الإخوان والإمارات .. ملف خاص
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 12:15 م
القرار الذي أصدره النائب العام الإماراتي، سالم سعيد كبيش، ويقضي بإحالة أربعة وتسعين متهمًا، يحملون الجنسية الإماراتية، إلى المحكمة الاتحادية العليا، في قضية التنظيم الذي يستهدف الاستيلاء على الحكم، ويكشف عن توجه خطير لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، يعبرعن بداية فصل جديد ساخن في العلاقة بين الإخوان ودولة الإمارات العربية المتحدة.
الفصل الجديد مسبوق بفصول مثيرة، معقدة متداخلة، تفيد كثيرًا في فهم النهج الذي تتبعه جماعة الإخوان من ناحية، وفي طبيعة السياسة العقلانية المتوازنة لدولة الإمارات من ناحية أخرى.
كيف نبحث عن كلمة السر ونفك الشفرات التي قادت إلى الفصل الأخير؟!
ثروات الخليج كلمة السر الأولى في هجوم الإخوان على دول الخليج والتآمر ضدها، وأخطبوطية التنظيم الدولي للجماعة هي كلمة السر الثانية، وبين هاتين الكلمتين لا تتوقف التداعيات.
تعالو نبدأ القصة..
هناك قسمان للإخوان في الخارج: الأول، هو التنظيم الدولي وهم الإخوان الذين لديهم جنسية في هذه الدول، ومنضمون للإخوان المسلمين في بلدانهم، أما القسم الثاني، فهو رابطة الإخوان المصريين في الخارج، وهؤلاء نشطاء من أعضاء الجماعة المصريين في الخارج ويقود ذلك القسم تنظيميا داخل مكتب الإرشاد محمود عزت، أما التنظيم الدولي فيقوده المرشد العام شخصيا باعتباره مرشدا عاما للتنظيم ككل .
وأهم الأهداف العامة للتنظيم الدولي للإخوان بالخارج هى تنمية الجماعة ماديا وتنفيذ الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية على مستوى جمع أموال للتنظيم الأم وللتنظيم المحلي أيضا، وعلى المستوى الآخر تجنيد أعضاء جدد وتثقيفهم وتدريبهم، فضلاً عن تنفيذ أجندات الإخوان وقرارات الجماعة الأم على مختلف المستويات .
التنظيم الدولي للإخوان المسلمين نشأ نتيجة وجود الأزهر في مصر، رغم أن الإخوان يحاربونه الآن. إذ كان الطلبة المبتعثون في الأزهر من دول مختلفة يتم استقطابهم من خلال أعضاء الإخوان وتجنيدهم ليكونوا أذرعًا للجماعة في دولهم، عبر لجنة خاصة تسمى لجنة تجنيد المبتعثين، وكان يرعاها مؤسس الجماعة بنفسه الشيخ حسن البنا، ومن ثم تشكل التنظيم الدولي، ليكون هؤلاء دعاة إخوانيين يشكلون في بلادهم نواة للتنظيم.
الآن يتواجد التنظيم الدولي في أكثر من 72 دولة حول العالم .
وبعد صعود التنظيم الأم في مصر بالتزامن مع الربيع العربي ، انفتحت شهية جماعة الإخوان “,”المسلمين“,” في دول الخليج، وبخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، على إعادة طرح برامجها ومطالبها المغلفة بالإصلاح من جديد، مدفوعة، أو بالأحرى متكئة، على ما حققته الجماعة من نجاحات في الانتخابات البرلمانية، في كل من تونس والمغرب ومصر، فضلًا عن وصول مرشحهم محمد مرسي إلى منصب رئيس الجمهورية في مصر.
وبدأ البعض يحرّض علنا على حكام الإمارات وشيوخها الذين حققوا لشعبهم ولدولتهم الموحدة خلال أربعة عقود، ما لم تستطع تحقيقه دول عربية طوال أربعة قرون، من تنمية اقتصادية شهد بها القاصي والداني، وتنمية اجتماعية يشعر بها كل زائر للإمارات، ونهضة ثقافية مميزة، إضافة الى تقدم علمي وتكنولوجي، وضع الإمارات في صفوف الدول المتقدمة في العالم.
سعى الإخوان الإماراتيون، مع تجاهلهم عمدا كل ما تحقق من انجازات على أرض الواقع، الى حرق المراحل التي سبق لمؤسس جماعتهم الأم، حسن البنا، تحديدها: الفرد المسلم (أي الإخونجي) والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، والدولة الإسلامية، ثم الخلافة، فأستاذية العالم.
وذلك في محاولة للوصول الى المرحلة الرابعة مباشرة (الحكومة الإخوانية) عبر طرح مفهومهم للإصلاح السياسي الذي يرتكز على التحول الى دولة ملكية دستورية (حيث الشيوخ يملكون والإخوان يحكمون).
وهم، أي الإخوان الإماراتيون، في سعيهم ذلك مخدوعون بمشهد انتصار زائف، يحمل في داخله عوامل الانقلاب عليه إن لم يكن في المنظور القريب، فلن يتجاوز الوقت أربع سنوات على الأكثر، هي عمر تلك البرلمانات المنتخبة في كل من تونس والمغرب ومصر.
إذ سرعان ما سيكتشف المواطن العربي حجم الخدعة التاريخية التي تعرض لها، على خلفية كراهيته لأنظمة أذاقته مرارة الفقر والحرمان لسنوات طويلة، فراح بمنطق كراهة في عمرو وليس حبا في زيد، يصوت لتلك التيارات التي كانت وحدها مدعومة على الأرض بمليارات أرسلت لها من جيوب إخوانهم ورفاقهم في دول الخليج، “,”ليزغللوا“,” بها عيون الفقراء في تلك الدول، الذين راودهم الأمل في أن تنجح تلك التيارات في انتشالهم من مستنقع الفقر والعوز الذي سقطوا فيه منذ زمن بعيد، فإذا تلك التيارات تحدثهم عن العري وضوابط السياحة وحجاب المرأة في أول ظهور لها على شاشات التلفاز، وكأنها ذاهبة لحكم ملهى أو نادِ للقمار، وليس بلادا رزحت تحت نير الفقر لعقود طويلة.
الخطوات الأولى
بدأ الإخوان الإماراتيون خطواتهم الأولى متأثرين بالبعثات الطلابية للقاهرة، في نهاية ستينات القرن الماضي، والذين دشنوا الواجهة العلنية لتنظيمهم “,”جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي“,” عام 1974م بمساعدة من نائب رئيس الدولة وحاكم إمارة دبي آنذاك المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. لم يستوعبوا سماحة هؤلاء الحكام آنذاك، وفي مقدمتهم رئيس الدولة آنذاك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فراحوا يدشنون منهجهم في العدوان على حق “,”الولاية الشرعي“,” لشيوخهم من حكام الإمارات وفي مقدمتهم رئيس الدولة، بمبايعتهم للمرشد العام للجماعة في مصر على السمع والطاعة في المنشط والمكره، الأمر الذي أدى الى ازدواجية في الولاء انتهت بتحذير شديد اللهجة من أفكارهم ومشروعاتهم المسمومة، أطلقه الشيخ زايد، وهو ما فتح الطريق لقرار حظر جمعية الإصلاح (الواجهة العلنية للجماعة آنذاك) وحل مجلس إدارتها واستبداله بمجلس معين عام 1995.
الغريب أن مجمل الباحثين الذين كتبوا في أسباب حظر الجمعية لم يأتوا على واحد من أهم الأسباب الرئيسية التي وقفت خلف قرار الحظر، وهو قيام الجمعية وإخوان الإمارات –آنذاك- بالجزء الأكبر من تمويل ميزانية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما كشفته إحدى التقارير السرية التي خرجت عن اجتماع مكتب إرشاد التنظيم الدولي الذي عقد في اسطنبول في سبتمبر من عام 1991، ناقش الإجتماع ميزانية التنظيم السنوية والتي قدرت –آنذاك- كما يتضح من الجدول المرفق بثلاثمائة ألف دولار، دبر الإخوان الإماراتيون 40% منها بواقع مائة وعشرين ألف دولار.
ميزانية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين المعتمدة لعام 1991/1992:
م
القيمة بالدولار
مجال الصرف
1
120000
متطلبات المركز الرئيسي
2
15000
لجنة الدعوة
3
30000
التفرغ
4
10000
بريطانيا
5
10000
ألمانيا
6
10000
السودان
7
50000
سداد من قرض
8
5000
مصاريف إدارية
9
20000
لجنة التطوير العلمى – مصاريف إدارية – تفرغ – أجهزة
10
20000
احتياطى
الاجمالى
280000
** تمول كالآتي:
120000
70000
60000
50000
من الإمارات
من اليمن
من السعودية
من قطر
300000
ثلاثمائة ألف دولار جملة المطلوب
تدمير التعليم
ظل إخوان الإمارات يقومون بهذا الدور داخل التنظيم الدولي للجماعة طوال العشرين عاما المنصرمة (1991-2011) خاصة عقب تجميد إخوان الكويت لعضويتهم داخل التنظيم الدولي، على خلفية موقف الجماعة المخزي من احتلال صدام حسين للكويت، عبر تأييدها الكامل لمخططات الرجل التوسعية، وادعاءاته حول حقوق العراق التاريخية في الكويت.
لم يكتف إخوان الإمارات بهذا الدور وإنما استغلوا مشاركتهم في الحكومات المتعاقبة من 1979-1983 وبخاصة تولي أحدهم (الدكتور سعيد سليمان) لمنصب وزير التعليم لسبع سنوات متتالية، استطاع الإخوان خلالها السيطرة على لجنة المناهج، عبر إصدار 120 مقرراً دراسياً غيروا من خلالها وجه التعليم في الإمارات وأعادوه سنوات طويلة للوراء، وهو ذات الأمر الذي قاموا به في السعودية إبان كان المستشار مأمون الهضيبي (المرشد العام السادس للجماعة) مستشارا لوزير الداخلية –آنذاك- الأمير نايف بن عبدالعزيز، وهو عين ما يخططون لفعله في كل من مصر وتونس والمغرب في الأيام القادمة.
كما أستغل إخوان الإمارات سعة صدر وعدالة شيوخ الإمارات الذين منحوهم مناصب كبرى في الدولة، لجلب أكبر عدد ممكن من إخوان الخارج وبخاصة من المصريين، لتكثيف عمليات التجنيد والتربية، وبخاصة بين أبناء الشيوخ والمسئولين الكبار في الدولة، في خرق واضح لما هو مستقر في الشريعة الإسلامية من عدم الغدر بمانح عهد الأمان، الذي تمثله في تلك الحالة، تأشيرة الإقامة الممنوحة من الحكومة الإماراتية لهؤلاء المواطنين غير الإماراتيين، وهو رأي شرعي لا يختلف عليه اثنان من الباحثين في العلوم الشرعية.
ولعلنا نذيع سرا، للمرة الأولى، من تلك الأسرار العديدة التي نملكها في أرشيفنا عن تلك الجماعة، عندما ننشر مقتطفات من محضر اجتماع ما يسمى بـ“,”الرابطة“,”، وهي الوعاء التنظيمي للإخوان المصريين في الخارج.
ففي محضر اجتماع مجلس إدارة الرابطة المنعقد بالمدينة المنورة يوم السبت الموافق 21 سبتمبر 2008، برئاسة الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري الحالي وعضو مكتب إرشاد الجماعة آنذاك، والذي حضره بالإضافة الى الكتاتني أربعة وعشرون عضوا يمثلون عشر بلدان عربية وأوروبية بينهم اثنان يمثلان دولة الإمارات.
جاء ضمن بنود الاجتماع بند خاص بتقييم الأقطار، وجاء في معرض الحديث عن الإمارات أن عدد أعضاء الرابطة بلغ ألف وسبعمائة عضو مقسمين كالآتي (300 تمهيدي- 300 مؤيد- 150 منتسب- 600 منتظم-350 عضوا عاملا).
كما كشف التقرير عن وقوع حوادث أمنية في كل من مدينتي أبوظبي والعين، تسببت في ترحيل 20 عضوا من الرابطة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة (في إشارة الى شهور يونيو ويوليو وأغسطس من عام 2008). وتم استدعاء عدد كبير من أعضاء الرابطة لاستجوابهم.
وأضاف التقرير أن السبب وراء تلك الحملات، هو نجاح أجهزة الأمن في تجنيد أحد أعضاء الرابطة والذي قام بدوره بالاعتراف على عدد من زملائه. وطالب التقرير أعضاء الرابطة بالحذر عند اتصالهم بإخوان الإمارات وبالتوسع المحسوب في عمليات التجنيد لتعويض الخسائر التي نجمت عن عمليات الترحيل.
ولعلنا نزعج البعض عندما نكشف سر رحلة المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع الى اسطنبول يوم الجمعة 11 نوفمبر 2011، للاجتماع بعدد من قادة التنظيم الدولي، وحثهم على استغلال ما يحدث من تقدم لإخوانهم في مصر وتونس والمغرب، والمزاج الثوري العام الموجود لدى شباب المنطقة، للتحرك والإطاحة بحكام الخليج وفي مقدمتهم الإمارات والكويت، مع وعد بمساعدتهم لوجستيا في حال وصول الإخوان للحكم في مصر.
يطمع المرشد العام وجماعته في خزائن الخليج لتحقيق المرحلتين الخامسة والسادسة من حلم المؤسس حسن البنا، وهما مرحلتي الخلافة الإسلامية (الإخوانية) وأستاذية العالم، وهي المراحل التي لن تتحقق بدون وصول إخوان الخليج وفي مقدمتهم إخوان الإمارات والكويت الى الحكم في ظل ملكيات دستورية (تملك ولا تحكم) للتحكم في خزائن تلك الدول واستغلالها في تحقيق مشروع الإخوان العالمي، حتى لو أدى ذلك الى جر مصر لحرب مع دول الخليج.
ووفقًا لما نشرته جريدة “,”الشرق الأوسط“,”، في 13 فبراير 2012 ، فقد حسم القضاء الإماراتي بشكل شبه نهائي قضية سحب الجنسية من سبعة إماراتيين يوصفون بالإسلاميين متهمين «بأعمال تهدد الأمن الوطني لدولة الإمارات من خلال ارتباطهم بمنظمات وشخصيات إقليمية ودولية مشبوهة»، وذلك بعد أن قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بتأييد حكم سحب الجنسية منهم.
ويحمل الأشخاص الذين سحبت منهم الجنسية في معظمهم أسماء عائلات إماراتية وهم: حسين منيف عبد الله حسن الجابري (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، وحسن منيف عبد الله حسن الجابري (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، وشاهين عبد الله مال الله حيدر الحوسني (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، ومحمد عبد الرزاق محمد الصديق العبيدلي (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، وإبراهيم حسن علي حسن المرزوقي (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1979)، وعلي حسين أحمد علي الحمادي (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1986). وأحمد غيث السويدي .
وتماشيًا مع الموقف الإماراتي من جماعة الإخوان، وموقف الإخوان من التمدد داخل منطقة الخليج وبخاصة دولة الإمارات ، قامت الجماعة بتجنيد عناصر مصرية للقيام بجمع المعلومات وتكثيف حملات التجنيد وجمع الاموال، الذي أدى إلى اعتقال أحد عشر إخوانيًا مصريًا بتهمة الإنتماء إلى تنظيم غير شرعي وجمع الأموال والاتصال بجهات خارجية .
وفي الوقت الذي مازالت فيه القضية قيد التحقيق بمعرفة جهات أمنية رفيعة حاولت جماعة الإخوان التدخل في سير القضية عن طريق إرسال وفد رفيع على رأسه عصام الحداد مستشار رئيس الجمهورية بوصفه “,”مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة الإخوان المسلمين“,” . لمناقشة الإفراج عن هؤلاء ، إلا أن الرد جاء قاسيًا ، برفض الإفراج عن المتهمين، والتأكيد على أن القضية ستنظر أمام المحاكم الأماراتية كأي قضية أخرى .
الفصول تتوالى ولا تتوقف الأحداث، وهانحن الآن نقدم ملفًا كاملًا لعله يفيد من يبحثون عن الحقيقة.
الفصل الجديد مسبوق بفصول مثيرة، معقدة متداخلة، تفيد كثيرًا في فهم النهج الذي تتبعه جماعة الإخوان من ناحية، وفي طبيعة السياسة العقلانية المتوازنة لدولة الإمارات من ناحية أخرى.
كيف نبحث عن كلمة السر ونفك الشفرات التي قادت إلى الفصل الأخير؟!
ثروات الخليج كلمة السر الأولى في هجوم الإخوان على دول الخليج والتآمر ضدها، وأخطبوطية التنظيم الدولي للجماعة هي كلمة السر الثانية، وبين هاتين الكلمتين لا تتوقف التداعيات.
تعالو نبدأ القصة..
هناك قسمان للإخوان في الخارج: الأول، هو التنظيم الدولي وهم الإخوان الذين لديهم جنسية في هذه الدول، ومنضمون للإخوان المسلمين في بلدانهم، أما القسم الثاني، فهو رابطة الإخوان المصريين في الخارج، وهؤلاء نشطاء من أعضاء الجماعة المصريين في الخارج ويقود ذلك القسم تنظيميا داخل مكتب الإرشاد محمود عزت، أما التنظيم الدولي فيقوده المرشد العام شخصيا باعتباره مرشدا عاما للتنظيم ككل .
وأهم الأهداف العامة للتنظيم الدولي للإخوان بالخارج هى تنمية الجماعة ماديا وتنفيذ الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية على مستوى جمع أموال للتنظيم الأم وللتنظيم المحلي أيضا، وعلى المستوى الآخر تجنيد أعضاء جدد وتثقيفهم وتدريبهم، فضلاً عن تنفيذ أجندات الإخوان وقرارات الجماعة الأم على مختلف المستويات .
التنظيم الدولي للإخوان المسلمين نشأ نتيجة وجود الأزهر في مصر، رغم أن الإخوان يحاربونه الآن. إذ كان الطلبة المبتعثون في الأزهر من دول مختلفة يتم استقطابهم من خلال أعضاء الإخوان وتجنيدهم ليكونوا أذرعًا للجماعة في دولهم، عبر لجنة خاصة تسمى لجنة تجنيد المبتعثين، وكان يرعاها مؤسس الجماعة بنفسه الشيخ حسن البنا، ومن ثم تشكل التنظيم الدولي، ليكون هؤلاء دعاة إخوانيين يشكلون في بلادهم نواة للتنظيم.
الآن يتواجد التنظيم الدولي في أكثر من 72 دولة حول العالم .
وبعد صعود التنظيم الأم في مصر بالتزامن مع الربيع العربي ، انفتحت شهية جماعة الإخوان “,”المسلمين“,” في دول الخليج، وبخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، على إعادة طرح برامجها ومطالبها المغلفة بالإصلاح من جديد، مدفوعة، أو بالأحرى متكئة، على ما حققته الجماعة من نجاحات في الانتخابات البرلمانية، في كل من تونس والمغرب ومصر، فضلًا عن وصول مرشحهم محمد مرسي إلى منصب رئيس الجمهورية في مصر.
وبدأ البعض يحرّض علنا على حكام الإمارات وشيوخها الذين حققوا لشعبهم ولدولتهم الموحدة خلال أربعة عقود، ما لم تستطع تحقيقه دول عربية طوال أربعة قرون، من تنمية اقتصادية شهد بها القاصي والداني، وتنمية اجتماعية يشعر بها كل زائر للإمارات، ونهضة ثقافية مميزة، إضافة الى تقدم علمي وتكنولوجي، وضع الإمارات في صفوف الدول المتقدمة في العالم.
سعى الإخوان الإماراتيون، مع تجاهلهم عمدا كل ما تحقق من انجازات على أرض الواقع، الى حرق المراحل التي سبق لمؤسس جماعتهم الأم، حسن البنا، تحديدها: الفرد المسلم (أي الإخونجي) والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، والدولة الإسلامية، ثم الخلافة، فأستاذية العالم.
وذلك في محاولة للوصول الى المرحلة الرابعة مباشرة (الحكومة الإخوانية) عبر طرح مفهومهم للإصلاح السياسي الذي يرتكز على التحول الى دولة ملكية دستورية (حيث الشيوخ يملكون والإخوان يحكمون).
وهم، أي الإخوان الإماراتيون، في سعيهم ذلك مخدوعون بمشهد انتصار زائف، يحمل في داخله عوامل الانقلاب عليه إن لم يكن في المنظور القريب، فلن يتجاوز الوقت أربع سنوات على الأكثر، هي عمر تلك البرلمانات المنتخبة في كل من تونس والمغرب ومصر.
إذ سرعان ما سيكتشف المواطن العربي حجم الخدعة التاريخية التي تعرض لها، على خلفية كراهيته لأنظمة أذاقته مرارة الفقر والحرمان لسنوات طويلة، فراح بمنطق كراهة في عمرو وليس حبا في زيد، يصوت لتلك التيارات التي كانت وحدها مدعومة على الأرض بمليارات أرسلت لها من جيوب إخوانهم ورفاقهم في دول الخليج، “,”ليزغللوا“,” بها عيون الفقراء في تلك الدول، الذين راودهم الأمل في أن تنجح تلك التيارات في انتشالهم من مستنقع الفقر والعوز الذي سقطوا فيه منذ زمن بعيد، فإذا تلك التيارات تحدثهم عن العري وضوابط السياحة وحجاب المرأة في أول ظهور لها على شاشات التلفاز، وكأنها ذاهبة لحكم ملهى أو نادِ للقمار، وليس بلادا رزحت تحت نير الفقر لعقود طويلة.
الخطوات الأولى
بدأ الإخوان الإماراتيون خطواتهم الأولى متأثرين بالبعثات الطلابية للقاهرة، في نهاية ستينات القرن الماضي، والذين دشنوا الواجهة العلنية لتنظيمهم “,”جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي“,” عام 1974م بمساعدة من نائب رئيس الدولة وحاكم إمارة دبي آنذاك المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. لم يستوعبوا سماحة هؤلاء الحكام آنذاك، وفي مقدمتهم رئيس الدولة آنذاك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فراحوا يدشنون منهجهم في العدوان على حق “,”الولاية الشرعي“,” لشيوخهم من حكام الإمارات وفي مقدمتهم رئيس الدولة، بمبايعتهم للمرشد العام للجماعة في مصر على السمع والطاعة في المنشط والمكره، الأمر الذي أدى الى ازدواجية في الولاء انتهت بتحذير شديد اللهجة من أفكارهم ومشروعاتهم المسمومة، أطلقه الشيخ زايد، وهو ما فتح الطريق لقرار حظر جمعية الإصلاح (الواجهة العلنية للجماعة آنذاك) وحل مجلس إدارتها واستبداله بمجلس معين عام 1995.
الغريب أن مجمل الباحثين الذين كتبوا في أسباب حظر الجمعية لم يأتوا على واحد من أهم الأسباب الرئيسية التي وقفت خلف قرار الحظر، وهو قيام الجمعية وإخوان الإمارات –آنذاك- بالجزء الأكبر من تمويل ميزانية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما كشفته إحدى التقارير السرية التي خرجت عن اجتماع مكتب إرشاد التنظيم الدولي الذي عقد في اسطنبول في سبتمبر من عام 1991، ناقش الإجتماع ميزانية التنظيم السنوية والتي قدرت –آنذاك- كما يتضح من الجدول المرفق بثلاثمائة ألف دولار، دبر الإخوان الإماراتيون 40% منها بواقع مائة وعشرين ألف دولار.
ميزانية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين المعتمدة لعام 1991/1992:
م
القيمة بالدولار
مجال الصرف
1
120000
متطلبات المركز الرئيسي
2
15000
لجنة الدعوة
3
30000
التفرغ
4
10000
بريطانيا
5
10000
ألمانيا
6
10000
السودان
7
50000
سداد من قرض
8
5000
مصاريف إدارية
9
20000
لجنة التطوير العلمى – مصاريف إدارية – تفرغ – أجهزة
10
20000
احتياطى
الاجمالى
280000
** تمول كالآتي:
120000
70000
60000
50000
من الإمارات
من اليمن
من السعودية
من قطر
300000
ثلاثمائة ألف دولار جملة المطلوب
تدمير التعليم
ظل إخوان الإمارات يقومون بهذا الدور داخل التنظيم الدولي للجماعة طوال العشرين عاما المنصرمة (1991-2011) خاصة عقب تجميد إخوان الكويت لعضويتهم داخل التنظيم الدولي، على خلفية موقف الجماعة المخزي من احتلال صدام حسين للكويت، عبر تأييدها الكامل لمخططات الرجل التوسعية، وادعاءاته حول حقوق العراق التاريخية في الكويت.
لم يكتف إخوان الإمارات بهذا الدور وإنما استغلوا مشاركتهم في الحكومات المتعاقبة من 1979-1983 وبخاصة تولي أحدهم (الدكتور سعيد سليمان) لمنصب وزير التعليم لسبع سنوات متتالية، استطاع الإخوان خلالها السيطرة على لجنة المناهج، عبر إصدار 120 مقرراً دراسياً غيروا من خلالها وجه التعليم في الإمارات وأعادوه سنوات طويلة للوراء، وهو ذات الأمر الذي قاموا به في السعودية إبان كان المستشار مأمون الهضيبي (المرشد العام السادس للجماعة) مستشارا لوزير الداخلية –آنذاك- الأمير نايف بن عبدالعزيز، وهو عين ما يخططون لفعله في كل من مصر وتونس والمغرب في الأيام القادمة.
كما أستغل إخوان الإمارات سعة صدر وعدالة شيوخ الإمارات الذين منحوهم مناصب كبرى في الدولة، لجلب أكبر عدد ممكن من إخوان الخارج وبخاصة من المصريين، لتكثيف عمليات التجنيد والتربية، وبخاصة بين أبناء الشيوخ والمسئولين الكبار في الدولة، في خرق واضح لما هو مستقر في الشريعة الإسلامية من عدم الغدر بمانح عهد الأمان، الذي تمثله في تلك الحالة، تأشيرة الإقامة الممنوحة من الحكومة الإماراتية لهؤلاء المواطنين غير الإماراتيين، وهو رأي شرعي لا يختلف عليه اثنان من الباحثين في العلوم الشرعية.
ولعلنا نذيع سرا، للمرة الأولى، من تلك الأسرار العديدة التي نملكها في أرشيفنا عن تلك الجماعة، عندما ننشر مقتطفات من محضر اجتماع ما يسمى بـ“,”الرابطة“,”، وهي الوعاء التنظيمي للإخوان المصريين في الخارج.
ففي محضر اجتماع مجلس إدارة الرابطة المنعقد بالمدينة المنورة يوم السبت الموافق 21 سبتمبر 2008، برئاسة الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المصري الحالي وعضو مكتب إرشاد الجماعة آنذاك، والذي حضره بالإضافة الى الكتاتني أربعة وعشرون عضوا يمثلون عشر بلدان عربية وأوروبية بينهم اثنان يمثلان دولة الإمارات.
جاء ضمن بنود الاجتماع بند خاص بتقييم الأقطار، وجاء في معرض الحديث عن الإمارات أن عدد أعضاء الرابطة بلغ ألف وسبعمائة عضو مقسمين كالآتي (300 تمهيدي- 300 مؤيد- 150 منتسب- 600 منتظم-350 عضوا عاملا).
كما كشف التقرير عن وقوع حوادث أمنية في كل من مدينتي أبوظبي والعين، تسببت في ترحيل 20 عضوا من الرابطة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة (في إشارة الى شهور يونيو ويوليو وأغسطس من عام 2008). وتم استدعاء عدد كبير من أعضاء الرابطة لاستجوابهم.
وأضاف التقرير أن السبب وراء تلك الحملات، هو نجاح أجهزة الأمن في تجنيد أحد أعضاء الرابطة والذي قام بدوره بالاعتراف على عدد من زملائه. وطالب التقرير أعضاء الرابطة بالحذر عند اتصالهم بإخوان الإمارات وبالتوسع المحسوب في عمليات التجنيد لتعويض الخسائر التي نجمت عن عمليات الترحيل.
ولعلنا نزعج البعض عندما نكشف سر رحلة المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع الى اسطنبول يوم الجمعة 11 نوفمبر 2011، للاجتماع بعدد من قادة التنظيم الدولي، وحثهم على استغلال ما يحدث من تقدم لإخوانهم في مصر وتونس والمغرب، والمزاج الثوري العام الموجود لدى شباب المنطقة، للتحرك والإطاحة بحكام الخليج وفي مقدمتهم الإمارات والكويت، مع وعد بمساعدتهم لوجستيا في حال وصول الإخوان للحكم في مصر.
يطمع المرشد العام وجماعته في خزائن الخليج لتحقيق المرحلتين الخامسة والسادسة من حلم المؤسس حسن البنا، وهما مرحلتي الخلافة الإسلامية (الإخوانية) وأستاذية العالم، وهي المراحل التي لن تتحقق بدون وصول إخوان الخليج وفي مقدمتهم إخوان الإمارات والكويت الى الحكم في ظل ملكيات دستورية (تملك ولا تحكم) للتحكم في خزائن تلك الدول واستغلالها في تحقيق مشروع الإخوان العالمي، حتى لو أدى ذلك الى جر مصر لحرب مع دول الخليج.
ووفقًا لما نشرته جريدة “,”الشرق الأوسط“,”، في 13 فبراير 2012 ، فقد حسم القضاء الإماراتي بشكل شبه نهائي قضية سحب الجنسية من سبعة إماراتيين يوصفون بالإسلاميين متهمين «بأعمال تهدد الأمن الوطني لدولة الإمارات من خلال ارتباطهم بمنظمات وشخصيات إقليمية ودولية مشبوهة»، وذلك بعد أن قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بتأييد حكم سحب الجنسية منهم.
ويحمل الأشخاص الذين سحبت منهم الجنسية في معظمهم أسماء عائلات إماراتية وهم: حسين منيف عبد الله حسن الجابري (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، وحسن منيف عبد الله حسن الجابري (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، وشاهين عبد الله مال الله حيدر الحوسني (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، ومحمد عبد الرزاق محمد الصديق العبيدلي (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1976)، وإبراهيم حسن علي حسن المرزوقي (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1979)، وعلي حسين أحمد علي الحمادي (منح الجنسية الإماراتية بالتجنس عام 1986). وأحمد غيث السويدي .
وتماشيًا مع الموقف الإماراتي من جماعة الإخوان، وموقف الإخوان من التمدد داخل منطقة الخليج وبخاصة دولة الإمارات ، قامت الجماعة بتجنيد عناصر مصرية للقيام بجمع المعلومات وتكثيف حملات التجنيد وجمع الاموال، الذي أدى إلى اعتقال أحد عشر إخوانيًا مصريًا بتهمة الإنتماء إلى تنظيم غير شرعي وجمع الأموال والاتصال بجهات خارجية .
وفي الوقت الذي مازالت فيه القضية قيد التحقيق بمعرفة جهات أمنية رفيعة حاولت جماعة الإخوان التدخل في سير القضية عن طريق إرسال وفد رفيع على رأسه عصام الحداد مستشار رئيس الجمهورية بوصفه “,”مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة الإخوان المسلمين“,” . لمناقشة الإفراج عن هؤلاء ، إلا أن الرد جاء قاسيًا ، برفض الإفراج عن المتهمين، والتأكيد على أن القضية ستنظر أمام المحاكم الأماراتية كأي قضية أخرى .
الفصول تتوالى ولا تتوقف الأحداث، وهانحن الآن نقدم ملفًا كاملًا لعله يفيد من يبحثون عن الحقيقة.