المركز العربي للبحوث والدراسات : مقاربة أنثروبولوجية: أسوان التى لا نعرفها (طباعة)
مقاربة أنثروبولوجية: أسوان التى لا نعرفها
آخر تحديث: الثلاثاء 22/04/2014 11:41 ص د. محمد حافظ دياب
مقاربة أنثروبولوجية:

وحدها المقاربة الأنثروبولوجية أكثر من غيرها، هي الأقرب في التعامل مع واقعة العنف، التي حدثت أخيرًا في أسوان بين جماعتي الدابودية النوبيين والهلايل، على طريق استيضاح آلياتها ومراميها، وإضفاء طابع مضاعفة وتوسيع حقل الاشتغال على حيثياتها، بما يمكن أن يؤدي إلى فهم مطاويها، واستجلاء توجهاتها في الحاضر والمستقبل.

يزيد من وجاهة هذه المقاربة، ما تمتلكه من إمكانات مضاعفة القيمة التفسيرية للمعطيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلة في هذه الواقعة، كي تبدو فضاء مفتوحًا لكل نزوعات التأويل.

ويشار هنا، إلى تركيز أغلب الكتابات حول هذه الواقعة على رأس ما لها الرمزي: فمأمون فندي يوحي في تفسيرها بتفكيك المنظومة العشائرية للجماعتين المتنازعتين، معتبرًا أن الدابودية لا يمثلون النوبة، والهلايل لا يمثلون كل الصعايدة والعرب، ما حدا به أن يرتئ الحل في تنقية المعلومات وتنقيحها، لوضعها بعد ذلك في إطارها التحليلي الصحيح.

وهناك من أوعز الواقعة إلى سيادة الانقسام القبلي في هذه المنطقة، بما أدى إلى تصاعد التفكك الاجتماعي بين سكانها، وجعل منها لقمة سائغة في يد كل من يريد المساس بالأمن الوطني، فيما رأى آخرون أن انسحاب الدولة منذ عصر الانفتاح الاقتصادي، مثل مسوّغًا لخلق هياكل وانتماءات أخرى كالعائلة والبدنة والقبيلة، ومن ثم زاد في اشتعال العصبية.

وهذه التفسيرات، إذا أُخِذَت كلٌّ منها على حدة، تقصر عن تفسير مشهد الواقعة، فيما التفتيش عن جذرها الثقافي، ويترجمه التعدد العرقي داخل النسق الاجتماعي لمدينة أسوان، والمركز الاجتماعي للجماعتين المتنازعتين، ودرجة وضوح هويتهما العرقية، وبناء العلاقات الاقتصادية بينهما، هو ما يمكن أن يسمح للمقاربة الأنثروبولوجية أن تمارس كامل فاعلياتها.

ذلك أنه، ورغم الاعتراف باستبصارات قدمتها هذه التفسيرات، فإنها ظلت أسيرة تصورات جزئية، قللت من نجاعتها في الإمساك بتعقد ملابسات واقعة العنف.

وفي الدرس الأنثروبولوجي المعاصر، تبدت منهجية جديدة ساعدت على تطوير التحليل الأنثروبولوجي من المستوى الوصفي للمستوى التفسيري، عبر تحديد طبيعة ونوعية الاتصال الثقافي بين الجماعتين، سواء على المستوى الاقتصادي (العمل، والدخل)، أو الاجتماعي (الجيرة، الصداقة، والزواج)، أو السياسي (المشاركة السياسية، الانتماء الحزبي).

وبهذا الرهان، يتسع أفق الكتابة عن مشهد الواقعة، حين يتم صوْغها ضخمن رؤية ثقافية شمالة، تؤهلها لمناهضة أية تصورات واحدية.

 

يعتبر "وادي خريط" التابع لمركز نصر النوبة، من أهم معاقل الإرهاب والبلطجة، حيث أغلب المقيمين فيه من أبناء محافظات أخرى، وحصلوا على أراضيهم بوضع اليد

أولا: مسببات الصراع

والأمر، على أية حال، يتعلق بحيثيات خمس، أسهمت في تأجيج هذا الصراع:

أولاها، أن أسوان تتميز بقدمها، مع وجود اسمها الهيروغليفي منقوشًا على الآثار الفرعونية، وردد ذكرها أكثر من مرة في الكتاب المقدس، وسكانها هم أحفاد من صنعوا أول محراث في التاريخ، وأجادوا فن الزرع والنماء.

ولهذا تسود ظاهرة التعدد العرقي داخل نسقها الاجتماعي، حيث تشكل التركيبة السكانية لمجتمع أسوان أكثر من عشر قبائل، أهمها العبابدة والجعافرة والنوبيين والهلايل والعباسيين، ناهينا عن انقسام كل قبيلة منها إلى بدنات: فالهلايل ينقسمون إلى الحمر والقراقير والجلاية والديايات والزنيقة والحضايمة، على حين ينقسم النوبيون بدورهم إلى كنوز وعرب وفاديجا.

وقبل إنشاء مصنع كيما للأسمدة عام 1958، كان سكان محافظة أسوان الأصليين من النوبيين والأسوالية والجعافرة والعبابدة والبشارية، يقيمون في معظم أنحاء المراكز والقرى، عدا مركز كوم أمبو الذي ضم أعدادًا كبيرة من الوافدين على المحافظة، للعمل في الأراضي الزراعية التي كان يملكها اليهودي رينيه قطاوي.

ومع بدء العمل في المصنع، تتالت الهجرة الجماعية من محافظات الصعيد إلى أسوان، لتبلغ ذروتها مع إقامة مشروع السد العالي، حيث استوطن الآلاف من أبناء قنا والأقصر في سفح الجبل الشرقي، وأطلقوا عليه هي "الناصرية"، نسبة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فيما يعتبر "وادي خريط" التابع لمركز نصر النوبة، من أهم معاقل الإرهاب والبلطجة، حيث أغلب المقيمين فيه من أبناء محافظات أخرى، وحصلوا على أراضيهم بوضع اليد.

وعلى المدى، تغلغل الصعايدة مع النوبيين والأسوالية بمختلف قبائلهم، مما أحدث خللاً في التركيبة السكانية، استتبعه تغير النسق القيمي، حيث كان عيبًا في تقاليد هذه المنطقة، وحتى وقت قريب، أن يباع بها الخبز، أو أن يدخل أحد من الأهالي إلى قسم الشرطة ليحرر محضرًا.

ثانيا- تمكن في بنية العلاقات الاقتصادية المتمايزة، بتأثيرها الواضح في العلاقات الاجتماعية بين هذه القبائل، خاصة ما يتعلق باستغلال الأرض، أو احتكار نشاط اقتصادي معين، زاد عليها توقف السياحة ومعها الشركات العملاقة (كيما، مناجم الحديد، لب الورق، الغير سيلكون، السكر..)، ما زاد في معدلات البطالة.

ثالثا- وتظهر ثالثة هذه الحيثيات، في المركز الاجتماعي المتفاوت بين القبائل، اعتبارًا من أن اختلال الحجم والقوة والنفوذ بينها، يثير مشاعر التعصب.

رابعا- تصاعد وضوح الهوية العرقية، أو الإحساس المستمر بالذات من قبل هذه القبائل، والتي تعني مجموعة المقومات والخصائص التي تحدد طابع وشخصية كل قبيلة بإزاء الأخريات، وميل كل منها لرؤية نفسها على أنها الأفضل، مما يجعلها تتباهى بامتيازها وتفوقها، مقابل ازدراء الآخرين، ساعد عليه الاختلافات في أسلوب التغيير، لغة أو لهجة أو تصرفات وآداب سلوك، مما أدى إلى تثبيت الفواصل الاجتماعية والثقافية.

خامسا- وتتراءى الحيثية الخامسة والأخيرة، في انسحاب الدولة منذ عصر الانفتاح، زاد عليه أن أسوان محافظة حدودية بعيدة عن العاصمة، تواجه قصورًا في تلبية احتياجات سكانها، وليس لها حظ في برامج التنمية، وتمثل مع سوهاج وقنا أفقر ثلاث محافظات في مصر.

 

تسود ظاهرة التعدد العرقي داخل نسق أسوان الاجتماعي، حيث تشكل التركيبة السكانية لمجتمع أسوان أكثر من عشر قبائل

ثانيا: ماذا عن الجماعتين المتنازعتين؟

يرجع نسب الهلايل إلى بني عامر، وهم قبيلة نازحة من شبه الجزيرة العربية، استوطنوا مصر منذ قدومهم لمنطقة شمال أفريقيا في القرن الخامس الهجري، وانتشروا بالعديد من المحافظات مثل البحيرة ومطروح وسوهاج، غير أن أكثر تجمعاتهم تتركز في أسوان وقنا، وتجمعهم صلة قرابة مع قبيلة أولاد علِي في محافظة مطروح.

وقد جاء الهلايل إلى أسوان عقب الاحتلال الإنجليزي لمصر، واستقروا في خدمته بمنطقة الطابية العسكرية التي أنشأها بهذه المدينة. وبعد هدمها عام 1969، انتقلوا إلى "خور عواضة"، التي تعد أكبر تجمع لهم بأسوان، بعدما استوطنوها، ودخلوا في صراعات وخلافات عديدة مع كل القبائل حولهم، مثل الحكروب ونجادة وجراجوس وحشيرة والمناعية.

أما النوبيون، فيوجدون في المنطقة منذ القديم، ويصل عددهم حاليًا لنحو (30%) من إجمالي سكان أسوان، تضمهم تجمعات نوبية ثلاثة: الكنوز في الشمال، الفاديجا في الجنوب، والعرب في الوسط، ويقيمون في (44) قرية، أشهرها دابو وأبو سمبل.

وقد بدأت أعدادهم تتزايد في أسوان مع تهجيرهم، وتصاعدت مع الموجات المتتالية للتهجير، ليتوزعوا على مناطق متفرقة داخل وخارج مدينة أسوان، أشهرها السيل الريفي وعزبة الحدود ونجع المحطة بأسوان، والنزل والرمادي بادفو، ونجع الشيخ فضل بغرب دراو، وجزء قليل منهم بالأقصر.

وقرية دابود التي ينتمي إليها أهالي السيل الريفي موقع الأحداث الأخيرة، واحدة من أكبر القرى النوبية العريقة، وكانت تقع جنوب الشلال الأول قبل بناء خزان أسوان، بعده غرقت معظم أراضيها، ولم يتبق منها سوى القرية التي تقع على بعد عشرين كيلو مترًا جنوب السد العالي، ومعها (43) قرية أخرى نوبية.

ويعود أصل كلمة دابود بالنوبية الكنزية إلى "تا .. بود"، وتعني أرض حملة الأقواس، أي المحاربين الأقوياء.

والدابودية هم الأكبر عددًا في قبيلة الكنوز، ويشتهرون بعزة النفس، وعدم الرضوخ لحلول الوسط، ولم يسبق لهم الوقوف كطرف في صراع مع أي تجمعات أخرى، ويعرفون الآن باسم "صعايدة النوبة" لتغلغلهم في جميع القبائل النوبية منكنوز وفاديجا، وتضم جماعاتهم بيوت الموضاب والشوشاب والصلحاب والعبداب والمسلماب والخلاهاب والعلياب، ويصل عدد أبنائهم إلى نحو مليون ونصف المليون نوبي، منتشرين في مصر وفي الدول العربية والأوربية، وتعتبر دابود أول قرية نوبية يتم تهجيرها إلى منطقة شمال كوم أمبو، وكانت تحتضن في الماضى معبدًا أثريًّا، أنقذته هيئة اليونسكو بعد بناء السد العالي: وأهدته مصر إلى إسبانيا.

تعيش الجماعتان معًا في منطقة واحدة، هي منطقة السيل الريفي، منذ قرابة ستين سنة، وهما أول من يشربان سوية من مياه النيل

ثالثا: مجالات التفاعل بين الدابودية والهلايلة

ولعل إشارة هنا إلى مجالات التفاعل بين الجماعتين المتنازعتين، وبخاصة ما يتعلق بنواحي الاقتصاد والاجتماع والسياسة، جديرة بأن تلقى مزيدًا من الضوء حول ملابسات واقعة العنف الأخيرة.

بالنسبة للمجال الاقتصادي، فرغم ما يعانيه كلا الطرفين من تهميش، يبدو التمايز قائمًا بينهما في هذا المجال: فالهلايل يعملون بالتجارة والأعمال الحرة، وبعضهم لجأ خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى تجارة السلاح القادم من ليبيا والسودان، وزراعة المخدرات في المناطق الوعرة من السيل الريفي والجزر النيلية، وساعدتهم حالة الانفلال الأمني عقب ثورة يناير 2011، في تمكينهم من مناطق كثيرة بأسوان (البندر، كوم أمبو، دراو، كلابشة، وإدفو)، عبر رواج تجارة الحشيش والبرشام، وحمايتها بالأسلحة الثقيلة.

مقابل الهلايل، يعمل النوبيون في كل مكان وبمختلف الحرف، وإن منعهم عدم الاشتغال في التجارة غير الشرعية، من أن يعادلوا الهلايل في مركزهم الاقتصادي.

وفي المجال الاجتماعي، تعيش الجماعتان معًا في منطقة واحدة، هي منطقة السيل الريفي، منذ قرابة ستين سنة، وهما أول من يشربان سوية من مياه النيل.

ومع ذلك ورغمه، فالتمايز الواضح قائم بينهما في هذا المجال، حيث يتمتع الهلايل بنفوذ أقوى بسبب من علاقاتهم مع أجهزة الأمن، وبثروة أكبر من تجارة المخدرات والسلاح، وبحجم سكاني أكبر قياسًا إلى النوبيين، فمن يعتبرونهم أقلية، لا يجب أن تقاسمهم خير الأرض، ولم يحدث يومًا أن تزوج أحدهم من الآخر، أو حتى شاركه في عمل أو تجارة، وإن بدأ اهتمام النوبيين بتعليم أبنائهم بنسبة تفوق على نحو ملحوظ أبناء الهلايل، الذين لا ينظرون إلى التعليم كآلية للحراك الاجتماعي.

أما ما يتعلق بالمجال السياسي، فالهلايل كجماعة محافظة لهم تاريخ مع الإخوان، ويبرز من بينهم اسم المشير محمد عبد الغني الجمسي، أحد قادة حرب أكتوبر، والمحامي المشهور أحمد نبيل الهلال، فيما شارك النوبيون في كل حلقات الحركة الوطنية المصرية، وخرج منهم قادة لليسار (زكي مراد، مبارك عبده فضل، إبراهيم شعراوي، محمد خليل قاسم، محمود شندي). وفنانون (محمد حمام، محمد منير).

إن الجماعتين تعانيان من التهميش، ولا سبيل أمام كل منهما إلا التحصن الشديد بالانتماءات العرقية

وطبقًا لهذه المجالات من التفاعل بين الجماعتين، كان الصراع بينهما قائمًا، وإن ظل دومًا خفيًّا، حتى جاءت واقعة العنف الأخيرة، في ظروف محاولات خلق مناطق توتر جديدة خارج العاصمة، تصاعدت سخونتها عقب زيارة أمير قطر إلى السودان.

وعبر هذا الصراع، تساكنت في مساحة العلاقة بينهما معرفة ملغومة، زكتها النعرات القبلية والعائلية، ومشاعر الكراهية المتبادلة، وهي في الأصل صراع اقتصادي على فرص الحياة الشحيحة، حيث إن الجماعتين تعانيان من التهميش، ولا سبيل أمام كل منهما إلا التحصن الشديد بالانتماءات العرقية.

وعلى المدى، تحولت هذه المعرفة الملغومة إلى تشويهات وصور نمطية، لا يظهر فيها الطرفان على حقيقتهما، بل على هيئة ترزح تحتها ضغوط المسبقات والأحكام التخيلية، لتكتسي نوعًا من التثبيت، يجعلها تنفلت من هيمنة الوعي، بل وتفرض عليه.

فالهلايل يتباهون بأصولهم العربية ومجدهم التاريخي الغابر، باعتبارهم حفدة الأمير العربي أبو زيد الهلالي، وينظرون إلى النوبيين باعتبارهم عجمًا وعبيدًا، وأقل في المنزلة الاجتماعية.

مقابل ذلك، يرى النوبيون أنهم أبناء البلد الأصليون، وهم الأحق بها وبخيراتها، ويشيرون إلى الهلايل بأنهم "جمسة"، وتعني أنهم جاءوا مساء متأخرين، حين طلبهم النبي الكريم للمساعدة في إحدى غزواته. وأنهم تجار مخدرات، فيما يتهمهم الهلايل بتجارة الآثار.

وخلال واقعة العنف أخيرًا بين الجماعتين، صاعد من هذه المعرفة الملغومة عبارات مسيئة، دونها أبناء الطرفين على جدران وأسوار المدارس والجمعيات الخيرية والمنازل، زادت عليها شائعات متبادلة، واستخدام جهاز التابلت الحكومي في تدوين عبارات استهدفت النيل من الأعراض.

بيد أن الأمر الملح في هذا الصدد، هو استيضاح السبل لتحرير مجتمع أسوان من فعل العنف الذي اكتسحه، أو على الأقل تطويقه وتخفيفه والحد من آثاره السالبة، وخاصة مع قدوم موفدين من هلايل تونس إلى أسوان عقب أحداث العنف الأخيرة، وتحفز قبائل أولاد علِي في مطروح وليبيا لمعرفة ما يدور مع أبناء عمومتهم، وحضور بعض النوبيين العاملين في الخليج، وترقب بطون النوبة على حدود أسوان، مع بيانات أصدرتها التجمعات النوبية في واشنطن وباريس.

وتراوحت سبل إيقاف العنف، بين الإجراء الأمني، والمسلك القانوني، والمجالس العرفية، والتوعية الدينية والثقافية، وتنمية منظمات مدنية تتيح المشاركة والتواصل بين أعضاء الجماعتين المتنازعتين.

على أن الواضع يستدعي عدم الوثوق في الادّعاء بالطاقات الفعلية لهذه الممارسات، إلى حد الجزم بكفايتها في إيقاف فعل العنف الذي ما زال يمطر نذره، وبخاصة مع تزايد التفاوت الاجتماعي بين جماعتي الهلايل والدابودية.

ذلك أن كل هذه الممارسات، قد لا تمتلك حيثياتها في حالات العنف اللابدة في تكوين مجتمع أسوان، والتي تحكم مواقع وأدوار جماعاته العرقية ووحداته القرابية، وتترسب في أطرها الاجتماعية والمعرفية، وتجد مسوّغاتها في عمق الاحتقان القائم، وهو ما يشي بأن مثل هذه الممارسات تبدو وقاصرة، ما لم يرافقها تغيير هيكلي في التكوين السياسي والاقتصادي لهذا المجتمع، يتم بموجبه إعادة هيبة الدولة، والعمل على زيادة المشاركة السياسية، وتفعيل دور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وعلاج ظاهرة البطالة التي تخلق مناخًا يروج فيه العنف، مع إعادة تخطيط مناطق سكن الجماعتين لتصبح تجمعات حضرية.

وهنا تتحدد ملامح مدوّنة ما حدث في أسوان، باعتبارها حوارية التراث والتاريخ والاجتماع، وتلك حوارية لا يلخصها الرهان العرقي وحده، بل يعيدها مع مخارجها الاجتماعية، كشاهد لحقبة من الصخب المصري، وجب فتح بشارة وعيها الصحيح على مصراعيها.