المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

من التفعيل إلى التجميد: المشاركة السياسية للمرأة والأقباط

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:05 م
د.يسري العزباوي
يثور في ذهن الشارع المصري الآن الكثير من التساؤلات حول وضع ومستقبل المرأة والأقباط في العمليات السياسية التي جرت من بعد ثورة يناير، ومستقبلهم في ظل الصعود والتغول من جانب التيارات الإسلامية، وما يحمله بعضها من انطباعات وتصورات خاطئة تجاه المرأة والأقباط إلى الحد الذي وصل إلى أن يجاهر البعض منهم بضرورة عودة المرأة إلى البيت مرة أخري، وإنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على غرار تلك الموجودة في السعودية، والتي بدأت في تنفيذ بعض عملياتها في السويس والدقهلية والبحيرة. ويحمل البعض الأخر أفكارًا متطرفة تجاه الأقباط، حيث أفتي البعض بأنه لا يجوز تهئنة الأقباط في أعيادهم، وأنه يجب إلا يتولوا مناصب عليا من قبيل أن الولاية الكبري لا تجوز للأقباط والمرأة على حدًا سواء .

ناهيك عن موقف هذا التيارات من الكثير من الأفكار والنظريات السياسية، حيث اتخذت موقفًا معاديًا على طول الخط من النظريات السياسية والفكرية الغربية كـ (الشيوعية، والديمقراطية، والليبرالية، والعلمانية، والاشتراكية، والرأسمالية) فانتقدت هذه النظريات وهاجمت الداعين إلى تطبيقها في العالم الإسلامي، معتبرة أنها مصطلحات وافدة تصطدم في الكثير من الأحيان بالسنن الشرعية والكونية، فلا يصح أخذها على عواهنها، ولا اعتمادها مقياسًا وبديلا عن شرع الله، ولا ترديدها والترويج لها، لما تنطوي عليه من مخالفات شرعية. وتجهر السلفية برفض “,”الديمقراطية“,” كنظرية سياسية للحكم رفضا تاما، إلى جانب رفض قيمها كـ “,”الأغلبية“,” و“,”حكم الشعب“,” وغيرها، لتناقض هذه المبادئ مع أحكام الإسلام التي لا يمكن في ظلها الفصل بين الدين والدولة، على عكس الديمقراطية التي لا تراعي الشروط الإسلامية فيمن يحكم أو يشرع القوانين، فقد تأتي بكافر أو امرأة لحكم الدولة الإسلامية و“,”ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة“,”، أو تأتي بمن يجهر بعداء الدين، وهنا يتساءل الشيخ سعيد عبد العظيم نائب رئيس الدعوة السلفية “,”ما قيمة صندوق انتخابات يأتينا بيهودي“,”، و“,”ماذا نصنع إن أتي على رأس السلطة كافر، والإسلام يعلوا ولا يُعلى عليه“,”،( ) مشيرا إلى أن رأي الأكثرية الانتخابية هنا لا قيمة له إن كان سيخالف ما نص عليه الإسلام، فـ “,”الأكثرية“,” -وهي محور النظام الديمقراطي- “,”لا يجوز أن تغير شرع الله“,”. كما رفض السلفيون الدعوات القومية والوطنية المأخوذة عن الغرب، والتي قسمت الأمة الإسلامية وفرقتها فتحولت إلى دويلات تفصلها حدود سياسية، وتتحكم فيها دول الغرب الاستعمارية، حتىوجدنا الدعوة إلى “,”الطورانية“,” في تركيا، والقومية العربية، وظهرت شعارات، مثل “,”مصر للمصريين“,”، و“,”الوطن فوق الجميع“,”، و“,”سوريا الكبري“,”، والقومية الآشورية في العراق، و“,”كفاح الأكراد“,” لإقامة دولة قومية كردية.. وهي دعوات “,”تعارض ما جاء به الإسلام“,”، الذي يبني نظامه على المساواة بين كل الأجناس، ويهدف إلى إقامة دولة عالمية -لا قومية- ترفض التعصب لجنس أو لقوم أو لوطن، ويتساوي فيها جميع المسلمين في الحقوق والواجبات .( )

والسؤال هنا، هل التيارات الإسلامية مقتنعون حقًا بالديمقراطية، أم أن ما يفعلونه الآن مجرد تكتيك مرحلي لتدمير وإحراق سلم الديمقراطية بعد استخدامه في الصعود؟، وتحت عنوان “,”شخاشيخ الأطفال“,” يقول د. إبراهيم هلال الناطق الرسمي باسمهم: “,”ليس في الإسلام مدة محددة يحكم فيها الحاكم المسلم، وإنما حين يبايع بالحكم بانتخاب أو عن طريق اختيارات أهل الحل والعقد، فإن مدته لا تنتهي إلا بوفاته مهما طالت أو بعجزه لمرض لا يستطيع معه مباشرة هذه المسؤولية، فليس هناك حاجة لأن يجدد انتخابه، ولا أن يفتح الباب له ولغيره لانتخاب من جديد“,”.( ) في العدد 4 ص 46 المجلد 31 وتحت عنوان “,”الإسلام الديمقراطي“,” تقول مجلة التوحيد: الإسلام الديمقراطي معناه: أولا، أن يكون المسلم مفرغا من دينه فلا يعلم ولا يعمل ولا يدعو. ثانيا، ألا تقوم لعقيدة الجهاد قائمة. ثالثا، أن ينشغل المسلم بنفسه ولا يسأل عن أخيه ولا يفكر في دعوة غيره إلى الإسلام.( ) ويتجلي موقف التيار السلفي من الانتخابات في مقال منشور بمجلة التوحيد بعنوان “,”أنصار السنة والانتخابات“,” جاء فيه: إقامة الأحزاب حرام بصريح القرآن!!( ) ننتقل من المكتوب إلى المسموع، يقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم من مؤسسي الدعوة السلفية بالإسكندرية في محاضرة “,”حقيقة التغيير“,” نوفمبر 2010: “,”فبلاش ندخل في مجال السياسة، لأن السياسة عقيمة. السياسة دي كلها نصب وحيل وكذب ونفاق ودجل، فالتغيير الحقيقي هو الذي يحدث في المساجد السلفية (بس!)، ده حقيقي .. فسيبوكو (فدعكم) من الدخول في هذه المعتركات، مش معاركنا ولا مبادئنا“,”.( ) ويضاف في سلسلة حول “,”دخول البرلمان نظرية السيادة: “,”الأصل في دخول الدعاة البرلمان المنع لأنه في الدخول مفاسد كثيرة وتنازلات عديدة. وأن هذا الطريق شره أكبر من خيره، وأن ذلك رأي ابن باز، وابن عثيمين، والألباني. ويقول: معظم العلماء السلفيين يرفضون الدخول في لعبة الديمقراطية والبرلمانات، فالديمقراطية سراب“,”.( ) وبذلك يحرم الشيخ محمد إسماعيل دخول الدعوة فقط البرلمان حتىلا ينشغلوا عن الدعوة، ولكنه أجاز دخول البرلمان لأعضاء الدعوة السلفية .

وعلى الرغم من حقيقة موقف التيارات الدينية الرافض إلى العملية الانتخابية، إلا أن دور الدين في التأثير على عملية التصويت أصبح ظاهرة لصيقة بكل الانتخابات التي جرت في مصر بعد الثورة . فقد استخدمت التنظيمات السياسية ذات التوجه الديني قضية الاختلاف بين الأديان استخدامًا سياسيًّا، وابتدع لها اسم “,”الفتنة الطائفية“,”، كما تأثر الوضع الديني الداخلي بمؤثرات خارجية وبأنماط من التدين تسود في مجتمعات مجاورة. وكل ذلك أدي إلى تأسس حالة جديدة على المجتمع يكون فيها الدين حاضرًا في أي نقاش وتنتشر فيها صور من التدين شتي. وقد كان لهذه الحالة تأثير لا يمكن إنكاره على الاختيار الانتخابي على اختلاف في التبريرات التي تعطي للاختيار: وهي تبريرات تتراوح بين الحديث عن الظلم الذي لحق بأهل السياسة ذوي التوجيهات الدينية، أو نصرة دين على آخر، أو الانتصار لرموز دينية بعينها...إلخ .

ثمة تخوف صريح من الهيمنة السياسية على الممارسات الديمقراطية بعد ثورة 25 يناير، وهي هيمنة تنبع من سيطرة مرجعية معينة بعيدة عن مرجعية الدستور؛ وهي المرجعية التي تظهر من خلط الدين بالسياسة، والتي تحاول أن تنفذ الآراء الأخرى وتستبعد الآخرين الأمر الذي يعصف بالاستقرار المطلوب في الفترة الحرجة المقبلة. كما أن ضعف التشكيلات الحزبية، واعتمادها على ممارسات غير ديمقراطية، وعلى إصدار القرارات الفوقية، ومعاناتها من اختلال العلاقة بين نخبها وبين أعضائها، وظهورها في أجواء غير ديمقراطية، على اعتبار استحالة الفصل بين البنية الداخلية للأحزاب وبين البيئة غير الديمقراطية التي تنشأ فيها. والدلالة التي تؤخذ من هذه الفرضية، فيما يتصل بالسلوك الانتخابي، هي أن الاختيارات الانتخابية لا تتأثر قط بميول حزبية أو توجهات أيديولوجية بقدر ما تتأثر بعوامل شخصية .

وثمة موقف يري أن القرابة والعائلية لا تتركز إلا في مناطق بعينها من مصر، خاصة المناطق التي يوجد بها عائلات كبيرة ذات نفوذ قديم. ويؤكد هذا الرأي على بروز قبلية من نوع جديد، أو التحام القبلية الجديدة بالقبلية الجديدة كما تتمثل فيما يطلق عليه علماء الاجتماع علاقات الاستزلام أوالعلاقات الزبائنية patronage clientetist وهي العلاقات التي تبني على تبعية اقتصادية أو وظيفية يحتل فيها شخص مركز الدائرة بوصفه المعلم أو الحاج أو الباشا في درجات مختلفة من تخضيع البشر وتشللهم حول من يمنحهم لقمة العيش. وأحسب أن هذا النمط من العلاقات يعد أحدي المؤثرات الرئيسة في السلوك الانتخابي، خاصة أن هذا النمط من العلاقات الاستزلامية ينتقل من المجال الاقتصادي والوظيفي إلى المجال السياسي، ويصبح سمتا للعلاقات داخل الأحزاب والحركات الاجتماعية، وتجمعات المجتمع المدني، حيث تدور العلاقات حول أفراد بعينهم وحيث تستمر روح الإمبراطورية، وروح الشرق، وروح الشيخ والمريد، نابضة في بنية العلاقات السياسية الحديثة. هنا ترمي الكلمة من القمة، فيسمعها من في القاع كأمر، ويصبح السير على العهد، وعدم تخطي الحدود والالتزام بكلمة الجماعة هو الحاكم للصواب والخطأ .

وبعد استعراض أهم ما طُرح فيما يتعلق بقضايا الأقباط والمرأة منذ قيام ثورة 25 يناير حتىالآن؛ يمكن الخروج بعدد من الملاحظات، يتلخص أهمها في أولًا استمرار الجدل والانقسام حول الموقف من تضمينهم في العملية السياسية برمتها بين فريقين أحدهما مؤيد والآخر معارض. وأضيف إلى هذا الجدل بعدان جديدان ارتبط بالمرأة منذ اندلاع الثورة، هما: ربط قضية المرأة بالنظام “,”السابق“,”، وخاصة زوجة الرئيس المخلوع، باعتبار أنها كانت ترأس المجلس القومي للمرأة، والنظر إلى إثارة قضايا المرأة ومطالبها باعتبارها مطالب “,”فئوية“,” ليس من اللائق إثارتها في الوقت الحالي؛ حيث تبرز قضايا أخرى أهم يجب أن تحتل المراتب الأولي على سلم الأولويات في الوقت الحالي .

ثانيا، أوضاع المرأة والأقبط لم تتحسن كثيرًا إلى الآن منذ اندلاع الثورة، بل إنهما في بعض الأحيان شهدت تراجعًا، مثلما حدث من انتهاكات صارخة بحق المتظاهرات في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، وماسبيرو، وفي هذا السياق يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الأحوال في مصر بشكل عام لم تتقدم للأفضل كما كان مرجوًا، وأن الانتهاكات لم تقتصر على المرأة والأقباط فحسب .

ثالثا، إن الأحزاب السياسية تعرض للمرأة والأقباط في برامجها من باب ذر الرماد في العيون، ولكي يستكمل “,”شكل“,” البرنامج. أما الأحزاب الإسلامية التي فصلت حديثها عن المرأة وقضاياها، فإنها تركز أكثر على الجوانب الاجتماعية وعلى دور المرأة كزوجة وأم. وعلى الرغم من اختلاف المرجعيات الفكرية بين العديد من الأحزاب التي خاضت الانتخابات الماضية، فإنها تشابهت –بدرجات متفاوتة- في تهميش دور الأقباط والمرأة وقضاياهم إلى حد كبير، سواء في البرامج أو في طريق ترشيحهم على نظام القوائم؛ حيث إن معظم الأحزاب وضعت المرأة في ذيل القائمة؛ مما أضعف من فرصها في الحصول على نسبة تمثيل أفضل في البرلمان، كما أن البعض الآخر لم يضع الأقباط من الأصل ..

رابعًا، رغم أن أوضاع المرأة والأقباط بدت مثالية خلال الـ 18 يوم الأولي من الثورة وهو ما استبشر به الكثيرون خيرًا، إلا أن هذه اللحظة -مقارنة بما تلاها من أحداث- مثلت استثناءً، ليس فيما يخص المرأة والأقباط وحدها، وإنما العلاقة بالآخر بشكل عام. وهو ما يشير إلى أن البعد الأهم في قضية المرأة والأقباط هو المتعلق بثقافة المجتمع ونظرته لهما .

وبناء على ما سبق، تعد المشاركة السياسية للمرأة والأقباط في الحياة العامة وصنع القرار، واحدة من القضايا الأساسية التي تطرح نفسها بشكل دائم في الأوساط العلمية والسياسية. حيث تقر كافة البحوث والدراسات التي تصدت لقضية المشاركة السياسية للمرأة المصرية ضعف مستوى المشاركة على مستوى الترشيح، وكذلك على مستوى التصويت في الانتخابات التشريعية والنقابية، فالمتتبع لمشاركة المرأة المصرية في عضوية مجلسي الشعب والشوري والنقابات المهنية والمجالس المحلية، يدرك المشاركة الضعيفة للمرأة المصرية في مواقع صنع القرار .

أن قضية التمثيل النيابي للمرأة والأقباط ليست مجرد قضية نوعية أو فئوية (Gender) ، ولكنها قضية سياسية في المقام الأول، فاستمرار ضعف –وأحيانا غياب- التمثيل المتكافئ للمرأة، خاصة على مستوى الوظائف العامة والمواقع القيادية وأيضًا على مستوى الهياكل السياسية ودوائر صنع السياسة والقرار، إنما يغذي -سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة– ثقافة التطرف أو يصب في النهاية لصالحها. وإذا كنا نريد بالفعل مواجهة التطرف الفكري والحركي، فإننا لن نستطيع ذلك بدون إعادة تشكيل النخبة السياسية؛ بما يضمن مشاركة أكثر توازنًا وتنوعًا؛ وبالتالي فالمقصود برفع نسبة التمثيل السياسي للمرأة لا يقتصر على مجرد رفع نسبة تمثيلهما في البرلمان، وإنما يعني مواجهة شاملة للسياسات القديمة؛ لضمان تمثيلها الفعلى وليس الشكلي على مستوى مؤسسات الدولة والوظائف العامة والحكومية .

ويمكن القول إن هناك معوقات عامة تؤثر على مشاركة المرأة والأقباط بشكل عامة، منها على سبيل المثال النظام الانتخابي وتأثيره على المشاركة الانتخابية للفئات المهمشة، والثقافة السائدة والنظرة السلبية للعمل بالسياسة لدى المرأة. بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية. ولإزالة كافة هذه العقبات لابد من حلول عادلة وناجز تضمن التمثيل العادل للأقباط والمرأة، منها على سبيل المثال ما يلي :

1- ضبط إدارة العملية الانتخابية: وفي هذا الإطار يمكن طرح مجموعة الرؤي المستقبلية لتحديد ضوابط قوية لاستخدام المال في العملية الانتخابية، ومنع استخدام العنف في العملية الانتخابية، وتجريم شراء الأصوات الانتخابية، وأخيرًا تنفيذ الضوابط الخاصة بنزاهة العملية الانتخابية .

2- تيسير إجراءات مشاركة المواطنين في الانتخابات: ويمكن طرح مجموعة مقترحات تفصيلية في هذا الإطار تتصل بتيسير إجراءات إثبات المواطنين الساقطين من القيد، تنقية كشوف الانتخابات بشكل مستمر، وتيسير إجراءات استخراج البطاقة الانتخابية للمواطنين، وميكنة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية .

3- الإعداد السياسي للكوادر القبطية والنسائية: وتشمل البرامج المتخصصة في التأهيل السياسي الموضوعات التي تتعلق ب تنمية مهارات الاتصال لدى المرأة، تنمية المعرفة بنظام الانتخابات ومهارات الدعاية دارة الحملات الانتخابية .

4- بناء ثقافة مجتمعية مساندة لمشاركة الأقباط والمرأة سياسيًّا: وتطرح هذه المقترحات عدة بنود يمكن اختصارها في إبراز تعدد الأدوار التي تقوم بها المرأة والأقباط في الحياة العامة والخاصة، توضيح الآثار الإيجابية المترتبة على المشاركة السياسية الفاعلة لهم، تقديم صحيح الدين فيما يتصل بمشاركتهم، ومواجهة العادات والتقاليد التي تعوق دورهما في الحياة العامة والسياسية، وإبراز قيم المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل وفقًا لمبادئ الدين والدستور والقانون .

5- مواجهة المعوقات الاقتصادية لمساهتهم في العمل السياسي من خلال الاهتمام بتحسين الظروف الاقتصادية، و تخصيص مصدر تمويل لنفقات الحملات الانتخابية بناء على تزكية من الحزب التابعين له، اعتماد التنمية البشرية للمرأة والأقباط ضمن إستراتيجيات وسياسات الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واعتبارها مكونًا أساسيًّا من مكوناتها جغرافيًّا وقطاعيًّا .

6- كوتة حزبية غير رسمية للمرأة والأقباط: إن عددًا من الدول التي نجحت فيها الفئات المهمشة في الوصول إلى نسب عشالية من التمثيل في البرلمان، لم تكن تتبع نظام كوتة المقاعد، وإنما بدأ الأمر تطوعيًّا من الأحزاب التي أدركت أهمية إدماج الفئات المهمشة في العملية السياسية؛ ومن ثم حددت نسبة داخلية لطرح النساء كمرشحات، وهو ما حقق نجاحًا ملحوظًا، ومن ثم يمكن أن تتبع الأحزاب المصرية مثل هذا المنهج لزيادة تمثيل المرأة في البرلمانات القادمة .

ومجمل القول، لابد من إفساح المجال أمام منظمات المجتمع المدني التي تُعني بشئون الأقباط والمرأة كي تقوم بدورها بالطرق المختلفة، كحملات التوعية والتثقيف وغيرها، ويجب أن تستهدف هذه الحملات النساء والرجال معًا؛ لتصحيح الصورة الذهنية السلبية عنهما، هذا من ناحية. ومن ناحية أخري، محاولة تحقيق قدر من التوازن بين الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الفئات المهمشة التي وقعت عليها مصر، والخصوصية الثقافية للمجتمع المصري، وهو ما لن يتم إلا بالحوار الجاد بين جميع الأطراف المعنية بهذا الأمر، دون الدخول في صراعات وسجالات لا تفضي إلى شيء .

وختامًا؛ فإن قضية المشاركة للمرأة والأقباط بشكل عام تتعلق بثقافة المجتمع؛ ومن ثم فإنه لم يكن متوقعًا أن تتغير هذه النظرة المجتمعية بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج الأمر إلى جهد ومثابرة لتحقيق وضع أفضل لهم على مختلف المستويات، مع ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي لتصحيح الصورة الذهنية الخاطئة عن كل طرف تجاه الآخر .

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟