المركز العربي للبحوث والدراسات : زيارة السيسي للإمارات .. شراكة قوية واستثمارات جديدة (طباعة)
زيارة السيسي للإمارات .. شراكة قوية واستثمارات جديدة
آخر تحديث: الإثنين 18/11/2019 07:41 م
محمد كريم الخاقاني محمد كريم الخاقاني
زيارة السيسي للإمارات

قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة غير معلنة مسبقاً لدولة الامارات العربية المتحدة لمدة يومين، وتأتي الزيارة الرسمية في "إطار حرص الدولتين على التنسيق المتواصل بشأن كيفية مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة في المرحلة الراهنة والتي تتطلب تظافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي" وفقاً لما أعلنه المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية باسم  راضي.

ومن أبرز ما ستتمخض عنه زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإمارات هو تحريك عجلة الاقتصاد المصري عبر جذب الاستثمارات وتنميتها وبما ينعكس بشكل إيجابي على كلا البلدين. وعليه سيتم من خلال الورقة البحثية معرفة أبرز الملفات الاقتصادية والسياسية التي تناولتها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإمارات.

على الصعيد الاقتصادي

طرحت العديد من الملفات على طاولة الحوار بين قيادة البلدين، إذ تعد مصر الشريك التجاري الاول بالنسبة لدولة الامارات فيما يتعلق بالاستثمارات الاجنبية في مصر، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما عام ٢٠١٨ نحو ٥،٥ مليار دولار وهو رقم قياسي بالنسبة لباقي الاعوام، ومن اجل تشجيع ودعم مناخ الاستثمار في مصر للاستثمارات الاجنبية وعلى هامش الزيارة الرسمية للرئيس السيسي للإمارات، اطلق الشيخ محمد بن زايد ال نهيان ولي عهد ابو ظبي ونائب القائد الاعلى للقوات المسلحة الاماراتية منصة استثمارية استراتيجية مع مصر وبقيمة إجمالية تبلغ ٢٠ مليار دولار لتنفيذ مشاريع استثمارية مشتركة بين مصر والإمارات وبما يحقق آمال وتطلعات الشعبين المصري والاماراتي في التنمية والرخاء الاقتصادي، وهذا يعكس اهتمام عال المستوى من قبل القيادة الاماراتية عبر زيادة حجم الاستثمارات الإماراتية الموجهة إلى السوق المصرية وذلك من خلال شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي، وبالتالي حقق هذا الصندوق السيادي أولى مكاسبه الاقتصادية على الصعيد الخارجي وهو ما يعني كسب ثقة الاستثمارات الإماراتية بفضل التحركات الرئاسية بقصد دعم مناخ الاستثمار في مصر، وسيحقق ذلك الأمر نقلة نوعية على صعيد الاستثمارات المصرية الإماراتية المشتركة في كافة الفرص الاستثمارية الجادة، مما ينعكس إيجابياً على تشجيع حركة المستثمرين للدخول في شراكات مختلفة مع صندوق مصر السيادي، وهي خطوة بالتأكيد ستصب في مسار عمل الصندوق ومن المؤمل أن ترفع تلك الاستثمارات من الامكانيات التنفيذية للصندوق في الفترة القادمة. عبر استغلال الاموال في مسارها الصحيح والمقرر لها وتحديد القطاعات الاقتصادية التي الاقتصادية تتمتع بفرص استثمارية حقيقية تعزز من مستقبل مصر الاقتصادي.

إن إطلاق الامارات لشراكة استثمارية وبمبالغ كبيرة جداً عبر المنصة الاستثمارية التي أعلنتها مؤخراً إنما تعكس ميزة السوق المصرية وجاذبيتها لجذب الاستثمارات الأجنبية وبالتالي تعمل تلك الاستثمارات على تخفيض معدلات سعر الفائدة وهذا ما يزيد من ارتفاع تقييم الشركات المستثمرة وزيادة فرص جذب الاستثمار بعد أن اثبتت السوق المصرية جدواها الاقتصادية عبر تلك الشراكات الاستراتيجية.

وكان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي ايمن سليمان قد اعلن عن تأسيس ثلاث صناديق فرعية وهي :

§       الأول : يتعلق بمجالات الطاقة والطاقة المتجددة.

§       الثاني: يختص بمجال الآثار.

§       الثالث: يتعلق بالمجال الصناعي.

وهذه الصناديق الفرعية تتطابق مع ما أعلنه المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية باسم راضي، بأن الشراكة الجديدة مع الإمارات تهدف إلى التأسيس لمشاريع استراتيجية أو صناديق متخصصة أو أدوات استثمارية عبر شركة أبو ظبي التنموية القابضة للاستثمارات في عدة قطاعات مهمة ومن أبرزها: الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والعقارات والسياحة والخدمات المالية واللوجستية والبنية التحتية وغيرها من المجالات والقطاعات التي من الممكن ان يكون هناك فيها استثمارات.

وعلى هذا الاساس، تعد الإمارات المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية في مصر على مستوى العالم وتحتل المرتبة الأولى عالميا بين أكبر الأسواق التصديرية للمنتجات المصرية، بينما تعد مصر الشريك التجاري الأول للإمارات على صعيد قارة افريقيا.

إن عقد الشراكة الاستثمارية بين الإمارات ومصر إنما جاء نتيجة لزيادة حجم التبادل التجاري بينهما الذي وصل لمعدلات غير مسبوقة وصلت بنحو ٥،٥ مليار دولار عام٢٠١٨ وهذا يعني اهتمام الجانبين بأهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والعمل على تعزيز البيئة الاستثمارية المحفزة بقصد جذب المستثمرين ودعمها في مختلف القطاعات وبما تخدم خطط التنمية والرخاء الاقتصادي لكلا البلدين.

على الصعيد السياسي

تعد العلاقات المصرية الاماراتية متينة من الناحية التاريخية وقائمة على أساس من الشراكة الاستراتيجية من أجل مواجهة التحديات الراهنة وتحقيق مصالح الشعبين المصري والإماراتي، وتعد الزيارات المتبادلة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان من علامات قوة العلاقة الثنائية بين الجانبين وتعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بينهما.

وتندرج الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي للإمارات في اطار تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي الزيارة السادسة له منذ توليه الرئاسة في صيف ٢٠١٤، وكانت آخر زيارة للرئيس المصري للإمارات في سبتمبر 2019.

تبادل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العديد من وجهات النظر حول ابرز المستجدات على الساحة العربية والإقليمية.

إن زيارة الرئيس المصري للإمارات سيكون لها وقعاً إيجابياً على مختلف القضايا العربية الراهنة وهناك تطابقاً كبيراً في وجهات النظر بين قيادتي البلدين إزاءها وبما يسهم بشكل كبير في صياغة حلول سياسية مرضية للقضايا المختلف بشأنها وبالخصوص في سوريا وليبيا ولبنان واليمن والعراق. وتأتي تلك الزيارة في أعقاب تطورات في المنطقة تمثلت في إعلان اتحادات كرة القدم في المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين قبولها المشاركة في بطَولة خليجي 24 التي ستقام في قطر على الرغم من استمرار الأزمة الخليجية.

وأكد الطرفين على ترحيبهما بمضمون اتفاق الرياض الذي تم عقده مؤخراً بين الحكومة اليمنية المتمثلة برئاسة منصور هادي عبد ربه والمجلس الانتقالي الجنوبي، مع التأكيد على دور المملكة العربية السعودية في التحضير والترتيب لذلك الاتفاق والذي سيسهم بحل مرضي لجميع اطراف الأزمة اليمنية، مع تثمين جهود الإمارات في دعم التوصل للاتفاق مع حفظ حقوق الشعب اليمني وسيادته وحفظ مصالحه واستعادة الامن والاستقرار لليمن ووقف التدخلات الاجنبية في شؤونه.

وكذلك أعرب الطرفان على قلقهما من الوضع في ليبيا وانتشار المجاميع الارهابية والميليشيات المسلحة في ليبيا في ظل الانقسام في البلاد، ويدعو جميع الأطراف السياسية لاستئناف الحراك السياسي من أجل التوصل لحل للازمة الليبية ودعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة بهذا الخصوص.

وفيما يتعلق بأزمة سد النهضة، فقد أكد الجانبان المصري والإماراتي على ارتياحهما الكبير لما آلت اليه اجتماعات واشنطن الوزارية مع التأكيد على أهمية التوصل لاتفاق يحفظ حقوق دول حوض النيل ويتفادى أي ضرر لمصالح دولها المائية، مع دعم التوصل إلى حل نهائي قبل منتصف شهر كانون الثاني ٢٠٢٠ وهو ما تم الاتفاق عليه مؤخراً.

وقد أكد الطرفان اهمية الدور الذي يقوم به الازهر الشريف في مواجهة الارهاب والتصدي له ومكافحة الارهاب ونشر مبادئ الاعتدال والوسطية والتأكيد على تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته إزاء ظاهرة الإرهاب والتطرف، وفيما يتعلق بحل النزاعات بالطرق السلمية، فقد اتفق الطرفين على أهمية حل الخلافات بين مختلف الأطراف على انتهاج الطرق السلمية لحلها ولاسيما في منطقة الخليج العربي الذي يمثل ركناً أساسياً في الاستقرار في المنطقة، وهذا الصدد يؤكد الطرفان على تجديد سيادة دولة الإمارات على الجزر الثلاث ودعوة الحكومة الإيرانية للاستجابة من أجل التوصل لحل نهائي لها وعبر المفاوضات المباشرة أو عن طريق اللجوء الى محكمة العدل الدولية.

وفيما يخص سوريا، فقد أدان الجانبان المصري والإماراتي، التدخل العسكري لتركيا في شمال سوريا بحجة مقاتلة الأكراد في المناطق الحدودية مع سوريا، مع التأكيد على أن ذلك الأمر لا يتطابق مع مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص.

ودعا الطرفان المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته بخصوص ضمان حرية الملاحة البحرية وأمنها وسلامتها وحرية الملاحة في المضائق البحرية وحماية منشآت الطاقة في الخليج العربي وخليج عمان والبحر الاحمر.

إن زيارة الرئيس المصري للإمارات ستحقق ما هدفت إليه، عبر تزايد الدعم للاستثمارات في مصر خصوصاً مع تزايد التبادل التجاري مع الإمارات وبالشكل الذي سيحقق مصالح الدولتين في التنمية والرخاء.