البحث عن آليات للاختراق: القاعدة والصراع العربى – الإسرائيلي
منذ نجاح الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فى نوفمبر 2013 في
تصفية ثلاثة أشخاص قيل أنهم من عناصر "السلفية الجهادية" في بلدة
"يطا" جنوبي مدينة الخليل في الضفة الغربية، ووسائل الإعلام الإسرائيلية
تتناقل بين الفينة والأخرى تصريحات لمسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى،
وكذلك تقديرات استراتيجية لأجهزة معلومات، ومراكز أبحاث مختلفة، كلها تتحدث عن اختراق
جديد حققته القاعدة، للمجال الفلسطيني-الإسرائيلي. خاصة وأن العناصر الثلاثة الذين
قتلوا على يد القوات الخاصة في إسرائيل، يمثلون أول خلية للقاعدة تخترق الضفة
الغربية عن طريق سيناء.
اكتشاف أول شبكة
سيناوية للقاعدة في الضفة الغربية تعمل ضد إسرائيل، استدعى فيما يبدو إجراء تحقيق
إسرائيلي عاجل لاستقصاء كيف وصلت هذه الطليعة إلى الضفة الغربية، هل عن طريق قطاع
غزة أو عبر طريق جديد من سيناء عبر الأردن. وتأسيساً
على ذلك، تسعى هذه السطور إلى تحديد مناطق ومساحات "التماس" الفكري
والسياسي بين "القاعدة" والساحة الفلسطينية. والوقوف على حدود اختراق
"القاعدة" لتلك الساحة، وما يمكن أن يحدثه ذلك من تداعيات على سيرورة
الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
أولا: الساحة الفلسطينية في عقل "القاعدة"
بما أن
"القاعدة" تنظيم سلفي بالأساس، فالتفكير خارج الإطار السلفي للكشف عن
نوايا القاعدة ربما يكون مضيعة للوقت، وهذا يعنى أن الحديث عن فلسطين، أيا كانت
الظروف السياسية والأمنية، هو بالضرورة حديث ذو طابع سلفي، بمعنى أن تحرك التنظيم
مرتبط بشكل أو بآخر برؤية التنظيم وقراءته للنصوص الدينية التي تحكم حركة التنظيم، والوضع على الأرض أو
ما تسميه " القاعدة" بـــ" فقه الواقع".
في الواقع
يصعب على القاعدة التفكير في فلسطين خارج إطار تلك الرؤية للمنطق السلفي، لا سيما في
ظل وجود عشرات الآيات القرآنية التي تحدثت عن فلسطين والأرض المباركة. كذلك لو
تتبعنا الأحاديث النبوية عن الأرض المباركة لوجدنا عشرات الأحاديث تختص بمنطقتين
حظيتا ببركة الله بما لم تحظ به أية مناطق أخرى فيما عدا مكة والمدينة. هاتان
المنطقتان هما الشام (بما فيها بيت المقدس) واليمن. كذلك عدة أحاديث تناولت فضائل
بيت المقدس.
مثل تلك
النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، لا يمكن إلا أن نجدها معروضة وموثقة ومسندة
ومشروحة ومعلق عليها في أية محاولة للتيار الجهادى ولــ "القاعدة"
لتشريع قتال " اليهود والصليبيين"، سواء كانت بحثا أو مقالا أو خطبة أو
توجيه أو رسالة صوتية أو مرئية. وعادة توظف "القاعدة" هذا المحتوى الديني
للوصول إلى فلسطين. إذ من الأفكار المركزية التي تبرر لــــ" القاعدة"
تواجدها وتبنيها للمواجهة، مع ما تعتبره قوى الظلم والكفر العالميين، هو دفاعها عن
الشريعة والإسلام قبل المسلمين، ولهذا فـــــ "الجهاد" بالنسبة لها هو
عبادة وفريضة متعينة لنصرة الدين، ورد العدو عن ديار الإسلام والمسلمين، ...إلخ.
وفي هذا
السياق بالضبط تجئ أحاديث فضائل الشام، كمنطلق للحشد والرباط و"الجهاد"،
باعتبار الشام موطن البركة والأمن ونصرة الدين، مثلما هي أيضاً موطن "الطائفة
المنصورة". ولأننا في خضم المحتوى الديني فيمكننا أن نلاحظ ما يذكره مفكرو "القاعدة" ومناصروها، فيما
يتعلق بقراءتهم الخاصة للنصوص التي تحدثت عن فضائل فلسطين وبلاد الشام، من ذلك على
سبيل المثال:
1- أن الأحاديث باركت في اليمن والشام، ولكنها فيما يخص
القتال والنصرة وخيرة بنى البشر ركزت على الشام وبيت المقدس دون غيرها.
2- أن الأحاديث
اختصت الشام برحمة الله وكفالته، وفي رواية أخرى بحماية الملائكة لها. والأهم أنها
تثبت أن منطقة الشام تحوز على سنة التدافع الإنساني، بمعنى أن التغيير المحتمل
ينطلق منها قبل غيرها.
هاتان
النقطتان تعنيان أن الشام واقعة لا محالة في صلب عقل القاعدة كمنطلق قادم للعمل.
وأن استهداف فلسطين تنظيميا أو فكريا من قبل "القاعدة" سيمثل مقدمة تمهد
لبدء الاشتباك مع إسرائيل. وهذه مسألة وعرة بالنسبة لــــ " القاعدة"،
ولكن لا مفر منها لسببين على الأقل: الأول، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن سلفية
"القاعدة" تحتم عليها الاسترشاد بالنص القرآني. والثانى، لأن فلسطين
واقعة في قلب الصراع، باعتبارها منطقة "الأكناف" أي المناطق التي تقع
حول المسجد الأقصى. إذ أن الخط الواصل بين الحرم المكي والمسجد الأقصى هو خط
الإسراء والمعراج بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا انطلق الخط من القدس
باتجاه مكة فإن المنطقة الواقعة داخل الدائرة هي منطقة "الكنف أو
الأكناف"، وهى ذات المنطقة التي يعتقد أنها المستهدف من قِبل
"القاعدة" بحسب المحتوى الديني، وبالمصطلحات السياسية والاستراتيجية قلب
منطقة الشرق الأوسط.
ولعل ما سبق يفسر المقولة
الشهيرة لأبى مصعب الزرقاوى: "نقاتل في العراق وعيوننا على بيت المقدس".
ومن قبل ذلك القسم الفريد لأسامة بن لادن الذى تم بثه في شريط مرئي (7/10/2001)
إثر هجمات سبتمبر " أقسم بالله العظيم الذى رفع السماء بلا عمد لن تحلم
أمريكا ولا من يعيش في أمريكا بالأمن قبل أن نعيشه واقعا في فلسطين وقبل أن تخرج
جميع الجيوش الكافرة من أرض محمد صلى الله عليه وسلم".
ثانياً:
حدود اختراق "القاعدة" للمجال الفلسطيني–الإسرائيلي
تشير المعطيات
الإسرائيلية إلى أنه ومنذ العام 2000، كان هناك عدداً من المحاولات لتهريب عناصر
من القاعدة إلى إسرائيل، غزة، والضفة الغربية لجمع معلومات استخباراتية تمكن من
بناء بنية تحتية تابعة لـ "القاعدة". المحاولات الأبرز وقعت عام 2000،
عندما اعتُقِلَ سامر هنداوي (من الضفة الغربية) ونبيل عوكل (من غزة). وعام 2001،
عندما أُرسل "ريتشارد كولفين ريد" إلى إسرائيل وجمع معلومات استخباراتية
حول أهداف إسرائيلية لصالح خالد الشيخ محمد، العقل المدبر لتفجيرات 11 سبتمبر.
تغيرت مهمة "ريد" بعد ذلك إلى تفجير طائرة تابعة للخطوط الأمريكية فوق
الولايات المتحدة مستخدما متفجرات خبأها في حذائه.
عام 2004،
اشترك بريطانيان من أصول باكستانية ولهما صلات بنشطاء من أنصار الجهاد العالمي في
لندن في هجمة انتحارية في إسرائيل بالتنسيق مع خلايا تابعة لحركة حماس. ومع خروج
إسرائيل من غزة في سبتمبر 2005، وغداة تسلم السلطة الفلسطينية للمعابر على قطاع
غزة، حدث نوع من الفوضى تسبب بتداخل سكاني يقدر بالآلاف على جانبي المعابر
الحدودية بين مصر وغزة، وقيل بعدها بأن عناصر من "القاعدة" تسربت إلى
القطاع قادمة من سيناء. ثم بعد تفجيرات وقعت في بعض الأماكن السياحية في منتجع
"دهب" المصري أعلن مسؤولون مصريون أن أحد المنفذين أو أكثر، تلقى
تدريبات في غزة دون أن يحدد هويته أو الجهة التي تلقى عندها التدريب وحظى بحمايتها.
وإذا وضعنا
تلك المعطيات نصب أعيننا واتجهنا إلى الجانب الآخر من المعادلة، حيث الطرف الفلسطيني،
وتكمن البدايات في معلومات وردت في تقرير تلقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من
أحد أكبر ضباطه الأمنيين، تكشف عن وجود فعلى لخلية من القاعدة ترتبط بخلية في إستراليا،
ولا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليدين، وهو ما دفعه للتصريح في الحياة اللندنية في
يوم الخميس (2/3/2006) والاقرار بوجود القاعدة. بعدها، صدر على نحو مفاجئ بيان ( في مايو 2006) بتأسيس مجموعة "جيش
القدس الإسلامي" في فلسطين – أو فرع
القاعدة في فلسطين – وذلك بعد أيام فقط من الظهور المفاجئ لأبي مصعب الزرقاوي زعيم
تنظيم القاعدة آنذاك في بلاد الرافدين، في شريط متلفز للمرة الأولى. حيث ذكر
البيان أن تشكيل "جيش القدس الإسلامي" جاء تلبية لكلام كل من أسامة بن
لادن، وأيمن الظواهري، وزعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبى مصعب الزرقاوي.
واكتفت المجموعة التي أصدرت البيان بالقول: "إننا سنعرض على شاشات التلفاز
صورا لمجموعاتنا المقاتلة حتى يعرف أعداؤنا أننا لا نتهاون، وأننا جديون
بأفعالنا". ومن ثَم لم يأت البيان إلا للإعلان عن تشكيل "جيش
القدس"، وليس للإعلان عن قيامه بعملية، بما يوحى بأن الأمر آنذاك لم يكن أكثر
من مجرد بيان.
بعد ذلك أكدت تطورات
الأحداث أن "القاعدة" متواجدة بالفعل في الساحة الفلسطينية، وأن درجة
هذا التواجد متفاوتة في غزة، عنها في كل من الضفة الغربية، وداخل الخط الأخضر.
أ- القاعدة في غزة: تشير معطيات الواقع الحالي في قطاع
غزة إلى وجود عدة جماعات سلفية جهادية تنسب نفسها إلى "التيار الجهادى العالمي"،
مثل: "جيش الإسلام"، "جيش الأمة" و"فتح الإسلام" و"جند
أنصار الله" و"سيوف الحق" و"التوحيد والجهاد" وغيرها،
لكن ضعف هذه الجماعات، وبقائها حبيسة لأطر وأدوات عمل تنظيمية أو اجتماعية
تقليدية، وانكشافها الأمني الواسع النطاق، مكَّن المعنيين من مراقبتها بل وضربها
إذا كانت هناك من ضرورة لذلك، وخاصة من قبل حركة حماس التي هاجمت معقل "جيش
الإسلام" في حي "الصبرة" شمالي غزة، في (25/7/2008)، وقتلت أحد عشرا
من أعضائه وقياداته. وكذلك "جند أنصار الله" في أحد مساجد رفح جنوبا، في
(14/8/2009)، حيث قتلت "حماس" منهم 24 شخصاً، من بينهم القيادات
الرئيسية للجماعة بمن فيهم الشيخ عبداللطيف موسي، وأبو عبدالله المهاجر. وهما
الجماعتان اللتان تعرضتا لمذبحتين في أقل من سنة واحدة.
ب- القاعدة في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر: إلى جوار المتطوعين من قطاع غزة، يوجد، بحسب تقديرات
لمركز مير آميت للمعلومات الاستخباراتية في
11 ديسمبر 2013، ما بين 10 إلى 15 شاب من عرب إسرائيل، يقاتلون في سوريا ضمن صفوف
جبهة النصرة، إلى جوار العشرات من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وسوريا، وعدد
قليل من الفلسطينيين من الضفة الغربية.
وفي السياق
ذاته، تفيد معطيات لـــــــ "معهد الأمن القومى INSS"
الإسرائيلى باعتقال العديد من الخلايا التابعة لـــ " القاعدة " خلال
الأعوام الأخيرة . أُبلِغَ عن الحالة الأولى عام 2010 باعتقال عبد اللطيف البراق الذي
تلقى تدريباً في معسكرات القاعدة في أفغانستان أواخر التسعينيات وانضم إلى التنظيم
بواسطة أيمن الظواهري، الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة.
وفي وقت لاحق ،
وتحديداً في يونيو من ذات العام، اعتُقل (7) أشخاص من مدينة "الناصرة"
داخل الخط الأخضر، أعمارهم تتراوح بين الحادية والعشرين والخامسة والعشرين. تلقى
أعضاء الخلية أفكار السلفية الجهادية من الإنترنت، وتعلموا منها أيضا كيفية
استخدام السلاح وصناعة المتفجرات. ولكى يثبتوا قدراتهم وجدارتهم في الانضمام إلى
"القاعدة العالمية"، قتل أعضاء الخلية الثلاث سائق تاكسي يدعى "يافيم
وينستين" في نوفمبر 2009. بعد القتل، قرر أعضاء الخلية المضي إلى مرحلة عملية
من الانضمام إلى قواعد الجهادية العالمية والسفر إلى الصومال للتدريب مع الشباب.
اعتقلتهم السلطات الكينية عند معبر حدودي وأرسلوا إلى إسرائيل.
وفي سبتمبر من
العام التالي (6/11/ 2011) أُلقى القبض على خلية سلفية جهادية أخرى. تشكلت الخلية
من خمسة من الشباب من بلدة دبورية ( قرية عربية تقع في منطقة الجليل الشرقي) بعضهم
لا يزال طالبا، كانوا يخططون لمهاجمة جنود وعناصر شرطة والاستيلاء على سلاحهم
لتنفيذ عمليات في قسم شرطة الدبورية وفي مكاتب تابعة للحكومة الإسرائيلية.
وفي جنازات تشييع "ثلاثي القاعدة "؛
وهم: محمد نيروخ (29عاما)، ومحمود النجار (23 عاما)، وموسي مخامرة (22 عاما) في
مدينة الخليل وبلدة "يطا" المجاورة، خفقت رايات
القاعدة السوداء، كما تم لف جثامين النجار ومخامرة، بــــــــ "علم
القاعدة"، في حين لف علم حركة حماس جثمان نيروخ.
ج- مساحات التماس الفكري والسياسي بين "القاعدة" والساحة
الفلسطينية: لا توجد معلومات يقينية حول حجم
هؤلاء، ومستوى التجهيزات، ودرجه الجاهزية لمباشرة الأعمال، لكن ثمة حقائق، وكذلك
مؤشرات يمكن الاسترشاد بها، من ذلك:
1-
أن الساحة
الفلسطينية تعج بثقافة "جهادية " عريقة، وفي ذات الوقت هي مثقلة
بالهزائم والضغوط، فضلا عن أنها تمتلئ بالخبرات والكفاءات في التصنيع العسكري
للأسلحة والمتفجرات.
2-
أن الساحة
الفلسطينية، بجميع فصائلها وأجنحتها العسكرية، تتعرض منذ العام 2006 وتحديدا بعد
مشاركة حماس في انتخابات السلطة الفلسطينية، إلى هجمات فكرية شرسة من رموز "السلفية
الجهادية" كافة، عبر المزيد من الخطابات التي تصدرها المنتديات الإعلامية
التابعة لها.
3-
أن حالة
السيولة التي شهدتها وتشهدها المنطقة العربية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، خلقت مساحات مناسبة للعمل – بعضها حديث– في الشرق الأوسط
لعناصر السلفية الجهادية. من بين المساحات الأكثر ملائمة والقريبة من إسرائيل
سيناء، سوريا ولبنان، حيث احتشد تنفيذيون أجانب من "الجهاد العالمي"
خلال العامين الماضيين. وهناك ما يعزز من احتمالات أن تدفع هذه العناصر باتجاه
تصعيد العمل في المجال "الفلسطيني–الإسرائيلي" عبر أنصارهم وشركائهم في
الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر أيضا. وقد تعززت هذه الاحتمالات مع
توقعات من قبل الكثير من المحللين بأن فشل
المحادثات السياسية الجارية بين إسرائيل والفلسطينيين قد يفضي إلى تجدد العنف.
ثالثاً: تداعيات اختراق "القاعدة" للمجال الفلسطيني – الإسرائيلي
تأسيساً على
ما سبق، ثمة تساؤلات تتربع على قمة المشروعية دون مزاحمة: ما الذى يمكن أن تفعله
"القاعدة" بإسرائيل، ولم تفعله الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية على
امتداد عقود؟ بدءاً بفتح، والجبهة الشعبية، ثم حماس، والجهاد الإسلامي، ولجان
المقاومة الشعبية....إلخ. ليس لدينا سوى مؤشرات تتوافر من معطيات البيئة
الاستراتيجية المحيطة بالمجال "الفلسطيني– الإسرائيلي" والتي تشير إلى
ما يلى :
1- ثمة نشاط متزايد للقاعدة في سيناء، وهناك ما يقارب 20%
من مساحة 61 ألف كيلو متر مربع هي مساحة سيناء، تعد بدرجة أو أخرى مواقع لبنى
تحتية لهذه المنظمات، وسيحتاج النشاط المسلح للجيش المصري للكثير من الجهد والوقت،
قبل الوصول بسقف التحديات الأمنية هناك إلى المستوى الذى يمكن التعايش معه.
2- لدينا نشاط متزايد للقاعدة في العراق، دون أية ملامح عن
نهاية وشيكة له، في ظل حكومة طائفية، وسيل من الجماعات الجهادية.
3- أثناء الحرب
العراقية، سعت القاعدة في العراق إلى تأسيس موقع متقدم لها في مدينة إربد
الأردنية. كذلك أسست القاعدة في العراق جناحا سوريا( جبهة النصرة) سعت هى الأخرى
إلى اختراق الأردن. صحيح أن التقديرات الآن تشير إلى نجاح الأجهزة الأمنية
الأردنية في تجاوز ذلك، لكن هذا لا ينفي أن ثمة مخاوف جراء تكاثر هذه الجماعات في
الشرق الأوسط اليوم، الأمر الذى يحد من قدرة الدول على السيطرة بشكل كامل على نشاط
تلك المجموعات.
4- لدينا أيضا نشاط ملحوظ للقاعدة في الساحة اللبنانية،
وثمة معلومات حول وجود خلايا في منطقة النبطية، على مقربة من إصبع الجليل شمالى
إسرائيل.
5-
جميع العلامات تشير إلى أن الاضطراب في العالم
العربي سيستمر خلال عام 2014 على الأقل. الوضع الاقتصادي المتدهور – والذي زاده
العنف سوءا– الأرجح أن يدفع المزيد من حديثي السن إلى أحضان "التنظيمات
الجهادية" والتي ستزيد من وتيرة مواجهاتها مع إسرائيل على هامش نشاطها
الرئيسي.
كل ذلك يخلق شعورا
بتحرك ما، يجرى على قدم وساق في المنطقة. وفي سياق كهذا من الأفضل أن نفهم
تصريح الرئيس الفلسطيني محمود عباس (الذى سبقت الإشارة إليه) باعتباره – على الأقل
– صيحة تحذير ينبغي الالتفات إليها. وأن نفهم مغزى ما ذكره المحلل الإسرائيلي
"عاموس هاريل" في صحيفة "هاآرتس" في (27 ديسمبر2013) في سياق
تحليله لتقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بشأن التطورات في الإقليم. حيث
قال: "عندما سُئِل عنصرا استخباراتيا
إسرائيليا عما أقض مضجعه العام الماضي، كانت الإجابة مفاجئة، إذ قال التنظيمات
الجهادية المنتشرة على حدودنا كلها". عاموس أشار إلى
أن الاستخبارات الإسرائيلية تعبر انتشار تلك الجماعات في الإقليم هو التطور الأبرز
الذى ستكون لو تداعياته على الوضع الاستراتيجي لإسرائيل خلال عقد قادم.
* هذا المقال جزء من مقال نشر فى العدد الأول من مجلة
آفاق سياسية.