ينص الدستور على أن مدة عضوية مجلس النواب خمس سنوات
تبدأ من تاريخ أول اجتماع له ويجرى انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يوماً
السابقة على انتهاء مدته(1)، وقد انعقدت أول جلسة لمجلس النواب الحالى
فى 10 يناير 2016 وبناء على ذلك يتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية فى 2020 والتى
يفصلنا عنها أشهر قليلة، مما يطرح تساؤلات عديدة منها ما الإطار القانونى المنظم
لتلك الانتخابات؟ وهل يلزم إجراء تعديلات معينة ليتسق مع التعديلات الدستورية
الأخيرة؟ ما الذى نستفيده من أول تجربة برلمانية بعد ثورة 30 يونيو؟ وكيف نعزز
إيجابياتها ونتلافى سلبياتها فى البرلمان القادم؟ ما النظام الانتخابى الأنسب لكل
من مجلس الشيوخ والنواب؟ وكيف تستعد القوى والأحزاب السياسية لإجراء الانتخابات؟
وماتوقعات المشاركة السياسية للمواطنين على اختلاف شرائحهم الاجتماعية والعمرية
وتوزيعهم الجغرافى؟
أولاً - الإطار القانونى المنظم للانتخابات
البرلمانية 2020
يقوم
الإطار القانونى المنظم للانتخابات البرلمانية القادمة على خمسة أعمدة رئيسية وهى:
1- قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية
يتناول هذا القانون حق الاقتراع
ومن يحق لهم مباشرة الحقوق السياسية، وقاعدة بيانات الناخبين وكيفية القيد بها
ومراجعته وتصحيح الأخطاء، وتحديد الموطن الانتخابى، وضوابط الدعاية فى الانتخاب
والاستفتاء، واستخدام وسائل الإعلام الحكومية، وضوابط كل من التغطية الإعلامية
واستطلاعات الرأى، ودور منظمات المجتمع المدنى، ومواد لتنظيم عمليتى الاستفتاء
والانتخاب وكيفية التصويت وفرز الأصوات، وتصويت المصريين فى الخارج، وإعلان
النتائج، والحكم بشطب المترشح والتظلم من إجراءات الاقتراع والفرز، وجرائم
الانتخاب.(2)ويتطلب هذا القانون تعديلاً بحيث يتم حذف البنود الخاصة
باللجنة العليا للانتخابات فقد تم تأسيس الهيئة الوطنية للانتخابات لتحل محلها.
2- قانون مجلس النواب
يتناول تكوين المجلس وعدد
الأعضاء، وطريقة توزيع المقاعد بين نظامى الفردى والقائمة، وتقسيم الدوائر
الانتخابية، والتمثيل الملائم والمناسب لبعض المصريين، ووجوب استمرار الصفة
الانتخابية، ومدة
العضوية، وشروط الترشح وإجراءاته، والرموز الانتخابية، وعرض القوائم وأسماء
المترشحين، وتنظيم الطعن عليهم، والحق فى الحصول على بيانات الناخبين، والتنازل
والتعديل فى القوائم، وخلو مكان أحد المترشحين، ونصاب الفوز فى الانتخاب، وخلو
مكان أحد الأعضاء المنتخبين، وضوابط اختيار الأعضاء الذين يعينهم رئيس الجمهورية،
والفصل فى صحة العضوية، وحقوق وواجبات أعضاء مجلس النواب، كما تضمنت بنود القانون
الأخرى مجموعة من الأحكام المتفرقة الخاصة باستقلال ميزانية المجلس، واللائحة
الداخلية له، وتولى صلاحيات المجلس فى أحوال الحل.(3)
وفقاً لما تمت الموافقة عليه فى
التعديلات الدستورية إبريل 2019 يستلزم القانون إجراء تغييرات جوهرية من حيث
استبدال الهيئة الوطنية للانتخابات باللجنة العليا، وعدد المقاعد المخصصة للمرأة
فقد أصبحت لا تقل عن ربع إجمالى عدد مقاعد المجلس، وتقسيم الدوائر الانتخابية فقد
نصت التعديلات الدستورية 2019 على مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات وحذفت
التمثيل المتكافئ للناخبين الذى نص عليه دستور 2014، والتمثيل الملائم والمناسب
لبعض المصريين فقد اشترط الدستور التمثيل الملائم لبعض الفئات فى أول مجلس للنواب
يُنتخب بعد إقراره وترك الحرية للمشرع بعد ذلك فى الاختيار ما بين استمراره أو الاكتفاء بتطبيقه فى مجلس النواب
المنتخب عام 2015 بينما نصت التعديلات
الدستورية الجديدة صراحة على استمرار التمثيل الملائم للعمال والفلاحين، الشباب
والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج فى مجلس النواب.(4)
بإمعان
النظر فى التجربة البرلمانية بعد التغيرات السياسية المتلاحقة التى مرت بها مصر
يتبين أن ثمة نصوص فى هذا القانون تحتاج لمناقشتها مع القوى السياسية والحزبية فى
ضوء الممارسة البرلمانية والتوافق على استمرار تطبيقها أو تغييرها ومن أمثلتها ما
يلي:
· عدد الأعضاء
كان
العدد المتوقع لأعضاء مجلس النواب الحالى من المنتخبين والذى نص عليه قانون مجلس
النواب (رقم 46 لسنة 2014) هو 120 للقائمة و420 للفردى أى يبلغ 540 نائباً، وجدير
بالذكر أنه وفق قانون تقسيم الدوائر الجديد(5) والذى
أجريت الانتخابات وفقاً له بعد الحكم بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر بلغ
عدد المقاعد بالانتخاب 568 مقعدا منها 448 مقعدا فرديًا و120 مقعدًا بالقائمة وبعد
تعيين رئيس الجمهورية نسبة 5% ( 28 عضواً) بلغ عدد أعضاء مجلس النواب الحالى 596
عضواً. وقد كان التوجه حينئذ أن البرلمان يتكون من غرفة واحدة ولكن بينت الممارسة
الفعلية أن العدد الضخم لا يضمن بالضرورة كفاءة الممارسة النيابية وقد لا يتيح
فرصاً متساوية فى المناقشة بين جميع الأعضاء ويكلف الدولة أعباء مالية أكبر.
· طريقة توزيع
المقاعد بين نظامى الفردى والقائمة
يترك الدستور للمشرع حرية اختيار
النظام الانتخابى وقد جمع النظام
الانتخابى الذى طُبق فى انتخابات البرلمان الحالى عام 2015 مابين القائمة المغلقة
المطلقة (120 مقعداً)، والفردى بنظام الجولتين (448 مقعداً) وسمح للأحزاب
والمستقلين بالترشح فى أى منهما مما يستدعى التفكير هل نستمر فى نفس النظام؟ وإذا
كانت الإجابة لا فما هو النظام الانتخابى
الأنسب؟ ويمكن عرض وجهتى نظر فى هذا الإطار الأولى تؤيد استمرار نفس النظام
الانتخابى لأسباب أنه جمع بين نظامى القائمة المغلقة التى تحقق التمثيل النيابى
للفئات ذات التمييز الإيجابى التى نص عليها الدستور والفردى الذى اعتاد عليه
الناخبون والمرشحون ويسهل فيه الاختيار ومعرفة الناخبين بالمرشحين، والثانية
تفضل تغيير النظام الانتخابى لأسباب تتعلق بنصاب الفوز الذى يهدر كم كبير من
الأصوات ولا يؤدى إلى تنوع الطيف السياسى الممثل بالبرلمان.
·
نصاب الفوز فى الانتخاب
اشترط قانون مجلس النواب الفوز
بالأغلبية المطلقة التى تعنى الحصول على 50% +1 من الأصوات الصحيحة التى أعطيت فى
الدائرة الانتخابية وذلك فى كل من الفردى والقوائم وإذا لم تتحقق يتم إجراء
انتخابات الإعادة بين القوائم أو المرشحين الأعلى أصواتاً، ويفوز فى الإعادة
القائمة أو المرشح الحاصل على أعلى الأصوات. ويرى البعض أن اشتراط الأغلبية
المطلقة للفوز ضرورى للتأكد من وجود قاعدة جماهيرية للقائمة أو المرشح الفائز،
بينما يرى آخرون أن إجراء جولة الإعادة إذا لم يحصل المرشح الفردى أو القائمة على
الأغلبية المطلقة يجهد الناخبين وربما يعزفون عن الذهاب للانتخاب مرة أخرى من جانب
ويكلف الدولة أموالاً طائلة للإنفاق على جولات الإعادة من جانب آخر وبناء عليه
يقترح أن يكون الفوز بالأغلبية البسيطة.
· وجوب استمرار
الصفة الانتخابية
اشترط
القانون لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظاً بالصفة التى تم
انتخابه على أساسها فإذا فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه
أو أصبح مستقلاً أوصار المستقل حزبياً، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب
بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، رغم أن تلك المادة تضمن قدر من مصداقية النائب أمام
ناخبيه وتحافظ على شكل البرلمان دون إخلال بنسب تمثيل كل حزب إلا أنها أغفلت
الإشارة للأسباب التى تدعو العضو لتغيير صفته أو انتمائه. وحدث عملياً فى البرلمان
الراهن أن غير بعض النواب انتماءاتهم الحزبية ولم
تُتخذ إجراءات لإسقاط عضويتهم وربما يرجع ذلك لصعوبة توفر الأغلبية المطلوبة، وما
يدعو أيضاً لإعادة النظر فى شرط استمرار الصفة الانتخابية أنها وردت فى قانون مجلس
النواب لكن الدستور لم ينص عليها فى أسباب إسقاط العضوية.(6)
· تولى صلاحيات
المجلس فى أحوال الحل
نص القانون على أنه فى أحوال حل
مجلس النواب يتولى رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء أثناء فترة الحل جميع
الاختصاصات المالية والإدارية لمكتب المجلس ورئيسه، وقد يكون من المفيد إعادة
النظر فى هذا النص وتولى مجلس الشيوخ لتلك الاختصاصات بعد أن تمت الموافقة فى
التعديلات الدستورية على تشكيل البرلمان من غرفتين.(7)
3- قانون مجلس الشيوخ
استحدثت
التعديلات الدستورية إنشاء غرفة ثانية للبرلمان تحت مسمى مجلس الشيوخ مما يستلزم
اصدار قانون جديد له وفيما يلى البنود المقترحة له:
·
عدد
الأعضاء
ترك
الدستور للمشرع تحديد عدد أعضاء مجلس الشيوخ واشترط أن لا يقل عن 180 عضواً.
·
تشكيل
المجلس
يجمع
المجلس فى تشكيله بين الانتخاب والتعيين حيث ينتخب ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ
بالاقتراع العام ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقى، وخلافاً لما هومطبق فى مجلس
النواب لا يتضمن مجلس الشيوخ تمييزاً إيجابياً لتمثيل أى فئة من الفئات المجتمعية.
·
مدة
العضوية
حددت
التعديلات الدستورية مدة عضوية مجلس الشيوخ بخمس سنوات، تبدأ من تاريخ أول اجتماع
له، ويجرى انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته.(8)
·
شروط
الترشح
يشترط
فيمن يترشح لعضوية مجلس الشيوخ أو من يعين فيه أن يكون مصرياً، متمتعاً بحقوقه
المدنية والسياسية، حاصلاً على مؤهل جامعى أو ما يعادله على الأقل، وألا يقل سنه
يوم فتح باب الترشح عن خمس وثلاثين سنة ميلادية(9). يلاحظ هنا اشتراط
المؤهل الجامعى بينما فى مجلس النواب اكتفى بحصول المترشح على شهادة إتمام التعليم
الأساسى على الأقل وارتفع سن الترشح إلى 35 سنة بينما ينخفض فى مجلس النواب إلى 25
سنة (10)، ويفسر ذلك بالهدف من إنشاء غرفة ثانية للبرلمان وهو أن تكون
مجلساً للخبراء تضم الخبرات العلمية والعملية والقامات المجتمعية والشخصيات العامة
للاستفادة من خبراتها وآرائها.
·
طريقة
توزيع المقاعد بين نظامى الفردى والقائمة
لم
تنص التعديلات الدستورية على الأخذ بنظام انتخابى معين وسمحت باختيار النظام الانتخابى
الفردى أو القائمة أو الجمع بأى نسبة بينهما، وترى الورقة أنه أياً كان النظام
المطبق فلا داعى للأخذ بالقائمة المغلقة المطلقة لأنها ستهدر عدد كبير للغاية من
الأصوات الصحيحة كما أن مجلس الشيوخ لن يكون به تمييز إيجابى لفئات معينة فالأفضل
هنا تطبيق نظام يسمح بتنوع الخبرات المنتخبة التى قد لا تأتى إذا اشترط نصاب مرتفع
لفوز المرشح.
·
حظر
الجمع بين عضوية المجلسين
جاء
النص الدستورى صريحاً أنه لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ ومجلس النواب.(11)
·
مسئولية
الحكومة
الحكومة
مسئولة فقط أمام مجلس النواب فرئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم من أعضاء
الحكومة غير مسئولين أمام مجلس الشيوخ.(12)
·
صلاحيات
المجلس
جاءت صلاحيات مجلس الشيوخ فى مجملها ذات طابع
استشارى فهو يختض بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوطيد دعائم الديمقراطية، ودعم
السلام الاجتماعى، والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا، والحقوق والحريات
والواجبات العامة، وتعميق النظام الديموقراطى وتوسيع مجالاته. ويؤخذ رأيه فى كل من
: الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة
للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي
تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى
تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس
من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو
الخارجية. ويبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب.(13)
·
الأدوات
الرقابية لمجلس الشيوخ
تم
تحديدها فى أداتى طلب المناقشة العامة ويقدمه 20 عضواً من المجلس على الأقل
لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه، والاقتراح برغبة فى موضوع عام ويقدمه عضو واحد دون
غيرهما من أدوات الرقابة البرلمانية. باعتبارها أدوات يغلب عليها طابع التعاون
أكثر من جانب الاتهام والمسئولية لأن الحكومة غير مسئولة أمام مجلس الشيوخ كما
سبقت الإشارة.
·
اللائحة
الداخلية
يضع
مجلس الشيوخ لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه، وكيفية ممارسته لاختصاصاته
والمحافظة على النظام داخله(14). يضاف إلى ذلك مجموعة المواد التى تنظم
توقيت انعقاد المجلس، وتفرغ العضو لمهام العضوية، والقسم الذى يؤديه، والمكافأة
التى يتقاضاها، واختصاص محكمة النقض بالفصل فى صحة العضوية، وخلو مكان أحد
الأعضاء، وحقوق وواجبات العضوية، والأسباب التى تستدعى إسقاطها، والأغلبية
المطلوبة لتمرير قرارات المجلس، والعلاقة بين المجلس والسلطة التنفيذية.(15)
4- قانون تقسيم الدوائر الانتخابية
تسرى أحكام هذا القانون فقط على
انتخابات مجلس النواب المنتخب عام 2015 وكل انتخاب تكميلى لها (16)،
ومن ثم يجب أن يتضمن القانون الجديد تقسيم الدوائر الانتخابية فى انتخابات برلمان
2020 لكل من مجلس النواب (الفردى والقائمة إذا تم الأخذ بالنظام المختلط)، ومجلس
الشيوخ (فردى أو قائمة أو كلاهما حسب النظام المطبق). ترى الورقة أن تقسيم الدوائر
سيكون أسهل مما كان عليه الحال من قبل، لأن التص الدستورى بعد التعديل اشترط
مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات وحذف التمثيل المتكافئ للناخبين والذى
كان سبباً فى حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم
دستورية المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر والمتعلقة بتحديد نطاق الدوائر
الانتخابية وعدد المقاعد المخصصة لها. واستند الحكم إلى
أن هناك إخلالاً بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص بين الناخبين والمرشحين عند تقسيمه
الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى، وذكرت حيثيات الحكم 13 مثالاً لوجود
تفاوت بين دوائر داخل محافظة واحدة فى الوزن النسبى للصوت الواحد وأن القانون لم
يلتزم بقاعدتى التمثيل العادل للسكان والتمثيل المتكافئ للناخبين مما أدى إلى
تفاوت الوزن النسبى للمواطنين باختلاف الدوائر دون أى مبرر موضوعي.(17)
5- قانون الهيئة الوطنية للانتخابات
تعد الانتخابات القادمة أول
انتخابات برلمانية تديرها الهيئة الوطنية للانتخابات فقد أدارت منذ نشأتها سنة
2017 استحقاقين فقط هما الانتخابات الرئاسية 2018 والإستفتاء على التعديلات
الدستورية 2019. ولا يحتاج هذا القانون(18) أى تعديلات وبموجبه تم
إنشاء الهيئة وهى مستقلة لها شخصية اعتبارية تتمتع بالاستقلال الفنى والمالى
والإدارى تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات وتنظيم جميع العمليات
المرتبطة بها وتعمل على ضمان حق الاقتراع لكل ناخب والمساواة بين جميع الناخبين
والمترشحين خلال الاستفتاءات والانتخابات ولا يجوز التدخل فى أعمالها أواختصاصاتها.
تتكون من مجلس إدارة الهيئة وتشكيله قضائى، والجهاز التنفيذى الدائم.(19)
ثانياً- الإطار السياسى المحيط للانتخابات
البرلمانية 2020
أ-
أداء مجلس النواب
تشير القراءة العامة فى الأداء البرلمانى خلال الأربع
أدوار انعقاد الماضية إلى ممارسة مجلس النواب للتشريع والرقابة تجاه القضايا
المجتمعية الكبرى التى واجهت مصر خلال تلك الفترة الدقيقة من تاريخها وتعد أبرز
التشريعات التى أقرها المجلس : القرارات بقوانين التى صدرت قبل انعقاده (وافق على
341 من إجمالى 342)، اللائحة الداخلية للمجلس، ومشروع قانون بناء الكنائس(20)،
والاستثمار، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وزيادة المعاشات ،الخدمة المدنية،
التنظيم المؤسسى للصحافة والإعلام، الرياضة، تعديل قوانين الإجراءات الجنائية
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والكيانات الإرهابية(21)، تعديل بعض
أحكام قانون سوق رأس المال، وحماية المستهلك، وهيئة تنمية الصعيد، وحقوق الأشخاص
ذوى الإعاقة، وتعديل قانون المواريث، مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الهيئة
الوطنية للصحافة، الهيئة الوطنية للإعلام، التأمين الصحى الشامل، إنشاء صندوق تكريم
شهداء وضحايا ومفقودى ومصابى العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم، إنشاء
المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف(22)، تعديل قانون الضريبة على
الدخل، تعديل بعض احكام قانون التموين وقانون حماية المنافسة ومنع
الممارسات الاحتكارية، تعديل قانون الضريبة على
العقارات، تعديل قانون الثروة المعدنية، تعديل قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز، تعديل قانون مزاولة
مهنة الطب، تعديل قانون تنظيم الجامعات، تعديل قانون مكافحة
المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، تعديل قانون الأسلحة والذخائر .
قانون
التصالح في مخالفات البناء، تنظيم ممارسة العمل الأهلى، قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى، قانون
انشاء جهاز تنظيم النقل البرى الداخلى والدولى، قانون
انشاء هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكارواقتراح التعديلات الدستورية.(23)
أما بالنسبة لتشكيل اللجان الخاصة فقد زارت لجنة المناطق الحدودية، وأخرى المحافظات
المتضررة من أزمة السيول، وثالثة سجن برج العرب، كما تم تشكيل لجنة تقصى الحقائق
فى وقائع فساد توريع القمح(24)، وزيارات ميدانية لمصابى الأحداث
الإرهابية .
كان للمجلس نشاطاً ملحوظاً فى الدبلوماسية البرلمانية
على صعيد عدد الوفود الزائرة مثل وفد أصدقاء مصر فى البرلمان البريطانى، ومجلس
المستشارين اليابانى، ومجموعة الصداقة البحرينية المصرية، والزيارات التاريخية
لرؤساء وملوك الدول مثل العاهل السعودى ورؤساء الصين، وفرنسا، والبرتغال، والعراق،
ومقدونيا، وتوجو، ورئيس وزراء تونس، ورئيس مجلس الأمة الكويتى، وكل من رئيس مجلس
النواب العراقى والمغربى، ورئيس برلمان سيرلانكا، ونائب وزير الخارجية اليابانى،
ووزير خارجية أوكرانيا، وسفراء الاتحاد الأوربى، ورومانيا وكندا وإيطاليا
والإمارات، وكازخستان، وكوريا الجنوبية، ودول أمريكا اللاتينية، ووفد الحزب الشيوعى
الفيتنامى.
أما
على صعيد الوفود البرلمانية المرسلة فقد سافرت وفود إلى البحرين وروسيا والمجر وجورجيا وروما وألمانيا،
والولايات المتحدة وبروكسل لزيارة البرلمان الأوربى، ومقر حلف الناتو، علاوة على
المشاركة فى أعمال الاتحاد البرلمانى الدولى(25)، والجمعية البرلمانية
للاتحاد من أجل المتوسط، والاتحاد البرلمانى الأفريقى، والاتحاد البرلمانى العربى.
ويمكن الإشارة إلى عدة ملاحظات بشأن أداء المجلس كما يلى:
· محدودية المبادرة بتقديم
تشريعات
يتضح دور الحكومة فى تقديم
مشروعات القوانين وليس مجلس النواب الذى قام بمناقشتها فقط(26).
محدودية الدور الرقابى
لم يتم استخدام أداه الاستجواب إطلاقاً حتى بدء دور الانعقاد الخامس من جانب أى حزب أو
ائتلاف رغم تقديم عدد من النواب لطلبات الاستجواب ولكن بعضها سقط بالتقادم والآخر
لم يدرج على جدول أعمال المجلس. وهناك أهمية أن تصبح الأولية الأولى
هى الدور الرقابى أكثر من التشريعى لضمان كفاءة تنفيذ ما صدر من تشريعات وقرارات.
· إعاقة عمل النواب
ينتقد بعض أعضاء البرلمان الحكومة بسبب الغياب عن
الجلسات التى يتم فيها استدعاؤهم خاصة على مستوى اللجان النوعية وسقوط
الاستجوابات، على سبيل المثال قد شهد دور الانعقاد الثانى تكرارا مستمرًا لظاهرة
غياب الوزراء وهو ما تسبب فى إسقاط ما بين ١٠ و١٥ استجوابًا بالتقادم.
· محدودية بعض النتائج
يلاحظ أن مناقشة بعض طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة بالبرلمان تتم
بشكل صورى ولا تخرج بنتائج ملموسة، نظرا لغياب الوزراء عن اجتماعات اللجان
والجلسات العامة المخصصة لمناقشتها او لعدم استجابة الحكومة لتلك الطلبات من
الأساس.
· استمرا الدور الخدمى
للنواب فى ظل غياب المحليات
قام بعض النواب بأداء دور خدمى لأهالى دوائرهم في ظل
غياب المحليات المنوط بها هذا الدور بعد الحكم القضائى بحل المجالس المحلية عام
2011.(27)
· إغفال نشر تقارير الأجهزة
الرقابية للرأى العام وفق نص الدستور(28).
· تأخر إصدار بعض التشريعات
مثل قانون الإدارة المحلية مما ترتب عليه تأخر إجراء الانتخابات المحلية.
· عدم الالتزام بتخصيص النسب
المقررة فى الدستور للانفاق الحكومى على التعليم والصحة فى الموازنة العامة.
ب-
المشهد الحزبى الراهن
تغير الإطار الدستورى والقانونى المنظم للعمل الحزبى
بعد سقوط النظام السياسى السابق على 25 يناير مما أدى لظهور أحزاب جديدة بمرجعيات مختلفة وأصبح
عددها الآن ما يقارب المائة حزب مقابل 24 حزباً رسمياً فقط قبل 25 يناير(29).
وتم تعديل الإطار القانونى المنظم لها وقد اشتملت تعديلات قانون الأحزاب عام
2011على: إلغاء الدعم المقدم للأحزاب سنوياً، وإلغاء لجنة شئون الأحزاب وأن يستبدل
بها هيئة قضائية، وتأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار، اشتراط 5
آلاف توكيل
رسمى لإنشاء حزب جديد وفتح عضوية الأحزاب للمجنسين بالجنسية المصرية منذ 5 سنوات
بدلاً من 10سنوات، وضع عبارات وصياغات أكثر دقة من القانون السابق للأحزاب
السياسية(30). وجاء دستور 2014 بنصوص متقدمة فيما يخص الأحزاب ومن
أهمها أن يقوم النظام السياسى على
أساس التعددية السياسية والحزبية(31)، ولأول مرة نص الدستور على دور للأحزاب
فى تشكيل الحكومة وذكر "يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، بتشكيل
الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء
مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس
الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب(32). وكانت تلك النصوص الدستورية
والقانونية محل ترحيب وتوافق الأحزاب السياسية بقدر كبير.
رغم كل هذه التطورات والضمانات الدستورية إلا أن الخريطة
الحزبية بعد ثورة 30 يونيو مازالت تتسم بالنخبوية، وافتقاد الممارسة الداخلية
للديمقراطية، استمرار مشكلة ضعف الأحزاب على الأرض والتشظى الحزبى(33)،
والصراعات الداخلية، ومحدودية المساهمة فى صياغة السياسات العامة، وممارسة بعض
الأحزاب لدور اجتماعى وتوزيع
المساعدات المالية أو العلاج أو توزيع مواد غذائية(34) أو تنظيم معارض
لمستلزمات الدراسة(35)
لاكتساب رضا
المواطنين مما يسهم فى إعادة إنتاج ما قامت به تيارات سياسية قبل الثورة بشراء
إرادة الفقراء بالزيت والسكر.
لقد
رسمت الانتخابات البرلمانية عام 2015
خريطة حزبية جديدة أسفرت عن
فوز 19 حزب، ونجحت معظمها فى جذب وتمويل مرشحين أقوياء مقابل الانضمام لها وخوض
الانتخابات باسمها فنسبة النواب الحزبيين فى البرلمان42,8 %.(36) ويظهر
أيضاً التواجد القوى لرجال الأعمال فى عدة أحزاب مثل المصريين الأحرار، والوفد،
ومستقبل وطن، والحرية المصرى، والمحافظين، والشعب الجمهورى، ومصر الحديثة(37)
مما يسهم فى حل مشكلات التمويل مقارنة بالأحزاب الأخرى.
الأحزاب
ذات التمثيل البرلمانى هى: المصريين الأحرار 65 مقعدًا، وحزب مستقبل وطن 53 مقعدًا، وحصد حزب الوفد
الجديد36 مقعدًا
وحزب حماة وطن 18 مقعداً، بينما فاز حزب الشعب الجمهورى بعدد 13 مقعد، وحزب
المؤتمر 12 وفاز حزب النور بعدد 11 مقعد، وحزب المحافظين 6 مقاعد، والسلام
الديمقراطى 5 مقاعد، وحزب المصرى الديمقراطي الاجتماعى 4 مقاعد، والحركة الوطنية 4
مقاعد، ومصر الحديثة 4 مقاعد، والإصلاح والتنمية 3 مقاعد، ومصر بلدى 3، والحرية 3،
والتجمع 2 مقعد، مقعد واحد لكل من الناصرى
والصرح المصرى وحراس الثورة(38). وقد طرأت بعض التغيرات على تلك
النتائج مثل استقالة بعض النواب من
أحزابهم والانضمام إلى أخرى أو تغيير صفتهم إلى مستقل(39)، وإسقاط
العضوية عن نائب من حزب الإصلاح والتنمية(40)، ونائبة لصدور حكم قضائى ضدها
لإدانتها بارتكاب
جناية التفالس بالتدليس(41) وفوز نائب من حزب مستقبل وطن فى الانتخابات
التكميلية فى دائرة تلا بالمنوفية(42).
ج- أهمية البرلمان الجديد
يبين
تحليل النصوص الدستورية أن طبيعة نظام الحكم مختلط ويتمتع كل من البرلمان والرئيس
بصلاحيات قوية، نص الدستور على أن نص
الدستور على أن يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة
للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة،
ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية(43) ومن صلاحياته أيضاً
يجوز له أن يعدل النفقات الواردة فى مشروع الموازنة عدا التى ترد تنفيذاً لالتزام
محدد على الدولة، و وتجب موافقته على نقل أى مبلغ من باب إلى آخره من أبواب
الموازنة العامة وعلى كل مصروف غير وارد بها أو زائد على تقديراتها(44).
ويجب عرض الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة على مجلس النواب خلال مدة لا تزيد
على ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية ويعرض معه التقرير السنوى للجهاز
المركزى للمحاسبات وملاحظاته على الحساب الختامى(45). ولا يجوز للسلطة
التنفيذية الاقتراض أو الحصول على تمويل أو الارتباط بمشروع غير مدرج فى الموازنة
العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة إلا
بعد موافقة مجلس النواب(46). ويعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات
المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة
مجلس النواب بأغلبية أعضائه(47)، وتقدم الهيئات المستقلة والأجهزة
الرقابية تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء
فور صدورها، وعلى مجلس النواب أن ينظرها ويتخذ الإجراء المناسب حيالها(48)،
ويجوز لخمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور(49).
أما
فيما يتعلق بالرقابة البرلمانية، لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن
يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم أسئلة فى أى
موضوع يدخل فى اختصاصاتهم، وعليهم الإجابة عن هذه الأسئلة فى دور الانعقاد ذاته(50).
ولكل عضو فى مجلس النواب حق توجيه استجواب لرئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد
الوزراء أو نوابهم لمحاسبتهم عن الشؤون التي تدخل فى اختصاصاتهم(51).
لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه
أو أحدالوزراء أو نوابهم(52)، ويجوز لعشرين عضوًا من مجلس
النواب على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه(53).
لكل عضو من أعضاء مجلس النواب إبداء اقتراح برغبة في موضوع عام إلى رئيس مجلس
الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو
نوابهم(54). لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يقدم طلب إحاطة أو بيانًا
عاجلاً إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد
نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم فى الأمور العامة العاجلة ذات الأهمية(55).
لمجلس النواب أن يشكل لجنة خاصة، أو يكلف لجنة من لجانه بتقصى الحقائق فى موضوع
عام أو بفحص نشاط إحدى الجهات الإدارية أو الهيئات العامة أو المشروعات العامة(56)،
ويكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور أو بالخيانة العظمى أو أية
جناية أخرى بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل(57) ويجوز
لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة
بناءً على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل وموافقة ثلثى أعضائه(58).
ثالثاً-
عوامل تعزيز المشاركة السياسية فى الانتخابات البرلمانية 2020
تعد
الانتخابات البرلمانية القادمة الاستحقاق الانتخابى الثانى عشر منذ ثورة 25 يناير
وتفاوت الإقبال على المشاركة فى تلك الاستحقاقات. كانت أعلى نسبة مشاركة انتخابات
مجلس الشعب 2011 بلغت 54% بينما أتت أدنى نسبة لانتخابات مجلس الشورى
2012(12,75%). ويبين الرسم
التالى تطور نسب المشاركة فى كل الاستحقاقات الانتخابية التى أجريت بعد تغيير
النظام السياسى فى25 يناير: