من النشأة إلى السقوط: الأدوات الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين
اعتبرت
جماعة الإخوان المسلمين أن الإعلام يعد أحد أهم وسائل تحقيق ونشر رسالتها
"الدعوية" من منطلق أن الطريق لإيجاد الشعب "المسلم" هو
التعريف بالإسلام و"الجماعة", والتكوين على خلق وقيم الإسلام وفضائله
وآدابه وسلوكياته من خلال الحلقات العامة, وعبر وسائل الإعلام, ومن خلال الكتاب
والرسالة والحوار والدعوة الفردية.
وعلى الرغم من أن الجماعة طوال تاريخها لم تكن بعيدة عن
استخدام وسائل الإعلام, حيث شهد تاريخها إصدار عدد من الصحف والمجلات في فترات
تصالحها مع السلطة السياسية, والتي زاوجت بينها وبين استخدام أساليب الاتصال
المباشر عبر الخطب والمؤتمرات ونشاط الجمعيات الأهلية (الدينية), وهى الأساليب
التي كانت تمثل البديل الوحيد للتواصل مع عموم الناس في فترات الصدام والصراع مع
السلطة.
وقد كتب حسن البنا عديداً من المقالات والملاحظات
والتعليقات التي تمثل أيديولوجيته في الصحف والمجلات التي أصدرتها جماعة الإخوان
المسلمين. وفي هذه السبيل، يمكن رصد عشر صحف ومجلات أصدرتها الجماعة منذ نشأتها
وحتى العام 1957، وهذه الصحف والمجلات وفقاً لترتيب صدورها هي:
-
صحيفة "الإخوان
المسلمون" الأسبوعية (1933 – 1938).
-
مجلة "النذير" الأسبوعية (1938 –
1939).
-
مجلة "المنار الشرعية" (1939 -1940).
-
مجلة "التعارف" الأسبوعية (1940).
-
مجلة "الشعاع" الأسبوعية (1940).
-
صحيفة "الإخوان المسلمون" الأسبوعية
(1942 – 1946).
-
صحيفة "الإخوان المسلمون" اليومية
(1946 – 1948).
-
مجلة "الشباب" الشهرية (1947- 1948).
-
مجلة "الكشكول الجديد" (1948).
-
مجلة "الدعوة" (1951 – 1957).
وتم حظر جماعة الإخوان المسلمين عقب خلافها مع مجلس
قيادة الثورة بعد حركة الجيش في 23 يوليو 1952، ومحاولتها امتطاء هذه الثورة، وفرض
الوصاية عليها، وعندما باءت تلك المحاولات بالفشل، قامت الجماعة بمحاولة فاشلة
لاغتيال جمال عبد الناصر، وهو ماوضعها في مواجهة مع النظام , حيث تعرضت لمحنتين
كبيرتين في عهده أدتا إلى اعتقال عديدِ من قيادات الجماعة، والتضييق على أعضاء
الجماعة في ممارسة أية أنشطة حتى ولو كانت دعوية، والأكثر من ذلك والأهم هو منعها
من إصدار الصحف والمجلات لعدم إتاحة منابر إعلامية تدعو لهذه الجماعة المحظورة
بحكم القانون.
ولم يختلف عهد الرئيس السادات عن عهد سلفه في أمرين , أولهما
استمرار حظر جماعة الإخوان المسلمين، حيث لم يتم رفع هذا الحظر في عهده، وثانيهما
عدم السماح بإصدار الجماعة لأية صحف أو مجلات، وذلك رغم أن الرئيس السادات عامل
الجماعة بقدر من التسامح بأن أخرج قياداتها وأعضاءها من السجون، وسمح لهم بحرية
الحركة في المجتمع والجامعات. ولعل هذا التسامح هو الذي أغرى به الإسلاميون الذين
تغولوا في نهايات عهد السادات , فقتلوه غيلةً وغدراً في الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر
1973.
وبدأ مبارك عهده عام 1981 بالإفراج عن المعتقلين
السياسيين ومن بينهم بعض الإسلاميين. ورغم أن مبارك تعامل مع الإخوان بسياسة العصا
والجزرة، وسمح لهم بخوض انتخابات النقابات المهنية والسيطرة عليها تارةً وفرض
الحراسة القضائية على بعضها تارةً أخرى، وخوض الانتخابات البرلمانية تحت عباءة
الأحزاب أو حتى تحت عباءة الجماعة، إلا أن مبارك رغم كل هذه المراوحات لم يرفع
ماوُسمت به الجماعة منذ عهد عبد الناصر من أنها "جماعة محظورة"، ليظل
هذا الوسم سيفاً مسلطاً على الجماعة يستخدمة وقتما شاء. ولأنها "جماعة محظورة"،
فمن غير المعقول أن يُسمح لها بإنشاء حزب سياسي، أو أن يُسمح لها بإصدار صحيفة أو
مجلة تعبر عنها، أو يُسمح لها بإنشاء محطة إذاعية أو قناة تليفزيونية.
ولعل التضييق الإعلامي على جماعة الإخوان المسلمين في
عهد مبارك لم يؤتِ ثماره مثلما هو الحال في عهدي عبد الناصر والسادات؛ فقد ظهر
لاعب جديد لم يكن في الحسبان على الساحة الإعلامية , واستطاعت الجماعة الاستفادة
منه وهو الإنترنت, وأصبح للجماعة وجود واسع على الشبكة الفضائية من خلال المواقع
الناطقة باسمها. وكانت جماعة الإخوان تعرض من خلال هذه المواقع آراءها في مختلف
قضايا المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية, وتبث أفكارها إزاء مختلف ظواهر الواقع
السياسي ومتغيراتها, وكان هذا التحرك من قبل جماعة الإخوان المسلمين يعد جزءا من
نشاط جماعات المعارضة عبر شبكة الإنترنت, كما يعد جزءا من التواجد الإلكتروني
للجماعات والحركات الإسلامية, وهو التواجد الذي وصفه وزير الدفاع الأمريكي الأسبق
دونالد رامسفيلد بأنه يمثل تفوقا لهذه الجماعات في حربها الدعائية على مخترعي
التكنولوجيا أنفسهم, وهو ما يعني أن أدوات التكنولوجيا الجديدة قد صنعها الغرب كي
تستخدمها الجماعات والحركات الإسلامية.
وقد أدركت جماعة الإخوان المسلمين أهمية الإنترنت كوسيلة
اتصالية في وقت مبكر نسبيا, نظرا لارتباط الوسيلة الجديدة بالشباب الذين يعتبرون
المحرك الأساسي للتغيير في أي مجتمع , وكانت الجماعة من أولى الحركات السياسية
لجوءا للإنترنت , وعلى الرغم من تضييق الدولة وحظرها لبعض مواقع الجماعة, فإن
ناشطي الجماعة كانوا يبادرون بإنشاء مواقع أخرى بدلا من المواقع التي يتم حجبها,
مما كان يجعلهم يتغلبون على عوائق الرقابة والحظر.
وبعد ثورة 25 يناير، استطاعت الجماعة أن تكتسب شرعيةً
جديدة نتيجة مشاركتها في الثورة، وأن تنشأ حزباً سياسياً باسم "الحرية
والعدالة" وتصدر صحيفة يومية، وتدشن قناةً تليفزيونية، لتسقط كل سنوات الحظر
والتضييق الإعلامي والسياسي خلال عصور عبد الناصر والسادات ومبارك، وبدلاً من أن
تستغل الجماعة هذه الأدوات الإعلامية في تجميع الشعب المصري على كلمة سواء، فقد
استُخدمت هذه الأدوات في بث الفرقة بين فئات المجتمع وخلق حالة غير مسبوقة من
الاستقطاب الحاد، أدى في النهاية إلى سقوط الجماعة وإزاحتها من سُدة الحكم.
ولدى سقوط جماعة الإخوان المسلمين (30 يونيو 2013)، كان
لديها ترسانة إعلامية لم تمتلكها أية حركة من حركات الإسلام السياسي على مدار
التاريخ، علاوة على وسائل وأدوات إعلامية أخرى كانت محابية للجماعة أو مؤيدة لها
أو متحالفة معها , ونذكر فيما يلي قائمة بأدوات الإعلام الرسمي لجماعة الإخوان
المسلمين وذراعها السياسية "حزب الحرية والعدالة" غداة سقوطها:
-
موقع "نافذة مصر" Egypt window باللغة
العربية على شبكة الإنترنت.
-
موقع "الدعوة" Ikhwanwikipedia باللغة
العربية على شبكة الإنترنت.
-
موقع "إخوان أون لاين" Ikhwanonline باللغة
العربية على شبكة الإنترنت منذ عام 2003.
-
موقع "إخوان ويب" Ikhwanweb باللغة
الإنجليزية على شبكة الإنترنت منذ عام 2005.
-
موقع "إخوان تيوب" Ikhwantube باللغة العربية
على شبكة الإنترنت منذ عام 2009.
-
موقع "إخوان ويكيبيديا" Ikhwanwikipedia باللغة
العربية على شبكة الإنترنت منذ عام 2009.
-
قناة "مصر 25"، وهى قناة فضائية
تليفزيونية تمتلكها وتديرها الجماعة بدايةً من العام 2011.
-
حساب جماعة الإخوان المسلمين على الفيس بوك منذ
عام 2011.
-
حساب جماعة الإخوان المسلمين على تويتر منذ عام
2011.
-
صحيفة "الحرية والعدالة" اليومية الذي
يمتلكها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة , والتي صدرت عام 2011.
-
بوابة "الحرية والعدالة" على شبكة
الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية منذ عام 2011.
-
حساب حزب الحرية والعدالة على الفيس بوك منذ عام
2011.
-
حساب حزب الحرية والعدالة على تويتر منذ عام
2011.
وفي بيئة تتسم بالتقييد والمنع، استخدمت جماعة الإخوان
المسلمين شبكة الإنترنت كقوة تكنولوجية فريدة تمدها بحرية الحركة والعوة إلى أيديولوجيتها
بعيداً عن المراقبة. واستطاعت الجماعة أن تفعل ذلك باقتدار , لاسيما في العقد
الأخير من حكم مبارك، وهو مامكنها من السيطرة على السلطة بعد سقوطه.
وقد حرصت الجماعة على التواصل مع الغرب والخارج ، فأنشأت
موقع إخوان ويب http://www.ikhwanweb.com منذ صعود نجمهم السياسي في انتخابات 2005، ووصولهم إلى احتلال قيادة
المعارضة السياسية في البلاد بـ 88 مقعدا في البرلمان. وحرصت الجماعة أن تذكر على
هذا الموقع: أن " إخوان ويب هو الموقع الرسمي الوحيد الناطق باللغة
الإنجليزية، ويتكون طاقمنا من متطوعين منتشرين عبر القارات الخمس". وكانت
آراء ووجهات نظر قيادات وأعضاء الجماعة تنشر في قسم آراء وبيانات جماعة الإخوان.
علاوة على الترسانة الإعلامية المشار إليها, فقد دشنت
الجماعة مواقع لإخوان الأقاليم مثل: "غربية أون لاين، الشرقية أون لاين، سويف
أون لاين، دقهلية أون لاين، إخوان الإسماعيلية، إخوان أون لاين البحيرة، إخوان أون
لاين كفر الشيخ، إخوان سيناء ..وغيرها، علاوة على تدشين صفحات لحزب الحرية
والعدالة في هذه المحافظات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم هذا النمو غير المسبوق لأدوات جماعة الإخوان
المسلمين الإعلامية بعد ثورة 25 يناير 2011، إلا أن التقارير المتواترة كانت تشير
قبل ثورة 30 يونيو إلى أن المهندس خيرت الشاطر كان يعد لتدشين قناة تليفزيونية
فضائية بتمويل ضخم مع استقطاب كفاءات إعلامية وأسماء لامعة، لكي تكون قناة ناجحة
وجاذبة للمصريين بعد فشل قناة "مصر 25" في ذلك، ولكن يبدو أنه لم يكن في
الوقت متسع لذلك مع سرعة وتيرة الأحداث في البلاد.
ورغم تنفيذ أحكام القضاء وقرار
الحكومة المصرية باعتبار الإخوان "جماعة إرهابية" على أرض الواقع، وذلك
من خلال حظر قناة "مصر 25" وحظر صحيفة "الحرية والعدالة"
وإغلاق مقرها، إلا أن الموقع الإلكتروني لجماعة الإخوان "إخوان أون
لاين" وموقع جريدة الحزب "بوابة الحرية والعدالة" ومواقع إخوان
المحافظات، وصفحات الجماعة على شبكات التواصل الاجتماعي، وميليشيات الإخوان
الإلكترونية، وترسانة الإخوان الإعلامية على شبكة الإنترنت لازالت مستمرة في العمل
حتى الآن (15 مارس 2014)، وهو ما يوفر ظهيراً إعلامياً ودعائياً للجماعة يجتذب لها
أنصاراً جددا، ويروج لمظلوميتها الجديدة، بل وينسق مجهودات إخوان المحافظات في
الحشد والتحريض ضد نظام الدولة.