المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

تحديات التحول من التسلطية إلى الديمقراطية (1-2) صراعات وأسئلة وإشكاليات المرحلة الانتقالية

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:10 م
نبيل عبد الفتاح
يبدو أن الانتفاضة الثورية المصرية الديمقراطية وطلائعها وقاعدتها الاجتماعية من الأجيال الشابة للطبقة الوسطى – الوسطى المدينية، شكلت مفاجأة وصدمة صاعقة للنظام التسلطى، وأركانه والأخطر أنها شملت الدولة وأجهزتها، وقوى المعارضة السياسية الشكلية، والاستثناءات تبدو محدودة جداً في إطار الدوائر السابقة. من هنا بدى بعض من الارتباك السياسى والاضطراب في الرؤية حول طبيعة ما حدث وتكييفه من الناحية الدستورية والتركيبة الاجتماعية التى قادت هذه العملية التاريخية. ومن ثم تباينت واختلفت وغامت الرؤى والقرارات حول كيفية التعامل مع الحدث الثورى ومحمولاته ومطالبه السياسية والاجتماعية. ترتب على هذا الاضطراب بعض الخلل في الرؤية السياسية والدستورية والأمنية وطبيعة الأهداف السياسية المبتغاة أثناء المراحل الانتقالية ولاسيما الأولى والثانية.

كان التفكير السائد في ظل الوزارتين الأولى والثانية للفريق أحمد شفيق يتمثل في ضرورة الاحتواء السياسى وتحقيق التهدئة السوسيو – سياسية، وبث وتوسيع التناقض بين الكتلة الثورية الشابة، وبين غالب الكتل الجيلية الأكبر سناً على المستوى القومى، وبين الفئات الشعبية المستضعفة والمعسورة، وبين الطبقة الوسطى – الوسطى المدينية في القاهرة والإسكندرية، والسويس والمنصورة. وتوسيع الهوة السوسيو – نفسية بين الأرياف، والطبقة الوسطى القاهرية أساساً، وبين المركز / العاصمة، وبين الصعيد وهياكل القوة التقليدية داخله من قبائل وعشائر وعائلات كبرى ممتدة، والتى كانت تستظل بالحزب الوطنى المنحل.

تمثل هذا التوجه فيما سبق وأن أطلقنا عليه سياسة نشر وتوزيع الخوف من ثنايا غياب الأمن والتركيز الإعلامى والسياسى على أثره الخطر الذى يتمثل على تراجع التدفقات السياحية والشلل الذى سوف ينتاب هذا القطاع الاقتصادى الهام وانعكاساته على تزايد معدلات البطالة، ذهبت “,”سياسة الخوف“,” – وفاعليها داخل بعض أطراف السلطة الفعلية، وفى تركيبة النظام التسلطى وحزبه الوطنى المنحل - إلى تنشيط الكتل الاجتماعية المطالبة بعودة الاستقرار الأمنى والاجتماعى، وإعادة ماكينة الدولة للعمل.

هذا التصور السياسى السلطوى تأسس على أننا إزاء تمرد شبابى يمكن احتواءه واستيعابه وإعادة النظام مجدداً مع تعديلات جزئية محدودة. في ظل ازدياد الضغوط السياسية لقوى الانتفاضة عبر أساليب التظاهرات وارتفاع أسقف المطالب السياسية، تم تغيير الاستراتيجية السلطوية إلى تعديلات جزئية تمثلت في تغيير بعض التركيبة الوزارية ورئيسها. ( [1] )

من ناحية ثانية شكلت الرؤية الفنية المحدودة التى خططت وقادت العملية الدستورية في التعامل مع الانتفاضة الثورية أحد أبرز علامات الخلل في رؤية وتكييف الحدث الاستثنائى ومحمولاته ودلالاته، وأسلوب التعامل معه. لم يتم تكييف ما حدث سياسياً ودستورياً على أنه ثورة أو انتفاضة ثورية كبرى أحدثت صدعاً بنيوياً في تركيبة النظام وبعض من مراكز القوة الرئيسة داخله، ومن ثم ينطبق عليها في ضوء المتغيرات المعاصرة ذات الطبيعة والسمات ما بعد الحداثية، والعولمية، اصطلاح “,”الثورة“,” من حيث أهدافها وأساليب تحقيقها لهذه الأهداف عبر أدوات معلوماتية / اتصالية / معرفية مغايرة نوعياً لغيرها من الثورات الكلاسيكية في التاريخ الإنسانى كالثورات الفرنسية، والسوفيتية، والإيرانية، والثورات “,”البرتقالية“,” و“,”المخملية“,”، حتى المثال المصرى المتميز، ومعه أيضاً المثال التونسى على بعض التشابه والتماثل والتأثير والاستعارات والمجازات. ومن ثم كان ذلك يتطلب وفق غالب الفقه الدستورى والسياسى المصرى إعلان سقوط دستور 1971، ووضع إعلان دستورى يحكم مرحلة الانتقال لحين اختيار برلمان ورئيس منتخب على أساس ديمقراطى. أدى هذا الخطأ في التكييف والرؤية والأسلوب إلى وقف الدستور، ثم تشكيل لجنة لوضع مشروع تعديل جزئى لبعض المواد في الدستور الموقوف، ثم تحديد ميعاد محدد للاستفتاء عليه وتم تديين عملية الاستفتاء وإضفاء الصفة الإسلامية على تمريره والتصويت بنعم للتعديلات.

قامت السلطة الواقعية بعد الاستفتاء الدستورى، بإصدار إعلان دستورى مكون من 64 مادة أخذت من الدستور الموقوف مع تعديلات طفيفة على بعض مواده، تثير بعض من التساؤلات والشكوك لدى بعض المثقفين والمفكرين.

ظهر وبجلاء أن ثمة أخطاء في التكييف والرؤية والأداة، وثارت أسئلة كيف يوقف دستور سقط من خلال العملية الثورية الديمقراطية؟ هل يوقف دستور ثم يتم تعديل بعض مواده؟ كيف تستفتى الجماعة الناخبة على تعديلات دستورية ثم يتم إصدار إعلان دستورى؟

أدت خارطة الطريق السياسية التى قامت بها السلطة الفعلية إلى عديد الإشكاليات، واضطراب في الرؤى والمفاهيم والمواقف السياسية، بين الأطراف السياسية الفاعلة على الساحة السياسية، وهم – الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية والأحزاب التى تشكلت من أعطافهم الإيديولوجية، وبعض القوى من بقايا الحزب الوطنى المنحل وأحزاب كانت تنتمى للمعارضة في عهد الرئيس السابق حسنى مبارك حيث وافقوا على خطة الاستفتاء أولاً من ناحية، ثم انتخابات مجلسى الشعب والشورى، والانتخابات الرئاسية، ثم تشكيل لجنة منتخبة من الأعضاء المنتخبين لمجلس الشعب، لوضع دستور جديد للبلاد.

الأطراف الأخرى تشكلت من قوى سياسية أخرى على رأسها القوى الشابة “,”الثورية“,” وبعض المرشحين الرئاسيين وغيرهم، رأت أن خارطة الطريق، تنطوى على محاولة الالتفاف حول ما تم في 25 يناير 2011 بوصفه “,”ثورة“,”، أو انتفاضة ديمقراطية ثورية – في نظرنا وآخرين -، وأن دستور 1971 وتعديلاته، قد سقطت، ومن ثم لابد من الإعلان عن سقوط الدستور، وإعلان بيان دستورى جديد، تم تشكيل هيئة منتخبة لإعداد دستور جديد للبلاد، ثم انتخابات رئاسية، ويعقبها برلمانية. ( [2] )

الجدل حول شكل وبنود وترتيبات خارطة الطريق لمراحل الانتقالية المتتابعة وأولوياتها، شكل خلافات في الروئ والترتيبات وتوازنات القوة في أثناء عمليات الانتقال، وحسابات كل طرف لاحتمالات المكسب والخسارة السياسية، ولاسيما جماعة الإخوان والإسلاميين، وبعض مراكز القوى الاجتماعية من العصبيات المحلية، - من القبائل والعشائر والعائلات الممتدة في صعيد مصر، وبعض المناطق في الدلتا – وهو ما سوف نتناوله لاحقاً.

الملاحظات والأسئلة السالفة السرد لا تعدو أن تكون علامة على بعض من اضطراب في الرؤية الدستورية والسياسية وذلك على الرغم مما تنطوى عليه من محاولات ترمى إلى حصر العملية الثورية في حدودها الأولية وعدم تمددها إلى ثورة بالمعنى والدلالة التاريخية التى تؤدى إلى تغيير بنيوى وراديكالى في الأنظمة الدستورية والاجتماعية والسياسية والثقافية .. إلخ. أن أخطر ما يحدث منذ تشكيل حكومة تصريف الأعمال أو الحكومة الانتقالية الأولى والثانية - برئاسة د. عصام شرف، ثم حكومة الإنقاذ الوطنى برئاسة د. كمال الجنزورى - والسلطة الفعلية هو سياسة قياس ردود الأفعال التى تتمثل في تسريب بعض التصورات ثم التراجع عنها أو تكذيبها على أنها محض إشاعات، أو أكاذيب تروجها الصحف والمجلات، أو بعض الفضائيات، وتهدف إلى خلق فجوة ثقة بين السلطة الحاكمة في المرحلة الانتقالية وبين الشعب. هذا التوجه واستمراره يؤدى إلى اتساع فجوة المصداقية وتوسيع الشكوك لدى قطاعات اجتماعية واسعة على رأسها شباب الطبقة الوسطى – الوسطى المدينية صانعة وقائدة الانتفاضة، والمفكرين المصريين. من ناحية أخرى كشف هذا التوجه عن غموض وغياب للشفافية رصده بعضهم في نقده لهذا السلوك “,”السياسى“,”!

في الشهورة الماضية، حدثت بعض الأحداث السياسية ذات الدلالة، وهو الاستخدام المفرط والوحشى للقوة من قبل قوات الأمن المركزى والشرطة لفض اعتصام التحرير، وترتب عليه سقوط عدد 43 من الشهداء، وأكثر من ألف مصاب، مما أدى إلى توسيع فجوة الثقة والشك بين الشرطة وبين “,”الثوار الشباب“,” والمواطنين.

في يوم 16، 17، 18 ديسمبر قامت الشرطة العسكرية باستخدام مفرط وبالغ العنف للقوة ضد بعض الشباب المعتصم أمام مجلس الوزراء، وترتب عليه استشهاد عدد 12، وبلغ عدد المصابين أكثر من 815 مصاب.

أن هذه الأحداث الدامية تشير إلى ازدياد الفجوة بين السلطة الفعلية والمجلس العسكرى و“,”شباب الثورة“,” مما يؤدى إلى تعقيد عملية الانتقال السياسى في ظل ابتعاد القوى الإسلامية السياسية عن المشاركة في مواجهة العنف الدموى الذى يمارس ضد المعتصمين والمتظاهرين السلميين، من قبل السلطة الفعلية في البلاد.

* التحديات والضغوط وإشكاليات التحول

يمكن لنا تحديد أبرز التحديات والضغوط والإشكاليات التى تواجه المرحلة الانتقالية فيما يلى:

أولاً: الضغوط الدولية والإقليمية التى تمارسها بعض الدول على السلطة الواقعية والحكومة والقوى السياسية المختلفة

إن الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الأوروبية، وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية وفق عديد المراقبين السياسيين – داخلياً وخارجياً - يرمون إلى حصر عملية التغيير الثورى في مصر في نطاقات إصلاحية ومحدودة وجزئية، وذلك بما لا يؤدى إلى إحداث خلل في شكل ومحتوى التوازنات والعلاقات الأمريكية في المنطقة على نحو جذرى أو ثورى يؤدى إلى قلب المعادلات الإقليمية في نطاق ما كان يطلق عليه محور الاعتدال المحافظ وعلى نحو يسمح ببروز تغيرات ثورية معادية لأمريكا وإسرائيل وخط التسوية الإقليمية واتفاقيات السلام بما يؤدى إلى عودة الراديكالية السياسية الثورية والصراع العربى – الإسرائيلى إلى ما قبل اتفاقيات كامب ديفيد، ووادى عربة، وأوسلو.

ترمى المملكة السعودية في نظر بعض المحللين السياسيين إلى احتواء النموذج الثورى المصرى في خطواته وعملياته الأولى، حتى لا يتمدد ناعماً ومؤثراً إلى المنطقة كلها، وإلى السعودية ودول الخليج والمشرق العربى.

من هنا يرى هؤلاء أن العائلة المالكة ترمى إلى استخدام الضغوط الاقتصادية بكافة أشكالها على نحو ما ترشح عبر عديد الأجهزة الإعلامية. بعض المعلقين السعوديين يحاولون نفى هذا التوجه ويشير البعض الآخر إلى أن قادة النظام السعودى يرون ضرورة عدم محاكمة الرئيس السابق وعائلته، وهو أمر مرفوض شعبياً لاعتبارات تتصل بأن المحاكمة ذات قيمة رمزية وسياسية وأخلاقية وقانونية كبرى، تدعم القوة الرمزية الإقليمية والدولية لمصر، والأهم أنها رسالة حاسمة من الأمة المصرية إلى حكام مصر القادمين كى يرعوا، ويعتصموا بضوابط الدستور وقواعده، ومبدأ سيادة القانون، وأن إرادة الأمة فوق إرادة حكامها أيا كانوا.

ثانياً: الدستور أولاً أم الانتخابات البرلمانية أولاً

شكل هذا الجدل أحد أبرز جدالات المرحلة الانتقالية من حيث الأهمية السياسية، ودلالاتها المختلفة التى يمكن لنا إبراز بعضها فيما يلى:

1- أنها شكلت ولا تزال أول رد فعل سياسى من قبل الفواعل السياسية على اختلاف أطيافها الليبرالية واليسارية والإخوانية والسلفية والجماعات الإسلامية التى راجعت أفكارها الفقهية التأويلية السابقة على المراجعات الفقهية. من ناحية أخرى شكلت إشكالية الدستور أولاً، أحد محاور الاستقطاب السياسى بين القوى السابقة على اختلافها ومعهم الأقباط وتداخلت فيها الشعارات الدينية والسياسية والدستورية.

2- إشكالية الدستور أولاً أعادت فرز القوى السياسية حول مدى ملاءمة خارطة الطريق السياسية للمرحلة الانتقالية التى أعدتها السلطة الفعلية في البلاد بعد 25 يناير 2011، والتى بدأت بتعديل بعض مواد دستور 1971، وهى: المادة 75 الخاصة بالشروط الواجب توافرها في المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية. ( [3] )

والمادة 76 التى تنص على الشروط الموضوعية والإجرائية لعملية انتخاب رئيس الجمهورية ( [4] ) .

والمادة 77 الخاصة بمدة الرئاسة وإنقاصها إلى أربع سنوات ميلادية، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة ثانية. ( [5] )

ونص المادة 88 الخاصة بالشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ( [6] )

والمادة 93 الخاصة بالاختصاص بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب ( [7] ) والمادة 148 الخاصة بإعلان رئيس الجمهورية حالة الطوارئ في البلاد ( [8] )

هذه التعديلات الدستورية التى تم الاستفتاء عليها، تم إدراجها في الإعلان الدستورى الذى صدر في 23 مارس 2011 وذلك في أعقاب إعلان نتائج الاستفتاء الذى جرى يوم 19 من مارس 2011، وأعلنت نتيجة الموافقة عليها في 20 مارس سنة 2011.

قامت القوى الإسلامية السياسية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الإسلامية السياسية -، وعناصر تنتمى إلى بقايا النظام التسلطى والحزب الوطنى المنحل، وقوى حزبية أخرى -، بالتركيز على أن الاستفتاء يتم على الإسلام، والمادة الثانية من دستور 1971 التى تنص على أن الإسلام دين الدولة، وعلى أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وهو طرح شعارى أدى إلى خلق حالة استقطاب دينى رأسى بين المصريين على أساس الانتماء الدينى، وهو أمر لم يكن مطروحاً في الاستفتاء.

استخدمت الأطراف الإسلامية السياسية، مسألة الشريعة وهوية المصريين وكأن المطروح في الاستفتاء هو الإسلام والشريعة الإسلامية.

استراتيجية التعبئة السياسية الدينية للقوى – السابق الإشارة إليها - التى توافقت على دعوة الجماعة الناخبة للتصويت بنعم، لجأت إلى طرح سؤال الدين والهوية والشريعة كموضوع للاستفتاء، كانت ترمى إلى توظيف الاستفتاء لتوظيف موقفها السياسى من خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية في التعبئة الدينية – السياسية، وفى خلق استقطابات حول بناء كتلة تصويتية كبيرة على أساس الدين.

لا شك أن هذا التوجه كان يرمى إلى الاستفادة من قصر الفترة الانتقالية للحصول على أكبر قدر من مقاعد مجلس الشعب ومن ثم يشكلون مركز الثقل داخل السلطة التشريعية بكل انعكاسات وذلك على الخريطة السياسية الجديدة في البلاد، وفى التأثير على عملية وضع الدستور الجديد للبلاد، والأعضاء المنتخبين لأول مجلسى شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولى إعداد دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها إلى آخر ما جاء في المادة (60) من البيان الدستورى الصادر بعد تعديل بعض مواد دستور 1971 التى أجرى استفتاء عليها.

الصراع على طبيعة الدستور القادم للبلاد شكل ولا يزال محور هذا التضاغط السياسى، والجدل الصاخب حول الدستور أولاً، أم الانتخابات البرلمانية أولاً!.

3- أرادت جماعة الإخوان المسلمين – وحزبها الحرية والعدالة - والحركة السلفية – وحزبها النور - والقوى المؤيدة لهما من تأييدها لخارطة الطريق التى وضعتها السلطة الفعلية، لأنها تتيح لهم الاستفادة من قدراتهم التنظيمية والتمويلية والتعبوية الدينية والسياسية التى تفوق قدرات الأطراف الليبرالية واليسارية والقومية في هذا المضمار، ومن ثم ضعف قدرات القوى الشابة الثائرة التى تحتاج إلى وقت وتأطير ورؤى سياسية لكى تستطيع تعبئة وتنظيم قواها من أجل بناء أحزاب سياسية قادرة على المنافسة السياسية مع الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية وآخرين وأحزابهم السياسية الجديدة. لا شك أن هذا التوجه أكدت عليه نتائج الجولتين الأولى والثانية في انتخابات مجلس الشعب وخاصة على مستوى القوائم وبعض المقاعد الفردية.

4- استطاعت الجماعات الثورية الشابة، والقوى الديمقراطية الليبرالية واليسارية والقومية أن تعيد طرح موضوع الدستور أولاً عن طريق الدعوة لمليونية تمت في 27 مايو 2011 ونجحت تماماً، على الرغم من تخويف دعاتها ومناصروهم من غياب الأمن وانسحاب بعض قوات الجيش من ميدان التحرير والطرق المحيطة به. في هذا الإطار نجح هذا الحشد الكبير من القوى الثورية والديمقراطية والليبرالية واليسارية، والذى شكل رسالة سياسية قوية للإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية، ولحكومة تصريف الأعمال أو الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء الأسبق د. عصام شرف. ترتب على نجاح مليونية الدستور أولاً، بروز بعض التغير داخل تركيبة الحكومة، وفى صفوف بعض مرشحى الرئاسة المحتملين، وهؤلاء تبنوا هذا التوجه، ومعهم لجنة الوفاق القومى، ولجنة الحوار الوطنى الرسميتين اللتين تم حلهما ثم تم تشكيل المجلس الاستشارى في 8/12/2011.

تحول الجدل والخلاف على خارطة الطريق السياسية لمرحلة الانتقال إلى السجال حول احترام إرادة الشعب أو الالتفاف عليها! هذه الصياغة الشكلية لمسألة إرادة الشعب أو الأمة ومدى احترامها أم لا، هى أساس الرد الشكلانى الذى يرى ضرورة احترام الاستفتاء والإرادة الشعبية التى تم التعبير عنها في القول بنعم لخارطة الطريق التى تبدأ بانتخابات مجلس الشعب والشورى أولاً. هذا الرد / الخطاب السياسى يحاول الالتفاف حول عملية التعبئة السياسية والدينية حول قضايا وإشكاليات لم تكن مطروحة في الاستفتاء لإنتاج موافقة على خارطة الطريق السياسية التى يستفيد منها الإخوان المسلمين والسلفيين والقوى الإسلامية وبقايا مراكز القوى الاجتماعية التقليدية في الأرياف، وعناصر تنتمى للحزب الوطنى المنحل والمجالس الشعبية المحلية التى صدر حكم بحلها.

من ناحية أخرى شكل الاستفتاء على بعض مواد دستور 1971 الذى عطل والأحرى سقط عبر الانتفاضة الثورية، ثم تم تجاوزه واستبعاده من خلال البيان الدستورى الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 23 مارس سنة 2011.

يترتب على صدور البيان الدستورى تجاوز نتائج الاستفتاء الدستورى، ويمكن تجاوزه وإصدار بيان دستورى جديد، يحدد شكل وإجراءات انتخاب هيئة تأسيسية منتخبة يعهد لها بوضع دستور جديد للبلاد.

أن وضع الدستور الجديد للبلاد عبر هيئة أو لجنة تأسيسية منتخبة، ينطوى على وجاهة وشرعية تتمثل في أن وضع نظام دستورى جديد لمصر لابد أن يكون أحد أبرز نتائج العملية الثورية، وفي ضوء تطورات تاريخها الدستورى، والدروس التاريخية التى ترتبت على تجارب نظمها الدستورية منذ بناء الدولة الحديثة، وفى تطوراتها السياسية والدستورية والثقافية والاجتماعية على اختلافها.

أن تاريخنا الدستورى في عديد أبعاده السياسية والثقافية والدستورية يعد معمل للتجارب والدروس التاريخية والسياسية التى قامت بها الصفوات السياسية الحاكمة، وانعكاساتها على القوى الاجتماعية، وعلى الدولة وأجهزتها وثقافتها السياسية والدولتية، ومن ثم لابد من استخلاص هذه الدروس في خلفية وضع الدستور الجديد للبلاد.

5- الوثائق الدستورية تشكل الإطار الجامع للتوافقات حول القيم الكبرى والعليا للأمة المصرية في مرحلة تاريخية، ومن ثم هى انعكاس للتفاهمات التاريخية والسياسية والاجتماعية حول المشتركات. بعض القوى السياسية تعتقد أن الدستور لا يعدو أن يكون أداة لتقنين مصالحها السياسية والدينية ومن ثم هو تعبير عن توازن قوى سياسية ودينية واجتماعية في لحظة تاريخية محددة، ومن ثم يتعين عليها أن تنص على هذه المواقف والمصالح السياسية في صلب المواد الدستورية.

هذا الاتجاه السياسى والدينى الإسلامى ومناصريه ينظرون إلى الدستور والقوانين بوصفها أحد أدوات تقنين لما يعتقدون أنه يمثل انتصار لهم في ظل واقع سياسى وأمنى يتسم بالسيولة والتضاغط وبعض من الفوضى والعشوائية السياسية والأمنية ومن ثم حالة التوازنات الاجتماعية والسياسية والدينية لا تزال في مرحلة حركة وسيولة.

يبدو هذا الموقف السياسى وسنده الدينى التأويلى الوضعى تعبير عن محاولة توظيف المرحلة الانتقالية في تقنين أوضاع تتسم بقدر من الدينامية والعفوية والسيولة السياسية، وكأنها أساس لإعادة الهندسة الدستورية والسياسية للبلاد.

في هذا الإطار الصراعى بين السلطة الفعلية في البلاد، وبين الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الإسلامية السياسية، وبين بعض القوى السياسية الليبرالية والديمقراطية عموماً، يدور حول وضع المؤسسة العسكرية في إطار النظام الدستورى القادم للبلاد. من هنا كان الخلاف العنيف الذى شجر بين هذه القوى سالفة السرد، وغالب شباب الثورة حول المادتين التاسعة والعاشرة في النص الأصلى للصياغة، وكذلك بعد تعديلهما. وهذا يشكل جوهر الصراع الراهن. ( [9] )

أن السجال حول الدستور أولاً أم خارطة الطريق التى وضعتها السلطة الفعلية، وبعضُ مناصروها، هو تعبير عن الصراع على روح الدستور الجديد لمصر، وطبيعة وهوية الدولة المصرية دينية أم مدنية – وفق الوصف الرائج في الخطابات السياسية السائدة وبالأحرى دينية- أم دولة / أمة حديثة على نحو ما سوف نشير إليه فيما بعد من الدراسة.

ثالثاً: تحدى القصر الزمنى للمرحلة الانتقالية

إن أبرز تحديات مرحلة الانتقال أمام تطور ديمقراطى سلمى وآمن يحمل في أعطافه روح العملية الثورية تتمثل في قصر المدد الزمنية المحددة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ظل بروز توافق سياسى غير مكتوب – في نظر بعض الباحثين والمحللين السياسيين وآخرين - بين بعض من يديرون مرحلة الانتقال والإخوان والحركة السلفية والجماعات الإسلامية، ومراكز القوى الاجتماعية التقليدية في المحافظات وبعض رجال الأعمال وهو ما تنفيه السلطة الفعلية – المجلس العسكرى - بأنها لا تنحاز لأى طرف سياسى وتقف على مسافة متساوية من جميع الأفرقاء على الساحة السياسية. تحدى ظهر بين قوى جيلية شابة وتفتقر إلى خبرات انتخابية وتنظيمية وتعبوية تتصل بثقافة الانتخابات في مصر، وبين جماعات دينية سياسية وقوى اجتماعية تقليدية أكثر تنظيماً وخبرة وممارسة للعمل السياسى والانتخابى، ولديها فائض قوة مالى شكل ولا يزال أداة مؤثرة على توجهات الجماعة الناخبة في ظل عسر اقتصادى للفئات الاجتماعية الشعبية ( [10] ) . من هنا يطالب كثيرون بضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية والبدء بتغيير الدستور، ثم تبدأ الخطوات الانتخابية على اختلافها.

رابعاً: الجدل حول الدولة والشريعة والدستور والهوية في المرحلة الانتقالية

شكلت الانتفاضة الديمقراطية الثورية مفاجأة كبرى، بل وصدمة في آن لكافة القوى الوطنية وللنظام التسلطى وقادته وأجهزته الأمنية. في هذا الإطار لابد لنا من رصد الدور البارز الذى قامت به بعض الحركات الاحتجاجية الجديدة على الواقع الافتراضى، والتى كانت تتخذ من الفضاء النتى ساحة للتشكل والتجمع والتعبئة والحشد السياسى حول قضايا الحريات والكرامة الإنسانية، ومنها جماعة 6 أبريل التى قامت بالدعوة إلى الإضراب العام في 2008، ثم جماعة “,”كلنا خالد سعيد“,” التى ركزت على الكرامة الفردية والحرية ورفض الانتهاكات الأمنية في هذا الصدد.

دعت هذه القوى – وآخرين – إلى مظاهرات واسعة يوم 25 يناير 2011، والتى كانت بمثابة الدعوة / الشرارة التى كشفت عن حالة الغليان السياسى والاجتماعى، والغضب من النظام التسلطى المستبد.

كانت تظاهرات 25 يناير 2011 وما بعد التى قادتها الأجيال الشابة من الطبقة الوسطى – الوسطى المدينية في القاهرة، وفى السويس والمحلة الكبرى ومدن أخرى نقطة تحول في الاحتجاجات الجماهيرية، وتحولت إلى عملية ثورية وديمقراطية مستمرة حتى لحظة سقوط الرئيس السابق حسنى مبارك وبعض أركان حكمه، واستلام المؤسسة العسكرية المصرية للسلطة في البلاد، ثم طرح خارطة طريق بدأت بتعديل جزئى لدستور 1971، ثم صدر إعلان دستورى في 23 مارس 2011، وبعدئذ انتخابات لمجلس الشعب، ورئيس الجمهورية.

في هذا السياق برزت تضاغطات وجدالات حادة حول طبيعة الدولة المصرية، وعلاقة المادة (2) من دستور 1971، والأهم أن الصراع استعر ويدور حول مستقبل الدولة المصرية، وهل ستظل دولة حديثة – “,”مدنية“,” – أم سيتم تحويلها إلى دولة إسلامية؟ تحول الجدال إلى طرح مسألة هوية النظام القانونى المصرى، وهل سيتحول إلى نظام الشريعة الإسلامية، أم سيظل في إطار القانون الحديث، وتم تحويل هذا الجدل إلى مجال هوية المصريين والدولة معاً.

هذا التضاغط السياسى والدينى العنيف على مستوى الخطابات السياسية والدينية المتنازعة، وبعض الرهانات والتواطؤات والتحالفات تحاول السعى إلى تغيير في مواريث وتقاليد الدولة / الأمة الحديثة في مصر.

من ناحية ثانية لا نستطيع القول أن ثمة تغييراً نوعياً سيتم في هذا الصدد ولاسيما في المرحلة الانتقالية ومن هنا نستطيع القول أن غالبُ الصفوة السياسية المصرية، وجهاز الدولة سيبدو أقرب الى استمرار وضع المادة الثانية المعدلة فى الدستور المصرى الموقوف والأحرى الذى سقط في أعقاب الانتفاضة الديمقراطية الثورية في 25 يناير 2011، والتى أدت إلى إعادة الاعتبار إلى دور الطبقة الوسطى – الوسطى المدينية، وللخطاب الحقوقى حول الكرامة الإنسانية والحرية وحقوق الإنسان، ثم العدالة الاجتماعية.

يلاحظ أن ثمة استمرارية للتضاغط السياسى بين الإخوان والجماعات السلفية والدينية وبين القوى الثورية – التى لا تزال في طور التشكيل وبلورة منظومات أفكارها وخاصة حول الدين والدولة والقانون – ومن ثم ذهبت غالب القوى الإسلامية على اختلافها وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ومعها الحركة السلفية، والجماعات الإسلامية السياسية التى راجعت أفكارها الفقهية – الجماعة الإسلامية والجهاد – وعناصر محافظة داخل العائلات الكبرى في الأرياف – إلى تحويل عملية تعديل بعض مواد الدستور المصرى إلى تعبئة سياسية ودينية حول الإسلام والدولة ونص المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع. من ناحية أخرى ذهبت غالباً القوى الديمقراطية – على اختلاف أطيافها – إلى ضرورة إعادة صياغة المادة على نحو إصلاحى ويدعم الدولة المدنية.

قامت غالب القوى الإسلامية – الإخوان والحركة السلفية والجماعة الإسلامية، والجهاد وبعض من الحركة الصوفية وعناصر أخرى تنتمى إلى الحزب الوطنى المنحل .. إلخ – بتنظيم حملة تعبئة دينية وسياسية واسعة النطاق حول الإسلام والشريعة والهوية والدستور ولاسيما في الأرياف، وبعض المناطق المدينية المريفة من العشوائيات إلى قاع المدن وأماكن سكنى الشرائح الوسطى الصغيرة وفقراء المدن. دارت عملية التعبئة الدينية والنفسية على نحو استقطابى على المعيار الدينى والانتماء إلى الإسلام أم إلى العلمانية ومن ثم قاموا بتحويل موضوع الاستفتاء على بعض مواد الدستور الذى يفترض أنه سقط في أعقاب الانتفاضة الديمقراطية الثورية إلى استفتاء على هوية مصر الدولة والمجتمع والأمة، وهل هى الإسلام أم العلمانية، وإلى طبيعة الدولة – كشخص معنوى أو اعتبارى – هل هى دولة إسلامية أم مدنية، بكل مترتبات هذا التوصيف الدينى الإيديولوجى، وذلك على الاستفتاء على مواد لا تشتمل على قضايا الهوية أو الدين أو الشريعة أو القانون.

سعى هذا المحور الإسلامى السياسى الإخوانى والسلفى والجماعات الإسلامية الراديكالية السابقة والمراجعة لأفكارها - الجماعة الإسلامية والجهاد -، إلى خلق حالة استقطاب سياسى على أساس الانتماء الدينى بهدف توجيه الرأى العام والجماعة الناخبة إلى مسارات يسهل من خلالها تمرير الاستفتاء والموافقة عليه، وذلك لعديد الأسباب التى يمكن رصدها فيما يلى:

1- الحث على الموافقة على التعديلات يؤدى تقصير الفترة الانتقالية من خلال البدء بانتخابات مجلس الشعب، ثم الرئاسة، ثم إعداد الدستور من خلال لجنة أو هيئة تأسيسية منتخبة. لا شك أن خارطة الطريق الانتقالية ساعدت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة – كقوة منظمة وذات قدرات إدارية وتعبوية ومالية – ومعها السلفيين – وحزبهم النور السلفى-، والعائلات الممتدة والعشائر والقبائل في الأرياف – التى رشحت بعض رموزها في إطار حزب الإخوان الحرية والعدالة أو حزب النور السلفى، إلى حسم المعركة الانتخابية لصالحهم وهو ما حدث في المرحلتين الأولى والثانية.

2- أن قصر الفترة الانتقالية لا يساعد القوى الثورية وأجيالها الشابة على تأسيس أحزاب سياسية قادرة على بناء قواعد اجتماعية داعمة لها، ( [11] ) فضلاً عن صياغة برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تمت دراستها بناء على معلومات دقيقة، ودراسات علمية بالإضافة إلى افتقار غالب الأجيال الشابة إلى قدرات تنظيمية وحزبية على المستوى القومى في كافة المحافظات والمدن والأرياف. صحيح أن هذا الجيل لديه قدرات تنظيمية غير تقليدية بل وفائقة التطور على المستوى السياسى، من خلال مواقع التفاعل الاجتماعى على الشبكة النتية وفضاءاتها Face Boock و Twiter ، وأساليب أخرى من خلال الهواتف الجوالة المتطورة – البلاك بيرى Black Berry الأى فون I phone - والأى باد I Pad ، إلا أن غالبهم لا يعرف تضاريس الخريطة الاجتماعية والثقافة الانتخابية ومفاتيح اللعبة الانتخابية في كافة الدوائر ومواقع القوة الاجتماعية والانتخابية داخلها .... إلخ.

3- أن قضايا الدين والدولة والقانون الوضعى وعلاقاتهم بالقانون الإسلامى أو نظام الشريعة الإسلامية، لا تزال تناقش في بيئة سياسية ودينية تتسم بالتضاغط السياسى والدينى والاحتقانات الطائفية، ومن ثم لا توجد دراسات معمقة لكيفية التعامل الخلاق مع إشكالية الدينى والسياسى والدينى والقانونى الوضعى، والدينى والاجتماعى في ظل الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بمنع التمييز ضد المرأة والطفل والحقوق الدينية، والأقليات الدينية والعرقية .. إلخ، ومن ثم تتبلور رؤى وسياسات وآليات ترفع التناقضات والتوترات بين القيم والمبادئ الكلية العامة للشريعة الإسلامية وبين الدساتير والقوانين الوضعية الحديثة.

4- القوى الإسلامية السياسية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين تميل إلى طرح ثنائيات الدينى / الوضعى، والدينى / السياسى، والدينى والثقافى، والهوية والدين ... إلخ ومحاولة صياغتها وقصرها على حدود الثنائية الضدية في الطرح على نمط ثنائية الحلال والحرام، بما يؤدى إلى حسمها سياسياً على هذا الأساس بديلاً عن نقاشات أكثر عمقاً لتعقيدات هذا الطرح أو ذاك على مستوى تاريخ الأفكار الإسلامية والحديثة أو على مستوى تاريخ النظم الدستورية والقانونية والاجتماعية المعاصرة.

5- أن خارطة الطريق التى وضعت للمرحلة الانتقالية تشير إلى أن غالب القوى الإسلامية السياسية على اختلافها سعت إلى تحقيق مكاسب سياسية سريعة تحقق من خلالها سيطرة على المؤسسة التشريعية، وخلق قاعدة مؤسسية تنطلق منها لتشارك في بناء تحالف يساعدها على حسم المعركة الانتخابية الرئاسية، ومن ثم يشارك هؤلاء في ضوء المادة 189 مكرراً المعدلة في استفتاء 19 مارس 2011 وهى المادة (60) التى وردت في الإعلان الدستورى والتى تنص على أن “,”يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى في اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده، على الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء“,”.

6- أن القدرات التنظيمية والمالية والتعبوية ومؤشراتها الراهنة رجحت قدرة التيار الإسلامى السياسى والسلفى وأحزابهما وبعض مرشحيهم على المقاعد الفردية على حسم الانتخابات البرلمانية ( [12] ) وصياغة التوجهات الدستورية الرئيسة وهو ما يعنى قدرتهم على التأثير على عملية تحديد طبيعة الدولة المصرية وعلاقاتها بالإسلام، ومن ثم هويتها الحداثوية والمعاصرة أم تحويلها إلى دولة دينية؟! أن الجدل حول إسلامية وهوية الدولة والأمة والمجتمع، هو مسعى سياسى وإيديولوجى بامتياز يرمى إلى خلق تعبئة سياسية ودينية وانقسامات رأسية على أساس الانتماء الدينى من قمة الهرم الاجتماعى إلى وسطه وقاعدته الاجتماعية.

7- أن أسئلة الهوية والدولة والشريعة الإسلامية وطبيعة الدولة، وهل هى مدنية بمرجعية إسلامية، ومصادر قانون الدولة، ترمى إلى التغطية والتشويش على سؤال الشرعية السياسية الجديدة في مصر في أعقاب الانتفاضة الثورية، وذلك بعد سقوط شرعية ثورة يوليو 1952. أن سؤال الشرعية الجديدة يطرح عديد الأسئلة حول دور المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية في مراحل سياسية جديدة. هل سيحدث تغير في طبيعة الدور في الحياة السياسية المصرية؟

ما هو هذا الدور الجديد وحدوده وصلاحياته؟ ما هى علاقة المؤسسة العسكرية بالمؤسسات السياسية الوطنية المنتخبة الأخرى؟

هذه الأسئلة لا يزال هناك بعض من الغموض وعدم الإفصاح السياسى من قبل القوى السياسية والحزبية الأخرى، بالإضافة إلى السلطة الفعلية في البلاد وهو ما سنطرحه في الفرع الرابع من هذه الدراسة الوجيزة.




المراجع:

[1 هذا التصور الإصلاحى الجزئى وسياسة الاحتواء لا تزال مستمرة في ظل حكومة “,”الانقاذ الوطنى“,” التى شكلت برئاسة د. كمال الجنزورى أحد رؤساء الوزارات في ظل حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ويبدو كذلك من ممارسات السلطة الفعلية في البلاد. من الشيق ملاحظة استمرارية اللغة السياسية الاتهامية التى سادت في ظل تطور نظام يوليو التسلطى في غالب مراحله، وتتمثل في محاولة التمييز بين الوطنيين وأعداء الوطن والثوار، والبلطجية والمخربين، وبين القلة المندسة، والطرف الثالث الذى يريد خلق فجوة بين المجلس العسكرى، وبين الثوار، أو بين الجيش والشعب. هذا النمط من اللغة السياسية التى ترمى إلى خلق فجوات بين الشعب وشباب الثورة تحت دعاوى ضرورة إعادة عجلة الإنتاج إلى العمل واتهام “,”القوى الثورية الشابة“,” بتعطيل الإنتاج، أو تدهور أوضاع الاقتصاد الوطنى، أو البورصة .. إلخ. من ناحية أخرى ثمة إعادة إنتاج لنظرية المؤامرة الخارجية، بهدف خلق تعبئة جماهيرية مضادة للعملية الثورية. من ناحية أخرى ثمة تباطؤ في محاكمات رموز نظام مبارك، وعدم الرغبة في اللجوء إلى نظم العدالة الانتقالية لمواجهة أشكال الفساد السياسى والاقتصادى الذى تم في مصر طيلة ثلاثين عاماً مضت من حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك.

( [2] ) أسفرت انتخابات مجلس الشعب في الجولتين الأولى والثانية اللتين تم إجراءهما في 28/11/2011، و14/12/2011 عن صحة وجهة النظر التى ذهبت إلى أن وضع خارطة الطريق الأولى للمرحلة الانتقالية تمت بالتوافق بين السلطة الفعلية في البلاد وجماعة الإخوان المسلمين التى أرادت سرعة الوثوب إلى البرلمان لقدرتها التنظيمية والمالية وشبكاتها الاجتماعية، فضلاً عن خبراتها الانتخابية. تمكنت أيضاً القوى السلفية وحزب النور المعبر عنها في تحقيق نتائج هامة بالنظر إلى أنها تمارس العمل السياسى المباشر لأول مرة، بعد أن كان بعض قادتها يرفضون الخروج على الحاكم، والعمل السياسى المباشر.

في هذا الإطار كانت نتائج الجولة الأولى حصل حزب الحرية والعدالة على 69 مقعد، وحزب النور السلفى على 31 مقعد، وتحالف الكتلة المصرية على 14 مقعد، وحزب الوسط على 4 مقاعد وتحالف الثورة مستمرة على 4 مقاعد والإصلاح والتنمية على مقعدين وحزب مصر القومى على مقعد واحد وحزب مصر الحرية على مقعدين وحزب المواطن المصرى على مقعدين وحزب العدل على مقعد واحد، بينما حصل المستقلون على 9 مقاعد والجولة الثانية من الانتخابات تشير المؤشرات الأولية نتائج القوائم إلى حصول حزب الحرية والعدالة على 37% والنور السلفى على 31% يليه الوفد 22% ثم الكتلة المصرية ثم حزب الوسط، ثم تحالف الثورة مستمرة علماً بأن الإعادة على مقاعد الفردى ستكون يوم 21، و22/12/2011.

( [3] ) النص قبل التعديل “,”يشترط فيمن ينتخب رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعًا بالحقوق المدنية والسياسية، وإلا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية“,”.
النص بعد التعديل “,”يشترط فيمن ينتخب رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجًا من غير مصري، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية“,”.

( [4] ) النص قبل التعديل “,”ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر. ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشيح مائتان وخمسون عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات، على ألا يقل عدد المؤيدين عن خمسة وستين من أعضاء مجلس الشعب وخمسة وعشرين من أعضاء مجلس الشورى، وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبى محلى للمحافظة من أربع عشرة محافظة على الأقل. ويزداد عدد المؤيدين للترشيح من أعضاء كل من مجلسى الشعب والشورى ومن أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات بما يعادل نسبة ما يطرأ من زيادة على عدد أعضاء أى من هذه المجالس. وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله. ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي مضي علي تأسيسها خمسة أعوام متصلة علي الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح، واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات علي نسبة 3% على الأقل من مجموع مقاعد المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري، أو ما يساوي لك فى أحد المجلسين، أن يرشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئته العليا وفقا لنظامه الأساسي متي مضت علي عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة علي الأقل. واستثناء من حكم الفقرة السابقة، يجوز لكل حزب من الأحزاب السياسية المشار إليها، التي حصل أعضاؤها بالانتخاب على مقعد على الأقل في أى من المجلسين في آخر انتخابات، أن يرشح في أى انتخابات رئاسية تجري خلال عشر سنوات اعتبارا من أول يو ٢٠٠٧، أحد أعضاء هيئته العليا وفقا لنظامه الأساسى متى مضت على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل. وتقدم طلبات الترشيح إلى لجنة تسمى «لجنة الانتخابات الرئاسية» تتمتع بالاستقلال، وتشكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، واقدم نواب رئيس محكمة النقض، واقدم نواب رئيس مجلس الدولة، وخمسة من الشخصيات العامة المشهود لها بالحياد، يختار ثلاثة منهم مجلس الشعب ويختار الاثنين الآخرين مجلس الشورى وذلك بناء على اقتراح مكتب كل من المجلسين وذلك لمدة خمسة سنوات، ويحدد القانون من يحل محل رئيس اللجنة أو أى من أعضائها فى حالة وجود مانع لديه. وتختص هذه اللجنة دون غيرها بما يلى:

1- إعلان فتح باب الترشيح والإشراف على إجراءاته وإعلان القائمة النهائية للمرشحين.

2- الإشراف العام على إجراءات الاقتراح والفرز.

3- إعلان نتيجة الانتخاب.

4- الفصل فى كافة التظلمات والطعون وفى جميع المسائل المتعلقة باختصاصها بما فى ذلك تنازع الاختصاص.
5- وضع لائحة لتنظيم أسلوب عملها وكيفية ممارسة اختصاصاتها.

وتصدر قراراتها بأغلبية سبعة من أعضائها على الأقل، وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ. ويحدد القانون المنظم للانتخابات الرئاسية الاختصاصات الأخرى للجنة. كما يحدد القانون القواعد المنظمة لترشيح من يخلو مكانه من أحد المرشحين لأى سبب غير التنازل عن الترشيح فى الفترة بين بدء الترشيح وقبل انتهاء الاقتراع.

ويجرى الاقتراع فى يوم واحد وتشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التى تتولى مراحل العملية الانتخابية والفرز، على أن تقوم بالإشراف عليها لجان عامة تشكلها اللجنة من أعضاء الهيئات القضائية. وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التى تحددها اللجنة. ويعلن انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشح على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، فإذا لم يحصل أى من المرشحين على هذه الأغلبية أعيد الانتخاب بعد سبعة أيام على الأقل بين المرشحين الذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، فإذا تساوى مـع ثانيهما غيره فى عـدد الأصوات الصحيحة اشترك فى انتخابات الإعادة، وفى هذه الحالة يعلن فوز من يحصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة. ويتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى ولو تقدم للترشيح مرشح واحد، أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقى المرشحين أو لعدم ترشيح أحد غير من خلا مكانة، وفى هذه الحالة يعلن فوز المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة لعدد من أدلوا بأصواتهم الصحيحة. وينظم القانون ما يتبع فى حالة عدم حصول المرشح على هذه الأغلبية. ويعرض رئيس الجمهورية مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا بعد إقراره من مجلس الشعب وقبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور. وتصدر المحكمة قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة عشر يوما من تاريخ عرض الأمر عليها. فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر من نصوص المشروع رده رئيس الجمهورية إلى مجلس الشعب لإعمال مقتضى هذا القرار. وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزما للكافة ولجميع سلطات الدولة، وينشر فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.

النص بعد التعديل “,”ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر. ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم ثلاثون عضوًا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، بحيث لا يقل عدد المؤيدين في أي من تلك المحافظات عن ألف مؤيد. وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله. ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها على مقعد على الأقل بطريق الانتخاب في أي من مجلسي الشعب والشورى في آخر انتخابات أن يرضح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية. وتتولى لجنة قضائية عليا تسمى «لجنة الانتخابات الرئاسية» الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءًا من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب. وتُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسًا، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب ريس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة. وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة. وتشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 88.
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور. وتُصدر المحكمة الدستورية العُليا قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون. وفي جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزمًا للكافة ولجميع سلطات الدولة، وينشر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.

( [5] ) النص قبل التعديل “,”مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى“,”.

النص بعد التعديل “,”مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب. ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة ثانية“,”.

( [6] ) النص قبل التعديل “,”يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب، ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء، ويجري الاقتراع في يوم واحد، وتتولي لجنة عليا تتمتع بالاستقلال والحيدة الإشراف علي الانتخابات على النحو الذي ينظمه القانون ويبين القانون اختصاصات اللجنة وطريقة تشكيلها وضمانات أعضائها علي أن يكون من بين أعضائها أعضاء من هيئات قضائية حاليين وسابقين، وتشكل اللجنة اللجان العامة التي تشرف علي الانتخابات علي مستوي الدوائر الانتخابية واللجان التي تباشر إجراءات الاقتراع ولجان الفرز علي أن تشكل اللجان العامة من أعضاء من هيئات قضائية، وأن يتم الفرز تحت إشراف اللجان العامة، ولك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يحددها القانون“,”.

النص بعد التعديل “,”يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء. وتتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائي كامل الإشراف على الانتخاب والاستفتاء، بدءًا من القيد بجداول الانتخاب وحتى إعلان النتيجة، وذلك كله على النحو الذي يبينه القانون. ويجري الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسها العليا، ويصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا“,”.

( [7] ) النص قبل التعديل “,”يختص المجلس بالفصل فى صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق فى صحة الطعون المقدمة إلى المجلس بعد إحالتها إليها من رئيسه ويجب إحالة الطعن إلى محكمة النقض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ علم المجلس به، ويجب الانتهاء من التحقيق خلال تسعين يوما من تاريخ إحالته إلى محكمة النقض. وتعرض نتيجة التحقيق والرأى الذى انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل فى صحة الطعن خلال ستين يوما من تاريخ عرض نتيجة التحقيق على المجلس. ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس.

النص بعد التعديل “,”تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب. وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب. وتفصل المحكمة في الطعن خلال تسعين يومًا من تاريخ وروده إليها. وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة“,”.

( [8] ) النص قبل التعديل “,”يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما التالية ليقرر ما يراه بشأنه. وإذا كان مجلس الشعب منحلا يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول اجتماع له. وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محدودة، ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب.

النص بعد التعديل “,”يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه. فإذا تم الإعلان في غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه وذلك بمراعاة الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة. وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ، وفي جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محدودة لا تتجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك“,”.

( [9] ) تنص وثيقة السلمى التى أعلن عنها في 29/10/2011

اعتزازاً بنضالنا عبر تاريخنا العريق من أجل الحرية والعدل والمساواة والسيادة الوطنية وسلام البشرية، واستلهاما لما قدمناه للحضارة الإنسانية، مدركين التحديات التى تواجهنا على طريق بناء وتحصين دولة القانون بمقوماتها المدنية الديمقراطية الحديثة، مؤكدين أن الشعب هو مصدر السلطات، ولا ينبغى بأى حال من الأحوال المصادرة على إرادته بوضع مبادئ فوق دستورية لا تتغير، ودونما الحاجة إلى إعلان دستورى بشأنها أو غيره، حيث تكفى إرادة الشعب.

وضماناً لتحقيق أهداف الثورة المصرية فى الخامس والعشرين من يناير 2011 فى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، واستلهاما لروح هذه الثورة التى توحد حولها المصريون بأطيافهم المتنوعة، واحتراماً ووفاء لأرواح شهدائها وتضحيات ونضال شعبنا العظيم فى ثوراته المتعاقبة.

فإننا نعلن المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة وذلك على النحو التالى:

أولاً: المبادئ الأساسية:

1- جمهورية مصر العربية دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة وسيادة القانون، وتحترم التعددية، وتكفل الحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أى تمييز أو تفرقة. والشعب المصرى جزء من الأمة العربية، يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة.

2- الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. ولغير المسلمين الاحتكام إلى شرائعهم فى أحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية.

3- السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات، يمارسها من خلال الاستفتاءات والانتخابات النزيهة، تحت الإشراف القضائى، ووفقاً لنظام انتخابى يضمن عدالة التمثيل للمواطنين دون أى تمييز أو إقصاء.

4- النظام السياسى للدولة جمهورى ديمقراطى يقوم على التوازن بين السلطات، والتداول السلمى للسلطة، ونظام تعدد الأحزاب، شريطة ألا تكون عضويتها على أساس دينى أو عرقى أو طائفى أو فئوى أو أى مرجعية تتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة فى هذا الإعلان.

5- سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، وتخضع السلطات العامة والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة والمواطنون كافة للقانون دون أى تفرقة. واستقلال القضاء ضمانة أساسية لمبدأ خضوع الدولة ومؤسساتها للقانون وتحقيق العدالة للمواطنين كافة.وتختص المجالس العليا للهيئات القضائية بنظر كل ما يتعلق بشئونها ويجب موافقتها على مشروعات القوانين المتعلقة بها قبل إصدارها.

6- يقوم الاقتصاد الوطنى على التنمية الشاملة والمستدامة التى تهدف إلى تحقيق الرفاه الاجتماعى، وتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، وتشجيع الاستثمار، وحماية المنافسة الحرة ومنع الممارسات الاحتكارية الضارة، وحماية المستهلك وكفالة عدالة توزيع عوائد التنمية على المواطنين. وتلتزم الدولة بحماية الملكية العامة لمرافقها القومية وسائر ثرواتها ومواردها الطبيعية وأراضيها ومقومات تراثها الوطنى المادى والمعنوى.

7- نهر النيل شريان الحياة على أرض مصر الكنانة، وتلتزم الدولة بحسن إدارته وحمايته من التلوث والتعديات، وتعظيم الانتفاع به والحفاظ على حقوق مصر التاريخية فيه.

8- مصر جزء من القارة الإفريقية تعمل على نهضتها وتحقيق التعاون بين شعوبها وتكامل مصالحها، وهى جزء من العالم الإسلامى تدافع عن قضاياه وتعمل على تعزيز المصالح المشتركة لشعوبه، وتعتز بدورها الأصيل فى الحضارة الإنسانية وتساهم بإيجابية فى تحقيق السلام العالمى وتعزيز مبادئ العدالة وحقوق الإنسان والتعاون بين الدول والشعوب.

9- الدولة وحدها هى التى تنشئ القوات المسلحة، وهى ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها والحفاظ على وحدتها وحماية الشرعية الدستورية ولا يجوز لأية هيئة أو جماعة أو حزب إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية.

(ويختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر فى كل ما يتعلق بالشئون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقماً واحداً فى موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره.ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب).

10- ينشأ مجلس يسمى “مجلس الدفاع الوطنى” يتولى رئيس الجمهورية رئاسته ويختص بالنظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى. والدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس ، والتجنيد الإجبارى وفقاً للقانون، كما تنظم التعبئة العامة بالقانون.

ثانياً: الحقوق والحريات العامة:

11- الكرامة الإنسانية حق أصيل لكل إنسان، وجميع المواطنين المصريين أحرار ومتساوون أمام القانون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، ويحظر التمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الثروة أو المكانة الاجتماعية أو الآراء السياسية أو الإعاقة أو غير ذلك . ويجوز تقرير بعض المزايا للفئات التى تستدعى الحماية.

12- تكفل الدولة حرية العقيدة، وتضمن حرية ممارسة العبادات والشعائر الدينية، وتحمى دور العبادة.

13- الجنسية المصرية حق أصيل لجميع المواطنين، ولا يجوز إسقاط الجنسية أو إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها، إلا بحكم قضائى مسبب.

14- حرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة ووسائل الإعلام مكفولة، بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة وحقوق الغير والمقومات الأساسية للمجتمع المصرى، ويحظر فرض الرقابة على وسائل الإعلام أو مصادرتها أو تعطيلها إلا بموجب حكم قضائى مسبب ولمدة محددة.

15- لكل إنسان الحق فى المعرفة وتداول المعلومات ونشرها وحق المشاركة فى الحياة الثقافية والفنية بمختلف أشكالها وتنوع أنشطتها، وتكفل الدولة الحريات الأكاديمية والبحث العلمى والإبداع والابتكار، وتضمن استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى.

16- لكل إنسان الحق فى التمتع بحرمة حياته الخاصة ومراسلاته ومحادثاته الهاتفية واتصالاته الإلكترونية والمعلوماتية وغيرها من وسائل الاتصال ، ولا يجوز الاعتداء على حرمتها أو تقييدها أو مصادرتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة.

17- لكل مواطن حرية الإقامة والتنقل، ولا يجوز القبض عليه أو تفتيشه أو احتجازه أو حبسه أو تقييد حريته الشخصية إلا بأمر قضائى مسبق. ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص فى القانون. والمتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة عادلة أمام قاضيه الطبيعى.

18- الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز المساس بها إلا بحكم قضائى ومقابل تعويض عادل. وتساهم الملكية الخاصة مع الملكية العامة والتعاونية فى تنمية الاقتصاد الوطنى.

19- الحق فى العمل مكفول، وتعمل الدولة على توفير فرص العمل لكل مواطن بشروط عادلة دون تمييز، وتلتزم بوضع حد أدنى للأجور يكفل للمواطن مستوى من المعيشة يتناسب وكرامته الإنسانية. ولكل مواطن الحق فى تولى الوظائف العامة، متى توافرت فيه شروط توليها.

20- لكل مواطن الحق فى حياة آمنة، وبيئة نظيفة خالية من التلوث، والحق فى الغذاء السليم والسكن والرعاية الصحية وممارسة الرياضة، والحق فى التأمين ضد البطالة والمرض والعجز والشيخوخة وفقاً لمقتضيات العدالة والتكافل الاجتماعى.

21- لكل مواطن الحق فى التعليم، وتلتزم الدولة بتوفير فرص التعليم فى مؤسساتها التعليمية بالمجان، وتعمل على ضمان جودته بهدف تعظيم الاستثمار فى الثروة البشرية، ويكون التعليم الأساسى على الأقل إلزامياً. وتشرف الدولة على جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية، بما يضمن الحفاظ على الانتماء والهوية والثقافة الوطنية.

22- للمواطنين حق إنشاء النقابات والاتحادات والجمعيات والمؤسسات الأهلية، ولهم حق التجمع والتظاهر السلمى دون إخلال بحقوق الغير أو بالمبادئ والحقوق الأساسية الواردة فى هذا الإعلان.

معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد

(1) تشكل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع مشروع الدستور المصرى على النحو التالى:

ثمانين عضوا من غير أعضاء مجلسى الشعب والشورى، يمثلون كافة أطياف المجتمع المصرى من قوى سياسية وحزبية ونقابية ومهنية ودينية على النحو الآتى:

15 من الهيئات القضائية 4 المحكمة الدستورية العليا ، 4 محكمة النقض، 3 مجلس الدولة، 2 هيئة قضايا الدولة، 2 النيابة الإدارية ترشحهم جمعياتهم العمومية.

(15) من أساتذة الجامعات على أن يكون من بينهم (5) على الأقل من أساتذة القانون الدستورى يرشحهم جميعا المجلس الأعلى للجامعات.
(15) يمثلون النقابات المهنية يختارون فى اجتماع مشترك لمجالس هذه النقابات.
(5) عن النقابات العمالية ترشحهم الاتحادات العمالية.
(5) عن الفلاحين يرشحهم اتحاداتهم.
(5) اتحاد الجمعيات الأهلية ( على أن يكون من بينهم ممثلاً لذوى الاحتياجات الخاصة).
(1) اتحاد الغرف التجارية.
(1) اتحاد الصناعات.
(1) جمعيات رجال الأعمال.
(1) المجلس القومى لحقوق الإنسان.
(1) القوات المسلحة.
(1) الشرطة.
(1) الاتحادات الرياضية.
(1) اتحادات طلاب الجامعات.
(1) الأزهر.
(1) الكنائس المصرية.
(10) شخصيات عامة يرشحهم مجلس الوزراء.
وعلى الجهات المشار إليها ترشيح ضعف العدد للاختيار من بينهم.

ويختار الأعضاء الباقون من بين ممثلى الأحزاب والمستقلين، بحسب نسبة تمثيلهم بمجلسى الشعب والشورى ، بحد أقصى خمسة أعضاء وبحد أدنى عضو على الأقل.
ويجب أن يكون من بين أعضاء الجمعية التأسيسية عشرة سيدات على الأقل، وخمسة أعضاء، على الأقل، لا تجاوز أعمارهم الخامسة والثلاثين.

(2) إذا تضمن مشروع الدستور الذى أعدته الجمعية التأسيسية نصاً أو أكثر يتعارض مع المقومات الأساسية للدولة والمجتمع المصرى والحقوق والحريات العامة التى استقرت عليها الدساتير المصرية المتعاقبة بما فيها الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 والإعلانات الدستورية التالية له، يطلب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بما له من سلطات رئيس الجمهورية فى المرحلة الانتقالية من الجمعية التأسيسية إعادة النظر فى هذه النصوص خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوما ، فإذا لم توافق الجمعية، كان للمجلس أن يعرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا على أن تصدر المحكمة قرارها فى شأنه خلال سبعة أيام من تاريخ عرض الأمر عليها، ويكون القرار الصادر من المحكمة الدستورية العليا ملزما للكافة ولجميع سلطات الدولة.

(3) إذا لم تنته الجمعية التأسيسية من إعداد مشروع الدستور خلال الستة أشهر المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى لأى سبب من الأسباب ، يكون للمجلس الأعلى للقوات المسلحة - بما له من سلطات رئيس الجمهورية – تشكيل جمعية تأسيسية جديدة وفقاً للمعايير المتوافق عليها لإعداد مشروع الدستور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع على الشعب لاستفتائه عليه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الانتهاء من إعداد هذا المشروع.

( [10] ) أكدت نتائج الانتخابات على مستوى القوائم الحزبية والمقاعد الفردية على صحة هذه الوجهة من النظر.

( [11] ) أثبتت المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب على صحة هذا الرأى.

( [12] ) من المرجح في نظر بعض المراقبين للحالة السياسية والدينية المصرية الانتخابات الرئاسية ستكون مجالاً للمساومات والتضاغطات والصراعات والتواطوءات بين قوى الإسلام السياسى، وبين المجلس العسكرى أساساً، وبعض القوى السياسية الأخرى حول شخص الرئيس القادم للبلاد.








إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟