المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

بطولات مزيفة!

السبت 05/يوليو/2014 - 10:41 ص

ليس هناك من شك في أن ثورة 25 يناير أدت إلى انفجار سياسى وانقلاب اجتماعى في نفس الوقت. انفجار سياسى تمثل في إسقاط النظام القديم بعد ثمانية عشر يوماً من الاعتصام في ميدان التحرير، ليس ذلك فقط ولكن إسقاط القيم الفاسدة التى قام على أساسها، وأنماط الشخصيات المنحرفة التى تصدرت عالم السياسة والاقتصاد. في سياق الزواج المحرم بين أهل السلطة وأصحاب الثروة، بالإضافة إلى الإعلام التبريرى الذى روج للسياسات الفاسدة وسكت عن النقد الضرورى للانحرافات الكبرى التى شابت الحكم.

ولكن بالإضافة إلى الانفجار السياسى حدث انقلاب اجتماعى تمثل في سقوط عديد من القيم السلبية والتى تقف في مقدمتها الخنوع للسلطة وعدم مقاومة الظلم والنكوص عن الاحتجاج ضد القمع السياسى.

غير أنه سقطت مع هذه القيم السلبية قيم إيجابية متعددة لعل أهمها سقوط التراتبية الاجتماعية، والادعاء أنه يمكن الاعتداء باسم الثورة على الرؤساء والمديرين، ومعنى ذلك الخلط المعيب بين الثورة والفوضى.

غير أن أخطر مظاهر الانقلاب الاجتماعى ظهور فئة جديدة يطلق عليها النشطاء السياسيون. وهؤلاء النشطاء ليس من السهولة معرفة هوياتهم السياسية ولا توجهاتهم الإيديولوجية، وأنت حين تسمع كلمة ناشط سياسى لا تعرف هل هو يمينى أو وسطى أو يسارى وهل هو ثورى أو فوضوى؟

ولا ينبغى أن نندهش بأن يكون الناشط السياسى فوضوياً بالمعنى الإيديولوجى للكلمة وذلك لأنه لدينا فصيل سياسى يطلق على نفسه الاشتراكيون الثوريون. والذى يؤمنون "بالأناركية" أو الفوضوية كعقيدة سياسية، وهدفهم المعلن هدم الدولة وتفكيك القوات المسلحة، والدعوة إلى ما يسمى التسيير الذاتى.

ومن مظاهر الانقلاب الاجتماعى أن فئة من النشطاء السياسيين من مختلف الأجيال أرادوا من خلال القيام بأدوار متعددة لعب دور أبطال الثورة والمدافعين عنها في مواجهة خصومها، وسواء كانوا خصوماً حقيقيين أو وهميين.

وظهرت في الشارع شخصيات تدعى الثورية غير أن سلوكها العملى أثبت أنها في الواقع شخصيات فوضوية، أباحت لنفسها الهجوم على أقسام الشرطة أو محاولة اقتحام مقر وزارة الداخلية، أو نظمت مظاهرات تخريبية توجهت إلى مقر وزارة الدفاع للاحتكاك بالقوات المسلحة.

بل إن بعض هذه الشخصيات اعترفت علناً وعلى شاشات التليفزيون أنها شاركت في إلقاء قنابل المولوتوف على المجمع العلمى! وحين قبض على بعض هؤلاء وأحيلوا إلى المحاكمة وصدرت ضدهم أحكام بالسجن لقاء الجرائم التى ارتكبوها إذا بعناصر شاردة ممن يطلق عليهم النشطاء السياسيين يتظاهرون داعين للإفراج عنهم!

ومن ظواهر الانقلاب الاجتماعى أن بعض المثقفين الذين يمارسون الكتابة في الصحف والظهور المتكرر على شاشات  التليفزيون يريدون أن يلعبوا دور المعارضين لأى نظام، اكتساباً لشهرة زائفة والسعى إلى الحصول على لقب النقاد الأبطال الذين لا يترددون في مهاجمة أى نظام كان!

غير ان المفارقة أن أحد هؤلاء والذين قاموا بممارسة نقد نظام الرئيس السابق "مبارك" ارتموا مع غيرهم من المثقفين الليبراليين في أحضان المرشح لرئاسة الجمهورية "محمد مرسى"، والذى كان في هذا الوقت رئيس حزب الحرية والعدالة الإخوانى في لقاء فندق "فيرمونت" الشهير، وبايعوه على التأييد المطلق في الانتخابات إذا وافق على عدة مطالب لهم تتعلق لهم بالمشاركة السياسية في الحكم القادم.

ورحب الرجل ووعدهم خيراً وحين نجح فعلاً في الانتخابات الرئاسية التى تمت في أجواء مشبوهة لم ينفذ أى وعد من وعوده لهم وبذلك خدعهم خديعة كبرى مما يثبت أنهم في الواقع بتأييدهم له مارسوا نوعاً من أنواع المراهقة السياسية، بل وارتكبوا خطيئة كبرى في حق المثل الليبرالية التى يدعون الإيمان بها.

وحين نجح الرئيس السيسى في الانتخابات وأصبح بتفويض شعبى رئيساً للجمهورية إذا بأحد كتاب "فيرمونت" ينبرى للهجوم المنظم عليه حتى قبل أن يخطوا خطواته الأولى.

وهذه في الواقع تعبر عن انتهازية صارخة لفئة من الناشطين السياسيين الذين يقومون بأدوار البطولة المزيفة!

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟