التحديات والآمال: مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى.. مصر المستقبل
تستضيف مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 13 إلى 15 مارس 2015 مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، ويضم المؤتمر مجموعة كبيرة ومتنوعة من المتحدثين ذوى الخبرة العالمية يمثلون منظمات عالمية ودولا ذات ثقل "مجموعة الدول الصناعية السبع – مجلس التعاون الخليجي – دول البريكس "البرازيل، الهند، روسيا، الصين"- وجنوب أفريقيا".
وقامت الحكومة المصرية بتشكيل لجنة وزارية للإشراف على تنظيم المؤتمر، وتقوم وزارتا التعاون الدولي والاستثمار بدور المنسق العام للمؤتمر تحت إشراف مكتب رئيس الجمهورية، واللجنة الوزارية هى جزء من هيئة تنسيقية عليا تضم رئيس الوزراء وممثلين عن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وتقوم بتنظيم المؤتمر وحدة خاصة مختلطة تم تشكيلها في وزارة التعاون الدولي وتضم خبرات واسعة في مجالات عديدة، من بينها الاقتصاد والاستثمار والإعلام، ويقوم الفريق الأساسي في هذه الوحدة بالتعاون مع شركة "لازارد" للاستشارات المالية والشريك الإعلامي WPP وبنوك الاستثمار المحلية.
وذكرت الجهات المنظمة أن الموتمر محطة أساسية في عملية تشجيع الاستثمار في الاقتصاد المصرى، إذ تم وضع إطار عام لجدول أعمال المؤتمر وجار دعوة المتحدثين به، ويعقد المؤتمر تحت رعاية رئيس الجمهورية، ومن المنتظر أن يتم تنظيم عدد من اللقاءات الثنائية بين الرئيس والوزراء من جانب وعدد كبير من كبار رجال الأعمال من جانب آخر.
ويتضمن جدول المؤتمر عقد جلسات نقاشية عامة خلال اليومين الثاني والثالث حول عدد من القضايا المهمة بالنسبة للمجتمع المحلى والدولي مثل الرؤية الإستراتيجية للحكومة، قطاع الطاقة فى مصر، خطط تحقيق النمو فى القطاعات الواعدة، سبل تحقيق العدالة الاجتماعية، المشاريع العملاقة الجديدة، وأسواق راس المال.
وذكرت الجهات المنظمة أنه يجب النظر إلى المؤتمر في سياق برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى، والذي يهدف إلى تسريع وتيرة نمو قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة وتحقيق العدالة الاجتماعية للمصريين، وسيمكن الموتمر الحكومة من التواصل مع كبار الشخصيات المؤثرة في مجتمع الأعمال دوليا ومحليا لتقديم صورة جديدة عن مصر وإلقاء الضوء على إستراتيجية العمل التي ستتبناها خلال السنوات المقبلة، تلك الإستراتيجية التي تهدف إلى وضع مصر على مسار جديد للتنمية وتشجيع القطاع الخاص، كما ستساعد على تحسين أوضاع الشرائح الأقل حظا في المجتمع.
وقالت الجهات المنظمة: إن الحكومة تهدف إلى إيصال عدة رسائل قبل وبعد الموتمر الأول موجهة للعالم، وهى رؤية واضحة وملهمة ولكن واقعية لتنمية الاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة المقبلة وخطة عمل واضحة ومحددة حول كيفية تحقيق النمو، والرسالة الثانية موجهة للشعب المصري، وهى الالتزام بخلق فرص عمل جديدة، وإطلاق مبادرات خاصة بتنمية مهارات المواطن المصري، بالإضافة إلى شرح كيف يمكن أن تسهم البرامج التي تطلقها قطاعات الحكومة المختلفة ومشروعاتها الضخمة في مخاطبة طموحات المواطن لتحسين مستواه المعيشي وخطط لتحسين حياة الشرائح الأكثر فقرا في المجتمع من خلال مشروعات الإسكان والصحة والتعليم، والرسالة الثالثة إلى مجتمع الاستثمار العالمي وهى توضيح أين تكمن فرص الاستثمار التي تؤهل مصر لتصبح وجهة عالمية للاستثمار واستعراضها في كل قطاع من القطاعات وتقديم مشروعات محددة قابلة للاستثمار، وشرح ما سيقدمه برنامج الحكومة الإصلاحي من تسهيلات للمستثمرين عبر تسهيل الإجراءات وإزالة المعوقات التشريعية أمام الاستثمارات، ورسالة أخيرة إلى القطاع الخاص المصرى تهدف إلى الفهم الواضح لكيفية قيام الحكومة بمساعدة أعمالهم على النمو من خلال برامج مساندة وتغيير الإجراءات التنظيمية والتزام واضح بتطوير البنية التحتية في القطاعات الرئيسية المختلفة، خاصة في قطاعي الطاقة والنقل، وهما القطاعان الحيويان لنمو أعمالهم وتوفير فرص للتعاون مع مؤسسات مالية دولية ومستثمرين دوليين.
ومن جهة أخرى قال أشرف سالمان، وزير الاستثمار، إن مؤتمر "دعم وتنمية الاقتصاد المصرى.. مصر المستقبل"، المقرر انعقاده منتصف مارس المقبل بشرم الشيخ، سيطرح على العالم حكاية مصرية فى الإصلاح والتنمية، مضيفًا أن السوق المصرية تحمل تنوع ومزايا تنافسية ضخمة فى مختلف القطاعات. وأضاف أشرف سالمان، خلال كلمته بمؤتمر الإعلان عن تفاصيل المؤتمر الاقتصادى، والذى عقد السبت الموافق 31 يناير 2015 بهيئة الاستثمار، أن المؤتمر سيطرح رؤية عامة للسياسات المالية والنقدية التى اتخذتها الحكومة من أجل تهيئة مناخ الاستثمار فى مصر، لافتا النظر إلى أن قانون الاستثمار هو جزء من الاصلاحات التشريعية، ولكن هناك قوانين أخرى مثل قانون التعدين وقانون تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الذين صدرا بالفعل، بالإضافة إلى قانون الصناعة وقانون تفضيل المنتج المحلى وستصدر قريبا فضلا عن التعديلات فى سوق المال، وكلها تصب فى صالح المستثمر، كما كشف أشرف سالمان وزير الاستثمار، عن إنشاء وحدة خاصة لتسهيل إصدار التراخيص الخاصة بالمشروعات التى ستطرح على المؤتمر واضاف أن هناك 3 مشروعات استثمارية ضخمة يتم إعدادها، ومن الممكن طرحها خلال المؤتمر او عقب الانتهاء منها، مشيرا إلى أنه يتم التفاوض حاليا مع القطاع الخاص للمشاركة فى تنفيذها، فضلاً عن طرح نحو 30 مشروعا بتكلفة تتجاوز 20 مليار دولار موضحا أن اللجنة المشرفة على تنظيم المؤتمر تلقت من كل الجهات الحكومية أفكار ومشروعات بلغت 180 مشروعا تم اختيار ما يصلح منها وبلغ 40 مشروعا، وتم عرضها على بنوك الاستثمار المحلية والمكاتب الاستشارية لدراستها.
وأكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الدولة رئيس المكتب التنسيقى للمشروعات التنموية فى مصر، أن مؤتمر "دعم وتنمية الاقتصاد المصرى.. مصر المستقبل"، يمثل بداية حقيقية لتنمية مستدامة للاقتصاد المصرى، كما سيضع المؤتمر خارطة طريق اقتصادية بطريقة مستدامة لمصر، مضيفا أن المؤتمر سيعرض على المجتمع الدولى ما تم إنجازه من إصلاحات تشريعية ومالية ونقدية تقوم بها الحكومة فى سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية.
ومن ناحية أخرى أكد إبراهيم العساف، وزير المالية السعودى، على ثقته فى نجاح مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى.. مصر المستقبل، المقرر انعقاده منتصف شهر مارس المقبل بشرم الشيخ، قائلا: "أود أن أذكر أننا مطمئنون لنجاح المؤتمر والحضور سيكون كبيرا، سواء على الجانب الرسمى أو القطاع الخاص، سواء من الدول العربية أو القطاع الخاص"، وأبدى إبراهيم العساف، إعجابه بالإعداد والتعاون الممتاز مع الحكومة المصرية لإنجاح المؤتمر، مضيفا: "باق أيام قليلة والإعداد جيد والاهتمام كبير فى مصر سواء من قبل القطاع العام أو الخاص".
وقال المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، إن هناك تنسيقا على المستوى العربى والعالمى للتعاون لإنجاح مؤتمر مارس الاقتصادى، موضحا أنه على المستوى العربى هناك اجتماعات دورية مع ممثلى السعودية والإمارات، كما أن زيارته للكويت غدا سيكون جزء كبير منها للحديث عن التعاون حول المؤتمر، أما على المستوى العالمى فهناك تواصل على أعلى مستوى، وكانت من بينها زيارة الرئيس للولايات المتحدة والصين، كما ننتظر زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بصحبة رجال أعمال للمشاركة بالمؤتمر.
وأضاف المهندس إبراهيم محلب، خلال كلمته بالمؤتمر الصحفى، للإعلان عن تفاصيل مؤتمر مارس الاقتصادى، أن المؤتمر خطوة ومحطة أساسية لعرض الرؤية الاقتصادية والسياسية لمصر والحكومة، مشيرا إلى أن خريطة الطريق السياسية تتواصل بالإعلان عن موعد فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، كما نواصل العمل بالخريطة الاقتصادية من خلال الإصلاح التشريعى والإدارى للاقتصاد المصرى.
تتمثل أهم التحديات أمام الحكومة المصرية للخروج بهذا المؤتمر بشكل يحقق نتائج كبيرة تتناسب مع الطموحات والآمال المنعقدة عليه لتحقيق طفرة كبيرة في الاقتصاد المصري وزيادة معدل النمو بنسبة تفوق 6% على الأقل سنوياً، ومن هذه التحديات ما هو أمني، اقتصادي أو ما يتعلق منها بالبيئة التشريعية والإجراءات التنظيمية.
أولا- التحدي الأمني
الأساس في رأس المال سواء أجنبيا أو وطنيا، الحرص الشديد والجبن، فعملية اتخاذ القرار الاستثماري يضخ أموال خاصة في دول أخرى تحكمها عوامل كثيرة يأتي في مقدمتها أمن واستقرار هذه الدول حتى لا تتعرض استثماراته إلى أي مخاطر وبالتالي تزيد تكلفة التأمين عليها.
وعند النظر إلى الحالة المصرية نجد أن البلاد تعرضت إلى عدم استقرار أمني حقيقي وملموس خلال الفترة الماضية خاصة بعد أحداث 28 يناير 2011 وما أعقبها من انهيار تام للجهاز الأمني، واستيلاء المتطرفين على أسلحة بالإضافة إلى الحصول على أسلحة جديدة خاصة أسلحة الجيش الليبي وتهريبها للبلاد بعد الإطاحة بمعمر القذافي، كما أن غياب جهاز الشرطة خاصة المختص بجمع المعلومات أدى إلى حرية حركة العناصر المتطرفة ودخول عناصر جديدة، ولقد ظهرت نتائج كل ذلك بعد قيام ثورة 30 يونيه 2013 والإطاحة بنظام حكم جماعة الأخوان المسلمين مما دفعهم ومؤيديهم إلى استخدام العنف، والقيام بعمليات تفجيرية انتقاماً من الدولة المصرية ومؤسساتها الأمنية مما أدى إلى هروب عدد كبير من المستثمرين الأجانب وعزوف آخرين عن ضخ استثمارات جديدة أو التوسع في الاستثمارات القائمة، لذلك كان لابد من التركيز على المجهود الأمني وإعادة جهاز الشرطة المصرية إلى قوته كخطوة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في الجانب الأمني فإنه ما زالت هناك عمليات نوعية تقوم بها الجماعات الإرهابية للفت الانتباه، والتأكيد على أن الوضع الأمني في مصر غير مستقر، رغبة منها في ضرب الاقتصاد المصري وإفشال حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي سواء من خلال عمليات كبيرة تتم بالتحديد في منطقة شمال سيناء، وكان آخرها حادث العريش الذي وقع في يناير الماضي وأدى إلى استشهاد نحو 30 ضابطا وجنديا من القوات المسلحة والشرطة المدنية ومن المدنين، أو من خلال عمليات صغيرة ومتفرقة بتفجير عبوات بدائية الصنع في مناطق حيوية داخل القاهرة والمحافظات، بالإضافة إلى استهداف المرافق العامة ومنها أبراج الكهرباء وخطوط السكك الحديدية.
ثانيا- التحدي الاقتصادي
تتمثل أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة قبل استضافة المؤتمر الاقتصادي في سرعة إعادة هيكلة الاقتصاد، واتخاذ عدد من الإجراءات الإصلاحية التي بدأتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال تخفيض دعم المنتجات البترولية، مما أدى إلى خفض عجز الموازنة العامة بنحو 50 مليار جنيه في خطوة أشادت بها المؤسسات المالية الدولية ومنها صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي وعدد آخر من المؤسسات ساعد في تحسين ترتيب مصر في التصنيف الائتماني لأول مرة منذ فترة طويلة، ومن حسن الطالع ما حدث من انخفاض أسعار النفط عالمياً بنسبة وصلت إلى 50% مما سوف يساعد على خفض عجز الموازنة بمقدار 50 مليار جنيه أخرى.
يضاف إلى ذلك ما تقوم به الحكومة من خلال البنك المركزي المصري لضبط الأمور المتعلقة بسوق الصرف والعمل على الحد من الفارق بين السعر الرسمي للدولار والسعر في السوق السوداء، حيث إن المستثمرين الأجانب لا يمكن أن يقوموا بضخ أموالهم في استثمارات داخل اقتصاد به سعرين للدولار سعر رسمي آخر سعر في السوق السوداء بفارق كبير، ولعل ما قامت به السلطات المصرية ممثلة في البنك المركزي خاصة قرار وضع حد أقصي للإيداع اليومي للدولار من قبل الأفراد يتمثل في 10 آلاف دولار للفرد يومياً و50 آلف دولار شهرياً، كان قراراً موفقاً وجه ضربة قوية إلى أباطرة السوق السوداء وادي إلى ثبات نسبي لسعر الجنيه مقابل الدولار.
3- التحدي التشريعي والتنظيمي
تتمثل أهم التحديات التشريعية في ضرورة تعديل قانون الاستثمار الحالي أو إصدار قانون جديد على أن يتضمن التأكيد على احترام الدولة لعقودها وإنفاذها، وعدم حماية الغش والفساد، وعلى عدم جواز تأميم أو مصادرة المشروعات وضوابط نزاع ملكيتها، كما لابد من احتوائه على ضوابط إصدار القرارات التنظيمية للمشروعات الاستثمارية.
إنشاء كيان موحد وتحديد اختصاصاته وتشكيل واختيار العاملين بدقة، مع ضرورة وضع دليل الإجراءات الخاصة بالموافقات والتصاريح والتراخيص، وقائمة شروط خاصة لكل نوع من المشروعات وتلقي الاستثمارات والإجابة عليها.
وتعد مسألة البضائع للمنطقة الحرة وما يتعلق بها من إجراءات من الموضوعات الضرورة التي يجب أن يتعرض لها القانون الجديد بالتفصيل وبشكل محدد لكافة الإجراءات والقواعد التي تحكم العمل داخل المنطقة الحرة ومنها المتعلقة بالخضوع للضريبة الجمركية، بإجراءات الفحص الجمركي.
وبالإضافة إلى ذلك لا بد من تناول "اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار" وتشكيلها، واختصاصات اللجنة، ونصاب الحضور واتخاذ القرارات، ومواعيد إصدار القرارات.
وفي النهاية فإن الأجندة التنظيمية لفاعليات المؤتمر لابد وأن تكون في منتهى الوضوح والدقة، لأن ذلك سوف يولد انطباعاً جيداً لدى المشاركين يعكس احترافية الحكومة المصرية وحرصها على أن يكون التعامل في المستقبل يختلف تماماً عن أسلوب التعامل المتبع سواء في الماضي أو في الوقت الراهن.