ثالثاً- تناول صورة الإسلام
السياسي في ضوء مدارس التحليل اللغوي والسيميولوجي والثقافي:
§
مدرسة التحليل اللغوي للخطاب المصاحب لصورة الإسلام السياسي:
اتفقت نتائج الدراسة مع ما أكده فردينان دى سوسير على أن
اللغة بوصفها صانعة ومؤثرة ومتأثرة بالظروف الخارجية التي تحيط بها، من خلال
تراكيب ووحدات عبر جوانب تأويل الخطاب المقدم من خلاله صورة الإسلام السياسي في
مصر، فقد استخدمت الصحافة الغربية الأمريكية والبريطانية عينة الدراسة الاستعارات،
كما استخدمت مسارات البرهنة كالبرهنة الهجومية واللغوية المنطقية في دلالة على أن
الخطاب المصاحب لصورة الإسلام السياسي في مصر قد استخدم جماليات اللغة من استعارات
ومسارات برهنة للتدليل والتأويل طبقاً لسياسة تحريرية اتبعتها الصحف عينة الدراسة.
فالنظام اللغوي ما هو إلا نظام ذو معانٍ في ضوء علاقات
متبادلة بين الدال والمدلول، وهذا ما اتفقت معه نتائج هذه الدراسة بأن الصحف عينة
الدراسة قد استخدمت دلالات وإيحاءات تضع صورة الإسلام السياسي في مصر إيجابيةً
تارةً وسلبيةً تارةً أخري.
مما سبق تتشكل الآليات المحددة للخطاب المصاحب لصورة
الإسلام السياسي ومخاوف تأثيره طبقًا لتصنيف فوكو فيما يلي:
·
إجراءات خارجية تأتي في إطار المنع المرتبط بموضوعات
سياسية مرتبطة بالسلطة أو تقديم خطابات وهمية غير حقيقية وهذا ما فعلته الصحافة
البريطانية عينة الدراسة بتقديمها صورة مغايرة عن الإسلام السياسي في مصر، وخصوصًا
صحيفة "الجارديان" البريطانية، حيث قدمت خطاباتها طبقًا لثقافة معينة.
·
إجراءات الاستخدام والتوظيف التي شملت المنظور الدلالي
للخطابات المصاحبة لصورة الإسلام السياسي في مصر بصحف عينة الدراسة .
§
المدرسة السيميولوجية لتحليل صورة الإسلام السياسي:
أشارت نتائج الدراسة إلي أن بعض رسوم الدراسة
الكاريكاتورية جمعت في أفكارها صورًا رمزية شملها الرسم الكاريكاتوري الواحد حول
العنف، والإرهاب، والسيف والجلباب، واللحية، و"الإخوان"، والانتخابات،
وعلاقة "الإخوان" بالمؤسسة العسكرية وثورات الربيع العربي .
واتفقت نتائج الدراسة مع تأكيد مفهوم الصورة عند "ريجيس
دوبري" بأن لها قوة ساحرة ومؤثرة على مشاهديها وصانعيها؛ لما لها من تأثير
على الرأي العام، وتوجيهه أو تضليله؛ لأنها وسيلة فعالة ومؤثرة في التحول الذهني،
حيث إنها تستخدم لتثبيت وتكريس واقع معين، أو من أجل التمرد على واقع مكرس؛ فالعصر
الذي نعيشه الآن أصبحت فيه السيادة للصورة التي يتم استهلاكها من الآخر لخلق صورة
مضادة؛ لذلك فإن هناك ارتباط وثيق الصلة بين توظيف الصحافة للصورة وبين رصدها
لصورة الإسلام السياسي في إطار بث رسائل للقراء بصورة فعالة ومؤثرة وسريعة ومقنعة
في ضوء جذب الانتباه وإثارة الاهتمام لدي القارئ، فالصورة تخفف من ثقل المادة
التحريرية وتضفي عنصر الصدق على المادة التحريرية المقدمة.
وأشارت نتائج الدراسة إلى البعد الرمزي لرسوم الكاريكاتور
في إطار تأويل الصورة كما يعرفها دوبري بأن
للصورة علامة تمثل خاصية كونها قابلة للتأويل، فالصورة ترتبط بعنصر دال ومدلول
ومؤول وفق منظور خاص من المتلقي، وهذا ما أشارت إليه نتائج الدراسة باستخدام بعض
الرموز الدالة على الإسلام واتجاهات الغرب منه، ويرتبط هذا النسق بخصائص الصورة
ضمن تدليل وتأويل يفسر قراءة الصورة ودلالاتها بطريقة محددة سلفاً لدي ثقافة
منتجها وصانعها.
§
المدرسة الثقافية لتحليل صورة الإسلام السياسي:
اتفقت نتائج الدراسة مع ما أشار إليه "فيركلاو"
Fariclough و"جوفمان" Goffman حول تحليل الجوانب الموجهة نحو
استقبال الجمهور للقصة، والتي يتم فيها التعبير عن التوتر بين الطبيعة العامة
للناتج الإعلامي والظروف الخاصة لاستقبال الإعلام، في ظل تفاعلات معقدة يلعب
الإعلام فيها دورًا بارزًا، على الجانب الآخر نجد أن أبعاد السلطة المتحكمة في
إنتاج الأشكال الصحفية ومواد الرأي ورسوم الكاريكاتور تتوقف على الأبعاد الثقافية
الإيحائية والتقريرية، واتفقت نتائج الدراسة مع أن الخلفية الثقافية للمجتمعين
البريطاني والأمريكي حول مفهوم الإسلام السياسي جاءت في إطار الإرهاب والعنف
والصراع السياسي وارتباطه بالحفاظ على السياسة الأمنية.