المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

لواء حسام سويلم : تقييم العمليات الأمنية الأخيرة

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 02:05 م
· لم يكن أمام الشرطة إلا قبول التحدي الذي فرضته الجماعة الإرهابية عليها بعد سقوط نظام المعزول.

· خسائر فض اعتصام “,”النهضة“,” 22 قتيلاً و“,” رابعة“,” 54 قتيلاً بإجمالي 76 قتيلاً منهم 43 من رجال الشرطة.

· الإخوان فشلوا في تفريغ الدولة من الوجود الأمني وإظهارها كدولة فاشلة

· عندما اكتشف التنظيم الدولي فشل أتباعه في مصر عقد أعضاؤه اجتماعا في 16 أغسطس في تركيا ضم 12 قيادة إخوانية تحت رئاسة أردوغان لتصعيد الفوضى.

· التنظيم الدولي طلب استمرار التظاهرات الحاشدة والاعتصامات في جميع المحافظات المصرية لإنهاك الشرطة والجيش وتنفيذ تفجيرات في مدن القناة.

مقدمة:

إن الإقرار بالحقائق وإعطاء كل ذي حق حقه، خاصة في أوقات الشدائد والمحن والأزمات التي تمر بها البلاد، مثل الفترة الحالية التي تمر بها بلادنا مصر، يعتبر من شيم وخصائص المخلصين لأوطانهم، لاسيما أولئك الذين لهم تأثير في تشكيل الرأي العام، سواء الداخلي أو الخارجي، وأبرزهم العاملون في الحقل الإعلامي، فلا يختلف اثنان على أن الشعب المصري، وعلى رأسه جهازا الشرطة والجيش، يخوض حربًا ضروسًا عاتية ضد الإرهاب المتمثل في رباعي: جماعة الإخوان، المنظمات التكفيرية، القاعدة، وحماس، وذلك على كل الأراضي المصرية، من رفح شرقًا وحتى السلوم غربًا، ومن ساحل المتوسط شمالاً وحتى أسوان جنوبًا، وأن رأس الحربة في الحرب ضد الإرهاب هم قوات الشرطة ورجال الأمن ومن ورائهم الجيش. ومن هذه الحقائق المهمة التي لا يلمُّ بها شعبنا، أن جهاز الشرطة المصرية قد فقد من أبنائه خلال أسبوع واحد عقب عيد الفطر 110 شهداء من خيرة أبنائه من الضباط والجنود، في حين كانت خسائره خلال اثني عشر عامًا، من 2001 إلى 2013 لم تتجاوز 32 شهيدًا فقط، وهو ما يدل ويؤكد على حقيقة ضراوة الحرب التي تخوضها الشرطة ضد الإرهاب، منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة وحتى اليوم، ويفرض علينا أن نحني رؤوسنا تحية واحترامًا وتقديرًا لرجال الشرطة والأمن المصريين، وأن نترحم على من سقط منهم شهيدًا في سبيل الدفاع عن أمن مصر وشعبها.

فلم يكن أمام جهاز الشرطة المصرية إلا أن يقبل التحدي الذي فرضته جماعة الإخوان الإرهابية عليه، عندما أراد الإخوان في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام حكمهم الفاشي، عقب الثورة الشعبية ضدهم في 30 يونيو، أن يكرروا جريمتهم الشنعاء والنكراء التي ارتكبوها في 25 يناير 2011، عندما تمكنوا من مهاجمة وإحراق أكثر من 90 قسم شرطة ومديرية أمن في جميع أنحاء مصر، فضلاً عن اقتحام السجون وإخراج المساجين، مما تسبب في مقتل العديد من ضباط ورجال الشرطة، وتدمير معظم مركباتها ومعداتها، لذلك عقد رجال الشرطة العزم على عدم تكرار هذه المأساة مرة أخرى، مهما سقط منهم من شهداء، مع التصميم على منع الإخوان من تحقيق هدفهم في إحداث فراغ أمني في مصر يمكنهم من تحقيق أهدافهم في استعادة السلطة مرة أخرى بواسطة ميليشياتهم المسلحة المدعومة بالبلطجية والمسجلين خطر، الذين نجحت أموال الإخوان في تجنيدهم لخدمة أهداف الجماعة في إشاعة مناخ القتل والتخريب والفوضى في ربوع مصر، باعتبار ذلك هو الوسيلة الوحيدة لكسر إرادة المصريين وتخويفهم، وسبيلاً أخيرا لاستعادة الإخوان سلطتهم في حكم البلاد.

وكان هذا الموقف من قبل رجال الأمن والشرطة في مصر متسقًا تمامًا مع موقف الجيش المصري، فكلاهما انحاز إلى جانب الشعب الذي عبر عن إرادته في ثورة 30 يونيو، وتفويض القوات المسلحة والشرطة في 26 يوليو لضرب الإرهاب والقضاء عليه، والذي اعتمدته جماعة الإخوان سبيلا لعودتها إلى السلطة وحكم مصر مرة أخرى، حتى وإن كان تحقيق هذا الحلم الوهمي على حساب قتل آلاف المصريين وإراقة دمائهم وتخريب ممتلكاتهم العامة والخاصة.



- نجاح فض اعتصامي رابعة والنهضة بأقل الخسائر:

كان التحدي الأول الذي واجهه جهاز الشرطة، متمثلا ف ضرورة فض اعتصامي الإخوان في رابعة والنهضة بالقوة، وألا يتأخر ذلك عن الأسبوع التالي لعيد الفطر، بعد أن فشلت جميع جهود الدولة في فضها سلميا حقنا للدماء، وبعد أن زاد قلق وغضب المصريين بسبب تأخر فض الاعتصامين، وتعرض مصداقية نظام الحكم الجديد في مصر للشكوك من قبل الجماهير، التي كانت تتوقع سرعة فض الاعتصامين بعد أن منحت تفويضها بذلك للجيش والشرطة، وان كانت هذه الجماهير لا تدرك صعوبة موقف صانع القرار بالنظر للحسابات المعقدة التي تكتنف مثل هذا القرار، في ظل الظروف المحلية والإقليمية والدولية التي تكتنفه، وأهمها وأخطرها على الإطلاق، التحسب الشديد لدماء المصريين من الجانبين، والتي من الممكن أن تراق في مثل هذه العملية، حيث كانت تقديرات وزارة الداخلية لحجم الخسائر المتوقعة في الجانبين في حدود 3000 قتيل، وضعفهم من المصابين، بالنظر إلى حجم المعتصمين في المنطقتين، والذي قُدِّر بحوالي 50.000 فرد بينهم نساء وأطفال صدَّرهم الإخوان في مواجهة قوات الشرطة.

لذلك وضعت قيادة عملية الاقتحام عدة مبادئ فرضت على القوات المنفذة ضرورة التمسك بها لإنجاح العملية بأقل قدر من الخسائر البشرية والمادية، وكانت على النحو التالي:

أولا: تحقيق المفاجأة، من حيث حجم القوات المشتركة، وتوقيت تنفيذ العملية واتجاهات عملها، وأسلوبها، وقد نجحت قوات الشرطة في خداع الإخوان وتعميتهم عن توقيت التنفيذ، مما جعلهم يُؤخذون على غرة صباح يوم التنفيذ 14/8، ومن عدة اتجاهات بحوالي 7000 ضابط وجندي، وأن يتم تنفيذ فض الاعتصامين في وقت واحد رغم كونهما عمليتين كبيرتين تحتاجان إلى حجم ضخم من القوات، وكان مقدراً في الخطة أن يستغرق تنفيذ العمليتين عدة أيام ،وقد تصل إلى أسابيع أو تمتد إلى شهر، لذلك خُطِّط لهما أن تتما على عدة مراحل، ولكن بفضل الله وجهود الرجال تم إنجاز المهمة وفض الاعتصامين فيما لا يتجاوز تسع (9) ساعات، حيث بدأت العملية مع أول ضوء وتم الانتهاء منها قبل المغرب، مما أحدث صدمة كبيرة وارتباكا ليس فقط عند الإخوان وحلفائهم، ولكن أيضاً لدى أصدقاء الإخوان في البيئتين الإقليمية والدولية.

ثانياً: أن يتم فض الاعتصامين بأقل قدر من الخسائر، على عكس المبدأ الذي وضعه الإخوان بأن تكون هذه العملية بأكبر قدر من الخسائر، ليتم تسويق ذلك سياسيا وإعلاميا في الخارج ضد نظام الحكم الجديد في مصر، وجيشها، لذلك حرصت قوات الشرطة على عدم استخدام الذخيرة الحية، رغم تسلح المعتصمين برشاشات متوسطة وثقيلة وصواريخ “,”آر بي جي“,” و“,”هاونات“,” وقنابل يدوية، وبنادق آلية، وبنادق قناصة كانت منصوبة فوق أسطح المنازل، فضلا عن آلاف زجاجات المولوتوف، والأسلحة البيضاء، واستخدمت قواتنا في المقابل أسلحة شل القدرة غير المميتة Non Lethal Weapons ومنها قنابل الدخان والغازات المسيلة للدموع، ومدافع المياه المضغوطة والموجات فوق الصوتية ...إلخ، وكان من نتيجة ذلك تقليص حجم الخسائر بدرجة كبيرة وذلك على النحو التالي:

أ-كانت خسائر فض اعتصام النهضة 22 قتيلاً، وفض اعتصام رابعة 54 قتيلاً بإجمالي 76 قتيلاً، منهم 43 من رجال الشرطة.

ب-ولما كانت إجمالي خسائر اليوم الأول عمليات في جميع المحافظات المصرية - باستثناء سيناء – 327 قتيلاً، فإنه يتضح أن باقي القتلى وهم 257 قد سقطوا في باقي المحافظات، بسبب رد الفعل الإرهابي العنيف من قبل الإخوان على فشل اعتصامي رابعة والنهضة، ويؤكد بالتالي نجاح قوات الشرطة في فض الاعتصامين بأقل قدر من الخسائر، على عكس توقعات الكثيرين، حيث سمعنا قيادات إخوانية تهدد بــ “,”سحق من يهاجم المعتصمين في رابعة والنهضة، وإحراق الأرض تحت أقدامهم“,”، ولم يسأل المدافعون عن الإخوان، والزاعمون بسلمية اعتصاماتهم، أنفسهم، بماذا سيسحقون قوات الشرطة والجيش التي ستقوم بفض الاعتصامين؟، وقد رُصد بالصوت والصورة إطلاقهم النار بمختلف أنواع الأسلحة، وبكثافة عالية، على قوات الشرطة التي قامت بفض الاعتصام، ناهيك عن اكتشاف 28 جثة تم تعذيب أصحابها الذين اختطفهم الإخوان في المنطقتين، لذلك لن يستطيع قادة الإخوان المحرضون على قتل رجال الشرطة والجيش الهرب من مسؤوليتهم عن كل هذه الجرائم، ورغم ذلك فقد فتحت قوات الشرطة ممراً لخروج من يريد الخروج من المعتصمين دون ملاحقتهم مستقبلا، وبالفعل شاهدنا الآلاف منهم على شاشات التلفزيون يخرجون آمنين. وكان ذلك إدراكا من القيادات الأمنية أن ليس كل من كان متواجداً في رابعة والنهضة من الإخوان والسلفيين، بل إن 60% منهم كانوا من الفقراء الذين دفعتهم الحاجة المادية للذهاب إلى هناك طمعاً في الحصول على 200 جنيه ووجبتين غذائيتين يوميا، و20% آخرون كانوا من المتسولين المحترفين الذين ذهبوا إلى هناك لنفس الغرض، أما الـ 20% الباقون فكان 10% منهم بلطجية وهاربين من تنفيذ أحكام، استخدمهم الإخوان لإحكام سيطرتهم على المعتصمين، وتنفيذ عمليات إرهابية ضد الجيش والشرطة، كالتي وقعت ضد مقر دار الحرس الجمهوري، وفي طريق النصر أمام المنصة، وكلاهما فشلا في تحقيق أي من أهداف الإخوان، أما الـ 10% الباقية فهم من الإخوان والسلفيين الذين نجح قادتهم في تلويث عقولهم بشعارات دينية براقة، هي في حقيقتها كلمات حق يراد بها باطل، مثل مسؤولية الإخوان عن إقامة دولة الخلافة، والحكم بما أنزل الله، وتطبيق الشريعة، وتغيير المنكر بالقوة ... إلخ، فضلا عن الادعاء بأن الإخوان هم وحدهم الذين يملكون الحقيقة، وأنهم الفئة الناجية المنوط بها الحفاظ على الإسلام، ولو باستخدام القوة لرد المصريين إلى الإسلام، بعد أن كفرتهم الجماعة بزعم أنهم يعيشون في مجتمع جاهلي لا يطبق فيه الحاكم الشريعة الإسلامية، ومن ثم فإن مقاطعة هذا المجتمع الكافر ومقاتلته بالسلاح واجب شرعي، منوط تنفيذه بجماعة الإخوان، حتى يعيدوا المصريين إلى الإسلام من جديد!!، لذلك سعت الشرطة إلى إخراج الفئتين الأولى والثانية الذين يشكلون 80% من المعتصمين سالمين دون احتكاك بهم، ونجحت في ذلك بدرجة كبيرة، وبقيت الفئتان الثالثة والرابعة المسلحتين، وبينهما أعداد كبيرة من جنسيات غير مصرية، معظمهم فلسطينيون من حماس، وهم الذين قاموا بإطلاق نيران الأسلحة المختلفة على قوات الشرطة، مما أوقع الخسائر المشار إليها آنفا.

ثالثا: التحسب المسبق لردود فعل الإخوان، وذلك لمواجهة مسيرات حاشدة تأكد لدى أجهزة الأمن أن الإخوان وحلفاءهم السلفيين – لا سيما الجماعة الإسلامية – سيردُّون على فض اعتصامي رابعة والنهضة بتسيير المسيرات الحاشدة ضد النظام الجديد الذي ولد في مصر عقب ثورة 30 يونيو، اعتراضا على فض الاعتصامين، ومحاولة لإنشاء بؤر اعتصام جديدة، ومهاجمة الأهداف الاستراتيجية والمنشآت الحيوية، خاصة مقار الشرطة وأجهزة الأمن ومقار القوات المسلحة، فضلا عن قطع الطرق وخطوط السكة الحديد والمترو والكباري، وتشتيت جهود الشرطة والجيش في كافة المحافظات التي قرر قادة الإخوان إشعالها، وهو ما حدث بالفعل فيما أطلق الإخوان عليه “,”جمعة الغضب“,”، حيث قاموا بإحراق حوالي 20 كنيسة في هذا اليوم فقط، ومهاجمة 16 قسم شرطة، وقطعوا كثيرا من الطرق، ولكن رجال الشرطة الذين أصروا على عدم تمكين الإخوان من تنفيذ سيناريو 28 يناير 2011، رغم ما تكبدوه من خسائر في اقتحام الإخوان لأقسام الشرطة، حيث نجحت الشرطة في هذا اليوم فقط في إلقاء القبض على 1004 من المسلحين، بينهم 800 إخواني، ومعهم أنواع مختلفة من الأسلحة، شملت رشاشات جرينوف، وصواريخ مضادة للدبابات “,”آر بي جي“,”، وبنادق آلية 7.62مم، وبنادق قنص، وخرطوش، فضلا عن آلاف زجاجات المولوتوف، ومئات جراكن البنزين، وأنابيب بوتاجاز جاهزة للتفجير، إلى جانب المئات من الأسلحة البيضاء، بيّن أن مصادرها من حماس وليبيا والسودان، ولم يكن الاجتماع الطارئ الذي عقده التنظيم الدولي للإخوان في اسطنبول في الفترة من 14-17 يوليو، وحضره زعماء جماعات الإخوان في الدول العربية وتركيا، وما صدر عنهم من تكليفات تخريبية لجماعة الإخوان وحلفائها في مصر، لم تكن قرارات هذا الاجتماع بعيدة عن أعين وآذان أجهزة الأمن في مصر، والتحسب المسبق لتنفيذها، حيث شملت هذه القرارات السعي لإحداث أكبر فوضى في مصر، وإنشاء بؤر اعتصام جديدة، وإشعال حرائق ضخمة في أماكن كثيرة لا يمكن إطفاؤها، مع إطلاق نيران عشوائي على المصريين في الشوارع والمنازل، والاستمرار في مهاجمة أقسام الشرطة ومديريات الأمن ومقار الجيش، هذا إلى جانب استدعاء إسرائيل إلى المشهد السياسي، بشن هجمات صاروخية ضد إيلات، وعمليات إرهابية أخرى ضد الحافلات الإسرائيلية المتحركة على الطريق بين إيلات وبئر سبع، وبما يعطي إسرائيل الذريعة لشن هجمات ضد مواقع الجيش في سيناء، والمبرر لاحتلال أجزاء من سيناء، وبما يؤدي إلى إحراج الجيش وتخليه عن مسؤولياته في الداخل، ليتفرغ لمواجهة الموقف الذي سيشتعل مع إسرائيل في سيناء، كما شملت قرارات هذا المؤتمر أيضا عمل تسويق إعلامي، بتصوير الحكومة المصرية على أنها فقدت السيطرة على الأمور في مصر، فماذا كانت نتيجة تنفيذ هذه القرارات على الساحة المصرية؟، بفضل الله، وجهود رجال الشرطة والجيش، تم إفشال محاولات تنفيذ هذه القرارات، حيث فشل الإخوان في إنشاء بؤر اعتصام جديدة في مسجد الإيمان بمدينة نصر، ومسجد الفتح في رمسيس، وميدان مصطفى محمود، ولم تفلح المسيرات الحاشدة التي أجراها الإخوان وحلفاؤهم السلفيون في أنحاء المدن المصرية في تنفيذ أيٍّ من هذه القرارات، رغم نجاح الإخوان والجماعة الإسلامية في إحراق مزيد من الكنائس في الصعيد، حتى وصل عددها إلى 60 كنيسة، إلا أن وعي المصريين بهدف الإخوان في إحداث فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط أحبط هذا الهدف، حيث سارع المسلمون إلى مشاركة الأقباط في إطفاء الحرائق وحراسة الكنائس، كما تعهد الفريق أول عبد الفتاح السيسي، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، بإعادة بناء جميع الكنائس التي تعرضت لأعمال إرهابية، وعندما اكتشف التنظيم الدولي للإخوان فشل أتباعه في مصر، وحلفائهم، في تنفيذ قرارات اجتماع اسطنبول، عقد أعضاؤه اجتماعا آخر في 16 أغسطس في إحدى المدن بجنوب تركيا، ضم 12 قيادة إخوانية تحت رئاسة رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، لتصعيد الفوضى وبسرعة في الأيام الباقية من شهر أغسطس، وصدر عنه عدة قرارات أخرى تتضمن استمرار التظاهرات الحاشدة والاعتصامات بمعدل لا يقل عن 4 مرات أسبوعيا في جميع المحافظات المصرية لإنهاك الشرطة والجيش، مع تنفيذ عمليات انتحارية متفرقة قرب المقار الحيوية والأهداف الاستراتيجية، وتكثيف الهجمات في سيناء، مع إحداث تفجيرات في مدن القناة وهجمات بصواريخ مضادة للدبابات والرشاشات الثقيلة ضد السفن العابرة للقناة، لإحراج مصر دولياً، وبما يعطي المبرر لتدخل عسكري أجنبي بدعوى الحفاظ على سلامة وأمن الممر الملاحي الدولي، إلى جانب تخصيص مليار دولار لدعم تنفيذ هذه الخطة في مصر، مع دعم الإخوان في مصر بالأسلحة عبر الحدود من حماس وليبيا والسودان، مع بذل الجهود مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والبرلمانين في الكونجرس الأمريكي والاتحاد الأوروبي، للضغط على الحكومة المصرية لإعادة مرسي إلى السلطة، والتهديد بوقف المساعدات العسكرية والاقتصادية عن مصر، وتدويل المشكلة المصرية من خلال دعوة مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي لعقد اجتماعات تدين الحكومة المصرية، وصولا إلى فرض عقوبات دولية عليها، ووجَّه رئيس اجتماع التنظيم الدولي للإخوان رسالة إلى إخوان مصر، قال فيها: “,”أيها المجاهدون، لكم منا كل دعم في جهادكم المقدس“,”، ورغم كل هذا التخطيط والتمويل والتسليح الشيطاني من جانب التنظيم الدولي للإخوان فقد فشل في تحقيق أهدافه، حيث انكشفت أبعاد هذا المخطط التخريبي والإرهابي أمام الشعب المصري كله، وليس فقط الأجهزة الأمنية، بعد أن اكتشف المصريون عمق مستنقع الخيانة الذي وقع فيه الإخوان، وعمالتهم لصالح أعداء مصر في الخارج، فكان أن تلاحم الشعب مع الشرطة والجيش والقوى السياسية الشريفة في مصر في مواجهة الإخوان وحلفائهم، وتفشيل مخططاتهم التخريبية، بل ورفضت معظم جماهير الشعب وقواه السياسية إجراء أية مصالحة، أو حتى مفاوضات، مع جماعة الإخوان وحلفائهم.



- نجاحات أخرى للشرطة:

وكما فشل مخطط الإخوان في تفريغ الدولة المصرية من الوجود الأمني وإظهارها كدولة فاشلة، وهو ما انعكس في استمرار تماسك قوى الأمن والشرطة رغم الخسائر التي تكبدوها، وفشل الإخوان في اقتحام جميع أقسام الشرطة ومديريات الأمن – باستثناء مديرية أمن أسوان، وقسمي شرطة كرداسة والتبين في حلوان – كذلك فشل الإخوان في اقتحام أي من السجون والبنوك، إلى جانب فشلهم في تخريب خطوط السكة الحديد ومترو الأنفاق، وفشلهم أيضا في مهاجمة أي من الأهداف الاستراتيجية الحيوية – خاصة مبنى التلفزيون في ماسبيرو، الذي كانوا يخططون لاحتلاله، لإذاعة بيان حكومة الثورة الإسلامية، بالتوازي مع الهجوم على محطة بث الأقمار الصناعية في المعادي – وأيضا مهاجمة محطات القوى الرئيسية، والمدينة الإعلامية في 6 أكتوبر، لإظهار الإخوان وكأنهم سيطروا على مؤسسات الدولة، فشلت كذلك جميع المسيرات والتظاهرات التي خطط لها الإخوان وحاولوا تنفيذها في النصف الثاني من شهر أغسطس، حيث حال حظر التجول، وإحكام السيطرة عليه، دون تحقيق هذه المسيرات، والتي تقلصت إلى مسيرات متناثرة وضعيفة لم تتعد في أحيان كثيرة بضع مئات، وأحياناً عشرات الأفراد.

وإلى جانب هذا الفشل الميداني الذي مُنِى به الإخوان، فقد فشلوا أيضا في إحداث انقسام داخل أجهزة الأمن والشرطة والجيش، بل تسببت ممارسات الإخوان الإرهابية والدموية في زيادة تلاحم الشعب مع قوات الشرطة والجيش، وهو ما ظهر واضحا في أحداث مسجد الفتح في ميدان رمسيس، عندما احتله الإخوان يوم جمعة الغضب، واستمر احتلالهم له حتى ظهر اليوم التالي، وقاموا بالتحصن فيه وإطلاق النار من فوق مئذنته، واحتجاز رهائن من المصلين فيه، مما أثار سكان المنطقة ودفعهم لمحاولة الفتك بالإخوان داخل المسجد، وعند خروجهم منه، وهو ما حالت دونه قوات الجيش التي قامت بإخراج الإخوان من المسجد.

كما نجحت أجهزة الأمن والشرطة أيضاً في القبض على معظم رؤوس مكتب إرشاد الإخوان وأقطاب الجماعة الرئيسية، وعلى رأسهم مرشد الجماعة، محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، ورئيس حزبهم (الحرية والعدالة)، محمد سعد الكتاتني، هذا إلى جانب أكثر من 650 من أعضاء الإخوان – الصف الثاني – وهم مديرو مكاتب الجماعة في المحافظات والنقابات والوزارات والهيئات والمؤسسات العامة التي نجح نظام حكم الإخوان في أخونتها خلال عام حكمهم مصر، بينما هرب آخرون خوفا من الاعتقال، وتقوم الأجهزة الأمنية بتعقبهم.

وبذلك تم كسر الحلقة الوسطى في تنظيم الإخوان، والتي تعتبر أهم حلقة في سلسلة التنظيم، التي تربط بين حلقة القيادة العليا المتمثلة في مكتب الإرشاد، وحلقة القيادات الدنيا في المراكز والمدن والقرى والنجوع، ذلك أن إخوان الحلقة الوسطى (الصف الثاني) هم المسؤولون عن تلقي الأموال والأسلحة وتنفيذ التكليفات، من حيث حشد الجماهير وتجهيز وسائل نقلهم وتزويدهم بالتعليمات والأموال والأسلحة وتوعيتهم بالشعارات التي يرفعونها، والأماكن التي يتحركون فيها، فضلا عن إجراءات تأمينهم أثناء التحرك والتظاهر وعودتهم، وأيضا إعاشتهم في الاعتصامات والتظاهرات، ومن ثم فإن ضرب هذه الحلقة الوسطى باعتقال المسؤولين عنها من إخوان الصف الثاني، مع اعتقال الكثيرين من إخوان الصف الأول، قد أحدث تخلخلا كبيرا في نظام القيادة والسيطرة في تنظيم الإخوان، انعكس بوضوح على إلغائهم الكثير من المسيرات والاعتصامات التي أعلنوا عنها في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس، وشل حركة الجماعة، وهو ما اعترف به مؤخرا الناشط الإخواني، جهاد الحداد – نجل القيادي عصام الحداد، مستشار مرسي للشؤون الخارجية – وأحد أبرز المدافعين في الإعلام الغربي عن مشروع الإخوان، حيث قال: “,”إن الجماعة وحلفاءها تلقوا ضربة قوية جدا من حملة قادتها أجهزة أمن الدولة، وإنهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي“,”، وهذا الاعتراف من جانب هذا الناشط الإخواني يعني أن هذه الضربة القوية - والتي كانت ولا تزال بمثابة لطمة مدوية على رأس الإخوان - قد أفقدت الجماعة وحلفاءها توازنهم تماما، وقدرتهم، ليس فقط على المبادرة بالفعل، ولكن أيضا أفقدتهم القدرة على رد الفعل في مستواه الأدنى، وهو الدفاعي، فضلا عما أصاب الإخوان من إنهاك في المواجهات التي جرت بينهم وبين أجهزة الأمن والشرطة في كافة شوارع وميادين المدن المصرية، وادراكهم أنه لا فائدة من مواصلة التحدي، ولكن ما لم يعترف به، بل ما لم يدركه هذا الناشط الإخواني أصلاً، أن هذه الضربة ليست فقط بسبب قوة وسرعة ودقة أداء الأجهزة الأمنية في تعاملها مع الإرهابيين من الإخوان وحلفائهم، بل أيضاً بسبب المساندة الشعبية العريضة من الناس في مصر للحملات الأمنية في رابعة والنهضة وغيرها من أماكن الالتحام مع هؤلاء الإرهابيين، فقد حرصت الأجهزة الأمنية على اصطحاب وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الأجنبية والمحلية، فضلا عن منظمات حقوق الإنسان، أثناء تنفيذ عمليات فض الاعتصامات ومواجهة العمليات الإرهابية التي قامت بها الجماعة وحلفاؤها، حيث شاهد الجميع، ونقلوا لجماهير العالم في الداخل والخارج، صورا حية عبر البث المباشر لإنهاء ما سمي بـ “,”الاعتصام السلمي“,” للإخوان، ومعهم من أطلقوا على أنفسهم “,”مجاهدين“,”، في الميدانين، كما شاهد الجميع “,”التوابيت“,” المسلحة لحظة فتحها، وما حوته من أسلحة وأكياس رصاص وذخائر، كما شاهد العالم أيضا من يدَّعون الاعتصام السلمي يطلقون نيران القناصة من فوق البنايات، كذلك شاهد العالم أيضاً الإرهابيين من الإخوان وحلفائهم وهم يحرقون سيارات الشرطة ويقتلون رجالها، ويطلقون النار من الرشاشات والبنادق الآلية من فوق كوبري 15 مايو على نوافذ الأهالي المسالمين داخل البيوت، لترويعهم، ولقد أدرك كل من شاهد هذه المشاهد أن قوات الأمن والشرطة مارست أقصى درجات ضبط النفس، لتقليل حجم الخسائر في عملية أرادها الإخوان أن تكون دموية وتخريبية على أوسع نطاق، بفضل عمليات الحشد والتعبئة والروح الانتحارية التي بثها إعلام الإخوان، ومارسها قادتهم، ولكن ثبت للجميع كيف خطط وأدار جهاز الشرطة عملياته بحرفية ومهنية عالية، رغم كونها في حقيقتها كانت ولا تزال حرباً بكل ما تحلمه هذه الكلمة من معنى، كما كانت هذه العمليات أيضاً شاهداً على عشوائية جماعة الإخوان وفاشيتها، ودليلاً واضحاً على امتهان الإخوان الفشل والغباء، حيث استخفوا بالإنذارات والتحذيرات التي وجهتها لهم الحكومة وأجهزة الأمن والجيش، وتهكموا عليها، وكان ردهم جبانا عندما أتوا بالأطفال والنساء لاستخدامهم دروعا لحماية الرجال، وتعنتوا وكابروا ولم يستدركوا، بل استدعوا عمدا، الجيش، إلى ساحات اعتصامهم ومسيراتهم في استدراج واضح لاستخدام القوة وسفك الدماء، في خطة اتضح أن هدفها كان مخاطبة الغرب للاستنجاد به من أجل استعادة السلطة، مما أدى إلى تعميقهم الحفرة التي حضَّروها لأنفسهم، لدفن تلك الأسطورة التي نسجوها في مخيلة الناس عنهم، حول زعمهم أنهم قوة هائلة في المجتمع، قادرة على مواجهة أجهزة الأمن والشرطة والجيش، متجاهلين أن الشعب المصري يقف في مقدمة وخلف وحول هذه الأجهزة الأمنية، مسانداً لها ومدافعاً عنها، فأسقط الشعب الوهم الذي عاش فيه الإخوان بأن المصريين يختارون الجماعة على الدولة وأجهزتها الأمنية، كما أسقط من قبل أقنعة الخداع التي كانت تتخفى بها جماعة الإخوان، عندما كانت تمارس السلطة والحكم في الرئاسة والحكومة والشورى، وغيرها من مؤسسات الدولة.

وكما أفقدت اللطمة القوية التي وجهتها أجهزة الأمن والشرطة، جماعة الإخوان وحلفاءها في مصر توازنهم، وأربكتهم، فقد أفقدت آخرين من أفرع الإخوان خارج مصر صوابهم، ففي تركيا، نجد رئيس الوزراء الإخواني رجب طيب أردوغان، يدعو مجلس الأمن للانعقاد لمعاقبة الدولة المصرية، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك باستحضار قصة فرعون وسيدنا موسى في مصر!!، ولم يكن هذا الموقف من جانب أردوغان إلا خوفا من انتقال ثورة 30 يونيو المصرية إلى داخل تركيا، لا سيما وأن إرهاصات ذلك بدت واضحة في اعتصام ميدان “,”تقسيم“,”، الذي فضه أردوغان بأقصى صور الوحشية، مما أفقده ثقة الأتراك، وانعكاس ذلك على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة في تركيا، نفس الأمر والموقف كان ولا يزال هو موقف نظام الحكم الإخواني في تونس، وكمثال على نكران الإخوان للواقع، اعتبر راشد الغنوشي، عضو التنظيم الدولي للإخوان، ورئيس حركة النهضة الإسلامية بتونس، والتي تقود الائتلاف الحاكم هناك، أن ما يجرى في مصر حاليا أثبت “,”إفلاس الحداثيين“,”، و“,”بطولة الإسلام السياسي“,”، على حد قوله، مستنجداً بدوره بمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في مصر، وهذا الموقف – سواء من جانب أردوغان أو الغنوشي – يعكس ذروة الإنكار والإفلاس معا، لأنه يجمع بين أولوية الحكم على حساب الدولة، وبين الاستنجاد الدائم بالغرب للتسلق إلى الحكم مهما كانت مطالب أو رغبات الشعب، ولم يكن الفقيه الإخواني يوسف القرضاوي، بعيدا عن المشهد العبثي، فنجده يعزف من الدوحة على نفس المقام الكربلائي، واصفا النظام الجديد الذي ولد في مصر مع ثورة 30 يونيو بـ “,”المستكبر المتجبر على خلق الله، الظالم للناس“,”، ويسخر من الجيش المصري لأنه ترك الإسرائيليين، ناسيا أو متناسياً أن حكومة مرسي الإخوانية هي من عقدت صفقة الهدنة بين حماس واسرائيل، وفاخرت بهذا علنا، ولقيت عليه الثناء من الإدارة الأمريكية.

ولقد كان من ثمار نجاح الشرطة في عملياتها الأمنية الأخيرة، حدوث انشقاقات عميقة داخل صفوف جماعة الإخوان، وهو ما برز فيما أطلق عليه “,”جماعة إخوان بلا عنف“,”، و“,”الإخوان الأحرار“,”، وهم من شباب الجماعة الذين أدانوا سياسات وممارسات قيادات الجماعة في مكتب الإرشاد، وطالبوا بإقالتهم وإحداث مراجعات جذرية لفقه الجماعة، يستبعد كل دعاوى التكفير وتخريب المجتمعات الإسلامية التي حوتها مؤلفات سيد قطب – مثل: “,”معالم في الطريق“,”، و“,”في ظلال القرآن“,”- وحصر نشاط الجماعة في الجانب الدعوي فقط، وما كان هذا التراجع السريع في موقف شباب الجماعة إلا نتيجة ما أدركوه متأخرا من أخطاء فاحشة دفعوا فيها نتيجة اعتقادهم الخاطئ بأن قادتهم أصحاب رؤية دينية سليمة، لاسيما بعد أن تبادل قادة الجماعة بعد اعتقالهم الاتهامات فيما بينهم، وانكشاف كذبهم وتضليلهم، وأنهم دعاة فتنة، وما الإسلام عندهم إلا وسيلة متاجرة للوصول للسلطة والحكم، وحتى بعد أن وصلوا إلى السلطة والحكم أثبتوا فشلا ذريعا في ممارساتهم.

وقد امتدت الانشقاقات في الجماعة إلى التنظيم الدولي لها، حيث رفضت أفرع الإخوان في الدول العربية تعيين محمود عزت مرشداً عاما للجماعة، وطالبوا بأن تتولى هذا المنصب شخصية غير مصرية، ناهيك عن انعكاس حالة الإخفاق الشديد الذي أصاب الجماعة، على تحالفهم مع الأحزاب السلفية في مصر، والتي استنكرت سياسات وممارسات الإخوان، وقبلت الدخول في العملية السياسية التي بدأها النظام الجديد في مصر طبقا لخريطة المستقبل، ولقد كانت الأحزاب السلفية في عام حكم الإخوان بمثابة “,”حاضنة سياسية“,” لجماعة الإخوان، رغم ما بينهم من خلافات عقائدية وسياسية، أما اليوم، وبعد سقوط الإخوان، سمعنا وشاهدنا من قادة السلفيين من يؤكد أن مرسي لن يعود، وأن على الإخوان تقديم تنازلات لمصلحة الوطن، وأن ما يحدث في سيناء إرهاب مخالفة للشرع، وأن الدم المصري حرام، وفي ذلك صرّح عبود الزمر، القيادي بالجماعة الإسلامية، بأنهم يرفضون أي اعتصام أو تظاهر يضر بالأمن القومي المصري.



- خلاصة القول:

مما لا شك فيه أن نجاح أجهزة الأمن والشرطة والجيش في معركتهم المصيرية، ومعهم الشعب المصري، يرجع قبل كل شيء، وبعد كل شيء، إلى فضل الله تعالى أولاً وأخيراً، وحفظه لكنانته في الأرض، إلى جانب الأخذ بكافة أسباب النجاح، من تخطيط سياسي وأمني جيد في عملية صنع القرار السياسي – الأمني، بما في ذلك ترشيد المعلومات والقرارات، وتوصيلها إلى جميع الجهات المعنية في وقت واحد: القيادة السياسية، الجيش، الداخلية والإعلام... إلخ، مع التحسب المسبق لإجراءات الخصم وحلفائه، واستباقهم في التحرك والحشد، بما في ذلك انتشار المجموعات الأمنية في الأماكن الحساسة التي تستهدفها جماعة الإخوان الإرهابية، وإغلاق الطرق والكباري مما أدى إلى تفشيل المسيرات الإخوانية في الوصول إلى أهدافها، كذلك سماح وزير الداخلية لقواته بفتح النيران الحية على كل من يحاول اقتحام أقسام الشرطة ومديريات الأمن والأهداف الحيوية، إعمالاً لحق الدفاع عن النفس، فضلا عن القرار الحكيم الذي اتخذه الوزير بإعادة ضباط جهاز أمن الدولة إلى العمل في الجهاز، وذلك لما لهم من خبرة عميقة في التعامل مع الإخوان وحلفائهم عبر سنين طويلة، هذا إلى جانب تلاحم الشعب مع الشرطة والجيش في معركتهما ضد الإخوان، وإصرار الشعب على حل هذه الجماعة، ورفض المصالحة معها، والمطالبة بضرورة استئصالها من الجسد المصري، بعد طعنها له في كافة مواضعه، وخيانتها له بارتمائها في أحضان القوى الخارجية والاستقواء بها ضد مصر، وثبوت متاجرة الإخوان بالدين من أجل السلطة والحكم، بل لم يعد الأمر قاصراً على المتاجرة بالدين فقط، بل وأيضاً المتاجرة بالدم المصري.. وهو ما انعكس في دعواتهم إلى إحراق مصر وإحداث فوضى شاملة في البلاد، بعد أن وصموا المجتمع المصري بالجهالة والكفر، وأحلوا دماء وأموال وأعراض المصريين، بدعوى تقويض هذا المجتمع لإقامة دولة الخلافة والمجتمع الإسلامي على أنقاضه، وتصوير ضرب أجهزة الأمن لهم باعتبارها حربا ضد الإسلام، واستقوائهم بالخارج، فقد انكشفت كل هذه الأكاذيب أمام الشعب المصري، ولم يعد ينخدع فيها، وهو ما سيسرع في تقويض كل دعائم وركائز هذه الجماعة الفاشية، وكما كانت مصر هي مهد الإخوان، فإنها ستكون بإذن الله لحدهم ونهايتهم.

لقد كان نجاح أجهزة الأمن والشرطة والجيش في فض اعتصامي رابعة والنهضة، بأسلوب اتسم بالشفافية والحرفية، سببا في تعزيز ثقة الشعب المصري في أجهزته الأمنية ودعمها ومساندتها، لا سيما بعدما ثبت للشعب تفاني رجال هذه الأجهزة في تنفيذ واجباتهم، وصمودهم وصلابتهم في الدفاع عن أمن مصر وشعبها، رغم ما تكبدوه من شهداء ومصابين وخسائر مادية، وإذا ما حاول الإخوان بغبائهم النادر تكرار محاولات تهديد الأمن المصري في الداخل، تنفيذاً لتوصيات التنظيم الدولي للجماعة – فإن مصيرهم سيكون أسوأ مما حل بهم في الأسابيع الأخيرة، ذلك أن القرار المصري – دولة وشعبا وجيشا وشرطة – هو عدم السماح لهذه الجماعة الخائنة بتحقيق أي من أهدافها التخريبية والهدامة، مهما كانت الكلفة المصاحبة لهذا القرار.

ولن تنفعها محاولات الاستقواء بالخارج، بعد ثبوت فشلها، ورفع الغطاء الدولي عنها، فقد أدى تغيير خطاب الدولة المصرية أخيراً إلى إدانة عنف هذه الجماعة دوليا، بعد كشف جرائمهم ضد الإنسانية.

ومع تصريح وزير الداخلية، الذي قال فيه: إن “,”الحرب على الإرهاب مستمرة، وأننا لا زلنا في بداية المعركة رغم نجاحنا في تجفيف منابع تمويل الإخوان، مما أدى إلى تفشيل عمليات المسيرات والحشد، وأن مأساة كرداسة لن تتكرر“,”، كما وعد بتطهيرها قريبا من الإرهابين، مع هذا التصريح، علينا أن نتوقع شهوراً أخرى من مقاومة الإرهاب الأعمى، طالما نحن عازمون على مواجهة إرهاب هذه الجماعة وأتباعها الذين يصرون على تسيير التظاهرات من أجل تصديرها للخارج، انتظاراً لتدخل خارجي لن يحدث، فلقد بات واضحا أن الأزمة تجاوزت إخوان الداخل، بمن فيهم مكتب الإرشاد، لتسقط في (حِجر) زعماء التنظيم الدولي للجماعة، الذي تقوده تركيا الحالمة بدولة الخلافة على أنقاض مصر العربية، كما أن التعامل مع الأزمة تجاوز قدرات قادة الإخوان في مصر، لدرجة أن القرار بحشد التظاهرات، وتحديد مساراتها وتمويلها وتسليحها، بما في ذلك استخدام العنف والسلاح في مهاجمة أهداف استراتيجية محددة، قد أصبح في أيدي التنظيم الدولي للجماعة، وعملائه من جهاديين تكفيريين في سيناء، ومن حمساويين قادمين من غزة، فضلا عن بروز جبهة إخوانية جديدة على حدود مصر الغربية، تتمثل في إقامة منطقة للجهاديين على الحدود المصرية – الليبية، بعد أن زاد نفوذ حزب “,”العدالة والبناء “,” – الذراع السياسية للإخوان في ليبيا – في المؤتمر الوطني العام، فقد يستخدم التنظيم الدولي للإخوان هذا الحزب وكوادره في تشكيل قاعدة هجوم ضد مصر تتعاون مع تنظيم القاعدة، بنفس الأسلوب الذي تعمل به حماس في غزة ضد الأمن القومي المصري في سيناء، بهدف تشتيت جهود الجيش المصري.

وفي ضوء ما أصاب قيادة الإخوان في مصر من ضربات، واعتقال معظمهم، فإن التنظيم الدولي للجماعة سيراهن في المستقبل على قيادات الصفين الثاني والثالث من أفراد الجماعة، فهؤلاء هم الآن هدف التنظيم الدولي للإخوان، بعد أن انتهى دور رجال الصف الأول، وهؤلاء هم المنتشرون في مكاتب المحافظات والنقابات المهنية والوزارات... إلخ، ولديهم طموحات في أن يصلوا إلى قيادة الجماعة في مصر، ولذلك سيسعون إلى إظهار قدراتهم في ممارسة أقصى أنواع الإرهاب والعنف ضد أجهزة ومؤسسات الدولة، وهو ما يفرض على الأجهزة الأمنية ضرورة إعطاء اهتمام أكبر لكشف كوادر الصف الثاني، وضربهم مبكرا، قبل أن يعيدوا تنظيم صفوفهم مرة أخرى.

وأخيراً، ينبغي على جموع الشعب المصري أن تحني رؤوسها احتراماً وتقديراً واعتزازاً برجال الأمن والشرطة المصرية، فهم يستحقون مكانة خالدة في تاريخ نضال الشعب المصري، وأن يتربَّعوا في قلوب وعقول المصريين، فقد كانوا - ولا يزالون - رمزاً للشجاعة والفداء والالتزام في أداء الواجب، بعد كل النجاح الذي حققوه في عملياتهم الأمنية الأخيرة، رغم ما قد يكون قد أصاب هذه العمليات من بعض القصور، بسبب ضخامتها واتساعها لتغطي كل الساحة المصرية، فضلاً عن نقص الإمكانات المادية، والزيادة غير المبررة في ضبط النفس، مما أدى إلى كثرة الشهداء الذين سقطوا من رجال الشرطة، فقد دفعت الشرطة ثمنا غاليا من أجل الدفاع عن الأمن القومي المصري، عندما تصدى رجالها لمهاجمة الإخوان 21 قسم شرطة، كانت ذروتها في قسم كرداسة، ولكن الشرطة في المقابل استردت ثقة المصريين واحترامهم وحبهم، وأصبحت أيقونة الشعب المصري عن جدارة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟