المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الدلالات والنتائج: لقاء السيسي بشباب الإعلاميين

الخميس 11/ديسمبر/2014 - 10:11 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
أ.د. شريف درويش اللبان

 لا شك أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يُولي أهمية بالغة للإعلام كأداة من أدوات تشكيل الرأي المصري، فالرجل يعلم جيدًا من خلال عمله مديرًا للمخابرات الحربية أن هذا الإعلام كان له الدور الأكبر في التعجيل بنهاية حكم جماعة الإخوان المسلمين بعد عام واحد قضته في حكم البلاد؛ فالإعلام له قدرة خارقة في إدارة المزاج العام Mood Management للمصريين، وقد بدا هذا واضحًا من خلال تركيز هذا الإعلام على الجوانب السلبية لجماعة الإخوان وتضخيمها إلى الحد الذي لم تستطع الجماعة وترسانتها الإعلامية صد هذه الحرب الإعلامية التي نالت منها الكثير حتى قبل أن تندلع ثورة 30 يونيو.

الرئيس السيسي كان – ولايزال- ينظر للإعلام بعيْن الريبة، وقد تجلى ذلك في عبارتيْن الأولى أن "عبد الناصر كان محظوظًا بإعلامه" والثانية "أن هناك فضائيات ومواقع إلكترونية تتآمر على هذا

أولا- الإعلام يقيّم أداء الرئيس وينتقده

بعد مُضي فترة من انتخاب الرئيس السيسي، كان طبيعيًا أن يقوم الإعلام بدوره المنوط به في مراقبة أداء الرئيس وتقييم هذا الأداء ولاسيما في مجال الوعود والشعارات والحملات التي أطلقها. ومن المعتقد أن هذا أزعج الرئيس نسبيًا لسببيْن مهميْن أولهما: أن الرئيس يعلم جيدًا أن هذا النقد قد يتحول إلى تشويه مما يؤدي إلى تحول المزاج العام للمصريين باعتبارهم شعبًا عاطفيًا ضده، وثانيهما: أن الرئيس ذا الخلفية العسكرية عاش حياته المهنية بأكملها جنديًا في القوات المسلحة المصرية، وهو ما يجعله حساسًا للنقد الذي يخالف طبيعة المؤسسة العسكرية التي لا تعرف ألاعيب السياسيين والمحاورة والمناورة والمداورة.

ومن المُعتقد أن هذيْن الأمريْن هما ما جعل الرئيس السيسي يهتم بعقد لقاءات دورية مطولة مع كبار الإعلاميين، وهى اللقاءات التي استطاعت دون ضغط أو إجبار أن تخفف من حدة النقد من جهة، وأن ينحاز الإعلام للمصالح العُليا للوطن من جهة أخرى. ورغم ذلك كله فإن الرئيس السيسي كان – ولايزال- ينظر للإعلام بعيْن الريبة، وقد تجلى ذلك في عبارتيْن مهمتيْن ساقهما في بعض لقاءاته، الأولى أن "عبد الناصر كان محظوظًا بإعلامه" والثانية "أن هناك فضائيات ومواقع إلكترونية تتآمر على هذا الوطن".

أما بالنسبة للعبارة الأولى: "عبد الناصر كان محظوظًا بإعلامه"، فهناك فجوة زمنية كبيرة بين عهديْ عبد الناصر والسيسي جرت فيها مياهٌ كثيرة، وطُرحت فيها صياغات جديدة للمنظومة الإعلامية المصرية منذ إسقاط نظرية الإعلام الموجه المملوك للدولة فعهد عبد الناصر، وهو الإعلام الذي قادنا بامتياز لهزيمة 1967، حتى تجربة التعددية الحزبية في عهد الرئيس السادات التي سمحت للأحزاب بإصدار صحف، ثم السماح في التسعينيات بإنشاء الصحف الخاصة وإصدارها من خلال شركات مساهمة، علاوة على إطلاق القنوات الفضائية وتدشين المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت، وهو ما يجعل وضع هذه المنظومة تحت السيطرة والتحكم أمرًا غاية في الصعوبة، إن لم يكن ذلك من المستحيلات.

وبالنسبة للعبارة الثانية: "أن هناك فضائيات ومواقع إلكترونية تتآمر على هذا الوطن"، فهذا ليس شرطًا؛ فليس كل فضائية أو موقع إخباري ينتقد الرئيس أو يتبع جماعة أو فصيلًا معينًا وحتى وإن تآمر على الوطن قد تنجح في مسعاها هذا، وخاصة أن معظم المصريين يستطيعون أن يفرقوا بين الصالح والطالح من وسائل الإعلام. وعلاوة على ذلك، فإن عددًا كبيرًا من المصريين لم يعرف أو يسمع أو يشاهد أو يطالع تلك القنوات والمواقع التي ذكرها الرئيس بالاسم، وهو ما جعل عددًا لا بأس به من المصريين يبحثون عن هذه القنوات والمواقع لمعرفة ما تنشره وتبثه كنوع من حب الاستطلاع، وهو ما أتى بمردود عكسي للرسالة التي أرادها الرئيس.

السيسى : كلما ازدادت درجة الوعي كلما كانت الأمة أكثر استقرارًا وصلابة وقدرة على مواجهة التحديات ولا سيما في أوقات الأزمات

ثانيا- لقاء الرئيس بشباب الإعلاميين

اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بمقر رئاسة الجمهورية بمجموعة من شباب الإعلاميين والصحفيين يوم  الثلاثاء الثاني من ديسمبر. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس استهل اللقاء الذي استمر لعدة ساعات بالترحيب بالحاضرين، منوهًا إلى الدور الذي يضطلع به الإعلام لتشكيل الوعي وزيادة الإدراك، والذي تعاظم في العصر الحديث نظرًا لتعدد وسائل الإعلام، فضلًا عن وسائل التواصل والإعلام الإلكترونية.

 وأكد الرئيس أنه كلما ازدادت درجة الوعي كلما كانت الأمة أكثر استقرارًا وصلابة وقدرة على مواجهة التحديات ولا سيما في أوقات الأزمات. وفي هذا الإطار، أشاد السيد الرئيس بوعي المرأة المصرية بشكل عام، والذي انعكس في مشاركتها السياسية، منوهًا إلى أن زيادة وعي المرأة يصب في صالح زيادة وعي الأسرة ككل.

وقد أوْلى الرئيس في حديثه لشباب الصحفيين والإعلاميين أهمية خاصة لمكافحة الفساد والإصلاح المؤسسي في مؤسسات الدولة وقطاعاتها كافة، منوهًا إلى دور الإعلاميين أنفسهم في هذا الصدد، لاسيما في ضوء الاستجابة إلى مطالبهم بعدم وجود وزارة للإعلام، وهو الأمر الذي تمت الاستجابة له من منطلق تعزيز حرية الإعلام التي يتعين أن تأتي واعية ومسئولة، داعيًا السادة الإعلاميين إلى صياغة ميثاق الشرف الإعلامي.

وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس رحب ببعض المقترحات التي تم طرحها أثناء اللقاء، ومن بينها تطوير مؤسسات الإعلام القومية لتقوم بدورها جنبًا إلى جنب مع الإعلام الخاص وتحقق التوازن المطلوب على الساحة الإعلامية، وتؤكد دورها كمنبر للتواصل بين الدولة ومختلف مؤسساتها وبين الشعب. ودعا السيد الرئيس شباب الإعلاميين إلى إعداد ورقة عمل تتضمن مقترحات محددة لتطوير مؤسسات الإعلام القومية.

ونوَّه السيد الرئيس إلى تطلع مصر لتحقيق التقدم الاِقتصادي، وفي هذا الإطار يتم الإعداد الجيد لعقد المؤتمر الاقتصادي خلال الربع الأول من عام 2015 لضمان خروج المؤتمر بالنتائج المرجوّة لجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل للشباب. وقد عّول الرئيس على دور الشباب للمساهمة بفاعلية في بناء المستقبل، والانخراط بفاعلية في الحياة السياسية عبر القنوات الشرعية المتاحة، منوهًا إلى تأييد سيادته لتأسيس حزب سياسي يضم الشباب، ليعبر عن آمالهم وطموحاتهم، ويساهم في تحقيقها وتحويلها إلى واقع ملموس. كما أعرب سيادته عن أهمية توفير آليات للتواصل مع الشباب للتعرف على شواغلهم وتشجيعهم على ابتكار الحلول المناسبة لها.

وأعلن الرئيس خلال اللقاء أنه يجري حاليًا الإعداد لقرارين جمهوريين بقانونين أحدهما لتجريم الإساءة إلى ثورتي 25 يناير و30 يونيو والآخر لتعديل قانون الإجراءات الجنائية، وذلك في إطار مكافحة الفساد والحفاظ على المال العام، وسيتم عرض القرارين المشار إليهما على مجلس الوزراء قريبًا. وقد شدد الرئيس على أهمية زيادة التوافق المجتمعي، منوهًا إلى أن الجهود الأمنية بمفردها لا يمكن أن تحقق التقدم دون وجود شعب متكاتف ومصطف خلف وطنه. 

وقد دار حوار صريح بين الرئيس وشباب الإعلاميين والصحفيين الذين طرحوا رؤيتهم ووجهات نظرهم إزاء عديد من الموضوعات. وقد أوضح السيد الرئيس أن الهدف الاستراتيجي في المرحلة الراهنة يتمثل في الحفاظ على الدولة المصرية ذاتها، وذلك بالتوازي مع التحرك على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، لتستعيد الدولة المصرية كامل هيبتها ومكانتها، وهو الأمر الذي يتطلب الحفاظ على مؤسسات الدولة الرئيسة ومنها القضاء والإعلام وغيرها. وأكد على استمرار الدولة في تحقيق أهداف الثورة المصرية من حياة كريمة تسودها الحرية والعدالة الاجتماعية، وتحفظ حقوق المواطنين وتصون كرامتهم، مشددًا على أن الدولة المصرية بعد الثورة تتطلع إلى المستقبل ولا يمكن أن تعود أبدًا للوراء.

وأضاف الرئيس، أن الدستور المصري قد كفل احترام القضاء واستقلاليته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التعقيب على أحكام القضاء أو التدخل في اختصاصاته بالمخالفة لدستور البلاد، لتحقيق مآرب سياسية أو لإرضاء فئات معينة. وأوضح سيادته أن دولة سيادة القانون التي نسعى إلى تأسيسها تعتبر القضاء ركنًا أساسيًا من أركانها وركيزة من ركائزها، بما يضمن حقوق المواطنين، ويطمئن المستثمرين على أعمالهم في مصر، التي ستظل عصية على الانكسار.

وذكر الرئيس أنه على الرغم من ضخامة المشروعات التي يتم تنفيذها أو الإعداد لها في المرحلة الراهنة، والتي قد يتطلب تنفيذها مدى زمنيًا طويلًا، مثل مشروع تنمية منطقة قناة السويس أو إنشاء المركز اللوجيستي العالمي لتخزين وتجارة وتداول الحبوب، فإن الدولة قد أخذت على عاتقها سرعة تنفيذ هذه المشروعات في أوقات قياسية، لتعويض ما فات الاقتصاد المصري خلال المرحلة الماضية، وفي إطار عملية البناء للمستقبل.

وقد استغرق لقاء الرئيس بشباب الإعلاميين 6 ساعات كاملة تخللتها فترة لمدة عشر دقائق فقط، وقد وعد الرئيس بأن يكون هذا اللقاء دوريًا.

وكشف بعض من شباب الإعلاميين والصحفيين الذين شاركوا فى اللقاء، ووصفوه بأنه كان كاشفًا وصريحًا وموضوعيًا، وبأنه كان حوار الأب مع أبنائه. من جانبه قال الكاتب الصحفى محمد فتحي، إن لقاءه ضمن وفد من الإعلاميين بالرئيس عبد الفتاح السيسى، تطرق لمناقشة عديد من الأمور المهمة، من بينها ملف المعتقلين فى السجون المصرية، ووضع ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ومحاكمة مبارك. وقال فتحى: اللقاء ضم مختلف التوجهات، وأن الرئيس السيسي أعلن انحيازه للشعب المصرى وتقبله كل أنواع النقد بصدر رحب، وأبدى ترحيبه بالشباب المعارضين، مؤكدًا أن الرئيس السيسي قال: لا يوجد منصف أو محب لهذا البلد يستطيع أن يقول إن مبارك ونظامه كانوا جيدين. وقال الرئيس للوفد "كان لا بد أن يترك مبارك الحكم منذ 15 سنة، كما قال الرئيس حرفيًا: "لست محسوبًا على أحد ولا أحد محسوب عليّ". وقال الكاتب الصحفي إن الرئيس السيسي لاحظ حالة الغضب على شباب الإعلاميين من مهاجمة البعض وإهانته لثورة 25 يناير، مشيرًا إلى أن الرئيس أعلن خلال اللقاء أنه يجري حاليًا الإعداد لقانون لتجريم الإساءة إلى ثورتي 25 يناير و30 يونيو، موضحًا أن الرئيس السيسي أكد أهمية الحوار مع الألتراس وعدم الاشتباك معهم.

السيسي: لا يوجد منصف أو محب لهذا البلد يستطيع أن يقول إن مبارك ونظامه كانوا جيدين... لست محسوبًا على أحد ولا أحد محسوب عليّ".

بدوره كشف الكاتب الصحفي محمد الدسوقي رشدي، مدير عام تحرير "اليوم السابع"، أن لقاءه ضمن وفد من الإعلاميين بالرئيس عبد الفتاح السيسي واجهه بالكثير من الاعتراضات، خصوصا فيما يتعلق بمحاكمة مبارك، مشيرا إلى أن الرئيس السيسي قال للوفد الإعلامي، "لا يوجد عاقل أو منصف يكون راضيا عن نظام مبارك". وأضاف: قلت للرئيس إن هناك مخاوف من إعلام "التطبيل" والرئيس قال لا أريد أن أتدخل في الإعلام وعليكم أن تنقوا صفوفكم، مشيرا إلى أن الرئيس قال إن المصريين قبل 25 يناير يختلفون عما بعدها، و"اللي مش ها يمشي كويس الناس هي اللي ها تمشيه والجيش مع الشعب مش مع عبد الفتاح السيسي". وتابع: الرئيس قال إنه كان من الممكن أن يلجأ إلى قرارات استثنائية لكنه يصر على أن تكون هناك دولة قانون. وقال رشدي، إن الرئيس أكد خلال اللقاء أنه يريد ترسيخ دولة القانون أيا كانت التحديات، مضيفا: "مستعد أدفع الثمن لكل ده، فى سبيل إعلاء دولة القانون". وأشار الدسوقي إلى أن ملخص لقاء الرئيس، هو أننا أمام شخص كاظم غيظه وغضبه ويترك المسئولين لاستكمال مرات رسوبهم ليتدخل في نهاية الأمر، كما أننا كسبنا قانونًا لتجريم الإساءة لثورتي 25 يناير و30 يونيو.

وأعلن محمد فتحي الكاتب الصحفي عن أبرز الإعلاميين التي لم تُوجه لهم الدعوة بلقاء عبد الفتاح السيسي المرشح علي منصب رئاسة الجمهورية مع عدد من الإعلاميين .وأشار فتحي خلال تغريده على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" "يسري فودة ومصطفى بكري وعكاشة وأحمد موسى مش ف اجتماع السيسي دلوقت، ولم تُوجه لهم الدعوة ".

 

ثالثا- مآخذ على لقاء السيسي بشباب الإعلاميين

ورغم الدلالات الإيجابية للقاء الرئيس السيسي بالإعلاميين الشباب، فإن هذا اللقاء لا يخلو من مآخذ ساقها البعض، وذلك على النحو التالي:

1-    عندما تم الإعلان رسميًا عن دعوة الرئيس لشباب الإعلاميين للقاءٍ خاصٍ معه في قصر الاتحادية، فتش بعض الصحفيين في جميع من يعرفون من الصحفيين والإعلاميين الشبان عن واحد منهم تمت دعوته للقاء فلم يجد، وحاولوا أن يعرفوا من هم الأشخاص الذين تمت دعوتهم، فلم يعثروا سوى على اسم أو اثنين ممن يسمعون بهم، وحاولوا أن يعرفوا كيف تم اختيار هؤلاء الإعلاميين الشبان فلم يصلوا لشيء، وحاولوا أن يعرفوا ما الجهة التي قامت بترشيحهم، وهل هي رئاسة الجمهورية أم نقابة الصحفيين أم الأمن الوطني أم المخابرات مثلًا، فلم يصلوا لشيء، وهذا أمرٌ محيرٌ جدًا، ويكشف عن أن الأمور تُدار في إطار من السرية والانتقائية والمعايير غير المفهومة ولا المعلنة، فلا يعرف أحد حتى الآن على أي أساس تمت دعوة هؤلاء الشبان الذين قدر عددهم بنحو ثلاثين صحفيا وإعلاميا، ولا نعرف سببا لاستبعاد "الشبان" في الصحف القومية الحكومية ومغزى تلك الرسالة.

2-    كما كشف من حضروا اللقاء من الشباب أنه استمر لمدة تقترب من ست ساعات، وهي مدة أسطورية تُعادل الوقت الذي استغرقه الجيش المصري العظيم في عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع في حرب أكتوبر 1973، وهي ما قد تُرسل رسالة خاطئة بفراغ الوقت لدى الرئيس، في بلد متخم بالهموم.

3-     كشف اللقاء عن أن الرئيس سمع بمحض المصادفة عن قرار اتحاد الإذاعة والتليفزيون بإقالة مذيعة لأنها عبرت عن غضبها بعد أحكام براءة مبارك وأركان نظامه، وتحدثت في برنامجها على الهواء مباشرة عن ذلك، وهذه الواقعة كانت قد أثارت ضجة كبيرة وتناقلتها مواقع الصحف كافة، فضلًا عن مواقع التواصل الاجتماعي. لقد كشف لقاء الرئيس عن أنه اندهش كثيرًا من هذا الخبر، وأنه لا يعرف بالواقعة ولم يسمع بها من قبل، وقرر على الفور إصدار قرار بإعادتها لعملها وتكريمها، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا: أين سكرتير الرئيس للمعلومات، ولا سيما أن هذه الواقعة عندما تحدث من إعلام الدولة تكون محسوبة على الدولة وعلى الرئيس، ومن الطبيعي أن يربط الشعب ذلك بأن مبارك من المقدسات التي يجب ألا تُمس، وهو عكس ما قاله الرئيس في لقائه بشباب الإعلاميين على نحو ما أسلفنا.

4-     يطرح اللقاء تساؤلًا مهمًا حول سبب تجاهل الرئيس التام للأحزاب والقوى الشبابية الفاعلة في مصر ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها، ولماذا يتجاهل لقاءها.

5-     كشف إعلاميون مصريون، شاركوا في لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع شباب الصحفيين والإعلاميين عن أن الرئيس طالبهم بوضع تصور للإعلام المصري في المرحلة المقبلة، على أن يصب في مصلحة مبنى ماسبيرو، مشددًا على أنه لا وجود لفكرة الاستغناء عن أي فرد داخل ماسبيرو، قائلًا: "أنا مش هقفل بيوت ولا هقعَّد حد في بيته، فهل يعلم الرئيس أن ثمة تشريعًا لتنظيم الجامعات يتم إعداده في الخفاء من قبل وزير التعليم العالي وبمعزل عن أعضاء هيئة التدريس سوف يحول العلاقة بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية إلى علاقة تعاقدية بدلًا من التعيين، وأن هذا القانون "هيقعّد أساتذة الجامعات في بيوتهم"، وهو ما قد يُشعر أساتذة الجامعات وشباب أعضاء هيئة التدريس الذين يهددون بثورة حال تمرير هذا القانون الذي وافقت عليه لجنة الإصلاح التشريعي في اجتماعها الأخير مبدئيًا بالغُبن، وأن الرئيس يدلل الإعلاميين على حساب الفئات المجتمعية الأخرى.

لا يعرف أحد حتى الآن على أي أساس تمت دعوة هؤلاء الشبان الذين قدر عددهم بنحو ثلاثين صحفيا وإعلاميا، ولا نعرف سببا لاستبعاد "الشبان" في الصحف القومية ومغزى تلك الرسالة.

6-    كتب محمود سعد الدين، الصحفي باليوم السابع مقالًا بعنوان: "من شاب إلى الرئيس السيسى: هنا يكمن الوجع"قائلًا: نختلف مع اللقاء أو تتفق معه، نختلف مع الأسماء التى جلست بقصر الاتحادية أو نتفق معها، لكن علينا أن نتعامل مع الدعوة بقيمتها بمزيد من التثمين على خطوة الرئاسة لفتح آفاق جديدة مع الشباب خاصة أننا طالبنا بذلك عبر مقالاتنا المتكررة يوميا. انطلاقا من الدعوة الكريمة للرئيس، أجدد ما كتبته سابقا عن قليل من وجع الشباب الذي لا بد أن ينقل كما هو للرئيس: 1 - الشباب كما قلت سيادة الرئيس  في المناورة بدر، برئ، طيب، مخلص، ولكنه أيضا "بينفسن وبيقفل".. قطاع عريض من الشباب طالب بإلغاء أو تعديل قانون التظاهر، وأبدى اعتراضه على القانون في صور مختلفة، إلا أن الرئاسة لم تتحرك خطوة واحدة عن موقفها تجاه القانون، وهو ما يخلق عند هذا القطاع صورة سلبية ويؤسس لحاجز بين الشباب والرئاسة.. وعندما تطلب سيادتك أن يشارك الشباب في البناء.. فبعضهم يقول في نفسه: "أبني مع مين.. دا الرئيس مش سامعني أصلا". 2 - سيدي الرئيس.. المادة 82 من الدستور كلها عن الشباب ونصها: "تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء، وتعمل على اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية  والبدنية والإبداعية، وتشجيعهم على العمل الجماعي والتطوعي، وتمكينهم من المشاركة فى الحياة العامة.. ناقشها مع وزرائك بهدوء سيادة الرئيس.. مر على إقرار الدستور 10 أشهر ولم تُفعل تلك المادة.. الشباب يعيش بلا مراكز شباب حقيقية أو مؤسسات ثقافية فعلية.. فكر بصوت عال مع وزرائك؟ لماذا قلت مشاركة الشباب في المشاريع العامة مقارنة بالشهور التي تلت ثورة يناير.. الإجابة تكمن في المادة 82.. تكمن في تحرك الدولة نفسها لإقناع الشباب بالمشروع الحقيقي لمصر الجديدة وعدم تصدر الساحة الإعلامية ممن يخون الشباب أو يدعو لمحاكمتهم أو يزيد الاحتقان. 3 - الأزمة أيضا سيادة الرئيس، أن الشباب يشعر بأنه يُطلب وقت الأزمات فقط، يُطلب وقت التقاط الصورة فقط، ويتجاهله الجميع باقي الوقت، سيادة الرئيس.. حقيقة ممكن نعرف آخر مرة حضرتك اجتمعت بشباب أو ناقشتهم أو عرضت عليهم أفكار؟ 4 - سيادة الرئيس.. الشباب المصري كوكتيل إسلامي على ليبرالي على شيوعي على اشتراكي، بعيدًا عن الأيديولوجيات، هو شباب وطني يخاف على البلد، قد يظهر في بعض الوقت منفلتًا، ولكن يسهل احتواؤه. 5 - كتبت إليك سيادة الرئيس كلامًا من القلب، يعبر قليلًا عن وجع بشباب مصر، وبدافع وطني خالص، وإيمانا بندائك لشباب مصر.

7-    من أبرز من رحبوا بلقاء الرئيس بالإعلاميين الأحزاب المحسوبة على عصر مبارك وأبرزها حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة الوطنية، حيث رحب نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية الدكتور صفوت النحاس والأمين العام للحزب بنيّة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعقد لقاء موسع مع شباب الأحزاب والقوى السياسية. وأضاف النحاس أن دعوة الرئاسة لتلك اللقاءات تأتي في وقت يمثل غاية الخطورة في ظل دعوات هدامة وبث روح الفرقة بين أبناء الشعب المصري، خاصة وأن الرئيس السيسي نجح تمامًا خلال لقائه بشباب الإعلاميين في إثبات التواصل وكشف حقائق الامور. وأشار أن هذا النهج الذي يتبعه الرئيس عبد الفتاح السيسي من سياسة المكاشفة وتوضيح الحقائق هو الطريق الامثل لصعوبة الفترة الحالية التي تمر بها البلاد ومن المؤكد ان لقاءات الرئيس بالشباب هي إضافة حقيقة وتقدير لدورهم المنوط بهم تجاه مصر في الفترة الحالية، وتثبت للعالم أن مصر تحترم شبابها وتدعمهم. والمصيبة أن تتصدر هذه الأحزاب المشهد في البرلمان القادم .. فلا نعلم هل نمدح مبارك ونظامه ورجاله أم نلعنهم جميعًا أمام البرلمان الذي يمكن أن يُسقطه المصريون لهذا السبب، تمامًا مثلما قال الرئيس إن المصريين سيسقطون البرلمان القادم إذا سيطر عليه الإخوان..!.

وفي النهاية، أوجه نصيحة مخلصة لسيادة الرئيس: صدقني – بصفتي أستاذًا للإعلام- لا تركن للإعلام كثيرًا، ولا تعول عليه فقط دائمًا، فالإعلام أولًا ولاسيما الإعلام الخاص الذي استضفت إعلامييه، بما يملك من فضائيات ومواقع إخبارية وصحف، هو ملك رجال أعمال مبارك، الذين لن يكتبوا أو يبثوا أو ينشروا دون مقابل، فهل أنت مستعد لدفع الفاتورة ياسيادة الرئيس، بعد أن تراخوا في الاستجابة لدعوتك للتبرع لصندوق تحيا مصر. إن بعض من يملك هذا الإعلام يدبج المقالات في الصحف الأجنبية ضد نظام ما بعد 30 يونيو. إن أفعالك وإنجازاتك على الأرض –سيادة الرئيس- هى ما يجب أن تركن إليه أكثر من الإعلام؛ إن ثمة ملفات عديدة مفتوحة لم تُحسم حتى الآن وينتظر المصريون حسمها لأنهم انتخبوك من أجلها، وأهمها الانفلات الأمني، وانفلات الشارع، وأزمات المرور والكهرباء، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتلك الجماعة التي وعدت أنه لن يكون لها وجود في عهدك، والمخاطر التي تتهدد سيناء، والشباب الذي يشعر بالضياع وتجاهل الدولة له.  سيادة الرئيس اعمل على حسم هذه الملفات فذلك أجدى كثيرًا من الجلوس لست ساعات مع إعلاميين شباب لا يملكون في وسائلهم الإعلامية الخاصة سوى تنفيذ أجندات أصحاب رأس المال.

  • رئيس وحدة بحوث الإعلام بالمركز ووكيل كلية الإعلام – جامعة القاهرة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟