المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
عبدالغفار شكر
عبدالغفار شكر

الجيوش ومصير الثورات العربية

السبت 04/أبريل/2015 - 10:58 ص

شهد الوطن العربى فى السنوات الخمس الماضية تحركات ثورية جماهيرية أطلق عليها فيما بعد ثورات الربيع العربى بدأت بتونس وتلتها مصر ثم اليمن وبعدها ليبيا وسوريا ورغم أن الجماهير لعبت دورا رئيسيا فى هذه التحركات الا أنها اختلفت فى نتائجها.

فإذا بدأنا بتونس التى نجحت فى انهاء المرحلة الانتقالية واستكملت مقومات التحول الديمقراطى وكان الفضل الأول فى هذا النجاح للقوى السياسية اليسارية والاسلامية والليبرالية التى تفاعلت فيما بينها من خلال الصراع السياسى حتى أنجزت المرحلة الانتقالية دون تدخل الجيش التونسى فى العملية السياسية مع طرف أو ضد طرف وتأكدت طبيعته الاحترافية فيما حدث من صراعات بين القوى السياسية لم يتدخل فيها بالمرة وحافظ على طبيعته كجيش مهنى محترف يعمل بانضباط كامل تحت راية الدولة الوطنية. وقد لعب هذا الوضع دورا مهما فى تمكين القوى السياسية من التفاعل معا حول طبيعة المرحلة الانتقالية وأهدافها وتشكلت هيئات سياسية وادارية فى بداية المرحلة الانتقالية كان لها دور فى ادارة البلاد خلال هذه المرحلة دون أى تدخل من الجيش وتم بالفعل وضع دستور جديد للبلاد وانتخاب رئيس الجمهورية وكذلك البرلمان فى انتخابات نزيهة أدت الى استكمال مقومات التحول الديمقراطى الذى تنعم تونس الآن بثماره وتتفاعل قواها السياسية التى كانت من الذكاء بحيث حافظت على سلمية الثورة وحددت الاتجاه العام لها. وقدمت مصر نموذجاً مختلفاً اسهم فيه الجيش المصرى بدور أساسى كان له تأثير كبير على مسار الثورة فرغم أن الجيش المصرى مؤسسة وطنية تتسم بالانضباط والمهنية مثل الجيش التونسى الا أنها رغم تفرغها لمهامها العسكرية كانت فى أوقات معينة ركيزة للحزب الحاكم ورئيس الجمهورية كما حدث مع أنور السادات عندما انفرد بالحكم فى مايو 1971 مستفيداً من ولاء القيادات العليا للجيش الذى عاد الى دوره الطبيعى بعد أن استقر الحكم لأنور السادات ورغم هذا فان الحكم كان يستعين بالجيش لاحكام قبضته على الحكم أكثر من مرة عندما كانت التحركات الجماهيرية توشك أن تهدد هذا الحكم كما حدث فى انتفاضة يناير 1977 ونزول الجيش لانهائها وكما حدث أيضا عندما استعان حسنى مبارك بالجيش 1986 فى السيطرة على تمرد جنود الأمن المركزى وعندما قامت ثورة 25 يناير ونجحت الضغوط الجماهيرية فى خلع حسنى مبارك رأس النظام فانه سلم السلطة للجيش الذى أعلن تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة زمام الأمور فى البلاد وقد ساهم وضع الجيش كمؤسسة مهنية يستعين بها النظام وقت الشدة فى تحديد مسار الثورة حيث خضع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لابتزاز الاخوان المسلمين فأجرى تعديلات على دستور 1971 ثم أصدر اعلانا دستوريا تم بمقتضاه اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل وضع الدستور الجديد وكان لهذا التوجه أثره فى تغيير مسار الثورة عندما فاز «الاخوان المسلمين» بأغلبية البرلمان ونجح مرشحهم للرئاسة الدكتور محمد مرسى ودخلت البلاد فى أزمة حادة انتهت بتدخل الجيش فى حسم الصراع عندما أعلن اللواء عبدالفتاح السيسى خريطة طريق بحضور ممثلين للتيارات السياسية المختلفة وفئات المجتمع وطرح خريطة الطريق التى تشمل تعديل دستور 2012 وانتخاب رئيس جديد للجمهورية هو المشير عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة فى ذلك الوقت ولم تكتمل المرحلة الانتقالية حتى الآن حيث لا تزال الانتخابات البرلمانية تنتظر تعديل قوانين الانتخاب وهكذا اختلف مسار ثورة 25 يناير فى مصر عن مسار الثورة فى تونس نتيجة لاختلاف طبيعة ووضع الجيش ودوره فى كل من البلدين. ويختلف هذا الوضع كليةً عن الحال فى اليمن حيث لا ينفرد الجيش اليمنى باحتكار السلاح بل توجد الى جواره قبائل مسلحة تكاد يكون لكل منها جيشه الذى يحمى مصالحه ويتحكم فى المناطق التى توجد بها هذه القبائل وكانت هذه الازدواجية سببا فى تعثر الثورة اليمنية رغم الحضور الجماهيرى الكبير فيها ولم تتحقق أياً من مهام المرحلة الانتقالية حتى الآن. أما المثال الرابع فهو ليبيا التى لم يكن يوجد فيها جيش وطنى بالمعنى الحقيقى للكلمة بل كانت هناك كتائب مسلحة يخضع كل منها لأحد أبناء القذافى أو أعوانه وعندما انتفض الشعب فى ليبيا مستهدفا الثورة فان التدخل العسكرى الأجنبى كان العامل الحاسم فى اسقاط النظام دون القدرة على بناء نظام سياسى جديد حتى الآن بسبب هذه الوضعية لتعدد الكتائب المسلحة دون وجود جيش وطنى على امتداد الأرض الليبية ويختلف الوضع فى سوريا عن كل النماذج السابقة حيث حرص حافظ الأسد على أن يكون الجيش من طائفته العلوية وكان من الطبيعى عندما تحركت المعارضة الوطنية ضد عائلة الأسد وسعياً للثورة أن يقاتل هذا الجيش الطائفى بكل شراسة دفاعا عن النظام حتى يقضى على التحركات الوطنية فى كل أنحاء سوريا.

 

هكذا كان لاختلاف طبيعة الجيش ودوره فى بلاد ثورات الربيع العربى أكبر الأثر فى تحديد مسار هذه الثورات. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟