التغير السريع: الصحافة وإدارة المزاج العام للمصريين نحو تيارات الإسلام السياسى
قام الباحث الدكتور عبد العزيز السيد عبد العزيز، أستاذ
ورئيس قسم الإعلام بكلية الآداب في قنا بجامعة جنوب الوادي بإعداد دراسة مهمة هي
الأولى من نوعها في الأدبيات المصرية والعربية، وهى تُعنَي ببحث دور الصحافة
المصرية في إدارة المِزاج العام للجمهور المصري نحو تيارات الإسلام السياسي في
الفترة التي حمكت فيه جماعة الإخوان المسلمين ورئيسها الدولة المصرية. ولعل أهمية
هذه الدراسة تكمن في أن الباحث استطاع أن يُمسك بتلابيب الشخصية المصرية التي
تقودها الحالة المِزاجية والعاطفية في تشكيل آرائها ومواقفها تجاه المعطيات شديدة
التغير على الساحة السياسية، وأكبر إشكاليات هذه النوعية من الشخصية القومية؛ أنها
لا تستقر على حال، وسرعان ما تتحمس لتيار أو شخص، ولكنها أيضًا سرعان ما يفتر
حماسها، أو ربما ينقلب موقفها إلى النقيض تمامًا.
تؤكد
أدبيات الاتصال السياسي أن هناك شبكة من العلاقات الديناميكية والتبادلية بين
وسائل الإعلام والسلطة السياسية، وبين طبيعة الحركات الاجتماعية والتيارات
السياسية فى المجتمع، وتتخذ هذه الشبكة أكثر من علاقة واتجاه فى تفاعلاتها بحسب
طبيعة وبنية النظام الاجتماعي والسياسي، وبحسب رؤية النخب الحاكمة لحجم وتأثير تلك
الحركات والتيارات، ومدى ما تمثله على الساحة السياسية، إلا أن هذه العلاقات
والتفاعلات تغيرت بدرجة كبيرة بعد 25 يناير 2٠١١، حيث صعدت تيارات سياسية وتراجعت
أخرى، ولعل الصعود الأبرز كان لتيارات الإسلام السياسي - خاصة جماعة الإخوان
المسلمين، والسلفيين - وقد أدى ذلك إلى زيادة حضورها على مستوى معالجات الصحف
المصرية بشكل كبير.
وتعد دراسة المزاج العام Public Mood في هذه الحالة مهمة، لأنها
توضح مدى رضا الناس أو سخطها أو حبها أو كرهها لما هو مقدم لها، أو ما تقدمه
الحكومات أو الأحزاب أو التيارات لها. وتلعب الصحف ووسائل الإعلام دورًا في بناء
وإدارة الحالة المزاجية للجمهور، حيث تؤثر التغطية الصحفية المكثفة على المعايير
التي يبني عليها الأفراد تقييماتهم وتصوراتهم نحو أداء الحكومات، والرؤساء، والبرامج
والسياسات.. إلخ.
ومن ثم، فإن التعرض
لنوعيات معينة من المعالجات والمضامين التي تقدمها الصحف ووسائل الإعلام لجماهيرها
تؤدي إلى بناء وتشكيل تقييمات أو اتجاهات إما إيجابية أو سلبية لديهم، وتؤثر بدرجة
رئيسية على المزاج العام السائد فيما بينهم في النهاية. ونظرًا لأن المزاج العام
يعتبر مزيجًا معقدًا من العمليات الشعورية والمعرفية والحالة النفسية ورد الفعل
السلوكي لأفراد المجتمع، فقد تدفع الحالة المزاجية العامة الجمهور إلى التعرض
لقضايا ومضامين إعلامية بعينها، أو قد يؤدي التعرض المكثف للمضامين السلبية إلى
التأثير سلبًا في المزاج العام، وفي الحالتين تلعب الصحف دورًا في إدارة المزاج
العام لجمهورها نحو القضايا والموضوعات التي تثيرها وما يرتبط بها.
أولا- نظرية إدارة المزاج Mood
Management Theory:
إن فكرة انتقاء مضمون وسائل الإعلام لتحسين الحالة المزاجية لأفراد
المجتمع تم تقديمها من قبل كل من زيلمان Zillmann وبراينت Bryant عام ١984، وكان يشار إلى النظرية في البداية باسم نظرية التأثير
المعتمد على ترتيب الدوافع، ولكنها لاحقًا اكتسبت مزيدًا من الأهمية، وتم إجراء عديدٍ
من التطبيقات البحثية لها تحت مسمّى نظرية إدارة المزاج.
يمكن تعقب جذور نظرية إدارة المزاج من خلال الأدبيات التى طرحها ليون
فستنجر Leon
Festinger
عام ١957، حيث لاحظ فستنجر أن الإنسان يحاول دائمًا أن يقيم انسجامًا داخليًا بين
المدركات (الاتجاهات، والمعتقدات، والمعارف حول نفسه والبيئة التي يعيش فيها)
وعندما يكون لدى الشخص مدركات غير متوافقة مع البيئة المحيطة تحدث عملية التنافر،
ويقل هذا التنافر تدريجيًا من خلال التعرض الانتقائي لوسائل الإعلام، حيث يبحث
الأفراد عن المعلومات التي تقلل التنافر وتجنب المعلومات التى تزيد حدته، لخلق
أكبر حالة من الانسجام والتوافق مع الأفراد الآخرين في البيئة المحيطة، وعلى هذا
الأساس اقترح زيلمان وزملاؤه نظرية إدارة المزاج التي تحاول التعامل بشكل موسع مع
اختيارات متعددة للمتلقي الذي يتعرض لرسائل وسائل الإعلام سواء أكانت هذه الرسائل
إخبارية، وثائقية، أفلام ودراما، والموسيقى والرياضة، أي أنها تتعامل مع جميع
الحالات المزاجية العامة لأفراد الجمهور بدلًا من اقتصارها على الحالة العاطفية
فقط الموجودة في نظرية التنافر المعرفي.
وفقًا لفرضيات المتعة Hedonistic فإن الأفراد لديهم دوافع للمتعة ولديهم دوافع أيضًا لتجنب الألم.
وعلى هذا الأساس فإن نظرية إدارة المزاج تقرر أن الأفراد يميلون لترتيب بيئتهم،
بحيث يتم تعظيم المزاج الجيد والحفاظ عليه، وهذا ما يطلق عليه شيوع المتعة Commonly Pleasure ، وعلى الطرف الآخر فإن
الأفراد يميلون إلى تقليص أو تخفيف الألم، وهو ما يطلق عليه شيوع الألم Commonly Pain . وتأخذ الترتيبات البيئية
أكثر من شكل، فيمكن أن تتضمن التحرك النفسي بعيدًا عن الألم، وكذلك تجنب المواقف
التي من شأنها أن تؤدي إلى آثار سلبية. وتؤكد النظرية أيضًا على حرص الأفراد على
انتقاء المواقف أو الأحداث أو القضايا التي تسبب الإشباع البيئي لهم، بالإضافة إلى
حرص الجمهور على الترتيب الرمزي لما يحدث في البيئة المحيطة. وتفترض نظرية إدارة
المزاج أيضًا أن استهلاك الرسائل الإعلامية التي يتعرض لها الأفراد يؤدي إلى تغيير
حالة المزاج السائد، كما أن انتقاء رسائل أو مضامين معينة غالبًا ما يخدم حالة
المزاج العام السائد سواء سلبًا أو إيجابًا.
ووفقًا لذلك، فالمزاج
العام للمجتمع لا ينبع من فراغ، وإنما يعد محصلة لعوامل متعددة ثقافية ونفسية واجتماعية وسياسية
ومعرفية يتوقع من خلالها أن يتوافق الأفراد مع بعضهم بعضًا في المجتمع. وتؤدي
التغطية الصحفية (الإعلامية) لقضية معينة بالأفراد إلى أن يفسروا المواقف الجديدة
أو يعيدوا تفسير المواقف القديمة للحفاظ على الاتساق مع ميولهم الحالية التي تدعمها
حالتهم المزاجية والشعورية.
وفي
هذا الإطار، يمكن
بلورة وتحديد المشكلة البحثية بناءً على الملاحظات العلمية التي أشارت إلى أن الساحة
السياسية المصرية شهدت حالة كبيرة من الاضطراب والانقسام في المجتمع المصري خلال
الفترة التي شهدت صعود تيارات الإسلام السياسي على المستوى الرسمي، سواء بسبب
الممارسات أو التصريحات، فضلًا عن عدم قدرتها على الأداء السياسي بالصورة التي كان
يتوقعها أفراد المجتمع. وبناءً على ذلك تم تحديد مشكلة الدراسة في قياس دور الصحف
المصرية في إدارة المزاج العام للجمهور المصري نحو تيارات الإسلام السياسي، وتحديد
العوامل والمتغيرات المؤثرة على طبيعة العلاقة بينهما، خاصة وأن فرضيات نظرية
إدارة المزاج تؤكد أن هناك مبررات ودوافع تجعل الجمهور يميل لترتيب بيئته من خلال
حرصه على التعرض للرسائل والمضامين التي تؤدي إلى تغيير حالة المزاج السائد لديهم
للتوافق إما مع المزاج المجتمعي السائد أو لتدعيم مواقفهم وتصوراتهم الشخصية،
وتشكيل اتجاهاتهم نحو القضايا والمضامين المقدمة.
كما استهدفت الدراسة بشكل
رئيس التعرف على طبيعة العلاقة بين حجم ودرجة التعرض للصحف المصرية وانعكاساته على
المزاج العام للجمهور المصري نحو تيارات الإسلام السياسي، وتفرعت من هذا الهدف الرئيسي مجموعة الأهداف الفرعية التالية:
١- التعرف على العلاقة بين التعرض لأخبار تيارات
الإسلام السياسي ونوعية وطبيعة حالة المزاج العام والشخصي للجمهور المصري.
2- رصد العلاقة بين التعرض للموضوعات المثارة عن
تيارات الإسلام السياسى وبين درجة الشعور العام بالرضا أو السخط العام أو الإحباط
والغضب وانعكاساته على المستقبل لدى عينة الجمهور المصري.
3- قياس العوامل المؤثرة في طبيعة العلاقة بين
التعرض للمضامين المثارة عن تيارات الإسلام السياسي وبين اتجاهات المزاج العام
للجمهور المصري نحوها وفقًا لنوعية المتغيرات الديموجرافية في ضوء التعرض للصحف
ووسائل الإعلام الأخرى.
واعتمدت الدراسة بشكل رئيس على منهج المسح
لعينة من الجمهور المصري الذين يتعرضون للصحف المصرية، بالإضافة إلى منهج العلاقات
الارتباطية لاختبار قوة أو ضعف العلاقة بين المتغيرات الخاصة بالدراسة. ومن ثم
الوصول إلى إمكانية استنتاج حقيقة دور الصحف المصرية في إدارة المزاج العام للجمهور
المصري نحو تيارات الإسلام السياسي.
وبالإضافة
إلى ما سبق، اعتمدت الدراسة بشكل أساسي
على أداة الاستبيان لجمع البيانات، وروعي في تصميم وبناء الأسئلة أن تقيس كل
المتغيرات التي يود البحث التحقق منها، لضمان قياس الفروض التي يثيرها البحث. وقد
احتوت الاستمارة أيضًا على مقاييس الدراسة التي تشمل كثافة التعرض للصحف ووسائل
الإعلام الأخرى ومقياس المزاج العام، والمزاج الشخصي، ومقياس الرضا عن
الأوضاع السياسية الحالية، والخصائص الديموجرافية
لعينة الجمهور المصري.
وتم تطبيق الدراسة على عينة عمدية من الذين
يتعرضون للصحف المصرية قوامها 4٠٠ مفردة تم توزيعها بالتساوي بواقع 2٠٠ مفردة لكل من
الذكور والإناث، وذلك بمحافظتي القاهرة والجيزة. وتمت مراعاة تشابه الخصائص
الديموجرافية للعينة حتى لا تكون سببًا في اختلاف النتائج أو مصدرًا من مصادر
التباين فيما بينها، خاصة وأن طبيعة بيانات الدراسة تتعامل بدرجة كبيرة مع المكون
الشعوري والنفسي والسلوكي، وهو ما أدى بالباحث إلى مراعاة أكبر درجات الضبط
الميداني أثناء جمع البيانات. وتم جمع بيانات الدراسة الميدانية من خلال
استمارة الاستبيان المقننة، والتي تم توزيعها على عينة من الجمهور المصري في الفترة
من 15/6/2013 إلى 15/7/ 2٠١3.
وترجع مبررات اختيار تلك
الفترة الزمنية لارتباطها بأحداث ومتغيرات سياسية كبرى في مصر، وجاءت بعد فترة عام
كامل من حكم د. مرسي ودخول حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان
المسلمين للسلطة، وما تلا ذلك من أحداث وقضايا خلال العام الذي حكم فيه د. مرسي،
حيث أفردت الصحف المصرية مساحات كبيرة للقضايا والمشكلات اليومية التي وعد بحلها
خلال المائة يوم الأولى من حكمه - ولم يلمس المواطن تحسنًا يذكر.
فضلًا عن تفاقم مشكلات نقص
الطاقة وانقطاع الكهرباء، وتصاعد وتيرة الاحتجاجات ضده وضد جماعة الإخوان المسلمين
الذين اتهموا بالسعي للسيطرة على مؤسسات الدولة، وإصداره إعلانًا دستوريًا ألغى
فيه تقريبًا كل مؤسسات الدولة وحصّن كل ما يتخذه من قررات ضد الطعن عليها وعزله
للنائب العام، وتعيين نائب عام جديد، مما أدى إلى تزايد السخط السياسي والشعبي
والمجتمعي عليه. ومن نوفمبر 2٠١2 بدأت تتعالى المطالبات له بالرحيل، إلى أن جاء
شهر مارس 2٠١3 وتشكلت حركة تمرد، حيث صممت استمارة تدعو لسحب الثقة من د. محمد مرسي
والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة في 3٠ يونيو 2٠١3، وبالفعل خرجت احتجاجات وتظاهرات
جماهيرية حاشدة في الشوارع والميادين المصرية أدت إلى إعلان القوات المسلحة لإعطاء
مهلة ثمانٍ وأربعين ساعة للوصول إلى حل بين مؤسسة الرئاسة وبين القوى السياسية
والحزبية لحل الانقسام المجتمعي الذي شهدته مصر، وكاد أن يؤدي إلى اقتتال داخلي أو
حرب أهلية بين المؤيدين للدكتور مرسي والمعارضين له.
وجاء يوم 3 يوليو 2013، وأعلنت خارطة المستقبل
التي بموجبها عُيّن المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية رئيسًا مؤقتًا
للبلاد إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية، والتي يبدأ الإعداد لها حاليًا. ومنذ
هذا التاريخ لا تزال تشهد الساحة السياسية المصرية تفاعلات كبيرة، بالإضافة إلى
ظهور موجة من العنف، ولا تزال، بدأت بحرق الكنائس وبعض المصالح الحكومية، ومن ثم
فهذه الفترة تعد مثالية لقياس التصورات العامة التي شكلتها الصحف لدى قرائها نحو
تيارات الإسلام السياسي ومدى فاعليتها في إدارة المزاج العام المصري نحوها.
ثانيا-
القضايا المثارة عن تيارات الإسلام السياسي
قام الباحث برصد عام للمضامين المثارة في
الصحف المصرية اليومية والأسبوعية، حيث شمل الرصد صحف الأهرام، والأخبار،
والجمهورية، والمصري اليوم، واليوم السابع، والوطن، والوفد، والأهالي، خلال فترة
عام منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في يونيو 20١2 وحتى يونيو 20١3، حيث قام
الباحث برصد قائمة عامة للقضايا المثارة عن تيارات الإسلام السياسي، وهي الفترة
التي شهدت صعودهم إلى قمة السلطة وتولي مرشح حزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي
لرئاسة الدولة.
وبعد المتابعة العامة للصحف التي اعتمدت على
المسح بالعينة للصحف المصرية تم تحديد فئتين من القضايا الرئيسية الأولى : تناولت
المضامين الإيجابية، والثانية: خاصة بالقضايا السلبية، وبعد الرصد والتحليل تم
تصنيف القضايا ووضعها في أسئلة استمارة الاستبيان التي وجهت لعينة الجمهور المصري،
وتم تصنيف القضايا كما يلي:
أ-
القضايا الإيجابية
وهي القضايا التي اعتمدت على الرصد الصحفي لمجريات الأحداث اليومية
وتفاعلاتها على الساحة المصرية وشملت هذه القضايا الفئات التالية:
١- عرض التصريحات المرتبطة
بالأداء الحكومي عمومًا.
2- توضيح الخطوات الرسمية
في التعامل مع الأزمات.
3- توضيح معوقات الأداء
الرسمي للجمهور.
4- التأكيد على محاولة
إيجاد حل سياسي للأزمة الداخلية.
5- الإعلان عن مشروعات
استثمارية وإستراتيجية كبرى.
6- الدعوة لحوار وطني مع
القوى السياسية المعارضة.
7- الإعلان عن خطوات
للتعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى.
8- عرض دستور 20١2 للاستفاء
والموافقة عليه.
9- خروج تظاهرات شعبية
مؤيدة لتيار الإسلام السياسي.
١0- الوساطة بين حركة
حماس وإسرائيل وعقد هدنة.
ب-
القضايا السلبية
وهي القضايا التي اعتمدت على الرصد الصحفي لمجريات الأحداث اليومية
وتفاعلاتها على الساحة المصرية، وشملت هذه القضايا الفئات التالية:
١- عرض التصريحات المتشددة
وغير المعتادة لقادة التيارات الإسلامية.
2- محاولة الهيمنة والسيطرة
على مؤسسات الدولة.
3- تراخي وفشل المؤسسات
الرسمية في التعامل مع الأزمات.
4- عدم تحاور السلطة مع
المعارضين.
5- اتخاذ قرارات والرجوع
عنها.
6- تزايد دعوات العنف
والترويع للمجتمع.
7- الإساءة للرموز الوطنية
والسياسية والدينية.
8- تزايد الرفض الشعبي
والجماهيري للوضع القائم.
9- استمرار الانفلات الأمني
وقطع الطرق.
١0- تفاقم أزمات
الطاقة وانقطاع الكهرباء.
ج-
مقياس المزاج العام
على الرغم من كثرة المقاييس
التي تستخدم في قياس المزاج العام للجمهور، وتعتمد بصفة رئيسية على قياس ردود
أفعال الأفراد عن أنفسهم،، فإنه قد تم الاعتماد في قياس حالة المزاج العام للجمهور
المصري نحو تيارات الإسلام السياسي على مقياس إليسباك وبار،( Elsbach & Barr, 1999)، الذي يتكون من ثماني حالات
شعورية يجيب عنها الجمهور المبحوث بطريقة ليكرت الخماسية لتحديد وتصنيف حالتهم
المزاجية العامة أو شعورهم العام، ويتم وضع رقم أو علامة تشير إلى درجة الموافقة
أو المعارضة التي تصف المزاج العام وتتمثل في : الانبساط، الابتهاج، السعادة، راحة
البال، السخط، الانزعاج، الغضب، الإحباط.
وتم تطبيق المقياس على
عينة الجمهور بحيث تعبر على أربع صفات عن حالة مزاجية إما (إيجابي أو سلبي) وتم
تحويل هذه الدرجات إلى تكررات ونسب مئوية أثناء المعالجات الإحصائية للبيانات.
• تم عرض سؤال على المبحوثين من عينة الجمهور
المصري هو: عندما تقرأ - خاص بالتعرض للصحف فقط – أو عندما تسمع أو تشاهد – خاص
بوسائل الإعلام الأخرى- أي أخبار أو موضوعات
عن تيارات الإسلام السياسي في مصر هذه الأيام، ما درجة شعورك بالمشاعر والأحاسيس
التالية :
- أشعر بالانبساط -
أشعر بالسعادة
- أشعر بالابتهاج والفرح -
أشعر براحة البال والرضا
- أشعر بالسخط والحنق -
أشعر بالانزعاج والتوتر
- أشعر بالغضب -
أشعر بالإحباط واليأس
• تم تقسيم المبحوثين على
درجات المقياس بواقع 32 درجة، بحيث تشمل كل حالة 4 درجات كما يلي:
- مزاج سلبي (من 4-١3 درجة).
- مزاج معتدل (من ١4 - 23 درجة).
- مزاج إيجابي (من 24 - 32 درجة).
وقام الباحث بتحويل هذه الدرجات إلى تكرارات ونسب
مئوية في المعالجة الإحصائية للبيانات.
د- مقياس حالة المزاج
الشخصي
تم الاعتماد على مقياس
باكمان وآخرين، الذي يتكون من مقياس ثلاثي يحتوي على ثلاث عبارات هي:
-
أشعر بسعادة كبيرة - بالغة - هذه الأيام.
- أشعر برضا تام عن حياتي.
-
أشعر أن معنوياتي مرتفعة.
ويشتمل هذا المقياس على (9 درجات) بواقع (3)
درجات لكل عبارة، بحيث يكون المزاج السلبي من (3 - 4 درجات) والمزاج المعتدل من
(5-7 درجات) والمزاج الإيجابي من (8-9 درجات). وتم تحويل هذه الدرجات إلى تكرارات ونسب
مئوية بعد ذلك في المعالجة الإحصائية للبيانات.
ثانيا-
القضايا المثارة عن تيارات الإسلام السياسي
قام الباحث برصد عام للمضامين المثارة في
الصحف المصرية اليومية والأسبوعية، حيث شمل الرصد صحف الأهرام، والأخبار،
والجمهورية، والمصري اليوم، واليوم السابع، والوطن، والوفد، والأهالي، خلال فترة
عام منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في يونيو 20١2 وحتى يونيو 20١3، حيث قام
الباحث برصد قائمة عامة للقضايا المثارة عن تيارات الإسلام السياسي، وهي الفترة
التي شهدت صعودهم إلى قمة السلطة وتولي مرشح حزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي
لرئاسة الدولة.
وبعد المتابعة العامة للصحف التي اعتمدت على
المسح بالعينة للصحف المصرية تم تحديد فئتين من القضايا الرئيسية الأولى : تناولت
المضامين الإيجابية، والثانية: خاصة بالقضايا السلبية، وبعد الرصد والتحليل تم
تصنيف القضايا ووضعها في أسئلة استمارة الاستبيان التي وجهت لعينة الجمهور المصري،
وتم تصنيف القضايا كما يلي:
أ-
القضايا الإيجابية
وهي القضايا التي اعتمدت على الرصد الصحفي لمجريات الأحداث اليومية
وتفاعلاتها على الساحة المصرية وشملت هذه القضايا الفئات التالية:
١- عرض التصريحات المرتبطة
بالأداء الحكومي عمومًا.
2- توضيح الخطوات الرسمية
في التعامل مع الأزمات.
3- توضيح معوقات الأداء
الرسمي للجمهور.
4- التأكيد على محاولة
إيجاد حل سياسي للأزمة الداخلية.
5- الإعلان عن مشروعات
استثمارية وإستراتيجية كبرى.
6- الدعوة لحوار وطني مع
القوى السياسية المعارضة.
7- الإعلان عن خطوات
للتعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى.
8- عرض دستور 20١2 للاستفاء
والموافقة عليه.
9- خروج تظاهرات شعبية
مؤيدة لتيار الإسلام السياسي.
١0- الوساطة بين حركة
حماس وإسرائيل وعقد هدنة.
ب-
القضايا السلبية
وهي القضايا التي اعتمدت على الرصد الصحفي لمجريات الأحداث اليومية
وتفاعلاتها على الساحة المصرية، وشملت هذه القضايا الفئات التالية:
١- عرض التصريحات المتشددة
وغير المعتادة لقادة التيارات الإسلامية.
2- محاولة الهيمنة والسيطرة
على مؤسسات الدولة.
3- تراخي وفشل المؤسسات
الرسمية في التعامل مع الأزمات.
4- عدم تحاور السلطة مع
المعارضين.
5- اتخاذ قرارات والرجوع
عنها.
6- تزايد دعوات العنف
والترويع للمجتمع.
7- الإساءة للرموز الوطنية
والسياسية والدينية.
8- تزايد الرفض الشعبي
والجماهيري للوضع القائم.
9- استمرار الانفلات الأمني
وقطع الطرق.
١0- تفاقم أزمات
الطاقة وانقطاع الكهرباء.
ج-
مقياس المزاج العام
على الرغم من كثرة المقاييس
التي تستخدم في قياس المزاج العام للجمهور، وتعتمد بصفة رئيسية على قياس ردود
أفعال الأفراد عن أنفسهم،، فإنه قد تم الاعتماد في قياس حالة المزاج العام للجمهور
المصري نحو تيارات الإسلام السياسي على مقياس إليسباك وبار،( Elsbach & Barr, 1999)، الذي يتكون من ثماني حالات
شعورية يجيب عنها الجمهور المبحوث بطريقة ليكرت الخماسية لتحديد وتصنيف حالتهم
المزاجية العامة أو شعورهم العام، ويتم وضع رقم أو علامة تشير إلى درجة الموافقة
أو المعارضة التي تصف المزاج العام وتتمثل في : الانبساط، الابتهاج، السعادة، راحة
البال، السخط، الانزعاج، الغضب، الإحباط.
وتم تطبيق المقياس على
عينة الجمهور بحيث تعبر على أربع صفات عن حالة مزاجية إما (إيجابي أو سلبي) وتم
تحويل هذه الدرجات إلى تكررات ونسب مئوية أثناء المعالجات الإحصائية للبيانات.
• تم عرض سؤال على المبحوثين من عينة الجمهور
المصري هو: عندما تقرأ - خاص بالتعرض للصحف فقط – أو عندما تسمع أو تشاهد – خاص
بوسائل الإعلام الأخرى- أي أخبار أو موضوعات
عن تيارات الإسلام السياسي في مصر هذه الأيام، ما درجة شعورك بالمشاعر والأحاسيس
التالية :
- أشعر بالانبساط -
أشعر بالسعادة
- أشعر بالابتهاج والفرح -
أشعر براحة البال والرضا
- أشعر بالسخط والحنق -
أشعر بالانزعاج والتوتر
- أشعر بالغضب -
أشعر بالإحباط واليأس
• تم تقسيم المبحوثين على
درجات المقياس بواقع 32 درجة، بحيث تشمل كل حالة 4 درجات كما يلي:
- مزاج سلبي (من 4-١3 درجة).
- مزاج معتدل (من ١4 - 23 درجة).
- مزاج إيجابي (من 24 - 32 درجة).
وقام الباحث بتحويل هذه الدرجات إلى تكرارات ونسب
مئوية في المعالجة الإحصائية للبيانات.
د- مقياس حالة المزاج
الشخصي
تم الاعتماد على مقياس
باكمان وآخرين، الذي يتكون من مقياس ثلاثي يحتوي على ثلاث عبارات هي:
-
أشعر بسعادة كبيرة - بالغة - هذه الأيام.
- أشعر برضا تام عن حياتي.
-
أشعر أن معنوياتي مرتفعة.
ويشتمل هذا المقياس على (9 درجات) بواقع (3)
درجات لكل عبارة، بحيث يكون المزاج السلبي من (3 - 4 درجات) والمزاج المعتدل من
(5-7 درجات) والمزاج الإيجابي من (8-9 درجات). وتم تحويل هذه الدرجات إلى تكرارات ونسب
مئوية بعد ذلك في المعالجة الإحصائية للبيانات.
ثالثا-
نتائج الدراسة الميدانية
كشفت الدراسة أن التعرض
للقضايا الإيجابية المثارة في الصحف المصرية لتيارات الإسلام السياسي لدى عينة الجمهور
المصري تمثلت على التوالي في عرض الخطوات التي تتخذ لإدارة الأزمة السياسية
والتعامل معها بنسبة 3١٪، تلتها التصريحات المرتبطة بالأداء الحكومي بنسبة 28.7٪،
ثم المشروعات الاستثمارية الكبرى بنسبة 22.5٪، ثم نجاح وساطة مصر بين حركة حماس
وإسرائيل وعقد هدنة بنسبة ١9.5٪، ثم محاولة حل الأزمة السياسية الداخلية بنسبة
١6.2٪، ثم الحوار الوطني بنسبة ١4.2٪، ثم معوقات الأداء بنسبة ١4٪، ثم الموافقة
على دستور 20١2 بنسبة ١3.7٪، فالتظاهرات المؤيدة لتيارات الإسلام السياسي بنسبة
١١.7٪، وأخيرًا التعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى بنسبة 8٪.
ويشير ترتيب الاهتمام بهذه القضايا لدى الجمهور
إلى الرغبة في استقرار الوضع الداخلي ومنع ازدياد حدة الأزمة بين أبناء الشعب
المصري، ومن ثم جاءت الموضوعات الخاصة بكيفية إدارة الأزمة والتعامل معها وعرض
تصورات الفاعلين فيها في أولويات نوعيات القضايا بدليل تراجع أولويات التفضيل
للقضايا الخاصة بالتظاهرات المؤيدة للإسلاميين، وجهود التعاون الاقتصادي بين مصر
والعالم. ويشير الاهتمام بنوعيات تلك القضايا - ولو جزئيًا - إلى مظاهر الترقب
والحيرة والقلق والخوف على الوطن.
كما كشفت الدراسة عن أن
القضايا السلبية المثارة عن تيارات الإسلام السياسي بالصحف المصرية تمثلت لدى عينة
الجمهور المصري على التوالي في تزايد الرفض الشعبي والجماهيري للوضع السياسي بنسبة
74.2٪، تلاها فشل السلطة في حل أزمة الطاقة وانقطاع الكهرباء بنسبة 63.5٪، ثم
استمرار الانفلات الأمني بنسبة 58.2٪، ثم عدم تحاور السلطة مع المعارضين بنسبة
4١.2٪، ثم دعوات الترويج للعنف وترويع الآمنين بنسبة 39٪، ثم التراخي والفشل في
إدارة الأزمات بنسبة 37.5٪، ثم التصريحات الغريبة والمتشددة من قبل قادة التيارات
الإسلامية بنسبة 33.7٪، ثم اتخاذ القرارات والرجوع فيها بنسبة 3١.7٪، ثم الهيمنة
والسيطرة على مؤسسات الدولة فيما أطلق عليه أخونة الدولة بنسبة 3١.5٪، وأخيرًا
الإساءة للرموز السياسية والوطنية والدينية بنسبة 27.2٪، وتكشف تلك المؤشرات عن
زيادة السخط الشعبي والجماهيري لعدم قدرة السلطة على التعامل بفاعلية مع الأزمات
الحياتية للمواطن المصري، أو حتى على مستوى الأزمة السياسية الداخلية، من حيث عدم
قدرتها على لم الشمل والتحاور الجاد مع القوى والحركات الوطنية والسياسية. ولعل
ذلك يوضح بدرجة أو بأخرى زيادة الصورة السلبية لتيارات الإسلام السياسي لدى عينة
الجمهور المصري، الأمر الذي يسهم بدرجة رئيسية في تشكيل المزاج الجماهيري المضاد
أو المعاكس لتلك التيارات بعكس الصورة التي حاولت التيارات الإسلامية أن تقدم
نفسها على أنها البديل السياسي الأمثل والجاهز في إدارة شئون البلاد بعد تنحي الرئيس
مبارك عن الحكم. الأمر الذي اتضح عدم صحته تمامًا.
وظهرت التيارات الإسلامية وكأنها تتقاسم شئون
البلاد لتحقيق مصالحها لا أن تدير شئون البلاد، حيث أشارت المؤشرات والملاحظات
العلمية أنه ومنذ قيام ثورة يناير 20١١ وما تلاها، بدأت التيارات الإسلامية وكأنها
تفرض أيديولوجياتها ومرجعياتها على قطاعات الشعب المصري.
وخرجت تصريحات متعددة من قادة حزب النور
والسلفيين، والجماعة الإسلامية، والأصالة، والحرية والعدالة - بدرجة أقل - حول
تطبيق الشريعة والحدود، وإعادة النظر في السياحة وخاصة سياحة الشواطئ، فضلًا عن
التصريحات المتشددة ولعل أبرزها ما يشبه تأسيس جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، وهو ما أزعج المزاج العام المصري حول أهداف وحقيقة تلك التيارات، وهل تخطى
الأمر من إطار إدارة الشأن العام إلى التحكم في الشأن الخاص، وتغيير الهوية
الوطنية للدولة.
وهو ما انعكس لاحقًا على سرعة التحرك الشعبي ضد
هذه المحاولات وغيرها حتى قامت تظاهرات 30 يونيو، والتي كان من نتائجها إبعاد د.
محمد مرسي وإعلان خارطة للمستقبل تراعي المكونات المجتمعية والتاريخية والحضارية
والثقافية للشعب المصري.
أ- الحالات الشعورية المكونة للمزاج العام نحو تيارات الإسلام السياسي
في الصحافة المصرية
تمثلت الحالات الشعورية
المكونة للمزاج العام نحو تيارات الإسلام السياسي في الصحف المصرية لدى عينة
الجمهور المصري كما يلي:
١– جاءت مكونات المزاج العام
فيما يتعلق بالقضايا الإيجابية المثارة عن تيارات الإسلام السياسي في الصحف
المصرية تميل إلى المزاج السلبي، حيث جاء الشعور بالانزعاج والقلق بنسبة 38.7٪،
والإحباط بنسبة 36.7٪، والغضب بنسبة 23.2٪، فالسخط بنسبة 20.2٪، ثم تلاها الإجابات
المكونة للحالات الشعورية المزاجية الإيجابية، حيث تمثلت في الانبساط بنسبة ١8.7٪،
ثم التفاؤل والسعادة بنسبة ١7.2٪، ثم الاطمئنان وراحة البال بنسبة ١6٪، وأخيرًا
الابتهاج والسرور بنسبة ١3.7٪.
2– جاءت مكونات المزاج العام
فيما يتعلق بالقضايا السلبية المثارة عن تيارات الإسلام السياسي في الصحف المصرية تميل
إلى المزاج العام السلبي بدرجة أكبر، وتمثلت هذه الحالات إلى أقصى حد في الإحباط
بنسبة 54٪، والغضب بنسبة 5١٪، والسخط السياسي والشعبي بنسبة 48.2٪، ثم الانزعاج
مما يحدث بنسبة 44.2٪، في حين تراجعت المكونات الإيجابية التي تشكل المزاج العام
إلى أقصى حد، حيث تمثلت في التفاؤل والسعادة بنسبة ١8٪، ثم الانبساط بنسبة 8.7٪،
ثم الابتهاج بنسبة 6.5٪، ثم الاطمئنان بنسبة 2.7٪.
3– تشير البيانات السابقة
إلى سيطرة المكون الشعوري السلبي العام على بيئة المزاج العام لعينة الجمهور
المصري، سواء على مستوى القضايا الإيجابية أو السلبية المثارة عن تيارات الإسلام
السياسي، مما يوضح بدرجة أو بأخرى تغير المزاج العام نحو تلك التيارات، وهو ما
يمكن أن يعود إلى طبيعة معالجات الصحف ووسائل الإعلام الأخرى التي قامت بنقل
وتقديم كل الأخبار والموضوعات والقضايا عن تلك التيارات منذ صعودها على الساحة
السياسية المصرية بعد 25 يناير 20١١ وتصدرها المشهد السياسى، خاصة وأن أداءها كان
عكس التوقعات الجماهيرية التي كانت سائدة عنها قبل ثورة يناير.
وعلى مستوى الممارسات الفعلية خلال تلك الفترة
أثبتت تلك التيارات عدم قدرتها على إدارة
الدولة وشئونها سواء على مستوى فشل الأداء البرلماني، كما كان في مجلسي الشعب
والشورى اللذين تم حلهما - لاحقًا - وكانت تسيطر عليهما التيارات الإسلامية
(الإخوان - السلفيون - الجماعة الإسلامية - حزب الوسط - الأصالة) أو فشل جماعة
الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ذراعها السياسي في إدارة الدولة والحكومة
والرئاسة، الأمر الذي عجّل - ولو مؤقتًا - بخروج هذه التيارات مبكرًا من صدارة
المشهد السياسي.
ويمكن تفسير زيادة درجة
حالة المزاج السلبي العام حتى مع القضايا الإيجابية المثارة وفقًا لما ذهب إليه
ران وآخرون Rhan
et al.,
، بأن حالة المزاج العام السائد في أي لحظة ترتبط بطبيعة التصورات المأمولة أو
المتوقعة وارتفاع درجتها، وعلى مستوى الواقع الفعلي تأتي كل السلوكيات والتصرفات
بعكسها تمامًا، الأمر الذي يمكن أن ينطبق بدرجة أو أخرى على تيارات الإسلام
السياسي.
ب- المزاج العام السلبي نحو تيارات الإسلام السياسي
أن محصلة المزاج العام لدى
عينة الجمهور المصري نحو تيارات الإسلام السياسي تمثلت في المزاج السلبي بنسبة
73.2٪، ثم المزاج المعتدل بنسبة 2١٪، وأخيرًا المزاج الإيجابي بنسبة 9٪. وعلى
مستوى القضايا الإيجابية تمثل في المزاج العام السلبي بنسبة 69.3٪، وجاء على
مستوى القضايا السلبية بنسبة 77.5٪. لكن
اللافت للنظر تدني درجة المزاج العام الإيجابي إلى أقصى حد، حيث جاء بنسبة 4.5٪ في
مصاحبة القضايا السلبية المسيطرة، مقابل نسبة ١3.5٪ للقضايا الإيجابية.
وبصفة عامة تشير البيانات الإحصائية إلى أن
إدارة الصحف المصرية للمزاج العام للجمهور المصري نحو تيارات الإسلام السياسي تمثل
في خلق حالة من الاتجاه العام السائد في المعالجات الصحفية، أدى إلى تنامي مزاج
عام جماهيري سائد نحو هذه التيارات، وبمرور الوقت سارت اتجاهات المزاج العام
للجمهور المصري مع طبيعة الاتجاهات العامة السائدة في المعالجات الصحفية، الأمر
الذي أسهم في بناء مزاج عام جماهيري نحوها في النهاية. ولعل هذه المؤشرات توضح ما
انتهى إليه شاه دافان Shah Dhavan, 2002 بأن محصلة التغطية المكثفة للقضايا الملحة أو الجماهيرية يؤدي إلى
سرعة قابليتها للاسترجاع على المستوى الجمعي، ويزيد من قدرة الأفراد على اتخاذ
قرارات تشبه الإجماع، بعكس القضايا التي لا تحظى باهتمام فلا يستطيع الأفراد
تقييمها أو الحكم عليها بدقة وتقل قدرة وسائل الإعلام على إدارتها وتوجيه الأفراد
نحوها.
وكشفت الدراسة عن وجود
علاقة إحصائية بين التعرض للصحف المصرية وبين طبيعة المزاج العام السائد نحو
تيارات الإسلام السياسي لدى الجمهور المصري، حيث بلغت قيمة معامل تحليل التباين (f) ١3.07 بمستوى دلالة 0.0١ على مقياس المزاج العام السلبي للقضايا
الإيجابية لتيارات الإسلام السياسي، و١9.١7 بمستوى دلالة 0.05 للقضايا السلبية المثارة
عن تيارات الإسلام السياسي، في حين كانت قيمة الفروق الإحصائية الأخرى غير دالة
على مستوى طبيعة المزاج العام المعتدل والإيجابي على مستوى القضايا الإيجابية والسلبية
لتيارات الإسلام السياسي في الصحف المصرية.
وهو ما يشير إلى صحة فرضيات نظرية إدارة المزاج
وفقًا للتصورات التي طرحها زيلمان وزملاؤه، بأن تعامل الأفراد الموسع مع المضامين
التي تثيرها وسائل الإعلام المختلفة تصب في نهاية المطاف في إيجاد - مناخ عام -
مزاج عام يتسق مع تصورات الأفراد، بهدف خلق درجة عالية من التكيف الرمزي والعاطفي
العام مع بيئتهم المحيطة. وعلى الرغم من
أن النظرية أكدت على حرص الأفراد على تجنب المواقف التي تزيد من حدة التوتر لديهم،
فإن طبيعة الدراسة وما تثيره من ارتباط الإشكالية البحثية التي تثيرها بمستقبل
الوطن بصفة عامة، الأمر الذي يمكن أن يكون قد أسهم بدرجة رئيسية في قبول الخيارات
المزاجية العامة على سلبيتها لكنها في حقيقة الأمر ذات مردود إيجابي على شكل وصورة
ومستقبل الوطن.
وهو ما يمكن معه القول بأن
الصحف المصرية قد أسهمت في إدارة المزاج العام للجمهور المصري نحو تيارات الإسلام
السياسي، من خلال بناء الصورة التي توضح عدم كفاءة وقدرة تلك التيارات على احتواء
المشكلات وحلها، فضلًا عن محاولتها إقصاء الآخرين، وهو ما ترتب عليه سقوطها سريعًا
وعدم نجاحها في إدارة شئون البلاد، ومن ثم توضح البيانات السابقة صحة الفرض الأول
للبحث والقائل بأنه: توجد علاقة إحصائية بين التعرض للصحف المصرية وطبيعة المزاج
العام السائد نحو تيارات الإسلام السياسي لدى الجمهور المصري.
ج-
محصلة المزاج الشخصي نحو تيارات الإسلام السياسي
أوضحت الدراسة أن محصلة
المزاج الشخصي لدى عينة الجمهور المصري المترتبة على التعرض للصحف المصرية نحو
تيارات الإسلام السياسي تمثلت كما يلي:
١– تمثلت نوعية الحالات
الشعورية المشكلة للمزاج الشخصي للجمهور المصري في القضايا الإيجابية المثارة عن
تيارات الإسلام السياسي في الصحف المصرية على التوالي في عدم الشعور بالسعادة
بنسبة 25.2٪، والإحباط الشديد بنسبة 22٪، وعدم الرضا عن الوضع القائم بنسبة ١8.7٪،
ثم الشعور بالسعادة بنسبة ١٠.5٪، والرضا عن الوضع بنسبة ١٠٪، والتفاؤل بنسبة 9.7٪
2– تمثلت نوعية الحالات
الشعورية المشكلة للمزاج الشخصي لعينة الجمهور المصري في القضايا السلبية المثارة
عن تيارات الإسلام السياسي في الصحف المصرية على التوالي في الشعور بالإحباط، ثم
عدم الشعور بالسعادة بنسبة 44.7٪، تلاها عدم الرضا عن الوضع الحالي بنسبة 33.7٪،
وبفارق كبير جدًا تمثل الشعور بالرضا والتفاؤل بنسبة ١.7٪، لكل منهما، والسعادة
بنسبة ١.2٪.
3– تكشف البيانات سيطرة حالة
المزاج السلبي على المكون الشعوري لعينة الجمهور المصري نحو تيارات الإسلام
السياسي، وإن اتضح زيادة حدة المزاج سلبًا على مستوى القضايا السلبية، وهو أمر
منطقي، إذ إنه كلما زادت درجة السلبية كلما زادت درجة المزاج الشخصي السلبي، ويؤكد
ذلك تراجع درجة الشعور بالتفاؤل والسعادة والرضا إلى أقصى حد، ولم يتجاوز نسبة
١.7٪ من إجمالي درجات المزاج الشخصي نحو القضايا السلبية.
4– توضح المؤشرات السابقة أن
زيادة درجة التعرض للأخبار والموضوعات السلبية التي تشكل المزاج الشخصي للجمهور
تجعلهم يقومون بتعديل سلوكياتهم واتخاذ قرارات سلوكية جديدة بناء على هذا التعرض،
ومن ثم بناء عالم رمزي وتصورات جديدة للواقع المعاش، وهو ما أشارت إليه فرضيات
نظرية إدارة المزاج، وأكدت عليه نتائج إحدى الدراسات السابقة التي كشفت زيادة الحرص
على متابعة الأخبار، التي تدعم سلوكيات وبناء مواقف جديدة لدى الجمهور الأمريكي.
كما كشفت الدراسة أن نوعية المزاج الشخصي لدى عينة الجمهور المصري نحو تيارات
الإسلام السياسي في الصحف المصرية تمثل في المزاج الشخصي السلبي بنسبة 76.5٪ تلاها
المزاج الإيجابي بنسبة ١7.5٪، تم المعتدل بنسبة 6.3٪، وتمثل على مستوى القضايا
الإيجابية بنسبة 70.8٪ للمزاج السلبي، وعلى مستوى القضايا السلبية جاء بنسبه82.3٪،
ثم المزاج الشخصي الإيجابي بنسبة 20.5٪ للقضايا الإيجابية، و١4.2٪ للقضايا السبية.
أما المزاج المعتدل فجاء بنسبة 8.7٪ للقضايا الإيجابية، و3.5٪ للقضايا السلبية.
ويمكن تفسير ذلك في ضوء
فرضيات نظرية إدارة المزاج وما تطرحه من أن الحالة الشعورية الشخصية كمكون داخلي
يشكل في النهاية حالة المزاج العام للجمهور، وذلك من خلال حرص الأفراد على التعبير
عن المواقف الفردية والقناعات الشخصية التي ترتبط بطبيعة النظام الاجتماعي
والاقتصادي والسياسي السائد، وتتفاعل فيما بينها لتعكس بيئة جديدة هي بيئة المزاج
العام أو محصلة المزاج العام، وهو ما أشارت إليه أيضًا نتائج إحدى الدراسات التي
أثبتت أن حالة المزاج الشخصي ترتبط بالاستعدادات والميول النفسية والأصول الاجتماعية
وطبيعة الدوافع الشخصية التي تسهم في تأكيد السلوك الفردي، وتنعكس على الاستجابات
الجماعية وبناء الاتجاهات سواء المؤيدة أو المعارضة للرسائل الإعلامية.