المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تداعيات حذرة....كيف يمكن أن تؤثر الحرب في غزة على الاقتصاد الأوروبي؟

الإثنين 22/يناير/2024 - 11:08 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

آثار منشور منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" بعد 100 يوم من الحرب الإسرائيلية على غزة والذى قال فيه "أوروبا في خطر" قلق الكثير من المحللين داخل الأوساط الأوروبية وخاصة على الصعيد الاقتصادي. فخلال أكثر من شهرين منذ بدء الحرب بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل، بذل الاتحاد الأوروبي جهوداً دبلوماسية مكثفة لإنهاء الحرب، ورغم أن هذه الجهود لم تكن مثمرة حتى الآن، إلا أن رؤساء الاتحاد ما زالوا يحذرون من مغبة عواقب إطالة أمد هذه الحرب.

وفي وقت سابق، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل من أن "التدمير الكامل لحماس سيجعل الحرب أطول بعشر سنوات"، كما أن ماكرون لم يعتبر أن تكلفة حياة الفلسطينيين ضمانة لتحقيق هدف "الأمن المستدام" لإسرائيل، والذي يعتقد أنه يمكن تحقيقه من خلال احترام الرأي العام في المنطقة. ولكن بغض النظر عن المعادلات السياسية والتكاليف التي تفرضها الحرب على كافة الأطراف، فما مدى أهمية أمن إسرائيل المستقر من الناحية الاقتصادية بالنسبة للاتحاد الأوروبي؟

وهو ما يمكن توضيح أبرز ملامحه على النحو التالي:

أولاً: فقدان شريك تجارى موثوق

طبقاً للبيانات التي نشرها مكتب الإحصاء التابع للمفوضية الأوروبية (يوروستات) يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث مثل حجم التبادل التجاري فيما بينهما  28.8% في عام 2022. وخلال العام ذاته، جاءت 31.9% من البضائع المستوردة لإسرائيل من الاتحاد الأوروبي وكانت وجهة 25.6% من البضائع المصدرة لتل أبيب هي الاتحاد الأوروبي. وتعد إسرائيل أيضًا الشريك التجاري الخامس والعشرين للاتحاد الأوروبي، وكانت حصتها 0.8% من إجمالي التجارة السلعية للاتحاد الأوروبي في عام 2022. وبلغ إجمالي التجارة السلعية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في الأشهر العشرة من عام 2023 35.45 مليار يورو، وكان هذا الرقم 46.5 مليار يورو في 12 شهرًا من العام الماضي.

 

في عام 2022، صدرت إسرائيل ما مجموعه 17.48 مليار يورو من البضائع إلى الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الآلات ومعدات النقل (7.6 مليار يورو، 43.47%)، والمواد الكيميائية (3.5 مليار يورو، 20%)، وسلع مصنعة أخرى (1.9 مليار يورو، 10.8%). وفي المقابل، صدر الاتحاد الأوروبي ما يزيد عن 29 مليار يورو من البضائع إلى إسرائيل، معظمها آلات ومعدات نقل (12.3 مليار يورو، 42.3%)، مواد كيميائية (5.1 مليار يورو، 17.56%)، وبضائع مصنعة أخرى (3.5 مليار يورو، 17.56%).

وتظهر  هذه البيانات أن الميزان التجاري بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على مدى السنوات الخمس الماضية كان دائماً أكثر من 8 مليارات يورو لصالح الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ثانياً: قفزات في تبادل الخدمات بين الطرفين

بالإضافة إلى تجارة السلع، شهد الجانبان أيضاً عملية تبادل تجارى متنامي في مجال تصدير الخدمات خلال الـ 12 عاماً السابقة على عام 2021؛ حيث وصلت صادرات الخدمات من الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل من نحو 3 مليارات يورو عام 2010 إلى ما يقرب من 10 مليارات يورو عام 2021، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 217.7%. وفي الفترة نفسها، زادت أيضاً صادرات الخدمات من إسرائيل إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 147% من 2.8 مليار يورو إلى ما يقرب من 7 مليارات يورو.

وبذلك، ارتفع إجمالي تبادل الخدمات بين الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، بين عامي 2010 و2021، من 5.895 إلى 16.7 مليار يورو. ولذلك يمكن القول أن الحرب في غزة وفقدان عملة إسرائيل الشيكل لقيمتها سيكون له عواقب وخيمة على العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وتل أبيب.

ثالثاً: انخفاض قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر

من المؤكد أن إطالة الحرب الدائرة في غزة ستؤدى إلى التأثير بالسلب على قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر بين بروكسل وتل أبيب، فبحسب إحصاءات مكتب الإحصاء التابع للمفوضية الأوروبية (يوروستات)، بلغت القيمة التراكمية للاستثمار الأجنبي المباشر الأوروبي في إسرائيل في نهاية عام 2021 60.5 مليار يورو، وبلغ متوسطها على مدى أربع سنوات أكثر من 48.2 مليار يورو.

كما بلغت القيمة التراكمية للاستثمار الأجنبي المباشر من قبل الإسرائيليين في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2021، 50.1 مليار يورو. وبين عامي 2018 و2020، انخفض هذا الرقم من 65.5 إلى 46.9 مليار يورو، لكنه ارتفع مرة أخرى بعد عام.

رابعاً: البحث عن مصدر جديد للطاقة

قدمت إسرائيل نفسها خلال ما يقرب من عامين منذ الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، باعتبارها أحد المصادر البديلة لصادرات النفط والغاز الروسية إلى الاتحاد الأوروبي. وفي فبراير الماضي، أرسلت تل أبيب أول شحنة من النفط إلى أوروبا، وهو النفط المستخرج من حقلها الواقع في شرق البحر الأبيض المتوسط. كما قامت شركة توتال الفرنسية بأعمال الحفر في حقل إسرائيلي آخر يسمى "قانا".

وأعلنت إسرائيل في يوليو الماضي عن استثمار 568 مليون دولار من أجل بناء خط الأنابيب الثالث لمشروع تصدير غاز حقل ليفياثان، والذي كان الهدف الرئيسي منه تصدير الغاز الطبيعي وتصديره إلى أوروبا، وبسبب عدم الاستقرار الذى تعاني منه تل أبيب في الوقت الحالي، ستضطر الدول الأوروبية إلى البحث عن مصدر آخر  للطاقة، ومن لمتوقع أن تكون التكلفة أعلى في مثل هذه الحالة ولاسيما في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها أسواق الطاقة في الوقت الحالي.

خامساً: زيادة الدعم المالي الأوروبي لتل أبيب

وبالإضافة إلى خطة الاتحاد الأوروبي الهادفة لتطوير التجارة مع إسرائيل على أساس الاتفاق بين الجانبين في عام 2000، يقدم الاتحاد الأوروبي المساعدة السياسية والمالية لإسرائيل في إطار سياسة الجوار الأوروبية. وتخصص هذه المنح في معظمها لمشاريع في مجالات التعليم والاتصالات وإدارة المياه، والتي تبلغ في المتوسط ​​1.8 مليار يورو سنوياً.

وانطلاقاً من استمرار الحرب في غزة وتدهور وضع الاقتصاد الإسرائيلي، تطالب بعض التيارات داخل الاتحاد الأوروبي بضرورة زيادة المساعدات المقدمة لتل أبيب لمحاولة إنقاذ اقتصادها، وهو ما يفرض ضغوط كبيرة على اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي الذى لا يبدو في أفضل حالاته.  ويأتي ذلك في سياق نية الاتحاد الأوروبي لمواصلة تطوير تعاونه مع إسرائيل في شكل ميزانيته المحددة للفترة 2021-2027، باستخدام الإطار الجديد المصمم لتطوير التعاون الدولي (NDICI).

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟