المركز العربي للبحوث والدراسات : واقع ومستقبل أوضاع المرأة الأفريقية .. نظرة على حالة أوغندة (طباعة)
واقع ومستقبل أوضاع المرأة الأفريقية .. نظرة على حالة أوغندة
آخر تحديث: الأحد 02/02/2020 11:22 م
هند أحمد إبراهيم هند أحمد إبراهيم
واقع ومستقبل أوضاع

                الكثير من الإنجازات تحقق ولكننا ننتظر المزيد، هذه هي الجملة التي كثيرًا ما تتردد عند الحديث عن حقوق المرأة في أفريقيا بصفة عامة، وأوغندا بصفة خاصة.

                تحظى قضايا حقوق المرأة بأهمية بالغة على الساحة الدولية خلال الآونة الأخيرة. كما بات الحديث عنها يرتبط بقضايا التنمية، التي تستوجب إدماج كافة فئات المجتمع معًا؛ من أجل النهوض بالمجتمع ككل.

                وظلت قضايا المرأة في أفريقيا مهمشة طيلة سنوات طويلة، وكان يتم اعتبارها أمور ثانوية يتم تداركها لاحقًا عقب تحقيق الاستقرار السياسي، والتنمية بشقيها السياسي والاقتصادي، ليس ذلك فحسب بل كان هناك عدد من القيود التي تفرض على مشاركتها سياسيًا واقتصاديًا، والتي تم معالجة بعضها، ولا يزال البعض الأخر قائمًا، ومن ثم تتناول هذه الدراسة تقييم واقع المرأة في دولة أوغندا من حيث تمكينها سياسيًا، اقتصاديًا واجتماعيًا، ومن حيث الصعوبات والمعوقات التي مازالت تحجم دورها داخل المجتمع الأوغندي.(1)  

                من حيث الموقع تعد دولة أوغندا أحد الدول الأفريقية، التي تقع في الشرق ، ويطلق عليها لؤلؤة أفريقيا، يقدر عدد سكانها بحوالي 39,032,383مليون نسمة وفقًا لإحصائية عام 2015، ويعد نحو 74% من سكانها تحت سن 15 عامًا، فيما تمثل نسبة المرأة 54% أي بما يعادل النصف، و60% من سكانها تحت خط الفقر وأغلبهن من النساء.

                وتتركز مجالات عمل النساء في قطاع الزراعة ويشكلون القوة الإنتاجية الأكبر بنسبة 70%، كما أن نحو30% فقط منهم يمتلكن أرضًا، أما الباقين يعملون بالسخرة لدى أخرين.

وتعليمًا نجد أن هناك اختلالات واضحة فيما يتعلق بمشكلة النوع حيث ترتفع معدلات من لا يجيدون القراءة والكتابة في الإناث عن الذكور، فنحو 61% من الإناث لا يجدون القراءة والكتابة مقابل 38% من الذكور، وفقًا لتقارير لجنة التعداد والسكان الأوغندية لعام 1990.

استراتيجية الدولة

                اتبعت أوغندا استراتيجية جديدة للنهوض بقضايا المرأة، والدفاع عن حقوقها وذلك من خلال اتباع عدد من الإجراءات على عدة محاور دستورية، تعليمية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية أهمها:

·       اتخذ الدستور الأوغندي عدد من النقاط الإيجابية بشأن حقوق المرأة، حيث أكد على أهمية حقوقها، ووضعها كحقوق أصيلة لا يمكن التنازل عنها، فضلًا على التأكيد على الحقوق الكاملة للمرأة سواء أكانت سياسية اقتصادية أو اجتماعية، والإدراك الكامل لها، وحظر أي قانون أو عرف يتعارض مع هذه الحقوق، ومنع ممارسة أي أنشطة من شأنها إهانة كرامتها.

كما نجد أن  الدساتير في أوغندا تباينت ففي دستور (1962-1967)، لم نجد نصوص دستورية واضحة تعلى من حقوق المرأة، باعتبارها عضو فاعل وشريك أساسي لبناء المجتمع، على النقيض دستور 1995 الذي يعد علامة بارزة في تاريخ الدساتير في أوغندا، حيث الاعتراف صراحة بحقوق المرأة كعضو فاعل، وإعمالًا لكافة هذه الحقوق التي أقرها الدستور لكفالة حقوق المرأة، نجد أن الدولة التزمت بتطبيق التالي:

1.      إنشاء لجان لتساوى الفرص؛ من أجل حل إشكالية اختلال التوازن ضد المرأة.

2.      توفير كافة الإمكانيات والفرص لدعم المرأة، وتعزيز دورها داخل المجتمع.

3.      حماية المرأة وحقوقها، باعتبار أن حق المرأة كأم أسمي الحقوق وأعلها.

·       صدقت أوغندا على عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية والتي تؤكد مدى التزامها بحقوق المرأة (كالتصديق على الإعلان العالمي للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة والذي يعد من أكثر القواعد القانونية الدولية فيما يتعلق بالمساواة، إعلان المؤتمر الدولي للتنمية والسكان-برنامج التنمية الإنمائي)

·       سياسيًا، هناك الكثير من النساء خلال الآونة الأخيرة تنازعتا على القيادة السياسية، على الرغم من التميز النوعي المستمر لسنوات، فأصبحت أوغندا تمتلك 50 مقاطعة برلمانية، تمثل كل منها داخل البرلمان بعضوية إحدى النساء،  فقد شغلت ريبيكا اليتو كادجا منصب رئيسة البرلمان الأوغندي لمدة 10 سنوات، وحاليًا يوجد مالا يقل عن 15 وزيرة داخل الحكومة، مما يعزز التمثيل النسائي، و10 نساء قاضيات بالإضافة إلى نائبة رئيس، الأمر الذي يعد الأول من نوعه داخل أوغندا، ليعكس ما وصلت إليه المرأة داخل الحياة السياسية في أوغندا.

·       وعلى المستوى التعليمي اتخذت الحكومة عدد من الإجراءات التي من شأنها تقليل الفجوة بين معدلات ونسب تعليم الذكور مقارنة بالإناث، وذلك من خلال (إدراج برامج لتعليم الإناث، زيادة الأنشطة المجتمعية لدمج الإناث، زيادة نسب مشاركة وإلحاق الإناث بالجامعات الحكومية)

·       اقتصاديًا مازالت هناك عدد من العقبات التي تقيد المرأة، فمن المتعارف عليه في أوغندا عدم قدرة النساء على امتلاك الأراضي، وفقًا للعادات والممارسات الاجتماعية، كما نجد أن النساء وعلى مستوى القوة العاملة وفقا لعام 1988 شكلت النساء 20% من قوة القطاع الرسمي للدولة، وتركزت في الوظائف الأقل أجرا، كما شكلن نسبة 26% من القطاع الخاص، بينما 8% منهن عملت بالقطاع الغير رسمي.

·       اجتماعيُا زاد عدد المنظمات الحقوقية الغير حكومية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وشجعتها الحكومة الأوغندية بدرجة أو بأخرى، بل ومنحتها عدد من الامتيازات السياسية والمالية، ولاسيما العاملة في مناطق نائية من الدولة، وأبرز هذه المنظمات (أكينا ماما وأفريقيا – المنظمة الوطنية للنساء في أوغندا – حركة التنمية – ملتقى النساء الديمقراطي في أوغندا – تحالف الحقوقيات الأوغنديات للدفاع عن الأرض) والتي تقوم بعدة مهام من أهمهم:

1.      التوعية بحقوق الإنسان

2.      إبراز وتوضيح الاحتياجات الخاصة بالمرأة

3.      توضيح أهم الممارسات العنصرية التي تتم ضد المرأة والطفل

4.      الدفاع عن قضيتي المساواة والنوع

5.      تعزيز دور المرأة داخل الحياة الاقتصادية (3)

                وعلى الرغم مما وصلت اليه المرأة داخل اوغندا، إلا أن هناك عدد من العقبات والقيود مازالت تحجم دورها داخل المجتمع، وتتمثل هذه العقبات والقيود في العادات والتقاليد الاجتماعية التي تنشر في أفريقيا بصورة كبيرة، والتي تعوق من دور وحقوق المرأة ومن أهمها:

1.      النظرة الأبوية للمجتمع، التي عادة ما تنظر للمرأة على أنها تابع للرجل، بما في ذلك المرأة المستنيرة، الأمر الذي ساهم في انتشار النزعة التمييزية ضد المرأة، ليس ذلك فحسب بل اعتبار الجمعيات الحقوقية ما هي إلا وسائل للهدم المنزلي، وتدمير الأسر.

2.       لا يجوز للمرأة امتلاك عقارات أو أراضي، على الرغم من توافر الإرادة الأهلية والقانونية للمرأة

3.      عدم المساواة الوظيفية فكثيرًا ما تتعرض المرأة للاضطهاد، فيما يتعلق بنظام الترقيات والتعيينات، الذي يستغرق المزيد من الوقت.

4.      لازال تعليم الإناث يشكل مضيعه للموارد

5.      الكثير من الحقوق لم يدرك بعد، ولم ينفذ فكثير من النساء، لا تعرفن ما هي هذه الحقوق ولا يوجد من يدافع عنهن

                وإجمالاً؛ يمكننا القول بأن ما وصلت إليه المرأة في أوغندا، يعد تقدمًا ملموسًا على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فقد وصلت المرأة لتتولى منصب نائب رئيس الدولة، كما أصبحن عدد منهم وزيرات، ونائبات في البرلمان الأوغندي، كما شجعت الدولة المنظمات الغير حكومية العاملة في مجال المرأة والدفاع عن حقوقها، وقدمت لهم عدد من التسهيلات والامتيازات لتقوم بدورها التوعوي، واقتصاديا زادت نسبة النساء العاملات، ولاسيما في مجال التجارة الإلكترونية.

وعلى رغم ما وصلت إليه المرأة في أوغندا، إلا أن هناك عدد من القيود التي باتت تشكل عقبة، ولاسيما القيود والعادات الاجتماعية.

 

المراجع

(1)      أميمة سعودي، تمكين المرأة في أفريقيا، الهيئة العامة للاستعلامات، متاح على الرابط التالي

: http://www.sis.gov.eg/Story/179713/%D8%AA%D9%85%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D9%81%D9%89-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7?lang=ar

(2)      Ellis Amanda, Manuel Claire, Blackden C. Mark  ,Gender and economic growth in Uganda( unleading power of women), world bank ,  

(3)   نهال أحمد، تمكين المرأة نموذجًا.. فرص نجاح التحول الديمقراطي في أفريقيا، المركز العربي للبحوث والدراسات، متاح على الرابط التالي: http://www.acrseg.o40991