المركز العربي للبحوث والدراسات : نحو فهم ظاهرة الهجرة غير الشرعية (طباعة)
نحو فهم ظاهرة الهجرة غير الشرعية
آخر تحديث: الثلاثاء 04/10/2016 07:36 ص
هاني سليمان هاني سليمان
نحو فهم ظاهرة الهجرة

تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية ظاهرة عالمية بامتياز، وليست قاصرة على الشرق الأوسط، أو الدول العربية، أو الحالة المصرية، فهي منتشرة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أو في الدول النامية بآسيا كدول الخليج ودول المشرق العربي، وفي أميركا اللاتينية، وفي أفريقيا حيث الحدود الموروثة عن الاستعمار التي لا تشكل حواجز عازلة وخاصة في بعض الدول مثل ساحل العاج وأفريقيا الجنوبية ونيجيريا. ولكن هذه الظاهرة اكتست أهمية بالغة في منطقة المغرب العربي و حوض البحر الأبيض المتوسط نظرا لاهتمام وسائل الإعلام بها.

  فهناك موجات هجرة غير شرعية في كافة أنحاء العالم، من إندونيسيا إلى ماليزيا، من شمال أفريقيا إلى أوروبا، من المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك لم تنقطع تلك الرحلات رغم القيود الأمنية والمخاطر، فرغم بلوغ عدد حرس الحدود الامريكيه مع المكسيك نحو 17000 عنصر وإقامة جدار بطول (1384 كم) على بعض أجزاء الحدود الامريكيه مع المكسيك، والتعرض لخطر الموت مرات عديدة منها أخطرها وهو السور المائي المكهرب، إلا أن ذلك لم يمنع تلك التدفقات.

وإذا نظرنا إلى تعريف الهجرة غير الشرعية، فهي في أبسط معانيها حركة الانتقال -فرديا كان أم جماعيا- من موقع إلى آخر بحثاً عن وضع أفضل اجتماعياً كان أم اقتصادياً أم دينياً أم سياسياً. وتتعدد دلالات الهجرة بين هجرة سرية، هجرة غير شرعية، هجرة غير قانونية. والهجرة الغير الشرعية هي انتقال فرد أو جماعة من مكان إلى آخر بطرق سرية مخالفة لقانون الهجرة.

واسترعى تهريب البشر الانتباه في عام 1993م، عندما ارتطمت بالشاطئ بالقرب من نيويورك سفينة الشحن Venture Golden وعلى متنها 620 مواطناً صينياً لا يحملون وثائق سفرهم، وأسفر الحادث عن غرق عشرة أشخاص منهم عندما حاولوا الوصول إلى الشاطئ سباحة. وتوالت تلك الحوادث بعد ذلك، ففي شهر يونيو 2000م اختنق أكثر من خمسين صينياً داخل شاحنة لنقل الطماطم أثناء رسوها في ميناء دوفر، بسبب تعطل جهاز التبريد في يوم شديد الحرارة. ومواطنون مصريون غررت بهم عصابة لتهريبهم إلى النمسا عبر المجر فلقى كثير منهم حتفهم في جو شديد البرودة، ومواطنون شرق أوسطيون غرفت بهمم السفينة التي حملتهم وهم في طريقهم إلى استراليا وأنقذتهم سفينة نرويجية ولكن استراليا رفضت إدخالهم أراضيها وانتهى الأمر بتوطينهم في جزيرة مجاورة لأستراليا. ومواطنون مغاربة لقوا حتفهم اختناقاً في برادات كانت تحملهم خفية في طريقهم إلى أسبانيا عبر جبل طارق. وأطفال يمنيون حاولت عصابات تهريبهم عبر الحدود السعودية اليمنية لاستخدامهم في التسول داخل المملكة وقامت السلطات اليمنية بضبط هذه  العصابات وفك أسر أكثر من 60 طفل. وازدادت تلك الموجات مع بدايات القرن الحادي والعشرين، فشهد عام 2008 مثلاً مصرع عشرات الشباب قبالة السواحل الإيطالية والأوروبية والتركية والليبية، في مشهد أصبح متكرر.

أولاً- جغرافية الهجرة غير الشرعية

        على المستوى العالمي، فإنه في الغالب يتم تسريب المهاجرين إلى نحو ثلاثة أهداف رئيسية هي أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا، وبدرجة أقل يتم تسريب البشر إلى الدول العربية النفطية وخاصة دول الخليج، الأمر الذي أثار قلقاً ً شديداً بين الدول المستقبلة للهجرة غري المشروعة ووضعت تدابير مشددة للحد من هذه الهجرة ومواجهة الأشخاص.

 وتنامت في مصر تلك الظاهرة مع مطلع الألفية الجديدة رغم إجراءات الأمن المكثفة، وتزايدت بعد 2011 مع الانفلات الأمني والانشغال الداخلي. ولم تكن حادثة مركب رشيد الأخيرة هي الأولى من نوعها في مصر، ولن تكون الأخيرة كذلك، لكن سبقها حوادث مفجعة مكررة منها في 2007 قرب مرسى مطروح، وفي 2008 حادثتين منها رحلة من مصر إلى تركيا ثم إلى اليونان وغرق 20 شخصاً، وحادثة أخرى لقارب على متنه 170 راكبًا ، توفي منهم 48 شخصًا.

أما في مارس 2010 فقد غرق 3 أشخاص وتم القبض على 23 في المياه الإقليمية المصرية بمحافظة كفر الشيخ. وفي 2011 انتشلت قوات البحرية المصرية، جثمان 30 شابًا، قبالة سواحل الإسكندرية، نتيجة تعطل محرك قارب متوجهًا نحو جزيرة صقلية الإيطالية. كما شهد أيضاً مقتل شخصين مصريين، نتيجة غرق قارب قبالة السواحل الليبية، كما غرق قارب آخر قرب السواحل المصرية، كان على متنه 200 مهاجرًا إلى أوروبا.

وتكرر الأمر في 27 أغسطس في 2012، حيث غرق قارب صيد مصري، يحمل 40 مهاجرًا غير شرعيًا، في البحر المتوسط، أمام السواحل الليبية، ولم ينج منه سوى شخص واحد. بينما في 2 نوفمبر 2013 عثرت طائرات سلاح الجو الليبي، على نحو 48 مهاجرًا مصريًا غير شرعي بعد فقدانهم في الصحراء، شرق ليبيا، وتم إنقاذ 7 منهم. وفي 6 سبتمبر 2014، غرق مركب كان يحمل أكثر من 400 شخصًا من المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط، من جنسيات مختلفة مصرية وفلسطينية وسودانية، بينهم حوالي 66 مصريًا، أغلبهم من الأطفال.

ويجب الأخذ في الاعتبار هنا أن الدولة قد تكون مصدرة ومستقبلة للهجرة في آن واحد، فمصر لديها موجات من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، كما أنها تعاني موجات هجرة غير شرعية قادمة من السودان، وإريتريا، وسوريا.

الخطير هنا، أنه ووفقاً لتصريحات شبه رسمية، فإن السلطات المصرية تحبط حوالي 50% فقط من رحلات الهجرة غير الشرعية، أي حوالي 20 رحلة ناجحة شهرياً، والنسبة الأكبر منهم في الفئة العمرية من 18-25 عاماً. وهو مؤشر خطير، ومعظم المقبلين على تلك الرحلات غير الشرعية هم من محافظات البحيرة والفيوم وأسيوط، أي أنه ليس هناك ثمة فوارق بين الدلتا والصعيد بمقارنة معيار التنمية، أو وجود لعامل الفقر النسبي بين المحافظات لتفسير تلك الظاهرة، حيث أنه على أغلب الظن، فإن العامل الرئيسي في تلك القضية متعلق بالحالات الناجحة في منطقة معينة، ووجود أقارب وأصدقاء قاموا بنفس التجربة الأمر الذي يشجع على الاقتضاء بهم، وهذا ما يفسر وجود قرى بأكملها تشهد تلك الحالات والتواجد في دول مثل إيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية.

ثانياً- أسباب ودوافع الهجرة غير الشرعية

        تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية قضية معقدة للغاية، بحيث تتداخل في تفسيرها العوامل المحتلفة ما بين اقتصادية واجتماعية وسياسية وجغرافية، إلا أنه يمكن القول بشىء من القين أن أحد أهم العوامل الدافعة للهجرة غير الشرعية في مصر، مثلها مثل بقية الدول، هي العوامل الاقتصادية ثم العوامل الاجتماعية.   

وتعود الأسباب الاقتصادية الى الأزمات الاقتصادية التي شهدتها مصر بعد 2011 نتاج عدم الاستقرار السياسي، ومعاناة الداخل من تراجع إيرادات قناة السويس، وتراجع عائدات السياحة نتيجة عوامل أمنية وسياسية وتنامي العنف، إضافة لتراجع أداء الحكومات المتعاقبة. علاوة على تراجع سعر الجنيه وسحب الاستثمارات، مما كان له أشد الأثر، خاصة مع فرق العملة الأوروبية اليورو، والدولار، وهو الأمر الذي أصبح محفزاً كبيراً لدى طالبي الهجرة غير الشرعية.

        فيما ترتبط العوامل الإجتماعية، بفقدان الهوية والانتماء واستدعاء قيم العولمة والرأسمالية من طغيان العوز المادي، خاصة مع بروز الفوارق الطبقية والفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون في المجتمع، وتراجع دور وشبه انحسار للطبقة الوسطى المصرية، خاصة مع التحول من مجتمع زراعي، ليس إلأى مجتمع صناعي، ولكن إلى مجتمع استهلاكي، يعيش على قطاع الخدمات واقتصاد السمسرة.

وأحد أهم العوامل من وجهة نظري هنا، هي" صورة النجاح الاجتماعي" الذي يظهره المهاجر عند عودته إلى بلده لقضاء العطلة، حيث يتفانى في إبراز مظاهر الغنى؛ سيارة، هدايا، استثمار في العقار... إلخ. وكلها مظاهر تغذيها وسائل الإعلام المرئية. وأيضاً ما أسميه "عوامل النداء" فحلم الهجرة هو نتاج الممنوع، وهو رد فعل أمام غلق الأبواب أمام الهجرة الشرعية والسياسة التي تبنتها أوروبا في هذا المجال والتي كانت لها آثار عكسية حيث أججت من وتيرة الهجرة السرية وجعلت كلفتها باهظة بالنسبة للمرشح للهجرة.

علاوة على عوامل جغرافية تتعلق بقرب السواحل الأوروبية، خاصة بين مصر وإيطاليا واليونان، وليبيا وإيطاليا، ولا تبعد أوروبا عن الشاطئ المغربي إلا بـ14 كلم والشاطئ الإسباني يمكن رؤيته من الشاطئ المغربي الممتد من طنجة إلى سبتة السليبة.

وهكذا أصبحت الهجرة مشروعاً مكلفاً واستثماراً يقتضي تعبئة مصادر للتمويل من أجل تحقيقه من ديون ومن بيع للأرض والممتلكات... إلخ هذا ما يفسر كيفية إقبال المهاجر غير الشرعي على أي عمل مهما كان مذلاً وصعباً لأنه في كل الحالات لا يقبل أن يرجع خاوي الوفاض.

ثالثاً- مافيا تجارة الهجرة غير الشرعية

لقد أدت جدلية الرفض القانوني والطلب الاقتصادي إلى إنعاش ما يمكن تسميته بـ"تجارة الأوهام"؛ وقد تكونت شبكات منظمة في مختلف مناطق مرور المهاجرين السريين لتقدم خدماتها إلى هؤلاء. ويؤدي المرشح للهجرة السرية ما بين 600 إلى 5500 دولار في مضيق جبل طارق. وتفوق هذه الكلفة بكثير هذه القيمة بالنسبة للشبكات العاملة بين آسيا وأوروبا أو الولايات المتحدة، ويقدر رقم معاملات هذه الشبكات على المستوى الدولي بحوالي 7 ملايين دولار في السنة. وفي مصر، فإن الرقم المتداول للفرد ما بين 30-50 ألف جنيه على الأقل، في رحلة ومواجهة للموت من قوارب مطاطية لا تحتمل أكثر من 10 أفراد يتم تعبئتها بحوالي 70 شخص، وأخرى خشبية لا تحتمل أكثر من 100 شخص، يتم ردمها بحوالي 400 فرد، كل ذلك من أجل مكسب سهل وخرافي لتجار الهجرة غير الشرعية.

وتلك الشبكات من المهربين هي شبكات عابرة للدول، بل للقارات، لها مصالحها ورجالها، ومراكزها في دول الإرسال حيث تبدأ الرحلة، ثم في دول العبور والتجهيز، وصولاً لدول الاستقبال، يتورط فيها أناس كثر من تلك الدول في صفقات ورشاوى بالملايين، ولا تقف الرحلة عند خطورة المسار، من غرق أو اختناق أو قنص من الأمن، بل تتعدى إمكانية وقوع العديد من المهاجرين ضحية لعصابات المخدرات، التي تقوم بسرقة أموالهم ومطالبتهم بإتاوات لركوب القطارات، وتقوم أحياناً بخطفهم للحصول على فدية من أهاليهم، وذلك منتشر في أمريكا اللاتينية، ولكن في أوروبا فهم أشد عرضة لاستغلال سماسرة الموت في الابتزازات الجنسية وتجارة الدعارة، أو تجارة الأعضاء، والمخدرات.

ولا يتوقف هؤلاء السماسرة على ابتداع أساليب جديدة للقفز على الإجراءات الأمنية المختلفة؛ فقبل توسعة الاتحاد الأوروبي سنة 2004 وأثناء المفاوضات التي كانت تجريها دول أوروبا الشرقية للانضمام إليه نشط بعض الشباب المصري الراغب في الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا في الزواج من مواطنات هذه الدول حتى يتمتع بوضع قانوني مميز فور انضمام هذه الدول إلى الاتحاد ويصبح بالتالي من حق مواطنيها التنقل بحرية بين دوله ثم التمتع بجنسية هذه الدول فيما بعد.

من الوسائل أيضاً تزوير تأشيرات الدخول إلى دول أميركا اللاتينية وبعض البلدان الأفريقية من خلال النزول "ترانزيت" في مطارات الدول الأوروبية، التي ما إن يضع الشاب المصري قدمه فيها حتى يسارع بتمزيق جوازات السفر التي يحملها ويطلب اللجوء إلى هذه الدول وعدم استكمال رحلته إلى وجهته المنصوص عليها في تأشيرة السفر. كل ذلك يتم بالتنسيق مع عصابات متخصصة في مثل هذا النوع من عمليات التزوير. غير أن سلطات الأمن في مطارات الدول الأوروبية التفتت إلى هذه الطريقة فبادرت بترحيل هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية مرة أخرى وعدم السماح لهم بدخول أراضيها

رابعاً- المسئولية المصرية والدولية تجاه الهجرة غير الشرعية

في حقيقة الأمر، وعلى عكس نظرتنا التقليدية إلى الظاهرة، فالهجرة ليست سلبية على نحو كامل، فالمستفيد الأول ولعقود طويلة من الهجرات هي الدول الأوروبية، فحتى في ذلك التوقيت الذي يشهد صداً كبيراً منها، فهي في حاجة لها لمعالجة "الفجوة الاقتصادية والبشرية"؛ حيث تعاني بعض دول القارة الأوروبية من انخفاض عدد السكان خاصة في سن العمل مثل ألمانيا التي انخفض عدد السكان فيها من 81,3 مليون نسمة خلال عام 2013 إلى 70,8 مليون نسمة خلال عام 2016، بما يهدد تنافسية الاقتصاد الألماني في القارة الأوروبية، ومن ثم تزداد الحاجة لقبول وتوطين المهاجرين واللاجئين. والذين في الغالب يتركزون في الشرائح الشابة، ومعهم أسر ستتشكل وأجيال ستنشأ، بما يساهم في التخفيف من "شيخوخة المجتمعات". ومن المفترض أن يتحول كثير منهم إلى طاقة عمل وتشغيل، وإلى دافعي ضرائب مع الوقت لتمويل "دولة الرفاه الاجتماعية" التي تنهكها زيادة نسبة المتقاعدين على حساب طاقة العمل والإنتاج.

وربما المسئولية الأولى لأزمة الهجرة غير الشرعية هي واقعة في الأساس على الدول الغربية، ودول أوروبا، في اتجاهين:

الأول- متعلق بغلق الباب أمام الهجرة النظامية؛ بحيث لم يعد هناك منفذاً لخلم الوصول سوى عبر الطرق غير المشروعة، فايطاليا مثلاُ لم تعد تفعل الإجراءات المنظمة للهجرة مع مصر التي كانت تخصص حصص سنوياً. الأمر هنا إذاً متعلق بأهمية جعل الهجرة "تنظيمية" بدل من غلق أفق الهجرة النظامية بالكامل، أو فتحها على مصراعيها وهو ما يتعارض مع الاعتبارات الأمنية والاقتصادية. فالأصل هو حرية الانتقال للأفراد والسلع وهو ما ترتكن عليه اتفاقية الجات، كما تراتب عليه الخبرة التاريخية من أن أصل تكوين المجتمعات الحديثة هي الهجرة. فالهجرة يجب أن تكون منظمة ومفتوجة بشروط

الثاني- وهي المسئولية السياسية لتلك الدول عما يحدث في المنطقة عموماً، ومن تورطها في الأزمات الحالية واشعالها سواء في سوريا أو ليبيا بعد تدخل الناتو، وغيرها. فالسياسات الغربية أججت الأزمات في الشرق الأوسط والدول العربية، ثم هي لا تريد أن تتحمل "بعض" تبعاتها.

وعند الحديث عن سبل المواجهة لتلك الظاهرة محلياً، فنجد أن هناك فراغ تشريعي في مصر، والبطء في إقرار "قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين" الذي أعدته اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية ووافق مجلس الوزراء المصري 25 نوفمبر 2015، ولم يدخل حيز النفاذ حيث لم تتم مناقشته في مجلس النواب. فهناك أولاً حاجة لوجود تشريع قوي. ثم حلول أمنية رادعة متعقبة للمتورطين في تلك التجارة ومن يتعاون معهم، علاوة على الحملات التوعوية والتثقيفية الإعلامية المختلفة بمخاطر وتداعيات تلك الرحلات المميتة. وهو الأمر الذي يجب أن يوازيه مباحثات أوروبية أوسطية ربما بدعم دولي من الأمم المتحدة من أجل تنظيم وحل لأزمة الهجرة إلى أوروبا خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية والانسانية التي تعاني منها عديد الدول في المنطقة. مع الأخذ في الاعتبار أن الحلول الأمنية وحدها لن تقضي على الظاهرة.

ويمكن هنا طرح بعض الحلول، منها تولي الوزارات والهيئات المعنية إعداد دراسات وقواعد بيانات للعمالة الوطنية، تقديم المنظمات الدولية الدعم للحكومات، والمؤسسات البحثية والخبراء في استخدام الادوات المتاحة والبيانات اللازمة للتنبؤ باتجاهات الهجرة والقوى المحركة لها، وإنشاء شبكات لتبادل الباحثين والعلماء في مجال الهجرة بين دول المنشأ والمقصد، وإشراك المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية فيها. تعزيز آليات التعاون الفني والأمني والقضائي والتشريعي بين دول المصدر ودول المقصد، وفي إطار الاحترام الكامل لحقوق المهاجرين. تعزيز إمكانيات ضبط الحدود البرية والبحرية لمواجهة جماعات الهجرة غير النظامية على الحدود. التعاون بين الدول العربية كافة كشركاء متكاملين، للتعاطي المجدي مع الهجرة غير النظامية، عبر تعزيز آليات مكافحة عصابات وشبكات تهريب المهاجرين بجهود أمنية مشتركة بين الدول المعنية.