أثارت هذه التعديلات الكثير من القلق في أوساط النقابيين والمستثمرين المحليين. ومع ذلك فإن الاختبار الحقيقي سيظهر عندما يتم وضع اللوائح التنفيذية للقوانين الجديدة. ومن المعروف أن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على الأرباح الرأسمالية للاستثمار في البورصة، أدى إلى تدهور أداء سوق المال وإلى تعرضها لموجات متلاحقة من الخسائر منذ انتهاء المؤتمر حتى الآن.
كذلك فإن عملية الإصلاح الاقتصادي يجب أن تستمر هي الأخرى بغرض تحقيق توازن أداء المتغيرات الاقتصادية الكلية خصوصا فيما يتعلق بتخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة وتخفيض الدين العام المستحق للجهاز المصرفي المصري والأجنبي، وتخفيض العجز المزمن في الميزان التجاري. لكن الأمر لا يتوقف قط على تحقيق إصلاح فيما يمكن أن نسميه "اقتصاد الدولة" وإنما يجب أن تمتد عملية الإصلاح إلى ما يمكن أن نسميه "اقتصاد المواطن" الذي يقوم على حزمة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتعتبر مشكلات الفقر والبطالة والعشوائيات والقمامة والمرور والمواصلات من أهم المجالات التي يتأثر بها حاليا "اقتصاد المواطن" ولم يتم تحقيق الكثير من الإنجازات فيها خلال السنوات الماضية، كما أن المؤتمر الاقتصادي لم يقدم لها الحلول الملائمة. وقد تفاقمت مشكلة الفقر في مصر إلى الحد الذي يظهر فيه مؤشر الفقر زيادة من عام إلى آخر. ويمثل تركز البطالة في فئات الشباب المتعلم وخريجي الجامعات قنبلة موقوتة خطيرة تهدد الاقتصاد. ولا يجوز التعامل مع هذه القضايا بدون خطط تفصيلية قابلة للتنفيذ تضع أطرا زمنية لتخفيض الفقر والبطالة والقضاء على العشوائيات وأزمات تكدس القمامة والاختناقات المرورية والانفجار الهائل في حوادث الطرق سواء داخل المدن أو خارجها على الطرق السريعة.
وليس من المفترض أن ستولى رأس المال الأجنبي مسئولية التعامل المباشر مع القضايا المهيمنة على "اقتصاد المواطن" في المرحلة الحالية. ومن هنا يأتي الدور المهم الذي يجب أن تقوم به الدولة ومؤسساتها من حيث توفير شبكات الحماية الاجتماعية الكافية والملائمة لغير القادرين ووضع برامج التدريب والتشغيل الكافية والملائمة لخريجي الجامعات والمدارس الفنية. ومن غير المعقول أن يدفع جيل كامل من هؤلاء الخريجين ثمن تخلف النظام التعليمي أو قصور التأهيل والتدريب المتاح عن التوافق مع احتياجات سوق العمل.
لقد نجح المؤتمر الاقتصادي نجاحا عظيما فيما يتعلق بالاستجابة لاحتياجات "اقتصاد الدولة" لكنه مع ذلك لم يقدم الكثير فيما يتعلق بالاستجابة لاحتياجات "اقتصاد المواطن". وسوف يتعين على الدولة هنا أن تعيد النظر في الدور الذي تقوم به في التنمية وفي توفير فرص العمل الملائمة والكافية للخريجين في فترة حرجة يمكن وصفها بأنها حلقة الانتقال بين نظامين اقتصاديين، أحدهما وهو النظام القديم كانت الدولة بمقتضاه تقوم بدور الرعاية للأفراد منذ ولادتهم وحتى توفير الوظائف لهم إلى نظام تخلت فيه الدولة عن دورها السابق لقوى السوق.
لقد نجحت الحكومة إلى حد كبير في سد فجوة النقد الأجنبي، عن طريق الودائع والقروض التي دخلت إلى حساب الحكومة في البنك المركزي. لكنها مع ذلك لم تقدم على الإطلاق في المؤتمر الاقتصادي ما يمكن اعتباره رؤية تسعى لزيادة معدل الادخار والاستثمار المحلي، وهو أحد أهم محركات النمو. كذلك فإن معظم المشروعات التي تم الإعلان عنها، هي مشروعات كثيفة رأس المال مثل محطات الكهرباء وعمليات الكشف عن البترول والغاز. وتحتاج مصر بقدر كبير إلى تنمية الصناعات كثيفة العمالة من أجل توسيع نطاق التنمية وتحسين توزيع عوائدها وتوفير فرص عمل أكبر للعاطلين وللداخلين الجدد إلى سوق العمل. واستطاعت الدولة أن تجذب تعهدات والتزامات كبيرة في قطاع الاستثمار العقاري ستتجه كلها باستثناء مشروع أرابتيك إلى الإسكان الفاخر، وهو قطاع لا يعاني من أزمة.
وعلى الرغم من قصور حصاد المؤتمر عن الاستجابة لاحتياجات "اقتصاد المواطن"، فإن الأغلبية العظمى من الناس لم تقطع الأمل في أن تستفيد من بعض ما تم التوصل إليه. المهم هو ألا تتمكن البيروقراطية المصرية من الالتفاف على نتائج المؤتمر بغرض خنقها وتصفية مضمونها الإيجابي. وأظن إن المعركة ضد البيروقراطية المصرية المتحجرة هي واحدة من أهم معارك التنمية في مصر. وما لم نكسب المعركة ضد البيروقراطية، ستظل التنمية تراوح في مكانها بدون تحقيق اختراق حقيقي إلى زيادة إنتاجية العمل ورأس المال زيادة درامية، وإلى رحابة القدرة على المنافسة وزيادة القدرة على اختراق الأسواق الخارجية. المؤتمر الاقتصادي في حد ذاته كان خطوة كبيرة للأمام، لكنه يحتاج إلى خطوات مكملة ناجزه ومثمرة.