المركز العربي للبحوث والدراسات : استراتيجيات التنظيمات الإرهابية في توظيف الوسائل الإعلامية (طباعة)
استراتيجيات التنظيمات الإرهابية في توظيف الوسائل الإعلامية
آخر تحديث: الجمعة 02/08/2019 04:20 م د. شريف درويش اللبان - د. نهى إبراهيم محمد
استراتيجيات التنظيمات

أولت التنظيمات الإرهابية الإعلام التقليدي ووسائطه الجديدة أهمية قصوى في الترويج لأطروحاتها الإيديولوجية فكريًا وعسكريًا وسياسيًا، فسعت تلك التنظيمات إلى تمرير رسائل مباشرة وغير مباشرة عبر المحتوى الإعلامي الذي قدمته عبر المنصات المختلفة سواء كان هذا المحتوى مكتوبًا أو مسموعًا أو مرئيًا. وقد أدركت تلك التنظيمات خطورة وأهمية الحرب الإعلامية، فقامت بتدعيم صفوفها بجيلٍ محترف من الإعلاميين فضلاً عن مؤيدي التنظيم من الشباب أصحاب الخبرات التقنية المتميزة، لتنجح تلك التنظيمات خلال فترة وجيزة في فرض نفسها وأفكارها إعلاميًا، هذا التواجد الإعلامي لهذه التنظيمات يفرض علينا دراسة  كيفية توظيفها لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة بأدواتها التفاعلية لخدمة أهدافها في حربها الفكرية والإعلامية لتحقيق الانتشار والتأثير الأيدلوجي على الجمهور المستهدف وكسب أرضية من التعاطف أو التأييد لدى الرأي العام، فهذه التنظيمات تدرك تمامًا الدور الذي يمارسه الإعلام في جعل تنظيمها عابرًا للحدود، فضلاً عن صناعة شعبية افتراضية تفوق الواقع.  

وسعت هذه الدراسة للتعرف على استراتيجيات التنظيمات الإرهابية في توظيف وسائل الإعلام الجديدة والتقليدية لتحقيق أهدافها والتعرف على المضامين المقدمة بالوسائل الإعلامية التقليدية والجديدة لتلك التنظيمات وأهدافها التواصلية وعوامل الابراز الفني للمحتوى المقدم عبر المنصات المختلفة، والتعرف  على الأشكال الإعلامية للمحتوى المقدم من قبل التنظيمات المتطرفة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ودراسة مدى الترابط الاتصالي بين الأدوات الإعلامية المختلفة لكل تنظيم من التنظيمات محل الدراسة، والتعرف علي معايير طرح محتوى إعلامي معين عبر إحدى الأدوات الإعلامية سواء التقليدية أو الجديدة بما يتناسب مع طبيعة كل وسيلة إعلامية (صحف – مواقع إلكترونية – تويتر – يوتيوب) والهدف المرجو تحقيقه؛ حيث تقدم هذه المضامين رسائل غير المباشرة ترسم صورةً كاملة للتنظيم وقادته وأفراده والمناطق التي يقع بها الصراع، بالإضافة لتوصيف للأوزان النسبية لوسائل الإعلام الجديدة والتقليدية بحسب أهميتها لدى التنظيمات محل الدراسة.

استخدمت الدراسة أداة تحليل المضمون للتعرف على الأهداف الاتصالية للتنظيمات الإرهابية والأشكال الإعلامية المستخدمة في تقديم المحتوى الإعلامي لهم، ومدى الترابط الاتصالي بين الوسائل المختلفة لكل تنظيم من التنظيميْن محل الدراسة وهما "داعش" و"جبهة النُصرة"، وامتدت الدراسة التحليلية في الفترة من يناير حتى مارس 2018، خضعت خلاله وسائل الإعلام التابعة للتنظيميْن للتحليل.

وقد تم تحليل جميع المواد الإعلامية التي تم نشرها عبر القنوات المختلفة لتنظيميْ الدراسة خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى تحليل جميع أعداد مجلة "دابق" الصادرة عن تنظيم "داعش"، علاوة على وسائل الإعلام الأخرى التابعة لتنظيميْ الدراسة، وشهدت فترة التحليل صعوباتٍ كبيرة بسبب عمليات الحذف والاغلاق المستمرة التي اتبعتها المواقع الكبرى لتقليل المحتوى المتطرف عبر شبكة الإنترنت.

إجمالي عدد الموضوعات التي تم تحليلها

كان إجمالي عدد الموضوعات الخاصة بتنظيم "داعش" 2082 موضوعًا، بواقع 297 (14.26%) مادة بوسائل الاعلام التقليدية عينة الدراسة و1785 بنسبة 85.7% بوسائل الإعلام الجديدة عينة الدراسة، وجاءت المواقع الإلكترونية في المرتبة الاولي من حيث توظيفها من قبل تنظيم "داعش" بنسبة 48.8% يليها تويتر بنسبة 33.6% ثم وسائل الإعلام التقليدية بنسبة 14.26% ويأتي في المرتبة الأخيرة "يوتيوب" بنسبة 3.65%.

وكان إجمالي عدد الموضوعات الخاصة بتنظيم "جبهة النُصرة" والتي تم تحليلها خلال فترة الدراسة 498، بواقع 139 (28%) مادة بوسائل الإعلام التقليدية، وجاء "تويتر" في المرتبة الأولي من حيث توظيفه من قبل التنظيم بنسبة 45% يليه وسائل الإعلام التقليدية بنسبة 28% ثم المواقع الإلكترونية بنسبة 15.5% ويأتي في المرتبة الأخيرة "يوتيوب" بنسبة 11.5%.

ويتضح لنا أن موقع "يوتيوب" جاء في المرتبة الأخيرة من حيث قدرة التنظيمات الإرهابية موضع الدراسة على توظيفه لنشر محتواها الإعلامي، وهو ما يشير إلى قوة الإجراءات التي اتبعها الموقع لحذف المحتوى الإعلامي لتلك التنظيمات، وإغلاق وحظر قنواتهم الإعلامية لمنع وصول المحتوى للجمهور، وهو ما حاولت تلك التنظيمات التغلب عليه بنشر المحتوى عبر حسابات مختلفة بأسماء وهمية بعد تعرض قنواتها الرسمية للحذف، ويجب هنا أن نشير أنه في وقت سابق كان "يوتيوب" و"تويتر" يُعَدان المنصات الإعلامية الأكثر استغلالاً من قبل التنظيمات الإرهابية، وخاصةً في السنوات الأولي لانطلاقها في الفترة من 2014-2016 تقريبًا، ويعد تراجعهما ضمن توصيف الأوزان النسبية لوسائل الإعلام الجديدة والتقليدية لتنظيميْ الدراسة أمرًا خارج عن إرادة كلا التنظيميْن نتيجة للإجراءات الحازمة التي اتخذها هذان الموقعان بهدف تحجيم نشر المحتوى المتطرف لجمهورها، فيجب أن نشير إلي أن المكافحة الإلكترونية التي شنتها إدارات مواقع التواصل الاجتماعي؛ إضافة إلى هجمات القرصنة الإلكترونية لمواقع "داعش" أدت إلى انخفاض استخدام التنظيم بشكل كبير لمواقع التواصل الاجتماعي، مما ساعد بشكل فعال تقليص فعالية الآلة الإعلامية للتنظيم، ففي أوائل العام 2016 أعلن "تويتر" عن تعليق 125 ألف حساب معظمها تابع لتنظيم "داعش".

وعقب مضي ستة أشهر من تعليق الحسابات المُشَار إليها سابقًا؛ علق "تويتر" 235 ألف حساب آخر، ونستطيع أن نقول أن الشركة علقت في الفترة ما بين يوليو 2015 ويوليو 2016، ما لا يقل عن 360 ألف حساب، وفى 20 يوليو من العام 2017، أعلن "يوتيوب" أنه بدأ استخدام تقنية Jigsaw التي تعمل ضد التطرف والعنف والمضايقات عبر الإنترنت، والهجمات ضد حرية التعبير وغير ذلك، وتسمى هذه التقنية بـطريقة إعادة التوجيه حيث تقوم على توجيه أي شخص يبحث عن مقاطع فيديو ذات محتوى متطرف إلى مقاطع الفيديو التي تواجه المتطرفين ولديها رسالة مضادة؛ فعندما يبحث أحد الأشخاص على «يوتيوب» عن كلمات رئيسة معينة، يُوجه المستخدم إلى قائمة من مقاطع الفيديو التي تتضمن محتوى يعارض التطرف والإرهاب.

قائمة الموضوعات بالوسائل الإعلامية لتنظيميْ الدراسة

بالنسبة لتنظيم "داعش"، جاءت أخبار المقاتلين والمعارك التي يخوضها التنظيم في المركز الأول بنسبة 30%، يليها أخبار العمليات التفجيرية والاغتيالات بنسبة 15.2%، ثم الترويج لإصدارات التنظيم والحسابات والمواقع البديلة بنسبة 11.9%، وجاء في المرتبة الرابعة الدعوة للجهاد والانضمام للتنظيم ونشر أخبار الجماعات المبايعة للتنظيم والمنضمة له بنسبة 10.2%، وفي المرتبة الخامسة أخبار ما يُسمى بـ "الولايات" التي تقع تحت سيطرة التنظيم والمعيشة بها وإقامة الحدود الشرعية بنسبة 8.9%، ثم تداول فتاوى شرعية وأحاديث نبوية تدعم الأعمال التي يقوم بها التنظيم وتبرر شرعيتها  بنسبة 8.3%، يليها نشر أخبار منفذي العمليات التفجيرية بنسبة 6%، ثم اخبار الأسرى بنسبة 5.6%، وجاءت أخبار التنظيم والقادة بنسبة 4%، وجاء في المرتبة الأخيرة تعليمات أمير التنظيم وقادة "الولايات".

ولم تختلف قائمة الموضوعات بالإعلام التقليدي والجديد الخاص بتنظيم "جبهة النُصرة" عن تنظيم "داعش"، حيث جاءت أخبار المقاتلين والمعارك التي يخوضها التنظيم في المرتبة الاولي أيضًا بنسبة 28.8%، يليها أخبار "الولايات" التي تقع تحت سيطرة التنظيم والمعيشة بها وإقامة الحدود الشرعية بنسبة 18%، ثم أخبار العمليات التفجيرية والاغتيالات بنسبة 13%، ثم تداول فتاوى شرعية وأحاديث نبوية تدعم الأعمال التي يقوم بها التنظيم وتبرز شرعيته بنسبة 11.6%، يليها تعليمات أمير التنظيم وقادة الولايات بنسبة 6.8%، وجاءت الدعوة للجهاد والانضمام للتنظيم ونشر أخبار الجماعات المبايعة للتنظيم والمنضمة له وأخبار القادة في مرتبة واحدة بنسبة 5.8%، يليها أخبار الأسري بنسبة 4.4%، ثم أخبار منفذي العمليات التفجيرية بنسبة 3.4%، وفي المرتبة الأخيرة جاء الترويج لإصدارات التنظيم والحسابات والمواقع البديلة بنسبة 2.4%.

وتشير النتائج السابقة إلى اتفاق أولويات القضايا لكلا التنظيميْن من حيث الاهتمام بنشر أخبار المقاتلين والمعارك التي يخوضها التنظيم، ثم اختلفت فيما بعد ، حيث أعطى تنظيم "داعش" أولوية للترويج لإصدارات التنظيم والحسابات والمواقع البديلة، ويرجع ذلك للسياسة الإعلامية الترويجية التي اتبعها التنظيم لمواجهة الحملة القوية التي تعرض لها من قِبَل المواقع الكبرى لحذف المحتوى الإعلامي الخاص به بعد أن حقق نجاحًا لافتًا في فتراتٍ سابقة، كما اهتم "داعش" بالدعوة للجهاد والانضمام للتنظيم ونشر أخبار الجماعات المُبَايّعَة للتنظيم والمُنْضَمَة له، بينما أعطى "جبهة النُصرة" الأولوية لأخبار الولايات التي تقع تحت سيطرة التنظيم والمعيشة بها، وإقامة الحدود الشرعية، ولتداول فتاوى شرعية وأحاديث نبوية تبرز شرعيته، في محاولة واضحة للتشكيك في عقيدة تنظيم "داعش" وانتقاد تصرفات قادة التنظيم.

نطاق التغطية الجغرافية للمحتوى المقدم

بالنسبة لنطاق التغطية الجغرافية للمحتوى الإعلامي الخاص بتنظيميْ الدراسة؛ ففيما يتعلق بتنظيم "داعش" جاءت سوريا بالمركز الأول بنسبة 30.5%، وهو ما يعد مؤشرًا طبيعيًا حيث تُعَدُ سوريا من أكبر مناطق تمركز التنظيم بعد نشأته بالعراق، وجاءت العراق بالمرتبة الثانية بنسبة 28.3%، واحتلت دول وسط آسيا (أفغانستان، تركستان، كازاخستان، طاجيكستان، تركمنستان وأوزبكستان ) بنسبة 21.9% وهو ما يشير لنشاط التنظيم في هذه المناطق، والتي تُعَدُ منطقة ولادة تنظيم "القاعدة"، وجاءت مصر في المرتبة التالية بنسبة 10.2% وهو ما يعتبر مؤشرًا منطقيًا، حيث صادفت الفترة التحليلية فترة العملية الشاملة (سيناء 2018) التي قادتها القوات المسلحة المصرية  في شمال سيناء ضد عناصر التنظيم، والتي بدأت في التاسع من فبارير 2018 في شمال ووسط سيناء ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير لصحراوي غرب وادي النيل بهدف السيطرة على المنافذ الخارجية للإرهابيين، وجاءت في المرتبة التالية دول أوروبا وأمريكا بنسبة 7.3%، وفي المرتبة قبل الأخيرة جاءت ليبيا بنسبة 1.6% يليها اليمن بنسبة 1%، أما بالنسبة لمحيط التغطية الجغرافية للمحتوى الإعلامي الخاص بتنظيم "جبهة النُصرة" فجاء بنسبة 100% في سوريا حيث تُعَدُ سوريا منطقة التمركز الوحيدة للتنظيم.

القيم الخبرية للمحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة

وفيما يتعلق بالقيم الخبرية للمحتوى الإعلامي المقدم من قِبَل تنظيميْ الدراسة، اتفق التنظيمان في تصعيد قيمة الصراع والعنف التي جاءت في المرتبة الأولي مقارنةً ببقية القيم الخبرية بنسبة 70.3% بالنسبة لتنظيم "داعش" و43.4% بالنسبة لتنظيم "جبهة النُصرة". وبالنسبة لتنظيم "داعش تلت قيمة الصراع والعنف قيمة الأهمية بنسبة 9.2%، ثم الجِدَة والحداثة بنسبة 8.9%، ثم الضخامة بنسبة 6.9%، ثم القُرب والمكانة بنسبة 2.6%، ويليه الشهرة بنسبة 1.5%، وفي المرتبة الأخيرة جاءت قيمة الغرابة بنسبة 6.%، أما بالنسبة لتنظيم "جبهة النُصرة" فجاء بعد قيمة الصراع والعنف قيمة القُرب والمكانة بنسبة 30.3%، ثم الجِدَة والحداثة 16.6%، ثم قيمة الشهرة بنسبة 5.4%، يليها في المرتبة الأخيرة قيمة الأهمية بنسبة 4.3%.

ويتضح من النتائج السابقة تصاعد قيمة الصراع والعنف في المحتوى الإعلامي لتنظيميْ الدراسة وهو أمرٌ متوقعٌ بشكلٍ كبير، حيث تعمدت تلك التنظيمات الإرهابية نشر صور القتلى والجرحى من الجانبيْن سواء بنشر صور القتلى في صفوف العدو لتؤكد على قوة التنظيم وبطشه ونجاحه في إحداث إصابات داخل صفوف العدو، أو بنشر صور للقتلى والجرحى من أهالي المناطق التي يقوم العدو بضربها وقصفها لإظهار وحشيتهم وتقديم مبرر لأعمال العنف التي يقوم بها التنظيم ردًا على تلك الأفعال وانتقامًا للمسلمين في كل بقاع الأرض في محاولة لإظهار التنظيم علي أنه حامي الشريعة والمدافع عن مسلمي العالم.

كما يجب الإشارة هنا إلى أن إعلاء قيمة العنف بنشر صور الرؤوس المقطوعة والمنفصلة عن الأجساد هى من جعلت هذه التنظيمات تنجح من البداية في لفت انتباه وسائل الاعلام العالمية، بل وإثارة فضولها بانتظار إصداراتها وأخبارها، فعلى سبيل المثال يمكننا القول إن من الأمور التي استدعت الاهتمام الإعلامي لإصدارات "داعش" طريقة عرض تنظيم "داعش" للرهائن وذبحهم، حيث ظهور الرهينة قبل ذبحه مستسلمًا وهادئًا ورابط الجأش، وهذا ما أثار كثيرًا من التساؤلات بشأن الهدوء الذي يتمتع به الضحية قبل أن يواجه مصيره. وكانت الطريقة التي يبعث بها رسالته الى حكومته أو عائلته والرأي العام قوية وشديدة من دون أن يكون هناك تردد، وهذا ما كان يدعم التنظيم وما يدعيه من أيديولوجية ويصوّر للرأي العام بأن ما يقوم به هو الصواب والعالم أجمع على خطأ، وهذا ما عمل على استقطاب اهتمام أكثر بالتنظيم.

الأهداف التواصلية للمحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة

وفيما يتعلق بالأهداف التواصلية للمحتوى الإعلامي للتنظيميْن خلال فترة الدراسة، بالنسبة لتنظيم "داعش" جاء الترويج لأخبار التنظيم وأيديولوجيته في المرتبة الأولى بنسبة 22%، يليه إظهار قوة التنظيم بنسبة 21.4%، وفي المرتبة التالية جاء التهديد وبث الرعب بنسبة 13.1% حيث تعمد التنظيم وصف جنوده بالأسود القادمة لكي تنتقم من أعداء الله والاسلام، ثم التواصل مع الأعضاء والمؤيدين والمتعاطفين وتبادل المعلومات بنسبة 11.9%، يليه التجنيد والتوظيف بنسبة 9.5%، حيث اهتم التنظيم باستقطاب مقاتلين جُدد إلي صفوفه من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت واستغلال العلاقات الاجتماعية داخل المجتمعات الإلكترونية، ولا يزال خطاب التنظيم موجهًا إلى الجيل الشاب من “الجهاديين” الذي يسهل عليه استخدام التقنيات الحديثة والتطبيقات الفنية على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، بالإضافة إلي تركيزه على تجنيد مزيدٍ من المقاتلين الأجانب واستغلالهم بشكل خاص داخل التنظيم بشكلٍ يفوق المقاتلين المحليين.

وهنا يجب أن نؤكد أن "داعش" اختلف كثيرًا عن غيره من التنظيمات المتطرفة؛ فلم ينتظر أن يأتي إليه المقاتلون بقدر ما يتحرك التنظيم باتجاه الحصول على مزيدٍ من المقاتلين من ذوي الخبرات الخاصة من مهندسي المتفجرات وخبراء الإعلام والأطباء، كما عمل "داعش" على إظهار ضعف المناهضين والمنشقين والتنظيمات المنافسة بنسبة 8.2%، حيث عمد إلى تشويه التنظيمات والأفراد المنشقين عنه والتشكيك في عقيدتهم وأيديولوجيتهم وذلك بهدف الحصول على بَيْعات جديدة وسحب بساط عولمة الجهاد من التنظيمات الأخرى المنافسة وتدفق مقاتلين جدد وبَيْعات من بقية الجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم مثلما حدث عند مبايعة جماعة "بوكو حرام" النيجيرية المتطرفة للتنظيم، كما عمل التنظيم على إضفاء الشرعية على ممارساته بنسبة 7.5%، كما اهتم التنظيم بتحسين الصورة الذهنية له عبر المحتوى الإعلامي المقدم بنسبة 6.5%، وذلك بإظهار الصور الملائكية لأعضاء التنظيم فيما بينهم واصفين جنود التنظيم بأنهم (أشداء على الكفار رحماء بينهم)، فضلاً عن عرض مقاتليه في حالة من الراحة والرفاهية، وهم يمارسون حياتهم اليومية الاعتيادية مثل بقية البشر داخل بيوت فخمة وقصور بصحبة عوائلهم، عكس ما كان عليه الجيل الأول من مقاتلي القاعدة الذين كانوا يعيشون في كهوف الجبال.

ورغم الوحشية التي يتمتع بها تنظيم "داعش" لكنه يُظهر مقاتليه في وضع هادئ مع الاهتمام بالشكل واللباس في غير حالات القتال، مثلما ظهر التنظيم في استقبال بَيْعَات العشائر في سوريا والعراق، وهو يعطي وصفًا مخالفًا لوصفه الوحشي في ميادين المعارك وترديدهم الأناشيد وكأنهم في حالة من الفرح والراحة، مع إبراز ما يحصل عليه التنظيم من غنائم حرب وعرضها على شكل مكاسب لمقاتليه، منها المركبات والسيارات الفخمة، وكذلك موضوع الزواج أو ممارسة الجنس مع النساء المُعْتَقَلات والسَبَايَا قسرًا، مثلما حدث في العراق مع الإيزيديات والمسيحيات والتي أعادت العالم الى سوق الرق والنخاسة، فالتنظيم يمنح مقاتليه امتيازات أكثر، كل هذا في سبيل جذب مزيدٍ من المقاتلين لصفوف التنظيم. 

أما بالنسبة لتنظيم "جبهة النُصرة"، فجاء في المرتبة الأولي إظهار قوة التنظيم بنسبة 26.9%، يليه تحسين الصورة الذهنية للتنظيم بنسبة 18.6%، ثم التجنيد والتوظيف بنسبة 13.4%، يليه إضفاء الشرعية على ممارسات التنظيم بنسبة 10.1%، ثم التواصل بين أعضاء التنظيم والمؤيدين والمتعاطفين وتبادل المعلومات بنسبة 9.7%، ثم الترويج لأخبار التنظيم وأيديولوجيته بنسبة 8.7%، يليه التهديد وبث الرعب بنسبة 7.9%، وجاء إظهار ضعف المناهضين والمنشقين والتنظيمات المنافسة بنسبة 4.6%.

ويتضح مما سبق أن الاستراتيجية الإعلامية لتنظيميْ الدراسة اختلفت تبعًا لاختلاف الهدف المراد تحقيقه، حيث اختلفت أبعاد الاستراتيجية الإعلامية التي اتبعها كل تنظيم لتحقيق كل هدفٍ اتصالي بشكلٍ مختلف، فلتحقيق التجنيد والتوظيف استغلت تلك التنظيمات حالات القمع داخل الدول العربية مع توظيف العبارات التي تحمل الود والقرب عند مخاطبة الشباب، والتركيز على إبراز دورهم داخل التنظيم، بينما تعمدت سرد الفتاوى الشرعية والأحاديث الدينية وسرد قصص تاريخية عن المحاربين من صحابة رسول الله (ص) مع التركيز علي إعلاء قيمة الشهداء من مقاتلي التنظيم، وذلك بهدف إضفاء الشرعية الدينية علي ممارساتها الإرهابية، كما حرصت تلك التنظيمات خلال فترة الدراسة علي تحسين الصورة الذهنية لها من خلال الحرص علي نشر صور الحياة الطبيعية بـ "الولايات" التي تقع تحت سيطرة التنظيم وإبراز تطبيق الأحكام الشرعية على الخارجين عنها مع إبراز حياة الترف والراحة لأعضاء التنظيم، بالإضافة إلي التشكيك المستمر في عقيدة التنظيمات المنافسة أو المنشقة على التنظيم واستخدام خطاب هجومي عنيف ضد التنظيمات الأخرى مع تسليط الضوء علي الجماعات المُبَايعة للتنظيم والأعضاء المنضمين لصفوفه وذلك بهدف إبراز ضعف التنظيمات الأخرى، ولخلق حالة من الفزع العام من قوة التنظيم وتهديده لأنظمة الدول، حرصت التنظيمات علي تضخيم تصوير عمليات مقاتليه، مع المبالغة في توظيف صور القتل والذبح والحرق للقتلى من صفوف أعداء التنظيم مع إبراز القوة البدنية لمقاتليه وتعمد وصفهم بأوصاف تخلق حالة من التهديد للآخر.

توظيف "داعش" و"جبهة النُصرة" للإعلام التقليدي

نستعرض في هذا الجزء نتائج تحليل توظيف تنظيميْ "داعش" و"جبهة النُصرة" للإعلام التقليدي خلال فترة الدراسة، حيث قامت الباحثة بتحليل جميع أعداد مجلة دابق الصادرة عن تنظيم داعش وعددها 15 عددًا، ورغم أنها صدرت خارج الفترة الزمنية للدراسة التحليلية، إلا أنه لم يكن من الممكن تجاهلها نظرًا لأهميتها، كما قمنا بتحليل أعداد صحيفة "النبأ" الأسبوعية التي تصدر عن التنظيم، بواقع تحليل أربعة أعداد لكل شهر بعدد إجمالي 12 عددًا خلال الفترة الزمنية للدراسة التحليلية.

وهنا يجب أن نشير أن تجربة مجلة "دابق" التي صدرت عن تنظيم "داعش" – والتي لم تستمر طويلاً– مثلت نموذجًا لافتًا وتجربةً تستحق الدراسة والتحليل لعدة أسباب منها التميز الاخراجي المبهر والمحترف والذي جعل المجلة أشبه بالمجلات العالمية مثل "تايم" Time و"نيوزويك"Newsweek ، فتمتعت المجلة بالاحترافية وأناقة الإخراج وجودة الصور التي نشرتها، فضلاً عن التميز التحريري المُلفت للنظر حتى أصبحت المجلة محط أنظار ومتابعة من أكبر وأهم وسائل الإعلام العالمية لنقل ومتابعة أخبار التنظيم، بالإضافة إلى صدورها بأكثر من لغة، فاستطاعت المجلة أن تقدم صورة ذهنية حول إعلام "داعش" بإعلام منظم أقرب لإعلام الدولة منه إلى إعلام جماعة إرهابية متخبطة. وقد صدرت المجلة في عدد صفحات وصل إلى 80 صفحة ملونة ومصممة باحترافية عالية، وتوقفت المجلة سريعًا ربما لأسباب تتعلق بالتمويل والهزائم العسكرية التي لاقاها التنظيم على أرض الواقع. أما صحيفة "النبأ" الأسبوعية فعرّفت نفسها بأنها صحيفة أسبوعية تصدر عن ديوان الإعلام المركزي، وجاءت متواضعةً شكلاً وموضوعًا مقارنةً بمجلة "دابق" وهو ما يرجع لأسباب اقتصادية تمثلت في ضعف التمويل بسبب الهزائم العسكرية التي لاحقت التنظيم مؤخرًا.

أما فيما يخص الإعلام التقليدي لـ "جبهة النُصرة"، فيمكننا أن نصف مخرجات الإعلام التقليدي لهذا التنظيم بالنادرة جدًا والمتواضعة بشكلٍ كبير مقارنةً بمخرجات الإعلام التقليدي لتنظيم "داعش" الذي حرص منذ البداية على تقديم إعلام مؤسسي لمجموعة من المحترفين وليس مجرد هواة، بعكس الحال بالنسبة لجبهة النُصرة؛ فلم يكن لها إعلام تقليدي مؤسسي منظم يمكننا وصفه بالاحترافي، بل اكتفي بنشر بيانات صحفية متفرقة تحمل أخبار التنظيم في أماكن تواجده والمعارك التي يخوضها أعضاؤه، وقمنا بتحليل جميع البيانات الصحفية التي صدرت عن التنظيم خلال فترة الدراسة ووصل عددها 139 مادة إعلامية.

مجلة "دابق" وصحيفة "النبأ" اللتيْن أصدرهما "داعش"

قدم تنظيم "داعش" تجربة ناضجة ومتميزة، بعكس الحال لتنظيم "جبهة النُصرة". وكما أشرنا من قبل جاءت مجلة "دابق" متميزة إخراجيًا، حيث جاء الغلاف قويًا في معظم الأعداد يحمل رسالة أرادها التنظيم، جاء الغلاف بسيطًا في التصميم يحمل صورة واحدة بأسلوب "المُلصق" Poster وعنوان واحد رئيس لملف العدد مع بعض الإشارات أو العناوين الثانوية. كما جاء تصميم الصفحات الداخلية للمجلة مميزًا بقدر عالٍ من المهنية والاحتراف من حيث الأساليب الاخراجية المستخدمة والألوان وجودة الصور المستخدمة، حيث تبدو اﻟﻤﺠلة جذابةً بصريًا، ولم يُخفي الكثير ممن حصلوا أو اطلعوا على نسختها الإلكترونية، ومن رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفنيين في مجال الإخراج، دهشتهم لقدرة هذا التنظيم على تقديم مجلة بهذه التقنية والاحترافية، وهو ما يؤكد أن من قام بالتصميم اشخاصٌ محترفون يتمتعون بمستوى فني متميز.

وقد اتبع القائمون على مجلة "دابق" في تحريرها وإخراجها أسلوب الإعلام الرسمي المحترف، مستثمرين مختلف وسائل الإبراز من خلال التركيز علي  شكل الرسالة المنشورة عبر إظهار عناصر منتقاة من الخبر سواء من حيث المعلومة أو من حيث المشهد البصري المرافق للموضوع المنشور على صفحات المجلة، ففي الصفحات الداخلية يبدو التركيز على المشهد البصري بشكلٍ كبير، فقد تكون الصورة هى خلفية للنص أو تمتد الصورة على مساحة كبيرة على صفحتين متصلتين كما في أساليب الإخراج الحديثة، بحيث تنتقل عين القارئ بين الصور لتصل إليه كثيرٌ من المدلولات الدينية والحربية التي تهدف المجلة لإيصالها. وبدأت جميع أعداد اﻟﻤﺠلة باقتباسٍ لأبو مصعب الزرقاوي، القيادي السابق في تنظيم القاعدة في العراق، يقول فيه "لقد أشعلت الشرارة هنا في العراق، وحرّها سوف يتصاعد بإذن الله، حتى تحرق الجيوش الصليبية في دابق" في إشارة لسبب تسمية المجلة بـ "دابق".

أما صحيفة "النبأ" فقد جاءت متواضعة شكلاً ومضمونًا لا ترقى لمستوى المقارنة مع سابقتها – "دابق" – فكانت أشبه بالنشرة الإخبارية لم تتعد عدد صفحاتها 15 صفحة على أقصى تقدير، جاءت بتبويب ثابت وإخراج ثابت وألوان ثابتة خالية من الإبداع الفني أو التحريري، صفحاتها جاءت بإخراج فقير للألوان والصور، وإن تميزت "النبأ" على "دابق" بتوظيف فن الإنفوجرافيك في جميع الأعداد التي خضعت للتحليل، بحيث اهتمت بعمل إنفوجرافيك للعمليات التي خاضها التنظيم في الولايات المختلفة ونشاط أعضائه في بعض البلدان. وغلب على صحيفة "النبأ" الطابع الخبري متمثلاً في نشر أخبار قصيرة سريعة أو تقارير إخبارية وقصص خبرية عن العمليات الأمنية للتنظيم في مناطق سيطرته، وبالطبع اختفى فن التحقيق الصحفي وتم توظيف فن المقال بشكلٍ نادر جدًا في الأعداد محل الدراسة، ولجأت الصحيفة إلى فن المقال في العدد 118 لمخاطبة أعضاء التنظيم والشد من أزرهم والتأكيد على البقاء والجهاد رغم ما لاقوه من هزائم عسكرية، واعتمدت الصحيفة نهج مجلة "دابق" نفسه في اللعب على الوتر الديني وتوظيف الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لتبرير أفعالهم.

أما فيما يخص الإعلام التقليدي لجبهة النصرة نجد أن التنظيم اكتفى بنشر بيانات صحفية متفرقة تحمل أخبار التنظيم في أماكن تواجده والمعارك التي يخوضها، جاءت هذه البيانات في مجملها فقيرة في التصميم والإخراج، يغلب عليها الطابع الخبري، بحيث تراوحت الفنون الصحفية التي تم توظيفها ما بين الخبر والتقرير والقصة الخبرية والتقرير المصور والمقال، في حين غابت فنون صحفية نهائيًا عن الإعلام التقليدي لـ "جبهة النُصرة" مثل فنون التحقيق الصحفي أو الحوار أو حتى الإنفوجرافيك.

الأساليب الإقناعية لإعلام التنظيمات الإرهابية

أشارت الدراسة التحليلية إلي تنوع الأساليب الإقناعية التي وظفها الإعلام التقليدي لتنظيم "داعش" ما بين اللعب على الوتر الديني لاستقطاب مزيد من المتعاطفين عن طريق إيهامهم بعودة أمجاد الدولة الإسلامية ورفع راية الإسلام في بقاع الأرض، وتوصيف التنظيم على أنه المخلص من قمع الأنظمة الديكتاتورية الكافرة، يقبل توبة العائدين لطريق الله ويدعوهم للهجرة والمبايعة التي تعتبر بمثابة صك غفران لذنوبهم ونيل الدرجات العلى بالجنة، حيث بدأت جميع تغطيات المجلة بالصلاة والسلام على رسول الله، وخصصت صفحة ثابتة بعنوان حكمة تحمل رسالة دينية ما بين حديث شريف أو نقلاً عن أحد الصالحين، كما تضمن اللعب على الوتر الديني توظيف الرموز الدينية، وهو ما يتضح بقوة في غلاف العدد الخامس بنشر صورة الكعبة المشرفة مع عنوان رئيس (باقية وتتمدد بإذن الله)، ومحاولة الربط بين شعار الخلافة "باقية وتتمدد" وبين الكعبة كرمز ديني مهم عند جموع المسلمين في محاولة لإيصال فكرة مفادها أنها باقية، لأنها الأصلح والأفضل والمؤتمنة على تطبيق حكم الله على الأرض، كما تضمن توظيف الرموز الدينية توظيف الشخصيات التاريخية من الصحابة رضى الله عنهم بسرد قصص تاريخية وحكايات لفتوحات المسلمين القُدامى بدافع بث العزيمة في أعضاء التنظيم والمتعاطفين وجذب مزيدٍ من المقاتلين في صفوف التنظيم.

وتظهر الدعوة للهجرة بشكل واضح من خلال مقال تم نشره بالعدد الأول لمجلة "دابق" بعنوان (دعوة للهجرة A CALL TO HIJRAH، حيث طلب التنظيم من كل المسلمين الهجرة إلى العراق والشام لأن هذه الأراضي ليست فقط للسوريين أو العراقيين بل لجميع المسلمين، كما وجه دعوة بشكل خاص للمهندسين والأطباء والطلاب والخبراء باعتبار أنهم قدوة لباقي الناس، كما أن لديهم واجبٌ ديني بمساعدة باقي الناس لفهم عقيدتهم وتقديم خدماتهم للدولة الإسلامية، واصفًا الهجرة بأنها فرض عين على كل مسلم. وقد تعمّد الإعلام التقليدي لتنظيم "داعش" تخصيص صفحاتٍ واسعة للدعوة للهجرة والجهاد مستخدمًا كثير من المفردات التعبوية التي تخاطب المشاعر والعقل معًا، باقتباس كلمات من كلمة "أبو بكر البغدادي" زعيم التنظيم في إعلانه للخلافة بأن العالم انقسم إلي معسكريْن، الأول معسكر المسلمين والثاني معسكر المنافقين والأمم الكافرة، وبالتالي يخرج الصراع من النطاق الضيق للصراع القائم في سوريا والعراق والذي يبدو أنه صراعٌ سني شيعي، إلي مجال أوسع يتضمن صراعًا تاريخيًا بين الإسلام وغير الإسلام، هدفه ليس محليًا كما يُسَوّق له أعداء التنظيم، ولا يقتصر جغرافيًا على العراق وسوريا بل يهدف إلي بسط سيطرة الإسلام على كل أنحاء العالم.

كما يُضاف للأساليب الإقناعية التحفيز والدعوة للانضمام لأنصار الحق والمقصود هنا التنظيم، للارتقاء لمرتبة الشهادة، فلم يتردد القائمون على الإعلام التقليدي لداعش في إعداد تقارير إنسانية بنشر صور قتلاهم ووصفهم بالشهداء الذين سقطوا في سبيل نشر الدعوة لله ورسوله ونُصرة المظلومين في الأرض، حيث خصصت مجلة "دابق" تقريرًا ثابتًا بعنوان "شهداء" اهتمت فيه بنشر القصص الإنسانية عن الشهداء وقصص انضمامهم للتنظيم، وما قدموه من خدمة عظيمة من أجل عودة أمجاد الخلافة وخدمة الإسلام، مع نشر صور قتلى أعداء التنظيم والذين يُقصد بهم جنود النظام، كما اهتم التنظيم بنشر تقارير إخبارية عن الجماعات التي بايعت التنظيم وأكدت على الولاء لقائده كما جاء في العدد التاسع بمبايعة أفراد لقائد التنظيم "أبو بكر البغدادي" الذي وصفوه بـ "أمير المؤمنين" !.

ومثلما حرص الإعلام التقليدي على التشجيع والتحفيز، فإنه حرص أيضًا على بث الرعب والتهديد والتخويف من بطش التنظيم لكل من يرفض الانضمام إليه ويُصر على البقاء في معسكر الأعداء. ويُضاف للأساليب الاقناعية مخاطبة إعلام التنظيم للفئات النوعية؛ فمثلما يخاطب التنظيم جموع المسلمين بعرض المقولات العامة التي  يستند إليها تنظيم  "داعش" ومنها: "أيها المسلمون في كل مكان، أبشروا خيرًا، وارفعوا رؤوسكم عالية، بعون الله أصبح لكم دولة خلافة تعيد لكم الحقوق والكرامة والقيادة، إنها دولة حيث العرب وغير العرب، الأبيض والأسود، الشرقي والغربي جميعاً إخوة، دولة تجمع القوقازي والهندي والصيني والإفريقي والأميركي والفرنسي والألماني والأسترالي، جمع الله قلوبهم معًا فأصبحوا إخوة بنعمته، يحبون بعضهم في الله ومن أجل الله، اختلطت دماؤهم وأصبحوا موحدين تحت راية واحدة، وليعلم العالم إننا نعيش اليوم في عصر جديد". وحرص التنظيم أيضًا على مخاطبة الفئات النوعية من الجمهور كتوجيه مقالات مطولّة للنساء من قِبَل النساء المنضمات للتنظيم بالفعل، أو عمل حوارات صحفية مع النساء المنضمات حديثًا للتنظيم، يُضاف إلي ذلك استغلال فئة الأطفال للترويج لأفكار التنظيم والدعوة لتنشئة جيلٍ من "المجاهدين" لدعم صفوف التنظيم.

 كما حرصت التنظيم على تحسين الصورة الذهنية للتنظيم بالحرص على نشر تقارير مصورة على صفحات كبيرة بجودة عالية للصور وبمساحات كبيرة تبرز ملامح الحياة في الولايات التي كانت تقع تحت سيطرة "داعش"، والتأكيد على إقامة الحدود الشرعية التي أمر الله بها. كما قامت مجلة "دابق" بدور مهم جدًا في الترويج لإصدارات التنظيم بالترويج لإصدارات وكالة "الحياة" عبر أعدادها المختلفة، بنشر صور لمقاطع فيديو مختارة من "الولايات" المختلفة، بالإضافة إلي حرص المجلة على الترويج للبيانات الحماسية لقادة التنظيم.

أما توظيف التنظيمات الإرهابية لوسائل الإعلام الجديد مثل "تويتر" و"فيس بوك" و"يوتيوب" فنتناولها في الجزء الثاني من هذه الدراسة.