المركز العربي للبحوث والدراسات : إعادة تقييم للدور: حركة تمرد تنهي حكم الإخوان (طباعة)
إعادة تقييم للدور: حركة تمرد تنهي حكم الإخوان
آخر تحديث: الأربعاء 02/07/2014 11:02 ص د.شريف درويش اللبان
إعادة تقييم للدور:

كانت كلمة السر في ثورة 30 يونيو هي "تمرد" , حيث دعت حركة تمرد، وهي حركة معارِضة مصرية, لسحب الثقة من د. محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية المعزول، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. انطلقت "تمرد" في يوم الجمعة  26 من أبريل 2013 من ميدان التحرير بالقاهرة، على أن تنتهي في 30 من يونيو من العام نفسه، وتمكنت من جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من محمد مرسي  .

وأعلنت الحركة أنها جمعت 200 ألف توقيع في الأسبوع الأول, جدير بالذكر أن حركة تمرد كان قد سبقها إلى هذا النهج حركات أخرى مثل حركة "مستمرون" والتي أسسها محمد أبو حامد عضو مجلس الشعب السابق المنحل. ووصل انتشار حركة تمرد إلى حد أن أعلن مؤسسوها أنهم قد جمعوا 2 مليون و29 ألفًا و592 استمارة توقيع لسحب الثقة من مرسي في مؤتمر صحفي عقدوه يوم الأحد 12 من مايو 2013, أي بعد نحو أسبوعين من تدشين الحملة. وقد أحدثت أنباء تعدي عدد الاستمارات الموقعة لما يزيد على 2 مليون في أسبوعين صخبًا إعلاميًا واسعًا ساعد في انتشار حركة "تمرد" أكثر في الأوساط الشعبية المصرية، كما انتبهت لها قوى المعارضة التي أجمعت تقريبًا على تأييدها. ومن التيارات السياسية التي دعمت حركة "تمرد" حركة كفاية وجبهة الإنقاذ والجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 أبريل، كما أعلنت نقابة المحامين المصرية فتح مقراتها للمواطنين على مستوى الجمهورية لتلقي الاستمارات الموقّعة.

عادت الشبكات الاجتماعية لتلعب دورًا رئيسيًّا في الاحتجاجات الواسعة التي ملأت طول مصر وعرضها خلال ثورة 30 يونيو

أولا: مولد حركة "تمرد" وانطلاق ثورة 30 يونيو

يقول محمود بدر، مؤسس حركة "تمرد": إن الحركة ولدت في أبريل 2013 من ميدان التحرير بهدف سحب الثقة من الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن فشل في إدارة شئون البلاد، وحنث بيمينه ونقض عهده مع الشعب والقوى الثورية، وانقلب بجميع مبادئ ثورة 25 يناير التي سالت من أجلها دماء آلاف المصريين. وقال بدر: إن فكرة الحملة التي أطلقها النشطاء السياسيون جاءت "كنوع من أنواع البحث عن ثورة 25 يناير التي ذهبت أدراج الرياح مع مرسي"، مشيرًا إلى أنه كان ممن انتخبوا الرئيس محمد مرسي دون اقتناع ولكن لمجرد منع منافسه أحمد شفيق، آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، من الوصول إلى سُدة الحكم حتى لا يُعاد إنتاج نظام مبارك الذي أسقطته ثورة 25 يناير 2011، وخوفًا من أن يسجن شفيق النشطاء السياسيين، ففوجئت بأن مرسي سجنهم، وترك ميليشيات الجماعات المسلحة تقتل وتروّع المواطنين الآمنين دون أي محاسبة، وكان حادث اغتيال الجنود المصريين برفح أثناء تناول الإفطار في رمضان (مذبحة رفح الأولى) خير شاهد وخير دليل على جرائم الجماعات الإرهابية الموالية للرئيس محمد مرسي.

 وقال بدر عن مرسي: "هذا الرجل فشل في أن يحقق أي شيء حتى المطالب البسيطة للشعب المصري من عيش، حرية وعدالة اجتماعية"، وقال: إن الحشود الغفيرة من أبناء الشعب المصري التي خرجت في مظاهرات 30 يونيو في ميدان التحرير وفي جميع الميادين المصرية بالمحافظات وأمام قصر الاتحادية هي دليل قاطع على شرعية حركة "تمرد" وسقوط شرعية الرئيس محمد مرسي، وأن هذه الجموع لن تعود إلى منازلها إلا بعد تنحي مرسي وتقديم قتلة المتظاهرين إلى العدالة. وشدد "بدر" على أنه لا تهاون ولا تراجع عن مطلبنا الوحيد وهو إسقاط الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية تحت إشراف رئيس المحكمة الدستورية العليا، وإسقاط دستور الإخوان وتشكيل حكومة ائتلاف وطني تمثل كل أطياف الشعب المصري.

وحول قانونية الحركة، أكد محمود بدر أن الدستور الذي وضعته جماعة الإخوان المسلمين وتفتخر به هو أول من يمنح حركة "تمرد" الشرعية القانونية والدستورية الكاملة طبقًا لنصوص المواد رقم 5 و6 و45 و152 من الدستور، والتي تنص في مجملها على أن السيادة للشعب، وأن الشعب مصدر السلطات يؤسسها ويمنحها شرعيتها وتخضع لإرادته، كما تنص المادة 45 من الدستور على أن "حرية الفكر والرأي مكفولة لكل إنسان، وحق التعبير عن الرأي بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير مكفولة لكل مواطن". كما أن المادة 152 من الدستور تمنح الشعب حق سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وهو ما تقوم به حركة "تمرد"، في أنزه ممارسة ديمقراطية ودستورية وقانونية يمارس فيها الشعب سيادته التي خوّلها له الدستور والقانون، حيث إن التوقيعات المجمعة تعبر عن إرادة الشعب.

وحول تمويل الحركة وما كان يتردد عن تلقي أعضائها تمويلًا من مؤسسات محلية وأجنبية وما تردد عن دعم الفريق أحمد شفيق للحملة، قال محمود بدر: إن مثل هذه الشائعات يرددها النظام الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين بهدف تشويه الحركة بعد حالة الرعب والفزع التي انتابتهم من التأييد الشعبي الكبير للحملة، خاصة بعد أن فاق عدد المؤيدين للحركة والموقعين على استمارة سحب الثقة من الرئيس أكثر مما حصل عليه رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية، حيث حصلت الحركة على أكثر من 22 مليون توقيع يطالب أصحابها بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي  وأكد محمود بدر أن حملة تمرد لا تتلقى أي تمويل أجنبي أو محلي وأنها تعتمد فقط على جهود أعضائها الذاتية، وتعتمد على عشرات الآلاف من الشباب المتطوعين الذين فشل النظام الحاكم في احتوائهم أو توفير فرصة عمل لهم أو انتشالهم من الفقر والبطالة. وأكد بدر أن الحركة تموّل ذاتيًا أي من تبرعات أعضائها الذين هم نسيج من الشعب المصري، ومقر الحملة تبرع به المستشار هشام البسطويسي، كما تلقينا تبرعات من الشرفاء المصريين وفي مقدمتهم الفنانة شيريهان .

وحول سيناريو ما بعد الرئيس محمد مرسي، أكد محمود بدر أن هناك خطة مدروسة ومحكمة حتى لا يكون هناك أي اضطراب في الشارع المصري، وحتى لا تتكرر أخطاء الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 يناير، ونحن قمنا بتشكيل لجنة استشارية من الشخصيات العامة تكون ظهيرًا سياسيًا، كما سنقوم بإعداد إعلان دستوري مؤقت ينظم الفترة الانتقالية، كما نسعى لتشكيل حكومة ائتلافية تتكون من 15 وزيرًا فقط، ولا تنشغل إلا بملفين أساسيين هما الأمن الداخلي والاقتصاد، أما بالنسبة لملف أمن البلاد والحدود فمنوط به مجلس الدفاع الوطني والذي تشارك فيه القوات المسلحة، بالإضافة إلى أننا سنقدم التوقيعات للمحكمة الدستورية ليتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة الجمهورية خلال المدة الانتقالية حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وحول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في حال سقوط الرئيس محمد مرسي، قال محمود بدر: هدف النزول يوم 30 يونيه هو إسقاط الرئيس مرسي ونظامه، وليس القضاء على جماعة الإخوان المسلمين وإقصاءها عن المشهد السياسي، بل إننا نطالب بوجود الإخوان في المشهد بشرط أن تكون مشاركتهم حزبية عن طريق حزب "الحرية والعدالة" على أن يتم حل الجماعة، لأنها محظورة وسرية ولا تمت للمشهد السياسي بصلة.

 

ثانيا: الإسلاميون يلوّحون للشعب المصري بالدم

وعلى الجانب الآخر , قام مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين بتأسيس حركة "تجرد" لمواجهة المد الجماهيري لحركة "تمرد" , وقام بتأسيس هذه الحركة المهندس عاصم عبد الماجد عضو مجلس شوري "الجماعة الإسلامية" الذي أكد أنه تم إطلاق الحملة للرد على حملة "تمرد"، بهدف جمع 33 مليون توقيع لتأييد الرئيس محمد مرسي، ولتأييد الشرعية والاستقرار والمؤيدة لاستكمال الرئيس مدته الرئاسية التي نص عليها القانون والدستور. وأضاف عبد الماجد، أن الرئيس محمد مرسي هو أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، وأنه نجح في انتخابات حرة ونزيهة جاءت بناء على إرادة حرة وواعية للشعب المصري، مشددًا على أن صندوق الانتخاب هو الفيصل في إسقاط رئيس مصر وانتخاب رئيس جديد وليس حركة منبوذة وممولة من الخارج ليس لها هدف إلا نشر الفوضى في الشارع المصري وإثارة الفتنة وهدم مؤسسات الدولة والانقضاض على الشرعية.  وأكد عبد الماجد، أن حملة "تجرد" الداعمة للرئيس محمد مرسي، جمعت 26 مليون توقيع تؤيد بقاء الرئيس، مشددًا على أن الحركة مستمرة في جمع التوقيعات حتى تصل إلى 33 مليون توقيع مؤيد للرئيس مرسي. وشكك المهندس عاصم عبد الماجد في الأرقام التي أعلنتها حملة "تمرد" - رغم المبالغة الشديدة في أرقام المؤيدين لمرسي والتي يصعب أن يصدقها طفلٌ صغير- مؤكدًا أنها حركة منبوذة، وأن الشعب المصري لفظها ولم تحصل إلا على 170 ألف استمارة فقط وأغلبهم من الأقباط ، مشددًا على أن المشروع الإسلامي يتعرض لحرب صليبية قذرة!

أدى النجاح غير المسبوق لحركة "تمرد" في سحب الثقة من الرئيس مرسي، إلى نشوء حركات "تمرد شبيهة في دول عربية وإسلامية أخرى مثل تونس والمغرب والسودان وتركيا وغزة

وحول شرعية وقانونية حركة "تجرد" أكد المهندس عاصم عبد الماجد، يكفينا من الشرعية أننا ندافع عن القانون والدستور الذي انتهكته الحركات المدنية أمثال حركة "تمرد" وغيرها من الحركات الهدامة التي تسعى لنشر الفوضى والعنف والاحتراب الداخلي بين أبناء الشعب الواحد، مضيفًا أننا لم نطالب بشيء غريب ولم نطالب بانتهاك القانون أو الدستور، وإنما نطالب فقط باحترام القانون والدستور واحترام إرادة الشارع المصري الذي منح الرئيس محمد مرسي ثقته وكلفه بإدارة شئون البلاد لمدة رئاسية كاملة مدتها 4 سنوات طبقًا للدستور. وأكد عبد الماجد، أن حركة "تمرد" هي التي تنتهك القانون والدستور وتنتهك إرادة الشعب المصري الذي انتخب رئيسه لأول مرة في تاريخ مصر، مشيرًا إلى أن الحشود المؤيدة للرئيس محمد مرسي بميدان رابعة العدوية وغيرها من الميادين المصرية بالمحافظات أضعاف حشود ميدان التحرير، وأن هذه الحشود مستعدة للتضحية بدمائها من أجل نصرة الدين والشرعية، لأن كل الشواهد تؤكد أن الحرب الحالية ليست حربًا ضد الرئيس محمد مرسي ولكنها حرب ضد الإسلام والمشروع الإسلامي.  وأكد "عبد الماجد" أن فلول الحزب الوطني البائد هي الداعم والممول الأكبر لحركة تمرد ومظاهرات 30 يونيو لإسقاط الرئيس، وهناك من يؤجر البلطجية ليل نهار لإحداث الفوضى في البلاد ولكننا سنحبط هذه المؤامرة حتى ولو على دمائنا.

وحول تمويل حركة تجرد ومدى حصولها على تمويل من جماعة الإخوان المسلمين، أكد عبد الماجد أن الحركة لا تتلقى أي مليم من أي مواطن أو من أي جهة، وأنها تعتمد على الجهود والتبرعات الذاتية لأعضائها، وأن جميع الأعضاء القائمين على جمع التوقيعات متبرعون ولا يتقاضون أي مليم نظير عملهم بعكس ما يتم في حركة تمرد وغيرها من الحركات التي تدفع الملايين لأعضائها نظير الخروج على الشرعية وإثارة الفوضى في مصر.

وحول موقف الجماعة من العنف، أكد عبد الماجد أن جميع أعضاء الحركة من الدعاة ومن حفظة القرآن الكريم ولا يوجد من بينهم من يدعو أو يؤيد العنف، مؤكدًا أن حركة "تمرد" هي أول من دعا للعنف، وأول من حمل السلاح في الشارع المصري وأنها المسئول الوحيد عن كل أعمال العنف التي تنتاب الشارع، وشدد عبد الماجد على أن الحملة لم ولن تبدأ بالعنف ولكنها لن تتوانى عن الدفاع عن نفسها وعن شرعية الرئيس محمد مرسي ولو كلفنا ذلك دماءنا . وحول عدد التوقيعات التي حصلت عليها حركة تجرد أكد المهندس عاصم عبد الماجد أن الحركة حصلت على أكثر من 26 مليون توقيع، مرجحًا وصول عدد التوقيعات لما يزيد على 32 مليون توقيع تؤيد شرعية الرئيس محمد مرسي، وتؤيد استكمال مدته الرئاسية التي نص عليها الدستور، مشددًا على أن عقارب الساعة لن تعود أبدًا للوراء، وأن دولة مبارك وأزلامه لن تقوم لها قائمة إلا على جثثنا. وشكك عبد الماجد بشدة في حصول حركة تمرد على هذا الكم من التوقيعات، مشيرًا إلى أن أغلب توقيعات تمرد مزورة، مدللًا على ذلك بإعلان الشاعر أحمد فؤاد نجم عن توقيعه على 16 استمارة لخلع مرسي، وهو ما يشكل فضيحة مكتملة الأركان تكشف افتقاد هذه التوقيعات لأية مصداقية.

ودبت حالة من القلق داخل "جماعة الإخوان المسلمين"، وحزب "الحرية والعدالة"، خوفًا من نجاح القوى السياسية في الحصول على ما يقارب الـ''15 مليونًا'' توقيع لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي, واتخذت الجماعة خطوات للتصدي لحملة ''تمرد''، كان على رأسها، إطلاق حملة ''مؤيد'' لتأييد الرئيس محمد مرسي، بجانب العمل على التفاوض مع الحركات التي دعت لحملة ''تمرد'' ويأتي على رأسها، " كفاية " و "6 أبريــــــــــــل "، منوهة إلى أنه هناك تفكير في النزول في مظاهرات حاشدة للتأكيد على أن هناك ملايين يؤيدون الرئيس.

وقد تم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي ''فيسبوك''، تحت مسمى حركة "مؤيد"، وقالت الحملة، ''ردًا علي حملة "تمرد" على الدكتور محمد مرسي ونجاح الحملة في جمع 2 مليون صوت لسحب الثقة من الرئيس، تم إطلاق حملة (مؤيد) لجمع أصوات المؤيدين للدكتور محمد مرسي".

ودخلت المعركة بيت "تمرد" و"تجرد" حرب الأرقام والتوقيعات، حيث أعلن الشيخ محمد تيسير، المسئول الإعلامي لحركة "تجرد" المؤيدة لـ"شرعية" الرئيس المصري محمد مرسي، عن أن ما جمعته حركته من توقيعات لتأييد شرعية الرئيس، تفوق الرقم الذي أعلنته حركة «تمرد» بكثير، قائلا: «آخر إحصاء لتوقيعات الحركة حتى 20 يونيو كانت11 مليونًا و400 ألف توقيع , حيث إن هناك قطاعًا عريضًا من المصريين وقع على استمارة "تجرد"، وحتى الرافض لأداء الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وقع لـ"تجرد"، لأنهم يؤيدون الشرعية واستقرار الدولة، حتى لو كان أداء الرئيس لم يعجبهم إعجابًا تامًا.

 

ثالثا: الشبكات الاجتماعية تعاود القيام بدورها المؤثر

ومثلما قامت بدور رئيسي في ثورة 25 يناير 2011 ، عادت الشبكات الاجتماعية لتلعب دورًا رئيسيًّا في الاحتجاجات الواسعة التي ملأت طول مصر وعرضها خلال ثورة 30 يونيو، وانتهت بإعلان الجيش المصري، نزولًا على رغبة الأغلبية، عزل الرئيس مرسي وتدبير مرحلة انتقالية, فقد ذكرت حركة "تمرد" التي أشعلت فتيل مظاهرات 30 يونيو أن 3 ملايين مواطن من أصل 22 مليونًا قيل إنهم وقعوا استمارة سحب الثقة من الرئيس المصري “المعزول” ، قاموا بالتوقيع إلكترونيًا على الاستمارة عبر موقع الحملة الرسمي على شبكة الإنترنت.

من جهة أخرى, ظل حساب الرئيس المصري (المعزول) على شبكة تويتر نشطًا حتى الساعات الأخيرة من حكمه، وتم نشر تغريدة عليه تقول: إن الرئيس يرفض أي إجراء ضد الشرعية، قبل دقائق من إلقائه كلمة "أخيرة" للشعب في الساعات الأولى من صباح الأربعاء (3 من يوليو 2013) ، وهي التغريدة التي لاقت اهتمامًا فاق الوصف باعتبارها كانت أول تصريحات من الرئيس منذ اندلاع التظاهرات .

تحولت حالة المد التي شهدها تيار الإسلام السياسي في المنطقة عقب ثورات الربيع العربي إلى حالة جزر غير مسبوقة ممزوجة بحالة من الغضب وعدم التعاطف التي كان يحظى بها هذا التيار لعقود عدة

من جهتها، نشّطت القوات المسلحة المصرية حسابَها على شبكة الفيس بوك، وظل الحساب يرسل تحديثات بالموقف أولًا بأول، لدرجة أنه أصبح المصدر الموثق الأول للأخبار، قبل إلقاء البيان الرسمي للجيش عبر التليفزيون المصري .ناهيك عن تدفق التغريدات والمنشورات من كل الأطياف السياسية طوال أيام ثورة الثلاثين من يونيو، لدرجة أشعرت المواطن المصري أن تويتر والفيس بوك تم ابتكارهما لخدمة أغراض السياسة المصرية فقط .

وقد أدى النجاح غير المسبوق في تاريخ الإنسانية لحركة "تمرد" في سحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، وإزاحة حكم الإخوان المسلمين، بل وتقويض دعائم تيار الإسلام السياسي في مصر، إلى نشوء حركات "تمرد شبيهة في دول عربية وإسلامية أخرى مثل تونس والمغرب والسودان وتركيا وغزة.

ففي تونس, كشفت حركة "تمرّد" التونسية، في 3 يوليو عن نجاحها في حشد الآلاف من الإمضاءات، تمهيدًا لاحتجاجات شعبية هدفها إسقاط الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي وتصحيح مسار الثورة، على حد تعبيرها. وصرَّح القائمون على الحملة بأنه تم الوصول إلى أكثر من 175 ألف توقيع في وقت قصير، من عدة ولايات، حيث كان نصيب العاصمة تونس نحو 25 ألف توقيع. وفي الوقت نفسه، كان يجري الإعداد لحراك شعبي ينطلق من المناطق الفقيرة والمهمّشة باتجاه المدن المركزية، لكنها لم توضح متى سيتم ذلك وبأية طريقة.

وفي المغرب, أطلقت صفحات باسم حركة "تمرد" المغربية، أصبحت بعضها تستهدف إسقاط النظام، بعد أيام فقط من إعلان أولاها أنها تستهدف رئيس الحكومة الذي هو في الوقت نفسه رئيس حزب "العدالة والتنمية"  الإسلامي عبد الإله بنكيران. وقال مدير صفحة حركة "تمرد" المغربية، على موقع الفيس بوك، إن الحركة تأتي في سياقها الوطني والإقليمي، حيث إنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال نفي وجود علاقة تأثير وتأثر بين المغرب ودول الجوار، من قبيل مصر وتونس.

وفي قطاع غزة، تم إطلاق حركة "تمرد" ضد حركة "حماس"، ورغم قمع حماس للحركة وتتبع أعضائها ، فإنها أثبتت أن حماس ليست بعيدة عن الانزواء من على الساحة الفلسطينية، ولعل قبول حماس أخيرًا للمصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة كفاءات يؤشر إلى أنها في أضعف مواقفها على الإطلاق منذ انفرادها بحكم غزة.

 

رابعا: الفيس بوك وتمرد .. عدوا الحكام وصوت الأغلبية الصامتة

إذا كانت ثورة 25 يناير بمثابة صفعات تلقتها الأنظمة العربية الحاكمة من المدونين وشبكات التواصل الاجتماعي, فإن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة صفعات قوية وجهها شباب حركة "تمرد" إلى تيار الإسلام السياسي في المنطقة العربية, بل وفي منطقة الشرق الأوسط, سواء في إيران التي استأنف مرسي العلاقات معها, وحلمت بالمد الشيعي في المنطقة, أو تركيا التي حلم رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في استعادة الخلافة العثمانية التي اكتوت مصر بنارها عدة قرون، رزحت فيها تحت التخلف والجهل والجمود الفكري والثقافي, أو تونس وحركة النهضة الحاكمة بها التي تترنح الآن تحت ضربات الشعب التونسي المتحضر الذي ضاق بالحركة وألعوبتها من السلفية ذرعًا , وكذلك الحال في المغرب والأردن, علاوة على التضييق على هذا التيار في دول الخليج ولاسيما دولة الإمارات العربية المتحدة بالقبض على من يريدون العبث بأمن هذه الدولة التي طالما يذكرها الشعب المصري بالخير, والمملكة العربية السعودية التي حذر عاهلها الملك عبد اللـه بن عبد العزيز من ممارسة السياسة تحت غطاء ديني بعد إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن حكم مصر. وهكذا , تتحول حالة المد التي شهدها تيار الإسلام السياسي في المنطقة عقب ثورات الربيع العربي إلى حالة جزر غير مسبوقة ممزوجة بحالة من الغضب وعدم التعاطف التي كان يحظى بها هذا التيار لعقود عدة.

والأهم من ذلك, أن حركة "تمرد" لم تكتف بشبكة الإنترنت، وما تضمه من شبكات للتواصل الاجتماعي والمدونات والمنتديات وإنشاء موقعٍ خاصٍ بها، وقاعدة بيانات إلكترونية للذين وقعوا استمارة تمرد لسحب الثقة من مرسي, بل كان تحركها الأكبر على أرض الواقع الحقيقي وليس الواقع الافتراضي على شبكة الإنترنت, وهى هنا تختلف تماما عن ثورة 25 يناير التي خرجت من رحم الفيس بوك .

 لقد وجد المتطوعون الذين يعملون في صفوف حركة تمرد في مختلف المحافظات والمدن والقرى والنجوع والأندية والمظاهرات والمسيرات والجامعات ومحطات المترو والقطارات وفي الحقول. وفوجئت الحركة بحالة من السخط العام على الإخوان وباحتضان الشعب المصري العظيم لهم, وانهالت التبرعات العينية على الحركة في شكل فتح مقرات وتصوير استمارات من قبل الشباب والمواطنين العاديين والنشطاء والأحزاب والحركات السياسية, وهو شكلٌ شعبي من أشكال التعبير والتضامن لم تشهده مصر منذ ثورة 1919، قبل نشأة الإنترنت والتليفزيون بزمن طويل, ومن هنا فإن حركة "تمرد" في رأينا قفزت عبر الزمان وفوق تكنولوجيا العصر لتعيدنا إلى آلية من آليات التعبير الشعبي فقدناها منذ زمنٍ بعيد.

ولا شك أن توقيع أي مواطن مصري على استمارة تمرد باسمه ورقمه القومي كان بمثابة إقرار بعمله المباشر على الأرض ضد نظام الإخوان المسلمين ورئيسهم, كان بمثابة إقرار بأنه سينزل يوم الثلاثين من يونيو ليعبر عن رأيه فيما آلت إليه مصر تحت حكم الإخوان, وإلا لما غامر بذكر اسمه كاملا ورقمه القومي الذي من خلاله يمكن الوصول إليه, وهى آلية تتسم بالعبقرية ولا توازيها بحالٍ من الأحوال عمل "إيفنت" Event أو "حدث" على الفيس بوك أو صفحة للثورة للتأكد من الحضور من الأعضاء, فغالبًا ما كنت أقول في محاضراتي وندواتي إن هذه الوسائل قد تكون خادعة , ومن ينزلون فعلا من هؤلاء الذين أبدوا استعدادهم للنزول على الفيس بوك أو تويتر قد لا يصلون إلى 30% , ومن هنا فإن استمارة "تمرد" كانت وسيلة أكثر من فاعلة للمشاركة في ثورة 30 يونيو, بل وتبين من عدد من خرجوا في ثورة 30 يونيو, والذين تم تقديرهم من جهات محايدة بـ 33 مليون ثائر، أن هناك عدة ملايين لم تصل حركة تمرد إليهم ليوقعوا على استماراتها, وقد تكون هذه الملايين لم تحسم أمرها حتى اللحظة الأخيرة لتقرر في النهاية المشاركة في الثورة.

ومثلما فككت ثورة 25 يناير كل خبراتنا السابقة عن الثورات, فعلت ثورة 30 يونيو الأمر نفسه. فلأول مرة يعلن توقيت ثورة قبل اندلاعها بما يزيد على شهرين كاملين عند إعلان حركة "تمرد" عن تأسيسها وبدء فاعلياتها في 28 من أبريل 2013 على أن تنتهي هذه الفاعليات بالثورة على حكم جماعة الإخوان المسلمين ورئيسها محمد مرسي بمناسبة انتهاء العام الأول من حكمه. ولأول مرة ينصهر المصريون جميعا في سبيكة ثورية واحدة ضد أي حكم في التاريخ المصري لدرجة فاقت ثورة 25 يناير بكثير , فقد التأمت جموع الشعب المصري الذي حاول الإخوان تفتيته ما بين علماني وليبرالي وسلفي وإخواني ويساري وفلول وسُني وشيعي .. التأمت هذه الجموع التي ما كانت لتتفاعل مع بعضها بعضًا إلا بمساعدة عنصر الإخوان المسلمين الذي أدي إلى تنشيط هذه الكيمياء بين جموع الشعب المصري .

وخلاصة القول، دخل نظام الإخوان المسلمين بغباء سياسي منقطع النظير في صراع مفتوح وجبهات متعددة في آن واحد مع عديد من فئات الشعب ومؤسساته, ومن أمثلة هؤلاء القضاة وأعضاء النيابة العامة وجهاز الأمن الوطني والمخابرات العامة المصرية والشرطة والمثقفين والعمال والإعلاميين وقوى المعارضة المصرية التي تشكلت منها جبهة الإنقاذ والسلفيين ممثلين في حزب النور,علاوة على الأغلبية الصامتة "حزب الكنبة" والإخوة المسيحيين والكاتدرائية والبابا تواضروس وشيخ الأزهر, وهو ما أدى إلى إزاحتهم عن الحكم بعد سنة واحدة من حكم البلاد التي طالما حلموا به طوال الأعوام الخمسة والثمانين الماضية؛ وهو كل عمر الجماعة .