خطة ايران لكسر هيبة الأسطول الخامس الأمريكي في الخليج
الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:17 م
حرب إيران البحرية اللانظامية (اللامتماثلة)
Iran’s Asymmetric Naval Warfare
By: The Washington Institute For Near East Policy
“,” “,”
إعداد: لواء أح متقاعد/ حسام سويلم
تقديم الدراسة
- في إطار التحسب المبكر لوقوع عمليات عسكرية بين إسرائيل والولايات المتحدة من جانب وإيران من جانب آخر؛ بسبب استمرار التصعيد في الملف النووي الإيراني، بعد أن أعلنت إيران على لسان رئيس جمهوريتها، أحمدي نجاد، في احتفالات الذكرى السنوية الحادية والثلاثين، أن بلاده بدأت إنتاج وقود نووي مخصب بنسبة 20%، وأن إيران قادرة على إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة أكثر من 80%، ووعد بأن المستقبل القريب سيشهد زيادة في إنتاج إيران من الوقود النووي إلى ثلاثة أمثال ما هو عليه الآن، وهو الأمر الذي رفع من احتمالات تفعيل الخيار العسكري الأمريكي - الإسرائيلي ضد إيران إذا ما فشلت العقوبات الدولية المقترحة في إجبار إيران على التراجع عن هذا الموقف، ويتوقع المراقبون ربيع 2014 موعدًا مناسبًا لذلك.
وفي هذه الحال فإن الحرب البحرية ستكون عاملاً حاسمًا في تقرير مصير ونتيجة هذه الحرب؛ حيث ستلعب بحرية الحرس الثوري بأساليب قتالها غير التقليدية دورًا رئيسيًّا في الإستراتيجية الإيرانية لإدارة دفة هذه الحرب، وستسعى لكسر هيبة الأسطول الخامس الأمريكي في الخليج، بتركيز جهودها لتدمير وإغراق قطع بحرية رئيسية فيه -حاملة طائرات، أو مدمرة صواريخ... إلخ- وهو الأمر الذي دفع الجنرال بيتر أبوسي، قائد القيادة الوسطى الأمريكية، إلى القول بأن “,”من سيكسب الحرب البحرية سيكسب الحرب القادمة مع إيران“,”. لذلك طالب القوات الجوية والبحرية الأمريكية بإعطاء أولوية مطلقة لتدمير بحرية الحرس الثوري الإيراني في الخليج؛ لما يتمتع به من خفة حركة عالية وقوة نيران ضخمة وسرعة مناورة وسهولة إخفاء، إلى جانب الاستخدام الحاشد في عملياته الهجومية التي أشبه بالغارات البحرية المفاجئة، والتي يصعب على القطع البحرية الأمريكية الضخمة المتواجدة في الخليج مجاراتها، خاصة بعد أن تسلح الحرس الثوري بلنشات صواريخ صينية حديثة C-14 وزوارق داورية سريعة، وزيادة أعدادهما إلى حوالي 150 لنش صورايخ وزوارق داورية، وهي في زيادة مستمرة نتيجة تصنيعها محليًّا بترخيص من الصين وكوريا الشمالية، مسلحة بصواريخ بحر/بحر، وصواريخ مضادة للدبابات، وقواذف صواريخ عديمة الارتداد، ورشاشات متوسطة، بالإضافة إلى زوارق غير مطقمة بأفراد مشحونة بمواد متفجرة توجه عن بعد كأسلحة خمد (شبه انتحارية) ضد السفن الحربية المعادية كبيرة الحجم، وصواريخ أخرى ساحلية صينية الصنع C-802.B تم بها تسليح القواعد البحرية التابعة للحرس الثوري في الخليج (بندر عباس، الفارسية، حلول، سيري، لاراك)، كما دخلت الصواريخ كروز قصيرة المدى على تسليح لنشات الصواريخ الصينية الصنع.
- والحرب اللامتماثلة -بشكل عام- هو تعبير يفرق بينها وبين الحرب التقليدية المعروفة. ولها تعريفات كثيرة من حيث عدم تماثل القوتين المتحاربتين لا من حيث موازين القوة، ولا من حيث أساليب القتال ومسرح عملياتها؛ الأمر الذي يفرض على الطرف الأقل قوة أن يستخدم أسلحة تقليدية بأساليب وطرق غير تقليدية تعتمد على الاختفاء والخداع والسرعة والمباغته بالهجوم في الأوقات والأماكن التي لا يتوقعها الطرف المضاد. من ذلك على سبيل المثال استخدام الزوارق الصغيرة والانتحارية لنشر ألغام صغيرة بكميات كبيرة في ممر بحري تتحرك فيه قطع بحرية للطرف الآخر. كذلك استغلال خصائص فنية معينة في وسائل القنال، مثل السرعة والمناورة والتسلل خلسة بالزوارق الصغيرة والانتحارية؛ لتوجيه ضربات نارية قوية ضد مواطن الضعف في الطرف المضاد، خاصة سفن السطح كبيرة الحجم، كحاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ بطيئة الحركة نتيجة ثقلها، هذا إلى جانب الانتشار في المناطق ذات الطبوغرافية الصعبة (مثل الجبال والأدغال في الحرب البرية اللامتماثلة، والجزر والممرات البحرية الضيقة في الحرب البحرية اللامتماثلة). هذا بالإضافة إلى كون الحرب اللامتماثلة تتسم باستخدام الطرف الأضعف لوسائل الإعلام بشكل مكثف ومتفوق على الطرف الأقوى المضاد؛ وذلك لإدخال الرعب في نفوس الجانب المستهدف. هذا إلى جانب خاصية خاصة بالنسبة للحرس الثوري الإيراني تتمثل في البعد العقائدي الذي تم تغذية أفراده به، والقائم على الروح الثورية ومفاهيم الجهاد والاستشهاد. وفي هذا الصدد قال الجنرال على جعفري، قائد الحرس الثوري: “,”يجب على إيران أن تخطط لشن حرب غير متكافئة ضد أعدائها، تركز على استهداف جميع نقاط الضعف عند العدو، وباستخدام أقصى إمكاناتنا“,”. بما يعني توجيه هجمات حاشدة بمعظم الإمكانات المتاحة ضد هدف واحد ضخم عند العدو؛ بهدف إنزال هزيمة كبيرة به يكون لها مردود سلبي شديد في معنويات العدو، ورد فعل إيجابي يرفع من معنويات القوات والشعب الإيراني، وعلى النحو الذي حققته البحرية الأرجنتينية في حرب فوكلاند عام 1986، عندما أغرقت طرادًا بريطانيًّا بواسطة 2 لنش صورايخ.
- إلا أنه يعيب الحرب اللامتماثلة أنه في حالة تحقيق الطرف الأضعف انتصارًا ضخمًا على الطرف الأقوى في معركة محدودة الأبعاد، أن يضطر الطرف الأقوى -حفاظًا على هيبته ومعنوياته- أن يستخدم أقصى ما لديه من قوة، كرد فعل وبأقصى سرعة وعنف ضد الطرف الأضعف، وفي الأماكن المعرضة التي تكلفه كثيرًا، مثل المناطق السكنية وأهداف البنية الأساسية ومحطات القوى والسدود... إلخ، وقد يصل الأمر إلى احتلال مناطق معينة ذات أهمية خاصة عند الطرف الأضعف (مثل احتلال القوات البريطانية لجزر في الأرجنتين، وقصف العاصمة في حرب فوكلاند ردًّا على إغراق الطراد البريطاني، والقصف الجوي الإسرائيلي لمعظم المدن اللبنانية في حرب صيف 2006، ومعظم مدن ومخيمات قطاع غزه في حرب 2009).
- ولأهمية هذا الموضوع نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى دراسة عن الحرب البحرية الإيرانية غير النظامية، اشتملت على عدة أقسام:
القسم الأول: الجغرافيا العسكرية للمناطق البحرية الإيرانية ، تعرضت فيه الدراسة إلى خصائص كل من الخليج (الفارسي)، ومضيق هرمز، وخليج عمان، وبحر قزوين، ودور البحرية في حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق.
القسم الثاني: العوامل المؤثرة على المفهوم الإيراني للحرب البحرية غير النظامية ، وذلك من حيث الجغرافيا الساحلية، والقواعد البحرية ومناطق التجمع للانطلاق، وطرق الاقتراب، والإخفاء والتمويه، ونقاط الاختناق، والعوامل الجوية والهيدروجرافيكية المؤثرة في العمليات البحرية، والعوامل الاقتصادية والإنسانية والأيديولوجية.
القسم الثالث: القدرات الإيرانية والنوايا: وتشمل سفن السطح، والغواصات والطوربيدات، والصواريخ الموجهة والصواريخ الحرة، والألغام البحرية، والطيران، وكيفية تحقيق مبدأ الاعتماد على النفس، والتنظيمات والقواعد البحرية الرئيسية، والنوايا.
القسم الرابع: سيناريوهات الصراع: وتشمل قطاع شط العرب وشمال الخليج (الفارسي)، وقطاع وسط وجنوب الخليج، ومضيق هرمز، وخليج عمان وما وراءه، وبحر قزوين.
- ثم في نهاية الدراسة توجد خلاصة حول انعكاس حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق في تطوير عقيدة شاملة للحرب اللانظامية، وما استخلصته من تجارب أفادتها في تطوير قواتها البحرية تنظيمًا وتدريبًا وتسليحًا واستخدامًا، تطبقها حاليًّا في إطار المواجهة بين الحرس الثوري والقوات الأمريكية والإسرائيلية مستقبلاً.
- وتبدو أهمية هذه الدراسة بالنظر لما تشهده الساحة الإيرانية من تطورات متسارعة بالغة الخطورة، سواء داخليًّا أو خارجيًا. ففي مقابل تصعيد الثورة الشعبية التي تشنها قوى المعارضة الداخلية في إيران ضد النظام الحاكم في طهران بمناسبة الانتخابات الرئاسية القادمة، لجأ الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى تصعيد مماثل بشأن الملف النووي؛ بإعلانه أن طهران أصبحت الآن دولة نووية، وأنها نجحت في إنتاج أول شحنة من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، بل وأضاف أن بلاده قادره على إنتاج يورانيوم بنسبة أكثر من 80%، وإن كانت لن تفعل ذلك حتى لا تثير المزيد من المخاوف لدى الدول الغربية حول نوايا إيران لامتلاك سلاح نووي، مؤكدًا أن بلاده ستشهد زيادة في إنتاج الوقود النووي إلى ثلاثة أمثال ما هو عليه الآن. وهو الأمر الذي أثار غضب الدول الغربية؛ حيث أصرت على زيادة حجم العقوبات المفروضة على إيران وتنويعها؛ بما يؤثر سلبًا على إمكاناتها في استكمال الشق العسكري من برنامجها النووي؛ توطئة لمرحلة مقبلة يتم فيها تفعيل الخيار العسكري المخطط ضد إيران إذا ما أصرت على المضي قدمًا في هذا البرنامج.
ملخص إجرائي
- تلقي هذه الدراسة الضوء على نوايا إيران البحرية وقدراتها في هذا المجال، وذلك من خلال استكشاف الجغرافيا العسكرية في منطقتي الخليج الفارسي وبحر قزوين، مستعرضين التطور التاريخي لاتباع إيران نظرية الحرب اللانظامية، وتحديد حجم قوتها البحرية، وتقييم خططها في مواجهة حرب محتملة ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وتنتهي الدراسة بنظرة متمعنة للسيناريوهات المتعددة والمحتملة.
- فمنذ انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، قامت إيران بالاستثمار الجاد من أجل تطوير بحريتها (وعلى وجه الخصوص الفيلق البحري لقوات الحرس الثوري الإسلامي)، وذلك عبر توجهات غير تقليدية. وكانت أبرز التطورات في هذا الخصوص تشمل نشر بطاريات صواريخ ساحلية، ولنشات سريعة مسلحة بصواريخ مضادة للسفن، وغواصات صغيرة، وألغام بحرية حديثة، وطائرات بدون طيار (من المحتمل أن تشن هجمات انتحارية على طريقة الكاميكاز اليابانية)، هذا بالإضافة إلى نظام قيادة وسيطرة واتصالات واستخبارات متطور.
- وتنتهي هذه الدراسة ببيان أنه رغم التوجه الدفاعي العام للإستراتيجية البحرية الإيرانية في الخليج الفارسي ومضيق هرمز، إلا أن بمقدورها شن هجوم إجهاضي (استباقي) ردًّا على تهديد تعتبره هجومًا وشيك الوقوع عليها. وفي حالة قيام الولايات المتحدة بالهجوم على إيران، فإن مدى وحجم رد الفعل الإيراني سيكون متناسبًا مع حجم ومدى الدمار الذي أحدثه مثل هذا الهجوم بالممتلكات الإيرانية.
مقدمة
- حول الحرب البحرية غير النظامية، صرَّح الكوماندور مرتضى سافاري -قائد فيلق الحرس الثوري- في 8 يوليو 2008: “,”نحن موجودون في كل مكان، وفي نفس الوقت ولا في أي مكان“,”.
- ومن وجهة النظر العسكرية الإيرانية، فإن الحرب البحرية اللانظامية تستخدم كل المعدات والأسلحة المتاحة، كما تعتمد التكتيكات البحرية المرنة، وتتسلح بالروح المعنوية العالية، مستغلة الخصائص الطبيعية والجغرافية لمسرح العمليات؛ من أجل الدفاع عن المصادر الاقتصادية الحيوية للدولة وحمايتها، مكبدة العدو خسائر فادحة لا يقدر على تحملها، وفي النهاية تدمير قوات العدو المتفوقة تكنولوجيًّا.
- وبشكل أكثر تحديدًا، فإن الحرب البحرية غير النظامية تستغل نقاط الضعف والتعرض عند العدو، ومهاجمته فيها، من خلال استخدام التكتيكات الحاشدة بواسطة اللنشات الصغيرة المسلحة جيدًا، وسفن الهجوم السريعة، وبتصعيد هجمات مفاجئة ضد العدو في توقيتات وأماكن لا يتوقعها.
- إن النزاع القائم حول البرنامج النووي الإيراني، وحرب الكلام بين إيران والولايات المتحدة، قد زاد من مستوى التوتر في منطقة الخليج الفارسي الإستراتيجية، وتعتبر إيران قوة إقليمية بالنظر لكونها من أكبر الدول المصدرة للنفط، وبها ساحل طويل على الخليج الفارسي يمتد لمسافة 2400 كم.
- إن النزاع الأخير في مياه الخليج الفارسي يعيد إلى الأذهان أيام الحرب الإيرانية-العراقية في أعوام 1980-1988، عندما اشتبكت القوات البحرية الإيرانية عدة مرات مع البحرية الأمريكية. ومن ثم،؛ وبسبب الأهمية الإستراتيجية للخليج، واحتمالات وقوع صراع مسلح فيه مستقبلاً، فقد استحوذت القدرات البحرية لإيران، ونواياها، وأساليبها في الحرب البحرية اللانظامية على اهتمام كبير لدى مخططي العسكرية الأمريكية، وصناع السياسة المسئولين عن هذه المنطقة.
القسم الأول: الجغرافية العسكرية للمناطق البحرية الإيرانية
أولاً: الخليج الفارسي
- يمتد الخليج الفارسي لمسافة 990 كم طولاً، وما بين 56 إلى 338 كم عرضًا، ويغطي مساحة مائية تبلغ 240.000 كم 2 ، ومتوسط عمق المياه فيه 50 مترًا، بأقصى عمق 60-100 متر عند مدخل مضيق هرمز. وتصلح الخلجان والتجويفات الصغيرة والكثيرة المتواجدة على ساحله للاستخدام كموانئ لرسو وإيواء القوارب واللنشات الصغيرة، كما تدير إيران حوالي 17 جزيرة.
- وفي نهاية الطرف الشمالي للخليج، يلتقي نهرا دجلة والفرات ليكوِّنا الممر المائي “,”شط العرب“,”، والذي يبلغ عرضه 900 متر وعمقه 30 مترًا عند التحامه بالخليج. وطبقًا لإتفاقية الجزائر عام 1975 بين إيران والعراق، فإن (ثالويج Thalweg ) ـ هو الخط الذي يحدد أكثر الأجزاء عمقًا في هذا الممر المائي ـ يعتبر الحدود المقبولة بين البلدين، وذلك على الرغم من وجود مساحة كبيرة لم يتم ترسيمها بعد بوضوح.
- وتضم منطقة الخليج الفارسي ما بين 65ـ75% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وما بين 35ـ50% من احتياطي العالم من الغاز. ولقد حصلت دول الخليج (فيما عدا البحرين وعمان) على 276 مليار دولار من عائدات تصدير النفط.
- وتعتبر إيران أن كل قاع الخليج الفارسي يدخل في إطار مياهها الإقليمية، وفي عام 1993 أصدر البرلمان الإيراني قانونًا مدّ فيه المياه الإقليمية الإيرانية إلى 12 ميلاً، بما في ذلك المناطق حول جزرها. ولكن من حيث المبدأ فإن الولايات المتحدة لا تعترف إلا بحدود (3) ثلاثة أميال فقط، ولكن من الناحية العملية تتعدى ما يزيد عن ذلك.
ثانيًا: مضيق هرمز
- يعتبر مضيق هرمز واحدًا من أهم المجاري المائية على الأرض. يبلغ طوله حوالي 193 كم وعرضه 97 كم عند طرفه الشرقي، وعرضه 38.4 كم عند طرفه الغربي، أما متوسط عمقه فيبلغ 50 مترًا، وهو قريب من البنية التحتية الرئيسية الحيوية لإيران، بما في ذلك أكبر ميناء بحري وأيضًا أكبر قاعدة بحرية، وهي قاعدة بندر عباس، والمركز الكبير لنظام السكة الحديدية الإيرانية. ويمر عبر مضيق هرمز أكثر من 40% من تجارة النفط العالمية، والتي يصل معدلها إلى 17 مليون برميل يوميًّا تمر من خلاله. وهذا يشمل مرور أكثر من خمسين (50) ناقلة نفط يوميًّا، وجميعها واقعة تحت نظر ومراقبة وسائل الاستطلاع والمراقبة الإيرانية، بما في ذلك المتواجدة في جزيرة هرمز، التي كانت يومًا محور التجارة العالمية، والتي كانت تعتبر مثل هونج كونج في القرن السادس عشر.
- ويبلغ طول قنوات المرور الملاحي في المضيق 25 ميلاً، وممر بعرض ميلين تستخدمه السفن لدخول الخليج الفارسي. وهي منفصله بحوالي ميلين عرض عن ممر الخروج العميق الذي يبلغ عرضه أيضًا ميلين، وتستخدمه ناقلات النفط المحملة على الجانب العماني من المضيق. كما يوجد أيضًا مخطط آخر لإنشاء ممر بطول 50 ميلاً منفصلاً يقع بالكامل داخل المياه الإقليمية الإيرانية. وهذا المخطط يستهدف تنظيم المرور في حارتين يبلغ عرضهما ثلاثة أميال، يطل عليهما جزيرتا (طنب الكبرى) و(قورور). وهاتان الجزيرتان مع أربعة جزر أخرى (طنب الصغري، أبو موسي، بني فورور، وسيري)، تعتبر ذات أهمية خاصة؛ لأنها تقع قريبًا من الطريق الذي تستخدمه جميع السفن الداخلة والخارجة من الخليج.
ثالثًا: خليج عمان
- يبلغ طول خليج عمان 950 كم وعرضه 340 كم، وهو يربط الخليج الفارسي ببحر العرب والمحيط الهندي، وهو أعمق من الخليج الفارسي، حيث يبلغ أقصى عمق له 3400 متر.
رابعًا: بحر قزوين
- يعتبر بحر قزوين بمثابة أكبر بحيرة في العالم، حيث يبلغ طوله 1204 كم وعرضه 320 كم، وساحل طوله 4400 كم، منها 900 كم داخل الأراضي الإيرانية. ويغطي بحر قزوين مساحة تبلغ 400.000 كم 2 ، وعمق المياه فيه حوالي 25 مترًا في الشمال، 788 مترًا في المنتصف، 1026 مترًا في الجنوب على طول الشواطئ الإيرانية.
- ولأن بحر قزوين يحوي مخزونًا ضخمًا من النفط والغاز، وأيضًا الكافيار؛ لذلك فإن هذا البحر يتمتع بأهمية إستراتيجية متنامية، ولكن الوصول إليه عن طريق الماء يكون فقط عبر الممرات المائية فولجا -دون Volga-Don وفولجا- بلطيق Volga-Baltic .
هذا بالإضافة إلى أن عمق المياه الكبير في الجانب الإيراني يجعل عمليات استكشاف النفط والغاز صعبة؛ ولهذا فإن أي نشاط اقتصادي في هذه المنطقة يحتاج استخدام تكنولوجيات عالية واستثمارات ضخمة. وفي نفس الوقت تنوي إيران زيادة حصتها في الملاحة من أقل من 15% إلى 40%، عن طريق مضاعفة حجم أسطولها التجاري في بحر قزوين إلى 25 سفينة.
خلفية تاريخية
- لإيران ميراث بحري غني، ففي الزمن القديم أبحرت أساطيل فارسية كبيرة غربًا حتى اليونان، وشرقًا إلى الصين للاستيلاء على الأراضي أو للتجارة، وفي البحر المتوسط استخدم الفرس الأتشامينيد A Chaemonid Persians ، سفن التجسس، متنكرين باعتبارهم تجارًا أجانب، كما استخدموا السفن الحربية في تنفيذ العمليات السرية. وأيضًا هم الفرس القدامى الذين اخترعوا خلال فترة حكم زركيس Xerxes فكرة مشاه الأسطول. كما أقامت الأسر التي جاءت بعد ذلك المدن الكبرى والموانئ على الشواطئ الجنوبية من فارس؛ مما جعلها مركزًا للتجارة بين المغرب والشرق.
- وفي أعقاب فترة طويلة من الاضمحلال، ظهرت على السطح مرة ثانية تطلعات فارسية في الخليج الفارسي، وذلك خلال فترة حكم نادر شاه؛ حيث بدأ تدريجيًّا في بناء أسطول صغير استخدمه في استعادة البحرين عام 1736. وقد شجعه هذا النجاح على إنشاء بحرية ساحلية في الخليج. عندئذ قامت فارس بإرسال حملات إلى، عمان في محاولة للسيطرة على مضيق هرمز الإستراتيجي. وقد رفضت القوى الغربية أن تبيع سفنًا إلى فارس، وعلى هذا أنشأ نادر شاه صناعة بناء السفن بأيدٍ وطنية، كان من نتائجها إخضاع عمان مرة ثانية. كما قامت هذه السفن بمهمة محاربة القراصنة، إلا أن البحرية الفارسية الوليدة كانت في عمر الزهور، وبحلول عام 1743 لم يتبق من هذه البحرية شيء.
- وعبر التاريخ خاض البرتغاليون والهولنديون والبريطانيون معارك كثيرة من أجل السيطرة على موانئ الخليج الفارسي، والجزر، وطرق التجارة فيه. وقد أدى ذلك إلى اندلاع حروب كثيرة من أجل التحرير بواسطة الفرس الجنوبيين ضد المحتلين الأجانب.
- وفي الماضي القريب، وأثناء فترة حكم أسرة بلهوي، دخلت إيران في توسعات بحرية كبيرة عن طريق شراء أعداد كبيرة من السفن الحربية والطائرات والهليوكبتر والسفن (هوفركرافت) والغواصات، وذلك خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات (وإن كانت بعض هذه المعدات لم يتم تسليحها نتيجة قيام حكم الثورة الإسلامية).
كما أرسلت إيران أيضًا آلافًا من طلبة البحرية إلى الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية لتلقي التدريب هناك. وقد نتج عن عملية البناء السريع للبحرية الإيرانية مشاكل مختلفة، بما في ذلك اضطرار إيران إلى الاعتماد على الدعم الأجنبي، وعدم الكفاءة التنظيمية، ومشاكل في تشغيل المعدات الحديثة، ونقص الاستعداد للقيام بعمليات قتال على نطاق واسع، إلى جانب الاعتماد المكثف على نظريات القتال والمفاهيم العسكرية الغربية التقليدية غير الملائمة للبيئة المحلية في منطقة الخليج.
الثورة والحرب العراقية ـ الإيرانية
- أحدثت الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979 تغيرات كبيرة في المجال السياسي الإيراني، والتي جاء معها تطبيق نظام أمني جديد صارم، وتشكيل فيلق الحرس الثوري الإسلامي، الذي يعرف أيضًا باسم (سباه Sepah ) أو (بازدران Pasdaran ). وقد اعتمد الحرس الثوري الإيراني على تطبيق التكتيكات غير التقليدية في عملياته القتالية، والتقيد بالقيم الشيعية الثورية، خاصة تجنيد شامل للأيديولوجيين الملتزمين، ونشر عقيدة الجهاد وثقافة الإستشهاد بشكل مستمر؛ وبذلك صارت إيران في وقت قصير الراعي الرئيسي والمناصر لمفهوم إيران عن الحروب البحرية اللانظامية.
- ولقد كان لحرب إيران مع العراق (التي دامت ثماني سنوات) أبعاد بحرية من البداية، استخدم فيها العراق لنشات الصواريخ والطوربيدات للهجوم على السفن الإيرانية التجارية، وتلغيم موانئ إيران الشمالية المطلة على الخليج. إلا أن القوة البحرية العراقية تلقت ضربة في نوفمبر 1980 عندما شنت البحرية الإيرانية، تدعمها القوات الجوية الإيرانية، عملية جوية بحرية مشتركة أغرقت فيها ودمرت عددًا من السفن البحرية العراقية. ومع ذلك استمرت هجمات الصواريخ العراقية من قواعدها الثابتة على الساحل ضد عمليات التدخل الإيرانية في الميناء التجاري الإيراني الوحيد في ذلك الوقت، وهو بندر شهبور، وضد منشآت صناعة النفط الإيرانية. وفي أواخر عام 1983 بدأ العراق في استلام أنظمة تسليح جديدة، ومع بداية عام 1984 صعّد العراق من هجماته البحرية.
- وقد بدأ الدور البحري لفيلق الحرس الثوري في البروز في اثناء هجمات إيران البرمائية عام 1984 على جنوب العراق، عندما كثف استخدامه للزوارق واللنشات التي تلائم العمل في منطقة المستنقعات المتواجدة في هذه المنطقة لنقل القوات والإمدادات. وبعد ذلك في سبتمبر 1985 أنشأ الحرس الثوري الإيراني “,”قوة بحرية الحرس الثوري الإيراني ( IRGCN ) كسلاح مستقل بجانب سلاح البحرية النظامية في القوات المسلحة الإيرانية. وسرعان ما لعبت بحرية الحرس الثوري الإسلامي الإيراني دورًا مهمًّا في العمليات أثناء الاستيلاء على جزيرة (الفاو) العراقية في فبراير 1986، حين عبرت ضفادع متطوعي الباسيج Basij الممر المائي لشط العرب، وأنشأت رأس جسر لأول موجة هجومية إيرانية ضد المدافعين العراقيين في هذه الجزيرة الذين لم يتوقعوا هذا الهجوم.
- وفقط بعد سبتمبر 1986 اشتركت بحرية فيلق الحرس الثوري الإيراني في عمليات قتالية في الخليج الفارسي، ففي ذلك الشهر استطاعت بحرية فيلق الحرس الثوري الإيراني الاستيلاء لفترة قصيرة على نهاية خط أنابيب نقل النفط المهجور والموجود خارج الشواطئ العراقية، وكان يستخدم كموقع استخباراتي متقدم لجمع المعلومات عند مدخل خور عبد الله لشط العرب، وحاول الحرس الثوري الإيراني إنشاء تواجد مستمر له في هذا الموقع. وقد أدت هذه العملية البحرية الناجحة إلى زيادة ثقة بحرية الحرس الثوري في نفسه وقدرته على المبادأة بشن عمليات بحرية كاسحة وطموحة ضد بحرية الولايات المتحدة فيما بعد. ولقد استثمرت إيران مبالغ ضخمة لبناء قدرات برية متطورة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني.
- وفي أعقاب سلسلة هجمات كبيرة فاشلة شنتها إيران على العراق في عام 1986 وأوائل عام 1987، كثفت بغداد حملتها الهجومية ضد منشآت النفط الإيرانية، لا سيما ضد ناقلات النفط التي تحمل النفط الإيراني، وعقب ذلك مباشرة بدأت إيران في استخدام تكتيكات الصاعقة البحرية، فيما أطلق عليه آنذاك حرب الناقلات.
- وفي البداية، كانت إيران ينقصها الوسائل المناسبة للرد على الهجمات العراقية المكثفة. وكانت المحاولات الأولية للجيش النظامي الإيراني ضد الدول العربية التي تُصدِّر نفط العراق نيابة عنه (مثل ناقلات النفط الكويتية والسعودية التي تقوم بتصدير النفط نيابة عن العراق)، كانت هذه المحاولات حذرة. فقد أثبتت الأسلحة التي استخدمتها إيران، مثل الصواريخ الجوية مافريك، AS-12 ، وصواريخ السفن البحرية Sea-Killer ، ونيران المدافع البحرية، أثبتت بدرجة كبيرة أنها غير مؤثرة، وأن منصات إطلاقها من السهل تدميرها بهجمات مضادة بالنظر لتعرضها.
- ونتيجة للفشل الكبير الذي صادف ردود الفعل الإيرانية، مع زيادة تدخل البحرية الأجنبية في المنطقة، خصصت إيران المهمة إلى بحرية الحرس الثوري الإيراني بأن يطور وينفذ عمليات بحرية تعتمد على تكتيكات حرب كوماندوز (الصاعقة البحرية) غير تقليدية، باستخدام لنشات سريعة، استخدمتها إيران لأول مرة بعد أن حصلت عليها إما عن طريق المصادرة من المهربين الكويتيين أو اشترتها من الخارج. وفي بداية 1987 استخدم فيلق الحرس الثوري الإيراني تكتيكات أكثر عدوانية باستخدام زوارق صغيرة FIACS ، أتبعها بوقت قصير هجمات صواريخ HY-2 من جزيرة الفاو العراقية التي كانت تحتلها إيران.
- ومع ذلك فقد كانت القدرات الأولية لبحرية الحرس الثوري محدودة بالنظر للنقص في المعدات المناسبة إلى جانب عدم كفاية التدريب اللازم لشن عمليات مؤثرة، خاصة في ظل أحوال جوية معاكسة. وعندما شنت إيران إحدى هجماتها الرئيسية ضد حقول نفط المملكة السعودية في الخافجي، والتي تعتبر أكبر حقل نفط ساحلي في العالم، وكان ذلك في 3 أكتوبر 1987، جنح أسطول الحرس الثوري الإيراني في مياه البحر الهائجة، وبعد أن ضل اللنش القائد طريقه في البحر. وكان هذا الهجوم بمثابة رد على مقتل عدد من الحجاج الإيرانيين على أيدي قوات الأمن السعودية في يوليو من نفس العام، وأيضًا كرد انتقامي على قيام البحرية الأمريكية بإغراق كاسحة الألغام الإيرانية (آجر AJr ) في سبتمبر 1987. وجدير بالذكر أن العرض الكبير الذي قامت به القوات الجوية والبحرية السعودية آنذاك، ساهم أيضًا في إفشال الخطط الإيرانية الموضوعة. وفي نفس الوقت، تسللت إلى الأراضي السعودية مجموعة صغيرة من الزوارق الإيرانية المخصصة للقيام بعمليات كوماندوز دون أن تكتشف، وكانت على وشك نسف عدد من خطوط نقل النفط الرئيسية، ولكن صدرت لها الأوامر من طهران بالعودة دون تنفيذ المهمة.
- وعلى الرغم من هذه النكسات الأولية، سرعان ما زادت بحرية الحرس الثوري من هجماتها الدقيقة ضد ناقلات النفط التي تحمل النفط السعودي والكويتي من 37 غارة أثناء السنة الأولى من حرب الناقلات إلى أكثر من 96 غارة في عام 1987، وكانت العمليات البحرية تغطي بالتدريج على فشل العمليات البرية الإيرانية.
- وكان استبدال العلم الكويتي بالعلم الأمريكي على ناقلات النفط، وما تلا ذلك من حادثة Bridgeton في 24 يوليو 1987 (عندما اصطدمت أول سفينة ترفع العلم الأمريكي في القافلة بلغم إيراني أحدث بها تلفيات جسيمة)، كان هذا الحادث نقطة تحول في المواجهة بين بحرية الحرس الثوري والبحرية الأمريكية في الخليج الفارسي، وتصعيد كبير في الصراع الذي كان يجري بوتيرة منخفضة مع “,”الشيطان الأكبر“,”.
وفي واقع الأمر كانت بحرية الحرس الثوري تسعى وراء تصعيدات أخرى في الخليج طبقًا لتعليمات صدرت لها “,”من آية الله روح الله الخوميني“,”، زعيم الثورة الإيرانية، ولكن لأسباب لا تزال غامضة لم يقوموا بهذا التصعيد. وعلى أية حال فإنهم كانوا حتى هذه المرحلة قد استنفذوا تقريبًا جميع قدراتهم ومصادرهم، وفي المرحلة الأخيرة من الحرب زاد نجاح القوات الجوية الأمريكية وأيضًا العراقية في اكتشاف أوضاع بحرية الحرس الثوري وتدمير لنشاتها وزوارقها مبكرًا في هجمات إجهاضية.
- وكانت هجمات رد الفعل الإيراني البحرية خلال فترة حرب الناقلات تخطط وتنسق ويتم السيطرة عليها مركزيًّا من طهران. فقد تركزت هجمات بحرية الحرس الثوري بشكل عام ضد ناقلات النفط الضخمة أكثر من الهجوم ضد السفن الحربية المسلحة جيدًا، كما كانت بصفة عامة أكثر نجاحًا في هجومها ضد الأهداف الثابتة أكثر منه عند مهاجمة الأهداف البحرية المتحركة، ومثال ذلك هجومها بصواريخ Seersucker ضد المنشآت النفطية الكويتية والناقلات الراسية.
- لم تؤثر عمليات الرد التي قامت بها بحرية الحرس الثوري كثيرًا على تصدير النفط العراقي، والذي كان يجري بواسطة سفن أخرى في الخليج، كما كان أثر هذه الردود الإيرانية أيضًا ضعيفًا في حرب الناقلات، إلا أن الردود البحرية الإيرانية أدت إلى تصعيد المواجهة مع القوى الغربية؛ مما أدى إلى معركة بحرية كبيرة، وقعت في 18 إبريل 1988، أطلقت عليها البحرية الأمريكية اسم “,”عملية صلاة فرس النبي Operation Praying Mantis “,”. وخلال هذه المعركة تم إغراق وتدمير ثلاثة سفن حربية إيرانية، وأسقطت في المقابل هليوكبتر أمريكية. وباستثناء هذا الاشتباك كانت البحرية النظامية الإيرانية رافضة للتعاون مع بحرية الحرس الثوري الإيراني، أو القيام معه بعمليات مشتركة. وبدلاً من ذلك اهتمت أساسًا بالقيام بعمليات استطلاع وتفتيش بحري.
- وفي أوائل 1987، تم تشكيل قيادة مشتركة تضم البحرية النظامية الإيرانية، وبحرية الحرس الثوري في قاعدة بندر عباس البحرية؛ وذلك في محاولة لوضع أنشطة بحرية الحرس الثوري تحت سيطرة السلاح البحري النظامي الإيراني والحد من دوره في المناطق الساحلية. ولكن قيادة بحرية الحرس الثوري، والتي لها تطلعات كثيرة، لم تتعاون، وقررت الاستمرار في شن عملياتها المستقلة. وقد وصل الأمر إلى حد أن وزارة الدفاع الإيرانية رفضت -من حيث المبدأ- تقديم أول دفعة من الألغام الإيرانية إلى بحرية الحرس الثوري، ومع ذلك أثبتت أرصدة العمليات التي قام بها السلاح البحري النظامي أنها غير مناسبة لنوع عمليات القتال غير النظامية، التي كانت الزعامة الإيرانية في طهران ترغب في تنفيذها، مع تصاعد الصراع المسلح في الخليج.
- وبنهاية الحرب اقتنعت القيادة السياسية الإيرانية بقدرة قوة بحرية الحرس الثوري على الدفاع عن خطوط الملاحة الإيرانية، والسيطرة على خطوط المواصلات البحرية، وأيضًا بالقدرة على عبور الخليج الفارسي، ونقل المعركة إلى أرض العدو على الساحل الغربي من الخليج إذا تطلب الأمر ذلك. وكنتيجة للدورس التي أسفرت عنها الحرب، حددت إيران الاحتياجات الآتية لدعم قوتها البحرية:
1. تزويد منصات إطلاق مختلفة -ثابتة ومتحركة- بأعداد ضخمة من الصواريخ المضادة للسفن.
2. امتلاك أعداد كبيرة من لنشات صغيرة وسريعة، مسلحة بصواريخ حرة وموجهة ذات قوة نيران ضخمة.
3. التزود بأعداد أكبر من سفن زرع الألغام.
4. تعزيز الإمكانيات على إدارة حرب تحت سطح الماء بواسطة غواصات ذات قدرات متنوعة، ومعدات استشعار.
5. التزود أكثر بأعداد من المنصات الصعب اكتشافها، مثل الغواصات الصغيرة الموجهة عن بعد والطائرات بدون طيار.
6. الحاجة إلى تدريبات متخصصة أكثر.
7. الحاجة إلى حيازة معدات عالية التقنية، بتعديل ما هو موجود، أو بتطوير معدات جديدة تناسب تنفيذ مهام محددة.
8. تحقيق اتصالات أفضل، وتنسيق أوثق بين الوحدات البحرية المقاتلة.
9. الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة وموقوته عن العدو ونواياه.
10. تعزيز القدرة على إعاقة وقطع قدرات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات عند العدو، وخداعه.
11. أهمية الحرص على إحراز المبادأة في شن العمليات البحرية والاحتفاظ بها، مع تجنب الاشتباكات بالمواجهة مع السفن الحربية الأمريكية الكبيرة.
12. تطوير وسائل لتقليص حجم التعرض بصواريخ العدو الجوية المضادة للسفن، حتى بالنسبة لوحدات البحرية الصغيرة.
القسم الثاني: العوامل المؤثرة على المفهوم الإيراني للحرب البحرية غير النظامية
- توجد عدة عوامل من المحتمل أن تؤثر على التخطيط المستقبلي للعمليات البحرية غير التقليدية الإيرانية في الخليج الفارسي.
أولاً: الجغرافيا الساحلية
- يتمتع مقاتلو البحرية غير التقليدية الإيرانية بعدد من المزايا الجغرافية تشمل:
1) قرب المناطق التي تصلح لتجميع القوات التي ستنطلق منها العمليات للانقضاض على الأهداف البحرية والساحلية المعادية المخطط مهاجمتها، وهو ما يعني تقليل الأزمنة اللازمة لنقل القوات الإيرانية المهاجمة، وعدم إعطاء العدو الوقت المناسب للاستعداد لرد الفعل، حتى في حالة اكتشافها مبكرًا.
2) عمق وكثافة شبكة الطرق الساحلية، والتي تدعم اختيارات إيران التكتيكية ومرونتها.
3) وإلى حد ما مياه الخليج المحصورة التي تحد من حرية مناورة وحدات العدو البحرية، والتي قد تمكن إيران من ضرب أهداف معادية على الطرف البعيد من الخليج على ساحله الغربي بالصواريخ الساحلية بعيدة المدى.
ثانيًا: القواعد، ومناطق التجمع للانطلاق، وطرق الاقتراب
- لكي تسير العمليات البحرية المخططة بنجاح، يحتاج مقاتلو البحرية غير التقليديون والوحدات اللوجيستية (الإمداد والتموين) إلى توافر قواعد تمركز آمنة، ومناطق حشد وتجمع وطرق اقتراب آمنة من وإلى مناطق عملياتهم. ويوجد أكثر من عشرة موانئ كبيرة، وستون مرفأ صغيرًا على طول الخط الساحلي الجنوبي لإيران، بالإضافة إلى الكثير من القرى والمدن العاملة في مجال الإبحار والصيد المنتشرة على الخط الساحلي، وجميعها توفر أماكن إخفاء جيدة لجماعات وسفن القتال البحرية الصغيرة. ويوجد لبحرية الحرس الثوري أماكن انطلاق كثيرة لعملياته البحرية المخططة في هذه المناطق، كما نظمت تواجد متطوعي الباسيج بين السكان المحليين لتنفيذ عمليات الدعم والمساعدة المطلوبة.
- ويمكن إنزال لنشات وزوارق الحرس الثوري السريعة خلسة، على سبيل المثال من على ظهر شاحنة مسطحة مغطاة، وذلك تحت جنح الليل خلال ذروة المد في مياه الخليج بدون تجهيزات خاصة مسبقة، وهو ما يقلل من احتمالية قطع الطريق عليها، وهي في طريقها إلى أهدافها، وبالتالي تأمين عنصر المفاجأة المهم في مثل هذه العمليات البحرية اللانظامية.
ثالثًا: الإخفاء والتمويه
- يسعى مقاتلو البحرية غير التقليديين إلى تجنب اكتشافهم بواسطة العدو؛ وذلك حتى يشنوا هجماتهم في المكان والزمان المختارين مستخدمين في ذلك وسائل متنوعة من الإخفاء والتمويه وطرق الخداع. وتاريخيًّا اعتمدت إستراتيجية الحشد على أخذ الاحتياطيات العالية للمكان المخصص لحشده، وجميع القوات لتسهيل المفاجأه، وزيادة القدرة على إنزال ضربات موجعة ضد العدو، وبعد ذلك منع العدو من مطاردة المهاجمين بعد قطع وسائل اتصالاته.
- وتسيطر على الخط الساحلي الطويل لإيران سلسلة جبال يصل ارتفاعها إلى 2000 متر، وتستمر كذلك على طول السواحل الشمالية للخليج. بالإضافة لذلك، فإن شبكة جزر الخليج والخلجان الصغيرة والكهوف والبنية الأساسية الساحلية (عوامات إرشاد السفن، والمواقع المختفية على الساحل، والملاجئ، ونقاط المراقبة الساحلية) تعتبر وسائل وأدوات مثالية لشن ودعم عمليات دوريات الاستطلاع المتواصلة، وعمليات التلغيم الدقيقة، وإطلاق غلالات الصواريخ، وشن الهجمات الاكتساحية.
- ويعتبر عنصر المفاجأة ذا أهمية خاصة في الحرب البحرية غير التقليدية، ومناسبة على وجه الخصوص في المياه القريبة من الساحل بسبب صغر المسافات الفاصلة عن العدو، ولأن الاشتباكات البحرية التي تقع من مسافات قصيرة تقلل من بعض المزايا التقنية التي تتمتع وتتفوق بها قطع بحرية كبيرة، مثل المتواجدة في البحرية الأمريكية. ولذلك فمن المحتمل أن تستغل إيران طبيعة تضاريسها التي تساعد على الإخفاء، بالإضافة لإجراءات التمويه والخداع لشن عملياتها البحرية غير النظامية (يشمل ذلك استخدام منصات أو أسلحة ذات تقنية وملامح ذات مستوى منخفض يصعب ملاحظة طابعها القتالي) لتحقيق المفاجأة.
- إن المرور اليومي لأكثر من 3000 سفينة محلية، ومئات من ناقلات النفط وسفن البضائع عبر الخليج الفارسي ومضيق هرمز يجعل مهمة التمييز بين العدو والصديق صعبة للغاية بالنسبة للقوات البحرية التقليدية التي تمارس عملياتها هناك، وعلى وجه الخصوص عندما تستخدم قوات غير تقليدية (كوماندوز بحرية) سفنًا ولنشات وزوارق محلية للاقتراب من الأهداف ومهاجمتها؛ ومن ثم فإن أي خطأ ينتج عنه دمار جماعي وخسائر في أرواح مدنيين بالتأكيد سيعود بالفائدة على إيران.
ثالثًا: نقاط الاختناق
- تتواجد معظم المناطق ذات المياه العميقة في الخليج الفارسي داخل المياه الإقليمية الإيرانية. أما المياه الضحلة المتواجدة في أطراف الخليج الجنوبية، فإنها مفروشه بالعديد من جزر الشعاب المرجانية الصغيرة، ومداخل حقول النفط، ومنصات الضخ، ومتاريس تحت الماء، وكل ذلك يعوق الملاحة ويجبر السفن على المرور في مجري المياه العميقة المحددة بالقرب من الجزر الإيرانية وسواحلها.
- وتستغل إيران هذه الميزة عندما لا تستطيع إجراء عمليات بحرية مكشوفة، وذلك بتلغيم نقاط الاختناق وحارات المياه العميقة التي تبحر فيها السفن. وعلى الرغم من الضوضاء التي تحدثها عمليات تلغيم المياه، فإن مقاومة هذا التكتيك تعتبر صعبة طالما زرعت الألغام في أماكنها؛ ذلك أن عملية إزالة الألغام تستهلك كثيرًا من الوقت، وتعتبر مكلفة، ويمكن إعاقتها بأعمال عدائية تالية. فخلال اشتباكات الفترة من 1987 إلى 1988 حاولت قوارب زرع الألغام الإيرانية الصغيرة، طراز عاشوراء، الهروب دون أن يلاحظها أحد في معظم الأوقات؛ وفي أثناء عملية زرع 12 لغمًا في طريق السفينة Bredgton ، كانت لنشات بحرية الحرس الثوري المتمركزة في جزيرة فارس على مرأى بصر سفن حراسة البحرية الأمريكية.
- كما يمكن زرع الألغام باستخدام أي نوع من البواخر، بما في ذلك القوارب المدنية مثل Lenjes (كلمة فارسية لقارب “,”الدهو Dhow “,” الشراعي المستخدم في بلدان الخليج) وسفن نقل البضائع، أو سفن الإنزال. وقد ظهر ذلك بوضوح في حادثة Iran Ajs عام 1987، وهي سفينة إنزال بحري إيرانية استخدمت لزرع ألغام، وتم الإمساك بها في ساحل البحرين مساء يوم 20 سبتمبر 1987 بواسطة عملية خاصة قامت بها هليكوبترات أمريكية، وتم مهاجمتها والإمساك بها بعد ذلك. ويمكن تكرار مثل هذه العمليات بواسطة بحرية الحرس الثوري كلما اقتضت الضرورة إحباط جهود العدو لمنع زرع الألغام الإيرانية في مياه الخليج.
- وتكتيك آخر مفضل للحرب البحرية غير النظامية، وهو عمل كمائن للقوافل التجارية والسفن الحربية التي تعبر الممرات البحرية المعروفة. ففي هذه الأماكن قد تتشكل مجموعات من الزوارق السريعة تبحر من خلجان ساحلية صغيرة وتجويفات وموانئ وجزر، أو من أدوات صناعية مثل عوامات الإرشاد. ولكن توجد عوامل مختلفة يمكن أن تؤثر على عمليات الزوارق الصغيرة.. مثل تيارات المياه وسرعة الرياح (التي تؤثر على الملاحة) وأحوال الطقس والرؤية (والتي تعوق الملاحة وتستطيع أيضًا حجب القوارب الصغيرة عن أهدافها وفريستها). كما تؤثر درجة الحرارة والرطوبة (وذلك على درجة تحمل الطاقم وأداء الأنظمة الإلكترونية). كما تؤثر درجة ملوحة الماء على فترة البقاء في الماء. وكذلك تؤثر معدلات المد (على المياه الضحلة ومياه حارات مرور السفن). ومما لا شك فيه أن الإيرانيين قضوا سنوات في مواجهة هذه العوامل، واكتسبوا خبرات عملياتية عديدة، سيحاولون الاستفادة بها لاستخدامها لصالح عملياتهم البحرية. ومن المحتمل أيضًا أن تعتمد القوات البحرية الإيرانية على أساليب الكمائن والهجمات المفاجئة، وذلك انطلاقًا من مناطق التجمع الساحلية أو القريبة من الشاطئ أو من حارات البحر المزدحمة، بالإضافة لأساليب الهجمات الكاسحة لتقييد حرية العدو في المناورة داخل المناطق المحصورة جغرافيًّا. وتستهدف أيضًا تكتيكات الهجمات الكاسحة التي تستخدمها قوات البحرية الإيرانية غير التقليدية إلى إعاقة قدرة العدو على تركيز النيران، ومنعه من شن هجمات متناسقة من الأمام والأجناب ومختلف الجهات. ويتضمن ذلك أيضًا من جانب اللنشات الإيرانية الصغيرة القيام بمناورات حلزونية متناسقة، وهو ما يسمى بتشكيلات حدوة الحصان أثناء الاقتراب من أهدافهم المعادية ومحاصرتها ثم تدميرها (وقد استخدم قراصنة الخليج الفارسي هذه التكتيكات لعدة قرون).
رابعًا: العوامل الجوية والهيدروجرافيكية (المائية)
- يعتبر صيف الخليج من مايو إلى أكتوبر شديد الحرارة ورطبًا (تصل درجة الحرارة إلى 52 درجة مئوية ونسبة الرطوبة إلى 90% في مناطق معينة)؛ مما يجعل عمل اللنشات والزوارق الصغيرة أثناء النهار صعبًا؛ ونتيجة لذلك قامت إيران بتجهيز الكثير من اللنشات والزوارق الصغيرة والسريعة، (وأيضًا جميع السفن الأكبر من ذلك) بأنظمة تكييف للهواء. كما تعوق الرطوبة العالية بشكل خطير أداء الرادارات، وعلى وجه الخصوص أنواع الرادارات المجهز بها قطع البحرية الصغيرة، مثل اللنشات الإيرانية السريعة. أما العمل في فصل الشتاء فهو جيد على الرغم من أن الجزء الأول منه غالبًا ما يكون مصحوبًا بأمطار غزيرة، والتي عادة ما تسبب فيضانات في مجاري الأنهار الساحلية، وما يعقب ذلك من آثار مدمرة للمناطق الساحلية.
- وتلعب أحوال الطقس والبحر دورًا رئيسيًّا في العمليات البحرية، ومن المتوقع أن يقوم السكان المحليون في جنوب إيران، الذين يكونون جزءًا كبيرًا من مقاتلي بحرية الحرس الثوري ومتطوعي الباسيج Basij البحرية بأداء أفضل من أداء القوات الأجنبية في هذه المنطقة ذات الأحوال الجوية القاسية (بالنظر لتعود الإيرانيين في هذه المناطق على أحوالها الجوية). ويؤثر الطقس السيئ تأثيرًا سلبيًّا على إلكترونيات السفن الحربية الحديثة العاملة في هذه المنطقة. وأخيرًا فإن الطقس الرطب والساخن وهبوب العواصف الرملية من وقت لآخر يقلل من إمكانية الرؤية بدرجة كبيرة.
- وفي خلال فترات من الربيع وشهور الصيف وأجزاء من فصل الخريف، تصبح عمليات الزوارق واللنشات خطيرة بسبب العواصف الموسمية. وهذه الدورات الجوية الموسمية تؤثر سلبًا على تخطيط وتوقيت العمليات البحرية للزوارق السريعة.
- كما تتأثر الاعتبارات الزمنية بالضرورة بالعوامل الهيدروجرافية (المائية) في مسرح العمليات. فعلى سبيل المثال، يسود في أحد المناطق بشمال الخليج الفارسي تيار بحري يدور عكس عقارب الساعة، ويلتقي مع أربع تيارات بحرية أخرى صغيرة. وقد بدأت العمليات البحرية الإيرانية الماضية في شمال الخليج من هذه المنطقة، ويحتمل أيضًا أن تشن العمليات البحرية الإيرانية المستقبلية من هذه المنطقة أيضًا.
- وتهب أنواع مختلفة من الرياح في الخليج الفارسي تؤثر على جوهر شكل الأمواج السطحية، وهي: الرياح الموسمية غير الضارة، والتي تهب من الشمال الشرقي في اتجاه الجنوب الغربي، وعواصف الشتاء العاتية التي تهب من وقت لآخر (تسمى رياح “,”بورا“,” التي تهب من هرمز)، والرياح الإقليمية عادة ما تكون بمحاذاة الساحل، وتشمل الرياح المتربة التي تأتي من الغرب أو الجنوب الغربي (وتكون في أقصى مداها من أول يونيو وحتى منتصف يوليو)، والرياح التي تهب من الجنوب الشرقي وتزيد نسبة الرطوبة والضباب وإرتفاع الأمواج في أواخر الصيف. وتستمر الرياح كذلك في تغيير اتجاهاتها؛ مما يجعل التنبؤ بأحوال الجو صعبًا. ومع كل هذا مجتمعًا فإن الرياح تستطيع أن تؤثر سلبًا على عمليات السفن الصغيرة والأعمال تحت الماء في منطقة شمال الخليج. علاوة على ذلك فإن ضباب الصباح الباكر والملوحة والغبار يؤثرون سلبًا على الرؤية وأعمال المراقبة، خاصة في الفترة من شهر مايو حتى شهر أغسطس، حيث تقل الرؤية بين 2-6 ميل، وفي بعض الأحيان تقل إلى نصف ميل.
خامسًا: العوامل الاقتصادية
- مع ارتفاع أسعار النفط إلى معدلات قياسية، انتشرت مصانع الإنتاج الرئيسية البعيدة عن الشاطئ أو التي على الشاطئ حول المنطقة، الأمر الذي جعلها هدفًا سهلاً وثمينًا للمقاتلين البحريين غير التقليديين. ويتطلب الدفاع عن هذه المنشآت جهودًا كبيرة،؛ ولهذا فإنها (أي المتواجدة في الساحل الغربي للخليج بدول الخليج العربية) تشكل أهدافًا إضافية مغرية للقوات الإيرانية. وفي حالة حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، فسيكون أيضًا لدى إيران خيار استخدام الخلايا النائمة للإرهابيين التابعين لها داخل دول الخليج العربية الجنوبية؛ لتدمير منشآت النفط والغاز هناك. هذا بالإضافة إلى أن إيران تعتمد اعتمادًا كبيرًا على ما تنتجه محليًّا من معدات، وأسلحة، وذخائر ووقود.. وإمدادات أخرى؛ وبالتالي سيكون لديها القدرة على خوض حرب بحرية غير تقليدية لفترة طويلة من الزمن.
- ولدى إيران عدة خطط طوارئ لتقليل والحد من اعتمادها على الجازولين المستورد منذ عام 2009. وحتى لو نجحت في ذلك فسوف تظل إيران تعتمد على مضيق هرمز كممر رئيسي لتصدير كل نفطها. لذلك فإن هناك احتمالية كبيرة في ألا تحاول إيران إيقاف جميع طرق الملاحة في المضيق في حالة نشوب سيناريو صراع مسلح محدود.
سادسًا: العوامل الإنسانية والأيديولوجية
- من الأمور المثيرة للجدل، أن العامل الإنساني يلعب دورًا هامًا، إن لم يكن دورًا حيويًّا، في الحرب اللانظامية، وخاصة عندما يكون المقاتلون مدفوعين بالحماس الوطني أو الديني. ولقد استغلت الجمهورية الإسلامية ظاهرة الكراهية التاريخية المتواجدة في نفوس الإيرانيين الذين يعيشون على طول شاطئ إيران الجنوبي، الذين تحملوا عذاب فترات الاحتلال الأجنبي الطويلة، وقد ساعد على تنمية هذا الشعور الحرب الطويلة والمريرة التي جرت بين إيران والعراق.
- لذلك تضع قوات الحرس الثوري العقيدة الدينية في صلب وقلب المفهوم الإيراني للحروب اللانظامية، ويعتمد هذا المفهوم على ثلاثة مكونات: الحصانة السياسية والدينية والإيمان بعقيدة ولاية الفقيه (عقيدة الحكم الديني الذي يشكل ركيزة نظام الحكم الديني “,”الثيوقراطي“,”)، وإشعال الحافز على القتال، وتقبل المحن ومصاعب القتال والتكيف معها، وثقافة الجهاد والاستشهاد. ويعتبر القرآن (الكريم) أن المقاتل المسلم الذي يتحلى بصفات الإيمان وتعقل الأمور والصبر، مؤهلاً للتفوق على عشرة أضعاف خصمه.
- وفي حقيقة الأمر تسعى الزعامة الإيرانية إلى شحن عقول مقاتليها بعقيدة تفوقهم الروحي على عدوهم المرتقب، وهي وجهة نظر ثبت فاعليتها في المواجهة التي جرت في الماضي القريب مع القوات البريطانية في شمال الخليج الفارسي (في شط العرب). ولهذا اختارت قيادة فيلق الحرس الثوري الإيراني التركيز على الأبعاد الروحية في الاستعداد للحرب اللانظامية. ولهذه الغاية قاموا بنشر برنامج يستهدف تعميق الحماس الثوري والديني في صفوف فيلق الحرس الثوري باعتباره مركز جذب الشباب المتحمس دينيًّا. وهذا البرنامج جزء من جهود عريضة لتأسيس المفهوم العلوي (الشيعي) القتالي (النابع من المثل الواقعي للإمام علي بن أبي طالب “,”رضي الله عنه“,”، باعتباره رجل الحرب والدولة)، وهو ابن عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته، ويعتقد من يسعون لنشر هذا المفهوم أنه سيضمن النجاح في أرض المعركة، لتركيزه على الواجب (التكليف) أكثر من الهدف العسكري أو غاية الدولة.
- وقد يخلق هذا المفهوم في حد ذاته مشكلة، حيث يجعل المقاتلين الاستشهاديين ينزعون بإفراط للاستجابة العاطفية بإلقاء أنفسهم في أتون المهالك طمعًا في الاستشهاد، وعدم مراعاة واجبات أمنهم الشخصي الذي تكفله قوانين خدمة الميدان العسكرية في الدول الأخرى. فعلى سبيل المثال، وفي مناسبات عديدة خلال الحرب العراقيةـ الإيرانية، ردّت وحدات اللانشات الصغيرة التابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني على الهجمات الناجحة للولايات المتحدة، بالانقضاض على أية أهداف حتى وإن كانت غير مهمة، أو التي ليس لها دفاعات طالما استطاعوا الوصول إليها، ونتج عن ذلك خسائر محدودة أو لا خسائر في جانب قوات العدو.
- ولقد شهدت السنوات الماضية اضمحلالاً تدريجيًّا في الالتزام الإسلامي في فيلق الحرس الثوري الإيراني؛ مما أثار القلق داخل القيادات الإيرانية، الأمر الذي دفع قيادة الحرس الثوري لتعيين 4000 مرشد ديني في وحداته. وفي مايو 2008 اجتمع قادة بحرية الحرس الثوري في مدينة مشهد ليناقشوا -ضمن مسائل أخرى- طرق تصحيح هذه المشكلة، وتقوية العقيدة الدينية، والحذر السياسي، وأيضًا الاستعداد لتنفيذ مهام الحرب البحرية اللانظامية.
- وفي مفهوم إيران للحرب اللانظامية يعتبر التفوق الأيديولوجي -أو الروحي- لمجتمع المؤمنين على جانب كبير من الأهمية مثل أي عنصر آخر. ومن هنا تبرز أهمية ارتباط الحرب اللانظامية بعقيدة الحرب في المذهب العلوي، والعقيدة العاشورائية (وتشير الأخيرة إلى استشهاد الإمام الحسين بن علي، ابن الإمام سيدنا علي رضي الله عنه وحفيد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أثناء معركة كربلاء في العاشر من محرم عام 680 ميلادية). كما توجد سمة أخرى تربط هاتان العقيدتان بالحرب اللانظامية، هي تكريس الاهتمام الخاص بالحرب النفسية الهجومية، والعوامل اللامادية في الحرب. ونتيجة لذلك تم الاتفاق على تشكيل “,”وحدة رد الفعل الثقافي السريع“,” للرد على ومواجهة التهديدات التي تتعرض لها قيم إيران الثورية الإسلامية، وهو ما يثبت الأهمية التي توليها طهران للربط بين تحقيق التفوق العسكري والتفوق المعنوي على أعدائها.
- ويعرف المفكرون الإيرانيون العسكريون الحرب العلوية باعتبارها “,”حربًا دفاعية مبنية على القيم الدينية والقومية، تستخدم المقاتلين المستعدين نفسيًّا للقتال حتى الموت، والذين يتمتعون بالقدرة المعنوية للمثابرة الحربية“,”. وكما وصفنا آنفًا، فإن هذا المفهوم، المستوحى أصلاً من المذهب الشيعي، والذي غالبًا ما يستخدم مرتبطًا بـ“,”حرب عاشوراء“,”، يختلف عن الحرب اللانظامية إلى الدرجة التي تعطي أولوية لـ“,”القضية والسبب“,” على حساب “,”الهدف“,”. وبمعنى آخر، بالنسبة لقوة عسكرية تتبع هذا المفهوم، فإن مجرد أداء القتال حتى نهايته، بما في ذلك الاستشهاد، يعتبر الغاية والنهاية في حد ذاتها، أما الناتج العسكري للحرب فيعتبر ذا أهمية ثانوية. وقد أدمجت بحرية الحرس الثوري الإيراني هذا المفهوم في خططها العملياتية بالخليج الفارسي وخليج عمان، وذلك بإعطاء قوات متطوعي الباسيج الملتزمة أيديولجيًّا دورًا بارزًا في خوض هجمات اكتساحية جريئة.
- وتعتقد قيادة فيلق الحرس الثوري أن سلاح إيران المخيف لأعدائها والأجرأ يتمثل في ثقافتها الاستشهادية. ولهذا هدَّد مؤخرًا علي فادافي، القائم بأعمال قائد بحرية الحرس الثوري الإيراني بشن مهام انتحارية في مضيق هرمز باستخدام صغار الباسيج. كما كشف أيضًا عن خطط لضم الباسيج في عمليات قوة بحرية الحرس الثوري، بما في ذلك برنامج للتدريب المهني يؤدي إلى تواجد عنصر باسيج في كل وحدة عاملة في بحرية الحرس الثوري، بما في ذلك وحدات سفن السطح والكوماندوز، لأداء مهام انتحارية.
القسم الثالث: القدرات الإيرانية والنوايا
- قال ضابط في فيلق الحرس الثوري الإيراني لم يكشف عن اسمه: “,”تؤدي الوسائل غير التقليدية إلى نهايات غير تقليدية“,”.
- تتكون قوات الحرب البحرية الإيرانية غير التقليدية من ستة عناصر: سفن السطح، الغواصات الصغيرة والتقليدية، الصواريخ الموجهة والحرة، الألغام البحرية، الطيران، والصناعة العسكرية.
أولاً: سفن السطح
- على الرغم من أن مدفعية إيران الساحلية طويلة المدى، والصواريخ المضادة للسفن، التي لها قواعد على الساحل، بإمكانها أن توفر بعض الحماية للمنطقة على أجزاء كبيرة من الخليج؛ فإن البحرية الإيرانية في حاجة إلى سفن السطح لتوفير حماية فعلية للخليج. ولهذه الغاية قامت إيران بصناعة أو شراء عدد من اللنشات والزوارق الهجومية السريعة صغيرة ومتوسطة الحجم، وذلك خلال العقد الماضي؛ من أجل الاستعداد لشن عمليات بحرية في الخليج الفارسي وخليج عمان. ويستخدم كل من سلاح البحرية النظامي وبحرية الحرس الثوري هذه اللنشات والزوارق في عملياتهم البحرية.
- ورغم أن سفن السطح الأكثر شيوعًا في ترسانة بحرية الحرس الثوري من نوع الفايبر جلاس ( Fiberglass )، وهي زوارق بمحركات يطلق عليها (عاشوراء)، المسلحة بمدفع رشاش ثقيل ثنائي الماسورة، وقاذف صواريخ حرة ( MRL ) ذي عدة أدلة، أو لغم واحد، فإنها تستخدم أيضًا عدة زوارق أخرى صغيرة تشتريها أو تصنعها إيران محليًّا. من هذه الزوارق طراز (طارق)، وهي قوارب بوجامر ( Boghammer ) السويدية السريعة، وزوارق طراز (ذو الفقار) و(زولجانة) أو (باهمان) التي تقوم بمهام الداورية، ومسلحة بطوربيدات وقواذف صواريخ حرة، كما يمكن استخدامها أيضًا في مهام زرع الألغام سرًّا في حارات الملاحة بالخليج الفارسي.
وتستخدم أيضًا زوارق (ذو الفقار)، و(أزارخاش) سريعة الهجوم (وهي نسخة من الطراز الصيني Cat يتم بناءها في إيران، وهي مسلحة بـ16 أنبوب صواريخ حرة 122 مم طراز HM-23 من نوع MRL ويبلغ مداها 20 كم) أو مسلحة بصواريخ موجهة مضادة للسفن طراز Kosar . كما تستخدم بحرية الحرس الثوري أيضًا لنشات صورايخ موجهة بالرادار عن بعد كشراك خداعية لجذب نيران السفن المعادية وكشف مواقعها، أو بتحميلها بمتفجرات وتوجيهها عن بعد لتشتيت ومهاجمة دفاعات العدو الساحلية وسفنه الحربية.
- أما اللنشات الأحدث في بحرية الحرس الثوري الإيراني فقد ضمت الطراز الكوري الشمالي IPS-16 ، ولنش الطوربيد الأكبر قليلاً طراز IPS-18 ، والتي تتسم بملامح رؤية منخفضة، وكلاهما مسلح بـ2 طوربيد موجه قطر 324 مم باحث عن الأهداف، بينما يسلح اللنش الأول بصاروخين من نوع كوسار (رغم أن ذلك يزيد من إمكانية اكتشافهم راداريًّا بالنظر لكبر حجم البصمة التي يعكسها اللنش على شاشة الرادار). وكلا اللنشين كانا نشيطين خلال المناورات البحرية الإيرانية الأخيرة، وتفيد التقارير أن إيران تقوم بتشغيل عدد قليل من سفن هجومية حصلت عليها من كوريا الشمالية طراز Taedong-B ، Teadong-c في عمليات خاصة ضد الغواصات المعادية، تسلمتها في عام 2002. وعلى الأقل تم استخدام أحد هذه اللنشات
( Taedong-B ) مؤخرًا في المناورات الحربية. وكلا الطرازين من المعتقد أنهما مسلحان بطوربيدات خفيفة الوزن عيار 324 مم ذات مدى قصير ( 6- 10كم).
- وتزود العشرة (10) لنشات سريعة الهجوم، طراز توندار (نسخة من لنشات كوريا الشمالية Houdong )، بحرية الحرس الثوري فقط بقدرتها التقليدية (مقارنة بأسطول السلاح البحري النظامي التقليدي الذي يمتلك أعدادًا من القراويطات Corvettes العملياتية، ونصف دستة من لنشات الصواريخ).
وبتعديل هذه اللنشات بحيث تكون حمولتها حوالي 250 طنًّا وبسرعة قصوى 35 عقدة، وبتسليح كل منها بـ 2 صاروخ بحري C-802 ذي قاذفين، فإن اللنشات سريعة الهجوم صارت تعاني من خلل حاد عند مقارنتها بسفن السطح الأكبر حجمًا. فعلى سبيل المثال أصبحت لا يمكنها إصابة الأهداف التي على مدى بعيد؛ نظرًا لمحدودية أجهزة الاستشعار المزودة بها، وهذا يعني أنها في كثير من الحالات تكون مسلحة بصواريخ لا يمكنها إلا إصابة الأهداف التي تراها فقط، وهو ما يقلل كثيرًا من فعاليتها. وفي المعارك الساحلية، من المحتمل أن تطلق اللنشات الصغيرة المسلحة بالصواريخ نيرانًا غير متكافئة، وعلى هذا فإن الأمل في بقائها ضئيل.
ثانيًا: الغواصات والطوربيدات
- تتمركز الثلاث غواصات الإيرانية طراز (877 EKM كيلو) الروسية الأصل في بندر عباس، مع معظم أسطول إيران من الغواصات المكون من أربعة (4) غواصات صغيرة. اثنتان من الغواصات (كيلو) جاهزة للعمليات في أي وقت، وفي مناسبات كثيرة تنتشر في المصب الشرقي لمضيق هرمز، وخليج عمان وبحر العرب. ومن المحتمل أن تعمل الغواصة (غدير) الصغيرة التي تزن 200 طن والمصنوعة محليًّا (ومسلحة بـ 2 طوربيد عيار 533 مم)، وأيضًا الغواصة (ناهانج-1) الساحلية، وكلتاهما تتبع بحرية الحرس الثوري، بجانب تبعية الغواصات (كيلو) للسلاح البحري النظامي، تعمل جميعًا في مسرح الخليج الفارسي بشكل رئيسي.
- وربما يكون الغرض الرئيسي من استخدام هذه الغواصات هو زرع الألغام، والقيام بعمليات خاصة، وعمليات هجومية ضد الملاحة في الخليج؛ مما يدل على اهتمام إيران المتزايد في تطوير قدراتها البحرية العاملة تحت سطح الماء. وبالإضافة لذلك تملك بحرية الحرس الثوري شبكة واسعة من كاميرات الفيديو ذات الرؤية الليلية والنهارية طويلة المدى، منتشره في أماكن عديدة على طول الساحل الجنوبي لاكتشاف أي تسللات سرية معادية إلى الساحل الإيراني، وللحصول على بيانات استطلاعية للأهداف التي سيتم ضربها (مسافات واتجاهات هذه الأهداف) وتبليغها إلى الغواصات بوسائل الاتصال المستخدمة تحت الماء، والتي تم تطويرها بواسطة الصناعات الإلكترونية الإيرانية.
- وعلى عكس الهواء، فإن الماء يعتبر وسط معاديًا للضوضاء ويتخلص منها بسهولة فائقة، وفي نفس الوقت تسمح للصوت بالانتقال إلى مسافات بعيدة جدًّا، ولدى البحرية الأمريكية وسائل متنوعة تحت تصرفها لاكتشاف الغواصات تحت الماء، ولكن في المياه الساحلية الضحلة فإن مستوى كثافة الضوضاء تقلل من أداء أجهزة السونار (المخصصة لاكتشاف الغواصات تحت الماء بواسطة الموجات الصوتية التي تنعكس إليها)، مما يجعل مهمة اكتشاف، وتحديد أماكن، وتمييز الغواصات صعبًا جدًّا.
- وفي نفس الوقت قد تسهل أحوال الطقس، والحرارة، ودرجة الملوحة، اكتشاف الغواصات في مناطق معينة. ذلك أن الملوحة الزائدة عن الحد تؤثر إيجابيًّا على إرسال الموجات الصوتية، فكلما زادت ملوحة الماء زادت سرعة انتقال موجات الصوت من خلالها. لذلك فإن الرطوبة العالية مع الملوحة عند الاقتراب من الخليج قد يسهل لسفن السطح المزودة بأجهزة سونار سلبية اكتشاف أي غواصة. وعلى أية حال، فإن الغواصات الإيرانية التي يلزم لها العودة في الحال إلى قواعدها بعد كل اشتباك تخوضه لإعادة التزود بالذخائر والوقود وإجراء عمليات الصيانة، يكون عامل الوقت مقلقًا جدًّا بالنسبة لها قبل أن تصل إلى قواعدها، وهذه الحقيقة ستكون حاسمة في مسألة بقاء هذه الغواصات إذا ما دخلت في مواجهة مع السفن الحربية الأمريكية.
- وفي مكان آخر، عند الطرف الجنوبي من بحر قزوين، قد يواجه الإيرانيون مشاكل في تشغيل غواصاتهم الصغيرة الساحلية. ذلك أن عمق المياه هناك يصل إلى أكثر من 3000 قدم؛ ومن ثم على الإيرانيين أن يصمموا أبدانًا للغواصات يمكنها تحمل هذه الأحوال.
- كما تقوم إيران أيضًا بإجراء تجارب على ما يطلق عليه (الغواصات المبللة Wet Submarins )، والتي تحتاج إلى مستوى عال من التدريب والحماس للأطقم التي تعمل عليها. وأحد هذه الأمثلة غواصة التجارب (سابحات-15/ Sabehat-15 ) المزودة بمركبة ذات مقعدين، صممها مركز أصفهان للأبحاث تحت الماء. فرغم أنه تم اختبارها بواسطة سلاح البحرية النظامي الإيراني، وأيضًا من المحتمل بحرية الحرس الثوري، فليس من المعروف عما إذا كانت هذه الغواصة قد تم تزويدها بجهاز تحديد المكان الكوني GPS من عدمه، وهل دخلت الخدمة أم لا. وليس فقط بإمكان مثل هذه الغواصات الصغيرة أن تعمل من سفن كبيرة تعتبر الأم بالنسبة لها، ولكن أيضًا بإمكانها أن تثبَّت في أعمدة جسم لنشات طراز (ناهانج) ( Nahang )، عند شن العمليات التي تتطلب مدى عمل بعيد. كما أن لدى إيران طوربيدات بشرية حصلت عليها من كوريا الشمالية ودخلت الخدمة فعلاً.
- وقد تم تجهيز السفن التجارية أو سفن الصيد التي تبدو عليها البراءة من الاستخدام العسكري، بفتحات أسفر خط الماء لإنزال الغواصات الصغيرة وإنقاذها، ومثل هذه الاستعدادات تعتبر مثالية للعمليات الإستراتيجية ذات المدى البعيد في خليج عمان وبحر العرب، وهي مشابهة للعمليات التي قامت بها البحرية الإيطالية في البحر المتوسط أثناء الحرب العالمية الثانية.
- وفي السنوات الأخيرة، أجرت إيران توسعات كبيرة في قدرات طوربيداتها، وتفيد التقارير أنها قامت بافتتاح خط إنتاج لما لا يقل عن نوعين من الطوربيدات 533 مم، 324 مم الباحثة عن أهدافها ذاتيًّا. أما الطوربيدات الإيرانية طرازات TT-4 ، 53-KE ، ويمكن أيضًا TEST-71 ، فهي ذات مدى حتى 20 كم. وتدعي إيران أنها قامت بتصميم طوربيدات مخصصة لاستهداف الغواصات وسفن السطح المعادية في ممر هزمز، وقيل إنها دخلت الخدمة في كل من السلاح البحري النظامي وبحرية الحرس الثوري. كما أفادت التقارير أنه في الخدمة أيضًا الصاروخ الطوربيدي ذو السرعة العالية Hoot (نسخة من الصاروخ الروسي شاكفال Shkval )، وتبلغ سرعته 360 كم/ساعة أو 100 متر/ثانية. إن امتلاك إيران لهذا النظام الصاروخي الروسي الأصل واستخدامه من جانبها بكفاءة، قد يحدث تحولاً كبيرًا في أصول اللعبة البحرية في الخليج، على الرغم من أن ادعاءات إيران بامتلاك هذا النظام ليست مؤكدة بعد، كما أن سلامة هذ النظام ذي الأصل الروسي، ومدى الاعتماد عليه، وقدراته، لا تزال مثار جدل.
ثالثًا: الصورايخ الموجهة والصواريخ الحرة
- كانت بحرية الحرس الثوري الإيراني، التي قامت بهجمات اجتياحية أثناء الحرب العراقية-الإيرانية، معرضة للاكتشاف المبكر والاعتراض الجوي وهي في طريقها إلى أهدافها، وذلك رغم أن ما تكبدته من خسائر لم تردع إيران عن الاستمرار في شن هجمات صاروخية وهجمات إضافية باللنشات السريعة. هذا بالإضافة إلى أن حرب لبنان عام 2006 أظهرت للإيرانيين إمكانية إحراز نصر عسكري ضد عدو يتمتع بسيادة جوية (مثل إسرائيل).
- ورغم ذلك فإن بحرية الحرس الثوري الإيراني تأمل أن تقلل في عملياتها البحرية المقبلة نسبة هذا التعرض، وكذلك تقليل خسائرها عندما تتعرض لهجمات العدو الجوية، وذلك عن طريق نشر أعداد كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى، التي يحملها الجنود على أكتفاهم ـ مثل الصاروخ ميثاق 1، 2/ Misagh أرض/جو، والمستخدم على نطاق واسع (تنتجه إيران بموجب ترخيص من الصين للنسخة الصينية QW-1 و QW-m1 )، وأقصى مدى له خمسة (5) كم، كذلك الصواريخ المضادة للهليوكبترات والألغام والصواريخ الساحلية من طراز بانتسير Pantzir ، تورـ م Tor-M- ، YZ-3 الشهاب الثاقب ( FM-80 ) أرض/جو ذو الأصل الروسي.
- وتزهو بحرية الحرس الثوري بترسانة صواريخها المضادة للسفن والتي تدعو للإعجاب. فقد أجرت تعديلات كثيرة في أنظمة التوجيه والسيطرة على الصاروخ الصيني طراز سيلكورم HY-2 Silkwarm المتحرك الذي يطلق من الساحل، والذي كان يشكل لفترة طويلة العمود الفقري لقوة الصواريخ الإيرانية المضادة للسفن بأقصى مدى 85-100 كم. كما قامت إيران أيضًا بتصنيع نسخة معدلة من الصاروخ HY-2 و SSN-4 Red (الرعد Thunder ) الإستراتيجي، وقد تم اختبار الصاروخ رعد لأول مرة في المناورات البحرية بأوائل عام 2007، وهو مصمم للتحليق على ارتفاع أقل من سابقه، الطراز Seer Sucker (C-201) HY-2G ، كما أنه قادر على القيام بمناورات مراوغة خلال المرحلة الأخيرة من تحليقه. وقد ثبت أن هذا الصاروخ، المزود بأجهزة توجيه إيجابية وسلبية، وإجراءات مضادة للإعاقة الإلكترونية المضادة ( ECCMs )، ورأس حربية زنتها 500 كجم، ثبت أنه صاروخ قاتل بالنسبة للسفن الكبيرة.
- ويأتي في خط التصنيع والإنتاج التالي الصاروخ الطواف Cruise المضاد للسفن (طراز نور Noor )، وينتج بموجب ترخيص إنتاج للنموذج الصيني الأصلي C-802 ، المزود برأس حربية زنتها 155 كجم، ومزود بإمكانيات مضادة للإعاقة الإلكترونية المضادة ( ECCM )، وذو مدى أبعد، وقد يكون ببساطة نسخة من الصاروخ الصيني C-803 . ويتم نشر هذا الصاروخ بواسطة بطاريات متحركة بالمناطق الساحلية والجزر الإيرانية في الخليج، بما في ذلك جزيرة (خشم Qeshm ). ويشتمل الصاروخ (نور) على وصلة معلومات لاستقبال بيانات عن الهدف المستهدف في منتصف خط مساره لتعديل توجيهه، وذلك من رادار محمول جوًّا في هليوكبتر وطائره مروحية. وقد قام الإيرانيون بدمج الصاروخ (نور) في أسطول الهليوكبترات التابعة لبحرية الحرس الثوري طراز MI-171 .
- ويبدو أن الصواريخ (سيدجل SIdjil ، و Fl-10 ، ونصرـ1/ Nassr-1 ) والتي يتم تصنيعها محليًّا، هي نسخة من الصاروخ الصيني Jj/TL-63 المضاد للسفن، والذي له رادار توجيه إيجابي، وأقصى مدى له 35 كم.
- والمدى الأكثر تنوعًا لمرمى الصواريخ المضادة للسفن في ترسانة إيران هي سلسلة الصواريخ الصغيرة ( Kosar ). وتشمل هذه السلسلة الصاروخ الموجه بصريًّا بذاته (نظام اضرب وانسَ Fire and Forget ) (Jj/TL-10A) Kosar ، والصاروخ (C-701T) Kosar-1 ، ذات الرأس الحربية زنة 20 كجم وأقصى مدى 15 كم. وتقوم إيران أيضًا بتشغيل النموذج الموجه راداريًّا KJ/TL 108 (وربما يطلق عليه في إيران Kosar-2 ) ذو مدى 18 كم. كما يوجد أيضًا طراز موجه إلكترونيًّا EO ( Kosar-3 ) يماثل تقريبًا C-701T ، ولكن برأس حربية أكبر زنة 120 كجم ومدى أبعد يصل إلى 20 كم. وقد أفادت التقارير عن وجود طرازات محملة على مركبات من الصواريخ ( Kosar )، تم نشرها في عدد من الجزر الإيرانية بالخليج.
- وفيما يتعلق بأنظمة الصواريخ الحرة (غير الموجهة)، فإن أكثرها شيوعًا في قائمة أسلحة بحرية الحرس الثوري الإيراني هو النظام الصاروخي 107 مم المتعدد المواسير Mini MRL والمزود بعدد 10، 11، 12، 19 أنبوب صاروخي، وله مدى مؤثر حوالي 8.5 كم. وبعض أنظمة هذه الصواريخ الحرة MRL قيل إنها مزودة بجهاز توجيه لحفظ التوازن وزيادة الدقة gyro-stabilizer في البحار الهائجة. وبالإضافة لذلك فإن الطراز الأكبر للصواريخ البحرية الحرة ذات الثمانية أنابيب عيار 333 مم (فلك 2 / Falak 2 ) لها مدى 10 كم.
- وفي السنوات الأخيرة استخدمت إيران قذائف المدفعية الصاروخية المتمركزه في قواعد ساحلية (فجر Fajr ) في القيام بمهام الدعم البحري. أما الصاروخ (فجر-3) فإن الرأس الحربية له تزن 85 كجم ويبلغ مداه حوالي43 كم، بينما (فجر-5) الأكبر يتميز برأس حربية زنتها 170 كجم ومدى 70-75 كم. وتفيد التقارير أن إيران تنتج طرازًا من (فجرـ3) بإمكانه إطلاق رأس حربي ذي ذخيرة فرعية Sub Munition حتى مدى 120كم، وأيضًا صواريخ نشر الألغام في حارات الملاحة في الخليج بألغام صغيرة غير مثبتة Ummoored Mines .
رابعًا: الألغام البحرية
- عندما أدركت بحرية الحرس الثوري الأهمية الحقيقية لحرب الألغام البحرية خلال فترة حرب الناقلات، اعتبرت عمليات زرع الألغام واحدة من أهم المهام المكلفة بها في الحرب. لذلك أصبحت تملك وتنتج العديد من مختلف الألغام البحرية، بما فيها اللغم (صادف-01/ Sadaf-01 ) المثبت في الأعماق، وينفجر باللمس (واستخدم بكثافة في حرب الناقلات)، وهو نسخة من اللغم العراقي (المعرة AL.Mara ) والذي بدوره يرتكز على اللغم الروسي M-08 . والألغام التي تثبت في العمق بها منصهرات مغناطيسية وسمعية وضغطية، والألغام التي تلتصق ببدن السفن تستخدمها قوات العمليات الخاصة، كما تستخدم الألغام العائمة، وكذلك الألغام التي يتم تفجيرها عن بعد.
- إن الصعوبة في اكتشاف ألغام الأعماق تناسب المياه التي لا يقل عمقها عن 60 مترًا، بينما الألغام المثبتة تستخدم في المياه الأعمق من ذلك، ولو أن التيارات البحرية في ممر هرمز قوية بالدرجة التي يمكنها أن تحرك كل هذه الأنوع من الألغام عدا المثبتة جيدًا. إن أقصى عمق في مضيق هرمز هو 80 مترًا، وفي الخليج الفارسي يتراوح ما بين 80-100 متر، وعلى الرغم من أن معظم حارات الملاحة هناك لا يزيد عمقها عن 35 مترًا.
- ويمكن لبحرية الحرس الثوري الإيراني أن تكلف اللنشات السريعة والغواصات والسفن المدنية مجهولة الهوية، والتي يتم تشغيلها بأطقم عسكرية، أن تقوم سرًّا بتلغيم حارات الملاحة ومداخل الموانئ على الساحل الغربي للخليج، في الوقت الذي يمكن للغواصين المقاتلين التسلل بواسطة زوارق زودياك Zodiac أو الغواصات التابعة لبحرية الحرس الثوري أو السلاح البحري النظامي أو الذين يتم إنزالهم من الهليوكبترات، بتثبيت الألغام اللاصقة في سفن العدو أو المنشآت النفطية خارج الساحل.
- ويُعرف القليل عن قدرات بحرية الحرس الثوري على إزالة الألغام المعادية والقيام بإجراءات مضادة لها. فبينما لا تزال وحدات سلاح البحرية النظامية تقوم بتشغيل 4-5 هليوكبترات سيكورسكي RH-53D (تستخدم بواسطة البحرية الأمريكية في القيام بالإجراءات المضادة للألغام عن طريق الجو)، فإنه لا يوجد أدلة على وجود أية أنظمة لإزالة الألغام في قائمة وحدات وأسلحة بحرية الحرس الثوري. ومن المحتمل أن تكون قد قامت بأبحاث ذات مغزى حول هذا الموضوع، ولكن لم يعرف إلى أي مدى وصلت إليه.
خامسًا: الطيران
- تتوقع وحدات بحرية الحرس الثوري الإيراني أن تتلقى الدعم الجوي القوي من قائمة سلاح طيران الحرس الثوري الإيراني الصغيرة، والتي تتكون من 12 مقاتلة قاذفة SU-25 ، 15 مقاتلة طراز EMB-312 Tucano ، وجميعهم يقومون بمهام الهجوم الأرضي. كما تتوقع أيضًا أن تتلقى دعمًا من المقاتلات الفانتوم F-4 ، Su-24 Fencer والمسلحة بالصواريخ المضادة للسفن (نور).
- ويمكن لبحرية الحرس الثوري القيام بإغارات بواسطة الكوماندوز نهارية أو ليلية، وذلك بإقحام وحدات العمليات الخاصة البرية (ساعبرين Saaberin ) باستخدام الهليوكبترات MI-171 المزودة بمعدات رؤية ليلية من نوع IEI ، كما يستطيعون أيضًا استخدام الهليوكبترات MI-171 المسلحة بصواريخ (نور) للقيام بهجمات بعيدة المدى ضد السفن المعادية.
- وقد نشرت بحرية الحرس الثوري مؤخرًا أنواعًا عديدة من الطائرات بدون طيار والمصنوعه محليًّا. وقد بدأت إيران العمل في مجال تصنيع الطائرات بدون طيار في عام 1985، بما في ذلك نماذج بإمكانها أن تتسلح بصواريخ حرة أو قنابل لتنفيذ مهام على طريقة مهام (الكاميكاز) اليابانية. وقد تم تطوير هذه الطائرات بدون طيار لمواجهة الزيادة في التواجد البحري الأمريكي القوي في الخليج الفارسي منذ منتصف الثمانينيات وحتى نهايتها، ولكنها لم تستخدم أبدًا في الساحة البحرية (هذا رغم أن طائره بدون طيار محملة بصواريخ حره، قادرة على التسلح بحوالي 7 مقذوفات RPG-7 استخدمت في القتال ضد القوات البرية العراقية، (وكانت أول مرة تستخدم فيها على مستوى العالم الطائرات المقاتلة بدون طيار).
- إن التجارب الإيجابية التي جرت في الحرب، وأثبتت فاعلية الطائرات بدون طيار، دفعت القادة الإيرانيين إلى استثمار مبالغ كبيرة في صناعة الطائرات بدون طيار، وأصبحت إيران تنتج الآن عائلات مختلفة من هذا السلاح. ففي أكتوبر 1997 أعلنت إيران عن نجاحها في اختبار طائرة بدون طيار تقوم بمهام التسلل الاستطلاعي لا يمكن اكتشافها راداريًّا (تعمل بنظرية ستيلث Stealth ، وصنعت من مواد مركبة Composite Materials ، وذلك أثناء مناورات بحرية أجريت في شمال الخليج الفارسي، وادعت إيران أن هذه الطائرة بدون طيار بالقرب من حاملة الطائرات الأمريكية USS Nimitz ولم تكتشف.
سادسًا: الاعتماد على النفس
- تقوم بحرية الحرس الثوري بإدارة منظمة أبحاث الاعتماد على النفس المبتكرة، ولها مكاتب مختلفة تتعامل مع الهندسة البحرية، والحروب فوق وتحت الماء، والإلكترونيات، والاتصالات، والرادارات، والحرب الإلكترونية البحرية (ومنها على سبيل المثال معدات التشويش والإعاقة على الرادارات وأجهزة الاتصالات وأنظمة تحديد المواقع الكونية GPS )، هذا بالإضافة للملاحة، ومعدات السونار والأجهزة الصوتية، وتكنولوجيا الصواريخ، وعلم رسم الخرائط.
- وقد خطت قدرات القوات البحرية خطوات واسعة في مجال الاتصالات منذ عام 1986، عندما قامت بتصميم أجهزة اللاسلكي التي لم تكن لها وقاية من الماء في منتصف القتال. واليوم -على سبيل المثال- تنتج مؤسسة الصناعات الإلكترونية (شيراز) مجموعة متعددة من أجهزة الاتصالات البحرية (فوق السطح وتحت الماء)، كما تنتج أيضًا معدات الملاحة، ومعدات كشف الأصوات، بما في ذلك أجهزة HF modems (وهي جزء من معدة إلكترونية تسمح للمعلومات بالمرور من الكمبيوتر عبر أسلاك هاتفية إلى كمبيوتر آخر)، والرادارات الساحلية المتحركة، ومحطات إجراءات الدعم الإلكتروني ( ESM ). وعلى نفس المنوال يقال إن منظمة الاعتماد على النفس البحرية طورت معدات حرب إلكترونية، تستخدمها كلا الوحدات البحرية العاملة فوق السطح وتحت الماء، ومصممة لمواجهة الأنظمة الأمريكية المتواجدة في منطقة الخليج.
- والأهم من ذلك، من وجهة نظر إمكانيات بحرية الحرس الثوري، ما يقال حول قيامها بإنشاء شبكة اتصالات تعتمد على معدات (فايبر بصرية Fiber-Optics )، وأن شركة Asia Ertabat هي التي قامت ببناء هذه الشبكة، وأن هذه الشبكة تمتد على طول شاطئ الخليج الفارسي الشمالية، وذلك بهدف تأمين استمرارية الاتصالات أثناء الحرب.
سابعًا: التنظيمات والقواعد البحرية الرئيسية
- تم إنشاء بحرية الحرس الثوري الإيراني في 17 سبتمبر 1985 بقيادة حسين علائي (حاليًّا يعمل مستشارًا عسكريًّا للقائد الأعلى آية الله علي خامنئي). ويتواجد مقر مركز القيادة الرئيسي لهذه القوة البحرية في شرق طهران، وتتكون منطقة مسئولية عملياتها من أربعة مناطق فرعية، كما هو موضح بالجدول المرفق. وتتواجد لبحرية الحرس الثوري قواعد في معظم القواعد والموانئ البحرية والجزر المتواجدة على الخليج الفارسي وخليج عمان، ولكن قياداتها الجنوبية متواجدة في القاعدة البحرية (الهيد باهونار) ومحطة بندر عباس البحرية- الجوية.
جدول رقم (1) مناطق عمليات بحرية الحرس الثوري
الاسم
اسم القاعدة الرئيسي
المكان
القائد
المنطقة البحرية الأولى
القاعدة البحرية الشهيد باهونار
بندر عباس، مضيق هرمز
سردار ـ علي رضا تانجسيري
المنطقة البحرية الثانية
القاعدة البحرية الشهيد محلاتي
بوشهر، وسط الخليج الفارسي
سردارـ علي رازمجو
المنطقة البحرية الثالثة في الشمال
-
ماهشاهر، شمال الخليج الفارسي
باسدار كولونيل ـ تاجيبور رضاي
المنطقة البحرية الرابعة
-
بايولسار، على بحر قزوين
باسدار كابتن ـ سيف الله باختيار ناند
-
قاعدة الإمام على المستقلة
شاهبار ـ خليج عمان
باسدار كابتن ـ علي ناسيتكو
- وتشمل القواعد البحرية الأساسية الأخرى لإيران: قاعدة الشهيد محلاتي البحرية، ومحطة بوشهر الجوية- البحرية، وقاعدة أرفاند للاستطلاع البحري عند مصب شط العرب (طريق أرفاند)، والتي تؤمِّن الجانب الإيراني من الممر المائي، وقاعدة الإمام علي البحرية في شاباهار، وكذلك قواعد أخرى في الصالحة، يورازجان (مقر القيادة الهندسية لبحرية الحرس الثوري، وبندر تاهيري، جاسك (قاعدة الإمامات الصاروخية البحرية). هذا إلى جانب تسهيلات بحرية في الجزر: خرج، أبو موسي، طنب، فارسي، خشم، سيري، لاراك، ولافان. وترأس بحرية الحرس الثوري أيضًا أنشطة موسعة لتدريب الضباط وجنود الصف في كلية “,”جواد الآمح“,” للتكنولوجيا والعلوم البحرية في مدينة جالوس على ساحل بحر قزوين. وأخيرًا أنشأت بحرية الحرس الثوري شبكه موسعة من الأنفاق وملاجئ للصواريخ تحت الأرض في جزر الخليج الفارسي، وبما حوّل هذه الجزر إلى ما يسمى بـ“,”السفن الحربية الثابتة Static Warships “,”.
- وفي طهران أفقدت أحداث عامي 1987، 1988 المفهوم الذي كان سائدًا بأن الحماس الديني وحده بإمكانه أن يهزم التكنولوجيا المتفوقة وقوة النيران. وقد أدى هذا التحول إلى التفكير في المتطلبات المستقبلية والقدرات التكنولوجية اللازمة، على الرغم من أن الاعتماد على التكتيكات غير التقليدية بقيت دون تغيير. ولذلك، وبعد انتهاء الحرب في عام 1988 تقرر أن يجري تفاعل كبير بين كل من السلاح البحري النظامي وبحرية الحرس الثوري، وتبادل خبراتهما القتالية وبما يحقق الفائدة لكليهما. ولهذه الغاية تم تعيين قائد بحرية الحرس الثوري قائدًا للسلاح البحري النظامي؛ وذلك بهدف تسهيل وتعميق التنسيق والتعاون بين القوتين البحريتين في أرض المعركة، وحل المشاكل الناتجة عن وجود سلسلتين متوازيتين من القيادة البحرية في السلاح البحري النظامي وبحرية الحرس الثوري.
- وتفيد آخر التقارير القادمة من إيران أن بحرية الحرس الثوري في طريقها إلى التخلي عن -أو تقليص دورها بدرجة كبيرة- دورها الأمني في بحر قزوين، وإحالة هذه المسئولية إلى السلاح البحري النظامي. وبدلاً من ذلك تركز بحرية الحرس الثوري مواردها وجهودها في منطقة السواحل الجنوبية المخلخلة لإيران على الخليج الفارسي، حيث يمكنها أن تلعب دورًا محكمًا فيها، وحيث يمكن وضع الوحدات الخفيفة التابعة للسلاح البحري النظامي والمشكلة حديثًا تحت السيطرة الكاملة في مسرح عمليات بحرية الحرس الثوري، وهو الأمر الذي سعى له فيلق الحرس الثوري (بازدران) منذ الحرب العراقية - الإيرانية.
- وفي نفس الوقت، فإن السلاح البحري النظامي في طريقه إلى تجنب التكتيكات البحرية التقليدية والاتجاه نحو تطبيق تكتيكات وأساليب قتالية تتبعها بحرية الحرس الثوري، مثل العمليات البحرية تحت الماء باستخدام الغواصات الصغيرة، والعمليات الهجومية باللنشات السريعة، وحرب الألغام الهجومية. وقد أطلق قائد سلاح البحرية النظامي منذ وقت قريب على هذا التحول في العقيدة والتكنولوجية البحرية “,”عصر النهضة“,”.
- وتتوقع بحرية الحرس الثوري أنه في وقت الحرب، سيحاول الأعداء المحتملين شل وإعاقة نظام القيادة والسيطرة فيها، وللرد على ذلك قامت بإنشاء هيكل غير مركزي للقيادة يسمح بأن تسير العمليات بين المناطق والقطاعات بطريقة مستمرة. وتعتبر الوحدات القتالية الصغيرة والمستقلة والسريعة والمتحركة خفيفة الحركة، هي التي تشكل أساس البناء المتماسك لهذه الإستراتيجية الدفاعية الفسيفسائية الجديدة. وفي الساحة البحرية، سوف تخرج اللنشات الصغيرة من مواقعها وملاجئها المحصنة والمموهة جيدًا والمتواجدة على الساحل أو في الداخل، وتُحمل على مقطورات إلى نقط الإنطلاق الساحلية، وستُخصص لها مهام قتالية محددة لا تتطلب منهم أن يظلوا على اتصال بسلسلة قياداتهم الأعلى. وكل وحدة من مجموعات القتال سيخصص لها قطاع العمليات البحرية، بحيث تقوم في حالة نشوب الحرب بالهجوم على الأهداف ذات الأهمية الخاصة البحرية والساحلية، أو خطوط الملاحة المدنية التابعة لها. ومن المتوقع في ظل ظروف الحرب أن تنتقل من مركز قيادتها المتقدم، المعروف بـ القيادة العامة (نوح)، كما كان الحال أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية، إلى مركز قيادة آخر تبادلي غير مرصود من قبل الأعداء.
أسماء مراكز القيادة
التفاصيل
القيادة التكتيكية (نوح)، القيادة التكتيكية (شهاب الزمان)- في مضيق هرمز، قيادة العمليات الجوية والدفاع الجوي (نصر)
مقر قيادة أسطول الخليج الفارسي ومدرسة المعطس، ويشمل الأسطول سفينة القيادة لبحرية الحرس الثوري (ولايات)، والغواصات الصغيرة، وعدد من اللنشات المتنوعة لإطلاق الصواريخ.
القيادة التكتيكية (محرم)
مقر مجموعة اللنشات السريعة المخصصة لرد الفعل السريع من قبل بحرية الحرس الثوري، ومجموعة (سلمان) الصاروخية الساحلية، مركز (صابر) للاتصالات، لواء الصواريخ البحرية رقم 110، وعدد من لنشات الصواريخ.
القيادة التكتيكية (الإمام الحسين)
تعتبر واحدة من أكبر القواعد البحرية القتالية الصاروخية والإلكترونية التابعة لبحرية الحرس الثوري. وتشمل قاعدة (أرفاند) البحرية للاستطلاع عند مصب شط العرب، وهي تحت قيادة الكولونيل “,”أبو الجاسم أمنجاه“,”، ويتضمن الأسطول لنشات صواريخ صغيرة ولنشات مدفعية.
مقر كلية (جواد الأئمة) البحرية العلمية والتكنولوجية، تحت قيادة الكابتن (ناجي بوررضا)، ويتضمن الأسطول FACs لنشات سريعة الهجوم.
يشمل الأسطول نماذج مختلفة من لنشات الصواريخ، ومن المحتمل أيضًا غواصات صغيرة.
ثامنًا: النوايا
- قال الجنرال محمد علي جعفري، القائد العام لفيلق الحرس الثوري في 2 يوليو 2008: “,”إن حربنا هي حرب بين ديننا وبين كل ما عدانا في العالم الرأسمالي؛ ولهذا فإن هذه الحرب ليس لها حدود. إن حربنا هي حرب الإيمان والتقوى. وهذا هو ما يرسم إستراتيجيتنا“,”.
- حاولت إيران مرارًا خلال الثمانينيات أن تتجنب جر القوات الأمريكية إلى حرب مع العراق، وهو ما فسرته الولايات المتحدة باعتباره علامة على الحصافة والالتزام بضبط النفس، ويحقق قدرًا من التوازن في القوى في الخليج. وفي أي مواجهة عسكرية في المستقبل مع الولايات المتحدة، فقد تتحلى إيران مرة ثانية بضبط النفس؛ لكي تتجنب تصعيد الصراع بطريقة قد تطلق العنان لقوة الولايات المتحدة لشن حرب تتراوح ما بين متوسطة الشدة إلى حرب ذات حدة عالية، وذلك باتباع تكتيكات عاقلة، مثل زرع الألغام سرًّا وعمليات محدودة بالغواصات، وهجمات صاروخية من القواعد الساحلية المتحركة من آن لآخر. وكانت تجربة ذلك العملية التي وقعت في 18 يونيو 2008.
- واختبارًا، بإمكان إيران أن تشن هجومًا متناسقًا يشمل استخدام قوارب محملة بالمتفجرات يتم السيطرة على حركتها وتوجيهها لتنفجر في الأهداف المخصصة عن بعد بواسطة الريموت كنترول، وهجمات كاسحة بواسطة اللنشات السريعة، وهجمات بواسطة لنشات الطوربيد نصف غواصة Semi-Submersible torpedo boats واللنشات سريعة الهجوم FACs ، والطائرات بدون طيار الانتحارية، والغواصات الهجومية الصغيرة، والصواريخ الساحلية المضادة للسفن، ونيران المدفعية، بحيث يمكن تركيز قدرات جميع هذه الأسلحة والوسائل القتالية في شن هجوم منسق ضد قافلة تحرسها بحرية الولايات المتحدة، أو ضد مجموعة سفن سطح أثناء عبورها مضيق هرمز، وذلك بإطلاق غلالات من الصواريخ ذات الرءوس العنقودية بهدف إخماد وسائل نيران العدو الدفاعية وعمليات حاملات الطائرات.
- وقد كشفت مباراة حربية تدريبية (ذات جانبين) أجرتها العسكرية الأمريكية في عام 2002 أطلق عليها (التحدي الألفي) عن وجود خلل كبير في الأسطول الأمريكي ونقاط تعرض وضعف عديدة فيه إذا ما تعرضت قطع البحرية الأمريكية في الخليج لهجوم منسق جيدًا بواسطة صواريخ بالستية وكروز، مع هجمات كاسحة بواسطة لنشات الصواريخ السريعة في المياه الساحلية، مسببة “,”أسوأ هزيمة (ممثلة) بحرية منذ معركة بيرل هاربر التي وقعت أثناء الحرب العالمية الثانية“,”. ومنذ إجراء هذه المباراة الحربية، قامت المؤسسات العسكرية الغربية بدراسة مفهوم الحرب التي تديرها شبكة “,”النت المركزية“,” net-centric في البيئة البحرية، وبصفة خاصة ضد هجمات كاسحة، ويتوقع أن تساهم هذه الفكرة، والتي نبعت من التفوق المعلوماتي في ميدان المعركة، في تقليص نقاط الضعف والتعرض في البحرية الأمريكية والغربية، إذا لم تمنعها.
- ومن منطلق عقيدة الحرب البحرية اللانظامية، بدأت المؤسسة العسكرية الإيرانية برنامج إعادة تسليح وإعادة تجهيز بالمعدات خلال العقد الماضي؛ وذلك بهدف معادلة (تحييد) الوجود البحري الأمريكي في الخليج الفارسي. ويبدو أن الإيرانيين واثقون بأن دفاعاتهم المكثفة والمتعددة المستويات التي أوجدوها في الخليج، وذلك بالتوازي مع تكتيكاتهم الكاسحة، والخوف المنبعث من ثقافة الاستشهاد في نفوس العدو، سوف يردع أي هجوم ضد أراضيهم ومصالحهم.
- وتنهض السياسة الدفاعية الإيرانية على الردع، وعلى الرغم من تصريحات طهران بأن ليس لها أي أهداف للهجوم على الدول المجاورة لها؛ فإنه لا يمكن استبعاد أن تقوم إيران بشن هجمات إجهاضية ضد بحرية الولايات المتحدة وبحرية الدول العربية الخليجية، وأي قوى بحرية أخرى في المنطقة في ظل ظروف معينة. ففي الإسلام يسود الاعتقاد العام بأن الحرب لا تشن إلا لأغراض الدفاع. وطبقًا للشريعة الإسلامية، كما تعرفها قوانين خدمة الميدان التي يتبعها الحرس الثوري الإيراني، فإن “,”الجهاد الإجهاضي Preemptive Jihad “,” يمكن تقنينه دينيًّا إذا ما تم تعريفه بإعتباره عملاً دفاعيًّا. ومن هنا، فإن المبادأة بالجهاد تكون فرضًا عندما يكون ضروريًّا. بالإضافة لذلك فإن حرب عام 2006 في لبنان أظهرت مزايا الهجوم الإجهاضي. وفي هذا الشأن تعتبر عمليات حزب الله التي قام خلالها بخطف وقتل جنود إسرائيليين، قد أجهضت نوايا أمريكية وإسرائيلية لشن حرب واسعة ضد حزب الله، وتدعي إيران بشكل قاطع أن هذا الهجوم الأمريكي والإسرائيلي الذي تم إجهاضه بواسطة حزب الله، كان من المخطط تنفيذه في شهر سبتمبر أو أكتوبر 2006.
- وعلى هذا الأساس قامت بحرية الحرس الثوري بمساعدة حزب الله في بناء قدراته البحرية الوليدة من خلال إقامة تحالف عسكري حديث يحمل صدى من الماضي البعيد. فقد كلف الفرس الأخمنيد القدامى أجهزة الفينيقيين التي كانت تجوب البحار ببناء بحرية لهم؛ حتى يتمكنوا من توسيع الإمبراطورية الفارسية حتى البحر المتوسط وفيما وراء ذلك. وفي أثناء العصر الإسلامي كان بنَّاؤو السفن الفينيقيون الذين عاشوا في فينيقيا (الآن سوريا ولبنان)، هم الذين ساعدوا الحلفاء العرب في بناء بحرية لهم حاربوا بها البيزنطيين.
- إن التاريخ أعاد نفسه عندما بدأت بحرية الحرس الثوري الإيراني في مساعدة حزب الله على إنشاء وتدريب رجال ضفادعهم البشرية ووحداتهم البحرية في التسعينيات. وقد أوكلت هذه المهمة إلى رئيس العمليات البحرية في بحرية الحرس الثوري “,”عبد الله روضاكي“,”، والذي كان علامة أساسية في اختراع تكتيكات بحرية الحرس الثوري وأساليب عملياته ضد البحرية الأمريكية في الثمانينات. وطبقًا لما ذكرته إحدى الصحف الإيرانية كان مطلوبًا قتله بواسطة عملاء المخابارت الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما تم فعلاً عندما قتله رجل مسلح مجهول في مايو 2000.
- وتعتقد بحرية الحرس الثوري أن سلسلة قيادتها تمتد من خلال القائد الأعلى على خامنئي إلى الله، وعلى هذا فهي تغلف كل ما يصدر عنها من أوامر وتعليمات عسكرية بالقوة المعنوية، وبما يزرع الخوف في قلوب أعداء إيران، بجعلهم يعتقدون أن الله يقف بجانب الجمهورية الإيرانية الإسلامية. وعلى الرغم من ذلك اعترف أحد كبار قادة الحرس الثوري، مؤخرًا، بأن منظمته لا تزال معرضة للهزيمة في عصر حرب تديرها شبكة النت من كمبيوتر، وهي ثقافة الغزو الغربية ذات الأثر المدمر والخطير.
- وليس سرًّا القول بأن الهدف الأسمى لطهران ليس هو فقط طرد النفوذ الأمريكي والغربي من منطقة الخليج الفارسي فقط، ولكن طردها من كل منطقة الشرق الأوسط أيضًا. فقد طالب الرئيس الإيراني بإزالة كل القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة خارج الولايات المتحدة. أما الآن، فإن تركيز إيران الأساسي فهو على الخليج الفارسي.
- وطبقًا لما قاله ممثل آية الله خامنئي لقوات الحرس الثوري “,”لقد حان الأوان لهزيمة القوى العظمى“,”. وفي يوليو 2008، ولأول مرة يرفع الكومودور “,”سافاري“,” من قدر بحرية الحرس الثوري باعتبارها الحامية للشريان الحيوي للطاقة العالمية من خلال مضيق هرمز.
- ومنذ أواخر الثمانينيات كان الهدف الرئيسي لفيلق الحرس الثوري، هو أن تكون قدرات البحرية الإيرانية عاملاً مهمًّا لمواجهة التهديدات الأمريكية التي تم تقييمها، وذلك إما من خلال الخطب الرنانة، أو المناورات العسكرية التي يصاحبها توجه إعلامي ودعائي ضخم، أو عن طريق تحرشات فعلية، مثل اختطاف أفراد عسكريين بريطانيين، أو تحرشات بالسفن الحربية الأمريكية في الخليج. وقد زاد تكثيف هذا التوجه بواسطة المناورات العسكرية التي أجريت في نوفمبر 2006 عندما قام فيلق الحرس الثوري بإجراء تجارب على إغلاق مضيق هرمز بواسطة عمليات لنشات الصواريخ، والهجوم بالصواريخ الساحلية المضادة للسفن، ونيران المدفعية والقذائف الصاروخية بعيدة المدى.
- وقد تم التخطيط لهذه المناورات بمصاحبة دعاية، وعمليات حرب نفسية واسعة قامت بها قيادة الحرس الثوري، وكانت إلى حد بعيد بمثابة تدريب على ممارسة الحرب النفسية، ولاستعراض قدرات إيران العسكرية. وفي الواقع فإن الدمج بين التدريبات العسكرية والتدريب على الحرب النفسية، الذي قامت به أثناء هذه المناورات مكاتب إيرانية متخصصة في الدعاية والعلاقات العامة، تبرز الأهمية التي يوليها الإيرانيون للحرب النفسية باعتبارها دلالة على القوة الكامنة لإيران. وفي 6 يناير 2008 قامت ست (6) لنشات سريعة تابعة لبحرية الحرس الثوري بمناورة عدوانية حول ثلاث سفن حربية أمريكية كانت تعبر مضيق هرمز؛ وذلك في محاولة واضحة لجس رد الفعل الأمريكي وتخويف الولايات المتحدة. ولم تكن هذه هي أول حادثة تتدخل فيها إيران بمثل هذا التكتيك. فقد كانت الحرب النفسية لإيران إبان فترة الحرب العراقية-الإيرانية تشمل تثبيت أشياء مشكوك في حقيتها باعتبارها ألغامًا في طريق تحرك القوافل التي تصاحبها سفن أمريكية، مثل إطارات العربات المملوءة بالهواء، وصناديق كبيرة مطلية بألوان معينة، وقوارب بدون ملاحين. وأقرب مثال لهذا الدمج الدعائي مع العلاقات العامة كان الإعلان الذي نشرته وكالة الأنباء الإيرانية -ولم يعلن عن مصدره- عن العقيدة الجديدة للحرس الثوري التي تقول: “,”نتواجد في كل مكان ولا في مكان“,”. وقد تم تجربتها -كما يقال- أثناء آخر مرحلة في مناورات الرسول الأعظم في الخليج الفارسي ومضيق هرمز في يوليو 2008.
ويشير التقرير إلى أن بحرية الحرس الثوري قد نجحت في تنفيذ خطة نشر أكبر قوة لها خلال هذه المناورات، كما أجرت تدريبات بإطلاق ذخائر حية دون أن يلحظ ذلك أحد، وأن الرمايات الحية التي جرت تمت بواسطة عدد من الصواريخ المضادة للسفن والطوربيدات لم يسبق تنفيذها في المناورات البحرية السابقة والتي جرت في المنطقة.
- وأخيرًا فإن إيران في طريقها إلى نشر عقيدة “,”ثقافة الحرب اللانظامية“,” من خلال الحرب النفسية. وأن الدفاع عن الثقافة الثورية للجمهورية الإسلامية ضد الغزو الثقافي الغربي، كان دومًا الجوهر الرئيسي للفكر الإيراني منذ قيام الثورة الإسلامية في عام 1979. وعلى هذا فإن “,”الدفاع الثقافي“,” هو جزء حيوي من الحرب غير النظامية، وهي حرب تشمل خمسة عناصر رئيسية: إعداد نفسي للحرب، والإعداد لعمليات حرب نفسية داخل محتوى الحرب اللانظامية، والتأثير على الرأي العام المحلي والدولي، ومراقبة أنشطة الحرب النفسية للعدو، وتنفيذ عمليات نفسية هجومية على مختلف المستويات.
القسم الرابع: سيناريوهات الصراع
- يعرض هذا القسم نظرة عامة لكيفية سير الأمور في مختلف قطاعات منطقة الخليج، في حالة نشوب صراع مسلح بين إيران والولايات المتحدة.
أولاً: قطاع شط العرب وشمال الخليج الفارسي
- نتج عن عدم تحديد خطوط الحدود شمال الخليج، فإن هناك احتمالية كبيرة لوقوع مواجهة بين قوات الولايات المتحدة وبريطانيا ودول حليفة أخرى، وبين بحرية الحرس الثوري الإيراني التي قد تحاول القيام بعمليات اختطاف وأسر قوارب أخرى في المياه المتنازع عليها في شط العرب، على نمط عملية اختطاف قارب البحرية البريطانية في العام الماضي. فإذا ما أدى مثل هذا الصدام إلى وقوع خسائر مادية أو في الأرواح في الجانب الإيراني؛ فإن إيران سوف ترد بهجمات صاروخية مضادة للسفن من المواقع الساحلية المتواجدة شرق ماهشهر، كما قد تشن هجمات ضد طائرات الهليوكبتر التابعة للتحالف الغربي والعاملة في المنطقة.
- وسوف تزيد هذه الأفعال من فرص انتشار الصراع المسلح إلى القطاعات الجنوبية من الخليج ومضيق هرمز. فإذا ما أصاب رد قوى التحالف الغربي أي أهداف إستراتيجية إيرانية، مثل منشآت صناعة النفط، فسيكون رد الإيرانيين بالمثل، ويحاولون تدمير، أو على الأقل الاستيلاء مؤقتًا على نهايتي خط النفط الإستراتيجيتين العراقيتين الواقعتين على الساحل العراقي، وتقوم قوات التحالف بحراستهما، وذلك باستخدام معدات رادار وإلكتروبصرية للاستطلاع والمراقبة.
ثانيًا: وسط وجنوب الخليج الفارسي
- إن فرض حصار بحريٍّ على إيران (وهو ما اقترحه رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت أثناء محادثاته مع المسئولين الأمريكيين في واشنطن في مايو 2008)، أو توجيه ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية، قد يؤدي ذلك إلى رد إيراني يستهدف الموانئ والمنشآت البحرية وناقلات النفط ونهايات خطوط النفط، وأي منشآت إستراتيجية أخرى متواجدة على الساحل الغربي للخليج، وتابعة لدول الخليج العربية ممن تعتقد إيران أنها تشارك أو تدعم أو تسهل الأعمال العسكرية للتحالف الغربي ضدها.
- وبالإضافة لذلك فإن الممر الملاحي الضيق الذي يمر بين جزيرة فارس والمياه الجنوبية الضحلة، وهو الخط الملاحي المستخدم إلى الكويت، يعتبر مكانًا مناسبًا للتلغيم، كما أن الممر المائي الأعمق والأعرض الواقع شرق جزيرة فارس الذي لا يناسب الألغام الثابتة (على الرغم من أنه يناسب الألغام الطافية) سيكون معرضًا لهجمات الصواريخ الساحلية المتمركزة على الساحل الإيراني.
- وفي حالة نشوب الحرب، فإن القوات الإيرانية التقليدية وغير التقليدية سوف تهدد ليس فقط المنشآت العسكرية الأمريكية في البحرين وقطر وأي مكان آخر في المنطقة، ولكن ستهدد أيضًا منشآت النفط والغاز البحرينية والقطرية (وعلى وجه الخصوص مصانع النفط القطرية الساحلية التي يصلها نصيب قطر من الغاز الذي تتقاسمه مع إيران من حقل الغاز الكبير).
- إن الوحدة الضخمة العائمة Knock Nevis المستخدمة لتخزين النفط وتفريغه، والراسية بالقرب من حقل نفط آل شاهين في المياه القطرية، وكانت في السابق ناقلة النفط العملاقة Sea Wise Giant ، (كانت تعتبر أكبر سفينة في العالم)، وطاقتها الآن حمولة 564.765 طنًّا، ستكون هدفًا ثابتًا ومغريًا للصواريخ الإيرانية HY-2 وطراز (رعد).
ثالثًا: مضيق هرمز
- قدرت الولايات المتحدة في عام 1987 أن إيران بإمكانها إغلاق مضيق هرمز لمدة أقصاها 1-2 أسبوع، إلا أن قدرات إيران الحالية لمنع المرور في المضيق تتجاوز إلى حد كبير تلك القدرات التي كانت لديها في الثمانينيات. وقد أشارت إيران مؤخرًا أنه في حالة وقوع مواجهة مع الولايات المتحدة، فسوف يكون هدفها هو “,”السيطرة“,” على المضيق، وهو ما يتناقض مع “,”إغلاق المضيق“,”.
- ومن المحتمل جدًا أن تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز فقط في حالة ما إذا لم تتمكن السفن الإيرانية بطريقة أو أخرى -أو حُرمت- من استخدام هذا الممر المائي. ولهذا، فإنه حتى في حالة شن هجوم أمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، على سبيل المثال، فلا يبدو محتملاً أن تحاول إيران غلق المضيق أمام جميع السفن طالما أن شحناتها من النفط مستمرة في المرور من خلال هذا الممر المائي.
- وفضلاً عن ذلك، ستحاول إيران فرض قدر من السيطرة على المضيق؛ وذلك بمنع المرور الحر لناقلات النفط التابعة لدول تؤيد الهجوم الأمريكي ضد إيران، على الرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيدات أخرى.
رابعًا: خليج عمان وما وراء ذلك
- وفي حالة وقوع مواجهة عسكرية في الخليج الفارسي، فقد تسعى إيران إلى توسيع العمليات البحرية إلى جنوب خليج عمان وبحر العرب. وقد تكون أماكن رسو السفن أمام الساحل العماني الذي تستخدمه ناقلات النفط قبل دخولها الخليج، مكانًا مغريًا لزرع الألغام، كما كان الحال أثناء الحرب الإيرانية العراقية. ولكن لأن معظم السفن الحربية الإيرانية مخطط لها القيام بعمليات حربية في المناطق الساحلية، فسيكون من الصعب على إيران القيام بعمليات بحرية قتالية في منطقة خليج عمان وما وراءها. ومع ذلك فإن أي محاولات غزو مؤقته أو شن ضربات عرضية ضد أهداف في هذه المياه، سيكون كافيًا لإثارة المخاوف في أسواق الزيت والتأمين.
خامسًا: بحر قزوين
- يتسم قطاع حوض بحر قزوين ببيئة جغرافية مختلفة تمامًا عن القطاعات البحرية الأخرى؛ حيث تتواجد بلدان شاطئية أخرى تشارك إيران في الإشراف على بحر قزوين، خاصة روسيا التي لها وجود عسكري قوي، وفي هذه البيئة تفقد إيران ميزتها العسكرية. ورغم ذلك فإنها تحاول تعويض هذا النقص ببناء ونشر لنشاتها الصاروخية وفرقاطاتها في بحر قزوين، وذلك في أعقاب رفض روسيا منذ سنوات قليلة مضت السماح للسفن الحربية الإيرانية بالإبحار في ممراتها المائية (بناء على قراءة موسكو لمعاهدة ثنائية موقعة بين البلدين).
- وتحاول إيران أن يكون لها وجودٌ ما في هذه المنطقة حاليًّا؛ ذلك لأن نصيبها من الملاحة في بحر قزوين يقل عن 15%. كما تعتمد إيران أيضًا على روسيا في استيراد الأسلحة والتقنية النووية، والأهم من ذلك هو اعتماد إيران على التأييد السياسي الروسي لها. ومع ذلك، وبسبب الأهمية الاقتصادية للمنطقة لما تمد به من مصادر طاقة، ولأن الشكل القانوني الذي يحكم العلاقات بين دول ساحل بحر قزوين لم يحسم بعد، ومع تزايد أهمية وخطورة الدور الأمريكي المتنامي في القوقاز؛ فإن منطقة بحر قزوين ستظل نقطة الوميض القوية التي يتوقع أن تقويها بحرية الحرس الثوري الإيراني، بما تمده فيها من طرق وخطوط سكة حديد وطيران كلما احتاج الأمر ذلك.
- ولأن التهديدات التي تُطلق من منطقة بحر قزوين لا تؤثر في جوهر مهمة بحرية الحرس الثوري (بمعنى حماية إنجازات ومبادئ الثورة الإيرانية ونظامها السياسي)، تفضل بحرية الحرس الثوري تركيز مصادر قوتها في منطقة الخليج الفارسي. وقد سبق أن صرح القائد الأعلى، آية الله خامنئي، بأن آسيا الوسطى بسكانها المسلمين الكثيرين، من المتوقع أن تكون المسرح القادم لإيران للنضال ضد الولايات المتحدة وحتى روسيا، وهو يعني بهذا أن منطقة بحر قزوين ستكون في يوم من الأيام ساحة لعمليات بحرية الحرس الثوري.
الخلاصة
- لقد طورت إيران عقيدة شاملة للحرب اللانظامية، مبنية على سابق تجربتها خلال الحرب العراقية-الإيرانية، وأيضًا في ضوء الصراعات الجارية في العراق وأفغانستان ولبنان. وبفضل جهودها لتطوير قدرة عسكرية لانظامية قوية في المجال البحري؛ فقد أصبحت إيران تمسك بزمام الأمور في الخليج الفارسي، ومضيق هرمز، الذي يعتبر شريان العالم الحيوي للحصول على النفط.
- وكجزء من هذا المجهود، قامت إيران بتوسيع دور وقدرات بحرية الحرس الثوري الإيراني بشكل كبير، بما في ذلك قدراتها على تصعيد مجال وحدّة أي صراع بإظهار قوة إيران في هذه الساحة الإستراتيجية. ومن الأهمية تذكر أنه أثناء أحداث السنتين الأخيرتين من الحرب العراقية-الإيرانية 1987، 1988، كانت بحرية حرس الثوري ما زالت في دور الإنشاء، وكانت مصادرها وتجارتها محدودة أثناء مواجهتها مع البحرية الأمريكية. أما بحرية الحرس الثوري في تجسيدها الحالي فقد أصبحت ذات دوافع عالية، ومسلحة تسليحًا جيدًا، ولديها تمويل جيد؛ وبذلك أصبحت قادرة على تنفيذ عقيدتها الفريدة في الحرب البحرية اللانظامية.
- إن تطبيق إيران لهذه العقيدة في هذه المنطقة الحيوية قد يترتب عليه نتائج خطيرة لما ستتسبب فيه من قلاقل كبيرة ومثيرة. إلا أنه في نفس الوقت توجد حدود لما قد يمكن إحرازه عن طريق التكتيكات اللانظامية ضد خصم أكبر قوة بكثير مثل الولايات المتحدة، التي تتمتع بمزايا تكنولوجية واسعة، وبإمكانها استخدام تكتيكات وتقنيات مشابهة، وبحيث تتصرف أيضًا بطريقة لا يتوقعها الإيرانيون ولا غيرهم.
وعلى الرغم من ذلك فإن بحرية الحرس الثوري تتظاهر بسيادتها على الخليج الفارسي وخليج عمان. ولكن مع دخول المحادثات النووية بين إيران والمجتمع الدولي مرحلة خطيرة وغير مؤكدة الملامح، فمن المحتمل زيادة التوتر والمواجهات بين بحرية الحرس الثوري الإيراني وبحرية الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
Iran’s Asymmetric Naval Warfare
By: The Washington Institute For Near East Policy
“,” “,”
إعداد: لواء أح متقاعد/ حسام سويلم
تقديم الدراسة
- في إطار التحسب المبكر لوقوع عمليات عسكرية بين إسرائيل والولايات المتحدة من جانب وإيران من جانب آخر؛ بسبب استمرار التصعيد في الملف النووي الإيراني، بعد أن أعلنت إيران على لسان رئيس جمهوريتها، أحمدي نجاد، في احتفالات الذكرى السنوية الحادية والثلاثين، أن بلاده بدأت إنتاج وقود نووي مخصب بنسبة 20%، وأن إيران قادرة على إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة أكثر من 80%، ووعد بأن المستقبل القريب سيشهد زيادة في إنتاج إيران من الوقود النووي إلى ثلاثة أمثال ما هو عليه الآن، وهو الأمر الذي رفع من احتمالات تفعيل الخيار العسكري الأمريكي - الإسرائيلي ضد إيران إذا ما فشلت العقوبات الدولية المقترحة في إجبار إيران على التراجع عن هذا الموقف، ويتوقع المراقبون ربيع 2014 موعدًا مناسبًا لذلك.
وفي هذه الحال فإن الحرب البحرية ستكون عاملاً حاسمًا في تقرير مصير ونتيجة هذه الحرب؛ حيث ستلعب بحرية الحرس الثوري بأساليب قتالها غير التقليدية دورًا رئيسيًّا في الإستراتيجية الإيرانية لإدارة دفة هذه الحرب، وستسعى لكسر هيبة الأسطول الخامس الأمريكي في الخليج، بتركيز جهودها لتدمير وإغراق قطع بحرية رئيسية فيه -حاملة طائرات، أو مدمرة صواريخ... إلخ- وهو الأمر الذي دفع الجنرال بيتر أبوسي، قائد القيادة الوسطى الأمريكية، إلى القول بأن “,”من سيكسب الحرب البحرية سيكسب الحرب القادمة مع إيران“,”. لذلك طالب القوات الجوية والبحرية الأمريكية بإعطاء أولوية مطلقة لتدمير بحرية الحرس الثوري الإيراني في الخليج؛ لما يتمتع به من خفة حركة عالية وقوة نيران ضخمة وسرعة مناورة وسهولة إخفاء، إلى جانب الاستخدام الحاشد في عملياته الهجومية التي أشبه بالغارات البحرية المفاجئة، والتي يصعب على القطع البحرية الأمريكية الضخمة المتواجدة في الخليج مجاراتها، خاصة بعد أن تسلح الحرس الثوري بلنشات صواريخ صينية حديثة C-14 وزوارق داورية سريعة، وزيادة أعدادهما إلى حوالي 150 لنش صورايخ وزوارق داورية، وهي في زيادة مستمرة نتيجة تصنيعها محليًّا بترخيص من الصين وكوريا الشمالية، مسلحة بصواريخ بحر/بحر، وصواريخ مضادة للدبابات، وقواذف صواريخ عديمة الارتداد، ورشاشات متوسطة، بالإضافة إلى زوارق غير مطقمة بأفراد مشحونة بمواد متفجرة توجه عن بعد كأسلحة خمد (شبه انتحارية) ضد السفن الحربية المعادية كبيرة الحجم، وصواريخ أخرى ساحلية صينية الصنع C-802.B تم بها تسليح القواعد البحرية التابعة للحرس الثوري في الخليج (بندر عباس، الفارسية، حلول، سيري، لاراك)، كما دخلت الصواريخ كروز قصيرة المدى على تسليح لنشات الصواريخ الصينية الصنع.
- والحرب اللامتماثلة -بشكل عام- هو تعبير يفرق بينها وبين الحرب التقليدية المعروفة. ولها تعريفات كثيرة من حيث عدم تماثل القوتين المتحاربتين لا من حيث موازين القوة، ولا من حيث أساليب القتال ومسرح عملياتها؛ الأمر الذي يفرض على الطرف الأقل قوة أن يستخدم أسلحة تقليدية بأساليب وطرق غير تقليدية تعتمد على الاختفاء والخداع والسرعة والمباغته بالهجوم في الأوقات والأماكن التي لا يتوقعها الطرف المضاد. من ذلك على سبيل المثال استخدام الزوارق الصغيرة والانتحارية لنشر ألغام صغيرة بكميات كبيرة في ممر بحري تتحرك فيه قطع بحرية للطرف الآخر. كذلك استغلال خصائص فنية معينة في وسائل القنال، مثل السرعة والمناورة والتسلل خلسة بالزوارق الصغيرة والانتحارية؛ لتوجيه ضربات نارية قوية ضد مواطن الضعف في الطرف المضاد، خاصة سفن السطح كبيرة الحجم، كحاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ بطيئة الحركة نتيجة ثقلها، هذا إلى جانب الانتشار في المناطق ذات الطبوغرافية الصعبة (مثل الجبال والأدغال في الحرب البرية اللامتماثلة، والجزر والممرات البحرية الضيقة في الحرب البحرية اللامتماثلة). هذا بالإضافة إلى كون الحرب اللامتماثلة تتسم باستخدام الطرف الأضعف لوسائل الإعلام بشكل مكثف ومتفوق على الطرف الأقوى المضاد؛ وذلك لإدخال الرعب في نفوس الجانب المستهدف. هذا إلى جانب خاصية خاصة بالنسبة للحرس الثوري الإيراني تتمثل في البعد العقائدي الذي تم تغذية أفراده به، والقائم على الروح الثورية ومفاهيم الجهاد والاستشهاد. وفي هذا الصدد قال الجنرال على جعفري، قائد الحرس الثوري: “,”يجب على إيران أن تخطط لشن حرب غير متكافئة ضد أعدائها، تركز على استهداف جميع نقاط الضعف عند العدو، وباستخدام أقصى إمكاناتنا“,”. بما يعني توجيه هجمات حاشدة بمعظم الإمكانات المتاحة ضد هدف واحد ضخم عند العدو؛ بهدف إنزال هزيمة كبيرة به يكون لها مردود سلبي شديد في معنويات العدو، ورد فعل إيجابي يرفع من معنويات القوات والشعب الإيراني، وعلى النحو الذي حققته البحرية الأرجنتينية في حرب فوكلاند عام 1986، عندما أغرقت طرادًا بريطانيًّا بواسطة 2 لنش صورايخ.
- إلا أنه يعيب الحرب اللامتماثلة أنه في حالة تحقيق الطرف الأضعف انتصارًا ضخمًا على الطرف الأقوى في معركة محدودة الأبعاد، أن يضطر الطرف الأقوى -حفاظًا على هيبته ومعنوياته- أن يستخدم أقصى ما لديه من قوة، كرد فعل وبأقصى سرعة وعنف ضد الطرف الأضعف، وفي الأماكن المعرضة التي تكلفه كثيرًا، مثل المناطق السكنية وأهداف البنية الأساسية ومحطات القوى والسدود... إلخ، وقد يصل الأمر إلى احتلال مناطق معينة ذات أهمية خاصة عند الطرف الأضعف (مثل احتلال القوات البريطانية لجزر في الأرجنتين، وقصف العاصمة في حرب فوكلاند ردًّا على إغراق الطراد البريطاني، والقصف الجوي الإسرائيلي لمعظم المدن اللبنانية في حرب صيف 2006، ومعظم مدن ومخيمات قطاع غزه في حرب 2009).
- ولأهمية هذا الموضوع نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى دراسة عن الحرب البحرية الإيرانية غير النظامية، اشتملت على عدة أقسام:
القسم الأول: الجغرافيا العسكرية للمناطق البحرية الإيرانية ، تعرضت فيه الدراسة إلى خصائص كل من الخليج (الفارسي)، ومضيق هرمز، وخليج عمان، وبحر قزوين، ودور البحرية في حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق.
القسم الثاني: العوامل المؤثرة على المفهوم الإيراني للحرب البحرية غير النظامية ، وذلك من حيث الجغرافيا الساحلية، والقواعد البحرية ومناطق التجمع للانطلاق، وطرق الاقتراب، والإخفاء والتمويه، ونقاط الاختناق، والعوامل الجوية والهيدروجرافيكية المؤثرة في العمليات البحرية، والعوامل الاقتصادية والإنسانية والأيديولوجية.
القسم الثالث: القدرات الإيرانية والنوايا: وتشمل سفن السطح، والغواصات والطوربيدات، والصواريخ الموجهة والصواريخ الحرة، والألغام البحرية، والطيران، وكيفية تحقيق مبدأ الاعتماد على النفس، والتنظيمات والقواعد البحرية الرئيسية، والنوايا.
القسم الرابع: سيناريوهات الصراع: وتشمل قطاع شط العرب وشمال الخليج (الفارسي)، وقطاع وسط وجنوب الخليج، ومضيق هرمز، وخليج عمان وما وراءه، وبحر قزوين.
- ثم في نهاية الدراسة توجد خلاصة حول انعكاس حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق في تطوير عقيدة شاملة للحرب اللانظامية، وما استخلصته من تجارب أفادتها في تطوير قواتها البحرية تنظيمًا وتدريبًا وتسليحًا واستخدامًا، تطبقها حاليًّا في إطار المواجهة بين الحرس الثوري والقوات الأمريكية والإسرائيلية مستقبلاً.
- وتبدو أهمية هذه الدراسة بالنظر لما تشهده الساحة الإيرانية من تطورات متسارعة بالغة الخطورة، سواء داخليًّا أو خارجيًا. ففي مقابل تصعيد الثورة الشعبية التي تشنها قوى المعارضة الداخلية في إيران ضد النظام الحاكم في طهران بمناسبة الانتخابات الرئاسية القادمة، لجأ الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى تصعيد مماثل بشأن الملف النووي؛ بإعلانه أن طهران أصبحت الآن دولة نووية، وأنها نجحت في إنتاج أول شحنة من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، بل وأضاف أن بلاده قادره على إنتاج يورانيوم بنسبة أكثر من 80%، وإن كانت لن تفعل ذلك حتى لا تثير المزيد من المخاوف لدى الدول الغربية حول نوايا إيران لامتلاك سلاح نووي، مؤكدًا أن بلاده ستشهد زيادة في إنتاج الوقود النووي إلى ثلاثة أمثال ما هو عليه الآن. وهو الأمر الذي أثار غضب الدول الغربية؛ حيث أصرت على زيادة حجم العقوبات المفروضة على إيران وتنويعها؛ بما يؤثر سلبًا على إمكاناتها في استكمال الشق العسكري من برنامجها النووي؛ توطئة لمرحلة مقبلة يتم فيها تفعيل الخيار العسكري المخطط ضد إيران إذا ما أصرت على المضي قدمًا في هذا البرنامج.
ملخص إجرائي
- تلقي هذه الدراسة الضوء على نوايا إيران البحرية وقدراتها في هذا المجال، وذلك من خلال استكشاف الجغرافيا العسكرية في منطقتي الخليج الفارسي وبحر قزوين، مستعرضين التطور التاريخي لاتباع إيران نظرية الحرب اللانظامية، وتحديد حجم قوتها البحرية، وتقييم خططها في مواجهة حرب محتملة ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وتنتهي الدراسة بنظرة متمعنة للسيناريوهات المتعددة والمحتملة.
- فمنذ انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، قامت إيران بالاستثمار الجاد من أجل تطوير بحريتها (وعلى وجه الخصوص الفيلق البحري لقوات الحرس الثوري الإسلامي)، وذلك عبر توجهات غير تقليدية. وكانت أبرز التطورات في هذا الخصوص تشمل نشر بطاريات صواريخ ساحلية، ولنشات سريعة مسلحة بصواريخ مضادة للسفن، وغواصات صغيرة، وألغام بحرية حديثة، وطائرات بدون طيار (من المحتمل أن تشن هجمات انتحارية على طريقة الكاميكاز اليابانية)، هذا بالإضافة إلى نظام قيادة وسيطرة واتصالات واستخبارات متطور.
- وتنتهي هذه الدراسة ببيان أنه رغم التوجه الدفاعي العام للإستراتيجية البحرية الإيرانية في الخليج الفارسي ومضيق هرمز، إلا أن بمقدورها شن هجوم إجهاضي (استباقي) ردًّا على تهديد تعتبره هجومًا وشيك الوقوع عليها. وفي حالة قيام الولايات المتحدة بالهجوم على إيران، فإن مدى وحجم رد الفعل الإيراني سيكون متناسبًا مع حجم ومدى الدمار الذي أحدثه مثل هذا الهجوم بالممتلكات الإيرانية.
مقدمة
- حول الحرب البحرية غير النظامية، صرَّح الكوماندور مرتضى سافاري -قائد فيلق الحرس الثوري- في 8 يوليو 2008: “,”نحن موجودون في كل مكان، وفي نفس الوقت ولا في أي مكان“,”.
- ومن وجهة النظر العسكرية الإيرانية، فإن الحرب البحرية اللانظامية تستخدم كل المعدات والأسلحة المتاحة، كما تعتمد التكتيكات البحرية المرنة، وتتسلح بالروح المعنوية العالية، مستغلة الخصائص الطبيعية والجغرافية لمسرح العمليات؛ من أجل الدفاع عن المصادر الاقتصادية الحيوية للدولة وحمايتها، مكبدة العدو خسائر فادحة لا يقدر على تحملها، وفي النهاية تدمير قوات العدو المتفوقة تكنولوجيًّا.
- وبشكل أكثر تحديدًا، فإن الحرب البحرية غير النظامية تستغل نقاط الضعف والتعرض عند العدو، ومهاجمته فيها، من خلال استخدام التكتيكات الحاشدة بواسطة اللنشات الصغيرة المسلحة جيدًا، وسفن الهجوم السريعة، وبتصعيد هجمات مفاجئة ضد العدو في توقيتات وأماكن لا يتوقعها.
- إن النزاع القائم حول البرنامج النووي الإيراني، وحرب الكلام بين إيران والولايات المتحدة، قد زاد من مستوى التوتر في منطقة الخليج الفارسي الإستراتيجية، وتعتبر إيران قوة إقليمية بالنظر لكونها من أكبر الدول المصدرة للنفط، وبها ساحل طويل على الخليج الفارسي يمتد لمسافة 2400 كم.
- إن النزاع الأخير في مياه الخليج الفارسي يعيد إلى الأذهان أيام الحرب الإيرانية-العراقية في أعوام 1980-1988، عندما اشتبكت القوات البحرية الإيرانية عدة مرات مع البحرية الأمريكية. ومن ثم،؛ وبسبب الأهمية الإستراتيجية للخليج، واحتمالات وقوع صراع مسلح فيه مستقبلاً، فقد استحوذت القدرات البحرية لإيران، ونواياها، وأساليبها في الحرب البحرية اللانظامية على اهتمام كبير لدى مخططي العسكرية الأمريكية، وصناع السياسة المسئولين عن هذه المنطقة.
القسم الأول: الجغرافية العسكرية للمناطق البحرية الإيرانية
أولاً: الخليج الفارسي
- يمتد الخليج الفارسي لمسافة 990 كم طولاً، وما بين 56 إلى 338 كم عرضًا، ويغطي مساحة مائية تبلغ 240.000 كم 2 ، ومتوسط عمق المياه فيه 50 مترًا، بأقصى عمق 60-100 متر عند مدخل مضيق هرمز. وتصلح الخلجان والتجويفات الصغيرة والكثيرة المتواجدة على ساحله للاستخدام كموانئ لرسو وإيواء القوارب واللنشات الصغيرة، كما تدير إيران حوالي 17 جزيرة.
- وفي نهاية الطرف الشمالي للخليج، يلتقي نهرا دجلة والفرات ليكوِّنا الممر المائي “,”شط العرب“,”، والذي يبلغ عرضه 900 متر وعمقه 30 مترًا عند التحامه بالخليج. وطبقًا لإتفاقية الجزائر عام 1975 بين إيران والعراق، فإن (ثالويج Thalweg ) ـ هو الخط الذي يحدد أكثر الأجزاء عمقًا في هذا الممر المائي ـ يعتبر الحدود المقبولة بين البلدين، وذلك على الرغم من وجود مساحة كبيرة لم يتم ترسيمها بعد بوضوح.
- وتضم منطقة الخليج الفارسي ما بين 65ـ75% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وما بين 35ـ50% من احتياطي العالم من الغاز. ولقد حصلت دول الخليج (فيما عدا البحرين وعمان) على 276 مليار دولار من عائدات تصدير النفط.
- وتعتبر إيران أن كل قاع الخليج الفارسي يدخل في إطار مياهها الإقليمية، وفي عام 1993 أصدر البرلمان الإيراني قانونًا مدّ فيه المياه الإقليمية الإيرانية إلى 12 ميلاً، بما في ذلك المناطق حول جزرها. ولكن من حيث المبدأ فإن الولايات المتحدة لا تعترف إلا بحدود (3) ثلاثة أميال فقط، ولكن من الناحية العملية تتعدى ما يزيد عن ذلك.
ثانيًا: مضيق هرمز
- يعتبر مضيق هرمز واحدًا من أهم المجاري المائية على الأرض. يبلغ طوله حوالي 193 كم وعرضه 97 كم عند طرفه الشرقي، وعرضه 38.4 كم عند طرفه الغربي، أما متوسط عمقه فيبلغ 50 مترًا، وهو قريب من البنية التحتية الرئيسية الحيوية لإيران، بما في ذلك أكبر ميناء بحري وأيضًا أكبر قاعدة بحرية، وهي قاعدة بندر عباس، والمركز الكبير لنظام السكة الحديدية الإيرانية. ويمر عبر مضيق هرمز أكثر من 40% من تجارة النفط العالمية، والتي يصل معدلها إلى 17 مليون برميل يوميًّا تمر من خلاله. وهذا يشمل مرور أكثر من خمسين (50) ناقلة نفط يوميًّا، وجميعها واقعة تحت نظر ومراقبة وسائل الاستطلاع والمراقبة الإيرانية، بما في ذلك المتواجدة في جزيرة هرمز، التي كانت يومًا محور التجارة العالمية، والتي كانت تعتبر مثل هونج كونج في القرن السادس عشر.
- ويبلغ طول قنوات المرور الملاحي في المضيق 25 ميلاً، وممر بعرض ميلين تستخدمه السفن لدخول الخليج الفارسي. وهي منفصله بحوالي ميلين عرض عن ممر الخروج العميق الذي يبلغ عرضه أيضًا ميلين، وتستخدمه ناقلات النفط المحملة على الجانب العماني من المضيق. كما يوجد أيضًا مخطط آخر لإنشاء ممر بطول 50 ميلاً منفصلاً يقع بالكامل داخل المياه الإقليمية الإيرانية. وهذا المخطط يستهدف تنظيم المرور في حارتين يبلغ عرضهما ثلاثة أميال، يطل عليهما جزيرتا (طنب الكبرى) و(قورور). وهاتان الجزيرتان مع أربعة جزر أخرى (طنب الصغري، أبو موسي، بني فورور، وسيري)، تعتبر ذات أهمية خاصة؛ لأنها تقع قريبًا من الطريق الذي تستخدمه جميع السفن الداخلة والخارجة من الخليج.
ثالثًا: خليج عمان
- يبلغ طول خليج عمان 950 كم وعرضه 340 كم، وهو يربط الخليج الفارسي ببحر العرب والمحيط الهندي، وهو أعمق من الخليج الفارسي، حيث يبلغ أقصى عمق له 3400 متر.
رابعًا: بحر قزوين
- يعتبر بحر قزوين بمثابة أكبر بحيرة في العالم، حيث يبلغ طوله 1204 كم وعرضه 320 كم، وساحل طوله 4400 كم، منها 900 كم داخل الأراضي الإيرانية. ويغطي بحر قزوين مساحة تبلغ 400.000 كم 2 ، وعمق المياه فيه حوالي 25 مترًا في الشمال، 788 مترًا في المنتصف، 1026 مترًا في الجنوب على طول الشواطئ الإيرانية.
- ولأن بحر قزوين يحوي مخزونًا ضخمًا من النفط والغاز، وأيضًا الكافيار؛ لذلك فإن هذا البحر يتمتع بأهمية إستراتيجية متنامية، ولكن الوصول إليه عن طريق الماء يكون فقط عبر الممرات المائية فولجا -دون Volga-Don وفولجا- بلطيق Volga-Baltic .
هذا بالإضافة إلى أن عمق المياه الكبير في الجانب الإيراني يجعل عمليات استكشاف النفط والغاز صعبة؛ ولهذا فإن أي نشاط اقتصادي في هذه المنطقة يحتاج استخدام تكنولوجيات عالية واستثمارات ضخمة. وفي نفس الوقت تنوي إيران زيادة حصتها في الملاحة من أقل من 15% إلى 40%، عن طريق مضاعفة حجم أسطولها التجاري في بحر قزوين إلى 25 سفينة.
خلفية تاريخية
- لإيران ميراث بحري غني، ففي الزمن القديم أبحرت أساطيل فارسية كبيرة غربًا حتى اليونان، وشرقًا إلى الصين للاستيلاء على الأراضي أو للتجارة، وفي البحر المتوسط استخدم الفرس الأتشامينيد A Chaemonid Persians ، سفن التجسس، متنكرين باعتبارهم تجارًا أجانب، كما استخدموا السفن الحربية في تنفيذ العمليات السرية. وأيضًا هم الفرس القدامى الذين اخترعوا خلال فترة حكم زركيس Xerxes فكرة مشاه الأسطول. كما أقامت الأسر التي جاءت بعد ذلك المدن الكبرى والموانئ على الشواطئ الجنوبية من فارس؛ مما جعلها مركزًا للتجارة بين المغرب والشرق.
- وفي أعقاب فترة طويلة من الاضمحلال، ظهرت على السطح مرة ثانية تطلعات فارسية في الخليج الفارسي، وذلك خلال فترة حكم نادر شاه؛ حيث بدأ تدريجيًّا في بناء أسطول صغير استخدمه في استعادة البحرين عام 1736. وقد شجعه هذا النجاح على إنشاء بحرية ساحلية في الخليج. عندئذ قامت فارس بإرسال حملات إلى، عمان في محاولة للسيطرة على مضيق هرمز الإستراتيجي. وقد رفضت القوى الغربية أن تبيع سفنًا إلى فارس، وعلى هذا أنشأ نادر شاه صناعة بناء السفن بأيدٍ وطنية، كان من نتائجها إخضاع عمان مرة ثانية. كما قامت هذه السفن بمهمة محاربة القراصنة، إلا أن البحرية الفارسية الوليدة كانت في عمر الزهور، وبحلول عام 1743 لم يتبق من هذه البحرية شيء.
- وعبر التاريخ خاض البرتغاليون والهولنديون والبريطانيون معارك كثيرة من أجل السيطرة على موانئ الخليج الفارسي، والجزر، وطرق التجارة فيه. وقد أدى ذلك إلى اندلاع حروب كثيرة من أجل التحرير بواسطة الفرس الجنوبيين ضد المحتلين الأجانب.
- وفي الماضي القريب، وأثناء فترة حكم أسرة بلهوي، دخلت إيران في توسعات بحرية كبيرة عن طريق شراء أعداد كبيرة من السفن الحربية والطائرات والهليوكبتر والسفن (هوفركرافت) والغواصات، وذلك خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات (وإن كانت بعض هذه المعدات لم يتم تسليحها نتيجة قيام حكم الثورة الإسلامية).
كما أرسلت إيران أيضًا آلافًا من طلبة البحرية إلى الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية لتلقي التدريب هناك. وقد نتج عن عملية البناء السريع للبحرية الإيرانية مشاكل مختلفة، بما في ذلك اضطرار إيران إلى الاعتماد على الدعم الأجنبي، وعدم الكفاءة التنظيمية، ومشاكل في تشغيل المعدات الحديثة، ونقص الاستعداد للقيام بعمليات قتال على نطاق واسع، إلى جانب الاعتماد المكثف على نظريات القتال والمفاهيم العسكرية الغربية التقليدية غير الملائمة للبيئة المحلية في منطقة الخليج.
الثورة والحرب العراقية ـ الإيرانية
- أحدثت الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979 تغيرات كبيرة في المجال السياسي الإيراني، والتي جاء معها تطبيق نظام أمني جديد صارم، وتشكيل فيلق الحرس الثوري الإسلامي، الذي يعرف أيضًا باسم (سباه Sepah ) أو (بازدران Pasdaran ). وقد اعتمد الحرس الثوري الإيراني على تطبيق التكتيكات غير التقليدية في عملياته القتالية، والتقيد بالقيم الشيعية الثورية، خاصة تجنيد شامل للأيديولوجيين الملتزمين، ونشر عقيدة الجهاد وثقافة الإستشهاد بشكل مستمر؛ وبذلك صارت إيران في وقت قصير الراعي الرئيسي والمناصر لمفهوم إيران عن الحروب البحرية اللانظامية.
- ولقد كان لحرب إيران مع العراق (التي دامت ثماني سنوات) أبعاد بحرية من البداية، استخدم فيها العراق لنشات الصواريخ والطوربيدات للهجوم على السفن الإيرانية التجارية، وتلغيم موانئ إيران الشمالية المطلة على الخليج. إلا أن القوة البحرية العراقية تلقت ضربة في نوفمبر 1980 عندما شنت البحرية الإيرانية، تدعمها القوات الجوية الإيرانية، عملية جوية بحرية مشتركة أغرقت فيها ودمرت عددًا من السفن البحرية العراقية. ومع ذلك استمرت هجمات الصواريخ العراقية من قواعدها الثابتة على الساحل ضد عمليات التدخل الإيرانية في الميناء التجاري الإيراني الوحيد في ذلك الوقت، وهو بندر شهبور، وضد منشآت صناعة النفط الإيرانية. وفي أواخر عام 1983 بدأ العراق في استلام أنظمة تسليح جديدة، ومع بداية عام 1984 صعّد العراق من هجماته البحرية.
- وقد بدأ الدور البحري لفيلق الحرس الثوري في البروز في اثناء هجمات إيران البرمائية عام 1984 على جنوب العراق، عندما كثف استخدامه للزوارق واللنشات التي تلائم العمل في منطقة المستنقعات المتواجدة في هذه المنطقة لنقل القوات والإمدادات. وبعد ذلك في سبتمبر 1985 أنشأ الحرس الثوري الإيراني “,”قوة بحرية الحرس الثوري الإيراني ( IRGCN ) كسلاح مستقل بجانب سلاح البحرية النظامية في القوات المسلحة الإيرانية. وسرعان ما لعبت بحرية الحرس الثوري الإسلامي الإيراني دورًا مهمًّا في العمليات أثناء الاستيلاء على جزيرة (الفاو) العراقية في فبراير 1986، حين عبرت ضفادع متطوعي الباسيج Basij الممر المائي لشط العرب، وأنشأت رأس جسر لأول موجة هجومية إيرانية ضد المدافعين العراقيين في هذه الجزيرة الذين لم يتوقعوا هذا الهجوم.
- وفقط بعد سبتمبر 1986 اشتركت بحرية فيلق الحرس الثوري الإيراني في عمليات قتالية في الخليج الفارسي، ففي ذلك الشهر استطاعت بحرية فيلق الحرس الثوري الإيراني الاستيلاء لفترة قصيرة على نهاية خط أنابيب نقل النفط المهجور والموجود خارج الشواطئ العراقية، وكان يستخدم كموقع استخباراتي متقدم لجمع المعلومات عند مدخل خور عبد الله لشط العرب، وحاول الحرس الثوري الإيراني إنشاء تواجد مستمر له في هذا الموقع. وقد أدت هذه العملية البحرية الناجحة إلى زيادة ثقة بحرية الحرس الثوري في نفسه وقدرته على المبادأة بشن عمليات بحرية كاسحة وطموحة ضد بحرية الولايات المتحدة فيما بعد. ولقد استثمرت إيران مبالغ ضخمة لبناء قدرات برية متطورة للحرس الثوري الإسلامي الإيراني.
- وفي أعقاب سلسلة هجمات كبيرة فاشلة شنتها إيران على العراق في عام 1986 وأوائل عام 1987، كثفت بغداد حملتها الهجومية ضد منشآت النفط الإيرانية، لا سيما ضد ناقلات النفط التي تحمل النفط الإيراني، وعقب ذلك مباشرة بدأت إيران في استخدام تكتيكات الصاعقة البحرية، فيما أطلق عليه آنذاك حرب الناقلات.
- وفي البداية، كانت إيران ينقصها الوسائل المناسبة للرد على الهجمات العراقية المكثفة. وكانت المحاولات الأولية للجيش النظامي الإيراني ضد الدول العربية التي تُصدِّر نفط العراق نيابة عنه (مثل ناقلات النفط الكويتية والسعودية التي تقوم بتصدير النفط نيابة عن العراق)، كانت هذه المحاولات حذرة. فقد أثبتت الأسلحة التي استخدمتها إيران، مثل الصواريخ الجوية مافريك، AS-12 ، وصواريخ السفن البحرية Sea-Killer ، ونيران المدافع البحرية، أثبتت بدرجة كبيرة أنها غير مؤثرة، وأن منصات إطلاقها من السهل تدميرها بهجمات مضادة بالنظر لتعرضها.
- ونتيجة للفشل الكبير الذي صادف ردود الفعل الإيرانية، مع زيادة تدخل البحرية الأجنبية في المنطقة، خصصت إيران المهمة إلى بحرية الحرس الثوري الإيراني بأن يطور وينفذ عمليات بحرية تعتمد على تكتيكات حرب كوماندوز (الصاعقة البحرية) غير تقليدية، باستخدام لنشات سريعة، استخدمتها إيران لأول مرة بعد أن حصلت عليها إما عن طريق المصادرة من المهربين الكويتيين أو اشترتها من الخارج. وفي بداية 1987 استخدم فيلق الحرس الثوري الإيراني تكتيكات أكثر عدوانية باستخدام زوارق صغيرة FIACS ، أتبعها بوقت قصير هجمات صواريخ HY-2 من جزيرة الفاو العراقية التي كانت تحتلها إيران.
- ومع ذلك فقد كانت القدرات الأولية لبحرية الحرس الثوري محدودة بالنظر للنقص في المعدات المناسبة إلى جانب عدم كفاية التدريب اللازم لشن عمليات مؤثرة، خاصة في ظل أحوال جوية معاكسة. وعندما شنت إيران إحدى هجماتها الرئيسية ضد حقول نفط المملكة السعودية في الخافجي، والتي تعتبر أكبر حقل نفط ساحلي في العالم، وكان ذلك في 3 أكتوبر 1987، جنح أسطول الحرس الثوري الإيراني في مياه البحر الهائجة، وبعد أن ضل اللنش القائد طريقه في البحر. وكان هذا الهجوم بمثابة رد على مقتل عدد من الحجاج الإيرانيين على أيدي قوات الأمن السعودية في يوليو من نفس العام، وأيضًا كرد انتقامي على قيام البحرية الأمريكية بإغراق كاسحة الألغام الإيرانية (آجر AJr ) في سبتمبر 1987. وجدير بالذكر أن العرض الكبير الذي قامت به القوات الجوية والبحرية السعودية آنذاك، ساهم أيضًا في إفشال الخطط الإيرانية الموضوعة. وفي نفس الوقت، تسللت إلى الأراضي السعودية مجموعة صغيرة من الزوارق الإيرانية المخصصة للقيام بعمليات كوماندوز دون أن تكتشف، وكانت على وشك نسف عدد من خطوط نقل النفط الرئيسية، ولكن صدرت لها الأوامر من طهران بالعودة دون تنفيذ المهمة.
- وعلى الرغم من هذه النكسات الأولية، سرعان ما زادت بحرية الحرس الثوري من هجماتها الدقيقة ضد ناقلات النفط التي تحمل النفط السعودي والكويتي من 37 غارة أثناء السنة الأولى من حرب الناقلات إلى أكثر من 96 غارة في عام 1987، وكانت العمليات البحرية تغطي بالتدريج على فشل العمليات البرية الإيرانية.
- وكان استبدال العلم الكويتي بالعلم الأمريكي على ناقلات النفط، وما تلا ذلك من حادثة Bridgeton في 24 يوليو 1987 (عندما اصطدمت أول سفينة ترفع العلم الأمريكي في القافلة بلغم إيراني أحدث بها تلفيات جسيمة)، كان هذا الحادث نقطة تحول في المواجهة بين بحرية الحرس الثوري والبحرية الأمريكية في الخليج الفارسي، وتصعيد كبير في الصراع الذي كان يجري بوتيرة منخفضة مع “,”الشيطان الأكبر“,”.
وفي واقع الأمر كانت بحرية الحرس الثوري تسعى وراء تصعيدات أخرى في الخليج طبقًا لتعليمات صدرت لها “,”من آية الله روح الله الخوميني“,”، زعيم الثورة الإيرانية، ولكن لأسباب لا تزال غامضة لم يقوموا بهذا التصعيد. وعلى أية حال فإنهم كانوا حتى هذه المرحلة قد استنفذوا تقريبًا جميع قدراتهم ومصادرهم، وفي المرحلة الأخيرة من الحرب زاد نجاح القوات الجوية الأمريكية وأيضًا العراقية في اكتشاف أوضاع بحرية الحرس الثوري وتدمير لنشاتها وزوارقها مبكرًا في هجمات إجهاضية.
- وكانت هجمات رد الفعل الإيراني البحرية خلال فترة حرب الناقلات تخطط وتنسق ويتم السيطرة عليها مركزيًّا من طهران. فقد تركزت هجمات بحرية الحرس الثوري بشكل عام ضد ناقلات النفط الضخمة أكثر من الهجوم ضد السفن الحربية المسلحة جيدًا، كما كانت بصفة عامة أكثر نجاحًا في هجومها ضد الأهداف الثابتة أكثر منه عند مهاجمة الأهداف البحرية المتحركة، ومثال ذلك هجومها بصواريخ Seersucker ضد المنشآت النفطية الكويتية والناقلات الراسية.
- لم تؤثر عمليات الرد التي قامت بها بحرية الحرس الثوري كثيرًا على تصدير النفط العراقي، والذي كان يجري بواسطة سفن أخرى في الخليج، كما كان أثر هذه الردود الإيرانية أيضًا ضعيفًا في حرب الناقلات، إلا أن الردود البحرية الإيرانية أدت إلى تصعيد المواجهة مع القوى الغربية؛ مما أدى إلى معركة بحرية كبيرة، وقعت في 18 إبريل 1988، أطلقت عليها البحرية الأمريكية اسم “,”عملية صلاة فرس النبي Operation Praying Mantis “,”. وخلال هذه المعركة تم إغراق وتدمير ثلاثة سفن حربية إيرانية، وأسقطت في المقابل هليوكبتر أمريكية. وباستثناء هذا الاشتباك كانت البحرية النظامية الإيرانية رافضة للتعاون مع بحرية الحرس الثوري الإيراني، أو القيام معه بعمليات مشتركة. وبدلاً من ذلك اهتمت أساسًا بالقيام بعمليات استطلاع وتفتيش بحري.
- وفي أوائل 1987، تم تشكيل قيادة مشتركة تضم البحرية النظامية الإيرانية، وبحرية الحرس الثوري في قاعدة بندر عباس البحرية؛ وذلك في محاولة لوضع أنشطة بحرية الحرس الثوري تحت سيطرة السلاح البحري النظامي الإيراني والحد من دوره في المناطق الساحلية. ولكن قيادة بحرية الحرس الثوري، والتي لها تطلعات كثيرة، لم تتعاون، وقررت الاستمرار في شن عملياتها المستقلة. وقد وصل الأمر إلى حد أن وزارة الدفاع الإيرانية رفضت -من حيث المبدأ- تقديم أول دفعة من الألغام الإيرانية إلى بحرية الحرس الثوري، ومع ذلك أثبتت أرصدة العمليات التي قام بها السلاح البحري النظامي أنها غير مناسبة لنوع عمليات القتال غير النظامية، التي كانت الزعامة الإيرانية في طهران ترغب في تنفيذها، مع تصاعد الصراع المسلح في الخليج.
- وبنهاية الحرب اقتنعت القيادة السياسية الإيرانية بقدرة قوة بحرية الحرس الثوري على الدفاع عن خطوط الملاحة الإيرانية، والسيطرة على خطوط المواصلات البحرية، وأيضًا بالقدرة على عبور الخليج الفارسي، ونقل المعركة إلى أرض العدو على الساحل الغربي من الخليج إذا تطلب الأمر ذلك. وكنتيجة للدورس التي أسفرت عنها الحرب، حددت إيران الاحتياجات الآتية لدعم قوتها البحرية:
1. تزويد منصات إطلاق مختلفة -ثابتة ومتحركة- بأعداد ضخمة من الصواريخ المضادة للسفن.
2. امتلاك أعداد كبيرة من لنشات صغيرة وسريعة، مسلحة بصواريخ حرة وموجهة ذات قوة نيران ضخمة.
3. التزود بأعداد أكبر من سفن زرع الألغام.
4. تعزيز الإمكانيات على إدارة حرب تحت سطح الماء بواسطة غواصات ذات قدرات متنوعة، ومعدات استشعار.
5. التزود أكثر بأعداد من المنصات الصعب اكتشافها، مثل الغواصات الصغيرة الموجهة عن بعد والطائرات بدون طيار.
6. الحاجة إلى تدريبات متخصصة أكثر.
7. الحاجة إلى حيازة معدات عالية التقنية، بتعديل ما هو موجود، أو بتطوير معدات جديدة تناسب تنفيذ مهام محددة.
8. تحقيق اتصالات أفضل، وتنسيق أوثق بين الوحدات البحرية المقاتلة.
9. الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة وموقوته عن العدو ونواياه.
10. تعزيز القدرة على إعاقة وقطع قدرات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات عند العدو، وخداعه.
11. أهمية الحرص على إحراز المبادأة في شن العمليات البحرية والاحتفاظ بها، مع تجنب الاشتباكات بالمواجهة مع السفن الحربية الأمريكية الكبيرة.
12. تطوير وسائل لتقليص حجم التعرض بصواريخ العدو الجوية المضادة للسفن، حتى بالنسبة لوحدات البحرية الصغيرة.
القسم الثاني: العوامل المؤثرة على المفهوم الإيراني للحرب البحرية غير النظامية
- توجد عدة عوامل من المحتمل أن تؤثر على التخطيط المستقبلي للعمليات البحرية غير التقليدية الإيرانية في الخليج الفارسي.
أولاً: الجغرافيا الساحلية
- يتمتع مقاتلو البحرية غير التقليدية الإيرانية بعدد من المزايا الجغرافية تشمل:
1) قرب المناطق التي تصلح لتجميع القوات التي ستنطلق منها العمليات للانقضاض على الأهداف البحرية والساحلية المعادية المخطط مهاجمتها، وهو ما يعني تقليل الأزمنة اللازمة لنقل القوات الإيرانية المهاجمة، وعدم إعطاء العدو الوقت المناسب للاستعداد لرد الفعل، حتى في حالة اكتشافها مبكرًا.
2) عمق وكثافة شبكة الطرق الساحلية، والتي تدعم اختيارات إيران التكتيكية ومرونتها.
3) وإلى حد ما مياه الخليج المحصورة التي تحد من حرية مناورة وحدات العدو البحرية، والتي قد تمكن إيران من ضرب أهداف معادية على الطرف البعيد من الخليج على ساحله الغربي بالصواريخ الساحلية بعيدة المدى.
ثانيًا: القواعد، ومناطق التجمع للانطلاق، وطرق الاقتراب
- لكي تسير العمليات البحرية المخططة بنجاح، يحتاج مقاتلو البحرية غير التقليديون والوحدات اللوجيستية (الإمداد والتموين) إلى توافر قواعد تمركز آمنة، ومناطق حشد وتجمع وطرق اقتراب آمنة من وإلى مناطق عملياتهم. ويوجد أكثر من عشرة موانئ كبيرة، وستون مرفأ صغيرًا على طول الخط الساحلي الجنوبي لإيران، بالإضافة إلى الكثير من القرى والمدن العاملة في مجال الإبحار والصيد المنتشرة على الخط الساحلي، وجميعها توفر أماكن إخفاء جيدة لجماعات وسفن القتال البحرية الصغيرة. ويوجد لبحرية الحرس الثوري أماكن انطلاق كثيرة لعملياته البحرية المخططة في هذه المناطق، كما نظمت تواجد متطوعي الباسيج بين السكان المحليين لتنفيذ عمليات الدعم والمساعدة المطلوبة.
- ويمكن إنزال لنشات وزوارق الحرس الثوري السريعة خلسة، على سبيل المثال من على ظهر شاحنة مسطحة مغطاة، وذلك تحت جنح الليل خلال ذروة المد في مياه الخليج بدون تجهيزات خاصة مسبقة، وهو ما يقلل من احتمالية قطع الطريق عليها، وهي في طريقها إلى أهدافها، وبالتالي تأمين عنصر المفاجأة المهم في مثل هذه العمليات البحرية اللانظامية.
ثالثًا: الإخفاء والتمويه
- يسعى مقاتلو البحرية غير التقليديين إلى تجنب اكتشافهم بواسطة العدو؛ وذلك حتى يشنوا هجماتهم في المكان والزمان المختارين مستخدمين في ذلك وسائل متنوعة من الإخفاء والتمويه وطرق الخداع. وتاريخيًّا اعتمدت إستراتيجية الحشد على أخذ الاحتياطيات العالية للمكان المخصص لحشده، وجميع القوات لتسهيل المفاجأه، وزيادة القدرة على إنزال ضربات موجعة ضد العدو، وبعد ذلك منع العدو من مطاردة المهاجمين بعد قطع وسائل اتصالاته.
- وتسيطر على الخط الساحلي الطويل لإيران سلسلة جبال يصل ارتفاعها إلى 2000 متر، وتستمر كذلك على طول السواحل الشمالية للخليج. بالإضافة لذلك، فإن شبكة جزر الخليج والخلجان الصغيرة والكهوف والبنية الأساسية الساحلية (عوامات إرشاد السفن، والمواقع المختفية على الساحل، والملاجئ، ونقاط المراقبة الساحلية) تعتبر وسائل وأدوات مثالية لشن ودعم عمليات دوريات الاستطلاع المتواصلة، وعمليات التلغيم الدقيقة، وإطلاق غلالات الصواريخ، وشن الهجمات الاكتساحية.
- ويعتبر عنصر المفاجأة ذا أهمية خاصة في الحرب البحرية غير التقليدية، ومناسبة على وجه الخصوص في المياه القريبة من الساحل بسبب صغر المسافات الفاصلة عن العدو، ولأن الاشتباكات البحرية التي تقع من مسافات قصيرة تقلل من بعض المزايا التقنية التي تتمتع وتتفوق بها قطع بحرية كبيرة، مثل المتواجدة في البحرية الأمريكية. ولذلك فمن المحتمل أن تستغل إيران طبيعة تضاريسها التي تساعد على الإخفاء، بالإضافة لإجراءات التمويه والخداع لشن عملياتها البحرية غير النظامية (يشمل ذلك استخدام منصات أو أسلحة ذات تقنية وملامح ذات مستوى منخفض يصعب ملاحظة طابعها القتالي) لتحقيق المفاجأة.
- إن المرور اليومي لأكثر من 3000 سفينة محلية، ومئات من ناقلات النفط وسفن البضائع عبر الخليج الفارسي ومضيق هرمز يجعل مهمة التمييز بين العدو والصديق صعبة للغاية بالنسبة للقوات البحرية التقليدية التي تمارس عملياتها هناك، وعلى وجه الخصوص عندما تستخدم قوات غير تقليدية (كوماندوز بحرية) سفنًا ولنشات وزوارق محلية للاقتراب من الأهداف ومهاجمتها؛ ومن ثم فإن أي خطأ ينتج عنه دمار جماعي وخسائر في أرواح مدنيين بالتأكيد سيعود بالفائدة على إيران.
ثالثًا: نقاط الاختناق
- تتواجد معظم المناطق ذات المياه العميقة في الخليج الفارسي داخل المياه الإقليمية الإيرانية. أما المياه الضحلة المتواجدة في أطراف الخليج الجنوبية، فإنها مفروشه بالعديد من جزر الشعاب المرجانية الصغيرة، ومداخل حقول النفط، ومنصات الضخ، ومتاريس تحت الماء، وكل ذلك يعوق الملاحة ويجبر السفن على المرور في مجري المياه العميقة المحددة بالقرب من الجزر الإيرانية وسواحلها.
- وتستغل إيران هذه الميزة عندما لا تستطيع إجراء عمليات بحرية مكشوفة، وذلك بتلغيم نقاط الاختناق وحارات المياه العميقة التي تبحر فيها السفن. وعلى الرغم من الضوضاء التي تحدثها عمليات تلغيم المياه، فإن مقاومة هذا التكتيك تعتبر صعبة طالما زرعت الألغام في أماكنها؛ ذلك أن عملية إزالة الألغام تستهلك كثيرًا من الوقت، وتعتبر مكلفة، ويمكن إعاقتها بأعمال عدائية تالية. فخلال اشتباكات الفترة من 1987 إلى 1988 حاولت قوارب زرع الألغام الإيرانية الصغيرة، طراز عاشوراء، الهروب دون أن يلاحظها أحد في معظم الأوقات؛ وفي أثناء عملية زرع 12 لغمًا في طريق السفينة Bredgton ، كانت لنشات بحرية الحرس الثوري المتمركزة في جزيرة فارس على مرأى بصر سفن حراسة البحرية الأمريكية.
- كما يمكن زرع الألغام باستخدام أي نوع من البواخر، بما في ذلك القوارب المدنية مثل Lenjes (كلمة فارسية لقارب “,”الدهو Dhow “,” الشراعي المستخدم في بلدان الخليج) وسفن نقل البضائع، أو سفن الإنزال. وقد ظهر ذلك بوضوح في حادثة Iran Ajs عام 1987، وهي سفينة إنزال بحري إيرانية استخدمت لزرع ألغام، وتم الإمساك بها في ساحل البحرين مساء يوم 20 سبتمبر 1987 بواسطة عملية خاصة قامت بها هليكوبترات أمريكية، وتم مهاجمتها والإمساك بها بعد ذلك. ويمكن تكرار مثل هذه العمليات بواسطة بحرية الحرس الثوري كلما اقتضت الضرورة إحباط جهود العدو لمنع زرع الألغام الإيرانية في مياه الخليج.
- وتكتيك آخر مفضل للحرب البحرية غير النظامية، وهو عمل كمائن للقوافل التجارية والسفن الحربية التي تعبر الممرات البحرية المعروفة. ففي هذه الأماكن قد تتشكل مجموعات من الزوارق السريعة تبحر من خلجان ساحلية صغيرة وتجويفات وموانئ وجزر، أو من أدوات صناعية مثل عوامات الإرشاد. ولكن توجد عوامل مختلفة يمكن أن تؤثر على عمليات الزوارق الصغيرة.. مثل تيارات المياه وسرعة الرياح (التي تؤثر على الملاحة) وأحوال الطقس والرؤية (والتي تعوق الملاحة وتستطيع أيضًا حجب القوارب الصغيرة عن أهدافها وفريستها). كما تؤثر درجة الحرارة والرطوبة (وذلك على درجة تحمل الطاقم وأداء الأنظمة الإلكترونية). كما تؤثر درجة ملوحة الماء على فترة البقاء في الماء. وكذلك تؤثر معدلات المد (على المياه الضحلة ومياه حارات مرور السفن). ومما لا شك فيه أن الإيرانيين قضوا سنوات في مواجهة هذه العوامل، واكتسبوا خبرات عملياتية عديدة، سيحاولون الاستفادة بها لاستخدامها لصالح عملياتهم البحرية. ومن المحتمل أيضًا أن تعتمد القوات البحرية الإيرانية على أساليب الكمائن والهجمات المفاجئة، وذلك انطلاقًا من مناطق التجمع الساحلية أو القريبة من الشاطئ أو من حارات البحر المزدحمة، بالإضافة لأساليب الهجمات الكاسحة لتقييد حرية العدو في المناورة داخل المناطق المحصورة جغرافيًّا. وتستهدف أيضًا تكتيكات الهجمات الكاسحة التي تستخدمها قوات البحرية الإيرانية غير التقليدية إلى إعاقة قدرة العدو على تركيز النيران، ومنعه من شن هجمات متناسقة من الأمام والأجناب ومختلف الجهات. ويتضمن ذلك أيضًا من جانب اللنشات الإيرانية الصغيرة القيام بمناورات حلزونية متناسقة، وهو ما يسمى بتشكيلات حدوة الحصان أثناء الاقتراب من أهدافهم المعادية ومحاصرتها ثم تدميرها (وقد استخدم قراصنة الخليج الفارسي هذه التكتيكات لعدة قرون).
رابعًا: العوامل الجوية والهيدروجرافيكية (المائية)
- يعتبر صيف الخليج من مايو إلى أكتوبر شديد الحرارة ورطبًا (تصل درجة الحرارة إلى 52 درجة مئوية ونسبة الرطوبة إلى 90% في مناطق معينة)؛ مما يجعل عمل اللنشات والزوارق الصغيرة أثناء النهار صعبًا؛ ونتيجة لذلك قامت إيران بتجهيز الكثير من اللنشات والزوارق الصغيرة والسريعة، (وأيضًا جميع السفن الأكبر من ذلك) بأنظمة تكييف للهواء. كما تعوق الرطوبة العالية بشكل خطير أداء الرادارات، وعلى وجه الخصوص أنواع الرادارات المجهز بها قطع البحرية الصغيرة، مثل اللنشات الإيرانية السريعة. أما العمل في فصل الشتاء فهو جيد على الرغم من أن الجزء الأول منه غالبًا ما يكون مصحوبًا بأمطار غزيرة، والتي عادة ما تسبب فيضانات في مجاري الأنهار الساحلية، وما يعقب ذلك من آثار مدمرة للمناطق الساحلية.
- وتلعب أحوال الطقس والبحر دورًا رئيسيًّا في العمليات البحرية، ومن المتوقع أن يقوم السكان المحليون في جنوب إيران، الذين يكونون جزءًا كبيرًا من مقاتلي بحرية الحرس الثوري ومتطوعي الباسيج Basij البحرية بأداء أفضل من أداء القوات الأجنبية في هذه المنطقة ذات الأحوال الجوية القاسية (بالنظر لتعود الإيرانيين في هذه المناطق على أحوالها الجوية). ويؤثر الطقس السيئ تأثيرًا سلبيًّا على إلكترونيات السفن الحربية الحديثة العاملة في هذه المنطقة. وأخيرًا فإن الطقس الرطب والساخن وهبوب العواصف الرملية من وقت لآخر يقلل من إمكانية الرؤية بدرجة كبيرة.
- وفي خلال فترات من الربيع وشهور الصيف وأجزاء من فصل الخريف، تصبح عمليات الزوارق واللنشات خطيرة بسبب العواصف الموسمية. وهذه الدورات الجوية الموسمية تؤثر سلبًا على تخطيط وتوقيت العمليات البحرية للزوارق السريعة.
- كما تتأثر الاعتبارات الزمنية بالضرورة بالعوامل الهيدروجرافية (المائية) في مسرح العمليات. فعلى سبيل المثال، يسود في أحد المناطق بشمال الخليج الفارسي تيار بحري يدور عكس عقارب الساعة، ويلتقي مع أربع تيارات بحرية أخرى صغيرة. وقد بدأت العمليات البحرية الإيرانية الماضية في شمال الخليج من هذه المنطقة، ويحتمل أيضًا أن تشن العمليات البحرية الإيرانية المستقبلية من هذه المنطقة أيضًا.
- وتهب أنواع مختلفة من الرياح في الخليج الفارسي تؤثر على جوهر شكل الأمواج السطحية، وهي: الرياح الموسمية غير الضارة، والتي تهب من الشمال الشرقي في اتجاه الجنوب الغربي، وعواصف الشتاء العاتية التي تهب من وقت لآخر (تسمى رياح “,”بورا“,” التي تهب من هرمز)، والرياح الإقليمية عادة ما تكون بمحاذاة الساحل، وتشمل الرياح المتربة التي تأتي من الغرب أو الجنوب الغربي (وتكون في أقصى مداها من أول يونيو وحتى منتصف يوليو)، والرياح التي تهب من الجنوب الشرقي وتزيد نسبة الرطوبة والضباب وإرتفاع الأمواج في أواخر الصيف. وتستمر الرياح كذلك في تغيير اتجاهاتها؛ مما يجعل التنبؤ بأحوال الجو صعبًا. ومع كل هذا مجتمعًا فإن الرياح تستطيع أن تؤثر سلبًا على عمليات السفن الصغيرة والأعمال تحت الماء في منطقة شمال الخليج. علاوة على ذلك فإن ضباب الصباح الباكر والملوحة والغبار يؤثرون سلبًا على الرؤية وأعمال المراقبة، خاصة في الفترة من شهر مايو حتى شهر أغسطس، حيث تقل الرؤية بين 2-6 ميل، وفي بعض الأحيان تقل إلى نصف ميل.
خامسًا: العوامل الاقتصادية
- مع ارتفاع أسعار النفط إلى معدلات قياسية، انتشرت مصانع الإنتاج الرئيسية البعيدة عن الشاطئ أو التي على الشاطئ حول المنطقة، الأمر الذي جعلها هدفًا سهلاً وثمينًا للمقاتلين البحريين غير التقليديين. ويتطلب الدفاع عن هذه المنشآت جهودًا كبيرة،؛ ولهذا فإنها (أي المتواجدة في الساحل الغربي للخليج بدول الخليج العربية) تشكل أهدافًا إضافية مغرية للقوات الإيرانية. وفي حالة حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، فسيكون أيضًا لدى إيران خيار استخدام الخلايا النائمة للإرهابيين التابعين لها داخل دول الخليج العربية الجنوبية؛ لتدمير منشآت النفط والغاز هناك. هذا بالإضافة إلى أن إيران تعتمد اعتمادًا كبيرًا على ما تنتجه محليًّا من معدات، وأسلحة، وذخائر ووقود.. وإمدادات أخرى؛ وبالتالي سيكون لديها القدرة على خوض حرب بحرية غير تقليدية لفترة طويلة من الزمن.
- ولدى إيران عدة خطط طوارئ لتقليل والحد من اعتمادها على الجازولين المستورد منذ عام 2009. وحتى لو نجحت في ذلك فسوف تظل إيران تعتمد على مضيق هرمز كممر رئيسي لتصدير كل نفطها. لذلك فإن هناك احتمالية كبيرة في ألا تحاول إيران إيقاف جميع طرق الملاحة في المضيق في حالة نشوب سيناريو صراع مسلح محدود.
سادسًا: العوامل الإنسانية والأيديولوجية
- من الأمور المثيرة للجدل، أن العامل الإنساني يلعب دورًا هامًا، إن لم يكن دورًا حيويًّا، في الحرب اللانظامية، وخاصة عندما يكون المقاتلون مدفوعين بالحماس الوطني أو الديني. ولقد استغلت الجمهورية الإسلامية ظاهرة الكراهية التاريخية المتواجدة في نفوس الإيرانيين الذين يعيشون على طول شاطئ إيران الجنوبي، الذين تحملوا عذاب فترات الاحتلال الأجنبي الطويلة، وقد ساعد على تنمية هذا الشعور الحرب الطويلة والمريرة التي جرت بين إيران والعراق.
- لذلك تضع قوات الحرس الثوري العقيدة الدينية في صلب وقلب المفهوم الإيراني للحروب اللانظامية، ويعتمد هذا المفهوم على ثلاثة مكونات: الحصانة السياسية والدينية والإيمان بعقيدة ولاية الفقيه (عقيدة الحكم الديني الذي يشكل ركيزة نظام الحكم الديني “,”الثيوقراطي“,”)، وإشعال الحافز على القتال، وتقبل المحن ومصاعب القتال والتكيف معها، وثقافة الجهاد والاستشهاد. ويعتبر القرآن (الكريم) أن المقاتل المسلم الذي يتحلى بصفات الإيمان وتعقل الأمور والصبر، مؤهلاً للتفوق على عشرة أضعاف خصمه.
- وفي حقيقة الأمر تسعى الزعامة الإيرانية إلى شحن عقول مقاتليها بعقيدة تفوقهم الروحي على عدوهم المرتقب، وهي وجهة نظر ثبت فاعليتها في المواجهة التي جرت في الماضي القريب مع القوات البريطانية في شمال الخليج الفارسي (في شط العرب). ولهذا اختارت قيادة فيلق الحرس الثوري الإيراني التركيز على الأبعاد الروحية في الاستعداد للحرب اللانظامية. ولهذه الغاية قاموا بنشر برنامج يستهدف تعميق الحماس الثوري والديني في صفوف فيلق الحرس الثوري باعتباره مركز جذب الشباب المتحمس دينيًّا. وهذا البرنامج جزء من جهود عريضة لتأسيس المفهوم العلوي (الشيعي) القتالي (النابع من المثل الواقعي للإمام علي بن أبي طالب “,”رضي الله عنه“,”، باعتباره رجل الحرب والدولة)، وهو ابن عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته، ويعتقد من يسعون لنشر هذا المفهوم أنه سيضمن النجاح في أرض المعركة، لتركيزه على الواجب (التكليف) أكثر من الهدف العسكري أو غاية الدولة.
- وقد يخلق هذا المفهوم في حد ذاته مشكلة، حيث يجعل المقاتلين الاستشهاديين ينزعون بإفراط للاستجابة العاطفية بإلقاء أنفسهم في أتون المهالك طمعًا في الاستشهاد، وعدم مراعاة واجبات أمنهم الشخصي الذي تكفله قوانين خدمة الميدان العسكرية في الدول الأخرى. فعلى سبيل المثال، وفي مناسبات عديدة خلال الحرب العراقيةـ الإيرانية، ردّت وحدات اللانشات الصغيرة التابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني على الهجمات الناجحة للولايات المتحدة، بالانقضاض على أية أهداف حتى وإن كانت غير مهمة، أو التي ليس لها دفاعات طالما استطاعوا الوصول إليها، ونتج عن ذلك خسائر محدودة أو لا خسائر في جانب قوات العدو.
- ولقد شهدت السنوات الماضية اضمحلالاً تدريجيًّا في الالتزام الإسلامي في فيلق الحرس الثوري الإيراني؛ مما أثار القلق داخل القيادات الإيرانية، الأمر الذي دفع قيادة الحرس الثوري لتعيين 4000 مرشد ديني في وحداته. وفي مايو 2008 اجتمع قادة بحرية الحرس الثوري في مدينة مشهد ليناقشوا -ضمن مسائل أخرى- طرق تصحيح هذه المشكلة، وتقوية العقيدة الدينية، والحذر السياسي، وأيضًا الاستعداد لتنفيذ مهام الحرب البحرية اللانظامية.
- وفي مفهوم إيران للحرب اللانظامية يعتبر التفوق الأيديولوجي -أو الروحي- لمجتمع المؤمنين على جانب كبير من الأهمية مثل أي عنصر آخر. ومن هنا تبرز أهمية ارتباط الحرب اللانظامية بعقيدة الحرب في المذهب العلوي، والعقيدة العاشورائية (وتشير الأخيرة إلى استشهاد الإمام الحسين بن علي، ابن الإمام سيدنا علي رضي الله عنه وحفيد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أثناء معركة كربلاء في العاشر من محرم عام 680 ميلادية). كما توجد سمة أخرى تربط هاتان العقيدتان بالحرب اللانظامية، هي تكريس الاهتمام الخاص بالحرب النفسية الهجومية، والعوامل اللامادية في الحرب. ونتيجة لذلك تم الاتفاق على تشكيل “,”وحدة رد الفعل الثقافي السريع“,” للرد على ومواجهة التهديدات التي تتعرض لها قيم إيران الثورية الإسلامية، وهو ما يثبت الأهمية التي توليها طهران للربط بين تحقيق التفوق العسكري والتفوق المعنوي على أعدائها.
- ويعرف المفكرون الإيرانيون العسكريون الحرب العلوية باعتبارها “,”حربًا دفاعية مبنية على القيم الدينية والقومية، تستخدم المقاتلين المستعدين نفسيًّا للقتال حتى الموت، والذين يتمتعون بالقدرة المعنوية للمثابرة الحربية“,”. وكما وصفنا آنفًا، فإن هذا المفهوم، المستوحى أصلاً من المذهب الشيعي، والذي غالبًا ما يستخدم مرتبطًا بـ“,”حرب عاشوراء“,”، يختلف عن الحرب اللانظامية إلى الدرجة التي تعطي أولوية لـ“,”القضية والسبب“,” على حساب “,”الهدف“,”. وبمعنى آخر، بالنسبة لقوة عسكرية تتبع هذا المفهوم، فإن مجرد أداء القتال حتى نهايته، بما في ذلك الاستشهاد، يعتبر الغاية والنهاية في حد ذاتها، أما الناتج العسكري للحرب فيعتبر ذا أهمية ثانوية. وقد أدمجت بحرية الحرس الثوري الإيراني هذا المفهوم في خططها العملياتية بالخليج الفارسي وخليج عمان، وذلك بإعطاء قوات متطوعي الباسيج الملتزمة أيديولجيًّا دورًا بارزًا في خوض هجمات اكتساحية جريئة.
- وتعتقد قيادة فيلق الحرس الثوري أن سلاح إيران المخيف لأعدائها والأجرأ يتمثل في ثقافتها الاستشهادية. ولهذا هدَّد مؤخرًا علي فادافي، القائم بأعمال قائد بحرية الحرس الثوري الإيراني بشن مهام انتحارية في مضيق هرمز باستخدام صغار الباسيج. كما كشف أيضًا عن خطط لضم الباسيج في عمليات قوة بحرية الحرس الثوري، بما في ذلك برنامج للتدريب المهني يؤدي إلى تواجد عنصر باسيج في كل وحدة عاملة في بحرية الحرس الثوري، بما في ذلك وحدات سفن السطح والكوماندوز، لأداء مهام انتحارية.
القسم الثالث: القدرات الإيرانية والنوايا
- قال ضابط في فيلق الحرس الثوري الإيراني لم يكشف عن اسمه: “,”تؤدي الوسائل غير التقليدية إلى نهايات غير تقليدية“,”.
- تتكون قوات الحرب البحرية الإيرانية غير التقليدية من ستة عناصر: سفن السطح، الغواصات الصغيرة والتقليدية، الصواريخ الموجهة والحرة، الألغام البحرية، الطيران، والصناعة العسكرية.
أولاً: سفن السطح
- على الرغم من أن مدفعية إيران الساحلية طويلة المدى، والصواريخ المضادة للسفن، التي لها قواعد على الساحل، بإمكانها أن توفر بعض الحماية للمنطقة على أجزاء كبيرة من الخليج؛ فإن البحرية الإيرانية في حاجة إلى سفن السطح لتوفير حماية فعلية للخليج. ولهذه الغاية قامت إيران بصناعة أو شراء عدد من اللنشات والزوارق الهجومية السريعة صغيرة ومتوسطة الحجم، وذلك خلال العقد الماضي؛ من أجل الاستعداد لشن عمليات بحرية في الخليج الفارسي وخليج عمان. ويستخدم كل من سلاح البحرية النظامي وبحرية الحرس الثوري هذه اللنشات والزوارق في عملياتهم البحرية.
- ورغم أن سفن السطح الأكثر شيوعًا في ترسانة بحرية الحرس الثوري من نوع الفايبر جلاس ( Fiberglass )، وهي زوارق بمحركات يطلق عليها (عاشوراء)، المسلحة بمدفع رشاش ثقيل ثنائي الماسورة، وقاذف صواريخ حرة ( MRL ) ذي عدة أدلة، أو لغم واحد، فإنها تستخدم أيضًا عدة زوارق أخرى صغيرة تشتريها أو تصنعها إيران محليًّا. من هذه الزوارق طراز (طارق)، وهي قوارب بوجامر ( Boghammer ) السويدية السريعة، وزوارق طراز (ذو الفقار) و(زولجانة) أو (باهمان) التي تقوم بمهام الداورية، ومسلحة بطوربيدات وقواذف صواريخ حرة، كما يمكن استخدامها أيضًا في مهام زرع الألغام سرًّا في حارات الملاحة بالخليج الفارسي.
وتستخدم أيضًا زوارق (ذو الفقار)، و(أزارخاش) سريعة الهجوم (وهي نسخة من الطراز الصيني Cat يتم بناءها في إيران، وهي مسلحة بـ16 أنبوب صواريخ حرة 122 مم طراز HM-23 من نوع MRL ويبلغ مداها 20 كم) أو مسلحة بصواريخ موجهة مضادة للسفن طراز Kosar . كما تستخدم بحرية الحرس الثوري أيضًا لنشات صورايخ موجهة بالرادار عن بعد كشراك خداعية لجذب نيران السفن المعادية وكشف مواقعها، أو بتحميلها بمتفجرات وتوجيهها عن بعد لتشتيت ومهاجمة دفاعات العدو الساحلية وسفنه الحربية.
- أما اللنشات الأحدث في بحرية الحرس الثوري الإيراني فقد ضمت الطراز الكوري الشمالي IPS-16 ، ولنش الطوربيد الأكبر قليلاً طراز IPS-18 ، والتي تتسم بملامح رؤية منخفضة، وكلاهما مسلح بـ2 طوربيد موجه قطر 324 مم باحث عن الأهداف، بينما يسلح اللنش الأول بصاروخين من نوع كوسار (رغم أن ذلك يزيد من إمكانية اكتشافهم راداريًّا بالنظر لكبر حجم البصمة التي يعكسها اللنش على شاشة الرادار). وكلا اللنشين كانا نشيطين خلال المناورات البحرية الإيرانية الأخيرة، وتفيد التقارير أن إيران تقوم بتشغيل عدد قليل من سفن هجومية حصلت عليها من كوريا الشمالية طراز Taedong-B ، Teadong-c في عمليات خاصة ضد الغواصات المعادية، تسلمتها في عام 2002. وعلى الأقل تم استخدام أحد هذه اللنشات
( Taedong-B ) مؤخرًا في المناورات الحربية. وكلا الطرازين من المعتقد أنهما مسلحان بطوربيدات خفيفة الوزن عيار 324 مم ذات مدى قصير ( 6- 10كم).
- وتزود العشرة (10) لنشات سريعة الهجوم، طراز توندار (نسخة من لنشات كوريا الشمالية Houdong )، بحرية الحرس الثوري فقط بقدرتها التقليدية (مقارنة بأسطول السلاح البحري النظامي التقليدي الذي يمتلك أعدادًا من القراويطات Corvettes العملياتية، ونصف دستة من لنشات الصواريخ).
وبتعديل هذه اللنشات بحيث تكون حمولتها حوالي 250 طنًّا وبسرعة قصوى 35 عقدة، وبتسليح كل منها بـ 2 صاروخ بحري C-802 ذي قاذفين، فإن اللنشات سريعة الهجوم صارت تعاني من خلل حاد عند مقارنتها بسفن السطح الأكبر حجمًا. فعلى سبيل المثال أصبحت لا يمكنها إصابة الأهداف التي على مدى بعيد؛ نظرًا لمحدودية أجهزة الاستشعار المزودة بها، وهذا يعني أنها في كثير من الحالات تكون مسلحة بصواريخ لا يمكنها إلا إصابة الأهداف التي تراها فقط، وهو ما يقلل كثيرًا من فعاليتها. وفي المعارك الساحلية، من المحتمل أن تطلق اللنشات الصغيرة المسلحة بالصواريخ نيرانًا غير متكافئة، وعلى هذا فإن الأمل في بقائها ضئيل.
ثانيًا: الغواصات والطوربيدات
- تتمركز الثلاث غواصات الإيرانية طراز (877 EKM كيلو) الروسية الأصل في بندر عباس، مع معظم أسطول إيران من الغواصات المكون من أربعة (4) غواصات صغيرة. اثنتان من الغواصات (كيلو) جاهزة للعمليات في أي وقت، وفي مناسبات كثيرة تنتشر في المصب الشرقي لمضيق هرمز، وخليج عمان وبحر العرب. ومن المحتمل أن تعمل الغواصة (غدير) الصغيرة التي تزن 200 طن والمصنوعة محليًّا (ومسلحة بـ 2 طوربيد عيار 533 مم)، وأيضًا الغواصة (ناهانج-1) الساحلية، وكلتاهما تتبع بحرية الحرس الثوري، بجانب تبعية الغواصات (كيلو) للسلاح البحري النظامي، تعمل جميعًا في مسرح الخليج الفارسي بشكل رئيسي.
- وربما يكون الغرض الرئيسي من استخدام هذه الغواصات هو زرع الألغام، والقيام بعمليات خاصة، وعمليات هجومية ضد الملاحة في الخليج؛ مما يدل على اهتمام إيران المتزايد في تطوير قدراتها البحرية العاملة تحت سطح الماء. وبالإضافة لذلك تملك بحرية الحرس الثوري شبكة واسعة من كاميرات الفيديو ذات الرؤية الليلية والنهارية طويلة المدى، منتشره في أماكن عديدة على طول الساحل الجنوبي لاكتشاف أي تسللات سرية معادية إلى الساحل الإيراني، وللحصول على بيانات استطلاعية للأهداف التي سيتم ضربها (مسافات واتجاهات هذه الأهداف) وتبليغها إلى الغواصات بوسائل الاتصال المستخدمة تحت الماء، والتي تم تطويرها بواسطة الصناعات الإلكترونية الإيرانية.
- وعلى عكس الهواء، فإن الماء يعتبر وسط معاديًا للضوضاء ويتخلص منها بسهولة فائقة، وفي نفس الوقت تسمح للصوت بالانتقال إلى مسافات بعيدة جدًّا، ولدى البحرية الأمريكية وسائل متنوعة تحت تصرفها لاكتشاف الغواصات تحت الماء، ولكن في المياه الساحلية الضحلة فإن مستوى كثافة الضوضاء تقلل من أداء أجهزة السونار (المخصصة لاكتشاف الغواصات تحت الماء بواسطة الموجات الصوتية التي تنعكس إليها)، مما يجعل مهمة اكتشاف، وتحديد أماكن، وتمييز الغواصات صعبًا جدًّا.
- وفي نفس الوقت قد تسهل أحوال الطقس، والحرارة، ودرجة الملوحة، اكتشاف الغواصات في مناطق معينة. ذلك أن الملوحة الزائدة عن الحد تؤثر إيجابيًّا على إرسال الموجات الصوتية، فكلما زادت ملوحة الماء زادت سرعة انتقال موجات الصوت من خلالها. لذلك فإن الرطوبة العالية مع الملوحة عند الاقتراب من الخليج قد يسهل لسفن السطح المزودة بأجهزة سونار سلبية اكتشاف أي غواصة. وعلى أية حال، فإن الغواصات الإيرانية التي يلزم لها العودة في الحال إلى قواعدها بعد كل اشتباك تخوضه لإعادة التزود بالذخائر والوقود وإجراء عمليات الصيانة، يكون عامل الوقت مقلقًا جدًّا بالنسبة لها قبل أن تصل إلى قواعدها، وهذه الحقيقة ستكون حاسمة في مسألة بقاء هذه الغواصات إذا ما دخلت في مواجهة مع السفن الحربية الأمريكية.
- وفي مكان آخر، عند الطرف الجنوبي من بحر قزوين، قد يواجه الإيرانيون مشاكل في تشغيل غواصاتهم الصغيرة الساحلية. ذلك أن عمق المياه هناك يصل إلى أكثر من 3000 قدم؛ ومن ثم على الإيرانيين أن يصمموا أبدانًا للغواصات يمكنها تحمل هذه الأحوال.
- كما تقوم إيران أيضًا بإجراء تجارب على ما يطلق عليه (الغواصات المبللة Wet Submarins )، والتي تحتاج إلى مستوى عال من التدريب والحماس للأطقم التي تعمل عليها. وأحد هذه الأمثلة غواصة التجارب (سابحات-15/ Sabehat-15 ) المزودة بمركبة ذات مقعدين، صممها مركز أصفهان للأبحاث تحت الماء. فرغم أنه تم اختبارها بواسطة سلاح البحرية النظامي الإيراني، وأيضًا من المحتمل بحرية الحرس الثوري، فليس من المعروف عما إذا كانت هذه الغواصة قد تم تزويدها بجهاز تحديد المكان الكوني GPS من عدمه، وهل دخلت الخدمة أم لا. وليس فقط بإمكان مثل هذه الغواصات الصغيرة أن تعمل من سفن كبيرة تعتبر الأم بالنسبة لها، ولكن أيضًا بإمكانها أن تثبَّت في أعمدة جسم لنشات طراز (ناهانج) ( Nahang )، عند شن العمليات التي تتطلب مدى عمل بعيد. كما أن لدى إيران طوربيدات بشرية حصلت عليها من كوريا الشمالية ودخلت الخدمة فعلاً.
- وقد تم تجهيز السفن التجارية أو سفن الصيد التي تبدو عليها البراءة من الاستخدام العسكري، بفتحات أسفر خط الماء لإنزال الغواصات الصغيرة وإنقاذها، ومثل هذه الاستعدادات تعتبر مثالية للعمليات الإستراتيجية ذات المدى البعيد في خليج عمان وبحر العرب، وهي مشابهة للعمليات التي قامت بها البحرية الإيطالية في البحر المتوسط أثناء الحرب العالمية الثانية.
- وفي السنوات الأخيرة، أجرت إيران توسعات كبيرة في قدرات طوربيداتها، وتفيد التقارير أنها قامت بافتتاح خط إنتاج لما لا يقل عن نوعين من الطوربيدات 533 مم، 324 مم الباحثة عن أهدافها ذاتيًّا. أما الطوربيدات الإيرانية طرازات TT-4 ، 53-KE ، ويمكن أيضًا TEST-71 ، فهي ذات مدى حتى 20 كم. وتدعي إيران أنها قامت بتصميم طوربيدات مخصصة لاستهداف الغواصات وسفن السطح المعادية في ممر هزمز، وقيل إنها دخلت الخدمة في كل من السلاح البحري النظامي وبحرية الحرس الثوري. كما أفادت التقارير أنه في الخدمة أيضًا الصاروخ الطوربيدي ذو السرعة العالية Hoot (نسخة من الصاروخ الروسي شاكفال Shkval )، وتبلغ سرعته 360 كم/ساعة أو 100 متر/ثانية. إن امتلاك إيران لهذا النظام الصاروخي الروسي الأصل واستخدامه من جانبها بكفاءة، قد يحدث تحولاً كبيرًا في أصول اللعبة البحرية في الخليج، على الرغم من أن ادعاءات إيران بامتلاك هذا النظام ليست مؤكدة بعد، كما أن سلامة هذ النظام ذي الأصل الروسي، ومدى الاعتماد عليه، وقدراته، لا تزال مثار جدل.
ثالثًا: الصورايخ الموجهة والصواريخ الحرة
- كانت بحرية الحرس الثوري الإيراني، التي قامت بهجمات اجتياحية أثناء الحرب العراقية-الإيرانية، معرضة للاكتشاف المبكر والاعتراض الجوي وهي في طريقها إلى أهدافها، وذلك رغم أن ما تكبدته من خسائر لم تردع إيران عن الاستمرار في شن هجمات صاروخية وهجمات إضافية باللنشات السريعة. هذا بالإضافة إلى أن حرب لبنان عام 2006 أظهرت للإيرانيين إمكانية إحراز نصر عسكري ضد عدو يتمتع بسيادة جوية (مثل إسرائيل).
- ورغم ذلك فإن بحرية الحرس الثوري الإيراني تأمل أن تقلل في عملياتها البحرية المقبلة نسبة هذا التعرض، وكذلك تقليل خسائرها عندما تتعرض لهجمات العدو الجوية، وذلك عن طريق نشر أعداد كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى، التي يحملها الجنود على أكتفاهم ـ مثل الصاروخ ميثاق 1، 2/ Misagh أرض/جو، والمستخدم على نطاق واسع (تنتجه إيران بموجب ترخيص من الصين للنسخة الصينية QW-1 و QW-m1 )، وأقصى مدى له خمسة (5) كم، كذلك الصواريخ المضادة للهليوكبترات والألغام والصواريخ الساحلية من طراز بانتسير Pantzir ، تورـ م Tor-M- ، YZ-3 الشهاب الثاقب ( FM-80 ) أرض/جو ذو الأصل الروسي.
- وتزهو بحرية الحرس الثوري بترسانة صواريخها المضادة للسفن والتي تدعو للإعجاب. فقد أجرت تعديلات كثيرة في أنظمة التوجيه والسيطرة على الصاروخ الصيني طراز سيلكورم HY-2 Silkwarm المتحرك الذي يطلق من الساحل، والذي كان يشكل لفترة طويلة العمود الفقري لقوة الصواريخ الإيرانية المضادة للسفن بأقصى مدى 85-100 كم. كما قامت إيران أيضًا بتصنيع نسخة معدلة من الصاروخ HY-2 و SSN-4 Red (الرعد Thunder ) الإستراتيجي، وقد تم اختبار الصاروخ رعد لأول مرة في المناورات البحرية بأوائل عام 2007، وهو مصمم للتحليق على ارتفاع أقل من سابقه، الطراز Seer Sucker (C-201) HY-2G ، كما أنه قادر على القيام بمناورات مراوغة خلال المرحلة الأخيرة من تحليقه. وقد ثبت أن هذا الصاروخ، المزود بأجهزة توجيه إيجابية وسلبية، وإجراءات مضادة للإعاقة الإلكترونية المضادة ( ECCMs )، ورأس حربية زنتها 500 كجم، ثبت أنه صاروخ قاتل بالنسبة للسفن الكبيرة.
- ويأتي في خط التصنيع والإنتاج التالي الصاروخ الطواف Cruise المضاد للسفن (طراز نور Noor )، وينتج بموجب ترخيص إنتاج للنموذج الصيني الأصلي C-802 ، المزود برأس حربية زنتها 155 كجم، ومزود بإمكانيات مضادة للإعاقة الإلكترونية المضادة ( ECCM )، وذو مدى أبعد، وقد يكون ببساطة نسخة من الصاروخ الصيني C-803 . ويتم نشر هذا الصاروخ بواسطة بطاريات متحركة بالمناطق الساحلية والجزر الإيرانية في الخليج، بما في ذلك جزيرة (خشم Qeshm ). ويشتمل الصاروخ (نور) على وصلة معلومات لاستقبال بيانات عن الهدف المستهدف في منتصف خط مساره لتعديل توجيهه، وذلك من رادار محمول جوًّا في هليوكبتر وطائره مروحية. وقد قام الإيرانيون بدمج الصاروخ (نور) في أسطول الهليوكبترات التابعة لبحرية الحرس الثوري طراز MI-171 .
- ويبدو أن الصواريخ (سيدجل SIdjil ، و Fl-10 ، ونصرـ1/ Nassr-1 ) والتي يتم تصنيعها محليًّا، هي نسخة من الصاروخ الصيني Jj/TL-63 المضاد للسفن، والذي له رادار توجيه إيجابي، وأقصى مدى له 35 كم.
- والمدى الأكثر تنوعًا لمرمى الصواريخ المضادة للسفن في ترسانة إيران هي سلسلة الصواريخ الصغيرة ( Kosar ). وتشمل هذه السلسلة الصاروخ الموجه بصريًّا بذاته (نظام اضرب وانسَ Fire and Forget ) (Jj/TL-10A) Kosar ، والصاروخ (C-701T) Kosar-1 ، ذات الرأس الحربية زنة 20 كجم وأقصى مدى 15 كم. وتقوم إيران أيضًا بتشغيل النموذج الموجه راداريًّا KJ/TL 108 (وربما يطلق عليه في إيران Kosar-2 ) ذو مدى 18 كم. كما يوجد أيضًا طراز موجه إلكترونيًّا EO ( Kosar-3 ) يماثل تقريبًا C-701T ، ولكن برأس حربية أكبر زنة 120 كجم ومدى أبعد يصل إلى 20 كم. وقد أفادت التقارير عن وجود طرازات محملة على مركبات من الصواريخ ( Kosar )، تم نشرها في عدد من الجزر الإيرانية بالخليج.
- وفيما يتعلق بأنظمة الصواريخ الحرة (غير الموجهة)، فإن أكثرها شيوعًا في قائمة أسلحة بحرية الحرس الثوري الإيراني هو النظام الصاروخي 107 مم المتعدد المواسير Mini MRL والمزود بعدد 10، 11، 12، 19 أنبوب صاروخي، وله مدى مؤثر حوالي 8.5 كم. وبعض أنظمة هذه الصواريخ الحرة MRL قيل إنها مزودة بجهاز توجيه لحفظ التوازن وزيادة الدقة gyro-stabilizer في البحار الهائجة. وبالإضافة لذلك فإن الطراز الأكبر للصواريخ البحرية الحرة ذات الثمانية أنابيب عيار 333 مم (فلك 2 / Falak 2 ) لها مدى 10 كم.
- وفي السنوات الأخيرة استخدمت إيران قذائف المدفعية الصاروخية المتمركزه في قواعد ساحلية (فجر Fajr ) في القيام بمهام الدعم البحري. أما الصاروخ (فجر-3) فإن الرأس الحربية له تزن 85 كجم ويبلغ مداه حوالي43 كم، بينما (فجر-5) الأكبر يتميز برأس حربية زنتها 170 كجم ومدى 70-75 كم. وتفيد التقارير أن إيران تنتج طرازًا من (فجرـ3) بإمكانه إطلاق رأس حربي ذي ذخيرة فرعية Sub Munition حتى مدى 120كم، وأيضًا صواريخ نشر الألغام في حارات الملاحة في الخليج بألغام صغيرة غير مثبتة Ummoored Mines .
رابعًا: الألغام البحرية
- عندما أدركت بحرية الحرس الثوري الأهمية الحقيقية لحرب الألغام البحرية خلال فترة حرب الناقلات، اعتبرت عمليات زرع الألغام واحدة من أهم المهام المكلفة بها في الحرب. لذلك أصبحت تملك وتنتج العديد من مختلف الألغام البحرية، بما فيها اللغم (صادف-01/ Sadaf-01 ) المثبت في الأعماق، وينفجر باللمس (واستخدم بكثافة في حرب الناقلات)، وهو نسخة من اللغم العراقي (المعرة AL.Mara ) والذي بدوره يرتكز على اللغم الروسي M-08 . والألغام التي تثبت في العمق بها منصهرات مغناطيسية وسمعية وضغطية، والألغام التي تلتصق ببدن السفن تستخدمها قوات العمليات الخاصة، كما تستخدم الألغام العائمة، وكذلك الألغام التي يتم تفجيرها عن بعد.
- إن الصعوبة في اكتشاف ألغام الأعماق تناسب المياه التي لا يقل عمقها عن 60 مترًا، بينما الألغام المثبتة تستخدم في المياه الأعمق من ذلك، ولو أن التيارات البحرية في ممر هرمز قوية بالدرجة التي يمكنها أن تحرك كل هذه الأنوع من الألغام عدا المثبتة جيدًا. إن أقصى عمق في مضيق هرمز هو 80 مترًا، وفي الخليج الفارسي يتراوح ما بين 80-100 متر، وعلى الرغم من أن معظم حارات الملاحة هناك لا يزيد عمقها عن 35 مترًا.
- ويمكن لبحرية الحرس الثوري الإيراني أن تكلف اللنشات السريعة والغواصات والسفن المدنية مجهولة الهوية، والتي يتم تشغيلها بأطقم عسكرية، أن تقوم سرًّا بتلغيم حارات الملاحة ومداخل الموانئ على الساحل الغربي للخليج، في الوقت الذي يمكن للغواصين المقاتلين التسلل بواسطة زوارق زودياك Zodiac أو الغواصات التابعة لبحرية الحرس الثوري أو السلاح البحري النظامي أو الذين يتم إنزالهم من الهليوكبترات، بتثبيت الألغام اللاصقة في سفن العدو أو المنشآت النفطية خارج الساحل.
- ويُعرف القليل عن قدرات بحرية الحرس الثوري على إزالة الألغام المعادية والقيام بإجراءات مضادة لها. فبينما لا تزال وحدات سلاح البحرية النظامية تقوم بتشغيل 4-5 هليوكبترات سيكورسكي RH-53D (تستخدم بواسطة البحرية الأمريكية في القيام بالإجراءات المضادة للألغام عن طريق الجو)، فإنه لا يوجد أدلة على وجود أية أنظمة لإزالة الألغام في قائمة وحدات وأسلحة بحرية الحرس الثوري. ومن المحتمل أن تكون قد قامت بأبحاث ذات مغزى حول هذا الموضوع، ولكن لم يعرف إلى أي مدى وصلت إليه.
خامسًا: الطيران
- تتوقع وحدات بحرية الحرس الثوري الإيراني أن تتلقى الدعم الجوي القوي من قائمة سلاح طيران الحرس الثوري الإيراني الصغيرة، والتي تتكون من 12 مقاتلة قاذفة SU-25 ، 15 مقاتلة طراز EMB-312 Tucano ، وجميعهم يقومون بمهام الهجوم الأرضي. كما تتوقع أيضًا أن تتلقى دعمًا من المقاتلات الفانتوم F-4 ، Su-24 Fencer والمسلحة بالصواريخ المضادة للسفن (نور).
- ويمكن لبحرية الحرس الثوري القيام بإغارات بواسطة الكوماندوز نهارية أو ليلية، وذلك بإقحام وحدات العمليات الخاصة البرية (ساعبرين Saaberin ) باستخدام الهليوكبترات MI-171 المزودة بمعدات رؤية ليلية من نوع IEI ، كما يستطيعون أيضًا استخدام الهليوكبترات MI-171 المسلحة بصواريخ (نور) للقيام بهجمات بعيدة المدى ضد السفن المعادية.
- وقد نشرت بحرية الحرس الثوري مؤخرًا أنواعًا عديدة من الطائرات بدون طيار والمصنوعه محليًّا. وقد بدأت إيران العمل في مجال تصنيع الطائرات بدون طيار في عام 1985، بما في ذلك نماذج بإمكانها أن تتسلح بصواريخ حرة أو قنابل لتنفيذ مهام على طريقة مهام (الكاميكاز) اليابانية. وقد تم تطوير هذه الطائرات بدون طيار لمواجهة الزيادة في التواجد البحري الأمريكي القوي في الخليج الفارسي منذ منتصف الثمانينيات وحتى نهايتها، ولكنها لم تستخدم أبدًا في الساحة البحرية (هذا رغم أن طائره بدون طيار محملة بصواريخ حره، قادرة على التسلح بحوالي 7 مقذوفات RPG-7 استخدمت في القتال ضد القوات البرية العراقية، (وكانت أول مرة تستخدم فيها على مستوى العالم الطائرات المقاتلة بدون طيار).
- إن التجارب الإيجابية التي جرت في الحرب، وأثبتت فاعلية الطائرات بدون طيار، دفعت القادة الإيرانيين إلى استثمار مبالغ كبيرة في صناعة الطائرات بدون طيار، وأصبحت إيران تنتج الآن عائلات مختلفة من هذا السلاح. ففي أكتوبر 1997 أعلنت إيران عن نجاحها في اختبار طائرة بدون طيار تقوم بمهام التسلل الاستطلاعي لا يمكن اكتشافها راداريًّا (تعمل بنظرية ستيلث Stealth ، وصنعت من مواد مركبة Composite Materials ، وذلك أثناء مناورات بحرية أجريت في شمال الخليج الفارسي، وادعت إيران أن هذه الطائرة بدون طيار بالقرب من حاملة الطائرات الأمريكية USS Nimitz ولم تكتشف.
سادسًا: الاعتماد على النفس
- تقوم بحرية الحرس الثوري بإدارة منظمة أبحاث الاعتماد على النفس المبتكرة، ولها مكاتب مختلفة تتعامل مع الهندسة البحرية، والحروب فوق وتحت الماء، والإلكترونيات، والاتصالات، والرادارات، والحرب الإلكترونية البحرية (ومنها على سبيل المثال معدات التشويش والإعاقة على الرادارات وأجهزة الاتصالات وأنظمة تحديد المواقع الكونية GPS )، هذا بالإضافة للملاحة، ومعدات السونار والأجهزة الصوتية، وتكنولوجيا الصواريخ، وعلم رسم الخرائط.
- وقد خطت قدرات القوات البحرية خطوات واسعة في مجال الاتصالات منذ عام 1986، عندما قامت بتصميم أجهزة اللاسلكي التي لم تكن لها وقاية من الماء في منتصف القتال. واليوم -على سبيل المثال- تنتج مؤسسة الصناعات الإلكترونية (شيراز) مجموعة متعددة من أجهزة الاتصالات البحرية (فوق السطح وتحت الماء)، كما تنتج أيضًا معدات الملاحة، ومعدات كشف الأصوات، بما في ذلك أجهزة HF modems (وهي جزء من معدة إلكترونية تسمح للمعلومات بالمرور من الكمبيوتر عبر أسلاك هاتفية إلى كمبيوتر آخر)، والرادارات الساحلية المتحركة، ومحطات إجراءات الدعم الإلكتروني ( ESM ). وعلى نفس المنوال يقال إن منظمة الاعتماد على النفس البحرية طورت معدات حرب إلكترونية، تستخدمها كلا الوحدات البحرية العاملة فوق السطح وتحت الماء، ومصممة لمواجهة الأنظمة الأمريكية المتواجدة في منطقة الخليج.
- والأهم من ذلك، من وجهة نظر إمكانيات بحرية الحرس الثوري، ما يقال حول قيامها بإنشاء شبكة اتصالات تعتمد على معدات (فايبر بصرية Fiber-Optics )، وأن شركة Asia Ertabat هي التي قامت ببناء هذه الشبكة، وأن هذه الشبكة تمتد على طول شاطئ الخليج الفارسي الشمالية، وذلك بهدف تأمين استمرارية الاتصالات أثناء الحرب.
سابعًا: التنظيمات والقواعد البحرية الرئيسية
- تم إنشاء بحرية الحرس الثوري الإيراني في 17 سبتمبر 1985 بقيادة حسين علائي (حاليًّا يعمل مستشارًا عسكريًّا للقائد الأعلى آية الله علي خامنئي). ويتواجد مقر مركز القيادة الرئيسي لهذه القوة البحرية في شرق طهران، وتتكون منطقة مسئولية عملياتها من أربعة مناطق فرعية، كما هو موضح بالجدول المرفق. وتتواجد لبحرية الحرس الثوري قواعد في معظم القواعد والموانئ البحرية والجزر المتواجدة على الخليج الفارسي وخليج عمان، ولكن قياداتها الجنوبية متواجدة في القاعدة البحرية (الهيد باهونار) ومحطة بندر عباس البحرية- الجوية.
جدول رقم (1) مناطق عمليات بحرية الحرس الثوري
الاسم
اسم القاعدة الرئيسي
المكان
القائد
المنطقة البحرية الأولى
القاعدة البحرية الشهيد باهونار
بندر عباس، مضيق هرمز
سردار ـ علي رضا تانجسيري
المنطقة البحرية الثانية
القاعدة البحرية الشهيد محلاتي
بوشهر، وسط الخليج الفارسي
سردارـ علي رازمجو
المنطقة البحرية الثالثة في الشمال
-
ماهشاهر، شمال الخليج الفارسي
باسدار كولونيل ـ تاجيبور رضاي
المنطقة البحرية الرابعة
-
بايولسار، على بحر قزوين
باسدار كابتن ـ سيف الله باختيار ناند
-
قاعدة الإمام على المستقلة
شاهبار ـ خليج عمان
باسدار كابتن ـ علي ناسيتكو
- وتشمل القواعد البحرية الأساسية الأخرى لإيران: قاعدة الشهيد محلاتي البحرية، ومحطة بوشهر الجوية- البحرية، وقاعدة أرفاند للاستطلاع البحري عند مصب شط العرب (طريق أرفاند)، والتي تؤمِّن الجانب الإيراني من الممر المائي، وقاعدة الإمام علي البحرية في شاباهار، وكذلك قواعد أخرى في الصالحة، يورازجان (مقر القيادة الهندسية لبحرية الحرس الثوري، وبندر تاهيري، جاسك (قاعدة الإمامات الصاروخية البحرية). هذا إلى جانب تسهيلات بحرية في الجزر: خرج، أبو موسي، طنب، فارسي، خشم، سيري، لاراك، ولافان. وترأس بحرية الحرس الثوري أيضًا أنشطة موسعة لتدريب الضباط وجنود الصف في كلية “,”جواد الآمح“,” للتكنولوجيا والعلوم البحرية في مدينة جالوس على ساحل بحر قزوين. وأخيرًا أنشأت بحرية الحرس الثوري شبكه موسعة من الأنفاق وملاجئ للصواريخ تحت الأرض في جزر الخليج الفارسي، وبما حوّل هذه الجزر إلى ما يسمى بـ“,”السفن الحربية الثابتة Static Warships “,”.
- وفي طهران أفقدت أحداث عامي 1987، 1988 المفهوم الذي كان سائدًا بأن الحماس الديني وحده بإمكانه أن يهزم التكنولوجيا المتفوقة وقوة النيران. وقد أدى هذا التحول إلى التفكير في المتطلبات المستقبلية والقدرات التكنولوجية اللازمة، على الرغم من أن الاعتماد على التكتيكات غير التقليدية بقيت دون تغيير. ولذلك، وبعد انتهاء الحرب في عام 1988 تقرر أن يجري تفاعل كبير بين كل من السلاح البحري النظامي وبحرية الحرس الثوري، وتبادل خبراتهما القتالية وبما يحقق الفائدة لكليهما. ولهذه الغاية تم تعيين قائد بحرية الحرس الثوري قائدًا للسلاح البحري النظامي؛ وذلك بهدف تسهيل وتعميق التنسيق والتعاون بين القوتين البحريتين في أرض المعركة، وحل المشاكل الناتجة عن وجود سلسلتين متوازيتين من القيادة البحرية في السلاح البحري النظامي وبحرية الحرس الثوري.
- وتفيد آخر التقارير القادمة من إيران أن بحرية الحرس الثوري في طريقها إلى التخلي عن -أو تقليص دورها بدرجة كبيرة- دورها الأمني في بحر قزوين، وإحالة هذه المسئولية إلى السلاح البحري النظامي. وبدلاً من ذلك تركز بحرية الحرس الثوري مواردها وجهودها في منطقة السواحل الجنوبية المخلخلة لإيران على الخليج الفارسي، حيث يمكنها أن تلعب دورًا محكمًا فيها، وحيث يمكن وضع الوحدات الخفيفة التابعة للسلاح البحري النظامي والمشكلة حديثًا تحت السيطرة الكاملة في مسرح عمليات بحرية الحرس الثوري، وهو الأمر الذي سعى له فيلق الحرس الثوري (بازدران) منذ الحرب العراقية - الإيرانية.
- وفي نفس الوقت، فإن السلاح البحري النظامي في طريقه إلى تجنب التكتيكات البحرية التقليدية والاتجاه نحو تطبيق تكتيكات وأساليب قتالية تتبعها بحرية الحرس الثوري، مثل العمليات البحرية تحت الماء باستخدام الغواصات الصغيرة، والعمليات الهجومية باللنشات السريعة، وحرب الألغام الهجومية. وقد أطلق قائد سلاح البحرية النظامي منذ وقت قريب على هذا التحول في العقيدة والتكنولوجية البحرية “,”عصر النهضة“,”.
- وتتوقع بحرية الحرس الثوري أنه في وقت الحرب، سيحاول الأعداء المحتملين شل وإعاقة نظام القيادة والسيطرة فيها، وللرد على ذلك قامت بإنشاء هيكل غير مركزي للقيادة يسمح بأن تسير العمليات بين المناطق والقطاعات بطريقة مستمرة. وتعتبر الوحدات القتالية الصغيرة والمستقلة والسريعة والمتحركة خفيفة الحركة، هي التي تشكل أساس البناء المتماسك لهذه الإستراتيجية الدفاعية الفسيفسائية الجديدة. وفي الساحة البحرية، سوف تخرج اللنشات الصغيرة من مواقعها وملاجئها المحصنة والمموهة جيدًا والمتواجدة على الساحل أو في الداخل، وتُحمل على مقطورات إلى نقط الإنطلاق الساحلية، وستُخصص لها مهام قتالية محددة لا تتطلب منهم أن يظلوا على اتصال بسلسلة قياداتهم الأعلى. وكل وحدة من مجموعات القتال سيخصص لها قطاع العمليات البحرية، بحيث تقوم في حالة نشوب الحرب بالهجوم على الأهداف ذات الأهمية الخاصة البحرية والساحلية، أو خطوط الملاحة المدنية التابعة لها. ومن المتوقع في ظل ظروف الحرب أن تنتقل من مركز قيادتها المتقدم، المعروف بـ القيادة العامة (نوح)، كما كان الحال أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية، إلى مركز قيادة آخر تبادلي غير مرصود من قبل الأعداء.
أسماء مراكز القيادة
التفاصيل
القيادة التكتيكية (نوح)، القيادة التكتيكية (شهاب الزمان)- في مضيق هرمز، قيادة العمليات الجوية والدفاع الجوي (نصر)
مقر قيادة أسطول الخليج الفارسي ومدرسة المعطس، ويشمل الأسطول سفينة القيادة لبحرية الحرس الثوري (ولايات)، والغواصات الصغيرة، وعدد من اللنشات المتنوعة لإطلاق الصواريخ.
القيادة التكتيكية (محرم)
مقر مجموعة اللنشات السريعة المخصصة لرد الفعل السريع من قبل بحرية الحرس الثوري، ومجموعة (سلمان) الصاروخية الساحلية، مركز (صابر) للاتصالات، لواء الصواريخ البحرية رقم 110، وعدد من لنشات الصواريخ.
القيادة التكتيكية (الإمام الحسين)
تعتبر واحدة من أكبر القواعد البحرية القتالية الصاروخية والإلكترونية التابعة لبحرية الحرس الثوري. وتشمل قاعدة (أرفاند) البحرية للاستطلاع عند مصب شط العرب، وهي تحت قيادة الكولونيل “,”أبو الجاسم أمنجاه“,”، ويتضمن الأسطول لنشات صواريخ صغيرة ولنشات مدفعية.
مقر كلية (جواد الأئمة) البحرية العلمية والتكنولوجية، تحت قيادة الكابتن (ناجي بوررضا)، ويتضمن الأسطول FACs لنشات سريعة الهجوم.
يشمل الأسطول نماذج مختلفة من لنشات الصواريخ، ومن المحتمل أيضًا غواصات صغيرة.
ثامنًا: النوايا
- قال الجنرال محمد علي جعفري، القائد العام لفيلق الحرس الثوري في 2 يوليو 2008: “,”إن حربنا هي حرب بين ديننا وبين كل ما عدانا في العالم الرأسمالي؛ ولهذا فإن هذه الحرب ليس لها حدود. إن حربنا هي حرب الإيمان والتقوى. وهذا هو ما يرسم إستراتيجيتنا“,”.
- حاولت إيران مرارًا خلال الثمانينيات أن تتجنب جر القوات الأمريكية إلى حرب مع العراق، وهو ما فسرته الولايات المتحدة باعتباره علامة على الحصافة والالتزام بضبط النفس، ويحقق قدرًا من التوازن في القوى في الخليج. وفي أي مواجهة عسكرية في المستقبل مع الولايات المتحدة، فقد تتحلى إيران مرة ثانية بضبط النفس؛ لكي تتجنب تصعيد الصراع بطريقة قد تطلق العنان لقوة الولايات المتحدة لشن حرب تتراوح ما بين متوسطة الشدة إلى حرب ذات حدة عالية، وذلك باتباع تكتيكات عاقلة، مثل زرع الألغام سرًّا وعمليات محدودة بالغواصات، وهجمات صاروخية من القواعد الساحلية المتحركة من آن لآخر. وكانت تجربة ذلك العملية التي وقعت في 18 يونيو 2008.
- واختبارًا، بإمكان إيران أن تشن هجومًا متناسقًا يشمل استخدام قوارب محملة بالمتفجرات يتم السيطرة على حركتها وتوجيهها لتنفجر في الأهداف المخصصة عن بعد بواسطة الريموت كنترول، وهجمات كاسحة بواسطة اللنشات السريعة، وهجمات بواسطة لنشات الطوربيد نصف غواصة Semi-Submersible torpedo boats واللنشات سريعة الهجوم FACs ، والطائرات بدون طيار الانتحارية، والغواصات الهجومية الصغيرة، والصواريخ الساحلية المضادة للسفن، ونيران المدفعية، بحيث يمكن تركيز قدرات جميع هذه الأسلحة والوسائل القتالية في شن هجوم منسق ضد قافلة تحرسها بحرية الولايات المتحدة، أو ضد مجموعة سفن سطح أثناء عبورها مضيق هرمز، وذلك بإطلاق غلالات من الصواريخ ذات الرءوس العنقودية بهدف إخماد وسائل نيران العدو الدفاعية وعمليات حاملات الطائرات.
- وقد كشفت مباراة حربية تدريبية (ذات جانبين) أجرتها العسكرية الأمريكية في عام 2002 أطلق عليها (التحدي الألفي) عن وجود خلل كبير في الأسطول الأمريكي ونقاط تعرض وضعف عديدة فيه إذا ما تعرضت قطع البحرية الأمريكية في الخليج لهجوم منسق جيدًا بواسطة صواريخ بالستية وكروز، مع هجمات كاسحة بواسطة لنشات الصواريخ السريعة في المياه الساحلية، مسببة “,”أسوأ هزيمة (ممثلة) بحرية منذ معركة بيرل هاربر التي وقعت أثناء الحرب العالمية الثانية“,”. ومنذ إجراء هذه المباراة الحربية، قامت المؤسسات العسكرية الغربية بدراسة مفهوم الحرب التي تديرها شبكة “,”النت المركزية“,” net-centric في البيئة البحرية، وبصفة خاصة ضد هجمات كاسحة، ويتوقع أن تساهم هذه الفكرة، والتي نبعت من التفوق المعلوماتي في ميدان المعركة، في تقليص نقاط الضعف والتعرض في البحرية الأمريكية والغربية، إذا لم تمنعها.
- ومن منطلق عقيدة الحرب البحرية اللانظامية، بدأت المؤسسة العسكرية الإيرانية برنامج إعادة تسليح وإعادة تجهيز بالمعدات خلال العقد الماضي؛ وذلك بهدف معادلة (تحييد) الوجود البحري الأمريكي في الخليج الفارسي. ويبدو أن الإيرانيين واثقون بأن دفاعاتهم المكثفة والمتعددة المستويات التي أوجدوها في الخليج، وذلك بالتوازي مع تكتيكاتهم الكاسحة، والخوف المنبعث من ثقافة الاستشهاد في نفوس العدو، سوف يردع أي هجوم ضد أراضيهم ومصالحهم.
- وتنهض السياسة الدفاعية الإيرانية على الردع، وعلى الرغم من تصريحات طهران بأن ليس لها أي أهداف للهجوم على الدول المجاورة لها؛ فإنه لا يمكن استبعاد أن تقوم إيران بشن هجمات إجهاضية ضد بحرية الولايات المتحدة وبحرية الدول العربية الخليجية، وأي قوى بحرية أخرى في المنطقة في ظل ظروف معينة. ففي الإسلام يسود الاعتقاد العام بأن الحرب لا تشن إلا لأغراض الدفاع. وطبقًا للشريعة الإسلامية، كما تعرفها قوانين خدمة الميدان التي يتبعها الحرس الثوري الإيراني، فإن “,”الجهاد الإجهاضي Preemptive Jihad “,” يمكن تقنينه دينيًّا إذا ما تم تعريفه بإعتباره عملاً دفاعيًّا. ومن هنا، فإن المبادأة بالجهاد تكون فرضًا عندما يكون ضروريًّا. بالإضافة لذلك فإن حرب عام 2006 في لبنان أظهرت مزايا الهجوم الإجهاضي. وفي هذا الشأن تعتبر عمليات حزب الله التي قام خلالها بخطف وقتل جنود إسرائيليين، قد أجهضت نوايا أمريكية وإسرائيلية لشن حرب واسعة ضد حزب الله، وتدعي إيران بشكل قاطع أن هذا الهجوم الأمريكي والإسرائيلي الذي تم إجهاضه بواسطة حزب الله، كان من المخطط تنفيذه في شهر سبتمبر أو أكتوبر 2006.
- وعلى هذا الأساس قامت بحرية الحرس الثوري بمساعدة حزب الله في بناء قدراته البحرية الوليدة من خلال إقامة تحالف عسكري حديث يحمل صدى من الماضي البعيد. فقد كلف الفرس الأخمنيد القدامى أجهزة الفينيقيين التي كانت تجوب البحار ببناء بحرية لهم؛ حتى يتمكنوا من توسيع الإمبراطورية الفارسية حتى البحر المتوسط وفيما وراء ذلك. وفي أثناء العصر الإسلامي كان بنَّاؤو السفن الفينيقيون الذين عاشوا في فينيقيا (الآن سوريا ولبنان)، هم الذين ساعدوا الحلفاء العرب في بناء بحرية لهم حاربوا بها البيزنطيين.
- إن التاريخ أعاد نفسه عندما بدأت بحرية الحرس الثوري الإيراني في مساعدة حزب الله على إنشاء وتدريب رجال ضفادعهم البشرية ووحداتهم البحرية في التسعينيات. وقد أوكلت هذه المهمة إلى رئيس العمليات البحرية في بحرية الحرس الثوري “,”عبد الله روضاكي“,”، والذي كان علامة أساسية في اختراع تكتيكات بحرية الحرس الثوري وأساليب عملياته ضد البحرية الأمريكية في الثمانينات. وطبقًا لما ذكرته إحدى الصحف الإيرانية كان مطلوبًا قتله بواسطة عملاء المخابارت الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما تم فعلاً عندما قتله رجل مسلح مجهول في مايو 2000.
- وتعتقد بحرية الحرس الثوري أن سلسلة قيادتها تمتد من خلال القائد الأعلى على خامنئي إلى الله، وعلى هذا فهي تغلف كل ما يصدر عنها من أوامر وتعليمات عسكرية بالقوة المعنوية، وبما يزرع الخوف في قلوب أعداء إيران، بجعلهم يعتقدون أن الله يقف بجانب الجمهورية الإيرانية الإسلامية. وعلى الرغم من ذلك اعترف أحد كبار قادة الحرس الثوري، مؤخرًا، بأن منظمته لا تزال معرضة للهزيمة في عصر حرب تديرها شبكة النت من كمبيوتر، وهي ثقافة الغزو الغربية ذات الأثر المدمر والخطير.
- وليس سرًّا القول بأن الهدف الأسمى لطهران ليس هو فقط طرد النفوذ الأمريكي والغربي من منطقة الخليج الفارسي فقط، ولكن طردها من كل منطقة الشرق الأوسط أيضًا. فقد طالب الرئيس الإيراني بإزالة كل القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة خارج الولايات المتحدة. أما الآن، فإن تركيز إيران الأساسي فهو على الخليج الفارسي.
- وطبقًا لما قاله ممثل آية الله خامنئي لقوات الحرس الثوري “,”لقد حان الأوان لهزيمة القوى العظمى“,”. وفي يوليو 2008، ولأول مرة يرفع الكومودور “,”سافاري“,” من قدر بحرية الحرس الثوري باعتبارها الحامية للشريان الحيوي للطاقة العالمية من خلال مضيق هرمز.
- ومنذ أواخر الثمانينيات كان الهدف الرئيسي لفيلق الحرس الثوري، هو أن تكون قدرات البحرية الإيرانية عاملاً مهمًّا لمواجهة التهديدات الأمريكية التي تم تقييمها، وذلك إما من خلال الخطب الرنانة، أو المناورات العسكرية التي يصاحبها توجه إعلامي ودعائي ضخم، أو عن طريق تحرشات فعلية، مثل اختطاف أفراد عسكريين بريطانيين، أو تحرشات بالسفن الحربية الأمريكية في الخليج. وقد زاد تكثيف هذا التوجه بواسطة المناورات العسكرية التي أجريت في نوفمبر 2006 عندما قام فيلق الحرس الثوري بإجراء تجارب على إغلاق مضيق هرمز بواسطة عمليات لنشات الصواريخ، والهجوم بالصواريخ الساحلية المضادة للسفن، ونيران المدفعية والقذائف الصاروخية بعيدة المدى.
- وقد تم التخطيط لهذه المناورات بمصاحبة دعاية، وعمليات حرب نفسية واسعة قامت بها قيادة الحرس الثوري، وكانت إلى حد بعيد بمثابة تدريب على ممارسة الحرب النفسية، ولاستعراض قدرات إيران العسكرية. وفي الواقع فإن الدمج بين التدريبات العسكرية والتدريب على الحرب النفسية، الذي قامت به أثناء هذه المناورات مكاتب إيرانية متخصصة في الدعاية والعلاقات العامة، تبرز الأهمية التي يوليها الإيرانيون للحرب النفسية باعتبارها دلالة على القوة الكامنة لإيران. وفي 6 يناير 2008 قامت ست (6) لنشات سريعة تابعة لبحرية الحرس الثوري بمناورة عدوانية حول ثلاث سفن حربية أمريكية كانت تعبر مضيق هرمز؛ وذلك في محاولة واضحة لجس رد الفعل الأمريكي وتخويف الولايات المتحدة. ولم تكن هذه هي أول حادثة تتدخل فيها إيران بمثل هذا التكتيك. فقد كانت الحرب النفسية لإيران إبان فترة الحرب العراقية-الإيرانية تشمل تثبيت أشياء مشكوك في حقيتها باعتبارها ألغامًا في طريق تحرك القوافل التي تصاحبها سفن أمريكية، مثل إطارات العربات المملوءة بالهواء، وصناديق كبيرة مطلية بألوان معينة، وقوارب بدون ملاحين. وأقرب مثال لهذا الدمج الدعائي مع العلاقات العامة كان الإعلان الذي نشرته وكالة الأنباء الإيرانية -ولم يعلن عن مصدره- عن العقيدة الجديدة للحرس الثوري التي تقول: “,”نتواجد في كل مكان ولا في مكان“,”. وقد تم تجربتها -كما يقال- أثناء آخر مرحلة في مناورات الرسول الأعظم في الخليج الفارسي ومضيق هرمز في يوليو 2008.
ويشير التقرير إلى أن بحرية الحرس الثوري قد نجحت في تنفيذ خطة نشر أكبر قوة لها خلال هذه المناورات، كما أجرت تدريبات بإطلاق ذخائر حية دون أن يلحظ ذلك أحد، وأن الرمايات الحية التي جرت تمت بواسطة عدد من الصواريخ المضادة للسفن والطوربيدات لم يسبق تنفيذها في المناورات البحرية السابقة والتي جرت في المنطقة.
- وأخيرًا فإن إيران في طريقها إلى نشر عقيدة “,”ثقافة الحرب اللانظامية“,” من خلال الحرب النفسية. وأن الدفاع عن الثقافة الثورية للجمهورية الإسلامية ضد الغزو الثقافي الغربي، كان دومًا الجوهر الرئيسي للفكر الإيراني منذ قيام الثورة الإسلامية في عام 1979. وعلى هذا فإن “,”الدفاع الثقافي“,” هو جزء حيوي من الحرب غير النظامية، وهي حرب تشمل خمسة عناصر رئيسية: إعداد نفسي للحرب، والإعداد لعمليات حرب نفسية داخل محتوى الحرب اللانظامية، والتأثير على الرأي العام المحلي والدولي، ومراقبة أنشطة الحرب النفسية للعدو، وتنفيذ عمليات نفسية هجومية على مختلف المستويات.
القسم الرابع: سيناريوهات الصراع
- يعرض هذا القسم نظرة عامة لكيفية سير الأمور في مختلف قطاعات منطقة الخليج، في حالة نشوب صراع مسلح بين إيران والولايات المتحدة.
أولاً: قطاع شط العرب وشمال الخليج الفارسي
- نتج عن عدم تحديد خطوط الحدود شمال الخليج، فإن هناك احتمالية كبيرة لوقوع مواجهة بين قوات الولايات المتحدة وبريطانيا ودول حليفة أخرى، وبين بحرية الحرس الثوري الإيراني التي قد تحاول القيام بعمليات اختطاف وأسر قوارب أخرى في المياه المتنازع عليها في شط العرب، على نمط عملية اختطاف قارب البحرية البريطانية في العام الماضي. فإذا ما أدى مثل هذا الصدام إلى وقوع خسائر مادية أو في الأرواح في الجانب الإيراني؛ فإن إيران سوف ترد بهجمات صاروخية مضادة للسفن من المواقع الساحلية المتواجدة شرق ماهشهر، كما قد تشن هجمات ضد طائرات الهليوكبتر التابعة للتحالف الغربي والعاملة في المنطقة.
- وسوف تزيد هذه الأفعال من فرص انتشار الصراع المسلح إلى القطاعات الجنوبية من الخليج ومضيق هرمز. فإذا ما أصاب رد قوى التحالف الغربي أي أهداف إستراتيجية إيرانية، مثل منشآت صناعة النفط، فسيكون رد الإيرانيين بالمثل، ويحاولون تدمير، أو على الأقل الاستيلاء مؤقتًا على نهايتي خط النفط الإستراتيجيتين العراقيتين الواقعتين على الساحل العراقي، وتقوم قوات التحالف بحراستهما، وذلك باستخدام معدات رادار وإلكتروبصرية للاستطلاع والمراقبة.
ثانيًا: وسط وجنوب الخليج الفارسي
- إن فرض حصار بحريٍّ على إيران (وهو ما اقترحه رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت أثناء محادثاته مع المسئولين الأمريكيين في واشنطن في مايو 2008)، أو توجيه ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية، قد يؤدي ذلك إلى رد إيراني يستهدف الموانئ والمنشآت البحرية وناقلات النفط ونهايات خطوط النفط، وأي منشآت إستراتيجية أخرى متواجدة على الساحل الغربي للخليج، وتابعة لدول الخليج العربية ممن تعتقد إيران أنها تشارك أو تدعم أو تسهل الأعمال العسكرية للتحالف الغربي ضدها.
- وبالإضافة لذلك فإن الممر الملاحي الضيق الذي يمر بين جزيرة فارس والمياه الجنوبية الضحلة، وهو الخط الملاحي المستخدم إلى الكويت، يعتبر مكانًا مناسبًا للتلغيم، كما أن الممر المائي الأعمق والأعرض الواقع شرق جزيرة فارس الذي لا يناسب الألغام الثابتة (على الرغم من أنه يناسب الألغام الطافية) سيكون معرضًا لهجمات الصواريخ الساحلية المتمركزة على الساحل الإيراني.
- وفي حالة نشوب الحرب، فإن القوات الإيرانية التقليدية وغير التقليدية سوف تهدد ليس فقط المنشآت العسكرية الأمريكية في البحرين وقطر وأي مكان آخر في المنطقة، ولكن ستهدد أيضًا منشآت النفط والغاز البحرينية والقطرية (وعلى وجه الخصوص مصانع النفط القطرية الساحلية التي يصلها نصيب قطر من الغاز الذي تتقاسمه مع إيران من حقل الغاز الكبير).
- إن الوحدة الضخمة العائمة Knock Nevis المستخدمة لتخزين النفط وتفريغه، والراسية بالقرب من حقل نفط آل شاهين في المياه القطرية، وكانت في السابق ناقلة النفط العملاقة Sea Wise Giant ، (كانت تعتبر أكبر سفينة في العالم)، وطاقتها الآن حمولة 564.765 طنًّا، ستكون هدفًا ثابتًا ومغريًا للصواريخ الإيرانية HY-2 وطراز (رعد).
ثالثًا: مضيق هرمز
- قدرت الولايات المتحدة في عام 1987 أن إيران بإمكانها إغلاق مضيق هرمز لمدة أقصاها 1-2 أسبوع، إلا أن قدرات إيران الحالية لمنع المرور في المضيق تتجاوز إلى حد كبير تلك القدرات التي كانت لديها في الثمانينيات. وقد أشارت إيران مؤخرًا أنه في حالة وقوع مواجهة مع الولايات المتحدة، فسوف يكون هدفها هو “,”السيطرة“,” على المضيق، وهو ما يتناقض مع “,”إغلاق المضيق“,”.
- ومن المحتمل جدًا أن تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز فقط في حالة ما إذا لم تتمكن السفن الإيرانية بطريقة أو أخرى -أو حُرمت- من استخدام هذا الممر المائي. ولهذا، فإنه حتى في حالة شن هجوم أمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، على سبيل المثال، فلا يبدو محتملاً أن تحاول إيران غلق المضيق أمام جميع السفن طالما أن شحناتها من النفط مستمرة في المرور من خلال هذا الممر المائي.
- وفضلاً عن ذلك، ستحاول إيران فرض قدر من السيطرة على المضيق؛ وذلك بمنع المرور الحر لناقلات النفط التابعة لدول تؤيد الهجوم الأمريكي ضد إيران، على الرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى تصعيدات أخرى.
رابعًا: خليج عمان وما وراء ذلك
- وفي حالة وقوع مواجهة عسكرية في الخليج الفارسي، فقد تسعى إيران إلى توسيع العمليات البحرية إلى جنوب خليج عمان وبحر العرب. وقد تكون أماكن رسو السفن أمام الساحل العماني الذي تستخدمه ناقلات النفط قبل دخولها الخليج، مكانًا مغريًا لزرع الألغام، كما كان الحال أثناء الحرب الإيرانية العراقية. ولكن لأن معظم السفن الحربية الإيرانية مخطط لها القيام بعمليات حربية في المناطق الساحلية، فسيكون من الصعب على إيران القيام بعمليات بحرية قتالية في منطقة خليج عمان وما وراءها. ومع ذلك فإن أي محاولات غزو مؤقته أو شن ضربات عرضية ضد أهداف في هذه المياه، سيكون كافيًا لإثارة المخاوف في أسواق الزيت والتأمين.
خامسًا: بحر قزوين
- يتسم قطاع حوض بحر قزوين ببيئة جغرافية مختلفة تمامًا عن القطاعات البحرية الأخرى؛ حيث تتواجد بلدان شاطئية أخرى تشارك إيران في الإشراف على بحر قزوين، خاصة روسيا التي لها وجود عسكري قوي، وفي هذه البيئة تفقد إيران ميزتها العسكرية. ورغم ذلك فإنها تحاول تعويض هذا النقص ببناء ونشر لنشاتها الصاروخية وفرقاطاتها في بحر قزوين، وذلك في أعقاب رفض روسيا منذ سنوات قليلة مضت السماح للسفن الحربية الإيرانية بالإبحار في ممراتها المائية (بناء على قراءة موسكو لمعاهدة ثنائية موقعة بين البلدين).
- وتحاول إيران أن يكون لها وجودٌ ما في هذه المنطقة حاليًّا؛ ذلك لأن نصيبها من الملاحة في بحر قزوين يقل عن 15%. كما تعتمد إيران أيضًا على روسيا في استيراد الأسلحة والتقنية النووية، والأهم من ذلك هو اعتماد إيران على التأييد السياسي الروسي لها. ومع ذلك، وبسبب الأهمية الاقتصادية للمنطقة لما تمد به من مصادر طاقة، ولأن الشكل القانوني الذي يحكم العلاقات بين دول ساحل بحر قزوين لم يحسم بعد، ومع تزايد أهمية وخطورة الدور الأمريكي المتنامي في القوقاز؛ فإن منطقة بحر قزوين ستظل نقطة الوميض القوية التي يتوقع أن تقويها بحرية الحرس الثوري الإيراني، بما تمده فيها من طرق وخطوط سكة حديد وطيران كلما احتاج الأمر ذلك.
- ولأن التهديدات التي تُطلق من منطقة بحر قزوين لا تؤثر في جوهر مهمة بحرية الحرس الثوري (بمعنى حماية إنجازات ومبادئ الثورة الإيرانية ونظامها السياسي)، تفضل بحرية الحرس الثوري تركيز مصادر قوتها في منطقة الخليج الفارسي. وقد سبق أن صرح القائد الأعلى، آية الله خامنئي، بأن آسيا الوسطى بسكانها المسلمين الكثيرين، من المتوقع أن تكون المسرح القادم لإيران للنضال ضد الولايات المتحدة وحتى روسيا، وهو يعني بهذا أن منطقة بحر قزوين ستكون في يوم من الأيام ساحة لعمليات بحرية الحرس الثوري.
الخلاصة
- لقد طورت إيران عقيدة شاملة للحرب اللانظامية، مبنية على سابق تجربتها خلال الحرب العراقية-الإيرانية، وأيضًا في ضوء الصراعات الجارية في العراق وأفغانستان ولبنان. وبفضل جهودها لتطوير قدرة عسكرية لانظامية قوية في المجال البحري؛ فقد أصبحت إيران تمسك بزمام الأمور في الخليج الفارسي، ومضيق هرمز، الذي يعتبر شريان العالم الحيوي للحصول على النفط.
- وكجزء من هذا المجهود، قامت إيران بتوسيع دور وقدرات بحرية الحرس الثوري الإيراني بشكل كبير، بما في ذلك قدراتها على تصعيد مجال وحدّة أي صراع بإظهار قوة إيران في هذه الساحة الإستراتيجية. ومن الأهمية تذكر أنه أثناء أحداث السنتين الأخيرتين من الحرب العراقية-الإيرانية 1987، 1988، كانت بحرية حرس الثوري ما زالت في دور الإنشاء، وكانت مصادرها وتجارتها محدودة أثناء مواجهتها مع البحرية الأمريكية. أما بحرية الحرس الثوري في تجسيدها الحالي فقد أصبحت ذات دوافع عالية، ومسلحة تسليحًا جيدًا، ولديها تمويل جيد؛ وبذلك أصبحت قادرة على تنفيذ عقيدتها الفريدة في الحرب البحرية اللانظامية.
- إن تطبيق إيران لهذه العقيدة في هذه المنطقة الحيوية قد يترتب عليه نتائج خطيرة لما ستتسبب فيه من قلاقل كبيرة ومثيرة. إلا أنه في نفس الوقت توجد حدود لما قد يمكن إحرازه عن طريق التكتيكات اللانظامية ضد خصم أكبر قوة بكثير مثل الولايات المتحدة، التي تتمتع بمزايا تكنولوجية واسعة، وبإمكانها استخدام تكتيكات وتقنيات مشابهة، وبحيث تتصرف أيضًا بطريقة لا يتوقعها الإيرانيون ولا غيرهم.
وعلى الرغم من ذلك فإن بحرية الحرس الثوري تتظاهر بسيادتها على الخليج الفارسي وخليج عمان. ولكن مع دخول المحادثات النووية بين إيران والمجتمع الدولي مرحلة خطيرة وغير مؤكدة الملامح، فمن المحتمل زيادة التوتر والمواجهات بين بحرية الحرس الثوري الإيراني وبحرية الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.