المركز العربي للبحوث والدراسات : رؤية قانونية: قراءة نقدية في قانون الخدمة المدنية (طباعة)
رؤية قانونية: قراءة نقدية في قانون الخدمة المدنية
آخر تحديث: الإثنين 08/02/2016 11:13 ص المستشار محمد عمر
رؤية قانونية:  قراءة
إن القانون في أحد معانيه هو مجموعة المبادئ والأفكار التي تتخذ سبيلها عن طريق الإلزام، ومن هنا نجد أن للقانون دورًا يؤديه في تشكيل اتجاهات الجماعة وصياغة قيمها الأساسية، وبدهي أن استقرار النظم الاجتماعية رهن بتمسك أعضاء المجتمع بما ينتهجونه من مذاهب وفلسفات، ومن ثم فإن إيمان هؤلاء بما ينطوي عليه القانون من مبادئ وما يبتغيه من أهداف مؤشر ينبئ عن مدى قابلية هذا القانون للاستقرار.
وليس قانون الخدمة المدنية إلا أحد هذه القوانين الذي ينبغي أن تكون نصوصه موجهة إلى أشخاص يوجدون في مكان معين وتحيط بهم أوضاع لها ظروفها وآمال يتعلقون بها فلا تنعزل مفاهيم هذه النصوص عن واقعها لتكفل لهؤلاء الأشخاص حقوقهم التي لا يجوز النزول عنها أو إضعافها وحقائق العدل التي يتعين إرساؤها ولا تخل بذلك بسعيهم إلى سعادة ورفاهية وعيش كريم وتنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية يناشدونها.
ويأتى الجدل الواسع حول هذا القانون نظرًا لما له من أهمية خاصة لكونه المنظم للعلاقة بين الدوله والعاملين في قطاعاتها المختلفة والذي يتجاوز عددهم نحو 6 ملايين موظف مما يتطلب أن يكون هذا القانون محل توافق وأن يخضع لكثير من المناقشات من ذوي الشأن والمخاطبين بأحكامه.
وقد صدر قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 12/3/2015 وصدرت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2912 لسنة 2015 وتم نشرها بالجريدة الرسمية بتاريخ 8/11/2015، وتم عرض القانون على مجلس النواب طبقًا لنص المادة (156) من الدستور الحالي والتي تنص على أنه: "إذا حدث في غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه وإذا كان مجلس النواب غير قائم يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد فإذا لم تعرض وتناقش أو عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب عليها من آثار".
ولكن أثناء نظر القانون وقع نواب المجلس تحت تأثير الرأي العام وذلك لما لاقى هذا القانون من رفض شعبي كبير من جانب المخاطبين بأحكامه وخاصة أن نواب المجلس أتوا عن طريق الانتخاب لذلك كان لهذا الرفض الشعبي أثرًا بالغًا عند تصويتهم على القانون خاصة أن القانون لم يعرض للحوار المجتمعي بصورة كافيه ولا سيما أن هذا القانون هو الذي يتحكم في العلاقة بين الموظف والدولة، لذلك تم رفض القانون من جانب المجلس. وبالتالي أصبح قانون الخدمة المدنية كأن لم يكن وسقطت كل نصوصه ومنها نص المادة (2) والتي تنص على أنه يلغي قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 ويترتب على ذلك أن يعود الواقع التشريعي إلى ما كان عليه قبل صدور قانون الخدمة المدنية وبالتالي يعود العمل بالقانون 47 لسنة 1987 وبالتالي لا وجود لحالة ما يسمى بالفراغ التشريعي.
وكانت الأسباب التي من أجلها رفض مجلس النواب قانون الخدمة المدنية هي في مخالفته للدستور ونظام تقرير الكفاءة السنوي وأسلوب الترقيات ونظام الأجور والحوافز ونظام الانتداب وعدد ساعات العمل ومكافحة الفساد والجزاءات التأديبية. وإذا تناولنا هذه الأسباب فنجدها تخلص فيما يلي:

يجب أن تكون الزيادة فى المرتبات تناسب الزيادة المطردة في الأسعار والتضخم الشديد حتى يتمكن الموظف من العيش في كرامة
1-     مخالفته للدستور
حيث نصت المادة الأولى من قانون الخدمة المدنية على استثناء بعض الجهات والمصالح والأجهزة الحكومية من الخضوع لهذا القانون وهو ما يخالف نصوص المواد (9) و (14) و (53) من الدستور، ويعد إهدارًا للعدالة الاجتماعية ومبدأ المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص.
وإذا نظرنا إلى نصوص المواد 191، (14) و(53) من الدستور الحالي نجد أن المادة (9) تتحدث عن التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تميز والمادة (14) على أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة دون محاباة أو وساطة وكذلك المادة (53) تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة ولم يوضح المجلس في أسبابه أيًا من المواد والتي تخالف الدستور.
ولكن بالنسبة لاستثناء بعض المصالح والأجهزة الحكومية من خضوعها لهذا القانون، وذلك سنده في اختلاف المراكز القانونية لكل منهما، والمساواة تكون عند تماثل المراكز القانونية وليس عند اختلافها. والمركز القانوني هو كل مركز يكون محتواه واحد بالنسبة لطائفة معينة من الأفراد فترسم حدوده ومعالمه قواعد مجردة متماثلة لجميع من يشغلون هذا المركز.
لذا المقصود بالحق في المساواة هو خضوع جميع المراكز القانونية المتماثلة لمعاملة قانونية واحدة على نحو يتناسب بطريقة منضبطة وفقًا للهدف الذي توخاه القانون. وجاء استثناء هذه المصالح والأجهزة من الخضوع لقانون الخدمة المدنية لاختلاف طبيعة العمل أى اختلاف المراكز القانونية فلها قوانينها الخاصة المنظمة لها وهو ما كان عليه العمل قبل القانون رقم18 لسنة 2015.  
2-     نظام تقرير الكفاءة السنوي
وذلك فيما يتعلق بالمواد 26 و 27 و 28 والتي تتعلق بتقييم الموظف ونقله إلى جهة عمل أخرى وخصم 5% من الأجر المكمل لمدة ستة أشهر ومن ثم فصله كخطوة أخرى بعد تسجيل تقرير أداء ضعيف بتقريرين سنويين وبموجب قرار من إدارة الموارد البشرية بالجهة الحكومية مع حفظ حقه في المعاش وبعد اعتماد السلطة المختصة لقرار اللجنة الخاصة بتظلمات الموظفين وهو ما يجعل مسألة التقييم للموظف من رئيسه المباشر وتدخله في بقائه في وظيفته من عدمه حتى وإن كان هناك  ومرؤوسه لا يتعلق بسير العمل.
كما أن المادة (26) أقرت بأن الموظف يمكنه التظلم من تقرير الكفاية ولكن للأسف فإن المادة قررت أن عدم البت في التظلم خلال ستين يومًا يعتبر رفضًا للتظلم في حين أن المادة (30) من القانون 47 لسنة 1987 كانت تنص على أن يبت في التظلم خلال ستين يومًا، وبالتالي فإن هذه المادة تعتبر انتقاصًا من الحقوق الأساسية للعاملين.
ونرى أن نظام تقرير الكفاءة المقرر في المواد 25 و 26 و 27 من قانون الخدمة المدنية كان منصوصًا عليه في القانون رقم 47 لسنة 1987 في المواد 28 و 29 و 30 و 31 و 32 و 33 و 34 و 35 وقد ورد بالمادة (35) من القانون 47 لسنة 1978 على أن يعرض أمر العامل الذي يقدم عنه تقريران سنويان متتاليان بمرتبة ضعيف على لجنة شئون العاملين فإذا تبين لها من فحص حالته أنه أكثر ملائمة للقيام بوظيفة أخرى فى ذات درجة وظيفته قررت نقله إليها، أما إذا تبين للجنة أنه غير صالح للعمل في أية وظيفة من ذات الدرجة بطريقة مرضية اقترحت فصله من الخدمة مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة أو منحه إجازة.
وبالتالي فإن نظام تقرير الكفاية قد تضمنه القانونين إلا في حالة واحدة وهى أن المادة (26) أعتبرت أن عدم البت في التظلم خلال تلك المدة بمثابة رفض بتها في القانون 47 لسنة 1958 كان ينص على أن يبت في التظلم خلال تلك الفترة فبالنسبة لنظام تقرير الكفاية نجد أنه يجب أن يكون هناك تقرير لتقويم القائمين على العمل حتى لا يصبح الجميع متساوين من يعمل ومن لا يعمل وبالتالي أصبح ذلك هو المخالف للقانون، خاصة أن الموظف قد يكون صالحًا للعمل في وظيفة ما فترة ثم تطرأ بعد ذلك ظروف معينة يصبح بعدها غير صالح لممارسة ذات العمل وعلى سبيل المثال أن يكون الموظف يعمل في وظيفة فني ويتعامل مع الآلات ويتعرض لمرض طارئ يصبح بعدها غير صالح لممارسة ذلك العمل أو موظفًا وأحاط به الفساد والرشوة فيجب إبعاده من التعامل مع الجمهور ولكن ما يجب تعديله هنا هو ووضع وضمانات للتقييم مثل الاعتداد بأن الموظف يمارس عمله مثل الرجل المعتاد وموجود دائمًا وأنه يمارس عمله على الوجه المطلوب من خلال سلامة ما يكلف به من أعمال وغير ذلك من الضوابط.
فلو فرضنا أن الموظف وهو فني يتعامل مع آلات معينة وأن جميع الآلات سليمة وتعمل بكفاءة عالية، وأنها خضعت للصيانة في الأوقات المحددة مما يستفاد منه أن الموظف يمارس عمله بكفاءة مع الاعتبارات الأخرى.
وبالنسبة لعدم الرد خلال المدة يعتبر رفضًا للتظلم على عكس ما كان عليه القانون السابق ويرى المجلس وجوب البت في التظلم خلال المدة فإن ذلك لا يعد انتقاصًا من حقوق الموظف، لأن ذلك لا يمنعه من اللجوء إلى القضاء طبقا لمبدأ سيادة القانون ومبدأ الحق في التقاضي، خاصة أن وجوب البت خلال مدة الستين يومًا قد تكون غير كافية في بعض الحالات التي لا تكفي هذه المدة لمعرفة الحقيقة في الممتلكات الكبيرة والمعقدة التي تتطلب معرفة الحقيقة ومنها التحقيق مع أكثر من موظف وبالتالي فإن وجوب البت في التظلم في هذه الحالة يمثل عبئًا على جهة الإدارة، ويخضع ذلك كله لرقابة القضاء، خاصة ذات السلطة التقديرية التي تسمح بها جهة الإدارة في شأن تقدير خطورة الذنب الإداري وما يتناسب من جزاء مرتبطة بألايشوب استعمالها غلو وإنحراف وذلك بأن تبدو عدم الملاءمة واضحة وظاهرة بين درجة خطورة المخالفة الإدارية وبين نوع الجزاء ومقداره، وهو في هذه الحالة يخضع لرقابة القضاء (8631 لسنة 45 ق جلسة 13/1/2001) بالنسبة لتقويم الموظف من خلال تقرير الكفاءة فهذا كله منصوصًا عليه في القانون 47 لسنة 1978 وبالتالي فهو ليس مستحدث وهو أمر واجب لمعرفة المجتهد من غيره. وجهة الإدارة في تقدير ذلك تخضع لرقابة القضاء حيث أكدت على ذلك المحكمة الإدارية العليا(جلسة 1336 لسنة 26 ق جلسة 22/6/1988) على أنه: "تعتمد الترقية بالاختيار على المفاضلة في مجال الكفاية لشغل الوظائف وهو أمر متروك لجهة الإدارة لتستهدف فيه ما يتجمع من عناصر الترجيح وما يتجمع لديها عن ماضي المرقى من عناصر تساعد على الحكم على ذلك، ويجعلها تطمئن إلى حسن اختيارها له وتقدير الإدارة في هذا الشأن له اعتباره، وهي ما تنفرد به دون معقب عليها وإذا ما خلا من الانحراف ولم يقترن بأي وجه من وجوه إساءة استعمال السلطة".  
خاصة أن تقويم الموظفين من جانب رئيس العمل هو من صميم حقه فقد أكدت على ذلك المحكمة الإدارية العليا (طعن 1187 لسنة 32 ق جلسة 22/4/1989، وطعن 611 لسنة 42 ق جلسة 11/11/2000)، على كل رئيس في أداء واجباته أن يراعي متابعة ومراجعة أعمال مرؤوسيه من الخاضعين لإشرافه ورقابته طبقًا للقوانين واللوائح ونظم العمل والتحقق من ملاءمة أدائهم لواجباتهم بدقة وأمانة وهو وإن كان لا يحل محل كل منهم في أداء واجباته إلا أنه مسئول عن الإشراف عن أدائهم لواجباتهم بصفة عامة طبقًا للقوانين واللوائح والقواعد التنظيمية للعمل.
وبالتالي فلا غضاضة من وجود هذا النص خاصة وأنه جهة الإدارة تخضع في تقديرها في ذلك لرقابة المحكمة إذا ما كانت قراراتها يشوبها الانحراف وإساءة استعمال السلطة.

أن تحديد عدد ساعات العمل مرتبط بما نصت عليه اتفاقية منظمة العمل الدولية وهى 8 ساعات في اليوم أي بحد أقصى 48 ساعة أسبوعيًا
3-    نظام الأجور والحوافز
حيث يرى المجلس أن منظومة الأجور التي تناولها القانون تهدر الحق الثابت للموظف العام في تقاضي أجر يكفيه للعيش بكرامة، وأنه يرى ضعف نسبة الـ 5% التى قررها القانون الجديد كل عام أو يرى أنها ضئيلة جدًا لا تناسب النضج وزيادة الأسعار.
فنرى أن عددا كبيرا من الموظفين لاحظ تناقص مرتباتهم بعد تطبيق القانون، على عكس ما كان عليه العمل بالقانون 47 لسنة 1987 حيث كانت المرتبات تزيد بعد شهر يوليو من كل عام وهو ما كان ينتظره الموظف والذي تصادم بعدم زيادة مرتبة بعد تطبيق هذا القانون إلا بزيادة ضئيلة جدًا  بالمقارنة بالزيادة التي كانت تأتي من تطبيق القانون 47 لسنة 1987، لذا شعر الموظف بالظلم وانتقاص حقه نتيجة تطبيق هذا القانون لذا يجب أن تكون الزيادة تناسب الزيادة المطردة في الأسعار والتضخم الشديد حتى يتمكن الموظف من العيش في كرامة.
4-     نظام الانتداب
حيث نص القانون في المادة (32) على عدم جواز زيادة مدة انتداب الموظف عن أربع سنوات ما يؤدي إلى تشتت الأسر إذا كانت الزوجة منتدبة لمنطقة أو محافظة عمل الزوج للم الشمل. ونرى أنه يمكن تفادي ذلك بالنص على ضوابط محددة تجوز فيها زيادة مدة الانتداب خاصة عند زواج المرأة وسكنها في محافظة الزوج وحالات المرض.

5-     عدد ساعات العمل
تم النص على أن ساعات العمل الأسبوعية لا تقل عن 35 ساعة ولم يتم النص على الحد الأقصى لعدد ساعات العمل، كما لم يتم النص على المقابل المادي لعدد ساعات العمل التي تزيد على الحد الأدنى.
ونرى أن تحديد عدد ساعات العمل مرتبط بما نصت عليه اتفاقية منظمة العمل الدولية ومصر عضو في هذه الاتفاقية وهى 8 ساعات في اليوم أي بحد أقصى 48 ساعة أسبوعيًا وبالنسبة للمقابل المادي لعدد ساعات العمل التي تزيد على الحد الأدنى يمكن تحديدهما في اللائحة التنفيذية، وهي طبقًا للقواعد المنظمة للعمل واللوائح وبالتالي لا توجد ثمة إشكالية في هذه المادة.
من مميزات القانون أن يكون الإعلان والامتحان عن طريق بوابة الحكومة الإلكترونية، وإنشاء سجل إلكتروني للموظف يعد ذلك تطويرًا للجهاز الإداري
6-    مكافحة الفساد
يجوز بعد التحقيق في المخالفات التي يترتب عليها ضياع حقوق الدولة أن يوقع على من انتهت خدمته غرامة لا يتجاوز عشرة أضعاف أجره الوظيفي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء الخدمة، فهذه المادة من الممكن أن تشجع ضعاف النفوس على ارتكاب المخالفات لأن الموظف يستطيع ارتكاب مخالفات تساوى الملايين ثم يفرض عليه غرامة لن تتعدى عشرين ألف جنيه، وبالتالي كان يجب أن تكون الغرامة تساوي ضعف ما تم إثباته من مخالفات مالية ضد الموظف.
نرى أنه في حالة فساد الذمة المالية للموظف وارتكاب لمخالفات مالية حتمية أنه يتم تحويله للمحاكمة والمحكمة تفصل في ذلك، فإذا ثبت ارتكابه لجريمة معينة سوف تطبق المحكمة عليه الجزاء المناسب، ولكن من الممكن النص عند ثبوت ارتكاب الموظف للمخالفة أن ينص على أن الموظف يقوم بتعويض الجهة بمبلغ يوازي ضعف المخالفة المالية وليس غرامة، لأن النص على الغرامة يكون من جانب المحكمة لأنها عقوبة وطبقًا لما نص عليه القانون أنه (لا جريمة ولا عقوبة). لذا من الممكن على النص على تعويض الجهة بضعف ما يرتكبه الموظف من مخالفات مالية.
7-    الجزاءات التأديبية
تم إلغاء مادة محو الجزاءات التأديبية التي توقع على العامل بعد انقضاء فترات معينة في القانون 47 لسنة 1978 فإنه من الممكن تعديل هذه المادة والنص على محو هذه الجزاءات بعد مدة معينة أو حتى ترقيته إلى درجة أعلى، لأنه ليس من المعقول عند ارتكاب الموظف مخالفة في بداية عمله أن تظل هذا الجزاء لصيقًا به طوال حياته الوظيفية، فإن محو هذا الجزاء يكون مستحقًا له. ولكن رغم ذلك فإن قانون الخدمة قد تشابه كثير من مواده مع مواد القانون 47 لسنة 1978.
وأنه في ظل حالة الضعف للجهاز الإداري للدولة والتي يعاني منها منذ أمد والبيروقراطية التي يعانى منها والفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة، فإن هناك حاجة ماسة لوضع قانون يواكب متطلبات العصر. لذلك كان هذا هو الهدف من القانون رقم 18 لسنة 2015 برغم ما به من مواد يجب تعديلها فقد تضمن القانون بعض المميزات منها:
-    أن يكون الإعلان والامتحان عن طريق بوابة الحكومة الإلكترونية، وإنشاء سجل إلكتروني للموظف يعد ذلك تطويرًا للجهاز الإداري، خاصة أن مسابقة 30 ألف معلم التي كانت على مستوى الجمهورية تم تطبيق الاختبار على شاشة الكمبيوتر، والنتيجة تكون بعد الانتهاء من الاختبار مباشرة بواسطة الحاسب الآلي.     يؤدي ذلك بالإضافة إلى الشفافية، إلى إنهاء الوساطة والمحسوبية، وكان ذلك يحسب لوزارة التربية والتعليم والتي لم يلاحظ أية شكاوى من وجود وساطة او محسوبية في الاختيار، خاصة وأن الدولة لجميع أجهزتها الإدارية تفتقد لثورة التكنولوجيا والمعلومات التي يجب أن تشمل جميع أجهزة الدولة لمواكبة العصر.
-    زيادة عدد أيام الإجازة بالنسبة للمعاقين لتصل لـ 45 يومًا بغض النظر عن سنوات الخبرة وأن يتم تعيينه إلى أقرب مقر لعمله، وزيادة أجازة الوضع إلى 4 شهور بدلًا من 3 شهور.
-    عدم العمل تحت الإشراف المباشر للأقارب من الدرجة الأولى التي يعاني منها الجهاز الإداري منذ سنوات.  
-    أصبح بند الأجور في بندين فقط وهما المكمل والوظيفي والإجمالي الذي هو الجمع بين المكمل والوظيفي مما ينهي حالة التعقيد التي كان يعاني منها نظام الأجور في القانون السابق.
-    منح الموظف الذي يدرس بالمعاهد أو الكليات إجازة خاصة بأجر في ايام الامتحانات الفعلية لم تكن في القانون السابق، مما يعد ذلك تشجيعًا للتعليم.
لذا فإن قانون الخدمة المدنية يشابه قانون العاملين المدنيين للدولة في كثير من نصوصه والأمور المختلف عليها يمكن تعديلها ولا تمثل عائقًا كبيرًا، وإنما كانت هذه الضجة الكبيرة لأسباب كثيرة منها عدم القراءة المتأنية للقانون من جانب البعض هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن هذا القانون هو الذي يتحكم في العلاقة الوظيفية بين الموظف والدولة، وأن جميع النقاط المختلف عليها يمكن تعديلها دون أدنى مشكلة مثل تسوية حالة الموظف الذي يحصل على مؤهل أعلى أثناء الخدمة والذي كان منصوصًا عليه في القانون 47 لسنة 1978 بإعادة النص عليه.
ووضع ضمانات عند وضع تقرير الكفاية للحد من سلطة الرئيس المباشر يطمئن معها الموظف بأنه لا يتعرض لظلم يقع عليه من جانب رئيسه في العمل،  وبذلك نكون انتهينا من هذه المشكلة والشعور بأنه سوف يتعرض للظلم وأيضًا من مميزات هذا القانون استيفاء تعيين نسبة 5% من المعاقين في أي مسابقة، والتي ذكرت في اللائحة التنفيذية للقانون 18 لسنة 2015.
ونشير أخيرًا إلى أن بعض الآراء القانونية قد أشارت إلى أن القرار الصادر من مجلس النواب برفض قانون الخدمة المدنية  يجب إبلاغ السيد رئيس الجمهورية رسميًا بذلك متضمنًا أسباب الرفض، فضلًا عن نشر قرار النص بالجريدة الرسمية، ونرى أن النص الدستورى في المادة (156) من الدستور الحالي قد جاء خلوًا من تطلب ذلك فضلًا عن أن التنظيم الدستوري في كيفية التعامل في مسألة إصدار التشريعات من البرلمان أو رفضها لا يتعلق بمثل هذه الحالة ولم يوجب على المجلس النيابي اتخاذ مثل تلك الإجراءات التي نادى بها بعض رجال القانون، وهو ما نخلص معه إلى أن نصوص قانون الخدمة المدنية قد سقطت بمجرد رفض البرلمان لها دون حاجة إلى ثمة إجراءات أخرى.