المركز العربي للبحوث والدراسات : تصاعد التهديد: التوترات التركية اليونانية في بحر إيجه (طباعة)
تصاعد التهديد: التوترات التركية اليونانية في بحر إيجه
آخر تحديث: الأربعاء 22/06/2022 09:33 م
مصطفى صلاح مصطفى صلاح
تصاعد التهديد: التوترات

وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات شديدة لرئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس وسط مخاوف من عودة البلدين إلى التصعيد العسكري الذي كان اقترب من مرحلة المواجهة العسكرية قبيل وساطات عديدة نجحت في التهدئة لم تنه الأزمة المتجذرة.

من جانب آخر، حذرت اليونان من أنها لن تسمح بالدخول غير القانوني للمهاجرين عن طريق البر أو البحر، بعد الزيادة الحادة مؤخرا في محاولات الدخول عبر جزر بحر إيجة والحدود البرية مع تركيا. يأتي ذلك متزامنًا مع توترات جديدة بين أنقرة وأثينا.

تخطط الحكومة اليونانية لتمديد السياج الحدودي الحالي مع تركيا والذي يبلغ 35 كيلومترا ليبلغ 115 كيلومترا بزيادة بمقدار يفوق 80 كيلومترا إضافية، فيما تسعى لمنع المهاجرين من العبور، بينما بعثت الحكومة اليونانية رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة، رداً على مواقف أنقرة بشأن العلاقات بين بحر إيجه وتركيا واليونان. وتريد أثينا غلق الحدود مع تركيا بصورة كاملة في شمال شرق البلاد ما من شأنه أن يؤمن جميع المناطق التي كان من الممكن العبور منها سيرًا على الأقدام، وهي ثغرات أرهقت سلطات مكافحة الهجرة اليونانية.

تصعيد متبادل

طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليونان بالتوقف عن تسليح الجزر التي ليس لها وضع عسكري في بحر إيجة، وأكد أن تركيا لن تتنازل عن حقوقها في هذا البحر، ولن تتوانى عن استخدام الصلاحيات المعترف بها في الاتفاقيات الدولية بشأن تسليح الجزر.

وحذّر أردوغان -في كلمة ألقاها بولاية أزمير غربي البلاد طالب فيه أثينا بالابتعاد عمّا سماها "التصرفات والأحلام التي ستؤول إلى الندم"، ودعاها إلى التخلي عن تسليح الجزر غير العسكرية في إيجة والتصرف وفق الاتفاقيات الدولية.

وأكد أن تركيا لا تنتهك حقوق وقوانين أي دولة، ولا تسمح لأحد بانتهاك حقوقها وقوانينها، موضحًا أن بلاده تركت لتقدير المجتمع الدولي تقييم مطالبتها بالنظر في الحدود البحرية لتركيا واليونان حول جزيرة ميس التي تبعد كيلومترين عن البر الرئيسي لتركيا، وأكثر من 600 كيلومتر عن اليونان.

وفيما يتعلق باليونان، شدد وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، أنه على حلفاء أثينا ألا يذعنوا لما وصفها بالابتزازات التي تمارسها تركيا وخطابها العدواني. وأضاف أن أنقرة تمارس إجراءات غير مسبوقة ضد سيادة اليونان، مشيرا إلى أنه "كان ردنا بصبر وتماسك، ولم نستجب للخطاب المتطرف من الطرف الآخر لبحر إيجه. نختار طريقنا والوقت الذي سنقوم فيه

قضايا عالقة

تواجه اليونان محاولات تسلل من الأراضي التركية وأيضًا من بحر ايجه، وتعمل على أكثر من جبهة في مواجهة ضغوط تدفق المهاجرين، بينما تتعرض لانتقادات حقوقية دولية واتهامات تركية بارتكاب انتهاكات واسعة وصلت حدّ التسبب في مقتل عدد من المهاجرين.

ويأتي الإعلان اليوناني عن تمديد السياج الحدودي، والذي جاء على لسان وزير الهجرة نوتيس ميتاراكيس لمحطة سكاي الإذاعية، وسط توترات شديدة بين أثينا وأنقرة. وتدور الخلافات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) حول الغاز الطبيعي والأراضي والكثير من القضايا الأخرى مثل بحر إيجه. ومن أحدث الخلافات إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس لم يعد موجودا بالنسبة له، وبالتالي قطع المحادثات بين الجانبين.

وتخشى أثينا أن يستخدم أردوغان المهاجرين مرة أخرى كوسيلة للضغط كما فعل في عام 2020 عندما أعلن فتح الحدود مع اليونان عند نهر إيفروس المعروف أيضا باسم مريج في تركيا وماريتسا في بلغاريا وعبر آلاف الأشخاص الحدود بهذه الطريقة.

وضمن سياق آخر، اتهم أردوغان اليونان، حليف الناتو، بإيواء إرهابيين. وقال إن السماح بإعادة قبول أثينا في الكتلة الأمنية في عام 1980 كان خطأ. وهو الأمر الذي جاء بعد تصاعد التوتر بين الجارتين في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​بعد أن حث ميتسوتاكيس جلسة مشتركة للكونجرس الأميركي على عدم إسقاط الحظر المفروض على عضوية تركيا في برنامج شراء الجيل القادم من الطائرات المقاتلة F-35.

وتلقي أثينا باللوم على تركيا في تصاعد وتيرة الهجرة السرية إلى أراضيها بحرًا وبرًا، وتعتقد أن أنقرة بدأت في تفعيل ورقة المهاجرين ضدها في خضم تصاعد التوتر بينهما. وتفيد بيانات حكومية بأن نحو 11 ألف مهاجر دخلوا اليونان عبر الحدود البرية اليونانية التركية في منطقة إيفروس أو عبر جزر بحر إيجه في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام بزيادة 25% عن نفس الفترة من العام الماضي. وتنظر أثينا لتصاعد موجات الهجرة غير الشرعية انطلاقًا من تركيا بريبة ويعتقد مسؤولون يونانيون أن الأمر يتعلق بمحاولات تركية للضغط على اليونان في القضايا الخلافية بينهما.

من ناحية أخرى، قدمت الحكومة اليونانية شكوى إلى الأمم المتحدة، متهمة تركيا بتفسير الاتفاقيات الدولية المتعلقة بجزر بحر إيجه، بشكل خاطئ، وخرق السيادة اليونانية، وإن ادعاء تركيا أنه وفقًا لمعاهدة لوزان (1923) وباريس (1947) يتم تجريد السيادة اليونانية على الجزر (بحر إيجه الشرقية)، لم يتم إثباته بشكل قانوني وتاريخي وواقعي. وأن أنقرة تصر على التشكيك في الحقوق الناشئة عن ممارسة السيادة بما في ذلك حقوق الجزر في المناطق البحرية.

وتناولت الرسالة قضايا مثل إصرار تركيا على إثارة قضايا ليس لها أساس قانوني، وتعزيز تركيا المستمر لقواتها العسكرية، وتهديد أنقرة بالحرب وانتهاكاتها في بحر إيجه.

بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه دعوة لأنقرة لوقف التحركات التي تساهم في عدم الاستقرار الإقليمي والمساهمة بأمانة في الحل السلمي للنزاع المستمر حول ترسيم حدود الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة على أساس حسن الجوار والقانون الدولي.

في الختام: تعددت مجالات التوتر بين تركيا واليونان وهو ما دفع الجانبان إلى انتهاج سياسات من شأنها التصعيد المتبادل، ولعل هذه الفترة تصاعدت قضية اللجوء والهجرة من تركيا إلى اليونان باعتبارها أساس الخلاف الحالي ولكن الواقع يثبت أن هناك خلافات أخرى مثل ترسيم الحدود والتنقيب التركي عن الغاز في المناطق الاقتصادية الخاصة باليونان، وإن كان يمكن تفسير هذا التصعيد وخاصة من جانب تركيا بأنه محاولة لمساومة اليونان على كثير من القضايا الأخرى العالقة بينهما.