المركز العربي للبحوث والدراسات : الأطر الخبرية لتغطية الصحف الإلكترونية العربية لأزمة قطر (طباعة)
الأطر الخبرية لتغطية الصحف الإلكترونية العربية لأزمة قطر
آخر تحديث: الجمعة 17/04/2020 04:11 ص د. محمد جاد المولى حافظ - د. شريف درويش اللبان
الأطر الخبرية لتغطية

جاءت أزمة قطر مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين في ظل ظروف سياسية وأمنية صعبة يشهدها العالم العربي، وسيطرة حالة من عدم الثقة وانعدام التعاون بين قطر من جهة والدول العربية الأربع من جهة أخرى في التعامل سياسيًا وإعلاميًا وأمنيًا مع قضايا الإرهاب والجماعات المتطرفة التي تهدد كيان الدول العربية ووجودها، وانعكست هذه الحالة في التباين الكبير في المواقف السياسية للدول العربية من تلك الجماعات والحركات، وما تبعه من توتر كبير في العلاقات بين قطر والدول العربية، الأمر الذي أفضى إلى ظهور ملامح جديدة للمنطقة العربية تهيئ لإزكاء الصراع وزيادة حدته، ولم تكن وسائل الإعلام عامةً والصحف الإلكترونية خاصةً بمعزل عن هذا الصراع الذي أفضي إلى الأزمة الراهنة بين قطر والدول الأربع، بل شاركت الصحف الإلكترونية بدرجةٍ كبيرة في معالجة الأزمة وإدارة تداعياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية.

من هنا تأتي الدراسة المهمة التي أجراها د. محمد جاد المولى حافظ عويس أستاذ الصحافة المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة بنها، والتي استهدفت دراسة تأثير التوجه السياسي للدول التي تصدر منها الصحف الإلكترونية وأنماط ملكيتها على بناء وتشكيل الأطر الخبرية لأزمة قطر والدول العربية الأربع خلال الفترة من 5 يونيه 2017 حتى 5 يوليو 2017. وتُعد الدراسة محاولة بحثية جادة للتعرف على الأطر الخبرية لتغطية الصحف الإلكترونية العربية لأزمة قطر كواحدة من أهم الأزمات التي تواجه العالم العربي، والتي تشكل تحديًا كبيرًا يصعب التعامل معه سياسيًا وإعلاميًا.

تمثلت عينة الدراسة في مواقع صحف "الأهرام" المصرية و"الرياض السعودية" و"الاتحاد" الإماراتية و"أخبار الخليج" البحرينية و"الراية" القطرية و"الدستور" الأردنية و"الانباء" الكويتية و"عُمَان" العُمَانية، وسوف نركز في عرض هذه الدراسة على صحف الدول الأربع وصحيفة "الراية" القطرية، للتعرف على التباينات في المعالجة الصحفية في الصحف الإلكترونية بينهما.

أسباب أزمة قطر في مواقع الصحف العربية

تمثلت الأطر الخبرية التي قدمتها الصحف الإلكترونية العربية لأزمة قطر 2017 مع الدول العربية الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) في:

أسباب الأزمة في الصحف المصرية والسعودية والإماراتية البحرينية:

إطار دعم قطر للإرهاب والجماعات المتطرفة:

تحدثت صحيفة "الأهرام" المصرية في مقالها الافتتاحي "رأي الأهرام" عن أن قيام دولة عربية بتهديد الأمن القومي العربي بدعم مجموعات إرهابية وإيواء إرهابيين مطلوبين للعدالة في دولٍ عربية أخرى أمرٌ غريب لا يستوعبه العقل. ولا تُخفى قطر دعمها لجماعات إرهابية عديدة على رأسها "الإخوان"، وهو دعم يشمل التمويل وتوفير الغطاء السياسي والتغطية الإعلامية عبر قناة "الجزيرة"، ويمتد الدعم ليشمل مجموعات إرهابية تهدد الأمن القومي العربي في ليبيا وسوريا والعراق ومناطق أخرى عديدة. وذكرت الصحيفة أن سبب استمرار الأزمة، هو إصرار قطر على التمسك بعدم التجاوب مع مطالب الدول الأربع التي أعلنت مقاطعتها، وليس حصارها، والتي ما زالت تصر بدورها على ضرورة تلبية الدوحة لمطالبها، التي تتمحور في التخلي عن تقديم الدعم للإرهاب وتنظيماته ورموزه سواء كان ذلك الدعم ماليًا أو سياسيًا أو إعلاميًا.

وكتب فاروق جويدة أنه لم يكن غريبًا أن تتمرد قطر على الدول العربية الأكبر.. أن تتمرد على مصر وتجمع حشود "الإخوان" والإرهابيين على أراضيها أن تهدد أمن السعودية والإمارات والبحرين وأن تضع تصورًا لنهاية كل الأنظمة. وأشار عمرو عبد السميع إلى أن من أسباب الأزمة إصرار الحكم القطري على انتهاج عمليات معادية لمصر، ودعم قطر لتنظيمات معادية وإرهابية منها "الإخوان"، وقيام قطر رغم عضويتها في التحالف العربي باليمن بالتدخل لمصلحة من تراهم تلك الدول من خصومها. كما أشار "الأهرام" في معظم الموضوعات ومنها مقالها الافتتاحي إلى إطار الحرب على الإرهاب من خلال التأكيد على أهمية تجفيف منابع الإرهاب وفكره ومصادر تمويله والدول الداعمة له، وأشار المقال إلى البيان الرباعي الذي أصدرته كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين بشأن إدراج 59 شخصًا و 12 كيانًا مرتبطة جميعها بدولة قطر على قوائم الإرهاب، واعتبار ذلك خطوة مهمة على طريق محاربة الإرهاب والقضاء عليه.

واتفقت صحيفة "الرياض" السعودية مع "الأهرام" فيما يتعلق بأسباب الأزمة، حيث أشارت في تقرير لها إلى أن اتخاذ السعودية لقرار المقاطعة جاء نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة، سرًا وعلانيةً طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعات (الإخوان) و(داعش) و(القاعدة)، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة "القطيف" السعودية وفي مملكة البحرين، وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخليًا، كما اتضح للمملكة العربية السعودية الدعم والمساندة من قبل السلطات القطرية لميليشيات "الحوثي" الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن.

كما أبرزت صحيفة "الرياض" أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، إجراءٌ قوي ومباشر، لإجبارها على التخلي عن دعم الإرهاب بكافة صوره وأشكاله في منطقة الخليج والمثبت بالأدلة والبراهين، وبالتعاون مع كل التنظيمات الراديكالية في المنطقة بداية بـ "الإخوان" ومرورًا بـ "الحوثيين" وانتهاءً بــ "حزب الله" الإرهابي بالتنسيق مع حليفها الحقيقي في المنطقة وهو النظام الإيراني.

وأرجعت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية سبب الأزمة وفق رئيس تحريرها حمد الحمادي إلى أنشطة قطر المشبوهة والتي تعمل على «شق الصف الداخلي السعودي، وتحتضن المتطرفين وتروّج لفكرهم في إعلامها، وتعمل على إسقاط النظام الشرعي في المنامة وتستمر في إيواء "الإخوان" ودعمهم. كما أشارت "الاتحاد" إلى إصرار الدوحة على زعزعة أمن واستقرار المنطقة، ودعم السلطات القطرية وتمويلها واحتضانها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية، وعلى رأسها جماعة "الإخوان"، وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيميْ «داعش» و«القاعدة»، ودعم وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران، وبينها ميليشيات "الحوثي" الانقلابية في اليمن، وانتهاجها سياسات تؤدي إلى الوقيعة بين شعوب المنطقة، وتهربها من الالتزامات والاتفاقات التي يتعين عليها الوفاء بها.

واتفقت "الاتحاد" مع صحيفتيْ "الأهرام" و"الرياض" في التركيز على إطار الإرهاب، وأشارت إلى ضرورة توقف قطر عن دعم وتمويل الجماعات الإرهابية والعودة إلى المسار الصحيح، وكتب على العمودي إن الدوحة وكرٌ لإيواء الإرهابيين ودعاة الفتن والتحريض والكراهية والتطرف، وخزينةٌ مفتوحة لتمويل الإرهاب والإرهابيين بمليارات الدولارات التي كشفت حجم الهدر والعبث والتفريط بمقدرات وموارد الشعب القطري.

كما أكدت صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية إصرار دولة قطر على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين، والتدخل في شؤونها، والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة، وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين.

إطار دعم قطر للطائفية في الدول العربية:

اهتمت تغطية "الأهرام" بالتركيز على الدور الطائفي الذي تقويه قطر في كثيرٍ من الدول العربية منها البحرين والسعودية وسوريا، واتفقت معها صحيفة "الرياض" بنشر موضوعات تؤكد تبني قطر لملف الطائفية في الدول العربية، وأبرزت أسف دولة الإمارات على ما تنتهجه السلطات القطرية من سياسات تؤدي إلى الوقيعة بين شعوب المنطقة. كما اهتمت "الاتحاد" بنشر موضوعات حول دعم قطر للطائفية في الدول العربية خاصة السعودية والبحرين، ودعم معارضي السعودية أو الحركات الطائفية في القطيف، ومحاولاتها المستمرة في نشر الطائفية والإرهاب في مملكة البحرين. وتعمدت "أخبار الخليج" التركيز على سياسة قطر الطائفية في المنطقة وتعاونها مع إيران الدولة المعادية للعرب بمشروعها الطائفي التوسعي الإرهابي، والعمل على تنفيذ هذا المشروع عبر دعم وتمويل القوى والجماعات الطائفية الإرهابية العميلة لإيران في البحرين والسعودية واليمن وغيرها من الدول العربية، وكتب "السيد زهرة" إن الجزيرة احتضنت ودعمت القوى الطائفية الانقلابية الإرهابية في الدول العربية، ووقفت بقوة إلى جانبها دفاعًا عن مشروعها التدميري.

إطار الخروج عن الإجماع العربي وعدم الوفاء بتعهداتها مع أشقائها العرب:

أجمعت الصحف الأربع على عدم وفاء قطر بالتزاماتها وتعهداتها مع أشقائها العرب، وخرق الاتفاقات التي وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المتعلقة بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد المملكة، والوقوف ضد الجماعات والنشاطات الإرهابية، وعدم تنفيذها لاتفاق الرياض. وتهربها من الالتزامات والاتفاقات التي يتعين عليها الوفاء بها. وركزت صحيفة "الرياض" على بيان دولة الإمارات الذي جاء فيه: "إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتخذ هذا الإجراء الحاسم نتيجة لعدم التزام السلطات القطرية باتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلي له، ومواصلة دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية وعلى رأسها جماعة "الإخوان" وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيميْ "داعش" و"القاعدة" عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر، وكذلك نقضها البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض في مايو 2017 لمكافحة الإرهاب الذي اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة إلى جانب إيواء قطر للمتطرفين والمطلوبين أمنيًا على ساحتها وتدخلها في الشئون الداخلية لدولة الإمارات وغيرها من الدول، واستمرار دعمها للتنظيمات الإرهابية مما سيدفع بالمنطقة إلى مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها وتبعاتها.

أسباب الأزمة في صحيفة "الراية" القطرية:

إطار رفض قطر الوصاية عليها والنيل من سيادتها:

نشرت صحيفة "الراية" القطرية كثيرًا من الموضوعات التي اهتمت بتناول سبب اتخاذ دول الرباعي العربي لقرار المقاطعة في إطار فرض الوصاية على قطر، وادعت أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات ضد دولة شقيقة في مجلس التعاون الخليجي لهو دليلٌ ساطع على عدم وجود مبررات شرعية لهذه الإجراءات التي اتخذت بالتنسيق مع مصر، والهدف منها واضح هو فرض الوصاية على الدولة، وهذا بحد ذاته يعد انتهاكًا لسيادتها كدولة وهو أمرٌ مرفوض قطعيا.

كما نشرت "الراية" بعض الموضوعات التي ترفض الوصاية والنيل من سيادة قطر، منها الضغط على قطر للمساس بقرارها وسيادتها وثوابتها الوطنية، وأن سيادة قطر خط أحمر، ولن ترضخ لأي ضغوط للتخلي عن قرارها الوطني الذي يستند إلى ثوابت راسخة عكسها بيان وزارة الخارجية بتمسك قطر بعلاقتها التاريخية والأخوية مع دول المنطقة، والتزامها بميثاق مجلس دول مجلس التعاون، ومواصلة جهودها المزعومة في مكافحة الإرهاب والتطرف. كما قامت الصحيفة بإجراء حوارات تدعم هذا الإطار منها حوار مع المهندس معروف الغنانيم أمين سر نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين الذي قال إن الحصار المفروض على قطر، والحرب التي تتعرض لها بسبب دعمها صمود أهالي غزة، مؤكدا أن الحصار مُنَافٍ للشريعة الإسلامية وبعيد عن النخوة العربية..!.

 إطار مناصرة قطر للشعوب العربية المطالبة بالحرية والكرامة:

نشرت صحيفة "الراية" القطرية كثيرًا من الموضوعات التي ركزت على العلاقة بين مناصرة قطر للشعوب العربية المطالبة بالحرية والكرامة والأزمة الراهنة مع الرباعي العربي المقاطع لها، منها إلقاء الضوء على رؤية عدد من الأكاديميين أن قطر تدفع ضريبة مناصرتها للشعوب المستضعفة حول العالم، ودعمها لثورات الربيع العربي وللشعوب المظلومة التي خرجت للمطالبة بحقوقها. كما زعمت الصحيفة أن سيناريو الحصار على قطر يبرز مخططًا بائسًا لتهميش دورها الرائد والمميز في دعم الشعب الفلسطيني وقطاع غزة عبر إعطاء مزيدٍ من الأدوار للإمارات ومصر وعودة محمد دحلان القيادي المتهم بالفساد والرشوة في حركة فتح إلى المشهد الفلسطيني.

أطر التأثيرات الناجمة عن أزمة قطر مع الدول العربية:

أطر التأثيرات الناجمة عن الأزمة في الصحف المصرية والسعودية والإماراتية والبحرينية:

تمثلت أُطر التأثيرات الناتجة عن تفاعلات الأزمة القطرية مع الدول الأربع فيما يأتي:

إطار المقاطعة الدبلوماسية لقطر وغلق الحدود معها:

أظهرت صحيفة "الأهرام" الإجراءات التي اتخذها الرباعي العربي تجاه قطر، ومنها إغلاق الحدود البرية والبحرية والأجواء الجوية ضد قطر، وسحب السفراء وطلب مغادرة سفراء قطر لديها، وكذلك المواطنين القطريين في سياق يدعم إطار المقاطعة، وكتب محمد السعيد إدريس إذا تتبعنا معالم تطور الأزمة سنجد أنها تميزت بسرعة تطور وتلاحق الأحداث من جانب الدول الأربع نحو قطر، مما فرض قيودًا على التحركات القطرية خاصةً إجراءات المقاطعة الجوية والبحرية والبرية ضد قطر.

واتفقت صحيفة "الرياض" مع "الأهرام" في أسباب المقاطعة، وأشارت إلى أنها نتيجة ممارسات "الدوحة" الداعمة للإهارب وعدم الاستقرار، وأشارت إلى حديث د. حسن أبو طالب المدير السابق لـ "مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية" الذي أكد أن المقاطعة هذه المرة جاءت على غير توقعات الأسرة الحاكمة في قطر خاصةً أنها جاءت من دور محورية بحجم السعودية ومصر. وأوضحت "الاتحاد" الإماراتية في كثير من الموضوعات أن سبب المقاطعة من الرباعي العربي هو العبث المتعمد من حكومة قطر ضد هذه الدول، والذي أدى إلى هذه النتيجة، وكتب محمد الحمادي عندما نعرف الانتهاكات التي تمارسها حكومة قطر في حق المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول ومنذ سنوات طويلة، ندرك أن قرار المقاطعة ليست أقسى من أفعال قطر، بل إن المقاطعة جاءت متأخرة جدًا.

إطار الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الاقتصاد القطري نتيجة المقاطعة:

كما اهتمت الصحف الأربع بنشر الموضوعات التي توضح الخسائر الاقتصادية التي أصابت الاقتصاد القطري جراء المقاطعة، وأشار "الأهرام" إلى توقع محللين أن تتكبد قطر خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات بعد قطع العلاقات الدبلوماسية معها. وقد أبدت 388 شركة سعودية على الأقل عزمها سحب استثماراتها التي تقدر بمليارات الدولارات من قطر. وركزت صحيفة "الرياض" على نشر موضوعات حول الخسائر الاقتصادية في قطر جراء المقاطعة، وأشارت إلى أن خسائر بمليارات الدولارات تضرب قطاعات السفر والأسهم والتجارة والطاقة في قطر. كما اهتمت صحيفتا "الاتحاد" الإماراتية و"أخبار الخليج" البحرينية بالتركيز على إطار الخسائر الاقتصادية التي ألمت بالاقتصادي القطري نتيجة المقاطعة وغلق الحدود والأجواء الجوية أمام طيرانه .

إطار استقواء قطر بقوى إقليمية ودولية والبحث عن دور يهدد الأمن القومي العربي:

أشار "الأهرام" إلى سعي قطر إلى لعب دور إقليمي يصب في مصلحة الدول الكبرى، ويهدد أمن ومصالح الدول العربية، وأشار نبيل السجيني إلى حرص قطر على إقامة تحالفات مع دول بينها مصالح متعارضة مثل الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل وروسيا وتركيا سعيًا للعب دورٍ أكبر من إمكاناتها بطرح نفسها كبديل للسعودية في المنطقة، وانتهاجها ممارسات أخطرها التدخل في شئون الدول الأخرى، ودعم الجماعات المتطرفة والمعارضة، والوقوف وراء انفصال غزة وجنوب السودان والتمرد الشيعي بالبحرين، والسعي إلى تقسيم سوريا والعراق.

وأشار محمد السعيد إدريس أنه من الواضح من مسار تطور الأزمة أن قطر، وربما تركيا أيضًا، باعتبارهما الشريكيْن الكبيريْن في دعم الإرهاب خاصةً في سوريا وليبيا والتحالف مع جماعة "الإخوان"، لم تقبلا أن تصبح السعودية المرتكز الجديد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ولم يقبلا بأهلية السعودية لقيادة مشروع خليجي «عربي- إسلامي» على نحو ما جاء في مقررات قمم الرياض. وعندما أعلنت قطر تمردها على مقررات قمم الرياض فإنها كانت تراهن على الموقف الأمريكي ومكانة قواعدها العسكرية بالنسبة للولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة، في أية أزمة بين قطر وجوارها الخليجي، لن تقبل بوقوع أضرار جسيمة بقطر وفق الالتزامات الأمريكية المدونة في اتفاقيات تأسيس القواعد العسكرية الأمريكية على الآراضي القطرية سواء كانت قاعدة «العُديد» شديدة الأهمية باعتبارها مكان وجود القيادة العسكرية المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، أو قاعدة "السيلية" التي تعد أهم مخازن سلاح الطيران الأمريكي في المنطقة.

وأشار شريف عابدين أن الرهانات القطرية ترتكز بالتأكيد على ضغوط أمريكية وتركية وتهديدات إيرانية مبطنة لدول الخليج مع محاولة إخراج مصر من المعادلة والانفراد بها لاحقا بالبحث عن مدخلات جديدة لتركيعها اقتصاديًا، وإلقاء الأزمات في طريقها بغية تعثرها وإلهائها عن دورها الاستراتيجي في حماية الأمن العربي.

وأشار "الأهرام" في تقريرٍ له إلى أن حسابات قطر تقوم على الاستعانة بأطراف خارجية هى إيران وتركيا، وكلاهما بادر بخطوات عملية لمساعدة الدوحة ويساعدها على ذلك زئبقية الموقف الأمريكي الذي لا يبدو واضحًا بل ينطوي على تناقض في الرؤية، حيث تتكأ الولايات المتحدة على المطالبة بالحوار والتفاوض لإنهاء الأزمة، في حين يدعو الرئيس ترامب إلى مواقف صارمة لإجبار الدوحة على التخلي عن دعم الإرهاب، يتزامن ذلك مع الإعلان عن إبرام صفقة تزويد قطر بطائرات أمريكية مقاتلة من طراز إف 16 بقيمة 12 مليار دولار، وفى الوقت نفسه الإعلان عن بدء مناورات بحرية قطرية أمريكية برسالة مفادها أن واشنطن تلعب على المتناقضات، وليس بمقدورها أن تحسم الأمور تجاه قطر، ما يشكل عاملًا إيجابيًا بالنسبة لقطر يجعلها تُقدم على مزيدٍ من خطوات الخروج من العباءة الخليجية، ورفض الاستجابة لمطالب الدول الأربع التي أعلنت مقاطعتها.

كما نشرت "الرياض" السعودية تقريرًا عن مطالب الرباعي العربي من قطر، منها خفض مستوى العلاقات مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر. كما انتقدت الصحيفة دبلوماسيين وبرلمانيين وخبراء محاولة قطر "تشعيب" الأزمة الخليجية مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، والمماطلة في الاستجابة للمطالب من خلال إدخال أطراف جدد، وعدم العمل على الوصول إلى حل سريع للأزمة، ونبه هؤلاء إلى أن قطر أصبحت تستقوي بأطراف دولية وإقليمية من بينها إيران وتركيا في محاولة لتهديد الأمن القومي الخليجي والعربي وزعزعة الاستقرار في دول المنطقة وشق الصف العربي وتبني أجندة تتعارض مع المصالح العربية العليا وثوابت الأمن القومي العربي.

وعلى مستوى صحيفة "الاتحاد" الإماراتية كتب سالم النعيمي أنه بدخول إيران وتركيا في قلب الحدث، تريد قطر قلب الطاولة، وجعل النزاع مطولًا ليؤثر حتمًا على النمو الاقتصادي، والحسابات المالية، وأسعار النفط والغاز، متناسيةً أن العزلة السياسية والضغط الاقتصادي، سيقودان حتمًا إلى الاستياء الداخلي وتهديد نظام الحكم. كما قالت الصحيفة أن حرص قطر على وجود أكبر قاعدة جوية أجنبية في العالم في قطر، وهى قاعدة «العديد» الأميركية هو أن تغض الولايات المتحدة وغيرها الطرف عن تمويل قطر الكبير للإرهابيين ودعم الراديكاليين الإسلاميين وإيوائهم لزعزعة استقرار الحكومات المجاورة، وتنفيذ خطط القوى المتضاربة للنهوض بمصالحها الجيوسياسية في الوطن العربي مقابل عدم التدخل في الشأن القطري وسياستها الخارجية لملء الفراغات السياسية في دول مثل مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس، استنادًا لرؤيتها المختلفة لمستقبل العالم العربي السُني.

وتناولت "أخبار الخليج" البحرينية لجوء قطر إلى قوى إقليمية ودولية لحمايتها ودعمها ضد الدول العربية والخليجية، وأشارت الجريدة إلى أن طلب قطر الحماية من دولتين غير عربيتين – تركيا وإيران- أمرٌ مأساوي، وكتبت فوزية رشيد أن جلب قطر جنودًا وضباط أتراك أو عناصر من الحرس الثوري الإيراني، هو استقواء معدوم الفائدة في ظل وجود "القاعدة الأمريكية" في حال استمر ترامب في موقفه المضاد من دعم قطر للإرهاب..!.

التأثيرات الناجمة عن الأزمة في صحيفة "الراية" القطرية:

تمثلت التأثيرات الناتجة عن الأزمة القطرية وفقًا لما ورد في صحيفة "الراية" فيما يأتي:

إطار انتصار قطر على الحصار المفروض عليها من الرباعي العربي:

 ركزت صحيفة "الراية" القطرية على تأطير تغطيتها للأزمة في إطار فرض الحصار غير المبرر عليها برا وبحرا وجوا من خلال عدد كبير من الموضوعات، وأشارت إلى أن قطر لم تتأثر سلبا من الحصار المفروض وأنها أفشلت مخططات دول الحصار التي تستهدف تركيع وعزل قطر سياسيًا واقتصاديًا. وزعم رئيس تحريرها صالح الكواري "فشلت قرارات المقاطعة وإغلاق الحدود في تركيع قطر وشعبها الأبي، وحجب التأييد والتعاطف القوي معها من شعوب دول مجلس التعاون الخليجي تحديدًا، ومن خارج المنطقة".

إطار المساءلة القانونية لدول الحصار:

نشرت "الراية" القطرية كثيرًا من الموضوعات التي تبرهن على عدم قانونية الحصار المفروض عليها، وحرصت على طرح وجهات نظر الإعلاميين ومنها تأكيد الإعلامي محمد عبدالله المالكي أن مساعي قطر القانونية لكسر الحصار الجائر سوف تنجح في ظل نشاط دبلوماسي وحضور دولي كبيريْن، زاعمًا أن قطر قلبت الطاولة على دول الحصار بمحاولتهم تبرير قراراتهم، وما ترتب عليها من انتهاكات لحقوق الإنسان. كما أبرزت دعوة علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بضرورة قيام المجتمع الدولي بمزيد من التحركات لرفع الحصار عن دولة قطر، وكذلك العمل على إنصاف ضحايا الحصار.

إطار الخسائر الاقتصادية لدول الحصار:

عمدت "الراية" القطرية على إبراز خسائر الطرف الثاني – دول الحصار- في كثيرٍ من الموضوعات، وزعم رئيس تحريرها أن المحاصرين يبحثون عن مخرجٍ بأقل الخسائر بعد أن ارتد كيدهم في نحورهم، وخسروا الأموال والشعوب الحرة والرأي العام والعالم الحر بمحاصرة قطر. كما ألقى الضوء على أن السعودية هى الخاسر الأكبر من حصار قطر، ونقل توقعات مركز الجزيرة للدراسات بأن ينعكس استمرار الأزمة الخليجية الراهنة في بعض جوانبها سلبيًّا على الوضع الاقتصادي في السعودية، مؤكدًا أن الرياض هى الخاسر الأكبر من حصار دولة قطر..!.

إطار تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب:

قدمت "الراية" القطرية دولة قطر على أنها من الدول الرائدة في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، وألقت الضوء على تصريح وزير خارجية قطر حول أهمية اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإرهاب وعمليات السلام في الشرق الأوسط التي تم إبرامها في ظل تصاعد الأزمة مع دول الحصار، وأضاف أن قطر تقوم بواجباتها في محاربة الإرهاب والتطرف، وأن دول الحصار تعطل جهود قطر في مكافحة الإرهاب..!.

إطار تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي مع تركيا وإيران:

اهتمت "الراية" بالإشارة إلى زيارات الوفود العسكرية بين قطر وتركيا في إطار تعزيز التعاون العسكري وتمركز الجنود الأتراك في القاعدة العسكرية التركية في قطر، بالإضافة إلى وصول دفعات كبيرة من الجنود الأتراك خلال تفاقم الأزمة بين قطر ودول الحصار إلى قاعدة "العديد" الجوية لتلتحق بالقوات الموجودة في الدولة.

أطر الحلول المقدمة في الصحف لحل الأزمة القطرية:

تمثلت الحلول المقدمة للأزمة القطرية في الصحف العربية عينة الدراسة فيما يأتي:

أطر الحلول المقدمة للأزمة في الصحف المصرية والسعودية والإماراتية والبحرينية:

تمثلت الحلول التي قدمتها الصحف المصرية والسعودية والإماراتية والبحرينية للأزمة القطرية فيما يلي:

تنفيذ قطر لمطالب الدول الأربع كشرط لعودة العلاقات الدبلوماسية:

اتفقت الصحف الأربع على أن حل الأزمة مع قطر مرهون بتنفيذها للشروط التي قدمها الكويت لها، والتي تتضمن 13 بندًا هى:

1.       إعلان قطر خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران ومغادرة عناصر الحرس الثوري الأراضي القطرية.

2.      الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية ووقف أي تعاون عسكري.

3.      إعلان قطر قطع علاقاتها مع كل التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "الإخوان" وتنظيم "داعش".

4.      إيقاف التمويل القطري لأي أفراد أو منظمات إرهابية والمدرجين ضمن قوائم الإرهاب في الدول الأربعة.

5.      تسليم قطر لجميع العناصر الإرهابية المطلوبة لدى الدول الأربع وعدم إيواء أي عناصر أخرى مستقبلًا.

6.      إغلاق قنوات الجزيرة والقنوات التابعة لها.

7.       إغلاق وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.

8.      وقف التدخل في شئون الدول الداخلية ومصالحها الخارجية وقطع الاتصالات مع العناصر المعارضة.

9.      دفع قطر تعويضًا عن الضحايا والخسائر وجميع ما فات من كسب للدول العربية بسبب السياسة القطرية.

10.  تلتزم قطر بأن تكون دولة منسجمة مع محيطها الخليج والعربي.

11.  تسليم قطر كل قواعد البيانات الخاصة بالمعارضين المدعومين منها، وإيضاح كل أنواع الدعم المقدم منها.

12.  الموافقة على هذه الطلبات خلال 10 أيام وإلا تعد لاغية.

13.  إعداد تقارير متابعة دورية للاتفاق حال التوصل إليه مرة كل شهر للسنة الأولى، ومرة كل ثلاثة أشهر للسنة الثانية.

ونشرت جريدة الأهرام عن «الرباعى العربى» قوله "الحوار مع قطر مشروط بوقف دعمها الإرهاب". وكتبت "بينة الملحم" إن النظام القطري أمام اختبار جديد لعله يثبت ليس للدول الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب فحسب، بل حتى لواشنطن التي وقع معها مؤخرًا اتفاقية التفاهم وللعالم أجمع، وأن توقيع هذه الاتفاقية ليست غاية في حد ذاتها إنما وسيلة يجب أن تتبعها خطوات عملية بالتحرك العاجل من السلطات القطرية في اتخاذ الخطوات القانونية والعملية في ملاحقة الأفراد والكيانات الإرهابية والمتطرفة الواردة في القائمة الأخيرة الـ9 كيانات والـ9 أفراد، والسابقة المعلنة في 8 يونيو 2017 لتأكيد مصداقية جديتها في نبذ الإرهاب والتطرف.

وذكر محمد الحمادي في "الاتحاد" الإماراتية أن المطلوب اليوم من قطر واضحٌ جدًا؛ فبعد أن تبين أن لقطر أنشطة مشبوهة وتعمل على «شق الصف الداخلي السعودي، وتحتضن المتطرفين وتروّج لفكرهم في إعلامها، وتعمل على إسقاط النظام الشرعي في المنامة وتستمر في إيواء الإخوان وتدعمهم، فإن عليها أن تتوقف عن كل ذلك فورا.  وكتب السيد زهرة في "أخبار الخليج" لم يكن مقبولًا أبدًا سوى أن تطالب الدول الأربع بوقف هذا الدعم والتمويل نهائيًا، وبطرد الإرهابيين الذين تؤويهم قطر، وبتقديم قوائم بكل الجماعات والأفراد الإرهابيين الذين دعمتهم قطر وكل المعلومات المتعلقة بهذا الشأن.

أطر الحلول المقدمة للأزمة في صحيفة "الراية" القطرية:

اهتمت "الراية" القطرية بنشر الموضوعات التي تعكس حرص الدوحة على الحوار مع أشقائها العرب لحل الأزمة دون المساس بسيادتها أو فرض الوصاية عليها، ونشرت تأكيد محمد بن عبد الرحمن وزير الخارجية القطري بأن الخيار الاستراتيجي لدولة قطر دائما هو حل أي أزمة من خلال الحوار مشددًا رفض دولة قطر فرض أي وصاية على سياستها الخارجية من أي طرف.

ونشرت الصحيفة موضوعات تتناول دعم مبادرة أمير الكويت لحل الأزمة، وكتب صالح الكواري رئيس تحريرها مشيدًا بحكمة ومساعي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة في حل هذه الأزمة المفتعلة، نعلم يقيناً أن في دول الحصار عقلاء نراهن عليهم في أن يضطلعوا بدور إيجابي في التوصل لنهاية سعيدة وسريعة للأزمة.