كما
أثارت الثورة موجة من المطالب الاجتماعية متعلقة بتدني الأجور والمعاشات وتوفير
فرص عمل، بِيدَ
أن مواجهة الضغوط الاجتماعية
والسياسية تتجاوز مجرد تحسن سريع في مستويات
المعيشة في البلاد خاصة في ظل معدل الفساد لنظام مبارك الذي يؤكده ترتيب مصر ال98 على مؤشر الشفافية الدولية
لعام 2010 الخاص بمعدل مكافحة الفساد والذي
أثار ردَّ فعلٍ شعبيًا عنيفًا ضد الخصخصة
وضد تحرير الاقتصاد.
وقد أجرى المعهد الدولي الجمهوري الأمريكي استطلاعا للرأي عن الأوضاع الاقتصادية في مصر بعد
الثورة في الفترة ما بين 14 و27 أبريل
2011 ومن نتائج هذا الاستطلاع:
§
81% من المصريين يجدون الوضع الاقتصادي سيئًا.
§
80% يتوقعون تحسنا كبيرًا في وضعهم الاقتصادى في العام القادم.
§
51% يدَّعون عدم قدرتهم على إطعام أنفسهم وعائلتهم.
§
63% حددوا أن البطالة هى
أكبر مشكلة تواجه مصر بصورة عامة.
§
حازت مشكلة الأجور والمرتبات على 23% فقط من المبحوثين كأكبر مشكلة تواجه
مصر.
§
64% أقروا أنهم ساندوا الثورة بسبب تدهور مستوى المعيشة وندرة فرص
العمل بينما قرر 19% إنهم ساندوا الثورة لإرساء دعائم الديمقراطية.
يكشف هذا الاستطلاع عن أن أغلبية المصريين معنيون بالدرجة الأولى بنظام اقتصادي
قادر على توفير فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة للأغلبية الكادحة.
ثانيًا: التحديات
الاقتصادية للثورة
للثورات عبر التاريخ كَلفَة اقتصادية لا مناص منها، وقد
اتسمت الفترة الانتقالية بانفجار المطالب
الفئوية مع استمرار السياسات الاقتصادية لنظام مبارك دون إيجاد أى حلول جذرية أو
مؤقتة، وكان هناك تجاهل متعمد لتحقيق مطالب الثورة خاصة مطالب العدالة الاجتماعية.
وقد
أدَّت الثورة وتوقُّف الانتاج إلى مجموعة من النتائج السلبية كان أهمها:
§
تراجع النمو
الاقتصادي.
§
تراجع وتذبذب
الإنتاج المحلي.
§
تراجع الدخل من
العملة الأجنبية بسبب تراجع السياحة وتحويلات المهاجرين.
§
زيادة عجز
الموازنة بسبب تراجع الإيرادات وزيادة الإنفاق الاجتماعي.
§
تراجع
الاستثمارات الأجنبية في انتظار الاستقرار.
§
زيادة معدلات
البطالة، وهي نتيجة منطقية لما سبق ذكره.
وقد كانت هناك مجموعة من التحديات التي رافقت
المرحلة الانتقالية والتي فشل المجلس العسكري كما فشل "مرسي" بعده أن
يحقق أي نجاح يُذكَر في أي من هذه التحديات، والتي كان أهمها:
1-
تحدي
الإضرابات العمالية
بعد وقت قصير من خلع الرئيس الأسبق مبارك شهدت مصر ارتفاع
"الاحتجاجات الفئوية" كما سمّتها السلطة ووسائل الإعلام وهي تسمية لها
مدلول سلبي وقد تم استخدام هذا المصطلح لوصف أي مظاهرة أو إضراب أو اعتصام وقد تباينت
وجهات النظر في تقييم
الإضرابات والاعتصامات التي عمَّت مصر بعد الثورة
فكانت هناك وجهتا نظر.
وجهة
النظر الأولى: رأت أنه من الطبيعي أن يستعجل
الناس قطف ثمار نضالهم وأن يستشعروا أنهم صنعوا إنجازًا يمكن أن يلمسوه في واقع
حياتهم، ومن الطبيعي أيضًا أن يتخوفوا من أن يتم تجاهل مطالبهم القديمة في زحام
إعادة ترتيب وصياغة أولويات الدولة، وإذا كان البعض يعيب على الإضرابات أثرها
السلبي على الاقتصاد وتعطيل العملية الإنتاجية إلا
أنها من زاوية أخرى تُعتبَر ضامنا لمسار الثورة، وضرورة لتطهير المؤسسات من الفاسدين، فالضغوط الشعبية
والعمالية على الحكومات والسلطة الانتقالية مهمة بل مطلوبة خصوصًا في ظل غياب مؤسسات
منتخبة من الشعب تقوم بدور الرقابة وتسهر على أهداف الثورة.
وما
يؤيد وجهة النظر هذه أن الوقفات الاحتجاجية والاعتصام والتوقف عن الإنتاج تنبُع جميعها في المقام الأول من الشعور بالظلم وعدم العدالة، إذ توجد قيادات قليلة العدد تحصل على دخول ومزايا مغالى، فيها في حين أن الأغلبية التى يقوم عليها العمل والإنتاج لا تنال إلا القليل، ومن ثَمَّ فهناك ضرورة إلى
إصلاح الخلل في توزيع الدخول والأجور إلا أن الإصلاح
الشامل قد يستغرق وقتًا ومن الصعب الانتظار إلى أن تتم الدراسة الكاملة لهذا
الإصلاح لذا يتعين إصدار قرارات فورية لمعالجة الوضع المتأزم مع تعديل المسار كلما
دعَتْ الحاجة وتشتمل المقترحات العاجلة لإعمال العدالة في المجتمع على إجراءين
أساسيين هما تقليل التفاوت في الدخول والأجور وتصاعدية الضرائب.