وفيما
يلي أبرز الملفات التي سوف تتأثر بنتائج هذه الانتخابات بشقيها الرئاسي
والبرلماني:
المستوى
الداخلي
من الموكد أن تركيا ستشهد صراعًا داخليًا وانقسامًا
حادًا في ظل تنامي المعارضة التركية لتوجهات أردوغان، وهو ما سينعكس بالضرورة على
حالة الاستقطاب تجاه السياسات الداخلية والخارجية أيضًا، وأنه لن يكون من اليسير
على أردوغان بصلاحياته الواسعة في التحكم
في رسم خطوط التحركات التركية وفرض رؤيته ومشروعه السياسي في ظل ذلك الوضع.
كما أن التحديات الاقتصادية تفرض نفسها وبشكل سريع على النظام
الجديد، وما سيترتب عليه من رغبة في جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية المباشرة والتي
تشير الإحصائيات الى انخفاضها بنسبة ٢٢% أوائل العام 2018، مقارنة بالعام الماضي، لكن
التحدّي الأهم على المدى المتوسط والبعيد هو معالجة العجز المستعصي في الموازنة والعجز
الكبير في الميزان التجاري بالإضافة الى المشاكل الهيكلية في الاقتصاد، هذه
المواجهة لا يمكن لها أن تكلل بالنجاح في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي
والاستقطاب الحاد الذي تعاني منه البلاد.
وجاءت
النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية
والبرلمانية موضحةً الكثير من الأمور التي ستنعكس بالضرورة على العلاقة بين
المعارضة والنظام الحاكم، وفيما يلي أبرز تداعيات نتائج الانتخابات بشقيها الرئاسي
والبرلماني:
نتائج
الانتخابات الرئاسية
نجح التحالف بين حزب العدالة والتنمية والحركة القومية
بقيادة "دولت بهتشلي"، مع حزب الوحدة الكبرى بقيادة "مصطفى
دستيجي"، والذي سُمي تحالف "الشعب"، في حصد الأغلبية من الأصوات، وذلك
في مواجهة القوى العلمانية متمثلة في الحزب الشعب الجمهوري ومرشحه "محرم
انجه".
كما لم تحصل "ميرال أكشنار"، التي أنشقت عن
الحركة القومية بسبب تأييد زعيمها "بهتشلي"، لأردوغان، في حين لم يحصل
حزب "السعادة"، ممثل الإخوان المسلمين في تركيا على النسب التي تؤهله للمنافسة،
وكذلك أيضًا لحزب "وطن" وفيما يلي أبرز النتائج التي حصل عليها المرشحين
في الانتخابات:
المرشح
|
الحزب
|
نسبة التصويت
|
رجب طيب أردوغان
(الرئيس الحالي)
|
العدالة والتنمية
|
52.4%
|
محرم انجه
|
الشعب الجمهوري
|
30.8%
|
صلاح الدين ديمرتاش
|
الشعوب الديموقراطي
|
8.3%
|
ميرال أكشنار
|
الخير
|
7.4%
|
كرم ملة أوغلو
|
السعادة
|
0.9%
|
دوغو برينتشاك
|
وطن
|
0.2%
|
وعلى خلفية هذه النتائج يمكن اتضاح العديد من الأمور
أهمها أن الرئيس التركي أردوغان أستغل حالة الطوارئ التي أقرها البرلمان بعد
محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، والذي أتهم فيها الداعية فتح الله
جولن، وما تبع ذلك من سياسات من شأنها تأميم المجال العام، واعتقال العديد من
المعارضين والصحفيين المناهضين لسياساته، كما شهدت تركيا تراجعًا في تصنيف الحريات
إلى مرتبة 157 من أصل 180 دولة؛ حيث تتذيل قائمة الدول في مجال حرية الصحافة وفق منظمة
مراسلون بلا حدود.
هذه السياسات كان من شأنها بلورة وخلق حالة من عدم
التوافق بل الاختلاف الجذري بين أردوغان من جهة والأحزاب المعارضة من جهة أخري
تجاه العديد من القضايا، وما كان سيترتب عليه حال فوز المعارضة في الاستحقاق
الرئاسي والبرلماني تجاه العديد من الملفات الداخلية والخارجية.
إضافة إلى ذلك، يعمل أردوغان على استثمار الانتصارات العسكرية
التي تحققت في عفرين خلال عملية غصن الزيتون ضدّ الأكراد ومن قبلها عملية درع
الفرات، وتداعياتها بتعزيز الشعور القومي التركي، وهو ما يراهن عليه باستثمار أصوات الكتلة "الحرجة"، ممن لم
يحددوا مواقفهم بالتصويت لأردوغان أو منافسيه، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تلك المشاهد
مألوفة لحملات أردوغان في توظيفها العمليات العسكرية لتحقيق مكاسب سياسية.
وعلى الرغم من النجاحات التي حققها أردوغان، إلا أنه يواجه
العديد من العقبات أبرزها الأوضاع الاقتصادية الصعبة في ظل تراجع قيمة العملة
المحلية التركية(الليرة)، أمام الدولار، وارتفاع نسب التضخم، وتراجع حجم الاستثمار
الداخلي، فضلاً عن التوترات الخارجية المتعلقة بالعلاقات مع العديد من دول المنطقة
وأوروبا.
الجدير بالذكر أن أردوغان كان قد مرر الاستفتاء على
التعديلات الدستورية المتعلقة بتغيير النظام السياسي وصلاحيات رئيس الجمهورية في 16
أبريل/نيسان 2017، بفارق ضئيل بين الأصوات المعارضة والمؤيدة للتعديلات الدستورية كشفت
النقاب عن تراجع مكانة حزب العدالة والتنمية؛ حيث بلغت نسبة المؤيدين للتعديلات الدستورية
(51.4%)، وبين المصوتين ضد التعديل في الاستفتاء (48.6%) وهو فارق يزيد في عدد الأصوات
عن مليون صوت، وبذلك يمثل انتصار "متواضع" بفارق ضئيل على معارضيه أو
"انتصارًا بطعم الهزيمة"، خاصة في ظل خسارة الحزب لأهم معقلين تصويتين هما
إسطنبول وأنقرة واللتان كانتا يصوتان لصالح الحزب من قبل.
نتائج
الانتخابات البرلمانية
على الرغم من فوز حزب العدالة والتنمية وحليفه
"بهتشلي"، زعيم الحركة القومية إلا أن هذا الفوز يكشف عن تراجع شعبية
الحزب الحاكم برغم تحقيقه تقدمًا؛ ففي الانتخابات البرلمانية؛ حيث يسعى حزب العدالة
والتنمية لفوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية وفوزه بالأغلبية البرلمانية مع الحزبين
المتحالفين معه، ليضمن تناغمًا وتعاونًا بين الرئاسة والبرلمان، إلا أن النتائج
جاءت لتعبر عن تراجع شعبية العدالة والتنمية مقارنة بالانتخابات البرلمانية
السابقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، حصل الحزب على نسبة 49.49% من إجمالي
الأصوات على الرغم أنها كانت من دون تحالفات كما هي عليه في الانتخابات الأخيرة؛
أي أنه انخفض عدد مقاعد الحزب الحاكم من 317 مقعدًا في البرلمان الحالي المؤلف من
550.
يذكر أن الائتلاف الذي يقوده أردوغان والحزب القومي حاز
على نسبة 53.6 % في البرلمان؛ حيث استحوذ الائتلاف على 342 مقعدًا (العدالة
والتنمية 293 مقعدًا، والحركة القومية 49 مقعدًا) من أصل ٦٠٠ مقعد.
على
الجانب الآخر، فإن تحالف الأمة الذي يضم رسميًا أحزاب الشعب الجمهوري الكمالي والخير
القومي المنشق عن الحركة القومية والسعادة الإسلامي/المحافظ، بينما يشاركهم بشكل غير
رسمي الحزب الديمقراطي.