المركز العربي للبحوث والدراسات : مؤشري باتريوت والشتاء يطيلان من أمد الحرب الأوروبية (طباعة)
مؤشري باتريوت والشتاء يطيلان من أمد الحرب الأوروبية
آخر تحديث: الثلاثاء 03/01/2023 08:06 م
عاطف دبل عاطف دبل
مؤشري باتريوت والشتاء

دخلت الحرب الأوروبية شهرها التاسع ولاتزال المؤشرات تتوالى للتأكيد أن الحرب ستستمر لشهور أخرى قادمة، فبينما الروس ينتظرون بداية فصل الشتاء، يسعى حلف الناتو لتزويد كييف بصواريخ باتريوت، والتي تدفع بمصير الحرب إلى مجهول.

تطور الحرب الأوروبية

وكانت الحرب الروسية الأوكرانية قد بدأت مرحلة جديدة، وذلك بعد ظهور دول أوروبية في المشهد مع الولايات المتحدة لدعم الجانب الأوكراني، الأمر الذي صعب المهمة على الروس، وجعل فكرة "العملية العسكرية" تتحول إلى حرب تختبر فيها جميع هذه الدول قدراتها وتعيد ترتيب القوى في القارة العجوز والعالم أجمع،  يذكر أن الجانب الروسي كان شن هجومه على أوكرانيا في آذار الماضي، وقد استخدمت السلطات الروسية مصطلح "عملية عسكرية"، وذلك للإشارة إلى أنها إجراء عقابي ضد أوكرانيا، التي كانت تتأهب للانضمام لحلف الناتو، وإشارة أخرى كذلك إن الروس لن يستخدموا كامل قدراتهم في هذه العملية التي قد تنتهي في وقت قصير، كما اعتقد كثير من المحللين وقتها.

لكن تدخل حلف الناتو لدعم كييف حال دون نهاية "العملية العسكرية" الروسية، فمنذ اللحظة الأولى بدأت المساعدات المالية والمعدات العسكرية تتجه إلى أوكرانيا، فبدأت القوات الروسية تخسر بعض المعارك، ما جعل الجانب الروسي يبدأ في حشد مزيد من القدرات، بل وصل الأمر حد التلويح باستخدام القوة النووية.

استخدام فصل الشتاء ضمن الأدوات الروسية

كان قد استخدم الروس ملف الطاقة للضغط على الأوروبيين، في مرحلة مبكرة، من أجل التوقف عن دعم أوكرانيا، يذكر أن روسيا تمد القارة الأوروبية بما يصل إلى 50% من احتياجاتها من الغاز، وذلك عبر خطوط تمثل بنية تحتية منقطعة النظير اعتمد عليها الأوروبيين لسنوات دون تجهيز بديل لمثل هذه الأزمة، وقد أحسن الروس إدارة هذا الملف عبر مطالبتها الدفع بالروبل الروسي، ووقف ضخ الغاز لدول، الأمر الذي خلق أزمة طاقة في القارة،

أزمة الطاقة هذه قد ولدت تضخم أصاب الاقتصاد العالمي قاطبة، حتى اضطرت بعض الدول الأوروبية إلى شراء الغاز بأربعة أضعاف سعره من الولايات المتحدة والنرويج، الأمر الذي انعكس على القدرة الشرائية لدخل المواطنين، وجعل شعوب القارة تحتقن ضد حكوماتها التي لاتزال تدعم أوكرانيا في حربها، بل وأحدثت بعض الأزمات بين هذه الدول التي منها من استغل الأزمة لبيع الغاز بأضعاف سعره.

يمثل الغاز كذلك مورد هام للتدفئة في أوروبا، لذلك ومع خسارة الروس بعض المعارك، ستسعى روسيا لأن يطول أمد الحرب حتى فصل الشتاء، امتثالا للمقولة الشهيرة "إن أعظم جنرالين في الجيش الروسي، هما الجنرال يناير والجنرال فبراير"، فقد استخدمت روسيا برد الشتاء على مر التاريخ، قديما كانت تتبع استراتيجية الدفاع من العمق، وذلك لاستدراج العدو لأراضيها واستغلال الشتاء في الانقضاض عليه، لكن هذه المرة لا تستدرجهم لأراضيها الباردة بل عبر استغلال ملف الغاز.

صواريخ باتريوت وعلاقتها بتطور الحرب

في إطار الدعم الأمريكي لأوكرانيا وتعهدها بالمزيد من الدعم، أعلن البنتاجون إمكانية تزويد أوكرانيا بنظام دفاع باتريوت عبر دولة ثالثة لم يتم تسميتها، وعلى الرغم من أنه سلاح دفاعي محض، خاص باعتراض الصواريخ والطائرات، لكنه يمثل تصعيد خطير قد يتسبب في صدام مباشر بين الروس وحلف الناتو، وخاصة بعد أن جاء الرد من موسكو على لسان نائب رئيس مجلس الأمن القومي، بأن "جنود الناتو مع أنظمة باتريوت سيصبحون فورا هدفا مشروعا للجيش الروسي".

تعتبر صواريخ باتريوت من الأنظمة الدفاعية في دول الناتو، وكان وزير الدفاع البولندي قد طلب من ألمانيا تقديم الصواريخ لكييف مباشرة، بدلا من بولندا، من أجل مساعدتها للدفاع عن نفسها في مواجهة الضربات الروسية، لكن وجود صواريخ دفاع أمريكية على الأراضي الأوكرانية قد يدفع بمصير الحرب لمنطقة مجهولة.

وكما عللت وزيرة الدفاع الألمانية بأن استخدام أنظمة الدفاع الجوي لحلف شمال الأطلسي خارج أراضيه يلزم موافقة الدول الأعضاء بالإجماع، فقد أشارت أنه من الممكن أن يتم نشر هذه الصواريخ في بولندا، وذلك لأن الحلف ملتزم بالدفاع عن كل أعضاؤه، وخاصة بعد حادثة سقوط صواريخ مجهولة على الأراضي البولندية في تشرين الثاني المنصرم، وقال متخصصون إن الصواريخ التي ستسلمها ألمانيا لوارسو ذات مدى لا يصل للأراضي الأوكرانية.

خاتمة

جملة ما تقدم أن الجانب الروسي يسعى لإطالة أمد الحرب من أجل استغلال فصل الشتاء للضغط على أوروبا، وذلك للحصول على أفضل مكتسبات في مرحلة المفاوضات، أما عن الأوروبيين والولايات المتحدة، فإن الدعم المستمر لكييف وبأسلحة متطورة قد تزيد من الأزمة ولا تبعث بأي أمل لنهاية قريبة للقتال، وسيبقى الخاسر الأكبر هو العالم وفي مقدمته أوروبا نفسها جراء أزمات الغذاء والطاقة.